تصنيفات مسرحية

الأربعاء، 28 مايو 2014

مسرح عالمي.. عذابات فرويد في جلسته الأخيرة

مدونة مجلة الفنون المسرحية

ينطوي فرويد، الذي يقوم بدوره هنا كينيث تيغَر، على مخاوف أقل تجريداً بالتأكيد في نص مارك جيرمَين لمسرحية " الجلسة الأخيرة لفرويد Freud’s Last Session "، التي عرضت في الشهر الماضي على مسرح TheaterWorks Hartford . إنه الآن في صباح أحد أيام أيلول من عام 1939 في الثالثة و الثمانين من عمره و يعاني من سرطان متقدم في الفم، و قد غزت ألمانيا للتو بولندة. و مع الكارثة التي تلوح في الجو، يستقبل زائراً، هو المؤلف سي. أيس. لويس، الذي يقوم بدوره هنا جوناثان كرومبي، قبل نشر " الأسد، و الساحر، و الخزانة " و كتب نورنيا الأخرى. و يرغب فرويد في معرفة كيف يمكن لمثل هذا الرجل الذكي أن يهجر فجأةً طرقه الإلحادية و يتحول إلى الدين أو " يعتنق كذبةً مُغوية"، حسب تعبير فرويد.
و تتحول مقابلتهما ( في 90 دقيقة، و هي أطول كثيراً من جلسة التحليل النفسي القياسية ) بشكل سريع إلى تبادل في الكلام، تبادل يهدد بالتحول إلى مواجهة قبيحة لكنها تتوقف فجأةً على الدوام.
و السيد كرومبي، في دور لويس، محبوب و يقدّم وجهات نظر بصورة عقلانية جداً لدرجة أن مئة ملحد من الجمهور يمكن أن يدعو الرجل لتناول العشاء و سماع المزيد منه. فيقول لويس إن عقيدته الآن عدم الإيمان، الذي كان قد تظاهر به بقوة و هو شاب صغير، " و أرضى رغبتي في أن يدَعوني لوحدي. " و الحجة الأخرى التي لديه هي أن " اختيار عدم الإيمان " بالله هو في حد ذاته برهان على وجوده.
و حين يورد فرويد حقائق مزعجة عن هيئة كهنوت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، يهز لويس كتفيه و يتغاضى عن ذلك، قائلاً : " إن غباء قادة الكنيسة هدف سهل جداً. "
إن معنى الحياة، في فلسفة فرويد، واضح. فهو يعلن " إن الجنس ينبوع السعادة كلها. "  والخجل والضمير وجهان للوجود الإنساني من أجل التغلب عليه، لا تنميته و الصلاة بشأنه. أما بالنسبة ليسوع، فإن " تعاليمه ساذجة و تدميرية. " و بالرغم من أن فرويد يهودي، فهو يعرف عمَّن يتحدث؛ فقد كانت له مربية كاثوليكية.
و يجتاز السيد تيغَر الاختبار النهائي لهذا الدور:  جعل المشهد، الذي يتغلب فيه على فرويد ألمٌ معذِّب، قابلاً للتصديق و تعاطفياً لكن ليس معذِّباً لجمهور المشاهدين. و في أحيان أخرى، يهزأ السيد تيغر و معه المخرج، ماكسويل وليامز، من الكاريكاتير الذي صار إليه فرويد و طريقته على مر العقود، حيث نراه يلاطف لحيته و هو يقول، " إننا نحقق تقدماً " ( باللهجة الألمانية الضرورية، بالطبع ) و يسد فمه بإصبع أو اصبعين متسائلاً، " كم صار لك و أنت بهذه العلاقة؟ "
آه، تصبح المحادثة شخصية. و يريد فرويد أن يعرف لماذا لم يتزوج لويس، و عمره 40 عاماً ــ و على وجه الدقة كيف يشعر تجاه المرأة الأكبر سناً التي يعيش معها، أُم رفيق الحرب العالمية الأولى القتيل، الذي وعده بالعناية بها. ( و أي واحد شاهد فيلم عام 1993 " Shadowlands " يعرف أن لويس تزوج متأخراً شاعرة أميركية، و قد توفيت زوجته قبل أربع سنوات ).
و لا يأخذ لويس هذا الغمز و اللمز جالساً بهدوء. فيرد متسائلاً لماذا ابنة الدكتور الطيب، آنا فرويد Anna Freud  ، و هي في الأربعينات أيضاً، ما تزال عزباءً و تبدو و كأنها تكرّس حياتها للفوز بموافقة أبيها ( لم تتزوج آنا فرويد في الواقع على الإطلاق )!
 عن: New York Times

ترجمة/ عادل صادق 
المدى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق