من الغريب أنك إن كنت تريد أن تعرف ما هو أكثر عن مراجعة المسرحيات نقدياً، فقد كان هناك كتاب واحد فقط تنبغي قراءته. و كان ذلك كتاب أيرفنغ ووردل Irving Wardleالذي يحمل عنواناً لا التباس فيه، ( نقد المسرح Theatre Criticism ). أجل، كانت هناك كتب لنقّاد ــ بوجه خاص مجموعة العروض النقدية التي لا تقدّر بثمن لكينيث تاينان و مايكل بيلينغتون ــ إلا أنه كان هناك كتاب واحد عن كتابة النقد. لكنه، و الحمد لله، كان أيضاً كتاباً جيداً جداً، كما يقول أندرو هايدن في إشارته هذه.
و ما هو أكثر إثارة للدهشة بشأن كتاب ( نقد المسرح ) هذا درجة معقوليته، و خلوه من التعليمية. فبالنسبة لفرع من المعرفة يولّد بصورة متكررة المزيد و المزيد من الحرارة و الضوء، فإن ما لا يصدَّق إلا قليلاً أن الكتاب الوحيد الذي يصف شعائره الغريبة ينبغي أن يكون مصاغاً من الناحية اللغوية بشكل مقبول هكذا. فعلى امتداد الكتاب، تبدو الروح التي يكتب بها هذا الناقد روحاً أنيسة ــ حيث تجده يردد " حسَنٌ، هكذا أرى الأمر، بأية حال " أكثر مما تجد فيه قائمة تقادمية من افعل و لا تفعل. و الكثير من ذلك أيضاً بأسلوب الحكاية النادرة. و يرشد ووردل القراء بالمثال، أكثر في الغالب من عد أخطائه كتوضيحات للكيفية التي تستطيع بها المراجعات أو العروض النقدية أن تفهم الأمور خطأً.
كما أن الكتاب يقوم مقام المذكرات المضيئة من فترة خاصة في المسرح البريطاني، ماضياً من أواسط الخمسينات إلى نهاية الثمانينات. و هذا يعني أنه يفوته انطلاق الكتابة الجديدة في التسعينات و ما بعدها، و آلاف أشكال العمل الجديدة التي أحدثتها الفرق التجريبية. و ما يجعله لافتاً للانتباه تماماً كم هو قليلٌ تأثير ذلك في المبادئ العامة للتفتح العقلي و الاستطلاع الذي يدعمه.
و بالطبع، فإن حقل النقد قد تغيَّر بشدة في العقد الماضي. فقد منح الأنترنت الكتابة عن المسرح ( و كل شيء آخر ) فضاءً غير محدود و جمعاً أعظم من الأصوات، محطماً القوة الخانقة للعرض النقدي في الصحف. و على كل حال، ووفقاً لذلك كله، فإن أي ناقد شاب اليوم لديه نسخة من ( نقد المسرح ) و يجد فيه مع هذا شيئاً يُعد أساسياً و ملهماً في مقاربته الجادة لوصف كيف يكون الانتاج بكل ما يمكن من وضوح.
[ ولد ووردل عام 1929، و كان أبوه ناقداً للدراما و ممثلاً مسرحياً في " مسرج بولتون الصغير ". و سار ووردل على خطى أبيه، و عمل ناقداً مسرحياً في العديد من الصحف و المجلات الانكليزية. و نشر كتابين : ( مسارح جورج ديفين ) و هو سيرة حياة، و ( نقد المسرح ).
و له أيضاً أعمال مسرحية، منها مسرحيته الأولى ( خادم المنزل The Houseboy )، التي مُثلت في عام 1973، و هي شبه سير ذاتية، تستند على تجربة ووردل في عمل جزئي كغاسل صحون في دار للضيافة بلندن. و قد تم تكريمه عامَ 2004 في مهرجان القاهرة العالمي للمسرح التجريبي، كما جاء في الموسوعة الحرة].
عن: Intelligent Life
--------------------------------------------------
ترجمة: عادل العاملالمدى - بغداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق