مدونة مجلة الفنون المسرحية
يتنقل أفراد فرقة «وجهاً لوجه» للمسرح الجوال والدمى المتحركة بين شوارع مدينة إسطنبول، لافتين أنظار المارة بلباسهم المقتبس من قصص الكتب الدينية والعصور القديمة. ولأن الفرقة استطاعت تحقيق شهرة واسعة بين سكان المدينة وسياحها، فإن ملابس أفرادها التي قد تبدو غريبة وسط حداثة المكان صارت جزءاً من ثقافة مدينة تتغنى شوارعها بتنوع الفنون المقدمة فيها. فأن تسير في أحد الشوارع الرئيسة في إسطنبول يعني أنك بلا شك ستستمع إلى الموسيقى التراثية وستتمتع بحلقات الدبكة والرقص، وكذلك لا بد أنك ستمر بأحد عروض مسرح الهواء الطلق، وإن حالفك الحظ، فإن موعدك سيكون مع عرض لفرقة «وجهاً لوجه».
وعلى عكس بقية الفنانين الذين يقدمون عروضهم في شوارع إسطنبول، لا تجمع «وجهاً لوجه» المال من الجمهور الذي عادة ما يلتف حولها في دوائر تتفرج على العرض، لأن المال لا يدخل ضمن حسابات أفراد الفرقة. فهم، وفق تعبير المخرج جام أشوك، لديهم أعمالهم الأخرى التي يكسبون من خلالها المال، «وما يقدمونه في الشارع ليس عملاً ربحياً، بل فناً قائماً بذاته».
يقول أشوك إن الفرقة تتكوّن من مجموعة من هواة الغناء والتمثيل والموسيقى، موضحاً أن غاية هؤلاء من العمل في الفرقة هي ممارسة هوايتهم المفضلة وتنمية موهبتهم في التمثيل، فضلاً عن توعية الشارع بالقصص الدينية. وبالتالي، يعمل أفراد فرقة «وجهاً لوجه» في مهن مختلفة، إلى جانب عملهم في الفرقة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
يقول أشوك: «يعمل غالبيتنا مهندسي ديكور داخلي ومعمار، كما انضم أخيراً إلى الفرقة محاسب وممرضة». ويضيف: «يكفي أن تكون موهوباً وراغباً في نشر المعرفة حتى تصبح من أعضاء فرقتنا»، مشيراً إلى أن «مواطناً أميركياً مغرماً بالثقافة التركية انضم أخيراً إلى فرقة «وجهاً لوجه» وشارك في عروضنا الأخيرة. وهو إلى كونه ممثلاً موهوباً، تطوع لمساعدتنا في أعمال الترجمة».
ويلفت أشوك إلى أن عروض الفرقة ترافقها بضع آلات موسيقية، «بغية إيجاد جو موسيقي يزيد العروض تأثيراً، ما يُدخل أعمال الفرقة ضمن تصنيف العروض الاحترافية المتكاملة العناصر الفنية».
أما اسم الفرقة فاختير لأنها تعمل على مخاطبة المارة في الشارع، وتوعيتهم مباشرة من دون اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائط تكنولوجية تضعف الأثر التوعوي. لذلك تختار الفرقة في كل عرض ساحة مزدحمة، تضع في وسطها مسرحها التقليدي المتواضع، معلنةً بدء العرض.
«العروض المسرحية الجوالة تذكر بأهمية اللقاء والحوار المباشر»، يقول أشوك، موضحاً أن السياح الأجانب غالباً ما ينجذبون إلى العروض على رغم أنها تُقدم باللغة التركية، «ما يؤكد رغبة الناس في التقاء الفنانين مباشرةً، بعدما باتت الشاشات تفصل بين الجمهور والفنان، وبالتالي تعيق وصول الأفكار والرسائل».
ويشرح أشوك أنه بعد نهاية العرض، يقدم أفراد الفرقة استبيانات ورقية للجمهور، ويطلبون من المتفرجين تعبئة الاستمارة التي تتضمن بضعة أسئلة وأجوبة تبحث عن مدى رضى الجمهور عن العرض، وعن رغبة الجمهور في التواصل مع الفرقة لمعرفة مكان العروض المقبلة وزمانها. ومن ضمن أسئلة الاستبيان أيضاً إن كان الجمهور راغباً في الحصول على كتيبات توعوية مجانية عن القصص والعروض التي تقدمها الفرقة. وهذه الكتيبات يُعدّها ويطبعها أعضاء الفرقة ويوصلونها إلى الجمهور على نفقتهم الخاصة.
ويقول مخرج «وجهاً لوجه»: «نقدم هذه الخدمات مجاناً، محاولة منا لتشجيع الجمهور على القراءة والاطلاع»، موضحاً أنهم يعملون حالياً على ترجمة بعض الكتيبات إلى الإنكليزية، بغية توسيع دائرة الجمهور المستهدف.
اسطنبول - آلاء عامر
الحياة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق