أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات أصدارات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أصدارات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 17 أغسطس 2017

قراءة في مسرح سعد الله ونوس

مجلة الفنون المسرحية

قراءة في مسرح سعد الله ونوس

القدس العربي :

صدر للناقد رضا عطية مؤلف بعنوان «مسرح سعد الله ونوس.. قراءة سيميولوجية»، وهو بحث ضخم يقع في 474 صفحة، وصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ضمن سلسلة كتابات نقدية. وحسب المؤلف فإن الكتاب يتتبع تحولات رؤى سعد الله ونوس في قضايا وأحداث عصره، والربط ما بين مفاهيمه التنظيرية للمسرح والأداء والفعل المسرحي بالفعل، الذي لم يكن يراه ونوس بعيدا واغترابيا عن عالم المتفرج، بل يتأسس على مشاركة وتوريط المتفرج في ما يراه على خشبة المسرح. وبعد مقدمة نظرية يوضح فيها المؤلف سمات مسرح سعد الله ونوس، يتطرق بالتحليل تفصيلا إلى عدة نصوص، هي، «مأساة بائع الدبس الفقير، حفل سمر من أجل 5 حزيران، الملك هو الملك، والأيام المخمورة»، بحيث يقتصر كل فصل من فصول الكتاب الأربعة على نص بعينه.

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

قراءة في كتاب "نشأة المسرح في المشرق: تركيا العثمانية، بلاد الشام، وإيران " تأليف د. فاطمة برجكاني

"مذكرات مونودرامية" كتاب للمسرحي صباح الأنباري

الأحد، 13 أغسطس 2017

قضايا المسرح العربي في مجلة "ذوات"

مجلة الفنون المسرحية

قضايا المسرح العربي في مجلة "ذوات"

الخميس، 10 أغسطس 2017

كتاب "نماذج من المسرح الإسباني المعاصر " يمثل كل الاتجاهات الفكرية والفنية في اسبانيا

الخميس، 3 أغسطس 2017

كتاب "خطاب الصورة الدرامية "تأليف : حسن عبود النخيلة

الأربعاء، 2 أغسطس 2017

متاهةُ العلامات في العرضِ المسرحي

مجلة الفنون المسرحية


 متاهةُ العلامات في العرضِ المسرحي


أحمد شرجي 

 هو الكتاب الذي  اشتغل عليه منذ أكثر من سنتين، وهو الإصدار الثالث ضمن مشروعي النظري  (سيميولوجيا المسرح)، والذي يتناول تمظهرات العلامة من الناحية الثقافية،  حيث تضطلع ثقافة العرض المسرحي بدور مهم في قراءة العلامات اللغوية  والبصرية. وتبدأ عملية انتقال العرض المسرحي من سياقه الأصلي إلى سياق  ثقافي جديد وحاضن، انطلاقاً من قراءة النص المسرحي.
ويستمد المخرج علاماته الجديدة من ثقافته الخاصة، استناداً إلى المجتمع الذي يعيش فيه والثقافة التي تتشكل من العادات والتقاليد والمعتقدات المجتمعية. يكتب النص المسرحي داخل ثقافته الخاصة تاريخياً وزمنياً. وتشكل عملية إنتاجه الحديثة انزياحاً عن ثقافته الأصلية، إذ تفكك شفرات المؤلف وعلاماته اللغوية والبصرية، وتركب علامات بديلة تنتمي للثقافة الجديدة، وتخضع كل العناصر المسرحية الأخرى من إضاءة، وديكور، وأزياء، وموسيقى، وممثل، وماكياج للعملية ذاتها.
وهنا نتساءل: هل يتشكل العرض وفق الثقافة التي أنتج داخلها، أم تبعاً لثقافة النص؟. وفي حال انتقال العرض المسرحي إلى سياق  ثقافي مغاير، هل يستطيع المتلقي قراءة العلامات اللغوية والبصرية والسمعية للعرض بقصديتها الإرسالية؟ أو تدور العلامات في متاهة حقيقية، نتيجة ذلك الانتقال؟. وما هو تأثير ثقافة الممثل الأصلية على العرض؟. وهل يمكننا أن نتحدث عن سيميولوجيا العرض المسرحي في المسرح الحديث؟ أم أن السميولوجيا ذات خصوصية أدبية؟. وهل تخضع العلامة المسرحية لمبدأ الاعتباطية اللغوية؟ أم لاتفاق صناع العرض المسرحي؟. 
تُركب العلامات داخل العرض المسرحي بناء على ثقافة العرض، ويلتقطها المتلقي بيسر بحكم انتمائه إلى الثقافة نفسها، وعندها يشرع في وضع تأويلاته الخاصة تبعاً لمرجعيته الثقافية. إن العرض المسرحي عملية”ترحيلية". فالنص يرحل إلى ثقافة المؤلف، ويزيح المخرج ثقافة الأول ويحمله ثقافته الخاصة، ويستقبل المتلقي العرض بصفته جزءاً من الثقافة المجتمعية. ولذلك، قد لا يشتغل العرض ثقافياً وعلاماتياً إذا رُحلَ إلى ثقافة مغايرة لثقافته الأصلية. فالعلامات تشتغل بدينامية داخل ثقافتها، وحين تنتقل إلى سياق ثقافي آخر تغترب ثقافياً. إن للعلامة ثقافتها الخاصة، وترتبط بالمرجع اللغوي والثقافي التي ولدت فيه، وتصبح صعبة القراءة والتأويل إذا انتقلت إلى ثقافة أخرى. وبالتالي، تشكل الثقافة والعلامة وجهين لعملة واحدة داخل العرض المسرحي. وهو ما يحفزنا على التساؤل: هل يخضع العرض المسرحي ثقافياً للنص أم للعرض؟ وماذا عن ثقافة الممثلين، خاصة حين يتعلق الأمر بفريق مسرحي متعدد الثقافات (تجارب بيتر بروك Peter Brook مثلا)؟. وهل يمكن تطبيق النظام الألسني (اللغوي) على العرض المسرحي؟ بمعنى آخر: هل يمكن تحليل العرض المسرحي وفق قواعد لغوية؟. وهل استطاع المنهج السيميولوجي مسرحياً التوصل لآليات اشتغالية قارة، بعيدا عن تصورات اللسانيين؟.
ونرى بأنه يصعب السيطرة على البعد الثقافي للعرض المسرحي، لأنه يرتبط بثقافة منتجيه من جهة، وبالمتفرج من جهة ثانية، بوصفه الشريك الحقيقي لعملية التواصل. فهو المرسل إليه ومتلقي الرسالة، ويضع مقارباته الثقافية والاجتماعية بناءً على ما يرسله العرض. ولا يمكن التسليم بقدرة المتفرج على فك شفرات العرض وتحديد معناه، وفق قصديته الإرسالية، لأن العرض يرسل عدداً وافرا من العلامات في الوقت نفسه. وهو ما أشار إليه الفرنسي رولات بارت Roland Barthes، حين وصف العرض المسرحي بأنه”آلة سبرنطيقية". وهنا نتساءل: هل السيميولوجيا نظرية متكاملة تستطيع تحديد مسارات العرض المسرحي؟ أم  أنها مجرد فرع علمي؟ فهل يحتاج صناع العرض المسرحي لـ(عقد قار) مع المتلقي من أجل إفهامه قصدية العلامات التي تبثها المنظومة العلاماتية؟. والموضوعة حتمت اختيار عروض تطبيقية من خلال نص واحد قدم في ثقافتين مختلفتين لغوياً وعقائدياً واجتماعياً ودينياً، وهما الثقافة الهولندية والثقافة العراقية، وتوفر ذلك في نص فلاح شاكر(في اعالي الحب)، والذي ترجم وقد داخل الثقافة الهولندية من قل مخرج هولندي، وقدمه في العراق الدكتور فاضل خليل.
وانتظر اصداره نهاية هذا العام عن مركز بحثي عربي  مهم.

-----------------------------------------
المصدر : المدى - ملحق اوراق

الجمعة، 28 يوليو 2017

مقاربات في مسرح العبث (آداموف وبيكيت ويونسكو وتوفيق الحكيم) للاستاذة سلوى باجي بن حميد: مسرح العبث يتعدّد ويتنوّع بتعدّد السّائرين في طريقه والقراءات التي تمنحه دلالة جديدة..

مجلة الفنون المسرحية


مقاربات في مسرح العبث (آداموف وبيكيت ويونسكو وتوفيق الحكيم) للاستاذة سلوى باجي بن حميد: مسرح العبث يتعدّد ويتنوّع بتعدّد السّائرين في طريقه والقراءات التي تمنحه دلالة جديدة..

لزهر الحشاني - المغرب 

 صدر خلال الاشهر القليلة الماضية  عن دار سحر للنشر  ، كتاب جديد باللغة الفرنسية للباحثة

والمختصة في مجال المسرح المقارن ، الاستاذة  سلوى باجي بن حميد يحمل عنوان « مقاربات في المسرح العبثي (آداموف وبيكيت ويونسكو وتوفيق الحكيم) ويقع الكتاب في 309 صفحة من الحجم الكبير.

قليلة هي البحوث العلميّة الأكاديميّة الجادّة في مجال المسرح المقارن، لذلك شكل صدور كتاب «مقاربات في المسرح العبثي (آداموف وبيكيت ويونسكو وتوفيق الحكيم)» لسلوى باجي بن حميد  وهي أستاذة جامعيّة متحصّلة على التأهيل الجامعي في الآداب الفرنسية، تدرّس  المسرح بكلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة ورئيسة قسم الفرنسيّة بها، وقد شاركت بمداخلات في ندوات علميّة بتونس وخارجها، فضلا عن إشرافها على تنظيم عدّة ندوات وأيام دراسيّة. والكتاب دراسة مقارنة في مجال المسرح، موسومة بالطّرافة والرّيادة من حيث بيان الحاجة إلى الانفتاح وقراءة المسرحي في المسرح الغربي المعاصر، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، مع مبدعي الدراما العبثيّة الّذين لا ينتمون إلى الحضارة الفرنسيّة إلا باللّغة فقط، وهم صموئيل بيكيت (S Becket) الإرلندي، ويوجين يونسكو (E Ionesco) الروسي، وكذلك آرثير آداموف (A Adamov) الروسي، بهدف الانفتاح على الثقافات الفرجوية، لنيل مراقي الاغتناء والتطوير من ناحية، ولتجاوز حالة العقم التي عمّت مجموعة من المسارح الأوربية، بسبب التمركز حول قوالب فنية متقادمة لم تعد تؤثّر في جزء مهمّ من الجمهور. مثلما أفصحت هذه الدّراسة عن بعد مقارني، ووفّقت في إبراز أهميّة مسرحيّة الأديب المصري توفيق الحكيم يا طالع الشجرة (1962) وهي تكتب مسرح اللامعقول وتبحث عن العمق المفقود وتؤسّس لمسرح عربيّ جديد، معتمدا بالأساس على قدرات الفنّ الشّعبي وإمكانات الحسّ الشعبي القادرة على خلق الجديد من الإبداعات، بشكل لا يقلّ جدّة عمّا ينشأ في بلاد الغرب.

علما وأنّ هذا الكتاب يجيء موصولا بمقدّمة ماري كلود إيبار (M-C Hubert) أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة مارساي (مرسيليا) وهي مهتمّة بدراسة إشكاليات المسرح وقضاياه، ولها أعمال عديدة في ذلك تضاف إليها مقدّمة هذا الكتاب الذي تضمن ثلاثة محاور رئيسيّة: الأوّل: مسرح العبث مسرح ضدّ المسرح، والثاني: دراسة تحليليّة للعبث: بعد تخييليّ، والثالث: الموت والفنّ ثمّ خاتمة، وأخيرا ببليوغرافيا للمسرحيّات المدروسة، وعناوين أطروحات المرحلة الثالثة المقدّمة في قضايا المسرح، والمجلاّت، والقواميس، والأعمال النقديّة باللّغة الفرنسيّة.

جاء في تقديم ماري كلود إيبار تنويه وإشادة بهذا الكتاب لما له من فوائد ومزايا، أوّلا باعتبار ما شملته عناية الباحثة من المقارنة بين مسرحيّة الكاتب المصري توفيق الحكيم ومسرحيات كتّاب الدراما العبثية الفرنسيين، وثانيا باعتبار أنّ هذا العمل النقدي لا يبدو من صنف البحوث السّهلة، لأنّ سؤال عبثيّة الوجود بعيد أفقه وعصيّ إدراكه..

وفي مقدّمة الكتاب بقلم الباحثة سلوى باجي بن حميد، نلقى تنصيصا على مسألة هامّة تتعلّق بالدراما العبثية باعتبارها أكثر الأشكال انتشارا في القرن العشرين. وقد بيّنت أنّ أصول مسرح العبث وجذوره متعدّدة: منها تأثيرات السريالية، والدادائيّة، والفلسفة الوجوديّة، وكتابات ألبار كامو (A.Camus) وآنويي(Anouilh) وجيرادو(Giraudoux)  وسارتر(Sartre) الّتي تبرز خواء الحياة، وغربة الفرد داخل مجتمعه، وعدم الانسجام بين وضع الإنسان، ورغباته والقطيعة المتبادلة بين بني الإنسان، وشعورهم بالعزلة، ولا معقولية ما يمارسونه من أعمال تشكل الجزء الرّئيسي من حياتهم في هذه الدنيا.

وقد أشارت الأستاذة الباحثة في محور عنوانه «دراسة تحليليّة للعبث»: بعد تخييليّ، إلى خاصيّة من أهمّ خاصيّات مسرح العبث، ألا وهي تشظّي الفضاء والزمن، فالزمن في مسرحيّة انتظار جودو (en attendant Godot) لبيكيت (S. Beckett)أضحى هو السبب المباشر في معاناة الإنسان. وأمّا في المسرحية يا طالع الشجرة، فلا توجد في فواصل في الأزمنة والأمكنة، فالماضي والحاضر والمستقبل أحياناً يوجد في مكانين على المسرح، ويتكلم في الوقت نفسه، فكل شيء متداخل.. أمّا في المحور المعنون بــ «الموت والفنّ»، فقد حدّدت الباحثة أنواعا للموت مختلفة مثل الموت في الأدب والموت السلبي والموت العبثي والإفضاء إلى العدم والموت في مسرح توفيق الحكيم والموت الإيجابي والموت والبعث والأثر الفنّي تحدّيا للموت. ثمّ انتهت إلى جملة من الاستنتاجات، لعلّ أهمّها أنّ الإنسان لم يتوقّف عن البحث والتأمل في قضيّة الموت، ومن هنا يمكننا فهم تجربة سقراط مع الموت، لأنّه كان يؤمن أنّ الحياة تتحقّق بالموت، ففي الموت تتحرّر الرّوح السامية من الجسد الوضيع.. وبناء على ما تقدّم فإنّ هذا الكتاب بحث علميّ جادّ وعميق، يقدّم صورة واضحة عن تيّار العبث الّذي ساد في فرنسا في الخمسينات من القرن الماضي، ثمّ انتشرت أفكاره في بلدان الأطراف ودول المشرق. غير أنّ معالم هذا النوع من المسرح لم تشكّل نسخا باهتة لا روح فيها بهذه البلدان، بل قام روّادها بتأصيلها بما يساير مقتضيات الهويّة والدّين والثقافة والعادات والتقاليد، لذلك بدا هذا النوع من المسرح لا على منهج واحد، ولا طريق واحدة، ولا رؤية واحدة. فيونسكو لم يتماه وبيكيت، وبيكيت لم ينسخ آدموف، والحكيم كذلك لم يغيّب إطلاقا وهو يكتب يا طالع الشجرة شرقيّته وعروبته، لذلك يمكن القول إنّ مسرح العبث يتعدّد ويتنوّع بتعدّد السّائرين في طريقه، وبتعدّد القراءات التي تمنحه دلالة جديدة..

الأربعاء، 26 يوليو 2017

المسرحي فرحان بلبل و”مراجعات في المسرح العربي”

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي فرحان بلبل و”مراجعات في المسرح العربي”


صدر مؤخراً عن الهيئة العربية للمسرح في إمارة الشارقة طبعة جديدة من كتاب ” مراجعات في المسرح العربي: منذ النشأة حتى اليوم” للمسرحي السوري فرحان بلبل، الذي سبق وأن صدر عن اتحاد الكتّاب العرب في دمشق عام 2000 .

رأى بلبل في كتابه هذا أن المسرح العربي، رغم توزعه في أقطار متباعدة في المكان، ورغم تعدد منازعه بتعدد أقطاره، يحمل سمات مشتركة وخصائص متشابهة تجعله واحداً في تعدده، وقائماً على أسس أصيلة في تنوعه. وصار من مهمة النقد والتأريخ أن يستكشف ما هو عام في المسرح العربي بقدر ما يكتشف الخاص في مسرح كل قطر، وأن يجمع الخصائص المشتركة التي تجعل من هذا المسرح الممتد بعيداً والمتنوع كثيراً، نشاطاً عربياً إنساني النزعة ركين القوة، وهذا الكتاب محاولة في اكتشاف بعض هذه الخصائص المشتركة ، ولأن المسرح العربي صار ممتداً على مدى قرن ونصف القرن من الزمن، فقد مر في مراحل كثيرة طورت أساليبه ونقلته من فن جديد جلبناه، إلى فن عريق أصّلناه.

جاء الفصل الأول من الكتاب خاصاً بتناول ( التاريخ ) في المسرح العربي منذ نشأته حتى اليوم. لأن المادة التاريخية كانت واحدة من أهم الأسلحة في بناء العملية المسرحية العربية وإدخالها في الذائقة العربية وفي معالجة الموضوعات التي رآها العرب ضرورية لهم في كل مرحلة من مراحل مسرحهم. وتحدث في عن خصائص واتجاهات المادة التاريخية في المسرح العربي. وكان الفصل الثاني عن نشأة وتطور النقد المسرحي منذ أن رافق المسرح في خطواته الأولى مكتفياً بالحد الأدنى من الملاحقة والتقييم، حتى تحول إلى تأريخ واسع للمسرح العربي كله.

ويرى المؤلف بلبل في ختام هذا الفصل أن ما قدمه النقد كثير، لكن ما لم يقدمه أكثر، ورأى إذا كان قد واكب الحركة المسرحية مدافعاً عنها محققاً لها الإعلام والإشهار والتأريخ، فإنه لم يتمكن من وضع نظرية للدراما العربية في أقطارها المختلفة، كما رأى أنه آن الأوان لكي يقوم النقد بهذه المهمة، ويتم ذلك بأمرين: أولهما أن يقوم بتحليل النصوص المسرحية العربية ليستخلص تطورها والقواعد التي انتهت إليها كما استخدمها وطورها الكتاب المسرحيون، وثانيهما تحليل العروض المسرحية لتبيان وسائلها التي استخدمها المخرجون والممثلون لجعل المسرح فناً اجتماعياً وثقافياً صارت له مكانته في المجتمع العربي.. ويعتقد بلبل أن ما تركه النقاد خلال قرن ونصف القرن يصلح مادة غنية لكي يقوم النقد المعاصر بهذه المهمة المزدوجة.

وكان الفصل الثالث تحليلاً وتأريخاً ووصفاً واستخلاص نتائج لمراحل المسرح العربي منذ غرسته البكر الأولى حتى تحوّلِه إلى نهر عريض يملأ جنبات النشاط الثقافي العربي اليوم.

ويرى بلبل في ختام مؤلفه ” إن استخلاص ما هو عام مشترك في المسرح العربي يتيح لدارسه في كل قطر عربي أن لا يغلق أبوابه وعيونه على مسرح بلده وحده. وأن يجد بينه وبين المسرح في البلدان العربية جسوراً أثبت الزمن أنها قوية. وباكتشاف هذه الجسور نتعمق في فهم مسرحنا العربي ونستطيع أن نضعه موضعه الصحيح في مجمل الإبداع العربي والعالمي، وذلك يعني التفتيش عن أدب جديد بأساليب جديدة، وعن مسرح جديد يفكك المسرح العربي الذي مضى إلى عناصره الأولية ، ليصوغ منها نوعاً جديداً مختلفاً عنه في البناء والأشكال، ومتفقاً معه في نقاء الحلم وصفاء الأمل، ولولا الحلم والأمل لما كان أدب على ظهر الأرض ولما أطلق الأدباء أغانيهم”.

----------------------------------------------
المصدر : نضال بشارة ـ تشرين أونلاين :

الاثنين، 24 يوليو 2017

صدور كتاب "تصورات في الاتجاهات المسرحية الحديثة " من تأليف ا.د. سعد عبد الكريم

الأحد، 23 يوليو 2017

مجلة «المسرح» بالشارقة: احتفاء بالمنصف السويسي ومسيرته المسرحية

مجلة الفنون المسرحية

مجلة «المسرح» بالشارقة: احتفاء بالمنصف السويسي ومسيرته المسرحية


صدر مؤخرا عن دائرة الثقافة بإمارة الشارقة التي تستعد لتكون عاصمة للثقافة 2019 في العدد المزدوج 22 /23 من مجلة المسرح وقد تضمنت كلمة حاكم الشارقة في حفل اختتام الدورة الثانية من
المهرجان المخصص للمسرح الخليجي وقد اكد فيها ضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي لانه يفرز ثقافة ووعيا وينمي ذائقة المتفرج كما اكد على ضرورة الاهتمام بمسرح مدرسة الطفل وبالمسرح الجامعي ومسرح الشباب لان المسرح مدرسة للفضيلة والاخلاق كما اشار الى بعض مشكلات المسرح في الخليج العربي. أما أحمد بورحيمة رئيس تحرير هذه المجلة فقد كتب عن التحديات في المسرح المدرسي وركز بالخصوص على مسائل التدريب والتاهيل وحشد الادوات والتقنيات من اجل مسرح مدرسي جديد خصوصا ان الشارقة تقيم سنويا مهرجانا لهذا المسرح والذي بلغ هذا العام 2017 دورته السابعة .ومن الدراسات المدرجة في هذا العدد تعدد المرجعيات للكتابة المسرحية لعبد الرحمان بن زيدان الذي تناول مسرحية « داعش والغبراء « للدكتور سلطان بن محمد القاسمي ليشير الى تميز الكتابة المسرحية لديه بخصائص ادبية ودلالات تعليمية كما انه يقوم بمزج التاريخ بالواقع المعاصر اما أحمد الطراونة فكتب» رؤى وملاحظات عن المسرح الصحراوي بالشارقة « حيث اشار الى ان هذا النمط المسرحي غدا نموذجا للابداع من خلال ارساء نموذج جديد للفرجة المسرحية التي خرجت بفضله عن المالوف في المسرح العربي الحديث.

ومن الدراسات الاخرى في هذا العدد نقرا لاحمد شنيفي «الفرجة الصحرواية والخطاب المسرحي الجديد» ولجمال ياقوت « ابو الفنون والفضاء الصحراوي : الجماليات والتحديات « وكتب عثمان جمال الدين عن «المسرح والصحراء: اي موضوع واي شكل» وكتبت امينة بالحاج عن صورة الانا العربية في مسرح الاخر اما هشام بن الهاشمي فجاءت دراسته بعنوان «نص (بنات النوخذة) لباسمة يونس نموذجا - النسوية وما بعد الكولونيالية».

كما احتفى هذا العدد بفقيد الساحة المسرحية في تونس والوطن العربي المنصف السويسي فكتب عبد الكريم قادري عن المنصف السويسي ومسرح الهموم العربية الكبرى (1944 - 2016) وكتب الدكتور محمد المديوني دراسة بعنوان (المنصف السويسي الفنان الذي عاش حياته كما اراد) وفي العدد مجموعة من الصور الشخصية والتذكارية للفقيد ودائما ضمن ركن شهادات وتجارب تم تناول تجربة فقيدة المسرح نهاد صليحة(1944 - 2017) من طرف حاتم حافظ وحسن عطية حيث كتب هذا الاخير عن تجربتها النقدية من دراسة الشكل الى الكشف عن البنية وقد تم ادراج صور الغلاف لكتبها الصادرة قبل رحيلها وهي «ومضات مسرحية» و»المراة بين الفن العشق والزواج» ثم «المسرح بين النص والعرض» فيما كتب سمير الخطيب دراسة بعنوان «نهاد صليحة : الموقع النقدي والاثر التاريخي».

وفي هذا العدد حديث عن المسرح في مصر من خلال زكي طليمات بالنسبة إلى المغرب حديث عن المسرح من خلال محمد تيمد (1939 /1993) بالاضافة الى العديد من الدراسات الاخرى.

مجلة المسرح هذه من المجلات المهمة التي ما احوجنا في تونس الى مجلة مثلها خصوصا انه كانت لنا مجلات مختصة في هذا المجال وهي مجلة المسرح ثم مجلة المسرح والسينما ثم مجلة فضاءات مسرحية وقد تعطل صدورها جميعا منذ زمن.


--------------------------------------------
المصدر :  الحبيب بن فضلية - المغرب 

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

صدور كتاب جديد " أنور شاؤل وجهوده في المسرح العراقي "

الأحد، 16 يوليو 2017

تصور جديد للفضاء المسرحي وجماليات العرض

مجلة الفنون المسرحية

تصور جديد للفضاء المسرحي وجماليات العرض

عواد علي 

يشير مفهوم “المثاقفة” إلى التفاعل بين الثقافات، والسعي إلى الانفتاح من دون انصهار، وإبراز الذات من دون انغلاق. وقد عرّف عالم الاجتماع الفرنسي ميشيل دوكوستر المثاقفة بكونها جماع التفاعلات التي تحدث نتيجة شكل من أشكال الاتصال بين الثقافات المختلفة كالتأثير والتأثر والاستيراد والحوار والرفض والتمثّل، وغير ذلك مما يؤدي إلى ظهور عناصر جديدة في طريقة التفكير وأسلوب معالجة القضايا وتحليل الإشكاليات.
المثاقفة من المفاهيم الشائكة التي تضعنا أمام إشكالات من قبيل “استغلال ثقافات الضعفاء”. ويُعد الفن المسرحي من أبرز حقول المثقافة، فهو لا يعيش إلاّ في إطار الحوار الفني والتلاقح الثقافي بين الشعوب، وأي تصور انطوائي سيحكم عليه بالموت والانتحار البطيء.
وبرزت الحاجة إلى المثاقفة المسرحية في المسرح الغربي المعاصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ليس بهدف الانفتاح على الثقافات الفرجوية الأخرى، بل لتجاوز حالة العقم التي عمت مجموعة من المسارح الأوروبية.

ذلك ما يؤكده الباحث المسرحي المغربي خالد أمين في تقديمه لكتاب الباحثة الألمانية إيريكا فيشر ليشته “مسرح المثاقفة وتناسج ثقافات الفرجة”، الذي ترجمه إلى العربية، وصدر عن منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة في طنجة.
مسرح المثاقفة حين يسعى إلى ترسيخ مسرح كوني، كما هي الحال بالنسبة إلى بروك، لا يهتم بالهويات الثقافية

استبدال التناسج بالمثاقفة

تعمدت فيشر استبدال مفهوم “التناسج” بـ”المثاقفة” لإحالته على النسيج، والأهم من ذلك هو ازدواجية وظيفته التي تعمل على مستويين: الكثير من الخيوط الحريرية تلتئم في ضفيرة واحدة، كما تنسج هذه الضفائر بدورها لتشكل قطعة ثوب.

بنفس التشابك المعقد، تتناسج الثقافات المسرحية في ما بينها بحيث يصعب عزل عناصر بعينها عن أخرى، ذلك أنها تخضع لمنطق التحول التاريخي، الجمالي، والفضائي أيضا، ومن ثم تكون مشرعة على إبداع فضاءات ثالثة.
يستشرف مشروع تناسج الثقافات المسرحية أفقا جديدا من التنوع الفرجوي عوض السقوط في أوربَة أو تنميط الثقافات المسرحية غير الغربية، ذلك أن المفهوم الجديد يضع اليد بشكل دقيق على جوهر الثقافة من حيث هي سيرورة مستمرة ومجددة لبنية الاختلاف.

وبفضل ظاهرة التناسج يتضمن المسرح قابلية هائلة لانصهار الهويات الهاربة والمجموعات المهاجرة واندماجها، لكن البحث المسرحي لم ينتبه لهذا الجانب إطلاقا.

في السياق ذاته ما زالت القابلية المثالية الكامنة في الفرجات التي تعتمد على تفاعل فنانين من ثقافات وتقاليد مختلفة في ظل عالم معولم وسريع التحول، حسب فيشر، في حاجة إلى اهتمام نقدي أكثر دقة من مجرد احتفاء بالتنوع.
يحتوي الكتاب على ثلاثة فصول تتدرج في إطار أطروحة تسعى إلى تحديد دواعي الانتقال من مسرح المثاقفة إلى تناسج ثقافات الفرجة. بعنوان “مسرح المثاقفة”، تركز فيشر على النصف الأول من القرن العشرين، عادّة إياه فترة مؤسسة في تطور المسرح، نهل خلالها بعض رواد المسرح الغربي من المسرح الشرقي.
وكان من ثمار هذا الانفتاح دحض كل ما هو أدبي وواقعي نفسي في مسرح الوهم، وتقديم تصور جديد للفضاء المسرحي وسيرورة العرض المسرحي. وبالمقابل آمن دعاة المسرح الجديد في الشرق بأن الأشكال المسرحية التقليدية أضحت بائدة وتقليدية وعاجزة عن مواكبة هموم وقضايا المجتمع الحديث.

المسرح أرض انصهار الهويات

على غرار أطروحة الناقد الهندي رستم بهاروشا، ترى فيشر أن مسرح المثاقفة حين يسعى إلى ترسيخ مسرح كوني، كما هي الحال بالنسبة إلى بروك، لا يهتم بالهويات الثقافية، لأنه يولي “التجانس الإنساني” اهتماما بالغا، كون “المثاقفة المسرحية” لها جانب سياسي أيضا ينبغي عدم تجاهله، وهو مرتبط بالعلاقات السلطوية بين الثقافات.

كما تصطلح فيشر على عملية تبني التقاليد الفرجوية الوافدة بـ”التلقي المنتج”، ففرجة المثاقفة في سعيها نحو التلقي المنتج تخضع العناصر المسرحية لتغيير جذري بهدف توسيع الإمكانات التعبيرية، أو إحداث شكل مسرحي جديد.

العلاقات السلطوية

تحت عنوان “تناسج ثقافات الفرجة”، تعتبر فيشر أن اتساع التفاعل بين عناصر فرجوية يعزى إلى انتمائها إلى ثقافات مختلفة تنقل الفنانين بين العوالم بفضل وسائل النقل والمهرجانات، بحيث أصبح تداخل الثقافات داخل الفرجة ممارسة شائعة؛ لأن العروض تسافر من بلد إلى آخر ومن قارة إلى أخرى ومن مهرجان دولي إلى آخر.


وأثناء عملية الارتحال تكتسب الفرجة بعدا جماليا جديدا، إذ تخضع للتغيير حسب متطلبات السياق الجديد والحاضن إلى الحد الذي يصعب معه تحديد منبع الفرجة وانتمائها الهوياتي.

أما الفصل الثالث المعنون بـ”حوار المثاقفة المسرحية”، فيضم حوارا ذا أبعاد ثقافية تشي بدور رستم بهاروشا وخالد أمين في تعميق النقاش الدولي حول مسرح المثاقفة. تكشف فيشر في هذا الحوار عن تاريخ بدء تداول مصطلح “المسرح بين- الثقافات” وهو ثمانينات القرن الماضي، بالتزامن مع قمة عطاءات بيتر بروك، وأريان منوشكين في إنتاجاتها الشكسبيرية في مسرح الشمس بباريس، ثم روبرت ويلسون بمسرحه البصري.

وفي اليابان ارتبط اسما تاداشي سوزوكي ويوكيو نينا جاوا بهذا المسرح. وفي وقت لاحق جرت تسمية بعض الاقتباسات الأفريقية من ريبورتوار المأساة اليونانية أو شكسبير بـ”بين ثقافية”.

وبعد ذلك، أحييت أشكال الأوبرا الصينية التقليدية في الصين، من خلال اقتباس شكسبير، أو بريشت، أو إبسن. وفي هذه السياقات لم تكن النصوص المسرحية وحدها ما تغير بفعل الأساليب الفرجوية الجديدة، بل تلك الأساليب نفسها.

لكن لم يفكر أحد في تسمية أي من هذه الأشكال “مسرح بين- الثقافات” أو “مسرح مثاقفة”. كانت تلك الأساليب الجديدة بمثابة تحولات لأشكال مسرحية قائمة بالفعل بوسائل مختلفة، والتي اهتدت إلى استشراف رحابة الثقافات الأخرى.

لذلك عندما سنحت الفرصة لإنشاء المعهد الدولي لتناسج ثقافات الفرجة التابع للجامعة الحرة ببرلين، جرى تفادي المفهوم بحمولاته والبحث عن مفهوم آخر مناسب لتطلعات الدارسين البحثية واستشرافاتهم المستقبلية، وهكذا توصلوا إلى مفهوم “التناسج”، وارتأوا استعماله للنظر في جميع الأنواع الجديدة والمختلفة من التفاعل والتعاون داخل الفرجة.

---------------------------------------------------------------
المصدر :  جريدة العرب

الأربعاء، 12 يوليو 2017

'حرامي الفيل' .. مسرح الطفل وعبقرية الطرح

مجلة الفنون المسرحية


'حرامي الفيل' .. مسرح الطفل وعبقرية الطرح


خالد جودة أحمد

صدرت عن دار الحضارة العربية بالقاهرة مؤخراً مجموعة مسرحية من ثلاث نصوص للأطفال للكاتب صلاح شعير، والمعنونة "حرامي الفيل"، والمجموعة حية، وحيث إن المسرحية ذات الفصل الواحد هي الأكثر تداولاً في مسرح الطفولة وذلك رعاية لانتباه الأطفال وقدرتهم علي استيعاب الحدث المسرحي وتشويقهم إليه من خلال مجموعة من التوابل الفنية، تعكس هذه المجموعة عبقرية الطرح المسرحي عند صلاح شعير.

والمسرحية التي اختار الكاتب عنوانها عنواناً للمجموعة المسرحية "حرامي الفيل" مسرحية متماسكة بها وحدة تنظيم درامي من خلال الحرص علي خط درامي واحد مع إيجاد تنويعات أو مواقف أو تفريعات لكنها تخدم الخط الأصيل الذي يتم العودة إليه دائماً وإثرائه بمواقف طريفة مسلية للطفل وتخدم القيمة في الوقت ذاته، على التفصيل التالي:

تدور مسرحية "حرامي الفيل" حول حادثة غامضة لسرقة فيل من حديقة حيوانات الجيزة واتهام أحد العاملين بالحديقة وهو مهندس الإنشاءات بالحديقة والمخترع أيضاً طيب القلب "شفيق" والمحب للحيوانات بسرقته، كما تم توجيه الإتهام له أيضاً بسرقة مبلغ مالي من البنك الأهلي المصري، ويستمر الحدث حتى تبرأته واكتشاف السارق الحقيقي "عمران" حارس بيت الفيل.

ويدور الحدث الدرامي بصفة أساسية حول مظاهر متعددة من الفساد، وتعريف الطفل بوجود الشر في الحياة، وأهمية مجابهته بالخير، وهي نظرة واقعية لا يجب تغييب الطفل عنها أو معالجتها من خلال "الصراع الضحل"، حيث يذكر خبراء مسرح الطفل "أن هذا يشكل نقصاً فادحاً، بمعني أن هناك اعتقاداً ليس صحيحاً في المسرح الذي يكون متفرجوه من الأطفال أن الشرير يجب ألا يكون مفزعاً جداً، أو أن يكون ضعيفاً أو عاجزاً، أو ظاهر الحمق، فيهزم نفسه بنفسه بحماقته تلك، وقد يصل الأمر ألا يكون موجوداً أصلاً"، ويصفون ذلك "بتمييع العمل الدرامي ويمحون معه مبرر بقاء الخير وبطولته من الأساس".

ولم يُستدرج الكاتب لهذه الفرضية الخاطئة، فنجد التجسيد لقوة الشر وعنفوانه من خلال الإرشاد المسرحي وما أعقبه من حوار كما يلي: "إظلام مع موسيقي مثيرة للخوف والحزن، فلاش باك من خلال شاشة عرض تظهر مع عودة الإضاءة حيث عمران يجلد الفيل وهو يئن بصوت مكتوم، والصقر يقف على مقربة منه يبكي حزناً علي الفيل، عمران على شاشة العرض وهو يحرك الكرباج في الهواء وينهال علي الفيل ضرباً مبرحاً:

- أنا لازم أخلص عليك فيل غبي، قال عاوز ياكل 140 كيلو خضراوات في اليوم لوحده، المفتري بيشرب 150 لتر ميه بحالهم لوحده، وطول النهار يلعب مع الأطفال أنا مش فاهم الناس بتحبك علي إيه".

ويقترح الكاتب في إرشاد مسرحي آخر البديل في حالة عدم توافر شاشة للعرض باستعمال الصوت فقط خلال فترة الإظلام، ويحقق هذا أيضاً مقولة مركزية في مسرح الأطفال بعامة "اعرض الشيء ولا تحكِه"، ويقال تفسيراً لهذا المبدأ.

"إن المسرحية التي تعتمد علي راو أو على الحوار أو على وصف أحداث تقع خارج المسرح قد تحوى بعض الصفات التي تجعل منها مسرحية جيدة للكبار ولكنها لن تكون أبداً مسرحية جيدة بالنسبة للأطفال" أو كما قيل "المعنى الأساسي للمسرح بعامة هو الفرجة"، ومن سياق هذه الفكرة نتفهم حرص الكاتب على واقعية الأحداث وعرضها حتى باستعمال بديل صوتي.

وإذا كان الخط الدرامي واضحاً، وتمثيل الخير في مجابهة الشر الماكر، ومن خلال هذه الواقعية يعمد الكاتب لنهاية مسرحية مثالية تناسب الطفل وتلقنه فكرة مهمة أن النار لا تطفئ النار، وأن المحبة دواء لكل الأدواء، وهو تخلص جيد في المسرحية يحقق واقعيتها وفكرتها النبيلة المناسبة لمثالية الطفل في آن واحد بالنهاية السعيدة:

- شفيق: ح أبعت لك محامي في التحقيقات.

- عمران : (بدموع وأسي) أنت؟ بعد اللي عملته فيك؟

- شفيق: أيوه أنا ياما حاولت أخذك لطريق الخير، ولسه مصمم أقف معاك لحد ما تعرف سكة الخير.

- عمران: بعد اللى عملته فيك؟ بعد ما كنت ح أتسبب في حبسك وأخرب بيتك؟

- شفيق: (بحب ورضا وصفاء) علي رأي الحكماء أحسن لمن أساء إليك ولا تخن من خانك.

- عمران: (يبكي منهاراً) طول عمرك قلبك كبير يا باشمهندس لكن الشيطان ضحك علي سامحني).

والمسرحية قدمت مضمونها القيمي من خلال سياسة لغة عامية تداولية غير ساقطة، واستعمال تفريعات وتنويعات على الخط الدرامي تأخذ منه، وتعود إليه في إطار قيمي، من هذا نقد مقولات مشهورة غير صحيحة:

- الضابط: (يضحك بسخرية) بيقولوا السجن للرجالة يا أخي.

- عمران: (بتردد) الحمد لله، أنا مش راجل.

- فارس: (يلتفت لعمران ويبعد التليفون عن أذنه) السجن للمجرمين يا سي عمران وبس، مش للرجالة زي ما سمعت.

ومن التنويعات أيضاً دخول شخصيات جديدة خاصة الصقر، والأسد، واستعمال الفاصل الموسيقي مع الإظلام لبرهة يسيرة قبل دخول بعض الشخصيات، والحوار حول وجوب الحرص على تعلم اللغات، وتعلم اللغة العربية للصقر، والأسد "ملك الغابة"، ومعنى الحرية الحقيقة في حوار الصحفية نجلاء مع الصقر:

- نجلاء: (بعنف واعتراض) عاوز تطير ليه الأكل بيجي لحد عندك من غير ما تتعب في الصيد أو مطاردة الفريسة، عايش في راحة وعز، هنا الكل بيخدمك بلاش بطر.

- الصقر: (بتهكم) أنا عاوز الحرية مش الأكل؟ الحرية أغلى من كل حاجة، تعرفي حلاوة الدنيا في إني أتعب وأكل من كد أيدي ...).

وبالطبع التنويعات تتم في إطار ضبط الإيقاع المسرحي بحيث لا يفلت الكاتب الخط الدرامي الرئيس أو يهمشه لصالح هوامش مطردة، وتلك تحتاج براعة في الكتابة تقصد الهدف من وراء التنويع بكسر الرتابة، وتسلية الطفل ببث التعليقات المرحة، وتشويقه وتلقينه القيم بطريق مباشر، مثلاً بعد إطراد الحوار بين الضابط المحقق في واقعات السرقة ومدير الحديقة فارس عن اللبن، وغناه بالكالسيوم، وأنه مفيد للكبار والصغار، يأتي الموقف الطريف ويدخل عسكري ضخم ومعه شفيق مقبوضاً عليه في الكلبش وخلفه خطيبة شفيق "هانم":

- فارس: بالسرعة دي قبضت عليه يا عسكري.

- العسكري: أصل أنا قوي وما حدش يقدر يقاومني.

- الضابط: ده أقوى عسكري عندي يا فارس بيه.

- فارس: يا ترى أيه سر قوة العسكري ده يا أفندم؟

- الضابط: بيشرب اللبن من صغره لحد النهاردة بانتظام، ده غير إن مدير الأمن نظرًا لتفوقه صرف له مكافأة جاموسة كبيرة بعد تمارين الصباح يروح يشرب لبنها كله، وبعد تمارين المساء يشرب الباقي.

بقي أن نشير إلى أن حدوتة المسرحية مشوقة للطفل حيث تحمل لغزاً عن كيفية سرقة الفيل وهو بهذا الحجم وحمله من السارق، وعبور الأسوار كما ورد بالحوار (حاجة تجنن)، وسرقة البنك وأبوابه مغلقة أيضاً، وطرح حلولاً للغز والتفكير بها حتى الوصول لاكتشاف طريقة السرقة والمتسبب فيها، مع تقديم الفساد الإداري ودوره في عدم المتابعة، والتكاسل من خلال شخصية فارس كما ورد بالحوار:

- مش عاوز يفهم أن العمل أمانة، عاوز يقبض المرتب من غير شغل، يا دوب بيمضي ويروح!

والمسرحية كما سبق بها عدد من القيم في إطار التنويع حتى الملمح السياسي الدولي في محاولة تفسير اللغز:

- عمران: أكيد واحد من أميركا هوه اللى سرقة.

- فارس: وهي أميركا ح تعمل إيه بالفيل؟

- عمران: زي ما همه عاوزين البترول العربي أكيد عينهم زاغت على الفيل العربي.

-----------------------------------------------------
المصدر :ميدل ايست أونلاين

الثلاثاء، 4 يوليو 2017

جرجس شكري خارجاً «بملابس المسرح» إلى فضاء الثورة

مجلة الفنون المسرحية

جرجس شكري خارجاً «بملابس المسرح» إلى فضاء الثورة


نورا  أمين 

في كتابه الحائز جائزة الدولة التشجيعية، «الخروج بملابس المسرح» (الهيئة المصرية العامة للكتاب)، يتجاوز جرجس شكري المفهوم الشائع للنقد المسرحي كما اعتدناه في الأدبيات العربية. إنه يؤسس لكتابة نقدية جديدة تتمحور بالأساس حول الواقع لكن من منظور مسرحي. إنها تلك الكتابة التي تتعامل مع الوقائع اليومية والسياسية كمجال للفرجة وللتأويل المسرحي.
في «الخروج بملابس المسرح»، يتعرض جرجس شكري بالنقد والتحليل للعروض المسرحية التي ظهرت من 2011 إلى 2014، وهو عمل ينطوي على جهد ضخم في متابعة المشهد المسرحي بمجالاته كافة، مِن مسرح الدولة إلى مسرح القطاع الخاص إلى نشاط الهواة والمسرح المستقل. والأهم من هذا الجهد هو القدرة على الحفاظ على خط متصل في الرؤية والتحليل على مدار أربع سنوات من المشاهدة ومن الكم الهائل من العروض. لذلك فالعمل يتجاوز بكثير فكرة التجميع والرصد إلى فكرة التحليل والربط. ومن ثم يذهب الكاتب إلى تصنيف العروض المسرحية في علاقتها بموضوع الثورة المصرية في تلك الفترة، وينتهي تصنيفه إلى إدراج عدد كبير من العروض في خانة «مسرح الادعاء» الذي يريد أن ينتمي إلى الثورة في شكل متسرع ومُلفَّق: «ليأتي الناتج الطبيعي لأربع سنوات من العروض المتباينة فنياً، بعيداً من مسرح الثورة أو دراما الثورة أو حتى توثيق وقائع الثورة كما كنتُ أعتقد في البداية، بل مجموعة من المشاهد العشوائية، وهذا هو رد الفعل الطبيعي للصدمة التي أصابت المسرحيين بعد الثورة، (...) حيث اكتشف هؤلاء عجزهم وتأخرهم في فهم الواقع وصياغته مسرحياً، بعد أن عاشوا سنوات طويلة في مسرح زائف وكاذب، وفجأة حين أصبحوا أمام أفعال حقيقية، شعروا بالعجز، وراحوا يقلدون الواقع» (ص202).

نظرة نقدية
التحليل الذي يقدمه الكاتب لعدد لا بأس به من العروض التقليدية يستند إلى نظرة نقدية عميقة في العلاقة بين الممارسات المسرحية المصرية ومواضعاتها من ناحية، ومفهوم السلطة والثورة والتجديد من ناحية أخرى. من هنا تتبدى المشروعية الكاملة لتساؤله عن الكيفية التي يمكن بها أن يقدم مسرح السلطة عروضاً عن الثورة. كيف يمكن لمسرح إبداعه مكبَّل بالقيود- وتراثه يكاد يكون متماهياً مع السلطة والنظام إلى أبعد الحدود وعلى مدار عشرات السنين- أن يتحول بين عشية وضحاها ليكون هو نفسه مسرح الثورة؟! ويتجاوز هذا التساؤل المضمون الفني والخطاب الفكري والسياسي ليشمل بالضرورة كيفية صناعة العرض درامياً وجمالياته وأداءه التمثيلي. فتلك العناصر الفنية كان يجب أيضاً تثويرها. كان يجب المرور بثورة فنية ومعرفية ومسرحية داخل الوسط ذاته قبل أن يتم إنتاج أعمال عن الثورة. فكيف تنتج عملاً يفترض أنه عن الثورة بينما هو مصنوع داخل النسق المعرفي والإبداعي لتراث القهر والسلطة؟!
وعلى رغم أن نماذج العروض التي يطرحها الكاتب بوصفها أفلتت من فخ تراث السلطة، تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة، إلا أنها تصلح كنموذج مضاد كي نتبين وجهة نظر شكري تفصيلياً في ما يراه مفقوداً عموماً، وموجوداً، عند ندرة من صناع المسرح. ويظل الإسهام الأكبر والفارق لجرجس شكري في هذا العمل هو النص الإبداعي الواقع خارج تحليله للعروض المسرحية. وأكاد أقول إن هذا النص العابر لصفحات الكتاب من شأنه أن يصنع عملاً مستقلاً لو تم تطويره مستقبلاً بحيث يحصل القارئ العربي على مرجع جديد في النظر إلى واقعه السياسي من منظور الفرجة. وحتى لو لم يطور جرجس شكري من أطروحته كي تتحول إلى نظرية مكتملة، فإن تعامله مع الوقائع السياسية ومشهدها في الفضاء العمومي المصري يظل نصاً إبداعياً بامتياز، وإن ظهر موزعاً بين فصول «الخروج بملابس المسرح».
إنه يعرض على القارئ الواقع السياسي على مدار أربع سنوات بطريقة مشهدية، فها هو يسرد علينا وقائع ميدان التحرير وحركة الجموع وأحداث أيام الجمعة المتتالية والخطب الرئاسية والتظاهرات والاحتجاجات وتفاصيل الموت والقتل والدهس والاستشهاد، وصولاً إلى عام 2014. إنه يؤرخ ليوميات الوطن، لكنه لا يفعل ذلك كله بمنطق القاص ولا بمنطق الحكاء أو الشاعر، إنما بمنطق الدراماتورغ. يتحول جرجس شكري من شخصية الناقد المسرحي الذي يحلل العروض وينقدها ويصنفها إلى شخصية الدراماتورغ صانع النص المسرحي، عندما يترك الواقع المسرحي جانباً وينتقل إلى مشهدية الواقع. يرتب جرجس/ الدراماتورغ المشهد ويصفه بلغة درامية ويجسد أمام أعيننا كقراء مشهدية حواسية كاملة هي نفسها واقعنا الذي عشناه لكن بعد أن تحول إلى كائن لغوي درامي. يمسرح جرجس وقائعنا كي يمنح– ربما- للمسرحيين أنفسهم محل النقد نصاً موازياً ملهماً لصناعة عروض جديدة أو لفهم ما ينقص عروضهم الثورية.

الواقع نصاً درامياً
بمهارته الفائقة في الكتابة وتمكنه من نواصي حرفتها، يرد لنا جرجس شكري ثورتنا وواقعنا السياسي كنص درامي بين دفتي كتاب، فيتحول هكذا بطريقة سحرية من كاتب «يتابع» بالنقد، إلى مبدع «يسبق» بصناعة النص. إنه يحيي تراثاً قديماً وسلوكاً إنسانياً– وعادة مصرية تدعمها لغة كاملة- من النظر إلى الواقع بوصفه «مفبركاً»، ومن النظر إلى الواقع السياسي في اعتباره تمثيلية، تلك التمثيلية التي هي بالأساس تظاهرة فرجوية قائمة على التواطؤ، وهي الطريقة نفسها التي يعرف بها المسرح نفسه من خلال المشاهد التي تتضمنها عروض كلاسيكية عن «المسرحية» أو التمثيلية» (كمشهد التمثيلية في مسرحية «هاملت» لشكسبير، ومثل العديد من عروض المسرح الشعبي والأراجوز التي يقوم فيها الأبطال بـ «تمثيلية» داخل المسرحية فيما يمكن تأويله كتعريف مرآوي). تمتلئ لغتنا وسلوكياتنا ونظرتنا للواقع وللسياسة بإشارات تخص المسرح والفرجة، أو على الأقل تخصهما باعتبارهما معادلين للنفاق وللكذب والادعاء والخداع. تتماهى «التمثيلية» الفنية مع «التمثيلية» التي نعيشها في موقف واقعية، ربما يختلف عنصر المهنية من حيث إن «الممثلين» في العرض مهنيون ويعملون علانية في هذا الحقل، بينما الآخرون أناس «يمثلون» كجزء من ممارساتهم الحياتية، يمثلون كطبيعة من طبائع هوياتهم المتلونة الملفقة. لكن جرجس شكري يتكئ على هذا التراث وعلى هذا المنظور– الاجتماعي أيضاً- لكي يقلبه، فهو يعرض لنا وقائعنا العامة- والمعروفة لنا سلفاً- بطريقة مسرحية، لا لكي يعرض زيفها بل ليفضح زيف المسرح المهني. إنه يتيح لنا النظر والفرجة على واقعنا بعيون مسرحية وثائقية، كشهادة حية ودرامية، لنكتشف بتلك العيون نفسها أن مسرحنا لم يصل إلى قامة تلك الدراما بصدقها ومشهديتها. حمل الواقع مكوناته الدرامية، مشهديته، فرجته، بينما انفصل المسرح عن ذلك كله ولم يفهمه.
الإنجاز الحقيقي لجرجس شكري في «الخروج بملابس المسرح» هو أنه صنع دراماتورجيا الثورة، وجعل من النقد المسرحي «سكريبتاً» مسرحياً. يفتح شكري أفق الممارسة النقدية لتتحول بدورها كتابة مسرحية إبداعية. إنه يعرض لنا نص المتفرج تعليقاً على واقعه. نص شكري ذاته كمتفرج لا يسعه سوى إعادة إنتاج واقعه كدراما. يتحول جرجس شكري الناقد إلى جرجس المتفرج صانع العرض في لبنته الأولى.

--------------------------------------------
المصدر : الحياة تجريبي 

الجمعة، 30 يونيو 2017

الخيال في الفلسفة والأدب والمسرح

مجلة الفنون المسرحية

كتاب "الخيال في الفلسفة والأدب والمسرح "

عرض: عامر صباح 

اسم المؤلف / د. علي محمد هادي الربيعي
المطبعة / دار صفاء للطباعة والنشر والتوزيع ومؤسسة الصادق الثقافية 
شكل الخيال بوصفه نشاطاً عقلياً أهمية في فكر الإنسان، فبات مطمح كل نفس  تتطلع نحو العاطفة حتى ليصدق القول أن الإنسان يتميز بكونه يتخيل، وبدون  الخيال يكون من العسير إيقاظ العواطف.

 فالخيال قوة تنقل الإنسان من التعامل مع المعطى والسائد والمألوف إلى التعامل مع المتشكل بإرادته وما يطمح إليه ولا يمكن له أن يحققه على ارض الواقع. وهكذا يصبح العالم مع الخيال عالماً لمبدعه بعد أن كان عالماً قائماً بذاته وبعد أن كان خاماً متناثراً يصبح واقعاً مفيداً، بل يتجاوز الإنسان عبر الخيال الموضوعية المبالغة كي يحقق الصلة البينية والمتفاعلة بين الذات والموضوع ويكون كلاهما في حالة اعتماد متبادل وتضامن وجودي.
فالخيال يُعَدُ معبراً يمر عبره مفسرو العملية الإبداعية، بل راحوا يميزون من خلاله بين الفنان المبدع وغيره من العامة ممن لا يبدع فناً أو يشيد صرحاً معرفياً، وهذا ما أكده الشاعر بودلير بقوله: إن الصفة الأساسية التي يتصف بها الفنان هي الخيال. فالخيال في الفنون الجميلة هو سيد الملكات. فهو ضرورة من ضروريات إنتاج المنجز الفني عند مبدعه، بل يتجاوز هذه الحدود عندما يحسبه آخرون ضرورة من ضروريات التذوق  الجمالي وفهم معنى المنجز. فكل فن من الفنون يصعب فهم صوره المختلفة من دون   تخيل، فالتخيل يهب الحياة للجماد والحركة للسكون. ولهذا جاءت أعمال قسم من الفنانين والأدباء والشعراء وهي تحفل بشطحات الخيال الذي ترك على أعنته كما في أعمال (هوميروس Homere) و (دانتي Dante) و (ملتن Milton) و (كولردج Coleridge) وغيرهم.

الخيال في الخطاب الفلسفي
لقد آلى الفيلسوف على نفسه ملاحقة تجليات الطبيعة كلها وإخضاعها لمشروعه التأملي ومن ثم إيجاد العلل لذلك، فكان أن توقف أمام سيل كبير من القضايا ولعل من بين أهمها والتي شغلت باله طويلاً قضية (الخيال) بوصفه مفهوماً ظل عسيراً على الفهم عنده وشكّل واحدة من المعاني الغامضة لديه من حيث ماهيته وآليات اشتغاله. فجاهد في معرفته وكشف حجبه ومن ثم تفسير عدد من الفعاليات المصاحبة لهذا المفهوم مثل الحدس، الذاكرة، التوهم، الإبداع والخلق الفني، ومن ثم تقعيدها وسبر كنهها والاستفادة منها في البحث المعرفي الإنساني خصوصاً بعدما أيقن الفلاسفة أهمية الخيال في العملية الإبداعية عند الإنسان. ومن خلال الاستعراض القادم لمفهوم الخيال في الفكر  الفلسفي، سوف يتبدى جلياً أن بعض الآراء تربط الخيال باللاواقعي ربطاً محكماً حتى ليبدو هذا الربط وكأنه بحث بـ(الميتافيزياء). في حين نجد أطرافاً أخرى ترفض الخيالي لحساب الواقعي، مع العلم أن الواقعي ما كان بمسمياته إلا بفضل خيال ركب بفضل خيال غادر حدود السائد والمعيش والمعتاد كي ينعتق من هذا السور الذي شكل عقبة ابيستمولوجية، ويقدم للإنسان رؤى جديدة للواقع ليست محض انعكاس مادي آلي عن هذا الواقع، إنما هي رؤى تفهم واقعاً وتحاول عبر قدرتها الخلاقة أن تتخيل وتغاير وتخالف، كي تحول الواقع من واقع بذاته إلى واقع من اجل الإنسان. وبقدر ما تبقى ملكة الخيال قائمة بقدر ما يتغير الواقع ليس من حيث قدرة الإنسان على الفعل فيه وتغيير بنائه فحسب، إنما من حيث قدرته على فسح المجال أمام واقعيات جديدة هي في ابسط أشكالها فهم جديد للواقع. وهي واقعيات بقدر ما هي خيالات الإنسان التي كلما ذهبت ابعد كان الواقع واقعاً آخر. 
يعرف أرسطو الخيال على انه الحركة المتولدة عن الإحساس بالفعل ولما كان البصر هو حاسة الإنسان الرئيسة التي يستمد منها الخيال مادته لهذا اشتق أرسطو منها لفظ (فنطاسيا) أي الحس المشترك من النور، إذ بدون الضوء لا يمكن أن يتم إدراك البصر للمرئيات.
فيما لقي الخيال عند كانط تغييرا كبيرا في مفهومه، فلم يعد ضربا بسيطا من اللعب أو مجرد إحساس كما ذهب الفلاسفة الذين سبقوه بذلك، أو تعلقا على عالم أُعطِيَ للمرء من   قبل، إنما قد نأى عن هذين الوهمين وأصبح عنصرا يسهم إسهاما أصيلا في تكوين العالم، وانه لا غنى لأية قوة أخرى من قوى الإنسان عن  الخيال، وفي ذلك يقول: قلما وعى الناس قدر الخيال وخطره، أو يقول: أن ملكة الخيال ضرورة هامة وأساسية في جميع عمليات المعرفة.

الخيال في المذاهب الأدبية والفنية 
شكل عصر النهضة اللحظة الحقيقية لميلاد المذاهب، فأدب هذه الحقبة وفنها ينظر إليهما بوصفهما نمطين معينين من الإبداع، فقد تزحزحت أركان الجمود والركود التي لفت المنجز المعرفي الإنساني على العموم والنشاط الفني والأدبي على الخصوص، حيث شكلا بالمقارنة مع فن القرون الوسطى وما سبقها حركة مهمة إلى الأمام. فالقيم الجمالية والروحية التي خلفها الأدباء والفنانون في عصر النهضة مرتبطة عضوياً بتمثل ما هو دنيوي بالتأكيد على الإنسان وبإعادة الاعتبار لمشاعره وعواطفه بعد أن ظل طويلاً محروماً منها. فأضحى الإنسان في أدب النهضة وما تلاها معياراً لجميع الأشياء. ونظر الفنانون والأدباء إلى الواقع لا بوصفه انعكاساً مرتعشاً للروح الإلهية، بل بوصفه عالماً حقيقياً يعد أساساً للوجود البشري وميداناً لنشاطه وينبوعاً للمشاعر والمباهج الدنيوية.
لقد تباينت المذاهب في تأكيداتها ومجساتها التي اتكأت عليها ومرد ذلك إلى المتغيرات الزمانية والمكانية للمذاهب نفسها، الأمر الذي أدى إلى هيمنة موضوعات بعينها على كل مذهب دون سواها. ولعل غلبة موضوع أو مفهوم معين في مذهب محدد لا يشكل بالضرورة معياراً لتسيده أو هيمنته في مذهب آخر، لأن المذاهب في أصلها أشبه بالكائن الحي الذي يتغير في بنيته الفكرية والاجتماعية والبايولوجية مع تغير مراحل حياته وبيئته، ومن ثم فان لكل زمان ومكان مذهبا يتسق معه ويعكسه.
ينبثق الإبداع عند الكلاسيكيين من العقل والتفكير والذاكرة ويعتمد العاطفة أيضا التي لا ينكرونها أو يتجاهلونها، بل يرى الكلاسيكيون أن إرخاء العنان للعواطف يؤدي إلى الجموح والتطرف وعدم الاتزان لأن العواطف من وجهة نظرهم شخصية وفردية تختلف في أهميتها من شخص لآخر. وان أساس الجمال في المنجز الإبداعي من وجهة نظرهم يركن إلى العقل لأنه صالحا لكل زمان ومكان.
بيد طرق الرومانتيكيون آفاق الروح والميتافيزيقيا بجسارة وفي أملهم أن يستطيعوا إدراكهما وتمثلهما في سياق خطاب مكثف عن طريق الخيال والبصيرة الملهمة. فجعلوا الخيال الملكة الأولى لدى الإنسان وعدوها الملكة الخالقة القادرة على الوصول إلى الحقيقة. فهم قد ربطوا بين العقل والنظرة الآلية الكلاسيكية، وصار العقل عندهم يعتد بالفروق بين الأشياء والظواهر.
وأراد الواقعيون لخطابهم أن يكون له تماس مع الواقع الإنساني المعيش، وأن يرتكز إلى معطيات الواقع الموضوعي من حيث اجتماعية الإنسان والاستناد إليها لتكوين المنهج الفكري الذي ينطلق منه المزاول في نظرته إلى العالم، وان هذه الوضعية تتأتى من كون خطابهم يمثل الإحساس المتقدم من المسؤولية الاجتماعية، وانه من الضروري أن يستخدم في الميادين التي تخدم الإنسان.

الخيال في المسرح 
يؤكد دارسو الفن المسرحي ونقاده الخصائص النوعية للمسرح بوصفه نشاطاً تخيلياً متميزاً في طبيعته عن غيره من النشاطات الإنسانية لأنه فن مجازي يحاكي الواقع أو يستحدث صوراً ومواقف متخيلة لها تماس مباشر مع الواقع، وانطلاقاً من هذا التوكيد يحاول الدارسون النفاذ في نسيج الخطاب المسرحي ومن ثم تأمله بوصفه بنية من العلاقات المتشابكة الدالة التي يكشف تفاعلها عن المعنى المستتر في بنية الخطاب، كما يشير إلى طريقته المتميزة في إثراء المتلقي وتعميق وعيه بنفسه وخبراته بالواقع. ومن هذه الزاوية تظهر أهمية الصورة الفنية في خطاب المسرحيين (كاتب، مخرج، ممثل، مصمم إضاءة، مصمم أزياء، مصمم   مناظر، مصمم موسيقى …) فهي وسيلة كل واحد منهم وموقفه من  المسرحية، كما أن الصورة بتجلياتها المتخيلة أحد المعايير المهمة في الحكم على أصالة التجربة المسرحية لأنها تعبير وليس محاكاة دائماً، وان خيال المسرحي هو أساس هذا التعبير لهذا يحتوي على خلق لواقع جديد يعبر عن خيالاته.
إن نوعية الخيال وإمكانياته وفاعليته في الخطاب المسرحي هو ما يميز عمل المسرحي المبدع عن غيره، كما أن الحكم على تقبل الخطاب يستند إلى مبدأ العمق الجمالي الخيالي الذي يعبر عن تقص كاشف واستجابة معيارية مركزة لطبيعة تلك الأوجه من الخطاب. فالخيال ليس بالطاقة الهينة عند المسرحي، بل هو اعمق من أبعاد العقل والفهم في دنيا الفكر والروح، وهو اشد دقة ونعومة من كل طاقات الإبداع الفني. فلا تنفصل قيمة المسرحي الخاصة عن قدرته الخيالية التي تمكنه من التوفيق بين العناصر التي تجعله يكتشف بينها علاقات مستحدثة، وكأن قيمة المسرحي وأصالته ليست إلا هذه الخاصية. وعادة ما يوصف إبداع المسرحي على أساس قدرته التخيلية المتميزة، أو يذهب المتخصصون إلى القول أنّ خيال المسرحي هو الذي يمكنه من خلق الصورة المسرحية ونسجها من معطيات الواقع، غير انه يتجاوز حدود المعطيات ويعيد تشكيلها سعياً وراء تقديم رؤية جديدة متميزة للواقع نفسه.
أخيراً نبارك جهد الربيعي المتميز في تأليف هذا الكتاب الذي توزع معرفيا في صنوف الفلسفة والأدب والمسرح، كاشفا ومدللا على عوالم الخيال في هذه الصنوف الإبداعية، نتمنى له مزيدا من الألق والاستمرار في مشواره الإبداعي الثر. 

----------------------------------------------------
المصدر : اوراق المدى   

الخميس، 22 يونيو 2017

وليم الرائع.... اكتشاف جديد لشكسبير في كتاب عن سيرته..

مجلة الفنون المسرحية

 وليم الرائع.... اكتشاف جديد لشكسبير في كتاب عن سيرته..


ترجمة: عدوية الهلالي 

عن دار فلاماريون الفرنسية للنشر، صدرت ترجمة عن الانكليزية لكتاب (وليم الرائع) لستيفن غرينبلات قامت بترجمتها ماري آن دوبيرو في 488 صفحة..
يتناول الكتاب سيرة حياة الكاتب الدرامي الانكليزي الشهير وليم شكسبير ومصيره ونبذة عن أعماله..اطلق عليه غرينبلات عنوان (شكسبير...كيف اصبح شكسبير؟)


 اما الترجمة الجديدة فحملت عنوان (وليم الرائع)..يقول غرينبلات في كتابه"هدفي هو اكتشاف الرجل الذي كتب الأعمال الأكثر أصالة خلال القرون الأخيرة، فقد يكون الرجل معروفا لدينا عبر الآثار التي تركها لنا في الوثائق الرسمية لعصره، لكني حاولت التجوال من جديد في المسالك الخفية لحياته وفنه"...وهكذا ضم الكتاب وثائق ووصايا دقيقة وقوائم بأسماء الممثلين وصورا حقيقية..ويعتمد عمل غرينبلات، وهو أستاذ في الأدب في جامعة هارفارد، على دراسة الأحداث التاريخية بالعلاقة مع أحداث العصر الذي يعيش فيه الكاتب مع محاولة تحليل أعماله والظروف التي تحيط به وتقوده الى مصيره..
ويعرض لنا كتاب (وليم الرائع) صخب شوارع لندن وما فيها من عنف ومشاهد رائعة تثير الإعجاب كما يتعقب آثار المعاني السامية التي تحفل بها مسرحيات وقصائد شكسبير..تلك السوناتات التي ستصبح فيما بعد(صناديق لأسرار الكاتب وخفايا عصره)...لقد ترك شكسبير آثاره في مسرحياته التاريخية التراجيدية منها والكوميدية التي تحوي كل شيء ولديها كل شيء لتقوله..
استند غرينبلات في كتابه على أحاسيسه الخاصة كأستاذ جامعي من عصرنا مفتون بالقوة والبراعة المذهلة للكتابة الشكسبيرية التي تنبع من التجارب والخبرات التي خاضها شكسبير شخصيا بجسده وروحه..
(وليم الرائع) هو كتاب ممتع وطريف ويمكن قراءته بسهولة طالما يتعلق بلوحات عصره المرسومة بإتقان لكنه يتضمن ايضا البحث والتحليل فضلا عن وجود شيء ما مثير ومقلق في حياة وليم شكسبير كرحلته الى ستراتفورد لدى غزو لندن وتأثير والده عليه...كان وليم من الأعيان، وكان كاثوليكيا في عالم بروتستاني...تزوج من آن هاثواي وأنجبت له التوأمين جوديث وهامنت، لكنه فجع بوفاة الصبي المبكرة في سن الحادية عشرة..كان متعلقا بابنته سوزانا وفي أيامه الأخيرة حاصره الإفلاس وعاش ببساطة وزهد...
لقد تعقب غرينبلات كل هذا كما تعقب آثار الكاتب العملاق في مسرحياته وقصائده فهو رجل ذو وضوح شديد ويمكنه ان يشير ببساطة الى حياته في أعماله كما حدث حين كتب (هامنت في هاملت) بعد عدة سنوات من وفاة الطفل...يمكننا اذن ان نتبع غرينبلات في كل مكان لأن خياله هو الذي يقود قلمه ولديه صدق ونزاهة في استعادة أحداث حياة كاتبه الأثير والبحث عنها في أعماله فهو قادر على جعل شكسبير اكثر حيوية والى الأبد...

------------------------------------------------
المصدر : ملحق اوراق المدى 

الأربعاء، 21 يونيو 2017

كتاب مختارات من مسرح أمريكا اللاتينية (ثلاث مسرحيات)

مجلة الفنون المسرحية

كتاب مختارات من مسرح أمريكا اللاتينية (ثلاث مسرحيات)

الكتاب من تأليف أغوستين كوثاني و خابيير بياوروتيا و بيرخيليو بنييرا 
وترجمة محمود فكري ومراجعة هالة عواد   وهذا الكتاب يتضمن عرضًا لثلاث مسرحيات من ثلاث دول بأمريكا اللاتينية هى: كوبا، والأرجنتين، والمكسيك. المسرحية الأولى لبيرخيليو بنييرا بعنوان: "هواء بارد"، ويعكس الكاتب فيها الأحوال الاقتصادية التى كان يعانى منها المجتمع الكوبى فى فترة ما قبل الثورة، والمسرحية الثانية للكاتب الأرجنتينى أغوستين كوثانى: "رطل من اللحم"، وهى مستوحاة من مسرحية تاجر البندقية للأديب ويليم شكسبير، وتدور أحداثها حول قضية الربا والمرابين، أما المسرحية الثالثة: "اختصر من فضلك" لخابيير بيآوروتيا، فيعتمد الكاتب فيها على الرمز لمعالجة قضية النفاق الاجتماعى، والتشدق بأفكار بعيدة كل البعد عن الممارسات الفعلية

السبت، 17 يونيو 2017

‘‘المسرح الشرطي- سر اللعبة المسرحية‘‘ كتاب جديد لمؤيد حمزة

مجلة الفنون المسرحية

"المسرح الشرطي- سر اللعبة المسرحية" كتاب جديد لمؤيد حمزة

سوسن مكحل

  يتناول كتاب "المسرح الشرطي- سر اللعبة المسرحية " وفق الدكتور مؤيد حمزة، نشأة المسرح الشرطي، ودور علم الفيسيولوجيا في الإيحاء لمايرهولد بالشرطية المسرحية في وقت كان يبحث فيه عن منهج مسرحي يسعى لتوظيف خيال المتفرج فيما أسماه "لعبة مسرحية" لا تقتصر على الممثل الذي يلعب دوره فحسب، بل ويشترك بها المتفرج بتفعيل خياله. 
ويضيف حمزة، إن مفهوم "الدراماتورجيا" كثيرا ما كان يتناوله مايرهولد في تجاربه مع ستانسلافسكي في مسرح الفن وفي الاستديو، وأثر ذلك على بلورة مفهوم المسرح الشرطي إلى تطبيقات فكرة المسرح الشرطي في التأليف والبنية المشهدية والتمثيل.كما ويتناول الكتاب، كما يشير حمزة، الى مقارنات جديدة بين مايرهولد وبريشت مستعرضاً حلقات الوصل بين الرائدين المسرحيين، لينتقل إلى استعراض البيوميكانيك عند مايرهولد، وفن الغروتسك ودوره في المسرح الشرطي ومنهج مايرهولد.
ويقوم هذا الكتاب بتتبع مسار المسرح الشرطي في تجارب مايرهولد، وأبرز المسرحيين الذين أسهموا أو تأثروا به، كما ويقدم مجموعة من الدراسات العلمية في مجالات متنوعة للبحث عن آراء مايرهولد حول المسرح الشرطي واختبارها، وبالتالي السعي لاستكشاف ما أسماه مايرهولد "سر اللعبة المسرحية".
الكتاب يقع في 215 صفحة، صمم الغلاف الفنان بسام حمدان، وصدر عن مختبر دراماتورجيا 21، وهو مختبر مختص بفنون المسرح، يسعى لنشر الثقافة المسرحية واختبارها، وبيان خصوصيتها في مختلف المجتمعات الإنسانية، بهدف إزالة سوء الفهم وتعزيز احترام الآخر والمختلف كطريق لإنشاء حالات من التواصل، بدون أي هدف ربحي من وراء منشوراته أو نشاطاته. وتقرر أن يعلن عن انطلاق المختبر بشكل عملي من خلال إطلاق الكتاب الأول لمؤسسه ومؤلف الكتاب. 
المؤلف مؤيد حمزة دكتور في الفنون المسرحية من الأردن، يعتبر هذا الكتاب الأول الذي يؤلفه ويقدمه للمهتمين بعد خبرات تجاوزت الـ15 عاما من الحياة الأكاديمية في مجال تدريس الفنون المسرحية (التمثيل والإخراج).
وحصل على الدكتوراه في الفنون المسرحية من الجامعة الوطنية للفنون في مولدافيا العام 2001، وقد أهدى كتابه الحالي إلى أستاذه المشرف على مرحلة الدكتوراه أبوستل فنيامين (فنان الشعب) المخرج والممثل والبروفيسور الجامعي.

---------------------------------------------------
المصدر : جريدة الغد 

الأربعاء، 14 يونيو 2017

لابد من حوار لتنضج الفكرة.. قراءة في كتاب "حوارات في المسرح العربي" لعبدالجبار خمران..

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption