أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 28 فبراير 2017

برشت و التراث الشعبي في المسرح العراقي والعربي

مجلة الفنون المسرحية

برشت و التراث الشعبي في المسرح العراقي والعربي

فاضل سوداني 

أولا :ملحمية التراث المسرحي العربي 

بالرغم من ان برشت ظاهرة أوربية وان المفاهيم الفكرية والمشاكل الاجتماعية التي عالجها تتعلق بالمجتمع الاستغلالي وصراع الطبقات وكذلك كشف البعد الطبقي للانسان البرجوازي الاوربي ، إلا ان الفنان العربي يجد نفسه قريبا فكريا من مفهوم التغريب والرؤيا التاريخية والوعي الجدلي لهذه ا لمفاهيم بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية و السياسية التي تحرم إنساننا من حريته والعيش في مجتمع الديمقراطية . وبما ان الفن ينشأ لتلبية الحاجات الاجتماعية ، فمن السهولة ان نكتشف في الفعاليات الفنية والثقافية التراثية تلك العلاقة التي تتسم بالحميمية بين المؤدي والجمهور. من هذه الزاوية ينحو المسرح العربي المعاصر لتحقيق تاثيره الاجتماعي والجمالي وبناء الوعي الفكري للإنسان في المجتمع العربي ، وخلق العرض المسرحي الشعبي استنادا الى الغنى والتنوع في الاشكال التراثية الشرقية وارتباطا بمكتشافات المسرح الاوربي المعاصر ومنها المفاهيم الملحمية البرشتية . 
اذن هنالك ممهدات هيأت الجمهور العربي لاستيعاب ظاهرة المسرح ومن ثم تقبل المفاهيم المسرحية الملحمية البرشتية :
يمكن القول بأن المجتمع الإسلامي القديم عرف بعض من الأشكال والممارسات التي تحتوي على الكثير من العناصر ألما قبل الدرامية ، والتي مورست كطقوس وفعاليات ثقافية ، مثل الطقوس والأغاني الدينية المختلفة والرقصات الصوفية الفردية والجماعية، ، وبعد ذلك الأشكال البدائية ما قبل المسرحية.، 
فمن خلال دراسة هذه الجذور المسرحية نستطيع ان نعثر على الملحمية وكذلك على ملامح من التغريب في ذات الوقت والتي يمكن ان تخلق علاقة جدلية ديناميكية بين المؤدي والمشاهد ، وتؤدي به الى ان يتحول الى مشاركا في الحدث ـ الطقس (كان المتفرجون يحتشدون حول مكان الحدث سواء كان الاحتفال ياخذ طابعا دينيا اودنيويا ، من هنا جاءت فعالية المتفرجين القصوى حيث لايحس الواحد منهم انه مجرد مراقب بل هو مشترك ضروري في كل مايحدث امامه. ولهذا فان عملية التقبل والخلق في الفن البدائي كانت تتمان في نفس الوقت )(انظر بوتيتسيفا . ألف عام وعام على المسرح العربي )
ان الحياة الثقافية في الشرق القديم وبالذات الثقافة العربية اعتمدت على الحكاية والسرد الشفاهي ، ولعب الراوي ( الحكواتي)دورا كبيرا ، حيث كان يسرد قصصا تاريخية واقعية او اسطورية متخيلة مشحونة بالحكمة الاجتماعية والفلسفية المستقاة من حكايات الف ليلة وليلة والملاحم والاساطير والحكايات القديمة وحكايات كليله ودمنه والتاريخ العربي والاسلامي ،وتلك البطولات العربية القريبة في عظمتها وغرابة احداثها وعجائبيتها وسحرها التي كانت تضاهي عظمة الالياذة والاوديسة او المهابهاراتا الهندوسية مع اختلاف الزمان والمكان.
ان التطور الذي حدث في اداء الراوي بعد ذلك هو ان حكاياته لم تعد تروى شفاها وانما ارتبطت بنص مكتوب يحمل طابع الحكاية الدرامية القديمة ( كما في حكاية ابي القاسم البغدادي ـ لمؤلفها احمد الازدي ) حيث كتب هذا النص مابين القرن السابع والتاسع الميلادي . والذي يتحدث فيه حواريا عن مختلف الشخصيات والاحداث التاريخية في المجتمع انذاك . وعثر آدم سميث 1902 على هذا النص وترجم للالمانية .(فن التمثيل . د.الاعرجي )
وقد يحدث ان يوجد اكثر من راوي من اجل توصيل الحكاية الى الجمهور ، وقد ابتكروا العديد من الوسائل والاساليب لتوصيل حكاياتهم كالشعر والامثال والنوادر الشعبية والاغاني واللآلات الموسيقية الشرقيةوغيرها. (لقد كانوا يعيدون إحياء الحكاية عن طريق المحاكاة والحركات والإشارات والرقص والتقمص Embodiment والارتجالImprovisation والتشويق الدرامي وفي هذا يكمن الجانب الفني . كان الفعل في القصة يتصاعد نتيجة الاتصال الذي لابد أن يتم بين الراوي والجمهور . وكانت قوانين الطقس والفرجة تفرض على الراوي خلق الاتصال من اجل أن يشترك الجمهور في الحكاية والحدث .) وقد تناقل الرواة هذه القصص على مر الأجيال حتى وقتنا الحاضر ، حيث مازلنا نسمع بعضها من الرواة المعاصين في الاسواق والساحات العامة خاصة في المغرب العربي .ان الراوي في العصور اللاحقة اصبح لا يستغني عن الغناء والشعر فمن خلال الاغنية يقوم الراوي بسرد الاحداث المثيرة ولذلك فان استخدام الاغنية المعبرة يمكن ان يخلق شكلا متميزا للعرض المسرحي الشعبي. 
وحينما احتل الممثل من غير الرواة مركز الطقس ـ العرض المسرحي فان دور الراوي بقي على اهميته
غير ان مهمة الراوي ـ الممثل لم تقتصر على اداء الشخصية وانما عرضها ايضا عندما يخلق تلك المسافة بينه والشخصية ليتحدث عنها وهي خارج التقمص . اضافة الى هذا فان الراوي ( الحكواتي ) يقوم ايضا بتغريب اللاحد ا ث من خلال ابراز تضخيمها وابراز نواقصها .
وعندما استخدم برخت وسائل المسرح الاسيوي ( وخاصة الاغنية والراوي وتغريب الحدث كما في المسرح الياباني ) فانه كان واعيا بأهمية هذه الوسائل في خلق العلاقة الجدلية بين عناصر العرض الملحمي ، وهي تشكل اساسا تمايز التراث الشرقي.
وهنا يؤكد فابيون باورز في كتابه المسرح في الشرق (ان المسرحيات الاسيوية تتطلب وسيلة خاصة للتعبير وتلك هي الراوي ، فالدراما في جميع انحاء آسيا قد نشات من الكتب القديمة والاشعار الملحمية )
ان الجمهور كان مهيأ لمشاهدة اشكالا فنية من تراثه وفولكلوره مادامت هذه الفعاليات تعرض امامه في
اماكن تواجده، ولذلك فانه يتعرف على اشكال تراثه الفني في حياته العامة ، وهذا هو السبب في انسجامه مع (المقامات ) مثلا وهي حكايات غنية بالاحداث الدرامية والمنالوجات والحوارات المثيرة التي تدعوا الجمهور للمشاركة الفعالة فيتحول العرض الى طقس احتفالي جماعي ( وهذا مادفع الطيب الصديقي / والمدني وغيرهم الى استخدامها في المسرح ). وتعتبر( المقامات ) احد الاشكال المسرحية البدائية التي تتطرق للمشاكل الاجتماعية بشكل كوميدي ساخر وتعتمد على (ممثل واحد ) امام جمهور الاسواق العامة والساحات او في قصور الخلفاء.
لكن الطقوس التي لها علاقة بالدرامية والاحتفالية والفرجة هي طقوس كانت تمارس لوقت قريب مثل خيال الظل والحكواتي ، وكذلك التعزية ، باعتبارها طقس ديني ودرامي يخلق الفرجة الشعبية التي تتحقق من خلال العناصر الدرامية الموجودة في هذا الطقس الذي يذكرنا ببعض الطقوس التراجيدية البابلية أو اليونانية القديمة.
وتعتبر هذه الطقوس وخاصة خيال الظل، تعبيرا ديناميكيا عن طبيعة الحياة الاجتماعية والسياسية في المجتمع الإسلامي القديم، لأنها تعكس الواقع بكل قسوته، وتشير إلى المشاكل السياسية والاجتماعية مما يُغني ويحفز الرغبات الداخلية المشحونة بالمواقف النقدية التي يتبناها الإنسان في علاقته بالسلطة، لكن من خلال التركيز على الجانب ألا متاعي والترفيهي والذي يعد تذوقا جماليا متماشيا مع مقاييس المجتمع القديم .وبالتأكيد فإن هذا هو السبب الأساسي لديمومتها في حياة المجتمع الشرقي بالرغم من تعرض القائمين عليها لأشكال مختلفة من الاضطهاد والمنع .
وبتأثير المفاهيم البرشتية للمسرح الملحمي الهادف للمتعة والمعرفة ،أمكننا اكتشاف هذه الوسائل الملحمية بجذورها البدائية في الاشكال التراثية الماقبل المسرحية في التراث العربي، وبهذا فان برشت منح الفنان العربي كيفية البحث في اشكاله التراثية من اجل خلق خصوصية مسرحه المعاصر حيث ومن خلال هذه المفاهيم البرشتية بدأنا البحث عن القيم الدرامية في تراثنا وعن الحكواتي / الراوي و الكوال والاغنية الدرامية والرقص التعبيري وغيرها .. يمكن تحديد اتجاهين في المسرح العربي المعاصر:
1 ) المسرح التراثي
وضع الفنان العربي أمامه مهمة اكتشاف وتحديد المفاهيم والأشكال المسرحية التي تخدم أفكاره الفنية من أجل معالجة مشاكل مجتمعه ، وقد حتم هذا الرجوع إلى التراث القديم مع أهمية الاستفادة من كل تطورات الفن المسرحي الأوربي ، من اجل الوصول إلى أشكال مسرحية بعيدة عن المفهوم الأوربي الغربي . وبما إن المسرح يفترض الروح الجماعية في تحقيق المعرفة واكتشاف الجمال ، لذلك فان الفنان عمد إلى إرجاع المسرح إلى كونه ظاهرة احتفالية شعبية وطقوس يمكن أن تقام في كل مكان ، وحتم هذا أيضا تغير شكل العرض أي استخدام شكل العرض المسرحي المفتوح ، وبالتأكيد فان هذا يتطلب تغير مفاهيم التأليف المسرحي "المعتمدة على مفاهيم أر سطو " .أي تغيير علاقة المؤلف بفضاء النص وبنيتة والمواضيع التي يعالجها وفرض هذا تغيير علاقة المسرح بالجمهور. وبالرغم من أهمية رفض ( مسرح العلبة المغلقة حسب مفهوم المسرح الأوربي ) إلا أن الضرورة تفرض الاستفادة من أشكال المسرح الأوربي وخاصة مسرح برشت الملحمي .
2ـ العرض التراثي الشعبي وافهومة برشت 
تأثر المسرح العربي المعاصر بالكثير من اتجاهات الفكر والمسرح الأوربي وخاصة مسرح اللامعقول
Absurd Theatre في فترة الستينات من هذا القرن كمسرح يونسكو ، بيكيت ، آدا موف مما فرض مفاهيم جديدة على الجمهور العربي ، فقد كتب توفيق الحكيم مسرحية ياطلع الشجرة ،ومسرحية الفرافير والمهزلة
الأرضية ليوسف إدريس و مسرحية الوافد ، والخطاب لميخائيل رومان ، وبالرغم من وجود بعض المعقولية
في الأحداث وعلاقات الشخصيات الا أن هذه المسرحيات كانت تحاول التعبير عن عبثية الحياة بمفهومها الغربي (حسب د. حياة جاسم - الدراماالتجريبية في مصر )
ولكن سرعان ماإنحسرت هذه المفاهيم ، لأنها كانت غريبة عن الهموم الحقيقية للإنسان العربي المبتلى بمشاكله الاقتصادية والسياسية والفكرية وأنظمته الدكتاتورية التي تحرمه حريته وحقوقه . فعبثية الحياة العربية متأتية من الخلل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وشيزوفرينيا الذات العربية ، وليس هنالك غربة حقيقية بالمفهوم الأوربي في المجتمع العربي .
وضمن التزام المؤلف العربي بمعالجة مشاكل مجتمعه انطلاقا من واقعه ، واستخداما لتراثه الغني مع التطبيق التقليدي للمفاهيم البرشتية أدى في فرض الالتزام السياسي ـ الاديولوجي في الكثير من المعالجات لدرجة وصف فيها المؤلف المصري الفرد فرج بانه كاتب برشتي ، ويمكن ملاحظة الكثير من التأثيرات البرشتية عليه وخاصة في مسرحية ( علي جناح التبريزي وتابعه قفا ) واتهمها الكثير من النقاد بانها اقتباسا من مسرحية (السيد بونتلا وتابعه ماتي ) . وتؤكد د. لميس العماري بان موضوع وهدف مسرحية المؤلف الفرد فرج ليس بعيد عن مسرحية برشت ( بونتلا ) ولكنها ليست اقتباسا لها . لهذا يمكن اعتبارها مسرحية عربية تراثية تستخدم بعض مقومات الكتابة المسرحية البرختية .


ثانيا :في فضاء الكتابة و العرض المسرحي 

امتلك فن الاخراج المسرحي أهميته في القرن العشرين ، حتى بات يطلق على المخرج ، بانه الخالق والمبدع لقوانين العرض المسرحي ، والواعي لتطور الطبيعة والمجتمع . وبات المخرج يفرض وجوده على كل العناصر الفنية الاخرى التي تدخل ضمن العملية الابداعية للعرض ، بما فيها النص ايضا . ومن المنطقي القول بان لكل عصر مؤلفه الواعي ، فكذلك يمكن القول بان المخرج يمكن ان يكون مؤلفا ثانيا للنص . من خلال استخدامه للوسائل الفنية الاخرى في العرض ، وقد حتم هذا اهمية مسرح برخت الملحمي وبالذات مبدأ التغريب في المسرح للتعبير عن مشاكل الانسان العربي المعاصر.
وفي الوطن العربي يمكن القول بانه في ثلاثينيات وأربعينيات هذا القرن بدأ الاخراج المسرحي في المسارح العربية يتحول الى مهنة تتطلب ثقافة خاصة وتجربة غنية . 
وفي كل بلد عربي هنالك اتجاهين في الاخراج المسرحي : الاول ، نقل لربرتوار المسرح الغربي وعرض مسرحيات اوربية ذات طابع انساني شمولي ، تبدو بعيدة عن مشكلات المسرح العربي الذي مازال بعيدا عن الاغتراب في المجتمع الاوربي . والاتجاه الثاني: استخدام الاشكال التراثية والفلوكلورية العربية والشرقية واشكال ماقبل المسرح في محاولة لتأصيل المسرح 
(لكن التعرف الحقيقي على برشت والمسرح الملحمي من قبل الفنان العربي كانت في فترة الستينات من القرن الماضي، وجرت اولى التجارب لتقديم المسرح البرختي في مصر من خلال نص دائرة الطباشير القوقازية الذي اعده صلاح جاهين . وكان سعد اردش من الاسماء الاولى في اخراج بعض مسرحيات برشت .) 
وبتاثير المسرح السياسي والمسرح الملحمي البرشتي استخدم المخرج العربي الكثير من الوسائل التي تخلق العلاقة بين المتفرج والعرض المسرحي : كالمسرح داخل المسرح . او توزيع الممثلون في الصالة وجعلهم جزءا من سينوغرافيا العرض المسرحي حيث يجلس الجمهور حول خشبة المسرح ويصبح العرض دائريا ، كما في مسرحية" المهرج " للسيد الشوربجي والفرافير ليوسف ادريس . وبعد ان يموت الملك لصلاح عبد الصبور . ومسرحية الليلة نضحك لميخائيل رومان . وامتد هذا التاثير كذلك على تجارب المخرج العربي مثل الطيب الصديقي ونجيب سرور وكرم مطاوع وابراهيم جلال ، سامي عبد الحميد ود.صلاح القصب و د.فاضل خليل وفاضل سوداني وسهام ناصر ويعقوب شدراوي وريمون جباره ونضال الاشقر وقاسم محمد وعز الدين قنون وفاضل الجعايبي ومحمد ادريس وصقر الرشود . ولم يقتصر التاثير على المسرح المشرقي وانما كان له تاثيره في المغرب العربي ايضا .
فمن المتاثرين ببرشت في المسرح الجزائري الروائي والمؤلف المسرحي كاتب ياسين الذي عاش في فرنسا ابان الاحتلال الفرنسي لبلاده وساهم هناك في الدفاع عن قضية شعبة أمام القارئ الفرنسي من خلال رواياته الشهيرة مثل رواية" نجمة "التي حاز عليها عدة جوائز وكذلك مسرحياته كمسرحية :الاجداد يزدادون شراسة. ومسرحية مسحوق الذكاء . والجثة المطوقة ، التي تناقش عنها مع برشت عند زيارة البرلين انسامبل الى باريس عام 1955 . وبعد التحرير أصبحت نظرته كوسموبولوتية (عالمية ) وبدأ في الكتابة التي تخدم نضال الانسان عموما كما في مسرحية " الرجل ذو الحذاء المطاطي " التي كتبها عن نضال الشعب الفيتنامي انذاك . وقد انتقل للعيش في بلاده نهائيا وترك الكتابة بالفرنسية واستقر بين الجماهير الفقير ة في الريف وبدأ بالكتابة عن همومها ( حتى وفاته ) . ومشاكلها وخاصة قدرية التخلف المتأتي من التزمت الديني السلفي وأثره في المجتمع الجزائري بعد الاستقلال . وقد استفاد كاتب ياسين من المسرح البرشتي ، لانه يعتبر برشت فنانا ديالكتيكيا واعطى اهمية كبيرة لاستخدامه في المسرح الجزائري والمسرح العربي لكن بشئ من الحذر .( غير ان مبدأ التغريب الذائع الصيت لايمكن الاستفادة منه في ظروف الجزائر ، لان الجمهور في بلادنا ـ خلافا للجمهور البرجوازي الالماني الذي صاغ برخت هذا المبدأ من اجله ـ لم يتشوه بعادة الاندماجEmpathy مع الحدث او الشخصية . ان هذة العدة لاتشكل خطورة بالنسبة لنا .ولهذا فنحن نحذفها من قائمة استفادتنا من مسرح برخت الملحمي )
ان هدف التغريب لايعني فقط الحيلولة دون حدوث الاندماج بين الشخصية والجمهور . التغريب هو جزء عضوي من نظرة ديالكتيكية للعالم ، وهذه النظرة هي التي تتحكم في عملية الخلق الفني برمتها . انه في الواقع موقف من الحياة .(كما كتبت د. لميس العماري )
وبالرغم من اهمية عنصر التغريب في المفاهيم البرشتية وتكيفها لتنسجم مع الكثير من الثقافات والمسارح لمختلف البلدان ، إلا ان اطروحة كاتب ياسين وحذره من استخدام التغريب في المسرح الجزائري لها اهميتها 
في الوقت الحاضر وتمتلك مكانتها في المناقشات عند ما تحتم الضرورة اعادة صياغة المفاهيم المسرحية الجديدة للمسرح العربي . 
ويعتبر المؤلف والمخرج المسرحي عبدالقادر علولة ( اغتيل في الجزائر دفاعا عن حرية الفن والديمقراطيةوضد الظلامية ) واحد من اهم المخرجين العرب والجزائريين الذين يعملون على تكييف افكار برخت وانجازات المسرح الملحمي للجمهور الجزائري من خلال ربطها مع المخزون الهائل من التراث والثقافة العربية . معتمدا على أهم وسائل التوصيل التي تحقق العلاقة الفعالة بين الفنان والمشاهد . ولهذا فانه يبحث في التراث الجزائري والعربي عن تلك الاشكال الماقبل المسرحية او المسرحية وربطها بمفاهيم المسرح الملحمي التي تنسجم مع متطلبات عرض مسرحي لجمهور ومجتمع ليس اوربيا . وقام علولة باحلال وظيفة الكوال بدل الراوي البرختية وهي شخصية يمكن ان نجدها في التراث الشعبي العربي وتراث المغرب العربي بالتحديد . ومهمة هذه الشخصية هي رواية وتمثيل الاحداث والقصص التاريخية التي لها مكانتها في الذاكرة الشعبية وكذلك الاحداث المعاصرة في الاسواق والساحات العامة وا ماكن تجمع الناس الذين يشكلون جمهوره عادة . و يمكن حتى يومنا هذا مصادفة الكوال في اسواق المغرب العربي الشعبية وهو يقص على الجمهور حكاياتة التاريخية او المعاصرة مازجا اياها ببعض المشاكل السياسية التي تثير جماهير السوق .. وبهذا فان الممثل في مسرحيات هذا المخرج اصبح كوالا ووظيفته " كراوية " اصبحت اكثر تأثيرا ، عندما امتزجت بتقنية التجربة العالمية ، بحيث اصبح الكوال يلعب الدور الاساسي في الحدث.واصبح العرض المسرحي سرديا وبهذا فانه اقترب من المسرح الملحمي البرختي. فيقوم الراوي ( الكوال ) بكسر مجرى الاحداث ليس في النص فحسب ( ان المخرج علولة هو الذي يكتب ويعد مسرحياته عادة ) وانما في الاداء والعرض . ولهذا فان الممثلين هم رواة اوكوالون ، اضافة الى كونهم يؤدون اكثر من دور . ( ويعتبر هذا تحولا جديدا في المسرح الجزائري والعربي عموما) ومن اجل التأكيد على كسر الايهام في الحدث والاداء ، فان علولة يمزج في عروضه بين ماهو واقعي وماهو رمزي ، بحيث يتم التاكيد للجمهور بانهم في مسرح وان هنالك ممثلون على الخشبة يروون حكايةما .فالمسرح لايكتفي بالسرد من قبل الراوية وانما يجب ان يخضع كل شئ لمتطلبات اللغة المسرحية بحيث يخدم المشكلة الاجتماعية . وبغية الوصول الى تغريب الحدث والشخصية فان المخرج الجزائري يعمد الى خلق تلك المسافة بين الممثل والشخصية باستخدام صيغة الشخص الثالث كما هو الحال لدى برخت . أي ان الممثل يمثل الشخصية ويستعرضها بشكل مبدع وليس بشكل ميكانيكي . وبهذا فان الجمهور يمتلك تصوره عن الشخصية . واستمر التأثير الكبير للمسرح البرشتي على الفنان العربي وجمهوره ايضا نتيجة لطموحات هذا المسرح الفكرية والسياسية في العمل على تغير وعي الإنسان وعلاقاته بالمجتمع ، وقد تأثر الكثير من المؤلفين المسرحيين بأفكار برشت بهدف كتابة مسرحية للكشف عن طبيعة المشاكل الاجتماعية والسياسية التي تعاني منها مجتمعاتهم مثل سعد الله ونوس ،نجيب سرور ، يوسف إدريس يوسف العاني قاسم محمد الطيب الصديقي ومحمود دياب جلال خوري و الفريد فرج ، عزالدين المدني و عبد الكريم بورشيد ، عبد العزيز السريع ، نو الدين فارس وعادل كاظم وغيرهم . مما ادى هذا الى تشكيل ملامح عرض مسرحي عربي بتأثير التغريب البرختي في ربرتوار المخرج العربي . ومازالت الكثير من العروض العربية تنهل من المفاهيم البرشتية سواء كان ذلك في الاسلوب الملحمي للكتابة اوالفكر الاخراجي لصورة العرض المسرحي .


عروض مسرح الأطفال وفنون الخفة في "ربيع الثقافة"... مع "رحلة إلى كوكب الحواس" وسيرك "إدغار غروول"

هبة طوجي تحقق نجاحاً باهراً في عرض مسرحية ” نوتر دام دو باريس”

مجلة الفنون المسرحية

هبة طوجي تحقق نجاحاً باهراً في عرض مسرحية ” نوتر دام دو باريس”

تحقق النجمة اللبنانية العالمية هبة طوجي نجاحاً غير مسبوق وذلك بعدما احتضنت “تايوان” سلسلة من عروض مسرحية ” نوتر دام دو باريس” والتي تلعب هبة دور ازميرلدا فيها.
المسرحية افتتحت حفلاتها بـ “تايوان” بـ 24 شباط (فبراير) الحالي وقد تم تقديم خمس عروضات حتى اليوم كانت كلها كاملة العدد.
النجاح الذي تحققه هبة في تايوان لم يقتصر على عرض المسرحية فقط بل ان الجمهور كان ينتظرها بالخارج لاكثر من ساعة لالتقاط الصور معها واخذ توقيعها. وكانت هبة خلال الايام الماضية حديث الشارع في تايوان وقد تناولت المحطات الاخبارية هذا الحدث المهم واطلالة هبة المميزة فيها.
سيستمر عرض المسرحية في تايوان حتى 5 آذار (مارس) المقبل لتعود وتستكمل المسرحية نجاحها العالمي بعدة عروضات في باريس، ثمّ جنيف ثم يحل فريق عمل المسرحية ضيفاً في لبنان خلال الصيف حيث ستحيي “نوتر دام دو باريس” 4 عروضات بين 8 حتى 11 من شهر تموز/يوليو المقبل ضمن مهرجانات جونيه.
ولم تختلف الآراء حول عرض «نوتر دام دو باريس» فأتت كلها لتجمع على هذا العمل المتجذر بثقافة المسرح الفرنكوفوني وعلى رونقه الذي لم يخفت ولو للحظة بعد انقطاع عن العرض دام ستة عشر عاماً.
النقاد على اختلافهم من إعلاميين، صحفيين، منتجين سينمائيين وموسيقيين، فنانين عالميين والجمهور ملأوا المسارح منذ العرض الأول وخرجوا بمقالات ومقابلات، فضلاً عن آراء غصت بها مواقع التواصل الاجتماعي اشادت بتكامل العمل بدءاً من النص مروراً بالأداء المسرحي وحسن اختيار المواهب التي أعادت الحياة لأحدب نوتردام.
أما إزمرلدا التي أتت محمّلة بثقافة الشرق الموسيقية والمسرحية، فكانت محط الإعجاب الأكبر لنقاد الغرب ورواد مسارحه، إذ لم تخيب ابنة المسرح الرحباني، هبة طوجي الآمال الكبيرة التي عُلقت عليها، فباتت حديث المحطات والمواقع والمجلات الأوروبية، وفازت بإعجاب وتقدير أبرز مدراء القطاع الفني والمختصين في عالم المسرح الذين أشادوا جميعاً بالطاقة التي بعثتها هبة في شخصية إزمرلدا.
ففي ما عرضت قناة الـ TF1 تقريراً خلال نشرة أخبارها وصفت فيه هبة بالرائعة، تناولت محطة الـ M6  أيضاً خلال وثائقي من 15 دقيقة مسيرة هبة كاملةً منذ بدايتها في بيروت مع أسامة الرحباني وحتى وقوفها على المسرح الفرنسي.  هذا وذهب البعض إلى اعتبار أن هبة تفوقت حتى على الفنانة هيلين سيغارا لناحية بثها روحاً شابة تنبض بالحياة على المسرح.
هبة التي لا تزال تحصد النتيجة المبهرة للتحضيرات المكثفة التي خضعت لها في سياق هذا العمل المسرحي، وسنوات التمرينات المكثفة والجهد اللذين أوصلاها اليوم لموقع فني متقدم عالمياً، تستمر بتقديم العروض في المناطق الفرنسية قبل أن تنطلق الجولة المكوكية للعمل في بلدان عديدة حول العالم. أما الجدير بالذكر فكان كشف الفنان أسامة الرحباني عن اختيار هبة لدور إزمرلدا من قبل كاتب العمل «لوك بلاموندون» مباشرة بعد مرورها الأول في برنامج «ذا فويس- فرنسا» ضمن فقرة الاختبار وهو أمر غير مسبوق، فكان اجماع من فريق عمل «نوتردام دو باريس» على إسناد الدور لهبة قبل أن يتم حتى اختيار الممثلين الآخرين.



ثلاثة في غرفة بيروتية يواجهون الحب والحرب والفراق

مجلة الفنون المسرحية

ثلاثة في غرفة بيروتية يواجهون الحب والحرب والفراق

الكاتب والمخرج كميل سلامة يأخذنا عبر مسرحيته في رحلة إنسانية يتنقل فيها بين الدموع والضحك وصولا إلى المشهد النهائي التراجيدي.

 في جو من البساطة المؤثرة التي يمتزج فيها الألم بالضحك تتكشف أحداث مسرحية “… كلكن سوا” التي تعرض هذه الأيام بالعاصمة اللبنانية بيروت، والتي تحاول معالجة معضلة الحب والصداقة والعواطف المكبوتة وسوء التفاهم ووقوف الإنسان عاجزا أمام رهبة الموت.
على مدى نحو ساعة يأخذنا الكاتب والمخرج كميل سلامة في رحلة إنسانية يتنقل فيها بين الدموع والضحك، وصولا إلى المشهد النهائي التراجيدي الذي تقاسم فيه الجمهور وأبطال العمل الثلاثة الدموع عفويا.
قبل العرض يطالع المشاهد نبذة عما هو مقدم على مشاهدته بمسرح “دوار الشمس” وسط بيروت في كتيب صغير جاء فيه “في حرب ما… في مكان ما… في زمان ما… المتقاتلون في الشوارع قلة والمختبئون في البيوت كثر… صديقان علقا في بيت أحدهما… الأول وحيد في بيته فعائلته هربت إلى المهجر… والآخر بعيد ببضعة شوارع عن زوجته وأولاده… صديقا المدرسة والجامعة في الماضي، وزميلا العمل اليوم يستحضران ذكرياتهما بين القذيفة والأخرى… وتعود الذكريات التي جمعت يوما الصديقين والزوجة وتبدأ الحكاية تظهر بوضوح… حرب… ذكريات… حب… فراق… صداقة. وفي لحظة ما يحدث ما يغير قدر الإنسان”.
ما بين الماضي والحاضر يفهم الجمهور الذي لم يكظم انفعالاته في مختلف مراحل المسرحية القصيرة والمكثفة أن رواد ومروان في الواقع يحبان ليلى الحائرة ما بين حبها القديم لمروان الذي خذلها وحبها لزوجها رواد الذي ستعبر عنه فقط لحظة وفاته
يقوم ببطولة مسرحية “… كلكن سوا” بديع أبوشقرا ورودريج سليمان وباتريسيا نمور الذين جسدوا على خشبة المسرح صداقة متينة تجمعهم منذ سنوات طويلة وقد شكلوا معا فريق عمل متجانس.
تدور القصة حول صداقة قديمة وحميمة تجمع بين رواد (بديع أبوشقرا) ومروان (رودريج سليمان) على الرغم من التناقض الكبير بين الشخصيتين ولا سيما في طريقة تعبيرهما عن الغضب والحب والخيبة ومختلف التفاصيل اليومية الصغيرة.
رواد يعبر بانفعال مفرط ولا يخجل من البوح بأحاسيسه كاملة من خلال الكلمات النابية في وقت نشاهد فيه مروان هادئا حتى البرودة ويعيش وحدته وخيبته الكبيرة في الحياة داخليا من دون الإفصاح عنها.
رواد متزوج من ليلى (باتريسيا نمور) التي لم تعترف له بحبها يوما، ولا تعبر عن أحاسيسها تجاهه على رغم حاجته الكبيرة لحنانها وحبها. مروان منفصل عن زوجته الأميركية التي قدمت له جواز السفر الأجنبي ولكنها لم تقدم له يوما الحب ويعيش وحدة قاتلة بعدما أخذت الأولاد معها إلى الولايات المتحدة.
هكذا تنقلنا المسرحية بين شخصيتين على اختلافهما يرسمان صورة متكاملة للواقع الإنساني اليوم، بأسلوب رشيق يعتمد تقنية الاسترجاع الفني -الفلاش باك- وتقطيع المشاهد، فيكتشف الجمهور رويدا رويدا القصة الكاملة لشخصيات تعيش في الواقع قدرا موحدا نتيجته الحتمية هي موت رواد مصابا برأسه برصاصة قناص.
وما بين الماضي والحاضر يفهم الجمهور الذي لم يكظم انفعالاته في مختلف مراحل المسرحية القصيرة والمكثفة أن رواد ومروان في الواقع يحبان ليلى الحائرة ما بين حبها القديم لمروان الذي خذلها وحبها لزوجها رواد الذي ستعبر عنه فقط لحظة وفاته.

وفي اللحظة الأخيرة والحاسمة يسمح مروان لنفسه -وللمرة الأولى في حياته- بأن يتفوه بجملة نابية في اللهجة اللبنانية، أخذ كميل سلامه الجزء الأخير منها ليضع عنوان المسرحية “… كلكن سوا”.

-----------------------------------------
المصدر :جريدة العرب

الأخوان ملص لاجئان بولنديان في مسرح باريسي

مجلة الفنون المسرحية

الأخوان ملص لاجئان بولنديان في مسرح باريسي

عمار المأمون

الأخوان ملص مازالا منذ بداية 'مسرح الغرفة' في دمشق يعتمدان على تقنيات الإضحاك الجسدي والمفارقات اللغوية، فالمبالغة بالأداء أحياناً تحضر بوصفها بديلاً عن العامل اللغوي.

لم يتوقف الأخوان السوريان أحمد ومحمد ملص عن العمل والإنتاج الفني منذ مغادرتهما لسوريا، سواء على الصعيد السينمائي أو المسرحي، فالعديد من أفلامهما عرضت في مهرجانات عالميّة، ونالت عددا من الجوائز، حالياً عاد الأخوان للعمل المسرحي، إذ يشهد مسرح “بيكسل” شمالي باريس عرض “اللاجئان” للأخوين ملص، ضمن مقاربة تراجو-كوميدية لوضعية اللاجئين في فرنسا والمعاناة والصعوبات التي يواجهونها في مدينة الأنوار.

اعتمد الأخوان في العرض على الإطار العام فقط لنص “المهاجران” للبولندي سلافومير مروجيك عبر دلالات المكان والحدث الذي يفتتح العرض، في حين أن الموضوعات وطبيعة الأداء المرتبط بشخصية “اللاجئين” كانت من اختيارهما، وأول ما يبرز في العرض هو استخدام اللغة الفرنسية بوصفها العقبة الأولى أمام المهاجرين الجدد، وخصوصاً أن “اللاجئين” يتحدثان الفرنسية فيما بينهما، فلا لغة تواصل سوى لغة “الآخر” الغريب، ولا يجمع بينهما سوى الحنين للعائلة، والصعوبات البيروقراطية والاجتماعية، إلى جانب الحلم بأن يكونا “فرنسيين”.

هذه الموضوعات على اختلافها تلامس الجانب الحياتي والمعيشي للمهاجرين واللاجئين، بوصفهم خاضعين لهيمنة النظام البيروقراطي الفرنسي، ويتشاركون عوالم الوحدة التي تعمّق مأساتهم، والوهم بأن العالم لا بدّ أن يصبح أفضل، ولا بد لهم أن يروا الشمس حسب تعبيرهما.

العرض يقدم الحلم الرومانسي المرتبط بباريس، الموسيقى والمسرح والسينما والنزهات في الشوارع والوقوع في الحب وغيره من التخيلات المرتبطة بالمدينة، كذلك يرسم الصورة النمطية والتعميم الذي يمتلكه الكثير من اللاجئين بأن الحياة في العاصمة الفرنسية شكلها كما الأفلام السينمائية
العرض يصور جانبين من فرنسا، الأول المرتبط بالصورة النمطية المثاليّة وسعي “المهاجرين” لتقمص هذا المتخيّل، والآخر يمثل الجانب الأقل إشراقاً، المعاملات الورقية المعقّدة وصعوبة الحياة والتعامل مع “الآخر”، فهاتان المقاربتان تنطبقان على كافة “الغرباء” باختلاف مرجعياتهم، صيغة الضحية لا يمكن الفكاك منها، مهما كان البلد أو المكان الذي أتى منه هذا الغريب، فالجميع متساوون بوصفهم ضحايا الأنظمة القمعية التي تكتم أنفاسهم، وضحايا “النظام” الجديد وتقنيات الاندماج التي يستخدمها.

ما زال الأخوان ملص منذ بداية “مسرح الغرفة” في دمشق منذ عدة سنوات يعتمدان على تقنيات الإضحاك الجسدي والمفارقات اللغوية، فالمبالغة بالأداء أحياناً تحضر بوصفها بديلاً عن العامل اللغوي، فلا مهارة جسدية في الحركات الرياضية أو الرقص، وبالتالي الإبهار أو الاستعراض للقدرة الجسدية ليس الهدف، بل نراهما يلجآن للمقاربات الكاريكاتورية وتضخيم العيوب بوصفها عيوبا، لا لانتقادها، بل لخلق روتين الإضحاك والاعتماد على مرجعية المتلقي عن الشخصية النمطية المرتبط باللاجئ من جهة، وبالمؤدي المسرحي من جهة أخرى.

العرض يقدم الحلم الرومانسي المرتبط بباريس، الموسيقى والمسرح والسينما والنزهات في الشوارع والوقوع في الحب وغيره من التخيلات المرتبطة بالمدينة، كذلك يرسم الصورة النمطية والتعميم الذي يمتلكه الكثير من اللاجئين بأن الحياة في العاصمة الفرنسية شكلها كما الأفلام السينمائيّة، وأغلب الصعوبات التي يمر بها اللاجئون هي نتيجة هذا الاختلاف بين الواقع وبين الصورة المتخيّلة، وهنا تكمن معالم الرومانسية، حيث يتنامى الوهم المثالي، ويبقى الواقع عقبة في وجه الوصول إليه، لنرى الانعكاسات النفسية المرتبطة بهذا النوع من الفصام، موجات الغضب المفاجئة، ادّعاء القوة وعدم الحاجة للآخر، ثم فجأة، الانهيار العاطفي والرغبة في الوقوع في الحب، ليُطرح التساؤل، أمن الممكن أن تكون في باريس ولا تقع في الحب؟

لا يمكن إنكار شجاعة الأخوين ملص وتقديم عرض باللغة الفرنسية لجمهور فرنسي، والقدرة على “إضحاكهم”، عبر تلمّس معالم الثقافة الفرنسية والحياة اليومية في فرنسا، كالميل للعزلة لدى الفرنسيين، والبرمجة المسبقة لحياتهم اليومية التي ينطبق عليها مثل “ميترو، عمل ثم نوم” (Métro boulot, dodo) إلى جانب الإضرابات الكثيرة التي تشهدها وسائل النقل، فالكوميديا لم تكن فقط نتيجة وضعية “اللاجئ” والمفارقة بينه وبين “الفرنسي”، بل أيضاً عبر توجيه الانتقادات للمجتمع الفرنسي بصيغة مبالغ فيها، وتعكس بعض جوانب الصحة بالصورة النمطيّة، والتي لا يمكن سوى للغريب تلمّسها، في حين أن من يمارسها لا تتضح له، بوصفها تنتمي لمنظومته القيميّة.

--------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب

الممثلة المغربية فاطمة الزهراء أحرار : المسرح الجزائري قريب من مسرحنا ويعرف انتعاشا ملحوظا

مجلة الفنون المسرحية

الممثلة المغربية فاطمة الزهراء أحرار :  المسرح الجزائري قريب من مسرحنا ويعرف انتعاشا ملحوظا

حاورتها : وردة زرقين 

كسرت الجدار مع الجمهور في أدوارها الكوميدية، بحيث لقًبها جمهورها بسندريلا، ورغم صغر سنها، أدت العديد من الأدوار المسرحية والتلفزيونية المغربية والعالمية، كما اشتغلت عضوا في لجنة التحكيم في العديد من المهرجانات، بالإضافة إلى ذلك تحّضر حاليا لإخراج فيلم سينمائي مغربي، إنها الممثلة المغربية فاطمة الزهراء أحرار التي جاءت إلى وادي سوف لمشاركتها في الأيام المغاربية للمسرح في طبعتها الخامسة كعضو في لجنة التحكيم، التقتها "المساء" وأجرت معها هذا الحوار.

❊ هل لك أن تحدثينا عن مشوارك الفني؟

— أولا أعرّف بنفسي؛ أنا ممثلة مغربية خريجة معهد الفنون الدرامية من عائلة فنية بالمغرب. أما عن مشواري، فقد شاركت في عدة مسرحيات منها "لعبة الحب"، وهي قصة عالمية للكاتب الفرنسي ماريفو، مسرحية "لالة بنتي"، بالإضافة إلى أعمال تلفزيونية درامية، منها الفيلم السينمائي "التائب" و«ساعة الجحيم". كما اشتغلت في أعمال جامس بوند ومثلت في فيلم هولندي تم تصويره في روتردام، إضافة إلى فيلم آخر فرنسي بعنوان "معاناة مهاجر". كما مثلت مع الفنانة العالمية مريم عباس في فيلم إنجليزي، واشتغلت لشكسبير، تشيخوف، ومسرحيات مغربية، كما مثلت في "سيت كوم" في رمضان في دور كوميدي، حينها لقبني الجمهور بسندريلا.

❊ هل تفضلين الوقوف أمام كاميرا التلفزيون أو على خشبة المسرح؟

— أعشق المسرح ومواجهة الجمهور، لأنني أحب استفزازه، كما أن هناك فرق شاسع بين المسرح والدراما التلفزيونية، فالمسرح هو جرأة ومواجهة، وهو يُّعلم سرعة البديهة والملاحظة لكسب الشخصية القوية، وأغلب أعمالي كانت حول الدراما وقريبة من الجمهور. في المقابل، أعشق الأعمال الاجتماعية الإنسانية، لأن جمهوري يفضلني في هذه الأدوار. كما أفضل الأدوار المركبة والصعبة، لأن الأدوار السهلة لا تضيف شيئا للفنان، فالدور المركب والصعب والبعيد عن شخصية الفنان يجبره أن يجتهد في أدائه، كما أنني أديت دورا كوميديا في مسرحية عالمية "لعبة الحب" نلت من خلاله جوائز كثيرة.

❊ مَن مِن الممثلات تأثرت بهن فاطمة؟ 

— أعشق السندريلا سعاد حسني وأغلب جمهوري يّشبهني بروح هذه الفنانة، كذلك منى واصف التي لها أدوار مركبة، والممثلة المسرحية المغربية ثريا جبران التي أسميها نمرة المسرح في المغرب وهناك الكثيرات.

❊ هل لك مشاركات في المهرجانات؟

— نعم شاركت في مهرجانات وطنية ودولية، كما تم تعييني  عضوا في لجنة تحكيم في مهرجان السينما الوثائقي، مهرجان الأفلام القصيرة السينما المغربية، وكذلك مهرجان الأقصر بمصر، ونلت العديد من التكريمات والجوائز داخل وخارج الوطن، منها تكريمي في مهرجان السينما يالقاهرة مؤخرا، وكذلك في محافظة المنيا بمصر وغيرها.

❊ ماذا تعني لك هذه التكريمات والمشاركات رغم صغر سنك؟  

— أنا لا أفضل تسميتها تكريما نظرا لصغر سني (27 سنة)، فأنا لا أمثل شيئا أمام أهرامات وفناني المغرب، يمكن أن أسميه احتفاء لأن التكريم هو مسؤولية يتحملها الفنان ورد الاعتبار له، فهذا يحفزني على أن أكون دائما في المستوى اللائق سواء في الأعمال الفنية أو مع الجمهور داخل وخارج الوطن.

❊ أول مرة تزورين الجزائر وتكتشفين المسرح الجزائري، كيف ترينه؟

— أول مرة أزور الجزائر وهذا شرفي لي، وأنتهز الفرصة لأشكر الجمهور الجزائري على حفاوة الاستقبال وحسن الكرم انطلاقا من المطار، وخصوصا منطقة الوادي، وهذا شيء يعرف به الشعب الجزائري. أما عن المسرح الجزائري فهو قريب جدا من المسرح المغربي وفيه تشابه وتقارب، ثم المسرح الجزائري في تقدم ويعرف انتعاشا ملحوظا، والدليل على ذلك العرض المسرحي "أنا والماريشال"، كان عرضا جميلا ونافس العرض المسرحي التونسي "جانت"، حيث كان عليهما جدال مع لجنة التحكيم، استمر لثلاث ساعات، وفي الأخير يبقى دائما العرض الأحسن هو من ينال الجائزة. وعن المهرجان كان متميزا ببصمته في الطبعة الخامسة بعروض مختلفة وراقية، والجوائز كانت في محلها والجمهور كان راضيا على لجنة التحكيم والنتيجة. 

❊ ما هو شعورك وأنت عضو في لجنة التحكيم مع هذه القامات الكبيرة رغم صغر سنك؟

— أنا جد سعيدة بتواجدي في لجنة التحكيم مع هرم من أهرام المسرح الجزائري، الأستاذ عمر فطموش والفنان المقتدر منجي بن إبراهيم من تونس، والفنانة القديرة ونمرة المسرح الليبي سعاد خليل، يشرفني أن أكون من بين هذه القامات الكبيرة، هذا شرف لي، وقد استفدت من هذه اللجنة، فهذا العمل يُضاف لي في سيرتي الذاتية، كما ساد المرح والانسجام بين أعضاء اللجنة، وكانت لنا نفس الملاحظات ونفس الآراء من حيث الإيجابيات والسلبيات. 

❊ هل من مشاريع في الأفق؟

— أقوم حاليا بتصوير فيلم سينمائي "رداد فراشة" للمخرج إسماعيل بوحوس، وقد شاركت مؤخرا في سلسلتين لرمضان؛  "إضراب نار" و«النصيب"، وأحضر لفيلم سأقوم بإخراجه وهو فيلم اجتماعي سياسي.

❊ هل من كلمة ختامية؟

— أنا جد سعيدة بتواجدي في الجزائر من خلال هذا المهرجان الذي أتمنى أن أكون قد أضفت شيئا له، كما أشكر الجمهور الجزائري على حسن الاستقبال والاستضافة، ونحن الشعب المغربي والشعب الجزائري إخوة، أشعر أنني خرجت من بلدي وأهلي في المغرب ودخلت عند أهلي في الجزائر، أشكر التكريم الذي حظيت به من طرف إدارة المهرجان، فهذا التكريم ليس لي فقط وإنما هو تكريم لجميع الفنانات المغربيات وللإبداع المغربي ولبلدي المغرب، دون أن أنسى الشكر الجزيل لجريدة "المساء" على هذا اللقاء الجميل.  

-------------------------------------
المصدر : المساء 

الفنان المسرحي عمر فطموش : لابد من التكوين وتحرير المسارح الجهوية من التقيد القديم

مجلة الفنون المسرحية

الفنان المسرحي عمر فطموش :  لابد من التكوين وتحرير المسارح الجهوية من التقيد القديم

حاورته: وردة زرقين

المسرح أبو الفنون، وتملك بلادنا أجمل المسارح في العالم بما يقدر بـ19 مسرحا جهويا. كما تحوز ذخيرة أدبية قوية، لكن الإشكال الموجود أن المسرح الجزائري رغم أنه في ورشة كبيرة وله تجارب كبيرة، لم يصل إلى ما وصل إليه المسرح التونسي والمغربي في المغرب العربي.«المساء» التقت الفنان المسرحي ومدير مسرح بجاية سابقا،  الأستاذ عمر فطموش، خلال الأيام المغاربية للمسرح بوادي سوف، وكان هذا الحوار حول تقييم المسرح الجزائري ونشاطه وممارسته المسرحية وكذا الهياكل المسرحية.

❊ كيف تقيّمون المسرح الجزائري منذ ظهوره إلى يومنا هذا؟

❊❊ تقيمي للمسرح الجزائري من جانب المنابع الأولية والمؤسساتية لهذا النشاط الذي هو حقيقة دخيل على العرب، فتقييمي للمسرح الجزائري الذي لا يوجد كمفهوم مسرح جزائري، أو تقييمه كنشاط مسرحي في الجزائر، فهذا إشكال أولي، لأن إلى يومنا هذا لم نصل ولم نتفق على هوية هذا المسرح الجزائري، فإذا كان مرتبطا بالظواهر اللامسرحية التي كانت في شمال إفريقيا منذ قرون ويشرف عليها اليوم الناشر كإشكال فرجوي مسرحي، هنا أقول بأننا سبقنا الإغريق، وإذا تكلمنا فقط عن الممارسة المسرحية في الجزائر فهذا شيء آخر، وهنا أحبذ التكلم عن الممارسة المسرحية في الجزائر بصفة عامة، أولا نحن نعرف أن المسرح الجزائري ولد من رحم الحرب التحريرية، وهو منتفض ضد الاستعمار والحقرة، وبقي منتفضا طوال السنين حتى بعد الاستقلال وإلى يومنا هذا، فهو مسرح متمرد بما يسمى بمسرح الطليعة، والمسرح وجد إبان الثورة التحريرية وكان يخدم الثورة والمجتمع الجزائري، بحيث ساهم بقسط كبير في تحرير هذا البلد العزيز، ويثبت ذلك كل الاعتقالات التي وقعت على محي الدين بشتارزي، القسنطيني وغيرهم، ومنعت أعمالهم المسرحية الكبيرة، منها مسرحية «فاقو» لعلالو. قام الاستعمار بمنعها بتاتا، كما كانت هناك تقارير تمنع هذه المسرحية، وبعد الاستقلال في الستينات، المسرح الجزائر باعتباره بنية «أوبرا» الجزائر أُمم قبل تأميم البترول، والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية قررت أن يكون المسرح في الخدمة العمومية ويكون مسرحا للشعب. ومن الفرجة الكبيرة أنه حضر شي غيفارا أول عرض مسرحي في عام 1963 في قاعة الأوبرا بالجزائر في مسرحية «1830» لولد عبد الرحمن كاكي، ومنه حيا شي غيفارا هذا المسرح العظيم والثوري، ليستمر هذا المسرح على طريقته وعلى طريقة المسرح الهاوي الذي هو وليد المسرح الثوري الذي أراد أن ينقل هذا التمرد على المعسكرين والحقرة، ويقف إلى جانب الفلاح والعامل والمرأة وكل المحرومين في المجتمع الجزائري، وكانت أغلبية ممارساته هاوية. وفي بداية السبعينات، كانت 4 أو 5 مؤسسات، منها المسرح الوطني بقسنطينة، في سيدي بلعباس، في عنابة ووهران، وإلى غاية بداية الثمانينات ظهرت المسارح الجهوية الأخرى، لكن بقي المسرح الهاوي هو العامل الأساسي الذي خلق الممارسة المسرحية. وإذا تكلمنا اليوم عن الممارسة المسرحية في الجزائر، وبحكم التاريخ، نتكلم عن الممارسة المسرحية الهاوية بما يسميه الإنجليز الموازية. والمعروف في كل بلدان العالم بأن المسرح الموازي أو الهواة أو الشباب إنما هو الذي يخلق الممارسة المسرحية الحقيقية في الجزائر، وخلال سنوات الثمنينات، احتكر المسرح الهاوي السياسة لأن الركح كان سياسيا وكان الخطاب سياسيا، فكان المسرح رائدا في ذلك. لكن للأسف، لم تبق له هذه الريادة وهذه السيادة، لأنه بعد عام 1988 ساهم في الانتفاضة الشعبية، وظهرت الأحزاب السياسية والمنابر الأخرى التي شاركته في هذا التمرد. وضاعت بذلك مملكته وانتقل الخطاب السياسي من خشبة المسرح إلى منابر الأحزاب السياسية التي استحوذت على الخطاب السياسي، وتعرى حينها المسرح الهاوي الجزائري من التمرد وبقي له خيار واحد، وهو الفن واستعماله كآليات فنية لتقديم أي خطاب سياسي أو اجتماعي، فكانت أعمال جديرة بالذاكرة. كما ظهرت مسارح جهوية كثيرة، وأصبح اليوم المسرح الجزائري في ورشة كبيرة وتجارب كبيرة، لأننا عبرنا عدة محطات؛ حرب التحرير، الاستقلال والعشرية السوداء التي لم تعطينا وقتا للتفكير. كما وُلدت مدارس للمسرح وجاء خطاب جديد أدى  بالمسرح إلى الدفاع عن نفسه. فكل المبادرات أرغمت المسرح على أن يتوقف في هذه المرحلة لمدة 10 سنوات، وهي عطلة مرغمة، وتنطفئ بذلك أضواء الإنارة وتُغلق المسارح ويُقتل الفنانون. تعتبر مرحلة قاسية جدا في تطور المسرح في بلادنا، نحن نكسب مسرحا رائعا على المستوى العالمي، لدينا مفكرين ورجال مسرح وحتى شباب اليوم الذين يعملون بجدارة.

❊ ما هو الإشكال إذن؟

❊❊ الإشكال الأساسي يكمن في التكوين، لدينا هياكل وبنايات مسرحية يقارب عددها 19 مسرحا جهويا. لا يوجد في الجزائر اليوم تكوين مسرحي يمكن أن يحررنا من التبعية الغربية، ويمكّننا من تحضير ذخيرة من الفنانين والشباب الذين يمكنهم أن يمتعونا في الفرجة.

❊ كيف يكون التكوين في رأيكم؟

❊❊ يجب فتح مدارس وإرسال بعثات من الشباب ومن الجامعيين إلى بلدان خارجية للتكوين، أو نأتي بمكونين من الخارج من بلدان عربية أو أوروبية لها مكونين كبار في المسرح، مثل تونس الشقيقة التي هي رمز من رموز تكوين الشباب وجيوش من الممثلين. نحن لا نخلق فلسفة جديدة، فقط يجب الاستفادة من التكوين على مستوى المدارس أو معاهد فنية في الاختصاص الحقيقي في المسرح، وفي التكوين الموازي الذي يمكن أن يكون في مستوى المسارح الجهوية ودور الثقافة، ثم التكوين الموازي للفرق الهاوية، وكذا فتح فضاءات للتكوين الأكاديمي، ثم الدخول إلى المدرسة بقوة. فنحن إن لم نعد مدرسة لا نعد شيئا، حتى يدخل المسرح بقوة كمادة بيداغوجية لتعليم المسرح في المدرسة، انطلاقا من السنوات الأولى، مثلما يعمل أشقاؤنا في تونس والمغرب، أنا لا أتكلم بما يسمى المسرح المدرسي الذي يُعتبر ممارسة ظرفية للنشاط المدرسي، أنا أتكلم عن تعليم المسرح كمادة بيداغوجية في الاختصاص المسرحي، أو الاختصاص السينمائي وغير ذلك. للأسف نحن على مستوى التكوين بعيدين جدا ومتأخرين. من جهة أخرى، رغم أن المسارح الجهوية قدمت أعمالا ونشاطات، ثم هناك ترميمات للمسارح الجهوية والعمومية، ونحن نفتخر بهذه المكاسب. أنا أتكلم كمدير قديم لمسرح بجاية، لدينا أجمل المسارح في العالم ومن هذا الباب نحمد الله، وحتى بالنسبة للتهيئة التقنية، وكان هذا على مستوى وزارة الثقافة التي قامت بدورها في السنوات الأخيرة، لكن الشيء الذي بقي أن هذه المسارح بقيت في بنيتها القانونية القديمة، فهذا الترميم الهيكلي لم يتبعه ترميم قانوني وهذا يتطلب ترميم قانون على مستوى دفتر الشروط، لأننا نسير على نمط مسرح جهوي منذ الستينات إلى يومنا هذا.

❊ ألا تعتقد بأنه لا بد من قوانين جديدة؟

--أكيد لا بد من قوانين جديدة تخدم المعطيات الجديدة، فهذه القوانين لا تسمح بخوض هذا المنهج. يجب تحرير المسارح الجهوية من التقيد القديم، وإعطائها مختصين في القانون، في التجارة وفي التسيير لفتح الأبواب وإعطاء للمسارح الجهوية فرصة حتى تتماشى والمعطيات الجديدة للسياسة والاتصال في الجزائر. كما يجب تقديم برنامج التكوين في كل مجالات الاختصاص؛ في التمثيل، الإخراج، الكتابة المسرحية وحتى التقنيين.

❊ وماذا عن الكتابة المسرحية في الجزائر؟

❊❊ النصوص المسرحية حاضرة، ولدينا ذخيرة أدبية قوية، نملك كتّابا مثل رشيد بوجدرة، واسيني لعرج، أمين الزاوي وكذلك شباب وقصص جميلة، لكن ينقصنا التكوين بما يسمى «دراما تورك» الذي يقوم بإعداد النص الروائي في المسرح، وعندما يكون غياب النص المسرحي الأصلي سوف يكون غياب «دراما تورك»، خاصة أن هناك إمكانية ترجمة العرض، وهو يتواصل، علما أن المسرح له لغة عالمية. أقول وأؤكد؛ هنا نحن ليس لدينا أزمة نص، بل أزمة «دراما تورك» الذي يمكن أن يُخرج النص من أصليته الأدبية إلى صيغته الدرامية، وهذا يتطلب تكوينا عن طريق مختصين. 

❊ في رأيكم، كيف يمكن أن نطور المسرح في الجزائر؟ 

❊❊ إذا أردنا أن نخرج من هذه الأزمة، يجب أن نطور المسرح الجواري، وخروج العائلات من المنزل لمشاهدة العروض المسرحية، لأن المسرح هو المتعة. كما يجب أن نخرج المسرح من العلبة السوداء وهي علبة إيطالية وليست علبة جزائرية أو مغاربية. هي علبة غربية ونحن نقلد ما يجري في الغرب. علينا محو هذه العلبة وفتح الآفاق في فضاء مفتوح، ولابد أن أنتهز الفرصة وأنا متواجد في وادي سوف لأقول؛ لما لا برمجة عروض مسرحية على الكثبان الرملية، صحراؤنا شاسعة ويمكننا أن نقوم بهذا العمل وإخراج جمهورنا من هذه العلبة الإيطالية لكي نعطي عرضا حميميا للمسرح الجزائري.

❊ كيف تقيّمون المسرح المغاربي بصفة عامة؟

❊❊ المسرح المغاربي بكل صراحة في تونس والمغرب، يقدم عملا كبيرا عن طريق التكوين، كذلك بالنسبة للإنتاج المغاربي فهو كبير سواء في تونس أو في المغرب. أنا متفائل أنه في المغرب الكبير يمكن أن تكون لحظة مسرحية حقيقة، خاصة إذا التقت النوايا، كعملية تضامن وتوحيد المسرح المغاربي، لاسيما أن لنا نفس التقاليد والعادات واللغة، وهناك حركة كبيرة بدأت تظهر في المغرب الكبير، ويمكن أن نقوم بمسرح مغاربي بمستو عال وجميل إذا توحًدت النوايا.

--------------------------------------------
المصدر : المساء 

الاثنين، 27 فبراير 2017

كرستينا فلوتور: "في بدايتي اعتقدت أن المـسرح يحقق لي رغبتي في التمثيل"

ميراي معلوف المسرح مسكنها ونساء التراجيديا وشمٌ وجوديّ لبقائها

مجلة الفنون المسرحية

ميراي معلوف المسرح مسكنها ونساء التراجيديا وشمٌ وجوديّ لبقائها

مي منسى

هذا الدور لم يعد دوراً، بل مخاطبة سريّة بين جوليا دومنا وميراي معلوف، بين امرأة من مدينة حمص السورية، حكمت في القرن الثاني للميلاد إلى جانب زوجها الأمبراطور الروماني سبتيموس سيفيروس، وامرأة بنت من المسرح وجودها، ومن النساء التراجيديات الخالدات أطلقت طاقاتها الدرامية فكانت في كل شخصية هنّ، قدرهنّ، تحيا حياتهنّ وتموت ميتتهن، وتعود لتنتفض على الخشبة، حيّة، مشرقة، لا تمسها أخطاء الحياة.
على مدى فصل الصيف الفائت، جالت مع رفاقها في المناطق اللبنانية كافة، تواصل وإيّاهم ما بدأته معهم خلال "مهرجان البستان" للعام 2016 "شكسبير إن حكى"، لتعود إلى هذا المسرح الذي ناداها هذه السنة لتكون جوليا دومنا، الشخصية التي باتت متغلغلة في دمها وذاكرتها. فالعام 2004 تسنت لنا مشاهدة مسرحية "جوليا دومنا" على "مسرح مونو"، محطّتها الأخيرة، بعدما جال بها مخرجها شريف خازندار في المدن الفرنسية، والعالم العربي، طوال أشهر. في ذلك الصباح، تصدّرت الصفحة الأولى من جريدة "النهار"، صورة ميراي معلوف في زي الأباطرة، مع مقال معطّر بقلم غسّان تويني، حمل عنواناً لافتاً "ميراي معلوف، أمبراطورة المسرح".
في مقهى "المندلون" كان لقائي بها، امرأة يحلو الاستماع إلى صوتها الممشوح بميرون المسرح، تروي تجربتها العميقة، الحارّة، في هذا الدور الذي باتت تحمله كوشم في دمها: "أعود سنوات إلى الوراء، كأنها الآن لم تعتق، فأتذكّر ولادة مشروع مسرحية جوليا دومنا، في دار ثقافة العالم في باريس، بإخراج شريف خازندار وتصميم زوجته فرنسواز غروند. هذا العمل قام باللغتين الفرنسية والعربيّة الفصحى، بترجمة من أرواد إسبر، وتنقيح دقيق من والدها الشاعر ادونيس".

■ هل بين اللغتين من فوارق؟
- بل كان النفس واحداً. على مدى خمس سنوات انتقلنا بالمسرحية على مراحل متتالية، المدن الفرنسية والبرتغال وجرش وتونس والمغرب ودمشق إلى أن وصلنا العام 2004 إلى لبنان. "مسرح مونو" كان لنا، أنا ونينار إسبر الرائعة في دور وصيفة جوليا دومنا. على ساعة ونصف ساعة، كانت هذه الوصيفة الصامتة، تخزّن في نفسها اسرار ملكتها. هذا كان دورها، فتاة بكماء اختارتها طبقة الأشراف لكتمانها، فضيلة خارقة، سمحت لها بمرافقة سيّدتها في مرحلة عصيبة من ايام جوليا دومنا الأخيرة. ترافقها إلى المعبد لأداءة طقوس العبادة للإله عشتار وهي على علم بأنها هنا في هذا المكان ستضع حدّاً لحياتها.


■ نينار إسبر لن تكون وصيفتك في "البستان" في السادس من آذار، لماذا؟
- لأنها الآن تختبر معنى الأمومة مع طفلها الصغير. الدور الصامت ستؤدّيه الصبيّة سيرينا شامي، من معهد المسرح في الجامعة اللبنانية. كنت أتمنى أن تمتد المسرحية على أكثر من ليلة واحدة، حتى تجد مكانها في القالب المطلوب. فالليلة الأولى هي كلعبة البوكر، إما خاسرة وإما رابحة، يبقى رهاني الأساسي على المد والجزر مع الجمهور. فجوليا باتت في دمي، أتكلّم نيابة عنها، للإلهة عشتار حيناً، للجمهور حيناً آخر، تروي حياتها، تزوّجها الأمبراطور الروماني، سبتيموس سيفيروس، بما أوحته إليه الأبراج. منه رزقت ولدين، كركلا وجات. رافقت زوجها في المعارك، أحبّت العائلة وأحاطتها بإخلاص ورعاية، أرست الثقافة والفنون وعبرت سنين حياتها حتى التضحية الأخيرة.

■ كيف سيكون كساء أمبراطورة رومانيّة على مسرح "البستان"؟
- الأزياء التي استوحتها فرنسواز غروند من ملابس أباطرة الرومان، وصمّمتها لهذه الغاية، حافظت عليها في سكنها في بريتان، ما اضطرني للذهاب إلى هناك واسترجاع الغلالات الخمس التي ترفعها جوليا دومنا طاقاً وراء طاق أثناء سردها مراحل حياتها، زوجة، أمبراطورة، أمّاً، فيلسوفة، ومحاربة.

■ ألم يأخذك العجب حين رأيت صورتك في الصفحة الأولى من "النهار" مع مقال بقلم غسان تويني؟
- بالفعل، فغسان تويني أثنى على أدائي، ولا سيما على الطاقة التي أبديتها في مد جسر إلى الجمهور. مقاله شرّفني، لا سيما بوصفه إيّاي "أمبراطورة المسرح".

■ كيف خزّنت ذاكرتك الدور باللغتين، الفرنسية والعربيّة، ألم تتعثّري بين هذه وتلك؟
- التحدي محرّكي. اخذت النصين وبدأت أذاكرهما مدعومةً بما حصّلته من اختصاصي في مادة الحقوق، المذاكرة، قبل البدء بالعمل البحثي. حين بدأت بدور جوليا دومنا أدركت الفرق بين اللغتين، الفرنسية لغة العقل والعربية لغة الحواس والعاطفة، على إيقاعها مشيت، حرّة في التحليق في فضائها، أتذكّر صورة عبرت، أعطي النبرة سلطتها.

■ هل جوليا دومنا الشرقية، المولودة في حمص، أعطتك جناحيها لتحلّقي بهما؟
- بشغف همت في هذه الشخصية. صرت أمشي على رمال متحرّكة بنباهة ورويّة حتى لا أتيه عن هرمونيا الإلقاء. مشرقية أنا مثلها، جسّدت بأدائي شخصيتها وجهاً تاريخياً مرموقاً.

■ هل شريف خازندار سيتولى من البعيد بمهمّة الإخراج؟
- بل بثقته فيّ، رمى عليَّ الحمل بكامله، فالتحدي كما سبق وقلت لك محرّكي. فما إن دعتني ميرنا بستاني لأن أكون جوليا دومنا، في مهرجان موضوعه أمبراطورات وملكات من الشرق، حتى هبّت فيّ نخوة استعادة هذا الدور الذي عشقته. جوليا دومنا قرعت بابي. لبيت النداء. بسرعة ركبت القطار ومضيت إلى فرنسواز غروند في بريتان لأستعير منها ملابس جوليا دومنا. الأكسسوارات، فتّشت عليها هنا في لبنان، من سيوف قديمة وفخاريات، وصنج تيبيتاني. ولم اتعثّر في إيجاد نحّات استوحى من خياله ليصب لي رأس عشتار.

■ هل أنت حاضرة الآن لهذه المغامرة؟
- أمجّ فرح اللقاء بجوليا دومنا في السادس من آذار على "مسرح البستان".

---------------------------------------------------------------------
المصدر : جريدة النهار

الناقد المسرحي د.عبد الرحمن بن زيدان.. ايقونة المسرح

مجلة الفنون المسرحية


الناقد المسرحي د.عبد الرحمن بن زيدان.. ايقونة المسرح 

علا احمد حلمي 

بهرتني ارائه ..جرأته ..فهمه لديناميكية المسرح المغربي بخاصة والمسرح العربي عامة 
انه الناقد المسرحي عبد الرحمن بن زيدان 
صاحب العديد من المؤلفات والابحاث التي اغنت المسرح العربي وتميزه بدعواته الحارة والواعيه للنهوض بالمسرح في الوطن العربي
وعن رأيه في تعدد المهرجانات  المسرحيةفيالوطن العربي ومدي تأثيرها علي الثقافة واثراء المسرح قال 
تعدد المهرجانات في الوطن العربي دليل علي مدي اهتمام المهتمين بالمسرح في اي دولة  باختيار العروض واكتشاف المزيد من الحلول والفضاءات  حول الارتقاء بالممارسة المسرحية العربية 
فالبيئة العربية زاخرة بالعادات والتقاليد والثقافة والموروثات الشعبية التي يمكن نقل كل ذلك للمسرح  وعلاقته بالمتلقي مع الحفاظ علي طبيعة موروثات كل دولة ومفردات التراث  والبيئة الملهمة التي يمكن ان تساهم في اثراء النقاشات والحوارات حول الارتقاء بالممارسة المسرحية العربية
وانني اري ان المهرجانات والمسابقات والعروض المسرحية بدوراتها المتتالية تتطور لتصبح فعلا مسرحيا حقيقيااذا ماتم وضع تصور كامل حقيقي لفاعلياتها
ويؤكد الناقد الكبير بن زيدان  ان المسرح هو البيئة الخصبة الاولي لنقل الموروث الشعبي الثقافي للدول ويكون بوابة للابداع العربي
حصول الدكتور عبد الرحمن بن زيدان علي الدكتوراه في موضوع اشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي جعله يثري المكتبة العربية بعدد من مؤلفاته  الخاصة التي تتناول العديد من التجارب للاعلام المسرحي 
وستقوم الهيئة المصرية العامة للكتاب بنشر مجموعة من مؤلفاته المسرحية في كتاب واحد سيصدر قريبا 
كما ان له ايضا دراسة مطولة عن الدكتورة نهاد صليحة وصلاح عبد الصبور  وتوفيق الحكيم   اذ تنتظر الاوساط الثقافية  صدور هذا الكتاب الذي تأخر كثيرا في الطبع والنشر  وهو موضوع بالمركز القومي للمسرح والسينما 
وللناقد مؤلفات عدة  اذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر 
زنوبيا في موكب العتيق  اخراج خليل تمام ونشرت بالثقافة الجماهيرية بمصر  
قضية التنظير في المسرح العربي
قضايا المسرح المغربي دراسة نقدية تحليلية لمسرحيات الكاتب المصري ابو العلا السلاموني
كما شارك في العديد من الدورات لمهرجانات المسرح في الوطن العربي 
الي جانب ترأسه اكثر من مرة للجان التحكيم في الوطن العربي 
تحياتي له   اعطاه الله الصحة واطال من عمره 

الكوميديا أو رغبة الإنسان الضاحك في التغيير

مجلة الفنون المسرحية

الكوميديا أو رغبة الإنسان الضاحك في التغيير

د. نرمين الحوطي


ان الكوميديا حينما تعرف عليها الفنان في الدراما القديمة الاغريقية لم تكن تعني فناً بعينه،.. بل كانت عبارة عن حركات متنوعة متباينة ومتغايرة أتى بها أفراد في احتفالات تسلية وطقوسية وكانت خليطاً عجيباً ولم يكن لها صورة محددة بل تمازجت فيها الحركات غير المنتظمة والتي أتت بأشكال تبعث على الضحك.

وقد عرفت هذه الحركات قديماً باسم كوموس Comos أتكا.. وهو طقس شعبي كان فيه مجموعة من المهرجين العابثين ينتظمون في مواكب ويرددون الأغاني التي كانت منتشرة ولكن لم نعرف اسم مؤلفها وهي تتعلق بالاشارة للإله دبونسوس وقد عدلت تلك الكلمة في اللغات الأوروبية باسم Comedy وقد لبست فيها الجوقة ملابس حيوانات وطيور.

على أن تلك العروض العشوائية ما لبثت أن قننت على شكل مسرحية لها حدودها وعرفت باسم المسرحية «الساتيرية» والتي كانت تقدم مع الثلاثيات التراجيدية كنوع من التسلية بعد عرض مأسوي. ثم تستقل عن التراجيديا أو العروض الثلاثية ويصبح لها كاتب محترف متخصص وكان أرستوفانيس والذي استقل بالكوميديا كفن له أصوله وله مميزاته وله أهدافه وله أشكاله.

وقد اعتمدت الكوميديا عن ارستوفانيس على خطوط خالف فيها قواعد المسرح الكلاسيكي القديم وذلك حينما لجأ الى اغفال الوحدات الثلاث في المسرحية الكوميدية.. كذلك نزل بالشخصيات من مكان العظمة الى أدنى مرتبة الى الحضيض حتى أن الكوميديا عنده جعلت خادم الإله باخوس في مسرحية «الضفادع» من أهم شخصياتها.. كذلك النزول باللغة الشعرية الشاعرية الى الاسفاف وهي ظاهرة عامة لكل ملاهي هذه الفترة عند ارستوفانيس، كذلك فقد أهملت مسألة القدرية تماماً واستعاضت عنها بسلطان المنطق والعقل.. وقد تطرق تلك الكوميديا في موضوعاتها الى نقد الحياة عن طريق التصوير الكاريكاتيري(...).

(...) وقد أعقب بعض الكتاب الكوميديين بعد أرستوفانيس منهم فيلمون، ديفيلوس، بوسيديبوس... وغيرهم، وعلى رأسهم ميناندر الذي ارتقى بفن الكوميديا عما كان عليه سابقاً وغير مفهومه ومدلوله وحلّت الابتسامة محل الضحك الصاخب وشطحات الخيال.. وأدخل موضوعات جديدة على فن الكوميديا مثل موضوع الحب والميل بالهزل الى نوع جديد سميت بالملاهي المحزنة وذلك لأنه تأثر بالكاتب التراجيدي يوربيدز والذي لم يؤمن به اطلاقاً أرستوفانيس بل كان يهاجمه على طول الخط الكوميدي حتى انه ينشأ له محاكمة علنية في مسرحية الضفادع.

لقد انتقلت الكوميديا في عهد ميناندر من مرحلة البطولة الى المرحلة الواقعية من المثالية الى العادية من المرحلة المتزمتة الى العاطفة والمأساة وقد كانت مسرحية «هيلين» نموذجاً لكل هذه السمات.

بلوش

ثم ننتقل الى عصر آخر وكاتب ترك بصماته في تاريخ الكوميديا وهو «بلوتس» الذي كتب للمسرح الروماني كوميديات جمعت بين أسلوب ميناندر وبعض عادات أرستوفانيس فجاء أسلوبه مشوشاً للحوار العادي وشخصياته نماذج بشرية مرسومة بصورة تقريبية وأهمها «الرقيق المضحك» وهو شخص متآمر نشيط الحركة ووقح.. يتدخل دائماً فيما لا يعنيه مما يجلب له الضرب بالسوط وكان هو الروح الكوميدية المحركة لكل ملاهي بلوتس العشرين..(..).

وإذا كانت الكنيسة قد حرمت فن المسرح بشقيه وبخاصة الكوميدي الذي وصف بالمجون والمسخرة لما أتى من أفعال خارجة لا يحث عليها الدين المسيحي آنذاك إلا أن المسرح هو المسرح.. وكما ولد من خلال العبادات للآلهة في القرن الخامس قبل الميلاد ومات من خلال الكنيسة.. يولد مرة أخرى في أحضان الدين ولكن بمسميات مختلفة منها مسرحيات الأخلاق والأسرار والخوارق... وغيرها والتي نبعت من الديانة المسيحية.. وكما بدأت التراجيديا الإغريقية تبعتها الكوميدية.. فإن المسرح هو المسرح أيضاً حيث يبدأ الشكل الجدي أولاً ثم يعقبه الشكل الكوميدي ولكن يختلف عند بدايته.. فتسمى بالروايات الهزلية.. الفواصل التي ظهرت في أواخر العصور الوسطى وأوائل عصرالنهضة وقد ظهرت في المانيا ومن أشهر عروضها المسرحية «الطالب المتسلل من الفردوس».. ثم انتشر هذا الشكل في فرنسا وانجلترا ومن أشهر هذه المسرحيات في فرنسا «بيير باتيلان 1469» وفي انجلترا تمثيلية «قسيس وفتاة» ويعد الكاتب الانجليزي «جون هيود» هو أول كاتب ملهاة انجليزي كتب ما يقرب من عشر مسرحيات في أوائل القرن السادس عشر وأشهرها «البيهات الأربعة» بمعنى أربع شخصيات مسماة بأسماء مجرورة تبدأ بحرف الباء «المحبوب غير المحب.. المحب غير المحبوب.. غير المحب وغير المحبوب.. المحب المحبوب».

ايطاليا

ثم تأخذ الكوميديا ثوباً جديداً في ايطاليا وكانت المتغيرات في أوروبا قد أثمرت النهضة.. وقد تأثر المسرح الكوميدي بكوميديات بلوتس وتيرنس والتي احتفظت بحيوية الملهاة الرومانية في بادئ الأمر والتي أيضاً سرعان ما تختفي.

ومن كتاب الكوميديا في ايطاليا في ذلك الوقت نذكر «أريستو» ومسرحيته «العلبة 1508» وكانت نثراً.. ثم أعيد كتابتها شعراً عام 1529، ثم الكاتب ماكيافيللي ومن مسرحياته «ماندر اجولا 1506» حيث أن حيل وروح الملهاة أصبح ينمو ويتسع نطاقها بسرعة في ايطاليا وتعدد كتاب الكوميديا وتعددت المسرحيات الكوميدية وينطلق المسرح الكوميدي في بلدان أوروبا يقدم وجهات النظر ويعالج بعض السلبيات ويعمل غالباً على بث المرح والضحك.

كوميديا دي لارتي

وتنتقل الكوميديا الى شكل آخر في ايطاليا.. هذا الشكل هو كوميديا الفن أو «الكوميديا دي لارتي»، وفي بداية القرن السابع عشر ومن خلال مسرحية «أركاديا المسحورة» والعروض التي كانت تقام في بلاط الأمراء والحوارات المرتجلة البعيدة عن التسجيل والتي أعطت للممثل الحرية المطلقة في أن يأتي بألفاظ وليدة اللحظة ولكن في حدود سيناريو متفق عليه.. حتى انه لم يثبت ان تطابقت حفلتان من حيث الحوار ولكن من حيث السيناريو فهو ثابت.. وكانت الشخصية النمط من مميزات هذا الشكل من المسرح الكوميدي «بنطلون تاجر البندقية.. الدكتور عالم من بدوا.. الكابيانو وهو جندي فخور.. الزايد وهو الخادم أو المهرج» وهذه الأنماط كانت تعرف من أزيائهم المسرحية وكان على كل شخصية أو نمط أن يعد الكم الهائل من الألفاظ التي تناسبه.

وقد انتقلت هذه الكوميديا من خلال فرق متجولة ايطالية لبث هذا الشكل في فرنسا وبقية الدول الأوروبية الأخرى والتي لاقت فيها اقبالاً من الجماهير ونجاحاً في العروض التي قدمتها.. وكان لانتقال هذا الشكل الفني في بلدان أوروبا أن قام الفنان بتعديل أسماء الأنماط التي ولدت في ايطاليا كمناخ فني محلي.. حيث خلقت انماط بمسميات تناسب الدول الأخرى، فمثلاً في ألمانيا يبتكر نمط «هنفرست» ثم في فرنسا تجد النمط «بييرو» المسكين.. وفي انجلترا يتطور النمط «بونشينللا» الى «بنش».. وقد سيطر ذلك الشكل الكوميدي على المسرح قرابة مائتي عام وللأسف لم تسجل الأعداد الهائلة من المسرحيات التي عرضت سواء في ايطاليا أو بقية الدول الأوروبية، وقد تأثر المسرح بهذا الشكل الذي أنعش الحركة الفنية بصفة عامة، ورغم ذلك فإن هذا الشكل لم يستطع أن يمنح البشرية بمسرحية خالدة، ولكنه أنشأ صورة المسرح التي لم تزل باقية حتى اليوم وهذه بالطبع مفارقة عجيبة.

موليير

غير أن الكوميديا تتخذ شكلاً جديداً في النصف الثاني من القرن السابع عشر على يد «موليير» الذي تأثر جداً بالشكل الايطالي «كوميديا الفن» وأخذ منها الكثير وطوّر عليها وسجل كوميدياته وهذا هو الجديد في عالم الكوميديا، واتخذ من الواقع المعاش» مكاناً وزماناً» أي الدافع الفرنسي والزمن الحاضر آنذاك والقضية التي تهم وتمس جماهير الشعب.. اتخذ من كل هذه الأمور مسرحه ومسرحياته فهي كوميديا تصور الواقع الانساني بكل ما يتميز به من رذائل وعيوب.

وقد وصلت الكوميديا في عصر موليير الى أوج مجدها واستطاع الكاتب أن يوظف مفارقاته لأكثر من هدف «الانسجام والواقع» ولعب بهذا التعريف في أكثر من اتجاه تولد عنه كوميديا موقف ولفظ وحركة.

وكوميديا موليير في حد ذاتها مدرسة وغنية عن أن تعرف.. وقد لجأ الكاتب الى كل الوسائل المتاحة في عصره واستلهم كل ما في الواقع من مضحكات وطعم مسرحياته بها مع الاحتفاظ بالقضية الأساسية التي هي أصل المسرحية(..).

وقد كتب موليير حوالى ثلاثين مسرحية وعلى قمتها «البخيل» ونجح في تناول قضاياه بجرأة لم يسبقه أحد.. فالعيوب والرذائل التي تصدى لها كانت منتشرة في عصره.. ولكنه يحللها تحليلاً يجعل من شخصياته نماذج بشرية خالدة.. لقد تغلغل في النفس البشرية.. ووصل الى غور قلب الانسان في كل زمان وفي كل مكان حتى أن أحد النقاد يقول عن فنه: «ان وجه موليير وانتاجه يظهران في القرن السابع عشر ثم يخرجان منه.. وأن فكره يتخطى كل الحدود لأنه عالمي»..

بومارشيه

وإذا كانت الكوميديا قد سجلها التاريخ من خلال ذلك الكاتب العبقري الفرنسي فإن فرنسا أيضاً تحتفظ بهذا اللقب خلال القرن الذي يليه «القرن الثامن عشر» والكتاب كثيرون.. ولكن بومارشيه أحد فرسان الكوميديا في فرنسا والعالم يسجل لهذا الشكل نصراً كبيراً ليس في فرنسا فحسب.. ولكن في أوروبا قاطبة بل في العالم أجمع.. وقد اتخذت الكوميديا في القرن الثامن عشر لوناً مختلفاً عما سبقه ابان عصر موليير.. فقد سيطر التغير الاجتماعي في فرنسا على أن يتناول الكاتب قضية ساخنة «قضية الساعة» والتي أثارها بومارشيه من خلال شخصية نمطية وهي «فيجارو» وكانت مسرحية زواج فيجارو قمة الثورة من خلال كوميديا الموقف واللفظ والشكل حتى أنها كانت أحد أسباب قيام الثورة الفرنسية التي غيّرت وجه التاريخ في العالم كله.

(..) والكوميديا في هذا الموقف قد تجاوزت تلك الوظائف التي نشأت من أجلها وأصبحت سلاحاً في تغيير نظم الحكم.. وقد أصبحت الكوميديا تتصف بالجدية وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنقد الاجتماعي في الحياة الواقعية.. حتى ان كتاب التراجيديا يميلون الى اضافات كوميدية في مسرحياتهم لكي تشبع في المشاهد روح الاسترخاء من عناء هول المأساة.. وكان قد سبقهم بالطبع الى ذلك شكسبير نفسه في أعمال وصفت بأنها تراجيكوميدي.. ولكننا الآن نتعرض للشكل الكوميدي الخالص.

ان الكوميديا بعد القرن الثامن عشر أصبحت تحمل شكلاً هزلياً وداخله جزئية دامعة.. حتى ان بعض كتاب القرن التاسع عشر يلجأون الى ذلك الشكل بطريقة واضحة.. فنجد تشكيوف في روسيا وبرنارد شو في انجلترا يتخذون الشكل وهو «الكوميديا الدامعة» لكي يجسدوا من خلاله الواقع بأبعاده الثلاثة.. ومنم بعده برانديللو وأوسكار وايلد فأونيل وغيرهم حتى أصبحت تلك الكوميديا جامعة لشطر كامل من الحياة الواقعية دون فصل النوع.

ويشهد القرن العشرون كوميديات متولدة من روح العصر بكل ما يحوي من متناقضات ومآس ناتجة من صراع الانسان مع الآلة التي هددت كيانه في الوجود.. وأضيف الى مادة الكوميديا النظريات الحديثة التي استلهمها فلاسفة العصر سواء العبث أو الوجودية أو الصمت.. كل هذه الأشكال تخرجت من طياتها كوميديات تناسب الأحداث وتناسب البشر وتقدم لهم جرعات مسكنة وفي نفس الوقت مهدئة للنفس التي حملت هموم التقدم السريع.

وإذا كانت هذه احدى وظائف الكوميديا.. أو لنقل أهمها.. اذن فلنتطرق لمصدر هذه المادة سواء الموقف أو البشر أنفسهم.. وفي ذلك يقول برجسون «اننا لا نضحك على الشخص الذي نشعر نحوه بالعطف أو الشفقة».. ومن هنا فإن المادة الكوميدية لا بد أن تبحث عن الشخص الذي لا تتوافر فيه هذه الصفات لأنها بالأجدر صفات تتفق مع الشكل التراجيدي.. إذن فاختيار الشخصية يقع عليه عبء نجاحها.. ان الموقف الكوميدي يقتضي نوعاً من التخدير المؤقت للقلب.. فهو يهيب بالعقل لا أكثر ولا أقل.. وهذا منطلق الكوميديا الصحيحة حيث انها تعمل على التغيير.. وهو لا يتم من خلال العاطفة.. بل يتعامل مع العقل مباشرة وهذا عنصر هام من عناصر أو مقومات الكوميديا الجيدة.. والحكمة الدامية تقول «الحياة مأساة في نظر من يشعرون.. ومهزلة في نظر من يفكرون».. وهذا هو ملخص الدراما بشكليها.. وما يهمنا هنا هو الشكل الكوميدي وهذا الشكل له مقومات أيضاً.. فالسؤال هنا كيف تخلق الكوميديا؟ والرد ببساطة شديدة.. أن الكوميديا تتشكل بعدة مظاهر.. منها على سبيل المثال التكرار الذي غالباً ما يبني عليه الكاتب الأساس الكوميدي..»(...).

كذلك فإن من صفات الشخصية الكوميدية ابراز عيب أو نقص في تركيبها ولكنه نقص لا يشوه صورة الانسان.. بمعنى انسان يتصف بالأمانة التامة.. ومع ذلك فهو غير اجتماعي.. ومن هنا يمكن أن تتولد الكوميديا من ذلك العيب بالاضافة الى ذلك العمل على عدم اندماج المشاهد في المواقف.. لأن طبيعة الموقف الكوميدي تصرف المشاهد عن الاندماج فيه حيث انه بعيد الاحتمال تماماً اذا ما قيس بمعايير الحياة الواقعية لا سيما حين تتحول الى هزل مقصود لذاته وخيال غير واقعي.. حيث انها «أي الكوميديا» تزخر بالمصادفات المفرطة. فهي بعيدة كل البعد عن العالم الذي يأخذ فيه الأمور مأخذ الجد.. أيضاً فإن الكوميديا كشكل لا يعترف أبداً بالوحدة المحكمة للعقدة كما في التراجيديا.. فبناء المسرحية الكوميدية مفكك بمعنى أنه يقوم على مجموعة متعاقبة من المآزق لا يوجد بينها رابط داخلي محكم.. أيضاً فهي تفتقر الى التوتر البنائي بمعنى أن الصراع فيها غير واضح بل هو صراع يؤدي الى مزيد من الضحك والسخرية.

إذن فالكوميديا مصدرها الكلمة.. الموقف.. الحركة.. تؤدي الى شعور مصدره العقل.. يتولد منه ظاهرة الضحك.. مصدره الفم والأسنان «الانسان الضاحك» هدفه التغيير بواسطة رفض تام للشخصية الكوميدية التي وظفت لكي تجسد عيباً أو نقصاً ليس بالضرورة خُلقياً أو خَلقياً.. ولكنه يمكن أن يكون عيباً اجتماعياً.. على أنه لا مكان للتعاطف في تقدير الكوميديا(...).

التورية

ثم ان الكوميديا تشمل فيما تشتمل عليه من خلال التورية الدرامية والتي تتولد من المتناقضات «الظاهر والباطن.. المعلوم والمجهول» وهي هنا يمكن أن تقترب من المفارقة الدرامية.. أو التورية الدرامية الساخرة وهي تعتمد على عنصري المفارقة والتورية والسخرية الناشئة من القدر نفسه وهي هنا تولد المعرفة لشخص والجهل لنفس الشيء لشخص آخر.. والمشاهد يكشف الطرفين وهو هنا يولد توتراً يمكن أن يصل بالكوميديا الى أرقى أشكالها.. وقد وضحت هذه التورية الساخرة أيضاً في كوميديات موليير وشكسبير في مسرحية «حلم ليلة صيف«بالتورية بجانب أنها تلاعب بالألفاظ ولها في ذلك وظائف كثيرة.. الا ان المسرح قد استخدمها درامياً وقد ساعدت الكاتب كثيراً في اثراء مسرحياته.

ولأن الكوميديا أساساً لا بد أن تنبع من موقف يتولد عن نشأة صراع بين قوى.. بمعنى شخصيتين أو صراع بين شخصية واحدة في ما بينها.. فإنها بالتبعية لا بد أن تنتهي نهاية سعيدة.. فالكوميديا احتفال بالحياة.. بقدرة الانسان على الاستمرارية.. وهي هنا لا بد ان تصحح أوضاعاً مشوبة بالأخطاء عن طريق ابرازها والعمل على قهرها والتغلب عليها لكي يكون الاستمرار صحياً.

وعلى ذلك فالكوميديا.. وكوميديا الموقف على وجه الخصوص تذهب الى السخرية من المظاهر الخاطئة.. سواء في الطباع أو السلوك.. وهي هنا تتعرض لأنماط معروفة مسبقاً ولكنها تعري ما بداخلهم أمام المشاهد.. مثل البخيل الثري.. الابنة المخادعة.. المرابي المتظاهر بالتقوى... الخ، ومن خلال اثارة هذه العيوب فإن المشاهد يضحك ربما مرة واحدة.. وربما مرتين دون أن يدري.. فهو يضحك مرة اذا لم يكن تربطه علاقة بهذه الشخصية ومكوناتها، وهو هنا يستنكرها.. ومرتين اذا كان يتصف بجزئية من هذه الشخصية.. فهو يضحك على الشخصية وفي نفس الوقت يضحك على نفسه لأنه يراها أمامه.

ان الكوميديا بعكس التراجيديا من حيث اشكالها المتعددة.. فهي موضوع معقد اتخذت أشكالاً عديدة متباينة.. فمن كوميديا العادات.. الى الفارس.. فالتهكم والهجاء.. ثم الكوميديا المكتملة أو الرفيعة.. بالاضافة الى الكوميديا التراجيدية.. ومن خلال كل شكل ينقسم الى أشكالاً متفرعة كما ذكرنا.. الكاريكاتير.. والموقف.. والحب.. الخ.

التراجيكوميدية

على أن الكوميديا التراجيدية أو «التراجيكوميدية» فهي كوميديا راقية جمعت عنصري الحياة داخل اطار واحد لكي تجسد الطبيعة المعاشة دون زيادة او نقص أو دون ان تفصل مكوناتها التي قامت أساساً عليها منذ الأزل.. فهي هنا تعتمد في جوهرها على امكانية التفوق بين العناصر المتضاربة والمتناقضة لحياة البشر.. ولذلك فهي عادة ما تبقي على الأمل مهما حدث من تصارع وتنازع بين القوى المشتركة في الحدث.. فهي كما سبق أن ذكرنا احتفال بالحياة وبانتصار الانسان وقدرته على أن يستمر.. وعلى ذلك لجأت الكوميديا الى الارتكاز على اخطاء الآخرين التي يمكن تجاوزها واصلاحها حتى يكون الأمل موجوداً والاستمرارية ممكنة والنهاية سعيدة لا يشوبها سوء.

وهذا الشكل من الكوميديا، أو التراجيكوميدي يلجأ الى التصدي الى الأخطاء الظاهرية بهدف تعرية البواطن المكونة لهذه الأخطاء وكشف ما يكمن خلفه وما يؤدي إليه، والفرق هنا بين الدراما الجادة وهذا الشكل الكوميدي ان الحوار والحدث يصلان مباشرة الى الذهن بعيداً أيضاً عن القلب.. كذلك ابراز أو تكبير العيب أو الخطأ حتى يمكن خلق الموقف الضاحك من خلاله..(...).

وعلى ذلك فهذا الشكل يمتد تعريفه الى أنه يجمع بين شقين في قالب واحد غير منفصلين.. فالحدث يمتزج فيه الشكلان ليخرج منها شريحة لحياة واقعية تجمع داخلها عنصري البكاء والضحك معاً.. فهي محاولة من الانسان لرؤية حياته على مستويين.. مستوى الانفعال الجاد.. ومستوى الهزل الساخر.. وليست حياة البشر مهما تناقضت خالية من هذين العنصرين في كل أيام حياتهم.. اذن فهذا الشكل يبرز الازدواجية التي جبلت عليها الطبيعة نفسها في كل مكوناتها.

وان مسرحية «الخال فانيا.. أو شيطان الغابة لتشيكوف» لأكبر مثال على هذا الشكل.. ويقول الكاتب الكبير «بريان ركس» عن هذا الشكل: «ان روح الهزلية في رأيي هو التوتر الشديد الذي يشبه توتر التراجيديا المحكمة.. أي الحدث الذي نرى فيه الشخصيات على حافة الهاوية من لحظة لأخرى.. بل انهم أحياناً ما يتدلون في الهاوية.. ثم يعودون للحياة بأقوى مما كانوا» (بريان ركس صاحب مسرح الضحك بلندن)، وهذه خلاصة المفارقات الكوميدية التي يلجأ اليها الكاتب ويسخرها في كوميدياته ويلعب بها لكي يجعل الخيط بينه وبين المشاهد دائماً مشدوداً ومحسوباً بدقة حينما يصل بشخصية ما الى حافة هاوية من خلال قضية مثارة ثم فجأة تحل هذه القضية ليدخل في حلقة أخرى وهكذا.. مع التركيز في اللفظ والحركة التي يتولد منهما تجاوب المشاهد وضحكه.

وأخيراً فإننا نقول عن الكوميديا: انها الشكل الذي يعتمد على الطرب البريء والاستسلام للدعابة.. فكل ما فيها مضحك.. يبعث على لذة نابعاً من نقص في الشخصية ليس مؤلماً ولا هداماً.. له نتائج غير ضارة نسبياً تتصف عادة «بالفشر والكذب والتهريج والجبن».

( قدمت هذه الورقة في الندوة الفكرية ضمن مهرجان المسرح الاردني الـ 17 حول «الكوميديا»)


الأحد، 26 فبراير 2017

مفهوم الضحك لدى برجسون وتطبيقاته في العرض المسرحي العراقي

مجلة الفنون المسرحية

مفهوم الضحك لدى برجسون وتطبيقاته في العرض المسرحي العراقي

علي رضا حسين                           و                     عامر حامد محمد     

                                   
الملخص
كلما اختلفت الصور والأشكال والمواقف عن واقعها وكلما اختلفت هذه الصور عما هو مخزون في نفسية الفرد وتجاربه أعطى ذلك إحساسا بالغرابة واللامألوفية منتجاً المتعة والضحك فالضحك حالة فطرية ينتج من التلقائية والمرونة والابتعاد عن العاطفة والانفعال كما أن الضحك يلعب دوراً تصحيحياً للأخطاء الاجتماعية فهو بحسب برجسون يظهر في الحركة الخاطئة في اللغة والموقف المتصلب .
تضمن البحث أربعة فصول الفصل الأول احتوى على مشكلة البحث المحددة في معرفة مدى اشتغالات وتطبيق مفهوم الضحك لدى برجسون في العرض المسرحي العراقي وتجلت أهمية البحث في انه يلقي الضوء على الأسس النفسية والاجتماعية والتداولية للضحك كسلوك اجتماعي جماعي نفسي كما انه يفيد الدارسين بكافة الاختصاصات الفنية في معرفة آلية إثارة الضحك وتطويره وتحدد الهدف في التعرف على آلية اشتغال مفهوم الضحك لدى برجسون في العرض المسرحي الكوميدي العراقي المعاصر أما حدود البحث فقد تحددت على العروض في كلية الفنون الجميلة / بابل للفترة من 1990 – 2009 واختم الفصل بتعاريف للمصطلحات . 
أما الفصل الثاني (الإطار النظري ) فتضمن ثلاث مباحث , الأول عُني بدراسة مفهوم الضحك لدى برجسون والثاني الضحك في طروحات علم النفس أما المبحث الثالث فقد تناول الضحك في المسرح واختم الفصل بالمؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري . أما الفصل الثالث فقد تضمن إجراءات البحث وعيناته وأداة ومنهج البحث وقد اختير عرضين كنماذج لدراسة آلية الضحك أما الفصل الرابع فقد احتوى على النتائج التي توصل إليها الباحث وأهمها :
1- إدخال المفردة الشعبية وسط الفصيح هي الأغلب في إثارة الضحك .
2- تكرار نهايات الجمل كلازمة اثأر الإضحاك .
3- فعل المعاكسة اثأر الإضحاك .
4- تناقض الشكل مع المضمون اثأر الإضحاك .
5- حالات اللبس وسوء الفهم أثارت الإضحاك . 
كما احتوى الفصل على مجموعة من النتائج والاستنتاجات وثبت المصادر .
الكلمات المفتاحية: ضحك، التكرار، وسوء الفهم، التقابلي.
Abstract
Whenever images, forms, and situations are different from their realities and whenever those images are different from what is stored in man's mind and experiences, there will be a feeling of alienation and unfamiliarity which produces amusement and laughter. Laughter is an instinct condition produced from spontaneity and flexibility away from emotion and anxiety. Laughter also plays a corrective role for social mistakes for it appears, according to Bergson, in the wrong movement in the rigid speech and situation.
     The research includes four chapters; the first involves the problem which is to identify the ranges and applications of laughter according to Bergson in the Iraqi dramatic performance. The importance of the researcher is that it sheds light upon the psychological, social, and pragmatic bases for laughter as a collective social and psychological behaviour. It is also useful for the learners in all art fields to know and improves the technique that motivates laughter. The aim is to identify the technique of laughter according to Bergson in the Iraqi contemporary comic dramatic performance. The limits of the research are restricted to the performances in the College of Fine Arts / Babylon for the period 1990 to 2009. The chapter finalizes with the definition of the terminologies. 
     The second chapter (the theoretical framework) involves three sections; the first is concerned with studying the concept of laughter according to Bergson; the second is about laughter as introduced in psychology whereas the third passes through laughter in drama. The chapter ends with the indicators which the theoretical framework has come up with. The third chapter involves the procedures, the samples, the tool, the method of the research. Tow performances have been chosen as samples to study the technique of laughter. The fourth chapter contains the results the most important of which are:
 1. Inserting a slang word in the standard language is often used to motivate laughter.
 2. Repetition of the sentences ends as a refrain to motivate laughter.
 3. Contrastive events motivate laughter.
 4. The contrast between form and content motivates laughter. 
 5. Conditions of ambiguity and misunderstanding motivate laughter.
   The chapter also contains a group of conclusions, recommendations, suggestions, and bibliography. 
Keywords:Laughter, Repetition, misunderstanding,Contrastive.

الفصل الأول
مشكلة البحث:ينظر إلى الضحك بأنه حالة من حالات الترويح عن النفس المثقلة بالهموم والمتناقضات تلجأ إليها الذات لتحقيق نوع من التوازن النفسي المتخلخل نتيجة الاضطراب المتولد فيها بسبب الضغوط الواقعية التي تولد طاقة نفسية ضاغطة على اللا شعور الشخصي , فالضحك وفق رأي فرويد هو عملية تمثيل ذهنية أو عملية توقع أو تصور مسبق للإحداث القادمة فالفرد يجهز ذهنيا للفعل القادم ويرصد له الطاقة النفسية فعندما يصرف هذه الطاقة قياسا بالموقف المحتمل بصورة هادئة وبطيئة يحدث الارتياح والسعادة أما في حالة تصريفها بسرعة فان النتيجة تكون نوعا من القهقهة وهي واضحة في الجسد عن طريق الضحك .
       تناول (برجسون) الالية التطبيقية لاشتغال الضحك في الفعل المسرحي الكوميدي, ويعد الفيلسوف الوحيد الذي تناول الضحك في دراسته اذ طرح عدة نقاط مهمة عن كيفية تحقيق اثره على المشاهد عبر الية مناسبة يتم تركيبها داخل عناصر العرض المسرحي الكوميدي:الكلمة,الموقف,الازياء:الاداء, الشكل, التناقض واضعا اياه في كتاب فريد عنوانه (الضحك)،حيث درس فيه تلك العملية المتعلقة بين الفنان الكوميدي والمشاهد والنظر اليها كقواعد بحثية محددة تربط فعل الكوميديا مع استجابة المشاهد عبر الضحك اذ يرى في الضحك "بانه حالة من التصلب فكل شئ عكس ماهو ميكانيكي هو مدعاة للضحك والتصلب هو التردد في النطق او عدم الانتقال من حركة الى اخرى بآلية عالية او التعثر او السقطة وهو عدم الآلية او الميكانيكية المنسابة"( ) ومن ماتقدم يصوغ الباحثان مشكلة بحثهم بالسؤال الاتي مامدى استغالات وتطبيق مفهوم الضحك لدى برجسون في العرض المسرحي الكوميدي العراقي ؟.


أهمية البحث والحاجة إليه: 
1. يؤسس البحث الحالي لدراسة نفسية جمالية  تعنى بالضحك ( تقنيا , نفسيا ) وأثرها على مجمل العملية الإبداعية 
2. لم يتطرق لدراسة هذا الموضوع سابقا وبشكل تفصيلي في المسرح فهو يفيد الدارسين (الممثلين,والمخرجين , والمؤلفين, والفنيين) في معرفة آلية إثارة الضحك .
هدف البحث:يهدف البحث الحالي التعرف على: آلية اشتغال مفهوم الضحك لدى برجسون في العرض المسرحي الكوميدي العراقي . 
حدود البحث:زمانيا: 1990_ 2009 
مكانيا:بابل/ عروض كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل
موضوعيا: آلية الضحك لدى برجسون وتطبيقاتها في العرض المسرحي العراقي.
تحديد المصطلحات:الضحك اصطلاحيا:يعرفه هربرت سبنسر إن الضحكة هي "دلالة على جهد يلتقي فجأة الفراغ"( ) .
ويعرفه صليبا بأن :"الضحك انبساط في بعض عضلات الوجه مصحوب , بزفير متقطع وصوت مسموع, بسبب تعجب أو سرور شديد يحصل للضاحك وهو اسم جنس تحته نوعان التبسم والقهقهة , التبسم ضحك بلا صوت , ويراد فه الساخر والهازئ  والضحكة من يضحك الناس عليه ويراد فه السُّخرة والمضحك كل ما يثر الضحك وضده البكي والأضحوكة كل ما يضحك منه" ( ) 
الضحك إجرائيا هو حالة اللاشعور التي يألفها الممثل تحدث تلقائيا من جراء ما ينجم من حركة أو إيماءة أو موقف خاطئ يتولد من الا انسجام وألا متوقع وألا مألوف والمتناقض بين حركات الممثلين وانسيابية الحوار أثناء العرض المسرحي ،أو نقص في قيمة فكرية معينة ويعتمد على التفخيم والمبالغة في البسيط والتبسيط واللامبالاة في العظيم 
الفصل الثاني
المبحث الاول:  مفهوم الضحك لدى برجسون 
يرى (برجسون) إن الضحك يجب أن يبدأ بالسخرية من الأشياء و الموجودات عبر تصورها بصيغ و مظاهر مضحكة كصورة الحيوانات مثلا ، إذ تذّكر تلك الصور بالسلوك الإنساني( ). 
       الضحك في جوهره العام هو ظاهرة اجتماعية وأخصب ألوان الضحك ما يكون مصدره عقليا اجتماعيا فقد أكد برجسون أن الضحك يتوجه في الأغلب إلى ما هو شاذ من التصرفات   والغرائب في الحركات والاختلاف في المسلمات أي الابتعاد عن كل ما هو خارج الأعراف الاجتماعية وهذا يوفر الاستعدادات لشن حرب من قبل المجتمع ضد القسم الآخر من المجتمع على كل ما يعد غير اجتماعي.( )
المجموعة هي التي تنشط عملية الإضحاك سواء أكانت ضاحكة أم لا ، وعلى هذا الأساس يعد الضحك أداة إرسالية وتواصلية للتخاطب الاجتماعي .. لذا فان صاحب النكتة يعمل على المشاركة مع الآخرين لتحقيق هذا التفاعل ( ) .
 يؤكد برجسون "ان الضحك هو نقص فردي أو جماعي يستدعي التصحيح المباشر ، الضحك هو نوع من الحركة الاجتماعية يبرز أو يقمع نوعا من السهو الخصوصي عند الأشخاص وفي الأحداث".( )
الضحك لا تنتج ألا بوجود شخصين على الأقل وهنا يكون للمتلقي اثرا في استمرارية حالة الإضحاك باستجابة للضحك من الموقف وبدونه تصبح العملية عقيمة، يؤكده برجسون بقوله "لا يمكن أن نتذوق النكتة (الهزل) إن شعرنا أننا لوحدنا فالضحك يحتاج إلى الصدى".( ) 
المباغتة عنصر أساس في الكوميديا وهي صفة تتجسد في أداء الممثل من حيث الصوت و الإلقاء ونبرات الصوت التي تمكن الممثل وتعطيه القدرة على زج الفكرة الكوميدية إلى الجمهور فجأة من دون تمهيد وقبل إن ينتبه المشاهد إلى تفاصيل الموقف( ) . 
يرى الباحثان ان الضحك لا يشتمل على الحركة فقط فقد يشمل الشكل وهذا متمثل بالفن الكاريكاتيري إذ يتحول إنسان إلى حجم اكبر من العادة مع الحفاظ على الملامح الشخصية وهذا يمكن العمل به عبر فن الماكياج حينما يتحول الأنف الصغير إلى اكبر أو فم كبير إلى اصغر أو تضيق الفم أي عملية خرق لكل اعتدال .
التكرار هو الصفة الأكثر شيوعا لإثارة الكوميديا سوى كان التكرار إيماءة أو عبارة أو مشهد أو صوت أو مفردة واحدة وهو سمة ذات فعل بالغ الأثر للإضحاك مثال ذلك مسرحية "الآم السيد معروف"* للكاتب (غائب طعمه فرحان) نجد التكرار في المفردة الشعبية (بصريح العبارة) التي كانت الشخصية المسرحية (المختار) تكررها باستمرار هذا على صعيد الحوار وقد يتكرر مشهد بالكامل أي تكرار حركة كما في مسرحية (عسر هضم)** مرة بطريقة اعتيادية ومرة بطريقة ساخرة على إن التكرار لا بد إن يكون منظما ومحسوبا بالقياس المضبوط لان الزيادة قد تسبب الملل يقول برجسون : "ويشمل التكرار المشاهد بالحركة و الحوار بدخول الشخصية وخرجها كأنك لم تشاهد شخصا منذ عشرين عاما وإذا تشاهده في اليوم أربع مرات وهذا مثار للهزل ويثير الضحك"( ) .
ينشأ الضحك كذلك من تبادل الأدوار وكأن يلعب الملك دور الخادم أو يلعب المهرج دور الملك في لحظات معينة فتنشأ المفارقة وهو ما يسمه برجسون بـ(الارتداد) وهو أيضا يعبر عن مفارقة أخرى بان يقدم المتهم المواعظ للقاضي أو طفل يعطي دروسه لوالديه أي انه عالم مقلوب( ) . يتولد الضحك حينما تكون الأسباب تافهة تؤدي إلى نتائج خطيرة غير متوقعة وهذا ما يعرفه برجسون بـ(كرة الثلج) أو لعبة الدومينو يقول برجسون "السبب تافه أصلا لكن بفعل التقدم الضروري إلى نتيجة مهمة بمقدار ما هي غير متوقعة"( ) . 
بحسب برجسون نحصل على الأثر المضحك عندما نحاول إن نفهم تعبيرا ما بمعناه الحقيقي في حين انه استعمل بمعناه المجازي( ) ، أي بواسطة التشابه في الألفاظ من حيث النطق على الرغم من أنها تحمل معاني مختلفة وهذا مبعث للضحك ، وكذلك يمكن بالتلاعب بالكلمات أي التقديم و التأخير أو وضع الفعل محل الفاعل أو الفاعل محل الفعل .
نحصل على اثر كوميدي بنقل التعبير الطبيعي من لهجة إلى لهجة أخرى أي التميز بين اللهجة الرسمية و المألوفة ويحصل التضخيم بمجرد نقل احدهما إلى الأخرى( ) .
النقل المعاكس يولد الضحك وذلك بتحويل الاسوء إلى أحسن و الأحسن إلى أسوء أي التبسيط و التفخيم و المبالغة و التهميش أي تقليل القيمة( )
المبحث الثاني :الضحك في طروحات علم النفس
يتناول علم النفس التحليلي الفكاهة والضحك سلوكا نفسياً (شخصياً) لا شعورياً ناتج عن ضغوطات الموانع والمحرمات الاجتماعية (القيم, الأعراف, الدين,...) التي تشكل قيوداً تحد من حرية الفرد في التعبير, مما يشكل ذلك الكبت ضغطاً على اللاشعور, يحاول الفلتان من يقظة الشعور الملتزم بالأعراف والتقاليد, ينتج عنه صراعاً بينهما (اللاشعور والشعور/الوعي واللاوعي) يظهر على شكل نتاج فني إبداعي (نكته) يخفف من وطئة ذلك الصراع الداخلي وفي  الوقت ذاته لا يسبب إحراجا أو تصادما مع الواقع الخارجي الكابت على الفرد والذي أطلق عليه (فرويد ) ب(التسامي) وهو مفهوم بشأن ما طرحه سابقاً الفيلسوف (ارسطو) في كتابه (فن الشعر) والذي أطلق عليه مفهوم (التطهير) الذي يخلص المشاهد من النوازع الداخلية المكبوتة كافة.
الضحك ينشط كلما كانت الحاجات الانفعالية والنفسية في أقصى درجاته كالحاجة إلى التظاهر أو حاجات الجسد أو العدوان أو مشكلات وضغوط الوضع الاجتماعي فقد تتحول هذه الحاجات المكبوتة إلى ابتسامة,وقد يحس الفرد بأنه في موقع مهين نظرا لعدم تمتعه بالسلطة أو الثراء وعلى اعتبار إن المجتمع يقدر الناس في ضوء مقومتين أساسيتين هما (السلطة والمال) لذا فهو يلجأ إلى الفكاهة للتنفيس ولتعرية الواقع المأزوم فالفكاهة هي صمام الأمان للتعبير عن هذه الحاجات وتعمد الشخصية إلى هذا الفعل لخلق نوع من التوازن والذي يعطي قبولا في المجتمع أي إن الإضحاك حالة من حالات التعويض عن النقص( ) ، يقول فرويد إن النقص هو " طريقة للتوكيد على الشيء المكبوت "( ) .
إن حسن الفكاهة يعمل على إرضاء الرغبة المحرمة ولكن الشيء المكبوت يبقى مكبوتا وان ظهر مجسدا بنكتة أو بيت شعر أو قطعة موسيقية فإننا لا نستطيع الوصول إليه وذلك لان القلق يمنعه من الزوال وإذا اعتبرنا إن النكتة هي حيلة تراوغ القلق فإنها في لحظات أخرى تخفت ليعود القلق من جديد حيث تعمل النكتة  في البداية بالتمهيد ثم تلطيف المخاوف إلى أن يأتي إرضاء الرغبة بشكل مفاجئ وفي لحظات وقبل أن يتحرك القلق تكون المتعة المحرمة قد تحققت فتزول الموانع بشكل مؤقت والأفكار المسجونة يسمح لها بالتحرر وتدخل عالم الوعي وعندها تشعر بحالة من اللذة وهي الانشراح والفرح والسرور من جراء الضحك وهو فرح قليل يزول بزوال النكتة ولذا فهذه الفكاهة لها اثر في خدمة البشرية( ).                     
 بحث فرويد في تحليله النفسي عن المرسل إليه (القارئ/الجمهور) فالمبدع من وجهة نظره عندما يخلق إبداعه لا بد أن يوجهه إلى متلق متحفز على قراءة العمل الفني أو مشاهدته والاستمرار فيه ولذا ففرويد يؤكد ان يكون العمل الفني قريب من الجمهور بحيث يتجاوز الفنان تجربته الشخصية وينسجم مع الجماعة ويشترك مع الناس ويجد فيها المواضع والأعمال الفنية ما يحقق متعته وكذلك خيالات القارئ ورغباته مجسدة في تلك التجارب الإبداعية أي ضرورة التجاوب بين المبدع ومتلقيه في كثير من المواطن المشتركة وهذه المواطن في نظر فرويد هي العقد,والحصارات,والمكبوتات وكل ما اختزن في اللاشعور فالنكتة كشف عن حالة سلبية في مجتمع وهي مشكلة يشترك في كشفها ومعالجتها كل من الفرد والجماعة( ), يقول ففرويد " إن النكتة تسمح لنا أن نشارك الآخرين في الميول غير المقبولة "( )
 طرح العالم (يونغ) مفهوم اللاشعور الجمعي الذي خفف من وطأة قدرة اللاشعور الشخصي في خلق النكتة وأثرها النفسي .إذ يرى إن ما يعطيه المرء من أفكار أو خيالات أما هي جزء موروث في اللاشعور الجمعي عبر الأجيال فعبر حقب زمنية مديدة اختزنت لدى الإنسان كثير من المخططات والصور القديمة وصارت جزء من الإنسان وتكوينه فالخوف من الحيوانات والظلام ما هو إلا رواسب نفسية لا شعورية تناقلت عبر أجيال سابقة بدائية وهي تؤلف جزءا كبيرا من اللاوعي يسميه يونغ " اللاوعي الجمعي " فهو غريزة فطرية وهي مشتركة مع الشعب والجماعة والإنسانية( ) . لذا فالضحك هو غريزي وجمعي مشترك بين الفرد والجماعة " إلا إن الخبرات المكبوتة سواء أكانت خبرات مبكرة منذ عهد الطفولة كما يقول فرويد أم كانت خبرات موروثة من الأسلاف فيما دعاه يونغ باللاشعور الجمعي تبقى أهم بذور ومنطلقات العملية الإبداعية ومرتكزات تلقيها وتذوقها"( ) .
 يشير فرويد إلى إن عملية صنع النكتة يحتاج الى ثلاث أقطاب لكي يحدث فعل الإضحاك وأول هذه الأقطاب هو المنكت وهو الراوي للنكتة والثاني المنكت عليه الذي تروى عليه النكتة وهو يعتمد بالدرجة الأساس على الخيال والقطب الأخير هو الجمهور أو السامع ويمكن تسميتهم بالساخر والخيال والجمهور في الكوميديا التقليدية وقد يعرف أيضا بالمضحك والزميل والجمهور ( ), وقد اقترح جيمس سولي في كتابه عن الضحك: ""إن الضحك يؤدي دورا كمؤشر للعب وانه أمر أساسي للنشاط الاجتماعي والذي يتضمن وجود رفيق للعب فالعنف والدغدغة  " ( ) .ان عملية التواصل مع الاخرين من الامور التي اشار اليها فرويد ومن ثم ننفصل عن الاخر لننطلق في عالم الخيال الذي هو الارض الخصبة لموهبة تقنية النكتة فهو يعدها شكلا فنيا تتكون من تغييرين جوهريين( ) : 
الاول:يتالف تكثيف فكرتين او جملتين .
الثاني:في الشكل ويتضمن في الصياغة الكلامية ذاتها .
يقول فرويد "لابد من وجود موهبة خاصة او تحكم نفسي يسمح بعرض النكتة او الترحيب بها على ان تكون ماثلة في صانعي النكتة"( )،ويرى الباحثان ان الضحك يتولد من الموهبة في طريقة اللعب بالكلمات بحيث تتغير مدلولاتها وتستبدل معانيها لكي تتحول الكلمة الى شكل مضحك اما التحكم النفسي فانه يختلف عند الناس في شخصياتهم ومزاجهم وميولهم فمنهم من يمازح عندما يكون معتدلا في مزاجه ومنهم من يمازح وهو في حالة توتر وضيق شديد .
الشعور بالتفوق يولد الاضحاك ايضاً وهو حالة من حالات التعويض حيث يحس الضاحك ان المضحوك منه اقل منه شأناً واقل قيمة لذا فهو يحس نفسيا انه مستعل عليه وهذا يخلق الفكاهة لذا يجب ان نكون على يقين تماما ان الضاحك لا يكون في حالة خوف ولا في موقف حيطة  أي ان الضحك يستوجب الثقة والمودة دون شائبة في ذلك( ) .
يتفق فرويد كثيرا مع برجسون في موضوعة  الشعور بالتفوق  و لاشك فان الفرد يعبر بشكل او بآخر عن الاوضاع و الاتجاهات و القيم والميول و الرغبات ، "يبدو لنا الشخص مضحكا حين نقاربه بانفسنا فنجد انه يبدي اهتماما مفرطا بوظائف جسمه الطبيعية ، بينما لا يبذل لطاقته الفكرية الا الشيء الضئيل للغاية ، وليس من جدال في ان ضحكنا في كلتا الحالتين يكون تعبيرا عن الشعور بالابتهاج  لهذا التفوق الذي نحسه في انفسنا تجاه هذا الشخص"( ) .
المبحث الثالث:الضحك في المسرح 
عند عرض موضوع الكوميديا يتبادر الى الذهن حالة الإضحاك وذلك لان التصورات واحدة في الاثنين فالضحك ينتج من الكوميديا وأساليب صنع الضحك هي في الاساس كوميديا حتى ان كتاب برجسون الضحك يبحث عن اشكال الكوميديا (الحركية – واللغوية – والمزاجية) وهي مجسدة في المسرح ،ويرى أرسطو في الهزل في كتابه فن الشعر بأنه "تشويه ونقص في الطبيعة بغير الم ولا ضرر.... و الملهاة ... وهي محاكاة الاراذل من الناس الا في كل نقيصة ولكن في الجانبي الهزلي الذي هو قسم من القبيح. اذا الهزلي نقص وقبح بغير إيلام ولا ضرر : فالقناع الهزلي قبيح ومشوه ، ولكن بغير إيلام"( ) ، أي لكي يكون الموقف مضحكا لا بد ان تبتعد عن كل ما يؤذي الآخر حتى يتحقق الاتحاد بين نفسية المضحك و السامع .
من اكثر صنوف الدراما استهواء للجمهور هي الملهاة وذلك لما تحمله من بديهة حاضرة وقدرة على انتاج الفكاهة التي يرغب اليها الانسان لانها تخلق وئاما بين الناس بعد ان تباعدت الهوة فيما بينهم وزاد الخصام في امور السياسة مثلا و الاخلاق( ) ، ان العرض المسرحي الضاحك هو فن من فنون المسرح الذي يهدف الى تحقيق الامتاع وهو شكل مسرحي عميق تاريخيا . وقد تطور هذا النوع من العرض لضرورة اجتماعية وانسانية ووسيلة فنية وجمالية تعمل على تطوير الانسان فهدف المسرح هو تفريغ شحنات الغضب و الحزن و التنفيس عن المأساة و الكوارث وكل ما يمر بالانسان من اضطهادات حيث التأكيد على الحريات و البحث عن تغير للواقع وخلقا لحالة التوازن بين الانسان وواقعه وكذلك بين الانسان نفسه ، فالشخصية المسرحية التي يصقلها الكاتب نجدها تبحث عن حريتها وتسعى الى خلق عالم بديل خيالي ميتافيزيقي بعد ان عجزت في التوائم مع الواقع الحقيقي لذا فالعرض المسرحي يخلق وهما للحرية وشعورا بالانتصار - ولو الى حين -  لذا فالعمل الكوميدي يحررنا من الواقع المأزوم الى واقع افضل لكي نضحك ونفرح( ) .
ينبعث الضحك من المقدس لان المقدس يبقى في ضمير الإنسان الشعبي حيا مترسبا في قيعان الفكر والعادات والطقوس الاحتفالية والمأثورات الشعبية حيث تأخذ دورها في تكوين وعيها الجمالي لذا فالإنسان يميل إلى الفرح اكثر من الحزن وذائقة تميل الى الضحك والهزل لانها مرتبطة بالطابع الاحتفالي القديم( ).
تمثلت الكوميديا الرومانية بـ(بلاوتس وتيرانس) حيث كانت عبارة عن مفردات رذيلة وجشعة فقد كانت غاية بلاوتس تقديم نكتة حتى وان طغت على الدور فالأساس هو اظهار النكتة بالطريقة التي تثير السخرية و الاضحاك حيث بلغ هؤلاء الكتاب درجة التطرف في الضحك سواء كان هذا الاضحاك في وقته المناسب أم في غير وقته أي لا يهتم بمطابقة الضحك للموقف طالما حدث فعل الإضحاك فالفعل الدرامي والفكرة المسرحية قد يضيع ويتلاشى بين ثنايا الضحك( ) .
في العصر الوسيط وخصوصا المسارح خارج الكنيسة بُحث عن كوميديا مختلفة فلم تقتصر على اضحاك فقط بل على معالجات فنية اجتماعية لمشكلات الثلاثي (الزوج ، والزوجة ، والحماة) ، فضلا عن موضوعات المكر و الخديعة و الخادم المغلوب على أمره حيث كانت هذه المواضيع هي السائدة في هذه الملهاة( ).
في العصر الإليزابيثي كان التركيز على الذات الإنسانية "حيث أصبح الإنسان  نفسه محررا من جميع الملابس التي تخفي جوهرة الحقيقي،ورأينا في كل ذلك ضمانا لسعادة البشرية ومقدمة ضرورية لكل تطوها في المستقبل( ) . فقد بحثوا عن ضعف الإنسان وكشفه ومن ثم الكفاح ضده وهذا الضعف لا يحتاج الى غضب بل الى عرضه بشكل كوميدي ويستدعي فقط انتباه وتميز ومن ثم علاج هذا النقص وذلك لان الفرد في هذا العصر هو الأساس ودراسته وفق طبيعة الإنسانية( ) .
ويرى الباحثان ان ارتباط الشخصية الانسانية بما موجود فيها من نقص خرجت الملهاة السلوكية القائمة على وجود عائق او خلل طبيعي فطري هو الذي يسبب الضحك.
  قدم المسرح الانكليزي الكاتب (بن جونسون) الذي اعتمد على الهزل و المبالغة و الاعتماد على الهجاء وربطها بالأمزجة السلوكية و الاخلاط الاربعة المتحكمة في الانسان وسلوكه وهي (الدم،والبلغم ، والصفراء،والسوداء)،حيث عدت هذه الصفات هي نواقص وامزجة معيبة اجتماعيا لذا عمد على معالجتها في نصوصه المسرحية( ) . فقد اكد (بن جونسون) على ان الكوميديا ما هي الا حماقات صادرة من انحراف الانسان في سلوكه بحيث يبدو شاذا اجتماعيا .... وبذلك تصبح الكوميديا جدية وذلك لانها تهتم بالانسان وبقضاياه الاقتصادية و الاجتماعية والاخلاقية فالكوميديا بحسب (بن جونسن) اقل بكثير من الجرائم فالجرائم تنسب الى التراجيديا اما الحماقات فهي الكوميديا( ) .
قد يكون الضحك عقليا ذهنيا وهذا النوع يتجسد في مسرح العبث و اللامعقول عند (بكت) و(هارولد بنتر) فالشخصيات هنا تفصح عن فشل الانسان في التفاهم مع نفسه اولا ومع الاخر ثانيا فالانتظار الساخر لـ(كودو) يثير الضحك لكنه ضحك من نوع خاص ضحك مقلق حيث ينتهي العمل ولا يأتي (كودو) وهي مفارقة كوميدية تولد الاضحاك( ) .
بعض أنواع الضحك خيالي ميتافيزيقي ففي مسرحية - دون كشوت –  لـ(سرفانتس) حيث يحارب (دون كشوت) طواحين الهواء ورغم عدم وضوح الفكرة وعدم معقوليتها لكنه يجاهد في سبيل مسعاه ويحاول ان يجعل نفسه قدرة خارقة فيجعل من نفسه اضحوكة محاولا الانتصار لكنه يسخر من نفسه وعلى ذلك تخلق لنا الكوميديا مهربا من كل يأس حتى نسبح في أحلام ميتافيزيقية حالمة فالكوميديا تمثل ادعاءات ميتافيزيقية وقد تحمل لنا السخرية و المفارقة وحتى العبث و التلاعب بالالفاظ وهي وجوه متعددة لإثارة الإضحاك( ) .
ان التنفيس عن القلق له اثر في الدراما الكوميدية ... حيث يمكن ان نرى ذلك بوضوح في الكوميديا العظيمة الكلاسيكية (طرطوف) لـ(مولير) فنحن نضحك من الطريقة التي يستخدمها (طرطوف) عندما يخدع (اورغون) ويتملقه لاننا نشعر بتفوقنا على (اورغون) ... فبراعة المؤلف تجعل (ارغون) تحت سيطرة نفاق (طرطوف) بينما يرى الجمهور هذا الرياء واضحا وهذه الوسيلة مهمة في جعل المتفرجين يعرفون امورا اكثر مما يعرفه الممثل على خشبة المسرح  والذي سيوفر لهم انغماسا في الفعل المسرحي وشعورا بالتفوق وكان لسان حالهم يقول:لا تمثلوا بهذه الطريقة الحمقاء وهو مصدر الكثير من الاعمال الكوميدية( ) ، فالكوميديا الهازئة كانت تهدف الى الاستخفاف بالعيب، حيث منذ ارسطوفانيس والمسرحيون يطورون أساليب ومعايير تحمي الكوميديا الراقية من السذاجة والتوريه التي تتجلى في الهزلية ( ).عمد المؤلف الكوميدي على انشاء عالما من الخيال والمسرح وذلك عندما انزل الملوك و الآلهة و الفلاسفة الى الاسفل والتلاعب بتراكيب الكلمات واستخدام الالفاظ النابية للسخرية من هؤلاء من اجل خلق التصحيح وهو احد وظائف الكوميديا وذلك لانها النموذج و النموذج ايضا معرض للسخرية ، فالكوميديا ومنذ نشأتها الأولى تحاول الهجاء من النموذج في محاولة لتمرد الفرد على المجتمع و الواقع محاولا فضح العلاقات المزيفة البعيدة عن الحقيقة و البحث عن علاقات اكثر رقي فالعروض الكوميدية اعطت الحرية لتبادل الادوار وجعل العالي او النموذج في الاسفل و المتدني رفعته الى مصاف الالهة فتبادل الادوار بين السيد وخادمه يثيرا إضحاكا في العرض المسرحي او ممارسة السلطة تثير الاضحاك او اهانة الملك او تحقيره او في مشاهد الكوميدية الاخرى التي يسخر بها الطالب من معلمه والابن من ابيه والعامة من الملوك وعملية الاضحاك هذه هي حالة من التمرد في المسرح على الواقع حيث يتمتع الجمهور في مثل هكذا عروض معتقدا بانه انتقم من النموذج في عملة المسرحي ولكن الحقيقة التي لا يدركها انه زاد من احباطاته ومأساته( ).
يثير الضحك في المسرح من جراء الخوف من العقاب فمثلا في مسرحية المفتش العام لـ(غوغول) نجد ان محور الصراع هو الخوف من العقاب فرئيس البلدية و القاضي وكل الشخصيات تشعر بالخوف من اكتشاف جريمة الرشوة المتفشية في البلاد وكذلك الخوف من العقاب الذي قد يتعرض له كل واحد منهم( ) 
في بناء الموقف الكوميدي نحتاج الى الحبكة ولا بد من وجود تقنية أي كيفية عرض النكتة و الاسترسال ومن ثم الكشف ثم عرض الازمة بطريقة غير مستقرة وتثار الضحكة في الاعمال الكوميدية عندما يتم الكشف عن اسرار الشخصية شيئا فشيئا ومن ثم الحل لانه غالبا ما تقع الشخصيات الكوميدية في مواقف ومآزق معينة وهذا يتطلب مهارة الكاتب وبراعته في الصياغة لاسيما اذا كانت كل الشخصيات تجاهد من اجل الوصول الى الحل( ) .ان التقنية التي تعتمد عليها اية هزلية في اثارة الضحك وأساليب صنعه قائمة على المباغتة و السرعة في الطرح حيث يتم عرض المشاهد المثيرة للاشمئزاز حيث تسمح بالفحش و العبارات البذيئة.
يقترب الممثل في المسرح الكوميدي الضاحك مع الممثل في المسرح الملحمي فهو دائما يضع مسافة بينه وبين الشخصية التي يلعبها أي انه رقيب على نفسه من دون اندماج او تقمص فهو يمثل تمثيلا خارجيا لكي يبقى متحفزا ومراقبا لما يحدث فيقوم بعملية تخيل الموقف لان الهزل لا يمكن ان يحدث صدمة لدى المتلقي ما لم يكن الممثل على درجة كبيرة من الاسترخاء وذي نفس هادئة متزنة متماسكة وهذا احد الاسس التي دعى اليها برجسون في كتابة فن الضحك حينما اكد ان اللامبالاة هي الارض الخصبة و المناخ الملائم للضحك( ).
يمكن ان تثار الكوميديا و الضحك من المبالغة في الملابس (الزي المسرحي) من خلال التناقض بين الشخصية وفعلها او استعمال قبعة بشكل مختلف وكذلك المبالغة في شكل الاحذية ونوعها و اختلافها وعدم التطابق مع الزي العام للممثل او لبس سراويل قصيرة او مزركشة او الاعتماد على ملابس باليه ممزقة قديمة في عرض حديث او استخدام ملابس حديثة في عرض قديم( )، يجب ان يعد التخفي مثلا امرا هزليا لان ملابس التخفي وهي تختلف عن ثيابنا العادية التي تبدو ملائمة لجسدنا تظهر لنا على انها كساء غليظ قاسٍ يلتف حول الليونة الحية للجسد"( ) فاللباس يصبح هنا بتضاده آلية متصلبة وفقا لطروحات برجسون.    
ما أسفر عنه الإطار النظري
1. ينبع الضحك من التناقض بين (الصوت والشكل) ، (الملبس و اللابس) ، (الحركة والتصرف ومكانة الشخصية في المجتمع) ، (ايماءة فرح ايماءة حزن).
2. يتولد الضحك كلما كان تركيز المجموعة بالكامل على شخص واحد .
3. التكرار هو الصيغة الامثل لانبعاث الضحك سواء أكان باللفظ (مفردة ، عبارة) ام بالمشهد .
4. التعارض يولد الضحك أي اعطاء اهمية كبيرة لشيء تافه و اللا ابالية لشيء المهم .
5. يتولد الضحك عند استعمال او توظيف مفردات شعبية في متن الحوار  الفصيح او اضافة مفردة فصيحة في حوار شعبي .
6. التصلب في الحركة والذي يولد التلكؤ و الذي يولد بدوره الاضحاك .
7. يتولد الضحك من جراء الحديث عن احلام صعبة المنال امثال الاحلام الميتافيزيقية و السيريالية .
8. التكثيف في رسم الشخصيات وخاصة في المكياج ، حيث ترسم انوف او اذان للشخصية تثير الضحك مع البقاء على ملامح الشخصية المقلدة بمعنى كل تشويه لشخص طبيعي يثير الهزل والاضحاك .
9. يعتمد الضحك على المفاجئة او ما يسمى بالمسرح بالصدمة او رد الفعل وبه يحدث التحول وكشف الحقائق وقلب الفعل الدرامي.
10. عملية قلب الادوار تخلق الاضحاك أي التبادل بين شخصية (المعلم ، والطالب) ،(الملك ، والخادم) ، (القاضي ، والسجين) .
11. حالات اللبس وسوء التفاهم ، كإن تتحدث احد الشخصيات عن موضوع معين والشخصية الاخرى عن موضوع اخر والعملية برمتها مكشوفة الى الجمهور .
12. حالات الاداء المختلفة ، فالاداء السريع يولد الاضحاك ، والاداء البطيء يولد اضحاك ايضا بل حتى الاداء المتقطع يولد الاضحاك وذلك تبعا للموقف الذي تسير عليه الاحداث .
الفصل الثالث
أولا:- إجراءات البحث 1. مجتمع البحث : تألف المجتمع الاصلي للبحث الحالي من (12) عرضا مسرحيا كوميديا ، قدمت على مسارح كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل من قبل الهيئة التدريسية لقسم الفنون المسرحية وللمدة من (1990-2009) كما في الجدول رقم (1)
جدول رقم (1) يبين العروض الكوميدية في كلية الفنون الجميلة للفترة من1990 – 2009
ت اسم المسرحية المؤلف او المعد المخرج سنة العرض
1 يبه الساكن على التل لودفيج هولبرغ عقيل جعفر 1990
2 الدب تشيخوف عصام عبد الأحد 1992
3 الجرة لويجي بيراندللو عقيل جعفر 1992
4 طيب رغم انفه موليير عقيل جعفر 1993
5 اللعبة الموجعة يوسف العاني عبد الوهاب الخطيب 1994
6 حصحص الحبوب توفيق الحكيم عباس محمد إبراهيم 1994
7 محكمة النساء ارسطو فانيس عبد الوهاب الخطيب 1994
8 قصة حديقة الحيوان ادواردالبي ادواردالبي 1997
9 هو وهي يونسكو محمد فضيل 2000
10 الاكمة والكسيح دار يوفو محمد حسين حبيب 2000
11 قميص رجل سعيد بير فوريية محمد حسين حبيب 2004
12 نائب فاعل سرمد سليم امير هشام 2009
2. عينة البحث : انتقى الباحثان (2) عينات من مجموع مجتمعه اختيارا قصديا  (جدول رقم (2)) ووفقا للمسوغات الآتية : 
أ – تعدد العروض المسرحية الكوميدية لكل مخرج .
ب – امكن للباحثان الحصول على أقراص مضغوطة (CD).
ج – اختار الباحث عيناته لمخرجين اتسموا بغزارة الانتاج وتمتعهم بخبرة في الاخراج المسرحي.
                                   جدول رقم (2)
ت اسم المسرحية المؤلف و المعد المخرج سنة العرض
1. الجرة لويجي بيراندللو عقيل جعفر 1992
2. قميص رجل سعيد بيرفورييه محمد حسين حبيب 2004
3. منهج البحث : اعتمد الباحثان على المنهج الوصفي التحليلي .
4. أداة البحث : اعتمد الباحثان على المؤشرات التي اسفر عنها الاطار النظري .
ثانيا : تحليل العينات
العينة رقم (1) مسرحية (الجرة) تأليف : لويجي بيراندللو إخراج : عقيل جعفر 1992.
في خضم الهموم النفسية الذاتية وتاكيدا لحقيقة المازق السياسي في تلك الفترة قدمت مسرحية (الجرة) و التي حملت معنى البساطة و البراءة ودعوة بريئة للضحك حيث تتلخص فكرة المسرحية في الدخول في المازق وكيفية الخروج منه على صعيد العرض اما على صعيد الحياة العامة و الذي شمل مواقف الحياة بالكامل. فبعد ان ترقب الجميع حضور الجرة العملاقة المقدسة في جو من السعادة و الهدوء والعمل المتواصل يسمع صوتا كارثيا بحدوث حادث جلل فالجرة الجديدة كسرت وكأن لعنة من السماء سقطت عليها لتحيلها الى نصفين ليسيطر الخوف على الجميع فيجن حنون (دون لولو)صاحب الجرة ويبدأ بتوجيه التهم لكل فرد من افراد المجموعة بانه كان سببا في كسرها بطريقة او باخرى حتى يقترح احدهم ان هناك منقذا واحدا من الورطة الا وهو (العم ديما) مصلح الجرار فلديه صمغ عجيب مبتكر ان الصق اصبعين فلن يستطيع احد فكهما ، يتقدم (العم ديما)  بإصلاح الجرة فينشب الصراع بينه وبين (دون لولو) حول طريقة التصليح فـ(دون لولو) يريد الاسلاك و (العم ديما) لا يرغب بالسلك فهو يراهن على صمغه العجيب ومؤمن كل الايمان به .
في بداية العرض نجد شخصية (امباري بيه) وهو يوجه الفلاحات الى العمل بجد ونشاط وان لا يضيعن الوقت سدى فالعمل بالاجر اليومي وكل زيتونة تسقط فهي خسارة لـ(دون لولو) وللمزرعة ، لكن الفلاحات تحاول اغاضته حيث تقول احد الفلاحات :
- تريزوتشا : نبعثر الزيتون؟ بالنسبة لي ، لم اترك واحدة تسقط .
- ترسينا : بعزقه؟ انا عن نفسي ، لم تسقط مني ولا واحدة( ).
لكن هذا الكلام عكس الفعل فهي تسقط الزيتون الواحدة تلو والاخرى امام عينه حيث يبدو فعل المعاكسة بين الفعل و الحوار وهذا القلب بين الحوار والفعل يحقق درجة من الموازنة بين ما تتمناه بهدم المزرعة ومن فيها وهذا الواقع وبين رغبتها في مسايرة الجميع ومن ثم خلق واقع وجودي متمرد عكس التنظيم أي انها تحاول ان تعيش تجربة من نوع اخر مخالفة لواقعها من اجل التغيير و هذا يتم عن طريق الضحك والسخرية .
تفخيم الموقف من قبل (امباري بيه) بمطالبته بذل العاملين جهد اكبر وخلق توافق بالعمل لكننا نجد الجميع غاضبين وغير راضين ليبدأ تهكم وسخرية واضحاك من نوع اخر لتبدأ المكبوتات باليقظة وان تطفح الى الخارج امباري بيه يقول : 
- امباري بيه : وهو يغني وانفه في الهواء( )
وهذا موضع اخر لاثارة الاضحاك أي تنزيل من شأن الاعلى او النموذج وهو حالة نفسية من اجل التقليل من قيمته وعزله في زاوية محددة وفي الوقت نفسه دمج الحلم بالواقع الحلم المتمرد وفرض السعادة وكأنك تغطي الخوف بغطاء الضحك .
يدخل (دون لولو) ذلك الشخص ذو المزاج الناري صاحب المزرعة الذي يتوقع المشاهد بعد تقديم المعلومات عليه بانه ذلك الرجل صاحب الاطيان ذو المظهر الحسن فيتفاجىء وتحدث له الصدمة ورد الفعل فيظهر شخصية مضحكة بملابسها و حركة ايقاع دخولها الرتيب فالمشاهد سيغير انطباعاته السابقة الى انطباعات جديدة غير التي صاغها في صوره الذهنية في هذه الحالة يتولد الاضحاك فملابسه رثة وغير متناسقة تحوي ربطة عنق تصل الى القدمين وبعد ان تآلف الجمهور مع الشخصية يبدا فعل اضحاكي اخر متمثل بالايماءة الغاضبة و التصنع الواضح الذي يقوم به الممثل فالممثل غير مندمج بالمرة لانه يمثل الشخصية من فوق وهو مراقب لها فهو يسمع الضحك و التصفيق لذا فهو مرتجل غير متقمص .
تكرر فعل المعاكسة و المبالغة فعندما يتكلم (دون لولو) على كتاب القداس الذي قدم له من قبل المحامي فهو أي (دون لولو) يهول هذا الكتاب فيصفه ويقول:
- دون لولو : انه القانون المدني! من المحامي.....لن يخدعني الانسان بعد اليوم ولا حتى الجن الاحمر.....لا قضية صغيرة ولا كبيرة الا شرحها( ) 
واذا بالكتاب المهم يكون بحجك صغير جدا فصغر الكتاب قد شوه الحكاية الاصلية بالكامل وهذا اثار تناقض فالتقديم غير النتيجة فالحوار شيء و الفعل شيء اخر وهذا التناقض بين (الحوار ، الاكسسوار ، الكتاب الصغير) ولد الاضحاك فبعد ان اندمج المشاهد بشكل حقيقي مع الحوار و الفعل و الحكاية المسرودة عن الكتاب يتحول الموضوع بفعل مادية الكتاب الصغير الى نكتة تثير الاضحاك .
ادخال بعض المفردات الشعبية ذات المدلول المؤثر على الحوار الفصيح و التي لا تتناسب مع حجم الحدث يخلق عنصر الاضحاك لدى المتلقي فالنص يقول: 
- امباري بيه : الجرة – الجرة الجديدة.
- تارارا : مشروخة( ) .
التكرار هو السمة السائدة في العرض لاثارة الاضحاك فهاذا (العم ديما) يكرر كلمة (ها) بين حوارات (دون لولو) .
- دون لولو : اذا كان كلامك .
- العم ديما : ها
الجرة وكسرها واصلاحها هي عملية كبيرة من وجهة نظر شخصيات المسرحية ولكنها تافهه اذا ما قورنت بحجز انسان فـ(العم ديما) يصر على لحامه الاصيل بقول :العم ديما : 
"ستعرفون بقيمتها حين تغرسون فيها...وان الصقت لك  بها شفتك في منخارك تعيش شمبانزي طوال حياتك"( ).
لكن (دون لولو) يؤكد ويطلب الاسلاك فالصمغ لا يعني شيئا وهنا يتآمر (العم ديما) بان يضع الصمغ فقط لتقع هذه الشخصية في شر اعمالها عندما يستخدم الصمغ دون اسلاك وما يزيد الامر سوءا هو ضيق فتحة الجرة والحدبة التي تستقر في ظهر (العم ديما) وهذا ما يثير الاضحاك فيتحول السيد القوي الى صغير وهذه التحولات تمنح حياة للفعل الضاحك .
العينة رقم (2)مسرحية قميص رجب سعيد ،تأليف : بييرفورييه إخراج : محمد حسين حبيب 2004
عندما تتشابك المواقف وتنغلق الطرق لا يجد الانسان امامه الا الموت تحاول الخيالات والاوهام ارجاعه بعقار عضوي او مادي ولكن لا محال ، بنيت المسرحية على فكرة ميتافيزيقية خيالية متمثلة بالبحث عن قميص لرجل سعيد يرتديه الملك لكي يشفى من علله المستعصية ، فيبدأ في البحث عن ذلك القميص الشافي ، فيقع الاختيار اولا على ذلك الفيلسوف الذي ينشر الحكم ويدعو الى الحب والسعادة ولكن دون جدوى فليس من الضروري ان يكون داعي السعادة مسرورا وفرحا ، فقد يكون العكس فيبدأ في البحث عن شخص سعيد اخر ليؤخذ قميصه الى الملك وهنا يدخل ذلك الموسيقار صاحب الالحان السعيدة والمخاطب الحسي لمشاعر الشعب والنموذج الاول للسعادة ، فبعد ان يطلب منه قميصه نجده يرفض رفضا قاطعا ، فهو الاخر ليس سعيدا بالقدر الكافي و الغاية هي قميص لرجل سعيد لكي يكون العلاج شافيا حتى يبدأ البحث عن ثالث ويقع الاختيار على جنرال الذي يتلذذ بالحروب وينتشي بازدياد عدد الضحايا وعندما يطلب منه القميص وذلك لأنه قائد مغوار حقق انتصارات كثيرة و الانتصارات باعثة للسعادة نجده يتنصل من هذا الموقف فهو الاخر حزين لانه قد خسر معركة واحدة ولا بد من نصيحة الرجل صاحب القميص من كل الاحزان وبين هذا وذاك يقع الاختيار على الرجل السعيد ذلك الشحاذ الذي يخبر الجميع انه سعيد امام دهشة الجميع فهو رث الملابس لا توحي هيئته بانه سعيد وعندما يطلب منه القميص يرفض ليس لسبب الا لانه لا يملك غيره بتاتا،اعطت هذه المسرحية صورتين ، الاولى انه لايوجد رجل سعيد بالمرة ، والثاني الفقر المدقع لاناس و الغنى الفاحش لاخرين والصورتان تصبان في كون ذلك الملك لم يحقق السعادة للشعب و من ثم لم يجد منهم احدا يقدم له شيئا للشفاء .
التكبير في المنظر ولد نوعا من الاضحاك فقد عمد المخرج الى استخدام قميص كبير الحجم بحجم المسرح ، هذا القميص الكبير بكافة تفاصيله ( الازرار ، والاكمام) أي عملية تكبير مبالغ فيها اعطت للمتلقي ومنذ دخوله العرض حالة من الغرابة واللا مألوفية فالقميص كبير وهو يحتضن الملك فالحياة به و الموت بدونه ولد هذا المنظر حالة من رد الفعل الضاحك و الا ليس من المعقول ان يلبس الملك مثل هذا القميص ، فالقميص كبير الحجم قياسا بالملك والذي اعطى ايحاء ان الشعب هو خيمة للملك ولكن الاحداث اثبتت خلاف ذلك لذا تولد التناقض بين الشكل والمضمون ومن ثم المفارقة بهذه التناقضات وهذه المفارقة هي طرح لمعاني عدة لهذا الملك ودوره وعلاقته مع الشعب وما يعانيه أي كانت دلالة للوصول الى حقيقة ما وهو طرح يتسم بالسخرية و الذي ولد نوعا من الابتسام والاضحاك .
عندما يقدم الطبيب وصفة لعلاج الملك وهي الحوارات غير المفهومة نجد بين كل حوار واخر غير مفهوم صوت (إي) باللهجة المحلية او العامية وهذه الكلمة هي متداولة ومعروفة في المجتمع وقريبة من الجمهور وهي تسحب الفعل الى المتلقي ومن ثم تخلق حالة الاتحاد مع المجموعة حيث تتوفر ثلاث اقطاب لعملية اضحاك (الممثل ، النكتة ، المتلقي) فعندما تدخل هذه المفردة الشعبية فانها سوف توفر المناخ المناسب لتقريب الموضوع الى الجمهور و تخلق حالة من الحميمية تجعله اكثر قربا من الممثل والتي تمحي العلاقات التقليدية و تقربة من الشكل البرختي وتربطه نفسيا بما يجري وبالتالي تخلق له حالة من الانفصال عن العرض ومن ثم العودة الى الفعل على المسرح .
عملية الشفاء ليست بعقار كيميائي معين ولكن بطريقة غير واردة وغير واقعية فالشفاء هنا بارتداء قميص لرجل سعيد وهذا ما يحقق النكتة ويجعل بحسب برجسون لعبة (الدومينو) تزداد فالملك مريض والمرض لا يشفى والشفاء يحتاج الى قميص و القميص لايوجد الا عند رجل سعيد قد يكون الفيلسوف او الموسيقار وقد يكون الجنرال حتى الاخير الشحاذ الذي هو سعيد باعترافه لكنه لا يملك ان يهب القميص الى الملك لانه لا يملك غيره ، لنعود من جديد الى مرض الملك وكاننا ندور في حلقة دائرية لنعود الى النقطة نفسها . 
كثير ما استعمل في العرض المسرحي ما يسمى (البكاء الضاحك) فالنقيض للشيء يولد اضحاك ، فالضحك يتولد من البكاء الساخر وهو يولد نوعية من السخرية أي فعل معاكس او مبالغة مسرفة في البكاء او بغير ايماءات البكاء الاعتيادية وقد يتم فعل الضحك في حالة البكاء او فعل البكاء في حالة الضحك وبالحالتين يمكن ان ينتج الضحك .
دخول الفيلسوف خلق نوعا من المعاكسة بين الشكل والمضمون أي ان شكل الفيلسوف وطريقة دخوله فضلا على دخول مؤثر موسيقي أعطى إيحاء بدخول شخص عظيم واذا به شخص بدين يتحرك بايقاع بطيء قياسا بالفعل السريع للموقف العام فضلا عن اللا مبالاة التي كان يتمتع بها فهو كما يقول دائما في خدمة الملك، حيث يرتجل هذا الحوار الفيلسوف (من يستطيع ان يرفض خدمة للملك.....ويتورط) وعندما يطلب منه تقديم قميصه باعتباره رجل سعيد يحصل التهكم و السخرية للشخصية ضد الموقف لذا فهو يعلق على هذا الحدث بانه ربما يريد بنطلونه او وشاحه او حتى (صمت) او شيئا اخر وهذا الصمت ولد اضحاك عن طريق الرمز الى ذلك الشيء و الذي هو مخزون في مكبوت المتلقي أي انه يملأ من عندياته وان كان هذا الرمز سهلا وواضحا .
استخدم العرض حيلة اخرى وذلك عندما كان تقديم المعلومات عن  الجنرال قبل دخوله بانه (قائد للجيش،وحامل للاوسمة، وقائد لاصحاب الشوارب) كل هذا التقديم المبجل حيث يبني افاق لدى المتلقي بانه قائد ضخم قهر الدنيا ببطولاته وبضخامة جسمه ورخامة صوته واذا بالافاق تكسر ليكون خلاف ذلك تماما فيحدث التناقض وينتهي كل هذا الى اللا شيء او الشيء المعاكس ، فالصدمة في كل هذا هو اخراج الجنرال بهيئة امرأة رشيقة ذات صوت ناعم بينها وبين ضراوة الحرب وشراستها اميال و اميال ليتحقق فعل الاضحاك بناءا على هذا الفعل المتعارض .
يعثر على الرجل السعيد حيث تحدث الجلبة والصخب في كل مكان ويتم استقابله واذا به غير ما هو متوقع ، شخص رث الملابس ، حافي القدمين ، ذو ملابس ممزقة ، حتى انه يرفض اعطاء قميصه بحجة انه لا يملك قميص اخر فتتولد الضحكة لدى المتلقي بانه سوف يخلق علاقة بين الرجل وملابسه الرثة وبين كونه سعيد وانه لا يملك شراء قميص اخر فالجميع لا يعير أي اهتمام لحالة الفقر الذي يمر بها هذا الفرد فالاهتمام منصب بالملك وشفائه وهذا ولد اضحاك فالشخصيات تتحدث عن موضوع يتعلق بالملك وشفائه وهذا الشحاذ لا يجد الا هذا القميص الذي يحميه من الظروف القاسية وهذه حالة من حالات اللبس في الموضوع و التي تولد الاضحاك حيث تبدأ المغريات للحصول على قميص هذا الرجل الفقير 
- المستشار : هل تريد قصرا؟ مقاطعات ؟ جيادا خدما ؟ هل تريد ان تصبح جنرالا؟
- الرجل : يا هذا؟ انا لم اطلب شيئا مقابل اعطائكم القميص .... اني لا املك أي قميص( ) 
لينتهي العمل بسقطة للجميع تحت استغراب الرجل ودهشته لما حدث ليدخل المهرج الذي يكرر حركاته الساخرة ، وفي نهاية العمل قدم قميصا اخر يحمله المهرج وكان العملية هي لعبة بيد المهرجين فهم الوحيدون الذين يملكون زمام الامر ليقدم الفصل الاخير من الضحك بينما يشير بحركات صامتة ان القميص بحوزته فالضحك تولد من ابتداع اشياء جديدة تخالف الامور الطبيعية ، فبعد ان كان الشعور بالتفوق يحس به الجمهور بما يحمله الموضوع من غباوة بعيدة التصديق ليتحول في اللحظات الاخيرة الى حالة من النكوص للمتلقي لان كل ماعرض هو عملية تحذيرية له ، فحالة العرض تمسه بشكل مباشر لتختلف موازين القوى ويصبح المتفوق الان المهرج فهو يملك القميص وليس لاحد حق فيه لا الملك ولا الجمهور وهي حالة من الوعي و الاصلاح والتقويم ينشدها المسرح الضاحك.
الفصل الرابع /نتائج البحث
1. إدخال المفردة الشعبية وسط الفصيح هو الأغلب في إثارة الإضحاك كما في العينة رقم (1) حيث تم إدخال المفردة الشعبية (عيني)  وكلمة (إي) كما في العينة رقم (2) .
2. تكرار نهايات الجمل كلازمة لإثارة الإضحاك أكثر من تكرار الكلمة أو الجملة بالكامل كما في العينة رقم (1) حيث كررت نهاية الكلمة (دخلتن) بالمقطع (إنه) .
3. فعل المعاكسة خلق الإضحاك وهذا يتجلى في العينة رقم (1) حيث يخالف الفعل الحوار ، فإسقاط الزيتونة محرم فلا بد من الحفاظ على كل زيتونة ولكن الفعل معاكس تمام .
4. السخرية من النموذج أو التمرد عليه واضح في العينة رقم (1) حيث يتم السخرية من (دون لولو) رغم من انه مدير المزرعة وهذا ولد إضحاكا لدى الجمهور .
5. تناقض الشكل مع المركز الاجتماعي ولد إضحاكا كما في العينة رقم (1) فمدير المزرعة هو صاحب أطيان لكن المفاجاة والصدمة في انه رث الملابس لا تتناسب هيئته مع مركزه الاجتماعي ، كذلك في العينة رقم (2) حيث تناقض تقديم المعلومات حول الفيلسوف و الجنرال مع الحقيقة المرئية على خشبة المسرح .
6. حالات اللبس وسوء الفهم تجسدت في العينة رقم (1) وهذا ما تميزت به شخصية (تارارا) بالغباوة ، فحينما يطلب منه دهن مكان الكسر في الجرة يذهب إلى موضع حادثة الكسر في المخزن وهذا اللبس وسوء الفهم ولد إضحاكا ، كذلك في العينة رقم (2) حينما تجاهد المجموعة للحصول على القميص السعيد من ذلك الشحاذ وهي لا تعي إن هذا هو القميص الوحيد له.
7. ينتج الإضحاك عندما تتوفر للكلمة أكثر من معنى فتتم الإحالة من المعنى الأول إلى المعنى الثاني وبالعكس كما في العينة رقم (1) في كلمة (ناحية) من حيث هي جانب أخر من الفكرة والكلام ومن حيث هي (ناحية / قضاء / مركز مدينة) وكذلك في العينة نفسها رقم (1) حيث يطلب (العم ديما) من (تارارا) إن يجذب الطرف المكسور بعد ان تمت عملية اللصق تثير غباوة (تارارا) الضحك عندما يخبره بأنه غير قادر فانه لم يعتد الكذب (فمرة كانت الكلمة يجذب بمعنى يسحب ومرة يكذب بعكس الصدق) .
8. يتولد الضحك عند تقديمه وظيفة تصحيحية عينة رقم (2) عندما لا يوجد قميص ولا يوجد رجل سعيد ولا يمكن شفاء الملك لأنه لم يحقق السعادة للشعب .
9. الصمت والوقفة في الأداء في حركة الوجه و الإيماءة ولد إضحاك في جميع العينات .
10. المبالغة في المنظر المسرحي كما في العينة رقم (2) خلق قميص عملاق غير مألوف .
    الاستنتاجات :
1. الضحك يتولد بصورته العامة من الشعور بالتفوق والاتزان . 
2. التقديم والتأخير في حروف المفردة والجملة يولد إضحاك .
3. تصغير الكبير وتكبير الصغير عنصر أساس في إنتاج الضحك .
4. الاختلاف بين شكل الشيء وحقيقته يولد إضحاك .
5. تعدد المعاني للكلمة الواحدة يوفر المناخ المناسب للضحك .
6. المبالغة والإزاحة في شكل (الملبس ، المنظر ، الماكياج) عامل مهم لخلق الإضحاك .
7. حالات التوقف بين الحوارات و الوقفات التي تحتاج إلى تكملة من المشاهد ولد إضحاكا
8. المشاهد الصامتة ولدت إضحاكا أما لمبالغتها أو لتقديمها أفعال معكوسة عن حقيقة الفعل الأصلي .
9. المفردة الشعبية كان لها اثر في الإضحاك .
10. أعطى الضحك مدلولات نفسية من حيث اتزان وتنفيس المشاهد لقضايا تتعلق بذاتيته .
11. للضحك مدلولات اجتماعية وذلك بتصحيحه لبعض العيوب .
12. للضحك مدلول سياسي وذلك بسخريته من النموذج والتمرد عليه.

الهـــــــوامش 

(1)هنري برجسون,الضحك, تر,علي مقلد (بيروت: مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع , 2007) ص16, ص25. 
(2)هنري برجسون, الضحك, مصدر سابق ص60.
(3) جميل صليبا، المعجم الفلسفي (قم : ذوي القربى. 1385هـ ) ص754 .
(4)ينظر:الحكيم راجي عباس التكريتي، الضحك طبيعته ووظيفته في الحياة (بغداد: مكتبة أحياء التراث، 1985) ، ص86 .
(5)ينظر:عثمان عبد المعطي عثمان،عناصر الرؤية عند المخرج المسرحي (القاهرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996) ، ص118 .
(6) ينظر:جلين ويلسون ، سيكولوجية فنون الاداء ، تر: شاكر عبد الحميد،سلسلة عالم المعرفة (258) (الكويت: المجلس الوطني للثقافة و الاداب ، 1990) ، ص118 .
(7)هنري برجسون، الضحك ، مصدر سابق ، ص61 .
(8)هنري برجسون، مصدر سابق ، ص14 .
(9) ينظر: عثمان عبد المعطي عثمان  ، مصدر سابق ، ص122 .
(10)هنري برجسون، مصدر سابق ، ص63 .
(11)للمزيد ينظر فيلون، فرنسو ، الاستاذ باتلان (ـــــــــ ، المطبعة الفنية الحديثة ، 1969) .
(12) ينظر:هنري برجسون ، المصدر السابق ، ص65 .
(13) هنري برجسون، ص57 .
(14) ينظر: هنري برجسون ، ص78 .
(15)ينظر:هنري برجسون، ص82 .
(16)ينظر:هنري برجسون، ص83 .
(17)ينظر:جلين ويلسون، مصدر سابق ، ص160 .
(18)ادوارد سعيد، العالم و النص والناقد،تر:عبد الكريم محفوظة (دمشق:منشورات اتحاد الكتاب العرب،2000)، ص124 .
(19) ينظر:اريك بنتلي ، الحياة في الدراما ، تر : جبرا ابراهيم جبرا ، ط3 ، (بيروت:المؤسسة العربية للدراسة والنشر، 1982) ، ص229-230 .
(20)ينظر: زين الدين المختاري، المدخل الى نظرية النقد النفسي؛سيكولوجية الصورة الشعرية في نقد العقاد لنموذجا،(دمشق : منشورات اتحاد الكتاب العرب ، 1998) ، ص13 . 
(21) جلين ويلسون ، مصدر سابق ، ص247 . 
(22)  بدر الدين عامود، علم النفس في القرن العشرين،ج1،(دمشق ، منشورات اتحاد الكتاب العرب،2001)، ص 301 ، 303 ، 3.4 . 
 (23)اسماعيل الملحم،التجربة الابداعية دراسة سيكولوجية الاتصال والابداع،(دمشق:منشورات اتحاد الكتاب العرب، 2003) ، ص29 .  
 (24) ينظر:اريك  بنتلي، الحياة في الدراما ، مصدر سابق ، ص230 ، 231 .
 (25)سوزانا ميللر،سيكولوجية اللعب،تر:حسن عيسى،سلسلة عالم المعرفة 120 ، (الكويت:المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب ، 1990) ، ص19 . 
(26)د. أي شنايدر، التحليل النفسي والفني،تر:يوسف عبد المسيح تروت،(بغداد:منشورات وزارة الثقافة والاعلام، 1984) ، ص97 . 
(27) د. أي شنايدر، مصدر سابق ، ص98 .
 (28)ينظر:الان اميل شارتييه  ، منظومة الفنون الجميلة، تر:سلمان حرفوش (دمشق: دار  كنعان للدارسات والنشر والخدمات الاعلامية ، 2008 ، ص187 .
(29)مولوين ميرشنت، كليفورد ليتش، الكوميديا و التراجيديا،تر:علي احمد محمود، سلسلة عالم المعرفة 18 (الكويت:سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب،1979)،ص26-27 .
(30)ارسطو طاليس، فن الشعر، تر: عبد الرحمن بدوي (بيروت : دار الثقافة ، ب . ت ) ، ص16 .
(31)ينظر: ميلتون ماركس، المسرحية كيف ندرسها ونتذوقها ،تر : فريد مدور (بيروت : مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ، 1965) ، ص180 .
(32) ينظر: عوني كرومي، الخطاب المسرحي "دراسات عن المسرح والجمهور والضحك" (الشارقة : دار الثقافة والاعلام ، 2002) ، ص145 ، ص156 .  
(33)ينظر: عبد الفتاح رواس قلعة جي، سحر المسرح "هوامش على منصة العرض" (دمشق : منشورات وزارة الثقافة ، 2007) ، ص119 .
(34)ينظر: بلاتوس ، كوميديا بلاتوس ، تر : امين سلامة (القاهرة : دار المعارف ، ب . ت) ، ص6-7 .
(35)ينظر:لويس فارجاس،المرشد الى فن المسرح،تر:احمد سلامة محمد (بغداد:دار الشؤون،ب. ت) ، ص77 .
(36) ينظر:(م . س)  كوركينيان  ، موسوعة نظرية الادب "اضاءة تأريخية على قضايا الشكل" ، تر : جميل نصيف التكريتي (بغداد : وزارة الثقافة و الاعلام ، 1986) ، ص67 .
(37)ينظر:(م.س) كوركينيان ،مصدر سابق، والصفحة نفسها .
(38)ينظر:الارديس نيكول،المسرحية العالمية،ج2،تر:محمد حامد شوكت (بغداد:دار المعرفة،ب.ت) ، ص73 . 
(39) ينظر: مولوين  ميرشنت ، ، ليفورد ليش ، الكوميديا و التراجيديا ، مصدر سابق ، ص13-14 .  
(40)ينظر: مولوين  ميرشنت ، ، ليفورد ليش ، الكوميديا و التراجيديا ، مصدر سابق، ص14 .  
(41)ينظر:  المصدر السابق نفسه ، ص99-102 .
(42) ينظر:مارتن اسلن، تشريح الدراما،تر:يوسف عبد المسيح ثروت (بغداد:مكتبة النهضة،1985)،ص74 .(43) ينظر:شكيب خوري، الكتابة والية التحليل "مسرح سينما تلفزيون"(بيروت: بيسان للنشر والتوزيع والاعلام ، 2008) ، ص47 .  
(44)ينظر:عوني كرومي، الخطاب المسرحي ، مصدر سابق ، ص151 .
(45) ينظر:عوني كرومي، الخطاب المسرحي المصدر السابق  ، ص153-154 . 
(46)ينظر: شكيب خوري، مصدر سابق ، ص49-50 . 
(47)ينظر: عوني كرومي، الخطاب المسرحي ، مصدر سابق ، ص174.
(48)ينظر: عوني كروني، ص195 .
(49)ين ظر:كلينث بروكس،نظريات الملهاة في العصر الحديث،تر:محي الدين صبحي/مجلة الاقلام (بغداد) العدد 11 ، السنة العاشرة ، اب 1975 .
(50)لويجي براندللو ، ، ثلاث مسرحيات وثلاث قصص (الجرة) ، تر : محمد اسماعيل محمد (القاهرة : مؤسسة سجل العرب ، 1973) ، ص174 .
 (51)لويجي براندللو، نفس الصفحة .
(52)لويجي براندللو  ، المصدر السابق ، ص176 .
(53)لويجي براندللو،، الجرة ، المصدر السابق ، ص182 .
(54)لويجي براندللو، ص173 . 
(55) بيير فورييه،قميص رجل سعيد،تر:عبد عون الرضوان/في مجلة الثقافة الاجنبية،العدد2،1998،ص102 .
* مسرحية الآم السيد معروف قدمت على مسرح كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل ، اخراج : محمد حسين حبيب ، 2005 .
** مسرحية عسر الهضم قدمت على مسرح كلية الفنون الجملية/جامعة بابل ، تأليف واخراج : علي رضا ، 2007 . 
المصـادر  
المعاجم:
  صليبا (جميل)، المعجم الفلسفي (قم : ذوي القربى. 1385هـ ) . 
  مصطفى (ابراهيم)، واخرون، المعجم الوسيط ، ج1 (طهران : دار الدعوة ، ب . ت) .
 الكتب:
أسعد (يوسف ميخائيل)، سيكولوجية الابداع في الفن و الأدب (القاهرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986). 
أسلن (مارتن) ، تشريح الدراما، تر : يوسف عبد المسيح ثروت (بغداد : مكتبة النهضة ، 1985) . 
التكريتي (الحكيم راجي عباس)، الضحك طبيعته ووظيفته في الحياة (بغداد : مكتبة احياء التراث ، 1985) .
المختاري (زين الدين)،المدخل الى نظرية النقد النفسي "سيكولوجية الصورة الشعرية في نقد العقاد لنموذجا"  (دمشق : منشورات اتحاد الكتاب العرب ، 1998). 
الملحم (اسماعيل)،التجربة الابداعية دراسة سيكولوجية الاتصال و الابداع (دمشق: منشورات اتحاد الكتاب العرب، 2003) .  
أميل  شارتييه (آلان) ،  منظومة الفنون الجميلة ، تر : سلمان حرفوش (دمشق : دار كنعان للدراسات والنشر والخدمات الاعلامية ، 2008) .
برجسون (هنري),الضحك,تر:علي مقلد (بيروت:مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, 2007). 
بنتلي (اريك)،الحياة في الدراما،تر:جبرا ابراهيم جبرا،ط3،(بيروت : المؤسسة العربية للدراسة و النشر ، 1982).
خوري (شكيب)،الكتابة والية التحليل "مسرح سينما تلفزيون"(بيروت:بيسان للنشر والتوزيع و الاعلام ، 2008) .  
سعيد (ادوارد)،العالم والنص والناقد،تر:عبد الكريم محفوظة (دمشق: منشورات اتحاد الكتاب العرب، 2000).
شاكر (عبد الحميد)،التفصيل الجمالي "دراسة في سيميولوجية التذوق الفني"،سلسلة عالم المعرفة 267 (الكويت: المجلس الوطني للآداب و الفنون ، 1990) .   
شنايدر(د. أي)،التحليل النفسي و الفني،تر:يوسف عبد المسيح تروت (بغداد:منشورات وزارة الثقافة والاعلام ، 1984) .   
طاليس، أرسطو  ، فن الشعر ، : عبد الرحمن بدوي (بيروت : دار الثقافة ، ب . ت ).
عامود (بدر الدين) ، علم النفس في القرن العشرين ، ج1 (دمشق ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، 2001). 
عثمان(عبد المعطي عثمان)،عناصر الرؤية عند المخرج المسرحي (القاهرة:ألهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996) .
فارجاس (لويس) ، المرشد الى فن المسرح ، تر : احمد سلامة محمد (بغداد : دار ألشؤون ، ب . ت) . 
قلعة جي(عبد الفتاح رواس)،سحر المسرح "هوامش على منصة العرض"(دمشق:منشورات وزارة الثقافة،2007) .
كرومي (عوني)،الخطاب المسرحي "دراسات عن المسرح والجمهور والضحك" (الشارقة:دار الثقافة والاعلام،2002) .  
كوركينيان  (م. س)،موسوعة نظرية الادب "اضاءة تأريخية على قضايا الشكل" ، تر : جميل نصيف التكريتي (بغداد : وزارة الثقافة و الاعلام ، 1986) .
ماركس (ميلتون) ، المسرحية كيف ندرسها ونتذوقها  ، تر : فريد مدور (بيروت : مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر،1965) .
ميرشنت (مولوين) ، كليفورد ليتش ، الكوميديا و التراجيديا ، تر : علي احمد محمود ، سلسلة عالم المعرفة 18 (الكويت : سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها ألمجلس الوطني للثقافة و الفنون و الاداب، 1979).
ميلر (سوزانا) ، سيكولوجية اللعب ، تر : حسن عيسى ، سلسلة عالم المعرفة 120 ، (الكويت : المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب ، 1990) .   
نيكول (الارديس) ، المسرحية العالمية ، ج2 ، تر : محمد حامد شوكت (بغداد : دار المعرفة ، ب . ت) . 
ويلسون (جلين) ، سيكولوجية فنون الاداء ، تر : شاكر عبد الحميد ، سلسلة عالم المعرفة (258) (الكويت : المجلس الوطني للثقافة و الاداب ، 1990) .
الدوريات 
بروكس (كلينث) ، نظريات الملهاة في العصر الحديث ، تر : محي الدين صبحي /مجلة الاقلام (بغداد) العدد 11 ، السنة العاشرة ، اب 1975 .
عمر (محمد فرحان) ، سيكولوجية الممثل /في مجلة المسرح (القاهرة ، العدد 21 سبتمبر 1965.
فورييه (بيير) ، قميص رجل سعيد ، تر : عبد عون الرضوان /في مجلة الثقافة الاجنبية ، العدد2 ، 1998 .
المسرحيات :
براندللو (لويجي)، ثلاث مسرحيات وثلاث قصص (الجرة) ، تر : محمد إسماعيل محمد (القاهرة : مؤسسة سجل العرب ، 1973) .
بلاتوس،كوميديا بلاتوس، تر:امين سلامة (القاهرة : دار المعارف ، ب . ت) .

-----------------------------------------------------
المصدر : مجلة جامعة بابل -العلوم الانسانية المجلد 23 العدد 3 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption