أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 30 نوفمبر 2014

السيد يستذكر تاريخ مهرجان "المسرح الأردني" ويأمل بتحقيق أهدافه

مدونة مجلة الفنون المسرحية



 بحجم سنوات الحب والعطاء للمسرح، ينتمي المخرج والفنان والأكاديمي حاتم السيد إلى جيل الرواد والمؤسسين لمهرجان "المسرح الأردني" الذي يستقطب سنويا عددا من العروض العربية، فاتحا المجال للمخرجين المحترفين في دوراته المختلفة.
ولعل أهم ما يحسب للسيد تسلمه قيادة العمل الإداري في المسرح الأردني زهاء ثلاثين عاما خلال ترؤسه قسم المسرح ومدير المسرح والفنون وهو مؤسس ومدير لمهرجان المسرح الأردني، وصاحب خزانة ذكريات أول دورة للمهرجان.
ورغم ما آلت إليه ظروف المسرح والانتكاسات التي مرّت على مهرجانات أخرى، إلا أن ضمان استمرارية مهرجان الأردن كان هدف السيد الذي وضعه نصب عينيه لكونه يؤمن أن الفعل الثقافي وأهدافه ترسو بفعل الاستمرارية والوجود.
اجتهد السيد شخصيا ومجموعة من أمثاله رواد المسرح لمحاربة فكرة موسم متقطع بحكم الظروف المختلفة ومنها المادية، لذا استمر مهرجان المسرح الأردني بفعل أهل الفن ورواده؛ الهيئة الاستشارية المؤسسة العليا للمهرجان ومنهم حاتم السيد، الراحل هاني صنوبر، نبيل نجم، محمد القباني، نادر عمران، ومحمد العبادي.
وسعى القائمون على المهرجان لإرساء قواعده الداعمة منذ دوراته الأولى، التي قدم فيها خمس مسرحيات (نار البراءة) للمخرج حاتم السيد، (بكالوريوس في حكم الشعوب) للمخرج نبيل نجم، و(امرؤ القيس في باريز) إخراج بكر قباني، و(روزنا وبناتها يبحثن عن أيوب) إخراج عبد اللطيف شما، و(عرس الأعراس) لخالد الطريفي.
ويستذكر السيد في حديثه أول دورة للمهرجان والتي تكاثفت فيها جهود الفنان الأردني وخاض التجربة كتحدٍ لإظهار إمكانياته في المسرح خاصة بالفترة التي أعقبت حرب "الخليج" والتي أفضت إلى تردي وضع الفنان الأردني وبحثه عن مخارج ومنها انطلاقة المسرح.
"الدعم الذي خصص آنذاك 12 ألف دينار فقط لا غير"، كما يؤكد السيد، وهي تكلفة تقدر أحيانا لعرض مسرحي واحد وليس لمهرجان أردني عربي، إلا أن إصرار السيد مع فريق فني ضم كبار المسرحيين الأردنيين أدى إلى تكاثف العمل من أجل إنجاز الموسم الأول.
ومن ضمن مذكرات المهرجان محاولة إيقافه رسميا من قبل بعض الوزراء بسبب قلة الدعم المادي الممنوح له، وهو الأمر الذي كلف السيد أن يأخذ على عاتقه البحث عن دعم من جهات خاصة والتي لم تكن سهلة ومليئة بالتجارب القاسية التي تكللت بنجاح الدورة وضمان استمرارية المهرجان وتخصيص دعم رسمي له بموافقة رسمية وقانونية.
التعاون الذي تم بالتعاون مع وزارة الثقافة ورابطة الفنانين الأردنيين قبل تحولها إلى نقابة كان تجربة يحتذى بها، وفق السيد؛ إذ إن اللجنة والعروض الخمسة التي شاركت كانت من أهم المسرحيات في تاريخ المسرح والفنانين الأردنيين.
في الدورة الأولى، كما يسترجع السيد ويقول، عمل على تلافي الأخطاء التي يشاهدها في مهرجانات عربية، لذا كان يهتم بالتنظيم الإداري المرافق للمهرجان وهي ما تعرف بـ"البرمجة" وتوقيت العروض وراحة الضيوف المشاركين.
من ضمن مذكرات السيد مع مهرجان المسرح الأردني بدوراته التي رافقها مديرا وعضوا فيها إلى حين تم نقله الى مقر الوزارة مستشارا للوزير وأمينا عاما بالوكالة، يستعرض أهمية وجود استراتيجية وطنية من قبل المختصين بالمسرح والتي تضمن نجاح المهرجان مع الوقت واستمراره.
ويؤكد أن جهود الفنانين المشتركين آنذاك في بدايات المهرجان قبل تراجعه لفترة واستعادته لألقه كانت منسجمة بالأهداف والرؤى وأهمية توفير الفن والمتعة والتي يراها السيد من أصعب الخيارات التي قد يؤمنها أي عرض مسرحي.
أما أسباب تراجع المهرجان الأردني بفترة مضت، فيعتقد السيد أن تعاقب الإدارات على وزارة الثقافة وعدم إلمامها بعالم المسرح وطبيعته أديا إلى تردي المهرجان، فحين كانت ميزانية المهرجان ترتفع عادت انخفضت بشكل فادح، وهذا أدى إلى تراجع الكثير من أهداف المهرجان.
ويوضح السيد أنه وخلال تجربته مع المسرح يجب أن يقدم المسرح للجمهور وسيظل يكرر أن المسرح يجب أن يحقق المعادلة الصعبة "الفن والمتعة"، وهي الاهتمام بقيمة العمل الفنية إلى جانب خلق جمهور مجتمعي يحقق الغاية من إقامة المهرجانات وهي؛ مهرجان المسرح الأردني (حاتم السيد مديرا)، مهرجان مسرح الطفل (تردد عليه أكثر من مدير)، مهرجان الشباب "عمون" (حكيم حرب مديرا)، مهرجان الهواة "للمحافظات" (عبد الكريم الجراح مديرا).
وأكثر ما يحزن السيد في عالم المسرح وهو مؤسس النقد التطبيقي في المسرح والسينما بالصحف المحلية الأردنية وبعض المجلات المتخصصة منذ العام 1972 إلى 1979 ولديه العديد من هذه المقالات؛ هو تردي "ثقافة" المخرج وعدم اطلاعه على نصوص وقراءات ومتابعات نقدية أو الاستفادة من تراكم الخبرات لمخرجين سابقين، مبينا أن التقصير من قبلهم بالمتابعة والتعلّم المسرحي يؤدي إلى تردي الأعمال، وبالتالي يبقى المسرح حبيس جمهور المسرحيين، مؤكدا "يجب أن يكون المخرج مفكرا وفيلسوفا".
وينصح السيد، من خلال خبرته في إدارة المهرجان، الزملاء المهتمين بإقامة المهرجانات، أن يكونوا أوفياء لهذا الفن وللفنان الأردني ومنصفين في ضمان استمرارية نجاحه وتفوقه، داعيا إلى أن تتكاثف الجهود دوما لبناء استراتيجية تدفع بعجلة المسرح ورسالته إلى الأفضل.
وأكد السيد وجود طاقات مسرحية في الأردن، وبخاصة من الشباب الذين يعتبرون امتدادا لجيل من المسرحيين ممن أسّسوا للمسرح الأردني؛ حيث يسعى هؤلاء الشباب إلى تطوير الحركة المسرحية.
وأكّد أنّ بعض الدول تصرف الملايين على المسرح فيما نحن ننتج أعمالا مسرحية بمئات الدنانير، مطالبا القطاع الخاص بأن يتحمل دوره في دعم الثقافة والفن في المملكة.
كما أشار إلى أهمية توفير مراكز ثقافية متقدمة ومجهزة مثل المركز الثقافي الملكي، بحيث تعرض مسرحيات في مختلف محافظات المملكة.
ومنذ السبعينيات، أخرج السيد العديد من المسرحيات التي عكست واقع الحياة في الوطن العربي، مستلهما أعمالا لكبار الكتاب العرب أمثال؛ محمد الماغوط، وسميح القاسم، ومحمود ذياب، وممدوح عدوان ونجيب سرور، وهو عضو لجان تحكيم في أكثر من مهرجان عربي كـ؛ قرطاج والكويت والقاهرة وبغداد، وشارك في معظم المهرجانات العربية، وفي العديد من الندوات النقدية المسرحية، وكرم من مهرجان القاهرة التجريبي والمركز الوطني العربي وأكاديمية الفنون ومهرجان قرطاج وحصل على جائزة الدولة التقديرية في مجال الفنون في العام 1997.
سوسن مكحل 
الغد الأردني

المسرح الأميركي يعود إلى كوبا بعد انقطاع 50 عاما

  • التجهيزات التي تجرى في مسرح برتولد بريشت في هافانا لعرض المسرحية الغنائية الأميركية "رنت" - (أ ف ب)


    مدونة مجلة الفنون المسرحية
    تستضيف كوبا اعتبارا من 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، المسرحية الغنائية الأميركية "رنت"، وكأنها "هدية" بمناسبة أعياد نهاية السنة للجمهور في هذه الجزيرة الشيوعية المحرومة منذ خمسين عاما من العروض المسرحية النيويوركية. وستقدم هذه المسرحية الأميركية، التي سبق أن عرضت في برودواي بين الأعوام 1996 و2008، باللغة الإسبانية. ويشارك فيها حشد من الممثلين والموسيقيين والفنيين الأميركيين المتعاونين مع شركة الإنتاج "إن دبليو اي"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الكوبية بريسنا لاتينا. وتعد هذه المجموعة من كبار مالكي المسارح في برودواي، وهي أنتجت مسرحيات كثيرة منها "شيكاغو" و"ويست سايد ستوري"، ونجحت أخيرا في الحصول على موافقة من سلطات كوبا لتقديم عرض هناك "بعد محاولات عدة لم تكن مثمرة في السابق"، بحسب موقع "كوباسي" الموالي للسلطات الشيوعية.وبحسب وسائل الإعلام الكوبية، فإن وزارة الثقافة قررت مؤخرا أن تعطي الضوء الأخضر لتقديم هذا العرض بعد العروض الثلاثة التي قدمها "سفراء برودواي" في مهرجان المسرح في هافانا العام 2011.وكانت تلك العروض، وهي أيضا بمبادرة من مجموعة "ان دبليو اي"، ممهدة لعودة شركات الإنتاج النيويوركية إلى الجزيرة الشيوعية بعدما غادرتها منذ العام 1961، أي بعد عامين على الثورة بقيادة فيديل كاسترو.وشرحت شركة الإنتاج على موقعها الالكتروني أن تقديم مسرحية "رنت" سيشكل فاتحة "لتعاون حقيقي وتبادل ثقافي بين برودواي والوسط الثقافي الكوبي".
    وسيكون فريق عمل المسرحية معززا بخمسة عشر ممثلا كوبيا، يعملون تحت إشراف المخرج الأميركي الكوبي اندي سينور، وسيقدم العرض بالتعاون مع المجلس الوطني لفنون العرض في كوبا.
    وأبدى روبرت نيديرلاندر رئيس شركة الإنتاج سعادته بهذا المشروع، وقال "يشرفنا أن نكون جسرا بين الثقافة الكوبية وفناني برودواي، وأن نجلب إلى الجمهور الكوبي أفضل ما في برودواي".
    ويأتي هذا المشروع أيضا ضمن سياسة المجموعة "لغزو أسواق ناشئة جديدة في مختلف أنحاء العالم".
    وقالت جيزيلا غونزاليس رئيسة المجلس الوطني لفنون العرض في كوبا "هذا العرض يشكل خطوة كبيرة" في المشهد الثقافي في البلد.
    وستقدم عروض المسرحية الغنائية في مسرح برتولد بريشت في هافانا، ومن المقرر أن تتواصل حتى شهر آذار (مارس) 2015.
    ويجري الممثلون والموسيقيون تمارين منذ أيام عدة، بسرية تامة في المسرح.
    ولا تقيم الولايات والمتحدة وكوبا أي علاقات سياسية رسميا، وذلك منذ العام 1961، لكن الرئيس باراك أوباما رفع بعض إجراءات الحظر إلى السفر الذي كان مفروضا على مواطنيه إلى هناك، إذا كان لأسباب ثقافية أو دراسية أو رياضية.
    وشجع ذلك فرقا أميركية كثيرة وفنانين على تقديم عروض في كوبا، منها فرقة كول التي جمعت 250 ألف متفرج في هافانا العام 2009، وعازف البوق وينستون مارساليس العام التالي.
    هافانا
    (أ ف ب)

    السبت، 29 نوفمبر 2014

    مسرحية "عطيل "برؤية جديدة

    مدونة مجلة الفنون المسرحية
    بدأ الكاتب والمخرج شاذلي فرح بروفات الحركة لمسرحية "عطيل"، تأليف وليم شكسبير، لفرقة قصر ثقافةالسويس، والمزمع تقديمه بالموسم الحالي قبل أول فبراير 2015.

    ويقول المخرج شاذلي فرح: أقدم عطيل لأول مرة برؤية جديدة وهي مفاجأة لا أعلن عنها، أقدم عطيل بشكل جديد ويتناسب مع جماهير الثقافة الجماهيرية والرهان على كيفية تقديم عروض عالمية بشكل تعجب كل أطياف الجمهور.

    "عطيل" بطولة محمد فتحي، نورهان ناصر، مروه ناصر، نوران ناصر، روماني غريب، عاطف عبد الرحمن، مخرج منفذ غريب الجبل، ديكور محمد فتحي، موسيقي وألحان محمد حامد، أشعار إهداء يسن الضوي.

    وعن فرقة قصر ثقافة السويس يقول شاذلي فرح: فرقة قصر السويس أنشئت منذ 15 عاما، وتوقفت وعادت العام الماضي وقدمت أطياف حكاية، وقدمت أيضا حفلة للمجانين إخراج سمير زاهر وحصدت 5 جوائز فيالمهرجان الختامي، وكذلك قدمت عرض أرض لا تنبت الزهور إخراج طارق حسن، وحصدت أكثر من جائزة، وهذا يعتبر العمل رقم 25 للمخرج شاذلي فرح منذ اعتماده مخرجًا.


    بالصور.. عُطيل يستعد في السويس بطريقة جديدة ومفاجئة
    بالصور.. عُطيل يستعد في السويس بطريقة جديدة ومفاجئة
    بالصور.. عُطيل يستعد في السويس بطريقة جديدة ومفاجئة
    بالصور.. عُطيل يستعد في السويس بطريقة جديدة ومفاجئة
    بالصور.. عُطيل يستعد في السويس بطريقة جديدة ومفاجئة
    بالصور.. عُطيل يستعد في السويس بطريقة جديدة ومفاجئة

    بالصور.. عُطيل يستعد في السويس بطريقة جديدة ومفاجئة


    فيتو 

    12 ديسمبر.. انطلاق مهرجان المسرح السكندري بمركز الإبداع

    مدونة مجلة الفنون المسرحية
    مهرجان المسرح السكندري
    أكد المخرج المسرحي محمد مرسي ابراهيم مدير مهرجان الحرية للإبداع للمسرح السكندري ان لجنة مشاهدات في الدورة الثانية لمهرجان الحرية للإبداع السكندري تضم المخرج عادل شاهين ''رئيسًا''، وعضوية كل من الكاتب والشاعر حمدي زيدان، والموسيقار د.محمد حسني والمخرج محمد الطايع، والسينوجراف وليد حابر، الممثلة والمخرجة ريهام عبد الرازق، والكيروجراف محمد ميزو، والشاعرميسرة صلاح الدين
    وانتهت اللجنة منذ ايام قليلة من مشاهدة العروض المسرحية التي تشارك في الدورة الثانية والمقرر انطلاقها 12 ديسمبر القادم وتستمر حتي 19 من نفس الشهر وتقام بمسرح الحرية للابداع بالاسكندرية .
    واضاف محمد مرسي : يعتبر هذا المهرجان هو عرسا مسرحيا لجميع المسرحيين السكندريين حيث يتنافس فيه جميع عروض الموسم التابعة للهيئات الحكومية وأيضا الفرق المستقلة كبانوراما لأفضل عروض المسرح السكندري خلال الموسم الماضي .
    وقال مدير المهرجان:يكرم المهرجان هذا العام اسم الراحل د. حسين جمعه واسم الفنان الراحل د.سيد عبد الكريم والفنان القديرعلي حسنين والمخرج السكندري يوسف عبد الحميد والفنانة الشابةهبة عبد الغني
    وأكد محمد مرسي ابراهيم ان لجنة التحكيم هذا العام د.أبو الحسن سلام والفنان القدير هشام جمعه والفنانة القديرةعايدة فهمي والمخرج الشاب أحمد السيد و الموسيقار كريم عرفه يتنافس 12 عرض مسرحي سكندري على مجموعه من الجوائز قيمتها 12500 جنية مقدمه من صندوق التنمية الثقافية .
    القاهرة ـ مصراوي




    الجمعة، 28 نوفمبر 2014

    حياة غاليلو في ستوكهولم زمن الظلام وتكميم الافواه

    مدونة مجلة الفنون المسرحية



    على مسرح كلارا في ستوكهولم حياة غاليلو والكاتب برتولد بريخت
    شخصية غاليلو وتنازله عن أفكاره العلمية بضغط من محاكم التفتيش الدينية والمسؤولية العلمية إنكار الحقيقة لكي لايفقد حياته يدخل في خانة الموقف .
    وحقيقة الكون والارض تدور حول الشمس وليس العكس وحرية العالم والاكتشافات العلمية وكيفية الالتزام وعدم التنازل والخوف ومنع الافكار العلمية وقصة بطل واحتفال العقل والعلم ومستقبل الاكتشافات العلمية في زمن التكلس الفكري والحكم على من يخالف محاكم التفتيش بالهرطقة.
    كتب بريخت مسرحية غاليلو في سنة 1938 من منفاه في الدانمارك . يقول :"المخرج لينارت برستروم العالم اليوم يعيش مرحلة البحث والابداع وهناك أوجه التشابه مابين ثيمة المسرحية وعالم التكنولجيا اليوم وشبكة التواصل مابين الناس في كوكبنا الجميل وقريتنا الصغيرة ".
    أسئلة عديدة شحنت زمن وحياة العالم غاليلوا وهو يعيش في زمن الظلام وتكميم الافواه وحجب الحقيقة بغربال .وزمن كاتبنا برتولد بريخت الهارب من جحيم النازية والعنصرية كل المناظير وحقيقة الكون لاتجدي نفعآ ولاتقنع كهنة روما في مسرحية حياة غاليلو الممثل ليف أندريه يؤدي شخصية غاليلوا والمخرج لينارت يولستروم هل الخروج على النص الاصلي وتأويل المخرج وفق عصرنا هذا ممكن يصيب المتلقي بالاحباط وفشل المتابعة والخيبة ربما يفشل المخرج في تفسيره للنص البريختي والغاء بعض الحوارات المهمة عند غاليلو والتركيز على الكرادلة والكهنة وهم يوجهون تهمة الزندقة والهرطقة ضده لمحاولة اجهاض أفكاره وتنازله وتخليه عما يطرحه , لكن وجود الاطفال أضفى جو الامل في تواصل الحياة مع الاجيال القادمة وانتصرت إرادة لانسان والعلم على عقول الجهل والكسل سنة 2009 إعتبرت اليونسكو السنة الدولية لعلم الفلك والتلسكوب إحتفاء بغاليلو وإكتشافاته المذهلة في علم الفلك والنظام ألشمسي والانفجارات الكبيرة ونحن نعيش ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيرها على الارض
    بريخت ومسرح التغيير والوعي لدى المتلقي
    عاش بريخت فترة عصيبة في فترة تنامي حكم النازية وتفاعل معها كشاعر وإنسان ووقف بالضد من العنصرية وأعداء الحرية لذلك في مسرحه الملحمي أكد على وجوب التغيير وتوعية الناس وتقديم المتعة الفنية والمعرفية وتثوير الفكر لدى المتلقي ويصبح المألوف غريبآ ويتجه به نحو التأمل والتفكير وابتعاده عن مسار التطهير ومبدأ الشفقة على البطل وماحل به وعدم الاستسلام للواقع وفق نظرية أرسطوا، والفن ليس محاكاة للواقع وانما محاكة لظروف إقتصادية وإجتماعية يتطلب إتخاد موقف مما يحصل ،استطاع بريخت هدم الافكار القديمة والدعوة لافكار جديدة وخروج المتفرج من حالة السلبية وممكن إستفزازه ومشاكسته بشكل إيجابي في العرض المسرحي إيقاظ وعيه النقدي لتغيير الواقع والغاء حالة الايهام والتعاطف الارسطي، والتركيز على التغريب وعليه دفع المتلقي الى إتخاد قرارات ومواقف مما يحدث ويصبح جزء من الاحداث بعد تنشيط حاسته النقدية..
    يبقى بريخت يبحث عن شخصية يجانسه ربما طريقة قريبة من مكوناته ومعاناته هرب من النازية لكنه غاليلو لكي يطرح نور الحقيقة وسط الظلام والجهل،هل إستطاع بريخت وغاليلو ان يصلحا الواقع وينيرا الطريق ويصححا كل الاخطاء ؟ ومحنة مواجهة الجمود وجور الحاكمين ربما إختار بريخت النفي والتشريد والتعذيب وغاليلو تراجع عن أفكاره.
    بالرغم ان مسرح بريخت الملحمي، وخاصة في مسرحية غاليلو، هناك إشارات حركية دالة تجسد صورة العلاقة مابين التقدم العلمي وسلطة الكنيسة المحافظة والدين والمجتمع والسياسة ، والفعل الاشاري والدال الحركي غير ممكن أن يتعرض للتزييف عن اللغة والرسالة الايديولوجية وتلغي عملية التوحد والتعاطف مابين المتلقي والممثل إلا بطريقة قطع الحدث عن طريق الاحجام المفاجئ بإستخدام الاضاءة الفيضية والموسيقى والغناء أو استخدام موسيقى الجاز مثلما حصل في مسرحية غاليلو في ستوكهولم ، وعدم صرف المتلقي عن متابعة الشكل المسرحي والتركيز على المضمون الايديولوجي وعدم فرض الرقابة وإلغاء دور العلم في طروحات غاليلو العلمية والمعرفية..
    فمسرح بريخت يلغي حالة العبودية في خشبة المسرح ويحوله الى قاعة معروضات وبشكل هندسي جميل، ماعادت مهمة المخرج توجيه وحركة الاداء المسرحي وطريقة الالقاء ون تركز دوره عى الافكار وإتخاد مواقف منها وتحديد ملامح الدور وإختفاء البطل التراجيدي ويجعل المتلقي يعيش حالة الترفيه والمتعة وعملية الانفصال الوجداني , ربما نتعاطف مع غاليلو أو مع الام الشجاعة بسبب الظلم الذي وقع عليهما. ويبقى المسرح منذ نشأته يطرح مصائر الناس كان مصير الانسان والبطل بيد الالهة وقدرية الحدث وفي غاليلو كان مصيرة بيد الكنيسة ومحاكم التفتيش أما خلال الحربين كان مصيره بيد الحاكم.
    المسرح البريختي وإستراتيجية العرض المسرحي يبنى على اساس ودعائم فكرية وسياسية وفق التغريب وإبتعاد الحدث عن الواقع اليومي المألوف وتوسيع األمسافة مابين خشبة المسرح والمتلقي وإثارة الدهشة كما هو في مسرح التطهير الارسطي .
    عندما يصبح العالم غريبآ على المتلقي أن يتغير وتنمية وعيه وفهمه للعالم المحيط به والسلوك الانساني ومسرحيات بريخت تضيف شيئ جديد ومعرفي لتناقضات الواقع والتباين الطبقي ويؤمن بريخت بالجدل ومنهجية التفكير والابداع والتطور وتنمية العنصر النقدي للواقع ، ويتكامل الخطاب المسرحي عنده من خلال الكلمة والموسيقى والغناء وخلق حالة الاندماج المونتاجي للعمل والعرض المسرحي وتغيير مفاهيم القيم الجمالية نحو الافضل وهذا هو الاسلوب الامثل لتقديم مسرحيات بريخت وعلى المخرج أن يستند على الفلسفة الجمالية في تجسيد الاخراج المسرحي لكل مسرحيات بريخت .
    في المسرح هناك علامات وإشارات مرسلة من الممثل الى صندوق بريد ذاكرة المتلقي والرسالة المرسلة سواء كانت واقعية أو خيالية وقد تكون سبب خلاف أو فجوة مابين الاثنين أو يحدث حالة التقارب ،فالخطاب المعلن من قبل الممثل وإنشاء الحدث المسرحي وفي إطار الثقافة يستوجبلمن المتلقي تقييم صحة وفرضيات مايطرحه الممثل .
    بريخت كان يعتقد ويتصور إن وظيفة المسرح هو توعية المتلقي في إطار الايديولوجية والفعل السياسي على خشبة المسرح وينطلق المتلقي الى الشارع وهو ينشد فعل التغيير وفي منظور ماركسي.
    والمسرح الاحتفالي يشترك المتلقي فيه ويتحول الى مؤدي في المسرح وعلى ضوئه ينهار الحاجز والجدار الذي يفصل مابين الاثنين ورغبة التحويل تتحول وتتمحور من شخصية الممثل الى المتلقي وبعدها يستطيع فك كافة الشفرات المرسلة والكودات والمسجات من خشبة المسرح وتتطور قنوات التوصيل مابين المسرح ومناطق نفود الوعي والثقافة عندما يختفي البطل التراجيدي في مسرح بريخت وتنتهي حالة الشد والتوتر والتشنج لدى المتلقي والممثل وتبدأ مرحلة التثقيف الايديولوجي ،ويصبح طقس العرض المسرحي مزكوم بالوعظ والارشاد ويتحول الاحتفال المسرحي الى جو خزين من المتعة والترفيه وتبدأ حالة الاسترخاء لدى المتلقي والشعور بجو وطقس الالفة لكن الامر يختلف في مسرحية الام الشجاعة كلنا نشعر بالشفقة والتعاطف مع الام ومعاناتها في زمن الخراب وويلات الحرب وفقدان الابناء.
    وإذا أردنا الحفاظ على لغة بريخت نقول إنه يمكن إدهاش الذين يحملون صورة تقليدية عن الفرد ،أما حالة التوتر في مسرحية حياة غاليلو والمشكلة الفردية بسبب شخصية غاليلو الانتهازية وهذا لايعني إن بريخت كاتب يعالج مواضيع إجتماعية ، لقد أدخل بريخت بريخت العلم الى المسرح ليس ليجعله علميآ ولكن لكي يقدم متعة مسرحية جديدة وهو يستعمل العلم لتغيير المجتمع تجربة ويقول بريخت على الفن أن يضيف شيئ جديد الى الجمهور.
    ربما عدتُ سنين الى الوراء والمسرح وذوق السبعينات وهل ممكن أن يتكرر البطل الثوري وفق مفاهيم ماركسية أم الهروب واللجوء الى المنافي مثلما حصل مع كاتبنا بريخت ومساومة بطله غاليلو وحكاية عالم تخلى عن علمه بسب الخوف والتهديد أو عالم أخر أخفى سجلات علمه وادعى الجنون كما في مسرحية علماء الطبيعة والكاتب فريدريش دورنيمات من يستطيع مواجهة محاكم التفتيش والبابا والحاكم وسلطة القمع وكل من يتكلم عن تفاحة نيوتن والكواكب والاقمار والنجوم وتابوات منع العلم؟ مسرحية حياة غاليلو وأزياء رجال محاكم التفتيش مابين الاحمر الزاهي والارجواني وعشرات الممثلين يتحركون على خشبة المسرح ولكن يبقى السوآل المحير كيف استطاع غاليلو أن يحفظ رقبته ولايتهم بالزندقة والهرطقة؟ وكل هذه الاسئلة في مخيلتي كمتلقي وأخيرآ إنتصر العلم وكل القيم الحضارية.
    في مسرحية حياة غاليلو في ستوكهولم فضاء المسرح والتلسكوبات والكرة الارضية تشعرنا إن بريخت وغاليلو كانا علماء للرياضيات والفيزياء والاجرام السماوية ، لكن الاثنان إختلفا مع أرسطو وعقدة الكنيسة .
    فعقيدة غاليلو وبحثه عن مركز الكون كما هو كوبرنيكوس واجهت عرضة شديدة من رجال الكنيسة وحاول إخفاء بحثه لحماية نفسه من التعذيب وربما كتب بريخت هذه المسرحية تجسد شخصيته الهارب والناجي من جحيم وعنصرية النازية.المخرج لينارت يولستروم يذكرنا بفرق ومسرح المجاميع الحرة مع استرخاء الجمهور وحيويته وعملية الولوج في عالم التغريب والمألوف وغير المألوف وهو يجسد فكرة بريخت في جعل المتلقي يفكر وبدون عواطف وعدم الهرولة والسقوط في إتون الماضي وعدم التعاطف مع النساء وخاصة ابنة اليلو فرجينيا والتي حرمها من الزواج ،وشخصية غاليلو قمة وكاريزما براغماتية; في عصرنا هذا هل يستحق غاليلو جائزة نوبل على إكتشافاته؟ مثلما يكرم بعض العلماء وتصرف الاموال لهم تكريمآ لعلمهم واكتشافتهم.
    وهل العالم يحتاج مثلا في إكتشاف الذرة القوة من أجل تفعيل وتنشيط ماكنة الحروب؟ كل هذه الاسئلة كمتلقي وانا أشاهد مسرحية حياة غاليلو ونحن نعيش عصر إنتهازية وبراغماتية أشخاص وعلماء وقادة شعوب وربما دول كثيرة
     عصمان فارس
    مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم

    ملتقى الإبداع الخليجي: المسرح يحفز أفكار الأطفال

    مدونة مجلة الفنون المسرحية

    استضافت مؤسسة سلطان بن علي العويس مساء أمس الأول، في دبي واحدة من ندوات ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي، التي ينظمها اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وجاءت الندوة تحت عنوان "المسرح أداة التمكين"، وشارك فيها كل من زهراء المنصوري، ود . نرمين الحوطي، وحسين أبوبكر، ود .راشد عيسى، وعائشة عبدالله، وبزة الباطني، وأدارها الكاتب عبدالإله عبدالقادر . 
    واستهلت الندوة ورقة بحثية قدمتها الباحثة زهراء المنصوري، توقفت فيها عند مكونات المسرح الموجه للطفل، والقواعد التي يجب مراعاتها عند استهداف الأطفال في أعمال مسرحية، مستعيدة تاريخ التجارب المسرحية للأطفال في العالم العربي .
    وقالت: "إن الحركة المسرحية لا تولي عناية بمسرح الطفل كما الحال بالنسبة لمسرح الكبار، والكثير من المسرحيين لا يراعون الجوانب الفنية المتعلقة بالتوجه إلى الطفل من حيث ضرورة أن تكون لغة العمل واضحة، وتجنب الشخصيات المتعددة كي لا يتشتت الطفل، والاعتماد على الفكاهة الجاذبة وغيرها من المسائل التي يجب مراعاتها" . 
    وقدم الباحث حسين أبو بكر مداخلة كشف فيها تجربته في التوجه للأطفال عبر الأعمال الإبداعية والثقافية، من خلال مشاركته في جائزة الشيخة لطيفة لإبداعات الطفولة، مؤكداً أن المحور الرئيس الذي ركزت عليه الجائزة وتوقفت طويلاً عند أثره الكبير هو الإعلام، وقال: "لا يمكن التعامل مع الأطفال من دون الوعي بأن الإعلام هو سيف العصر، والحلقة الأقوى التي باتت اليوم يمكنها أن تدخل إلى غرف نومنا ونحن سعيدين" . 
    وبيّن أنهم عملوا في الجائزة على تنظيم عددٍ من الدورات التدريبية، وتوجهوا إلى المؤسسات الإعلامية، وتوعية العائلات للالتفات لما يقدمه الإعلام، وعملوا على إصدار كتب، ونفذوا برامج إذاعية وتلفزيونية . 
    وفي ورقة بعنوان "فن الكتابة لمسرح الطفل" بينت د . نرمين الحوطي أهداف مسرح الطفل بقولها: "يعمل المسرح على تخليص الطفل من انشغاله بنفسه، وبذلك يتحرر من الكبت والضغوط، وتثير المسرحية الجيدة عواطف كثيرة لدى الأطفال، كالإعجاب والخوف والشفقة، وهذا يعد صحياً وايجابياً، ويقدم المسرح وجهات نظر جديدة في الأشياء والأشخاص والمواقف، وهذا من شأنه أن يحمل إلى الأطفال أفكاراً حرة ومرنة" . 
    وجاءت أوراق بقية المشاركين أشبه بشهادات حول تجاربهم في الكتابة بصورة عامة، والموجهة للأطفال بصورة خاصة، فقرأ الشاعر د . راشد عيسى نصاً نثرياً يروي فيه مشهديات من طفولته، ويكشف البيئة التي أنتجت لغته ورؤيته تجاه الكتابة، وقال: "اعترف بأن ذلك الطفل الوحيد الذي كان ينام أحياناً على سرير بناه في شجرة توت، وإذا جاع أكل نجمتين، وشرب كوباً من حليب الشمس، تعود أن يلسع عقارب الزمن ويخرج عن طاعة المكان، ويستعذب لذة الألم، ويرى نفسه حصاناً صغيراً نافراً يتعلم تسلق الأشجار العالية ليقطف تفاحة الحرية، لا ليأكلها، بل ليقسمها بين رفاقه الجائعين" .
    وقالت بزة الباطني: "تجربتي في مجال الكتابة للطفل ثرية، ومتنوعة وعميقة رغم أنها ليست غزيرة ومتدفقة، لم أنشر مئات الكتب للأطفال، لكن أتمنى أن يكون ما تمكنت من تقديمه في هذا المجال وفي مجالات كتاباتي الأخرى في الأدب والتراث الشعبي والشعر وغيرها كمطبوعات وكبرامج تلفزيونية وإذاعية، وبعدة لغات دعامة قوية وراقية في الكتابة والثقافة بوجه عام في دول الخليج العربية والوطن العربي والعالم" .
    وفي مداخلتها قرأت الكاتبة عائشة عبدالله نصاً يوجز مشوارها مع الكتابة للطفل فقالت: "عندما بدأت اكتب للطفل، تخوفت كثيراً من عرض هذه الكتابات، ووجدتها مغامرة صعبة علي أن أجتازها ولغز ربما أسمعه للمرة الأولى، من عالم آخر غير عالمنا، لم أفهم كلماته ولم أع أي حرف من حروفه، فكرت بالعودة للقراءة مرة أخرى في كتب العلوم والرياضيات، ولجأت إلى المحطات الثقافية والجلوس مع كبار السن استمع إلى قصصهم وحكاياتهم" .

    دبي - محمد أبو عرب
    الخليج

    اختيار 6 نصوص للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي القطري

    مدونة مجلة الفنون المسرحية
    البلم: صرف ميزانية الأعمال المقبولة الأسبوع المقبل
    تجهيز العروض وتقديمها أمام لجنة المشاهدة بعد أسبوعين
    المهرجان يوفر سقفًا عاليًا للابتكار بدون قيود إبداعية
    اختيار 6 نصوص للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي
    كشف الفنان محمد البلم رئيس مجلس إدارة المركز الشبابي للفنون المسرحية عن النتيجة النهائية التي أقرتها لجنة قراءة النصوص الخاصة بمهرجان المسرح الشبابي، والتي عملت خلال الفترة الماضية على قراءة النصوص المقدمة لإجازة الجيد منها، وترقيته ليتم تقديمه أمام لجنة مشاهدة الأعمال خلال أسبوعين، من الآن لاختيار من سيخوض المنافسة بالمهرجان المزمع إقامته 28 ديسمبر المقبل، لافتًا إلى أن اللجان الثقافية بالمراكز الشبابية والأندية تقدمت بعدد 9 نصوص لمؤلفين ومخرجين متميزين، إلا أنه قد تم قبول أفضل 6 عروض من بينهم.
    وأوضح البلم أن العروض التي تم قبولها من قبل لجنة قراءة النصوص هي كالتالي: مسرحية "الإسكافية" لمركز شباب سميسمة تأليف جارسيا لوركا، وإعداد مصطفى أحمد خليفة وإخراج فهد الباكر، ومسرحية "سيف" لمركز شباب الدوحة، من تأليف وإخراج أحمد المفتاح، ومسرحية "حصة" لنادي الجسرة تأليف فاطمة المرزوقي، وإخراج علي الشرشني، ومسرحية "مقامات" للنادي العربي إعداد فيصل رشيد، وإخراج أحمد العقلان، ومسرحية "أيها الحي أنت ميت" لنادي قطر، تأليف وإخراج حنان صادق، ومسرحية "إمبراطورية في المزاد" لمركز شباب برزان من تأليف علي أحمد باكثير ولم يتم تحديد المخرج حتى الآن.

    نصوص جيدة
    وأكّد البلم أن النصوص التي تقدمت للمشاركة في المهرجان جاء أغلبها بمستوى جيد، وقد قامت اللجنة التي تكونت من الفنانين سنان المسلمان، عبداللطيف الشرشني، سلمان المري بإعداد تقارير توضح بعض الملاحظات الطفيفة التي يحتاج إليها بعض الأعمال، ولفت إلى أن الأعمال التي وقع عليها الاختيار سيتم صرف الميزانية المقررة لها خلال الأسبوع المقبل، بحيث يقومون بتجهيز عروضهم لتقديمها أمام لجنة المشاهدة بعد أسبوعين من الآن، وهي اللجنة المناطة بإجازة العروض للمشاركة النهائية بالمهرجان المقرر له أن يستمر خلال الفترة من 28 ديسمبر وحتى 2 يناير، بينما يتم إقامة حفل توزيع الجوائز يوم 3 يناير المقبل.
    وأكّد الفنان محمد البلم لـ أن العمل يتم حاليًا على قدم وساق للوصول لأفضل شكل يقدم من خلاله مهرجان المسرح الشبابي وذلك في ظل فترة قصيرة تم العمل خلالها على تجهيزه، منوهًا أنه من العام المقبل سيتم تقديم المهرجان في شهر نوفمبر بعيدًا عن زحام الفعاليات الثقافية وسيتم العمل على تجهيزه جيدًا، وقبل إقامته بفترة كبيرة كما سيتم تلافي الأخطاء التي قد توجد في نسخته الحالية.

    حرية الابتكار
    وأكّد البلم أن ما يميز مهرجان المسرح الشبابي في دورته الحالية أنه خالٍ من أي قيود إبداعية يمكن أن تعيق الفنانين المشاركين في تقديم كل ما لديهم من ابتكارات وإبداعات، مؤكدًا أن المجال مفتوح أمام الجميع دون أي شروط، وسقف الحرية عالٍ وحرية الابتكار مكفولة أمام جميع المشاركين.
    وعن جوائز المهرجان أوضح أنها ستكون كالعام الماضي، حيث سيتم منح أفضل عمل متكامل 50 ألف ريال قطري، وأفضل مؤلف 15 ألفًا وأفضل مخرج 15 ألفًا، فضلاً عن جوائز قيمة أخرى في كل عناصر العرض المسرحي من تمثيل وديكور وسينوغرافيا وغيرها من تقنيات العمل المسرحي وعناصره، منوهًا بأن لجنة التحكيم التي ستتابع عروض المهرجان وتحدد الفائزين ستتم عملها على أسس إبداعية وفنية فقط، بعيدًا عن أي شروط أخرى ستكون من شأنها إيقاع الظلم على من قدم عملاً إبداعيًا جيدًا.

    النص القطري
    ويشترط المركز بوجوب حصول الأندية والمراكز الشبابية على موافقة من مؤلف النص لتقديمه بالمهرجان، إذا كان المؤلف مُتوفى تكون الموافقة من ورثته، وكذلك فإن الأولوية للنص القطري (ويفضل أن يكون المؤلف من الشباب)، ثم النص الخليجي، فالعربي، فالعالمي، ويجب ألا تقل نسبة القطريين وحملة الوثائق القطرية وأبناء القطريات المشاركين في العمل عن ٦٠٪، بحيث يشكل القطريون ٤٠٪، وحملة الوثائق وأبناء القطريات ٢٠٪، وأن يكون لهم دور على خشبة المسرح، كذلك أن لا يقل عمر المشارك من الممثلين الذكور عن ١٥ عامًا ولا يتجاوز عمره ٣٠ عامًا وتستثنى الفتيات حتى سن ٣٥ عامًا، ويمكن مشاركة طفل أثناء العرض، بالإضافة إلى مشاركة المواهب والوجوه الجديدة القطرية على أن تكون هناك موهبة واحدة على الأقل كشرط ملزم، مع مراعاة اختيار نصوص لائقة للعرض أمام الجمهور لا تخدش الحياء العام وألا تتجاوز مدة العرض ٦٠ دقيقة ولاتقل عن ٤٠ دقيقة.
    ومن شروط المشاركة بالمهرجان أيضًا وجوب مرور خمس سنوات على الأقل في حالة التقدم بنص سبق تقديمه من قبل في مسابقات أو مهرجانات محلية أو خارجية، كما يجب إرفاق النص المسرحي الأصلي وكذلك النص المعد في حالة الإعداد، كذلك لا يجوز الاستعانة بأي عنصر من عناصر العرض المسرحي الأخرى من خارج الدول "ما عدا النص". كذلك لا تقبل العروض التي تقدم بنظام play back والتمثيل الصامت والعروض الخاصة بمسرح الطفل.. والعروض المعتمدة على التعبير الحركي فقط ويجب ألا يقل عدد الممثلين في العرض المقدم عن ستة ممثلين. ويشترط المركز على النادي أو المركز المشارك عدم وضع عراقيل فيما يخص الأمور المالية.. وأن يتم صرف الدعم المالي كاملاً على العمل المشارك بالمهرجان، كذلك على المركز أو النادي المشارك بالمهرجان أن يقدم كشفًا تفصيليًا معتمدًا للمركز الشبابي للفنون المسرحية بالمبالغ التي تم صرفها بعد الانتهاء من المهرجان.
     أشرف مصطفى
    الراية

    التأصيل والتجريب في مسرح عبد الفتاح رواس قلعجي

    مدونة مجلة الفنون المسرحية

    لأنه كاتبمسرحيّ تجريبيّ ومنظِّر في الثقافة والفن والتراث العربيّ وكتب العديد من النصوص المسرحية وأصدر عدداً من الكتب في مجالات مختلفة حتى بلغ مجموع كتبه المطبوعة أكثر من أربعين كتاباً وبحثاً ودراسة، فضلاً عن العديد من المقالات المنشورة في المجلات والصحف من هنا يبين الكاتب العراقي صباح الأنباري في كتابه الصادر حديثاً تحت عنوان التأصيل والتجريب في مسرح عبد الفتاح قلعه جي. أنه ومنذ أول نص قرأه لقلعه جي ازداد شوقاً لقراءة المزيد من نتاجه، وبعد أن عرفه من خلال نصوصه المسرحية شكل في مخيلته صورة فريدة لشخصيته التي وجد فيها ما وجده من قبل في شخصية الكاتب المسرحيّ الراحل محي الدين زنكنه أو في شخصية الشاعر العراقي شيركو بيكس ووجد فعلاً أن المبدعين روافد عذبة في نهر الحياة العظيم، مبيناً أنه في البدء شُغِف بالكتابة عن بعض نصوصه التي أدهشته ولكن سرعان ما تحول هذا الشغف إلى همٍّ من هموم الكتابة فراح يكتشف مسارات قلعه جي ومطباته الخفية والحفر في جوانياته للوصول إلى جوهر رؤيته للحياة ككاتب وإنسان، وللكتابة كتجربة تجترح الجديد ولا تتوقف أو تراوح في محلها على إيقاع القديم والتقليديّ.
    من هنا ابتدأ رحلته التي عززها ما وفرته الشبكة العنكبوتية من سبل الاتصال به والتعرّف على شخصيته المتفردة والمتواضعة في آن واحد، ولم تختزل الشبكة ما بين الأنباري وقلعه جي من بعد جغرافيّ هائل فحسب بل إنها ربطتهما بقرابة أدبية وفنية وفكرية قلّ مثيلها، ووجد الأنباري كمتابع لمجمل منجز قلعه جي المسرحيّ أن من نتاجه ما يرقى إلى مستوى الريادة فنياً وفكرياً، وقدحت في ذهنه شرارة فكرة الاحتفاء به على طريقته الخاصة بالكتابة عن أهم ما يميز منجزه كمبدع مسرحي فوجد أن شاغله الكبير في هذا هو تأصيل المسرح العربيّ والنهوض به عن طريق التجريب كضمانة لتطوره، فتناول في فصول هذا الكتاب تأسيساته في التأصيل والتجريب، ولمّا كان التجريب المسرحيّ موضع اهتمامه الكبير قرر تناول سيرته الذاتية بطريقة غير تقليدية فكتب سيرة ذات تجريبية افتراضية مستنداً في هذا على اشتغاله الأساسي على نصه المسرحي “الفصل الأخير” الذي افترض السيرة بطريقة درامية جديدة مسرحياً بعد أن وضع في مفتتح الكتاب ثبتاً بسنوات الإبداع التي بدأت عام 1969 وانتهت بنتاجه الذي خصصه لدراسة المسرح الحديث.. وفي الفصل الثاني وهو فصل مختص بالتأصيل كتب عن التراث وموجهاته في مسرح عبد الفتاح رواس قلعه جي وتناول أهم مسرحياته التي استلهمتْ التراث بطريقة خلاقة منتجة كمسرحية “سيد الوقت الشهاب السهروردي” ومسرحية “ليلة الحجاج الأخيرة” ومسرحية “النسيمي هو الذي رأى الطريق” ومسرحيات “تشظيات ديك الجن الحمصي” ومسرحية “دستة ملوك يصبون القهوة”.. وسعى الفصل الثالث “التجريب” إلى بيان وتحليل العملية التجريبية من خلال إلقاء الأضواء على التجريب وموجهاته في مسرح عبد الفتاح رواس قلعه جي وتناول في هذا الفصل مسرحية “الرجل الصالح أيوب” ومسرحية “فانتازيا الجنون” ومسرحية “مدينة من قش” ومسرحية “باب الفرج”.
    مثابة مسرحية سورية
    ويوضح الأنباري في كتابه أن التأصيل الذي هو بصدده جعل غير الأصيل أصيلاً بإسناده إلى جذر معرفيّ له خصوصيته وتاريخه وطبيعته الاجتماعية، ولم يجد الباحثون برأيه والمشتغلون على التأصيل جذراً أفضل وأكثر فاعلية وهيمنة على العملية التأصيلية من جذر التراث، ولمّا كان المسرح وافداً غربياً فرض حضوره على العملية الأدبية العربية قام العاملون عليه بوضع أصول عربية له عن طريق العودة إلى الأشكال شبه المسرحية العربية واستلهام التراث العربي شخوصاً وأحداثاً استلهاماً مشرقاً وابتكار الطرق الفنية لتأصيله عربياً، وبما أن قلعه جي من الذين استرسلوا في مفهوم التأصيل والتراث كان محور هذا الكتاب.
    ويشكل قلعه جي مثابة مهمة من مثابات المسرح السوري والعربي المعاصر ويمتاز ككاتب مسرحيّ باشتغالاته على التراث بنية أساسية من بنى تأصيل المسرح العربي، وتتأسس اشتغالاته على استلهام المادة التراثية استلهاماً فنياً فكرياً مشرقاً لأنه ينطلق إلى فضاءات المعاصرة وهو لا يراوح في ماضي التراث بل يعمل بدينامية على جرّه إلى الحاضر القائم وإسقاطه عليه، وتكاد هذه الاشتغالات تنحصر في اعتماده على شخصيات كان لها أثر واضح في حياة الناس، ولعلّ أبرز هؤلاء الشخوص في تراثنا العربي الإسلاميّ هم المتصوفة الذين امتازوا بعطائهم الفكريّ المشرق ونزوعهم إلى الحقّ بأسلوب صوفيّ خالص مثل الحلاج والسهروردي والنسيمي وجلال الدين الرومي والتي يروق لكاتب مثل قلعه جي تناولها بصفاتها ومواصفاتها.
    ويشير الأنباري إلى أن قلعه جي وجد فيها تعويضاً شعرياً عن هجره للشعر في الكتابة المسرحية فهي شخصيات امتازت بمكانتها العالية في الإبداع الشعريّ الذي فاق في جوهره وصوره الكثير مما كتبه مجايلوهم من الشعراء، مبيناً الأنباري أن قلعه جي لم يكتفِ بكتابة النص التراثيّ بل تخطى ذلك إلى التنظير ضمن دائرة اهتمامه فكتب العديد من المقالات في مجال التراث، ومثلها في النقد المسرحيّ نظرياً وتطبيقياً، فضلاً عن تناوله بالدراسة والتحقيق بعض الشعراء المتصوفة مما خلق لديه أرضية خصبة لإنبات بذرة مسرح عربيّ خالص اشتغل على تأصيله بروح تجريبية ما انفكت تقدم الجديد مجترحةً الأشكال الفنية المختلفة ومصاهرة بينها من جهة وبين التراث والمعاصرة كما في مسرحيته “تشظيات ديك الجن الحمصي” من جهة أخرى.
    كتب قلعه جي عدداً غير قليل من المسرحيات التي تعنى بالتاريخ والتراث كـ “هبوط تيمورلنك-اختفاء وسقوط شهريار-جلال الدين الرومي-السهروردي-النسيمي-ليلة الحجاج الأخيرة”.
    ....................................................................
    هذا المقال رقم : 31 of 50 من العدد 15181-تاريخ07-11-2014
    الكتاب صادر عن اتحاد الكتّاب العرب ضمن سلسلة الدراسات ويقع في 101 صفحة.

    أمينة عباس

    الخميس، 27 نوفمبر 2014

    مسرحية " العسعاس " لمنير العرقي ...تونسة طبعت في العقل والروح

    مدونة مجلة الفنون المسرحية

    مازال في تونس من يتعذب من أجل القيم
     مسرحية "العساس" لمنير العرقي.. تونسة طبعت في العقل والروح
    الوقوف عند محطة الثورة على القمع يجب ان ينتهي.. يجب ان نغادر الآن وان نتجاوز الجدل إلى الفعل لقد طالت بتونس مرحلة المخاض.. مخاض عسير ننتظر منه ثقافة وفكرا ينطلق من ماض تليد لنصل به إلى مستقبل مستنير يحتاجه التونسيون اليوم ليحصدوا ثمرات صبرهم ونضالهم كل من مكانه ومن منطلقاته ومرجعياته شرط ان توصلنا إلى التعايش في هذا الوطن بسلام.. مغادرة محطة الثورة والتناحر على السلطة والكرسي والانطلاق في البناء فهمها المسرحيون على ما يبدو من خلال ما تابعناه وما قراناه عن حركة مسرحية دؤوبة بدأت منذ اكتوبر تاريخ انطلاق موسم 2014/ 2015 وتتواصل بمسرحيات قطعت على ما يبدو مع الرداءة والشعارات السياسوية وتوجهت للمجتمع التونسي بما يحتاجه من دفع للتأمل والتحليل والاتعاظ وبالتالي الرد بالفعل المناسب.
    هذا ما يمكن ان نفسر به موقف المخرج المسرحي منير العرقي باختياره إخراج مسرحية «العساس» أو «حارس الليل» للكاتب المسرحي البريطاني هارولد بنتر الخالية من السياسة والبعيدة عما تشهده تونس من صراع على الكرسي وسم تقريبا كل ما أنتج من إبداع منذ الثورة إلى يومنا هذا وهو الإطار الذي اخرج فيه العرقي مسرحية «الرهيب» و«شريفة عفية».
    وانطلاق بناء الشخصية التونسية الجديدة والمجتمع التونسي الذي يريد ان يكون نموذجا يحتذى به من خشبة المسرح ليس بغريب عن تونس فرجالات المسرح ناضلوا وتصدوا ونقدوا في أحلك فترات الظلم والقمع والدكتاورية ولا احد ينكر عليهم مساهمتهم في الثورة وها هم اليوم ينخرطون في عملية التأسيس..
    صحيح ان الانطلاق كان بالاستعانة بالنصوص العالمية المقتبسة ولكنها ذات قيمة أسست إلى مجتمعات جديدة بعد حروب وبعد نكسات وبعد وصول إلى طرق مسدودة وفرضت وقفات تأمل انتهت بروائع إنسانية صالحة لكل عصر ومصر وهو ما أثبته منير العرقي في مسرحية «العساس» التي صاغها بلهجة تونسية مفهومة وأضفى عليها من روحه المرحة وإحساسه المرهف بالآخر وبما يحتاجه في الوقت المناسب ومن سعة اطلاعه وخبرته بالجمهور ومدى قدرته على تحمل النقد مما شد إليها الجمهور رغم ما ورد على الركح من غضب وعنف في الحركة ( لم نكن نتصور ان منير يقدر عليه) وعنف في اللفظ ومن صراحة جارحة عن مأساة الإنسان الذي يمكن ان يكون تونسيا رغم ان النص انقليزي ومكتوب في ستينات القرن الماضي.
    تناول منير العرقي في مسرحية «العساس «ما يطرح اليوم من أسئلة حارقة بقدرة الفنان القادر على رؤية الحقائق التي تخفى عن المواطن العادي وأدلى فيها بدلوه وقد كان ملأنا إخراجا وتمثيلا فلم يكن الأمر هينا بالنظر إلى صعوبة تناول وعرض الإحساس بالضيق والقلق واليأس والإحباط والشعور الدائم بقرب السقوط المدوي والسير السريع نحو الفناء ولم يكن من السهل التجرؤ على الجمهور التونسي اليوم وتونس على ما هي عليه من تهديد بالفتنة والانقسام وما تشهده من تناحر على كرسي الحكم بمثل ما تضمنه النص.
    ومحاولة منير العرقي إيقاظ ضمير الإنسان في الجمهور ودعوته لفهم الحياة البشرية عبر عرض نماذج من الشخصية الإنسانية التي لا بد ان تتعود على قيادة ذاتها طبع في العقل والروح.. واتخاذه من المسرح وسيلة وهو اقوى وسائل التعبير على مر العصور للدعوة لضرورة مواجهة الانطوائية الاجتماعية والانهزامية التي تتسبب فيها مجريات الإحداث لبعض التونسيين نبشت في العمق.. أثرت وأقنعت..
    عبر المسرح ناشد العرقي التونسيين بان يضعوا بأنفسهم حدا للجدل العقيم وللإحباط ومراوحة المكان ودعاهم لان يركبوا قطار المغادرة.. مغادرة للوصول بتونس إلى مرحلة البناء والتشييد وقال بمشاهد مؤثرة ومبكية وأخرى كاريكاتورية مضحكة وثالثة تدعو إلى مزيد إعمال الفكر ان قدر الإنســان ان يتصارع خيره مع شره وان لا يجد في الآخر ما كان ينتظره منه.
    والسؤال الذي قد يؤرق من شاهدوا العرض يبقى إذا غادر الإنسان محطة اتسمت بالخراب والأخطاء على كل الأصعدة هل يختار ان يكون شريرا ليهابه الناس أم يختار أن يكون طيبا خيرا وهل يتعامل مع المجتمع بشرف واستقامة ام بنذالة ام يتعلم التعايش والتنسيب.
    مسرحية «العساس» تعرض قصة شاب أنقذ شيخا من براثن صعاليك اعترضوا سبيله في ليلة ممطرة وضربوه وعذبوه.. أخذه إلى بيته وقدم له الفراش والغطاء الدافئ والمأكل والملبس وبعض المال وشغله حارسا على المكان.. ولكن الشيخ تنكل للمعروف وتسبب في المشاكل بين الأخوين المتأزمين والمحبطين أصلا ولكن حبهما لبعضهما كان اقوي من جشعه وشره.
    نور الزرافي ومعز حمزة فهما عمق النص وانسجما مع منير العرقي ممثلا ومخرجا وجسدا باتقان وأوصلا فكرة غياب التواصل بين الأخوين مع العالم الخارجي ومع بعضهما ومررا إحساسهما بالجحيم الذي يعيشانه بالتعابير الجسدية للجمهور ولعل هذا الجمهور يتذكر ان في تونس من يتعذب ويتأرق وينازع الخوف والفزع من اجل القيم وأشياء أخرى غير الكرسي وخسارة السلطة.
     علياء بن نحيلة
    الصباح

    السبت.. انطلاق الدورة الـ12 لفعاليات مهرجان مسرح ساقية الصاوى

    مدونة مجلة الفنون المسرحية
    السبت.. انطلاق الدورة الـ12 لفعاليات مهرجان مسرح ساقية الصاوى
    تنطلق فاعليات مهرجان ساقية عبد المنعم الصاوى للعروض المسرحية فى دورته الـثانية عشرة بقاعتى الحكمة والكلمة ابتداءً من يوم السبت الموافق29 من نوفمبر الجارى حتى 4 من ديسمبر المقبل، وذلك بمشاركة 15 عرضًا مسرحيًّا وهم "صناعة الشر" لفرقة الأمل ومسرحية " عن يونسكو" لفرقة يونسكو و"غنوة الليل والسكين"  لفرقة إبداع حلوان و"حفلة للمجانين" لفرقة يوركا و"لا شىء... لا أحد" لفرقة المسرحية، ومسرحية "أصل الحكاية" لفرقة شباب الأنبا أنطونيوس .

    ومسرحية "انسوهيروسترات" لفرقة التلامذة، ومسرحية "أنت لست غارا" لفرقة غارا، ومسرحية "يالهوى معقول؟!" لفرقة التخت، ومسرحية "الفرفور والطرطور" لفرقة ولاد مصر، ومسرحية "العمق" لفرقة درنة.

    يرأس المهرجان أحمد رمزى مسئول قسم المسرح بساقية الصاوى، وتتكون لجنة التحكيم من أ.د هانى مطاوع والفنان حسين العزبى ود. داليا بسيونى.

    محمد بغدادي
    الفجر الفني



    مسرحية "اوراس" تزيدنا عمقاً بفهم أكمل للحياة

    مدونة مجلة الفنون المسرحية 




    اوراس Horace، هي مسرحية للكاتب الدرامي الفرنسي پيير كورنـِيْ، مأخوذة من تأريخ ليڤي عن المعركة بين الهوراتيين والكورياتيين. وقد كتبها رداً على منتقدي مسرحيته السيد، وقد أهداها إلى الكاردينال ريشليو وأثبت ثاني نجاح كبير للكاتب في حفل المسرحية الافتتاحي في مارس 1640. فبطلها هوراتيوس أكثر إقداماً من رودريگ في السيد، بتضحيته بأعز أصدقائه وقتله شقيقته كاميلا. وقد كانت الأساس الذي بُنِيت عليها ليبرتي لاوپرات الاوراسيون وGli Orazi e i Curiazi

    لم تتخذ الأكاديمية صفة القاضي الأدبي بعد ذلك إطلاقاً. أما كورني فقد لطف من الموقف باهدائه تمثيلية »السيد« عند نشرها إلى ابنة أخت الكردينال المحبوبة، ورائعته التالية »أوراس Horace« (1640) للكردينال نفسه، وكان ليڤي قد روى هذه الأسطورة في «تاريخه». ففي اليوم ذاته ولدت أختان توأمان، في مدينتين مختلفين، كل منهما ثلاثة توائم ذكور-أبو الأولين هوراتيوس في روما، وأبو الآخرين كورياتوس في ألبا لونجا. وبعد جيل ارتبطت الأسرتان برباط أوثق، وذلك بزواج سلبينا ابنة كورياتوس، بأوراس وهو ابن هوراتيوس ، وبحب كاميللا ابنة هوراتيوس لأحد توائم كورياتوس. ولكن المدينتين تنزلقان إلى الحرب، ويلتقي جيشاهما وجها لوجه. أما سابينا وكاميللا فترتعدان في المعسكر الروماني، وتحدد سابينا الموضوع النسائي الذي تردده التمثيلية.
    أنني وا أسفاه رومانية ما دام أوراس رومانياً، فقد اتخذت لقبه حين قبلت يده، ولكن هذا الرباط سيسترقني لو حجب عن ناظري مسقط رأسي-ألبا، حين بدأت أتنفس الحياة، ألبا، وطني العزيز وحبي الأول، أنني حين أرى الحرب تنشب بيننا وبينك أخاف النصر خوفي من الهزيمة. فإذا شكوت يا روما من أن هذا خيانة لك، فاصنعي لنفسك أعداء أستطيع أن أكرههم. فانىّ لي وأنا اشهد من أسوارك جيشهم وجيشنا، وأرى أشقائي الثلاثة في جيش وزوجي في الآخر، أن أصوغ صلواتي وألح على السماء في أن تسعدك دون أن يكون في هذا خروج على الولاء.
    وهكذا لا يعرض كورني موضوعا هو مجرد معركة سلاح ورجال، إنما هو صراع الولاءات المشبوبة، ومأساة الحق يصارع الحق، فإذا تلقى قلمه هذا الإلهام. انطلقت منه عبارات محكمة القوة؛ وأبيات تسير بخطى عسكرية وأنغام مجلجلة.
    أما قائد ألبا فيذكر الرومان بأنهم هو وأهل ألبا أبناء دم واحد ووطن واحد (أكان في ذهن كورني الكاثوليك والهيجونوت؟)، وأن من الاجرام تقطيع أوصال إيطاليا (فرنسا؟) بالحرب الأهلية، ويقترح انهاء الحرب بنزال ثلاثة من أهل ألبا مع ثلاثة من أهل روما. ويقبل الاقتراح، وتتاح للنساء ساعة من السعادة المرتجفة. ولكن قائد ألبا يختار توائم كورياتوس الثلاثة، ويختار القائد الروماني توائم هوراتيوس. وتبكي النساء، ويرق الأبطال لحظة لدموعهن؛ لكن هوراتيوس الأب يوبخهم وهو يعلن الفكرة الرجولية، لأنهم يضيعون الوقت مع النساء بينما يدعوهم داعي الشرف:
    "أدوا واجبكم، واتركوا الباقي للآلهة".
    ولكن الآلهة تخطيء. فيقتل توائم كورياتوس، ولا يبقى على قيد الحياة من توائم هوراتيوس سوى أوراس. وتعنفه شقيقته كاميلا لقتله خطيبها، وتندد بروما وبناموس شرفها وحربها. فيقتلها وهو بعد سكران بنشوة المعركة لأنها ليست جديرة بأن تكون رومانية. وتوبخه زوجته سابينا على قسوته، وتبكي أشقاءها القتلى، وتدعو أوراس ليقتلها هي أيضاً. أما هو فيحاول اقناعها بأن الوطنية أسمى من الحب.
    وفكرة المسرحية  بالطبع لا تصدق، ولكنها في هذا لا تزيد عما في شيكسبير. إن الدرامي بحكم تعريفه شاذ؛ والمسرحية مقضى عليها، هي وصفت الواقع في غير تحيز. وهي ترتفع إلى مقام الفن إذا استطاعت بتجاهلها ما ليس متصلاً بموضوعها واختيارها للمهم أن تزيدنا عمقاً بفهم أكمل للحياة. لقد ورث كورني تمجيد النهضة لروما القديمة، وأيد المفهوم الصارم للواجب أمام انحلالات الحب التي سيطرت على المسرح الفرنسي قبله، فصمم ألا يكون أبطاله عشاقاً أولا، بل وطنيين أو قديسيين.

    أحداث المسرحية

    بدأ كورني المسرحية بسابين زوجة اوراس، التي هي في الوقت نفسه شقيقة آل كورياس، حيث نراها تندب حظها وتشكو مما سيحدث، خصوصاً أن شقيقة زوجها كاميليا مخطوبة لأخيها أحد أبناء كورياس، ما يجعل العائلتين قريبتين بالنسب، حتى وإن اختلف انتماؤهما المديني. وحدّة الصراع تنكشف على أية حال في الفصل الثاني، حين يعم نبأ اختيار شبان العائلتين ويروح هوراس العجوز، البطل السابق، يحرض أبناءه الثلاثة على خوض القتال من دون تردّد، وببطولة للدفاع عن شرف المدينة ومكانتها، حتى ولو كان الضحايا أنسباءهم. وإذ يطالعنا في جانب آل كورياس، خطيب كاميليا وهو يحاول أن يتنصل من الأمر كله، نجد في المقابل هوراس الشاب يندفع متحمساً لخوض القتال. وهكذا، إذ تبدأ المعركة، التي لن يشاهدها الجمهور، تأتي خادمة آل هوراس، جوليا، التي تراقب ما يحدث لتروي كيف أن اثنين من آل هوراس قتلا بعد قليل من بدء المعركة، فيما فر الثالث - الذي سيتبين لنا انه هوراس الشاب نفسه -. ولكن سرعان ما سيتبين أن فرار هوراس لم يكن سوى خدعة حيث انه، إذ أصيب بجرح، توجّه إلى حيث استدرج شبان آل كورياس الذين راحوا يطاردونه آملين بالقضاء عليه، إذ ضعف وصار وحيداً، لكنه بفضل حيلته تمكن من القضاء عليهم واحداً بعد الآخر، وفي شكل من المؤكد انه يخلو من البطولة. والحال أن هذا ما ستتهمه به في الفصل التالي شقيقته كاميليا، التي ترى انه كان في إمكانه أن يوفر خطيبها، فقتله بجبن. وهي إذ تصرخ بأخيها في الفصل الرابع بأنه مجرم قاتل لا قلب له، تثير غضبه فلا يتورع عن قتلها هي الأخرى، إذ اعتبر موقفها خيانة للمدينة وعاراً على الانتصار الذي حققه. وبقتل كاميليا ننتقل إلى الفصل الخامس حيث نجد هوراس الابن يواجه هوراس الأب الذي يعاتبه على ذلك العنف المجاني الذي مارسه وخصوصاً على قتله أخته، لكن الشاب يدافع عن نفسه مؤكداً انه ما فعل ذلك إلا باسم الوطنية، ومعلناً أنه مستعد، على أية حال، للمثول في حضرة الملك والدفاع عن موقفه. وإذ يمثل هوراس أمام الملك، فإن هذا يبرّئه، على رغم أن ما اقترفه جعله إلى حد كبير مكروهاً من كثر... وكان الفضل في التبرئة لفصاحة الأب العجوز الذي يركز في دفاعه على كون ابنه هوراس بطلاً منتصراً، شرّف المدينة وحقق لها التفوق، قائلاً إن هذا يعطيه شيئاً من الحصانة العابرة، خصوصاً أن الشعب نفسه يبدو ممتناً للبطل وغير آبه بما اقترف، طالما أن النتيجة أتت لمصلحة الوطن نفسه... وهكذا بفضل فصاحة الأب ينتصر «الحس الوطني» على قيم العدل والرحمة والأخوة، وتنتهي المسرحية من دون أن ندري تماماً ما هو الموقف الحقيقي لمؤلفها مما حدث ومما آلت إليه الأمور.
    استند كورناي في كتابة مسرحيته هذه إلى قراءته تواريخ عدة لروما كتبها تيت - ليف وفلوروس، إضافة إلى نص كتبه ديني الهاليكارناسي... ولكن من المرجح أنه - أي كورناي - لم يكن مطلعاً على أعمال مسرحية حول الموضوع نفسه كان كتبها بيار آريتنات (1492 - 1556) ولوبي دي فيغا وبيار دي لودان وغيرهم، من الذين سحرتهم الحكاية دائماً، غير أن أياً منهم لم يهتم في نصّه بإثارة الإشكالية الحقيقية التي استخلصها كورناي من هذا العمل... وهي إشكالية مكّن كورناي منها ابتكاره لشخصية سابين التي حمّلها همّ القضية، وجعلها القطب النقيض لهوراس الأب، لتطرح تلك المعضلة العائلية من موقع إثارتها التناقض بين النزعة الوطنية والرحمة والأخوة، فيما تأتي شخصية الأب لتتصلب في الدفاع عن النزعة الوطنية والصلابة العسكرية التي يفخر الآن بأنه أورثها للابن الوحيد الذي تبقى له بعد أن انجلت المعركة.
    والحال أن مسرحية اوراس التي قدمت للمرة الأولى على مسرح أوتيل بورگوني الباريسي عام 1640، كتبها بيار كورناي خلال مرحلة متوسطة من حياته (وهي المرحلة التي تلت السجال الحاد الذي ثار حول مسرحيته «السيد») وحرص فيها على وحدة الزمان والمكان وعلى أن يستقي موضوعه من العصر الروماني مفضلاً الهدوء على الضجيج، الموضوعي والشكلي الذي كانت أثارته «السيد»، خصوصاً أن كورناي تزوج في ذلك العام نفسه وقرر أن يعيش بعض الهدوء. وربما ينبع من هنا ذلك الالتباس في موقف الكاتب من الأحداث، وهو التباس سنجده كذلك مسيطراً على نصف دزينة من مسرحيات مشابهة - ومعظمها روماني الموضوع - كتبها كورناي خلال الفترة التالية، ومنها: «سينا» أو «رأفة أوغسطس» و»بوليكتس» و»موت بومباي»، وصولاً إلى كتابته رودوگون التي تدور أحداثها بين سورية وفارس وكان كورناي يعلن دائماً إنها مسرحيته المفضلة.

    حوار مع المخرج الشاب بشير الأشقر عن "الست ماري روز": بين مسرح الهاوية والمسرح التجريبي والواقعي "المُشاهد سيفهم"!

    مدونة مجلة الفنون المسرحية

    ساعة من المُتعة. هذا ما ينتظرنا على الخشبة التي تُشير الحوادث التي "تملأها ضجيجاً صامتاً" إلى ما يكتمه المرء عادةً في نفسه. تلك المُتعة التي لا علاقة لها بالغناء والرقص أو ذاك الصخب الذي غالباً ما يُشير إلى معان خفيّة.
    نحن في "مسرح بابل" القائم في شارع القاهرة-الحمرا. دقائق طويلة تفصلنا عن موعد إنطلاق مسرحية "الست ماري روز" للمُخرج الشاب بشير الأشقر(31 سنة). فلنستغلّها فرصة للدردشة معه. نُزهة صغيرة في رواق مُخيلته. ماذا ينتظر المُشاهد الذي سيقف "وجهاً لوجه" مع هذه المسرحية المأخوذة من رواية إيتل عدنان؟ يُجيب الشاب، "ساعة من المُتعة". سيأخذنا إذاً إلى مكان بعيد؟ "سأسرق وقتكم لأوصلكم إلى هذا المكان". ساعة "نُقيم في حديقتها" فنعيش على قوله، "الـAction، الحب. في المسرحية لحظات سعيدة وأخرى حزينة". الكثير من التناقضات التي "تتآلف ألحانها" راويةً وفق ما كُتب في الكرّاس الذي يتم توزيعه في المسرح، "قصّة إمرأة قامت بأعمال إجتماعيّة كتأسيس مدرسة للصم والبكم، وبنضال على صعيد تحرير المرأة. جاءت الحرب ولفّت ماري روز بإعصار دموي. إجتاحت مدرستها ميليشيا من الجهة الأخرى... الجهّة التي وُلدت فيها ومن ثم رحلت عنها. تُختطف وتجرى لها مُحاكمة تنتهي بإتهامها بالخيانة. قُضاة ماري روز عند محاكمتها يُصبحون هم المُتهمين لتنكشف عندهم الذهنيّة العشائريّة والقبليّة والطائفيّة".
    يؤكّد بشير انه لم يكن ليختار لعمله المسرحي الأول، الا "عملاً لإيتل عدنان"، فهو يُحبها كثيراً، ويستسيغ شعرها، و"كتاباتها تُشبه إلى حد بعيد النمط الذي أفكر فيه". أسلوبها في الكتابة يعكس بعض حنايا مُخيّلته إذاً.
    وبالنسبة إليه، فان "قصّة ماري روز" لها الوقع ذاته كما لو كنّا "نُحاكي" قصّة "روميو وجولييت" مع المُفارقة ان هذه المُناضلة قادمة من بلادنا. وفي المسرحية كل العناصر التي تعكس "شرفات" البلد، أضف إليها، "كل مُقوّمات المسرح الأجنبي".
    أمّا الجانب السياسي الحاضر في الكتاب، فعمد بشير ان يُعيد صوغه في العمل المسرحي ليقدر المُشاهد على أن يعكس عناصره، "أينما كان في المنطقة وليس بالضرورة أن تكون حرفيّاً كما وُجدت في كتاب إيتل عدنان". في إقتباس الأشقر الشخصي أخذ الحبكة إلى مكان آخر، إذ انها كما هي مطروحة في الكتاب الأصلي، "ما بقى تمشي اليوم".
    وهو يعيش مرحلة الإقتباس "الكثيرة المطبّات"، "كنتُ أعاني كثيراً. مرحلة الإقتباس تخلّلتها معاناة ووجع بإعتبار ان القصّة تنتقل إلى داخلك والقصّة هي في الواقع حزينة".
    وكان على الشاب أن يُحوّل النص الشاعري في حلّته الأصليّة من الفُصحى إلى اللغة المحكيّة، ولهذا السبب "إعادة الكتابة أخذت شهرين من الوقت. أردت تحويل النص من الفُصحى إلى الدارج من دون أن يُجاور أسلوبي الإبتذال. وفي حلّته الأخيرة يشعر المُشاهد وكأن الشخصيّات تتحدّث تلقائيّاً، أي انها ترتجل الحوارات".
    ينتقل الحديث إلى مرحلة الكاستنغ (إختيار المُمثلين). وكانت العديد من الأسئلة "تعوم" في ذهن المخرج الشاب، "هل أريد كاست كبيراً أو صغيراً. وفي الحقيقة تطلّب الكاستنغ 3 أيام في احرام الجامعات. وفي المرحلة النهائية إخترت 8 مُمثلين من أصل 100". كانت مرحلة الإحتيار هذه، "جميلة، وإكتشفت ان ما نُشاهده في تلفزيون الواقع بما يتضمّنه من مواقف غريبة، يستريح على الحقيقة المُطلقة.
    وفي ما يتعلّق بالإخراج، تفاوت الأسلوب ما بين، "المسرح التجريبي والمسرح الواقعي. وما أعنيه هو ان المُشاهد سيفهم القصّة من بدايتها وحتى لحظتها الأخيرة. وما قمتُ به هو التركيز على المسرح التجريبي للحدود القصوى بالتزامن مع رواية قصّة لها بدايتها التي تأخذنا خطوة فأخرى إلى النهاية. كان التحدّي أكثر من كبير وأكثر من مُضني. كنا نعمل وفريق العمل كل يوم ما يُقارب الـ5 أو 6 ساعات لـ3 أشهر".
    الإنضباط كان سيّد الموقف خلال التمارين المُكثفة، "كنتُ strict إلى أقسى الحدود. أحب فريق العمل كثيراً وأحترمهم فرداً فرداً، ولكن ما أن نبدأ العمل نعيش حالة مُطلقة من الإنضباط". يُعلّق بشير، "عملتُ كمُخرج مُساعد لناجي صورا في طيلة 11 عاماً وأعتبر انني اليوم أتبع ما يُسمّى بمسرح الهاوية، حيث نضع المُمثل وسط خطر جسدي وأيضاً نفسي. بدايةً شعر المُمثلون بالخوف. كان في Panique".
    وتستمر المسرحية حتى 31 من الجاري.

    هنادي الديري
    النهار 

    "أحلام كرتون": حينما ينجح "الربان" بتغيير مسار "الركاب"

    مدونة مجلة الفنون المسرحية








    "أحلام كرتون" أو طائرة ورقية، هو ما أفضت إليه المسرحية العراقية التي عرضت يوم الخميس الماضي على خشبة مسرح هاني صنوبر "الرئيسي" بالمركز الثقافي الملكي، ضمن فعاليات مهرجان المسرح الأردني بدورته الحادية والعشرين.
    المسرحية التي أخرجها كاظم النصار هذه المرة، ذهبت عبر السخرية السوداء مباشرة إلى الواقع الحالي في العراق بانقساماتنا الداخلية والخارجية وتناقضاتنا.
    واستهل العمل حكاية الرحيل أو الهروب لا فرق بين من يخاف وبين من يريد أن يحيا، لأنه ببساطة لا يريد أن يموت فيهرب من وطن دججه الموت.
    الرحيل هذه المرة يكون من المطار وانطلاقا إلى "الطيارة" التي نكتشف بداخلها مختلف الانقسامات الطائفية المتواجدة بين ركابها وكأنها "أرض العراق"، ويتقاسمون على قيادة تلك البسيطة، كل هؤلاء لا يوجد ما يوحدهم ربما سوى "الهجرة".
    يبدأ الكل من الآخر بمحاولة الحصول على بطاقة سفر عبر تبادل الحقائب والحصول على تذكرة "نجاة" من واقع أصبح مجهولا لعالم افتراضي "مجهول" أيضا بالنسبة إليهم.
    وتتوالى الحكايات التي استمرت على مدار ساعة ونصف ومتخمة بالفكاهة السوداء من رجال الدين وأصحاب الفكر الليبرالي والعسكريين والكثير ممن لم يتفقوا واجتمعوا على الرحيل، وجميعهم يتهمون بعضهم بـ"الجبن" لأنهم يغادرون.
    مواضيع كثيرة ومهمة طرحها العمل المسرحي "أحلام كرتون" ومنها ظاهرة رجال الدين الذي يغالون بطرق تفسيرهم للجهاد والنكاح وغيرها الكثير من الفتاوى وما ظهر على شاكلة "داعش" وقطع الرؤوس وغيرها من القضايا الواقعية.
    وغالبا ما تخوض المسرحيات العراقية مباشرة واقعها عبر فضاء مسرحي يضبطه أداء الفنانين القوي والمشبع بحدة الطرح حتى إن كان ساخرا، فهو في حقيقية الأمر "مُبك" ومؤلم ينمي فيك الشعور بالقهر والظلم لمن يعيش تلك الحالات الواقعية.
    وتتطرق المسرحية التي غصت بالفكاهة؛ حيث إن المتلقي نسي طعم الجرح قليلا ولم ينتبه للحزن، إلا بعدما خرج من القاعة، وتذكر أن ذلك كله متواجد في محيطه؛ لهؤلاء المهجرين والراحلين تلاحقهم الانقسامات حتى في السماء.
    والخوف من اختطاف الطائرة والحديث عن حالة الطوارئ بالجو يعقبه أن الحالة ليست غريبة؛ إذ إن العراقي يعيش كل ساعة في حالة طوارئ من الحروب والأزمات.
    المرأة وحريتها تمثلت بتلك الفنانة التي تحاول الهروب والسفر أيضا إلى مجهول، لأنها تجد اليوم أن صوتها وعملها كفنانة ليس مطلوبا بوطن أصبح القتل فيه على الهوية والمذهب.
    الالتفاف على الواقع بسخرية لا يفضي سوى لفقدان الأمل الذي يجمعهم بالمحصلة في إطار ضيق بعد أن يفقد هؤلاء المهاجرون رحلتهم، وهو ما يظهر للمشاهد والجمهور أن الرحلة ألغيت.
    إذن كل هذا الانقسام والحروب والسفر والاختطاف والقتل هنا؛ لا مفر فيها للجبناء الذين يموتون مستسلمين، ولا حتى الأقوياء الذين تقاسموا الأرض وهم ذاهبون حالمين بأن يتقاسموا "السماء" أيضا.
    أداء الممثلين كان مميزا وعلى قدر من الإقناع الكافي للشخصية التي يعيشها الممثل، أسهم فيها المخرج بإضفاء سينوغرافيا بسيطة، ضمت قاعة مطار وكراسي المتأهبين للسفر؛ حيث ساعدت وخدمت الممثل في التعبير عن الأهداف من تفجيرات والوقوف على القاعدة وغيرها.
    إلا أن الفضاء في الستارات المتواجدة كشف عن بعد وفضاء آخر لم نلمسه كمشاهدين، بل توقعناه وهو "غرفة الطيار" المغطاة بستار وكل طرف يذهب خلف تلك القيادة ويعود وكأنه يسيطر على هذا الوطن ومن ثم يعود، ثمة شخص غير مرئي يقود "الطائرة" وهو ما لم يكشفه المخرج لنا وتركه مكانا مغلقا ببعديه الخاص والعام.
    فلا نحن نعرف رباناً يقودنا لبر الأمان، وإن عرفناه فنحن نهابه ونخاف أن نخالفه، وعلينا إما أن نبقى نشجعه كي يصل بنا إلى برّ الأمان، أو أن يسقطنا من علو شاهق حتى قعر الأرض ونموت.
    فهل هذا ما حدث بالعراق حتى اليوم؟ ومن هو "ربان" هذه الطائرة؟ ومتى يصل المغترب بر الأمان؟ فالمطارات ممتلئة؟ والرحلات مؤجلة؟ وطائرتنا ورقية من كرتون؟.
    المسرحية الساخرة التي تذهب مباشرة نحو "الكباريه السياسي" متوقعة ولم تدهش كثيرين، لأننا شاهدنا كثيرا من الأعمال العراقية التي تصوّر الواقع الحالي للعراق؛ إلا أن الفكاهة الساخرة والفضاء العميق والأداء المميز للممثلين تعد نقطة تحسب للعمل العراقي.
    يشار الى أن مسرحية "أحلام كرتون" من إخراج كاظم النصار، وتأليف الدكتور كريم شغيدل، وشاركت فيها نخبة من الفنانين هم؛ فاضل عباس، وسنان العزاوي، وعلاوي حسين، وآلاء نجم، وأسعد مشاي. الصوت والموسيقى محمد الربيعي، الإضاءة محمد رحيم، الديكور سعد عبد الصاحب، مدير المسرح والأزياء نهلة داخل.

    عمان - سوسن مكحل

    المسرح ودراسات الفرجة: تناسج الثقافات المسرحية وأسئلة ما بعد الدراما

    مدونة مجلة الفنون المسرحية



    لم يعد المسرح ذلك الفن الهامشي في عالمنا العربي اليوم، بل أصبح تلك الاستعارة الثقافية الممتدة في الحياة اليومية، متأثرا هو الآخر بالوسائط الأخرى التي أضحت شديدة البروز في حياتنا اليومية"  
    د.خالد أمين
    قليلة هي الكتب النقدية المسرحية في عالمنا العربي التي تحمل أطروحات علمية تولد الرغبة في الكتابة عنها؛ أو تحفز على تشارك بعض من فرضياتها الفكرية مع القارئ. وإذا ما حيّدنا النزر من الكتابات والمتابعات النقدية الراصدة الرصينة، تكدس في إصداراتنا وصحفنا ومواقعنا الالكترونية نقد انطباعي وآخر دعيّ وثالث نفعيّ .
    ذلك ان خطابنا النقدي المسرحي يهيمن على كثير من مقترحاته النظرية والتطبيقية إما الانطباعات العامة أو التعقيد والحشو المفاهيمي أو التسطيح المثقل بعبارات المدح أو مفردات القدح وبالتالي الخلو من اي عمق في التحليل.
    والعديد من الكتابات النقدية المسرحية إذا ما غيرنا فيها عنوان المسرحية المعنية بالنقد بعنوان مسرحية أخرى أو بدلنا عتبة تعريف التجربة المنقودة بأخرى، لما اختل شيء ولما حدث ارتباك في "المنجز" النقدي، ذلك أن الرؤية عامة والتحليل جاهز والملاحظات منسوخة.  ناهيك عن ذلك الشرخ بين أغلب ما يسطّر كنقد مسرحي وبين الجسد المسرحي الحي. هذا الشرخ الذي يصل أحيانا – كما يصف د.خالد امين – إلى حالات مستعصية من الاحتقان والتوتر الذي يولد خطاب أزمة، بينما المطلوب الآن هو المزيد من التآزر والتفاعل الإيجابي على شكل مختبرات مسرحية، ومجموعات بحث متعددة التخصصات تنفتح على رحابة الافق التجريبي للممراسة الابداعية بالعالم العربي راهنا" (1) وكلام د.خالد أمين ليس كلاما معلقا في الفراغ بل سخّر له كباحث وناقد متمرس مرتكزات علمية وعملية. وذلك من خلال انشائه للمركز الدولي لدراسات الفرجة ذو الصيت البحثي النقدي العلمي الرصين، وأيضا من خلال كتاباته ومقترحاته النقدية الجادة المجددة والتي جعلت من صاحبها - كما يشير د.حسن يوسفي في تقديمه لكتاب "المسرح ودراسات الفرجة"(2) – مرجعا في مجال دراسات الفرجة في العالم العربي، وإسما مؤثرا في محفل من محافل البحث المسرحي على الصعيد الدولي، حيث اصبح عضوا في المكتب التنفيذي ل"الفيدرالية الدولية للبحث المسرحي".
    يرتكز المتن النقدي في كتاب "المسرح ودراسات الفرجة" للدكتور خالد أمين على ثلاث مقالات/مباحث أساسية : - رهانات دراسات الفرجة بين الشرق والغرب - الدراماتورجية الركحية في المسرح العربي المعاصر أو أسئلة ما بعد الدراما - رهانات الاستنباث من خلال تجربة محمد قاوتي.
    يتفرّع عن هذه العناوين/المفاتيح عناوين تفصيلية تغذي المفاهيم العامة التي يدافع عنها الكتاب كمقترح نقدي وكآليات لمقاربة ورصد الظاهرة المسرحية أو بالأحرى الفرجوية في بعدها الشامل. وذلك من خلال تأصيل مفاهيمي وعلمي يوازي بترسانته النقدية ومساراته النظرية؛ الظاهرة الفرجوية البعيدة عن اي دعوة ماهوية "تروم الاغتراب في الماضي أو الرجوع إلى أصل ما للفرجة العربية – كما ادعت العديد من النظريات التي خرجت من تخوم الكراسي المريحة، بقدر ما هي محاولة تجريبية نابعة من تخوم التجربة الميدانية" (ص 31)
    فمن خلال اشكالية التسمية لفن الاداء/الفرجة يذهب صاحب الكتاب إلى أنه يغدو توظيفنا لمفردة "فرجة/ Spectacle" مرادفا وليس بديلا عن "الأداء/ Performance Art" المتشعبة المعاني إلى درجة يستعصي معها حصر مجالاتها الدلالية. ليتتبع بُعيد ذلك المسار الإيتيمولوجي لكلمة "فرجة" في المعاجم العربية ليجد أنها تتطور من "الشق بين شيئين" كما هو وارد في الذكر الحكيم "وإذا السماء فرجت"، أي تشققت وتفرجت إلى "انكشاف الغم ومشاهدة ما يتسلى به". وبعد رصد لمختلف تمظهرات الفرجة كسلوك اجتماعي وكوسيلة للتفاعل والتعليق على تجربة ثقافية، وكذا لقواعدها كانعكاس لبنيات ثقافية دالة وشاملة، وتبوأ دراساتها منذ الستينات مكانة مركزية في الدراسات الانثروبولوجية، والفلكلورية، والمسرحية... الخ يخلص بنا د.خالد أمين إلى أن "مفهوم الفرجة له قابلية وقدرة على احتواء قضايا متعددة وشائكة من قبيل السلطة، التاريخ، الأصالة، التناص، الذاكرة، المقدس، الوجدان... وبالتالي يعتبر الفرجة، بناء على هذا الطرح كنبع لانبعاث الثقافة ووسيط يعكس الثقافة "(ص 17- 18) ثم ما يفتئ أن يدرج المبادئ الخمسة لتحقق الفرجة في بعدها المادي:
    1.مبدأ المباشرة = الفرجة يجب ان تكون حية.
    2.مبدأ الارتجال = وهو اس الفرجة حتى مع وجود النص.
    3.مبدأ المشاركة = ليس ثمة فرجة فردية، إنها عمل تشاركي بين مؤدي/مؤدين وجمهور.
    4.مبدأ الشرعية = كسلوك اجتماعي تتماشى الفرجة مع سيرورات الشرعية الاجتماعية.
    5.مبدأ الاستشراف = سلطة الفرجة تكمن في افقها الاستشرافي، اي قدرتها على إبراز ما لم يتم تخيله بعد.

    ليعرج بنا الباحث، بعد ذلك، على فضاء فرجوي شعبي - إنه "الحلقة". وذلك حتى نعيد - من خلال قواعد جمالية التلقي التي تقترحها الحلقة - النظر في السلوكات الفرجوية الهاربة من مربع الممارسة المسرحية الصرف. إن الفرجات التي تركها المسرح خلفه تضمن لنا اليوم نظرة نقدية للمسرح كشكل تعبيري انساني، بل وتسعف انحباسه الجمالي بمنابع فرجوية تزهو بأدوار اخرى للمتفرج في تحقيق الفرجة. فبحسب الباحث الذي يستند،هنا، إلى نظرية الالمانية إريكا فيشر ليشت حول - الحلقة المرتدة لتبادل الأثر "يمكن اعتبار فرجة الحلقة نموذجا مثاليا للتوليد الذاتي غير المتناهي من حيث مراوحة تبادل الاثر بين صانع الفرجة ومتلقيها. تتيح كثافة الجمهور في شكل دائري محيط بالمؤدي من كل الجهات، درجة تداول الطاقة فيما بينهم من جهة والحلايقي (صانع فرجة الحلقة) من جهة أخرى." (ص 20)
    أما الحاجة إلى المثاقفة الفرجوية في المسرح الغربي، واستلهام تلك الاشكال الفرجوية الشعبية فقد أملتها حالة العقم التي عرفها هذا المسرح خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وأصالة ما يطرحه د.خالد أمين يكمن في محاولة الاجابة على سؤال معرفي ملح: كيف ينبغي ان نتمثل من وجهة نظرنا نحن، هنا، الآن، تلك الرحلة الشرقية التي خرجت من معطفها أهم إنجازات المسرح الغربي؟هل هي تمرد على المركزية الغربية وبنيات التفكير المثالية/الماهوية المرتبطة بها؟ أم هي اتساع لمساحة المركزية الغربية لتشمل الهوامش المحايثة؟
    ليأتي الجواب على شكل نقد لمسرح المثاقفة ذاك. حيث انه ليس من الجدي في نظر رئيس المركز الدولي لدراسات الفرجة، أن نميز بين ما هو ملك لنا وما هو غريب عنا، إذ انه لا يمكن دائما عزل عناصر الفرجة عن بعضها البعض، في حين تبقى بنية الاختلاف تابثة، ذلك ان الاختلاف يعيد انتاج ذاته باستمرار. كما ان مسرح المثاقفة من وجهة نظر الباحث يكرس هيمنة  النموذج المسرحي الغربي من خلال الاحتفاء بانجازاته المبنية على تفاعله مع الآخر فهو يستثمر العناصر الغير غربية في المسرح الغربي وليس العكس.."فالقليل منا يبحث في الاصول الهندية للماهابارطا، بينما الكل يركز على إنجاز بيتر بروك، على سبيل المثال"(ص 28)
    الرحلة الشرقية تلك كان ربابنتها من المسرحيين الغربيين امثال آرطو، غروتوفسكي، ماكس راينهارت، بروك، باربا،منوشكين، ولسون، كوردن كريك...ومن خلال لقاء الغرب والشرق الذي قادهم باتجاه مسرح النو الياباني والاقنعة الافريقية والرقص الباليني واوبرا بكين... بحثا عن "حقائق مسرحية كونية !!" تمكن كل منهم من صياغة مفرداته المسرحية و بصماته الجمالية... لكن بالمقابل يحملنا عنوان – الرحلة الغربية/لقاء الشرق والغرب هذه المرة، إلى فرقة الكتاكالي الهندية التي وظفت اساليبها الفرجوية في تقديم مسرحية دكتور فاوست مجسدة لحظة تحول جوهرية في مشروع المثاقفة المسرحية. و في نفس السياق يستحضر متن "المسرح ودراسات الفرجة" التجربة المسرحية المغاربية ونهلها من ذاكرة الفرجة الشعبية الخصبة وذلك من خلال المقترحات الجمالية لجيل الرواد من أمثال أحمد الطيب العلج، الطيب الصديقي، عبد السلام الشرايبي، عبد الرحمن كاكي، عبد القادر علولة، عز الدين المدني... فتمثلهم لفضاءات محملة بالأشكال اللعبية والفرجوية (جامع الفنا، باب بوجلود، ساحة الهديم، القريعة...) وكذا توظيف تقنيات الحلقة من جهة الرغبة في تطويرها، واشتغالهم على اعادة خلق هذه الاشكال داخل بنية المسرح كفن طارئ.. كل ذلك ادى إلى إنتاج "هجنة مسرحية"، بل فرجات تتناسج فيها مجموعة من الثقافات الفرجوية.
    وإذا كان د.خالد أمين قد انطلق في بدايات مشروعه النقدي من مفهوم "الهجنة المسرحية" إلا انه يذهب في البحث الذي بين أيدينا إلى أن هذا المفهوم بات يطرح بعض الالتباسات – على حد تعبيره – الامر الذي دفع به الى تجاوزه واعتماد مفهوم آخر وهو "تناسج الثقافات المسرحية" يقول شارحا اختياره لمفهوم التناسج..."كثير من الخيوط الحريرية تلتئم في ضفيرة واحدة، كما تنسج هذه الضفائر بدورها لتشكل قطعة ثوب – بنفس التشابك المعقد، تتناسج الثقافات المسرحية فيما بينها بحيث يصعب  عزل عناصر بعينها عن أخرى، ذلك أنها تخضع لمنطق التحول التاريخي، الجمالي، والفضائي أيضا،وبالتالي تكون مشرعة على ابداع فضاءات ثالثة."(ص 35) إن مفهوم تناسج الثقافات المسرحية يستشرف من منظور الباحث أفقا جديدا من التنوع الفرجوي بعيد عن اي استقطاب للمركزية الاوربية أو اي تنميط للثقافات المسرحية الغير غربية، كما ان هذا المفهوم يرتكن إلى جوهر الثقافة المتمثل في التجدد المستمر لبنية الاختلاف.
    من خلال المحور الثاني يناقش د.خالد أمين التغييرات العميقة على مستوى بنيات صناعة الفرجة المسرحية في إطار ما صنفه الباحث الألماني هانس ليمان ب"مسرح ما بعد الدراما". ليأتى الباحث - من خلال بانوراما الدراماتورجية المغايرة في المسرح العربي المعاصر – على ذكر بعض تجارب مسرحيين عرب تنفلت مقترحاتهم الجمالية من التصنيف التقليدي للعروض بالنظر إلى اقترافها لما يسمى ب"اللامسرح" أو "ضد مسرح" ويعتبرها حساسية فنية حققت التراكم الكمي النوعي مما يستوجب معه الاهتمام والدراسة. ويرى مثلا في عروض اللبنانيين ربيع مروة ولينا الصانع تجسيدا لرفض الخطابات الحداثوية الزائفة، ونجاحا في تأزيم مفهوم التمثيل ويضرب امثلة عدة من عروضهم الفنية الغير خاضعة للتصنيف (بيوخرافيا – ثلاث ملصقات – وجه أ وجه ب – من يخاف التمثيل؟ ) ويواكبها بالوصف والتحليل.
    أما التجربة التونسية في مجال الدراماتورجية الركحية فيتوقف د.خالد أمين عند منجز "كلام الليل" لتوفيق الجبالي، الذي اسس اول مسرح مستقل بتونس سنة 1987 ، راصدا أبرز خصائص هذا المنجز، والمتمثلة في  لعبيتها واعتمادها على فرجة مفتوحة ومتفجرة في جميع المستويات واتسامها بالهجنة والمزج بين الاشكال الفنية المختلفة. انها كتابة ركحية ومسار بحث عن لغات مسرحية جديدة ميزت التجربة التونسية الرائدة بحسب الباحث، والتجربة تلك ، ساهمت في تشكيلها العديد من الاسماء والتجارب المسرحية – والتي توقف الكاتب عند بعض منها أيضا - كفرقة "الكاف" للمنصف السويسي ورجاء فرحات وفرقة "المسرح الجديد" وفرقة "فاميليا" لفاضل الجعايبي وجليلة بكار، و"المسرح الوطني" بإدارة محمد إدريس ومسرح "فو" لرجاء بن عمار و"مسرح الارض" لنور الدين الورغي والمسرح "العضوي" لعز الدين قنون... ولم ينس الكاتب تجربة الكاتب الرائد عز الدين المدني واشتغاله بالخصوص على دراماتورجيا "الاستطراد"..
    أما فيما يتعلق بالمشهد المسرحي المغربي فما يثير انتباه الباحث في سياق التجارب المسرحية المستشرفة للغات مغايرة عن المعتاد :
    - تجربة المسرحي والسينمائي المغربي فوزي بن سعيدي من خلال عرضه "قصة حب في 12 أغنية و3 وجبات وقبلة واحدة" والتي تمكن فيها المخرج من "الغاء الشرط الدرامي للعرض باعتماد دراماتورجيا تشذيرية (...) بهذا المعنى تحول الركح إلى ورشة لاختبار الحدود الضيقة بين الاجناس والانساق الدراماتورجية المعتادة"(ص 52)
    - مسرحية "أصوات كولتيس" للمخرجة زهرة مكاش وهي عبارة عن تناص  فرجوي يجمع حوارات عدة: مع نصوص كولتيس – بين حضور الممثل الجسدي وحضوره ضمن الوسيط البصري – بين ما وراء الخشبة والخشبة – كل ذلك داخل سينوغرافيا متفجرة تتخطى حدود الجدار الرابع.
    - الانعطافة الجذرية للمخرج يوسف الريحاني من خلال مشروع "عدوى بكيت" متحسسا الغاء الحدود بين الاشكال الفنية.. وذلك من خلال مسرحية "الكرسي الهزاز" وهي عبارة عن "رؤية رقمية" حسب المخرج. كذلك عرض "جزء الخارج1" حيث تنتفي الحدود بين ما هو واقعي  وبين ما هو افتراضي.
    - بالاضافة الى تجارب اخرى يذكرها الباحث للاشادة بانفلاتها عن التقعيد المسرحي الخطي التقليدي كمسرحية "راس الحانوت" و"نعال الريح" لبوسلهام الضعيف، "ترانزيت" لبوسرحان الزيتوني، "فيولون سين" لعبد المجيد الهواس، "هو" و"180 درجة" لجواد سوناني، "كفر ناعوم أوطو صراط" للطيفة أحرار.
    ينتصر د.خالد أمين للتجارب المسرحية الشبابية (المتفاعلة مع محيطها وفق حساسية مسرحية وفنية جديدة) أمام تقاعس جزء هام من النقد على تجديد آلياته ومقولاته لمواكبة هذا التوهج الابداعي خلال العقد الأخير. فصناع الفرجة الحقيقيون تجاوزوا بشكل ملحوظ جزء كبيرا من صناع النقد وممارسيه، فمازال النقاد يرتكنون إلى مقولات جاهزة وقضايا عفى عنها الزمن "إن جزءا هاما من نقدنا المسرحي لا يزال يراوح مكانه، إن لم نقل إنه في وضع حيادي ملتبس. فهو في أغلب الاحيان يتوارى وراء الوازع الاخلاقي لرفض أعمال قد تكون صادمة في علاقتها بالمقدس – سواء من خلال قذفها للجسد الطقوسي في بؤرة ضوء كاشفة أو استعمالها للغة بذيئة وصفيقة – لكن دون مساءلة هذه الاستعمالات، والحال أنه من الواجب على كل متتبع للشأن المسرحي – وخاصة معشر النقاد – التفاعل مع الحساسيات الفنية الجديدة التي تؤثث الجسد المسرحي راهنا عوض الاختباء وراء مقولات مثل أزمة النص الدرامي"(ص 63)
    إن كتاب "المسرح ودراسات الفرجة" يحملنا من خلال مقولاته الفكرية التي تصبو إلى تفكيك مناطق التوتر وحلحلة المشهد النقدي المسرحي من خلال الجمع بين مقاربة وتوجيه الحراك الابداعي الفرجوي المتفاعل مع أطروحات المعرفة المسرحية، إلى الاقرار بأنه "لم يعد هناك مجال للمزايدات بخصوص التأثيرات الغربية في المسرح العربي، وذلك لان المسرح، ببساطة، فن طارئ في البلاد العربية. كما أن إنجازات التجارب الغربية والشرقية أصبحت جزءا لا يتجزأ من التاريخ المسرحي الإنساني(بشرقه وغربه، شماله وجنوبه)"(ص 57) وبالتالي فمفهوم تناسج الثقافات المسرحية أوالفرجوية عاكس لعملية التأثير والتأثر دون أي مركب نقص ثقافي أو تاريخي. فبفضل هذا "التناسج" فتح رواد المسرح الغربي نوافذ هب منها نسيم الشرق وتجاوزوا انحباسا جماليا، وبفضله أيضا هاهو نسيم يهب من نافذة "مسرح ما بعد الدراما" على مسرحنا حيث أصبح هذا المسرح مكونا من مكونات المسرح المغربي والعربي "فرغم ندرة هذا الطيف المسرحي إلا انه أصبح منعطفا جديدا يراكم تجاربه يوما بعد يوم. علينا إذن الانصات إليه ومراقبته بشكل علمي دقيق مستقبلا"(ص 67) يقول برتولد بريشت: "اذا اعترفنا بأن العالم الحديث لم يعد قادرا علي الانخراط في الأشكال الدرامية الموجودة فما هذا الا لأن هذه الأشكال الدرامية لم تعد تتلاءم مع عالمنا.." ومقولة التجاوز هذه أراد من خلالها بريشت تقويض نظرية الدراما الارسطية، لكن وبنفس المنطق - وبحكم أن عالمنا بات ينظر إلى نظرية بريشت (على اهميتها) كنظرية تقليدية - يمكننا  تطبيق مقولة بريشت ايضا،على نظرية مسرحه الملحمي/الجدلي. يقول د.خالد أمين في سياق تحليله لمنهج الناقد الهنغاري بيتر سوندي "لقد اعتبر هذا المنهج المسرح الملحمي البريشتي أهم انفلات جمالي من التقاليد الدرامية التي هيمنت على الساحة المسرحية الغربية إلى حدود منتصف القرن العشرين، والحال أنه من وجهة نظر مسرح ما بعد الدراما، تعتبر ابتكارات بريشت جزءا لا يتجزأ من التقليد الدرامي رغم انفلاتها منه"(ص 69) وبالتالي يعتبر الباحث كتاب "مسرح مابعد الدراما" لهانس ليمان استمرار لمشروع سوندي لكنه مبني على التجاوز، دون نسيان حضور هاينر مولير واعتبار تجاربه المسرحية لحظة فارقة بين المسرح الملحمي وآفاق ما بعد الدراما.
    فما هي خصائص مسرح ما بعد الدراما؟
     لقد ضمن د.خالد أمين أهم الخصائص تلك مفصلة في كتابه ونجملها فيما يلي :
    - عدم تركيز صناعه على النص الدرامي كموجه للحدث المسرحي، إنه فرجة مخطط لها بشكل تشاركي/تفاعلي - كما أنه ممارسة سياسية باعتباره من البؤر الثقافية القليلة المتبقية التي تكشف الهوة بين التجربة الشخصية والادراك –  اعتماده اللاتسلسل الهرمي كتقويض لهيمنة السرد الاحادي والتطور الخطي للأحداث – اللعب بكثافة العلامات المسرحية وتنوعها، سواء من خلال الاستعمال المفرط أو العكس – انفجار البعد الحقيقي من خلال هيمنة الحضور على التمثيل، كما أن الاحداث والعناصر المكونة للفضاء يمكن ان تؤثر في المنتج النهائي – الطبيعة الموسعة واقتحام الواقعي كبعد آخر في التمثيل المسرحي – التناص أو كتابة المحو على أنقاض كتابات أخرى سابقة وهي خاصية مهيمنة في الكتابات الجماعية للعديد من الفرق المسرحية العربية – الجسمانية : أصبح الجسد مركز الاهتمام في مسرح ما بعد الدراما، ليس كحامل للمعنى ولكن كحضور فيزيقي وحركي – استعمال الجماليات الوسائطية كالفيديو، الفيلم، المؤثرات الصوتية الالكترونية، ميكروفونات، برامج الحاسوب... – وأخيرا، انتشار الدراماتورجية البصرية والتي تفرض نوعا مختلفا من التشخيص.
    ولا يفوت الكاتب في نهاية هذا المحو أن يشير إلى أن "مسرح ما بعد الدراما" ليس نظرية جديدة في المسرح بقدر ما هي مجموعة خصائص ميزت الابداع المسرحي الاوربي والالماني خاصة.. وقد بدأت خصائصه تنتشر في العالم العربي أيضا.
    أما المحور / المبحث الثالث الموسوم – محمد قاوتي ورهانات الاستنبات المسرحي – فعبارة عن مقاربة نقدية للمنهج الحداثي الذي خطه قاوتي من خلال تجربته في الاقتباس وبخاصة نحته نظريا وتطبيقا لمفهوم "الاستنبات" من حيث هو خلخلة للمفهوم التقليدي للاقتباس. ويذهب د.خالد أمين إلى أن صيرورة الاقتباس تستلزم هامشا أكبر من تناسج ثقافات الفرجة، وفي هذا المنحى يبرز اسم محمد قاوتي في المشهد المسرحي المغربي باعتباره مقتبس رائد ومبتكر"يقرأ النص في بنيته الاصلية ويخترقه، ويفك رموزه بتأن، ويفحص إيقاعاته الداخلية، ويدرس مرجعياته الفلسفية والسياسية والجمالية، ويطلع على سياقات تحققه فوق الخشبة، ويدرس ما كتب عنه... وبعد ذلك كله تبدأ الرحلة ذاتها للبحث عن أنجع السبل لاستنبات روح النص في ثقافة فرجوية مغايرة" (ص 89) انها عملية انتقال درامي / فرجوي من مرحلة "احتواء النص" إلى مرحلة "إعادة انتاجه".. بعيدا عن اي تقديس للنص الاصلي بل تفكيكه وتحويل الدلالات والمعاني الظاهرة والضامرة إلى منحى مغاير في تربة ثقافية واجتماعية ومسرحية مغايرة.
    ليتطرق الباحث بعد ذلك إلى تطبيقات قاوتي لهذا التصور، وذلك من خلال تقديم/تحليل لمسرحية "سيّدنا  قْدْرْ" - وهي استنبات لمسرحية "في انتظار كَودو" لصامويل بكيت - وكيف تفوق في محاورة هذا النص قبل استنباته، بدءا من اختيار العنوان. ف"سيدنا قدر" ترميز مكثف لفعل الانتظار في الذاكرة الشعبية المغربية. ناهيك عن ارتباطه بالليلة المقدسة (ليلة القدر) وبالتالي نحن أمام فعل استنبات ينقل النص الأصلي من بنية معتقدية/مسيحية إلى بنية معتقدية/اسلامية. إنه حوار مع المقدس الاسلامي – كما يعبر د.أمين. "سيدنا قدر" بالنسبة لقاوتي يرمز إلى مدلول غائب/متعال... لكنه يشكل مركز الثقل في المسرحية برمتها بالرغم من غيابه. ويوقظ هذا الغياب الرغبة في انتاج المعنى عند المتفرج.
    لقد استطاع د.خالد أمين مقاربة الرؤية القاوتية التفكيكية ورصد استعمال اللغة اليومية لجهة الشاوية مع ابراز انتصار محمد قاوتي للمسرح الذي يفكر. فبعيدا عن البيانات قريبا من الجواب العملي الاستثنائي على اسئلة المسرح المغربي المقلقة، تبلورت تجربة محمد قاوتي كمبدع وكمناضل بهذه الاسئلة محاولا المساهمة في بلورة "حركة مسرحية مغربية/عربية جادة ومواطنة تتفاعل مع الوجدان الفرجوي التراثي دون السقوط في الابتذال والتشيء (...) ودونما سقوط في التقديس والماهوية المطلقة : مسرح يبني جسور التواصل بين الثقافة الشعبية والثقافة العالمة" (ص 84)
    ويبقى أن نسجل بأن كتاب "المسرح ودراسات الفرجة" كمشروع فكري إضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال الابحاث المسرحية والدراسات الفرجوية التي تؤسس لمنعطف نقدي غير تقليدي يتجاوز من جهة المقاربة حدود التفسير والتحليل ليفتح للخطابات المسرحية النقدية من خلال مفاهيمه نقدية متجددة آفاق للاشتباك المتفاعل مع تجارب مسرحية ومقترحات جمالية تنفلت من المألوف لتسلك معبر التطبيع مع وجداننا الفرجوي من جهة وتؤسس لمسرح ما بعد الدراما وحساسيات مسرحية وفنية جديدة من جهة أخرى.
    ----------------------------------------------------------
    1.-د.خالد أمين، المسرح ودراسات الفرجة (طنجة:منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة 2011) ص 56، 57
    2.- نفسه

    عبد الجبار خمران


     مسرحي مغربي مقيم بباريس
    تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption