مدونة مجلة الفنون المسرحية
ينطوي فرويد، الذي يقوم بدوره هنا كينيث تيغَر، على مخاوف أقل تجريداً بالتأكيد في نص مارك جيرمَين لمسرحية " الجلسة الأخيرة لفرويد Freud’s Last Session "، التي عرضت في الشهر الماضي على مسرح TheaterWorks Hartford . إنه الآن في صباح أحد أيام أيلول من عام 1939 في الثالثة و الثمانين من عمره و يعاني من سرطان متقدم في الفم، و قد غزت ألمانيا للتو بولندة. و مع الكارثة التي تلوح في الجو، يستقبل زائراً، هو المؤلف سي. أيس. لويس، الذي يقوم بدوره هنا جوناثان كرومبي، قبل نشر " الأسد، و الساحر، و الخزانة " و كتب نورنيا الأخرى. و يرغب فرويد في معرفة كيف يمكن لمثل هذا الرجل الذكي أن يهجر فجأةً طرقه الإلحادية و يتحول إلى الدين أو " يعتنق كذبةً مُغوية"، حسب تعبير فرويد.
و تتحول مقابلتهما ( في 90 دقيقة، و هي أطول كثيراً من جلسة التحليل النفسي القياسية ) بشكل سريع إلى تبادل في الكلام، تبادل يهدد بالتحول إلى مواجهة قبيحة لكنها تتوقف فجأةً على الدوام.
و السيد كرومبي، في دور لويس، محبوب و يقدّم وجهات نظر بصورة عقلانية جداً لدرجة أن مئة ملحد من الجمهور يمكن أن يدعو الرجل لتناول العشاء و سماع المزيد منه. فيقول لويس إن عقيدته الآن عدم الإيمان، الذي كان قد تظاهر به بقوة و هو شاب صغير، " و أرضى رغبتي في أن يدَعوني لوحدي. " و الحجة الأخرى التي لديه هي أن " اختيار عدم الإيمان " بالله هو في حد ذاته برهان على وجوده.
و حين يورد فرويد حقائق مزعجة عن هيئة كهنوت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، يهز لويس كتفيه و يتغاضى عن ذلك، قائلاً : " إن غباء قادة الكنيسة هدف سهل جداً. "
إن معنى الحياة، في فلسفة فرويد، واضح. فهو يعلن " إن الجنس ينبوع السعادة كلها. " والخجل والضمير وجهان للوجود الإنساني من أجل التغلب عليه، لا تنميته و الصلاة بشأنه. أما بالنسبة ليسوع، فإن " تعاليمه ساذجة و تدميرية. " و بالرغم من أن فرويد يهودي، فهو يعرف عمَّن يتحدث؛ فقد كانت له مربية كاثوليكية.
و يجتاز السيد تيغَر الاختبار النهائي لهذا الدور: جعل المشهد، الذي يتغلب فيه على فرويد ألمٌ معذِّب، قابلاً للتصديق و تعاطفياً لكن ليس معذِّباً لجمهور المشاهدين. و في أحيان أخرى، يهزأ السيد تيغر و معه المخرج، ماكسويل وليامز، من الكاريكاتير الذي صار إليه فرويد و طريقته على مر العقود، حيث نراه يلاطف لحيته و هو يقول، " إننا نحقق تقدماً " ( باللهجة الألمانية الضرورية، بالطبع ) و يسد فمه بإصبع أو اصبعين متسائلاً، " كم صار لك و أنت بهذه العلاقة؟ "
آه، تصبح المحادثة شخصية. و يريد فرويد أن يعرف لماذا لم يتزوج لويس، و عمره 40 عاماً ــ و على وجه الدقة كيف يشعر تجاه المرأة الأكبر سناً التي يعيش معها، أُم رفيق الحرب العالمية الأولى القتيل، الذي وعده بالعناية بها. ( و أي واحد شاهد فيلم عام 1993 " Shadowlands " يعرف أن لويس تزوج متأخراً شاعرة أميركية، و قد توفيت زوجته قبل أربع سنوات ).
و لا يأخذ لويس هذا الغمز و اللمز جالساً بهدوء. فيرد متسائلاً لماذا ابنة الدكتور الطيب، آنا فرويد Anna Freud ، و هي في الأربعينات أيضاً، ما تزال عزباءً و تبدو و كأنها تكرّس حياتها للفوز بموافقة أبيها ( لم تتزوج آنا فرويد في الواقع على الإطلاق )!
عن: New York Times
و تتحول مقابلتهما ( في 90 دقيقة، و هي أطول كثيراً من جلسة التحليل النفسي القياسية ) بشكل سريع إلى تبادل في الكلام، تبادل يهدد بالتحول إلى مواجهة قبيحة لكنها تتوقف فجأةً على الدوام.
و السيد كرومبي، في دور لويس، محبوب و يقدّم وجهات نظر بصورة عقلانية جداً لدرجة أن مئة ملحد من الجمهور يمكن أن يدعو الرجل لتناول العشاء و سماع المزيد منه. فيقول لويس إن عقيدته الآن عدم الإيمان، الذي كان قد تظاهر به بقوة و هو شاب صغير، " و أرضى رغبتي في أن يدَعوني لوحدي. " و الحجة الأخرى التي لديه هي أن " اختيار عدم الإيمان " بالله هو في حد ذاته برهان على وجوده.
و حين يورد فرويد حقائق مزعجة عن هيئة كهنوت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، يهز لويس كتفيه و يتغاضى عن ذلك، قائلاً : " إن غباء قادة الكنيسة هدف سهل جداً. "
إن معنى الحياة، في فلسفة فرويد، واضح. فهو يعلن " إن الجنس ينبوع السعادة كلها. " والخجل والضمير وجهان للوجود الإنساني من أجل التغلب عليه، لا تنميته و الصلاة بشأنه. أما بالنسبة ليسوع، فإن " تعاليمه ساذجة و تدميرية. " و بالرغم من أن فرويد يهودي، فهو يعرف عمَّن يتحدث؛ فقد كانت له مربية كاثوليكية.
و يجتاز السيد تيغَر الاختبار النهائي لهذا الدور: جعل المشهد، الذي يتغلب فيه على فرويد ألمٌ معذِّب، قابلاً للتصديق و تعاطفياً لكن ليس معذِّباً لجمهور المشاهدين. و في أحيان أخرى، يهزأ السيد تيغر و معه المخرج، ماكسويل وليامز، من الكاريكاتير الذي صار إليه فرويد و طريقته على مر العقود، حيث نراه يلاطف لحيته و هو يقول، " إننا نحقق تقدماً " ( باللهجة الألمانية الضرورية، بالطبع ) و يسد فمه بإصبع أو اصبعين متسائلاً، " كم صار لك و أنت بهذه العلاقة؟ "
آه، تصبح المحادثة شخصية. و يريد فرويد أن يعرف لماذا لم يتزوج لويس، و عمره 40 عاماً ــ و على وجه الدقة كيف يشعر تجاه المرأة الأكبر سناً التي يعيش معها، أُم رفيق الحرب العالمية الأولى القتيل، الذي وعده بالعناية بها. ( و أي واحد شاهد فيلم عام 1993 " Shadowlands " يعرف أن لويس تزوج متأخراً شاعرة أميركية، و قد توفيت زوجته قبل أربع سنوات ).
و لا يأخذ لويس هذا الغمز و اللمز جالساً بهدوء. فيرد متسائلاً لماذا ابنة الدكتور الطيب، آنا فرويد Anna Freud ، و هي في الأربعينات أيضاً، ما تزال عزباءً و تبدو و كأنها تكرّس حياتها للفوز بموافقة أبيها ( لم تتزوج آنا فرويد في الواقع على الإطلاق )!
عن: New York Times
ترجمة/ عادل صادق
المدى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق