مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
من مجدي التل- طرح العرض المسرحي الفلسطيني "3 في 1" إخراج إيهاب زاهدة، ببساطة وعمق، مساء أمس الثلاثاء في المسرح الرئيس بالمركز الثقافي الملكي ضمن مهرجان ليالي المسرح الحر العاشر، تساؤلات مفتوحة حول الراهن الفلسطيني.
العرض المسرحي "3 في 1" الذي إتكا على المدرسة الحداثية في المسرح او مسرح ما بعد الدراما الذي يكون ضد سلطة النص ومع استقلالية المسرح عن النص الدرامي، وضد وحدة المكونات الجمالية، والصراع ليس عنصرا أساسيا فيه، ولا يقوم على مبدأ الفعل والقصة، ولا تهمه الرسالة بل يهمه فن الأداء ووسائل التعبير المتنوعة، ويعكس حالة وموقفا بهدف صياغة حس جمالي جديد، استهل مشاهده بصعود شخوص العرض الثلاثة الى الخشبة في حوار بينهم بوصفهم ممثلين في فلسطين، يعدون لعرض مسرحي شكسبيري "بيراموس وتيسبي" فيختلفون على من سيؤدي دور الفتاة المعشوقة "تيسبي"، لعدم توفر فتاة بسبب رفض المجتمع لعمل الفتاة في هذا المجال مثلما يرفضون مهنة التمثيل بحد ذاتها، الامر الذي يفتح الباب لتحول حوارهم حول حياة الفنان في حدّ ذاته والصعوبات التي يعاني منها بدءا من حياته العائلية وصولا إلى نظرة المجتمع للفن والفنانين، وتفاعل صراعات داخلية وخارجية يومية يعيشونها على المستوى الفردي الذاتي او الذات الجماعية كفلسطينيين، علاوة على ما يعانونه تحت الاحتلال والواقع الفلسطيني المعاش بمجمله، من خلال لوحات يتبادل فيها الادوار شخصيات العرض ايهاب زاهدة ومحمد الطيطي ورائد الشيوخي ويعكسون تجاربهم الحقيقية أكثر من قيامهم بأداء تمثيلي.
وقد نحا العرض المسرحي "3 في 1"، الذي تميز فيه العمل الجماعي للفريق بالاتقان، تجاه الكوميديا الخفيفة التي تذكرنا بمسرحية "الدب" لتشيخوف حيث تختلط الجدية مع السخرية والفظاظة رغم ما تطرحه في بنائها الداخلي من محمولات تعبر عن إرهاصات وآلام وصراعات وقضايا جدلية فيما يتعلق بالراهن الفلسطيني، كما جاءت بمستويات متعددة من المحمولات التي عبرت عنها العلامات السمعبصرية المختلفة.
ووفق مخرج العرض المسرحي الذي إتكأ على التمثيل، في توظيف تقنيات الممثل وامكاناته الادائية في شكليه كنص منطوق أكان مونولوجا او ديالوجا، او على صعيد الاداء الحركي المتماسك والمتقن والذي حافظ على "ميزانسين" العمل بالتوزيع المتناسق للشخصيات مع كتل الديكور البسيط، فيما لم يوفق في خاتمة العرض الذي عبر عن انتكاسة واحباط للمواطن الفلسطيني ومشروعه الوطني من خلال انتحار الممثل شنقا بحبل ربط طرفه بــ"بالون" احمر اثناء وجوده في باريس.
لغة النص المنطوق في العرض الذي ثيمته الرئيسة تتحدث عن معاناة الفنان الفلسطيني تحت الاحتلال في ارضه وخارجها، والتي جاءت غالبا بالمحكية الفلسطينية، سعت للتعبير عن حالة وموقف مع توظيف المؤثرات الصوتية كممثل رابع غير مرئي لشخصية المحقق، والموسيقية والاغاني الفرنسية في مشاهد السفر الى فرنسا، مكملا لما يراد إيصاله من رسائل ومضامين، فيما جاءت مختلف عناصر السينوغرافيا الاخرى، ملابس واكسسوارات واعادة تأثيث للخشبة بخلق فضاء مواز في العمق وظف ككواليس للمسرح المفترض او غرف او ليل باريس المضي والمصابيح المتدلية من اعلى سقف الخشبة واسلاك انارة الزينة التي تموضعت على جدار عمق الخشبة ووظفت كاسلاك شائكة تعبيرا عن الاحتلال او كانوار ملونة في مشهد السفر الى فرنسا لدلالة على باريس مدينة الانوار، والديكور البسيط المكون من صندوقين تموضعا في المنتصف ووظفا كمنصات او مقاعد او مقاعد حافلة او منصات يقف عليها الممثلون و"ستاندات" وظفت كمرآة او علاقات او هراوت، بالاضافة إلى الاكسسوارات والملابس المختلفة التي ساهمت جميعها في ايصال المضامين والمحمولات من خلال اللوحات التمثيلية.
وكان عرض اول من امس على المسرح الرئيس بالمركز، المسرحية التونسية "مرا مرا - خطابات نسوية" من اخراج وتاليف سيف الدين الفرشيشي والتي رصدت ثبات قضايا المرأة التونسية خصوصا والعربية عموما رغم المتغيرات السياسية التي حلت في بعض الاقطار العربية.
العرض المسرحي الذي تناول قضية تقليدية ما زالت تراوح مكانها وإقترب من التجريب، جاء فعلا دراميا توثيقا محملا بارهاصات المرأة في ظل متغيرات وخطابات سياسية مختلفة تطالب بالتغيير وتتجاهل دور المرأة وحقوقها.
يتحدث العرض عن كاتب نسج حكاية شقيقتين يعيشان معا احداهن منقبة ذات توجه ديني متطرف فيما الاخرى يسارية منفتحة، يختلفن في القناعات ويتجادلن في الرأي في قضايا سياسية واجتماعية فيما تجمعهن معاناة واحدة كونهن نساء، ويسعين للسفر ومغادرة البلاد طلبا لافاق اكثر اتساعا.
عمان -(بترا)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق