تصنيفات مسرحية

الثلاثاء، 19 مايو 2015

ترنيمة عشق مغلول ( سفينة ادم ) تبحر في موج من الدموع عبر مرفأ لقاء رومانسي / ماهر الكتيباني

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني



عرضت ( سفينة آدم ) على خشبة ورشة فنون المسرح في كلية الفنون الجميلة / بغداد / مساء الاحد ٢٠١٥/٥/١٧
بدءً اود الكشف عن امر ليس سراً ،عندما قرأت نصوصا ل( علي عبد النبي الزيدي ) في سلسلة مسرحيات دونها في كتاب ، روجت لأمر ، انها لاتخرج عن نطاق فكرة تحطيم المحرمات ، وانها تتراوح في تمظهراتها على دوران في حيز يقود الى بؤرة واحدة تؤطرها الصرخة التي احدثتها الحروب وقد احرقت في تنورها الماقبل والمابعد ، بل ذهبت ابعد من ذلك في انها تصلح للقراءة اكثر منها للعرض ، او ان صعوبة صارمة تعترض التصدي في تفسير المتن ومعالجته اخراجيا من حيث واقع التلقي الذي يفقد ايجابيته، بخاصة في حالة الفهم المغاير واسقاطها على خانة التعارض مع الشرائع ونواميسها، لكن اود الاعتراف ان تلك النظرة التي جبلت بها ذائقتي في تلقي نصوص الزيدي ، قد ثبت بطلانها لاسباب عدة ، كما ان وجهة نظري تلك ماهي الا تصورات زائفة، تحقق ذلك عقب مشاهدتي قبل اشهر في مهرجان جماعة المسرح المعاصر في البصرة عرض مسرحية ( تحوير ) ، لمخوجها الشاب (مصطفى الركابي ) .
وقد تأكد لي مساء يوم الاحد ٢٠١٥/٥/١٧ ، زيف انطباعي وعدم ثباته ، بعد أن شاهدت عرض مسرحية ( سفينة آدم ) التي اخرجها بحرقة ابداعية الدكتور ياسين اسماعيل الكعبي ، للمؤلف العابر للمسافات ( علي عبد النبي الزيدي ) هذا الطائر الجنوبي الذي يحلق في سماء الألم، افرد نصا ، مشفوعا بعشق لكن متقطع الاطراف ، تلك الفنتازيا الموجعة التي احاط بها مدخلات ومخرجات الرؤية الاخراجية التي ظلت تحرث في اتون الشاعرية المطلقة للصورة التي نسجتها احاسيس المؤلف، وليس ذلك بالخطأ، فالمؤلف نزف كلماته من جرح الوطن، المفجوع في كيانه ووجوده ، المحترق بنار ( الحروب ) التي ادت الى كل انقطاع وتقابل مع الوجود افقيا وعموديا ، بل ولعن كل ما يمكن ان تخلفه من انهيار وتفتيت التعشق بنياط الحياة. يبحث آدم عن عاشقيين بأواصر حميمة حتى يكتمل فيهما العدد المطلوب كي تبحر سفينته ما يتيح لحياة جديدة ان تنجو من طوفان مقبل ، والعشق يفترض وجود طرفين، المرأة ، تنتظر معشوقها الغائر في دهاليز الغياب ، وغيابه ليس الا غياب لاحساسات اجيال كاملة مرغتها الحروب ، وطحنت عظامها.
يحذر (آدم) من طوفان قريب، وضرورة الاسراع ،بارتقاء السفينة ، حضور الرجل المتعلق باهداب غيابه الذهني وقد اسكره ضياع بلا افق ، وحتى الموتى تركوا قبورهم هربا من وطن يحيطه الطوفان الذي ينذر بختام فاصلة حياة ودنيا ويقضي على الوفاء وتلك مسميات المرأة التي تدور في فلكها فهي حياة أفلت ودنيا ادبرت ، ووفاء بلا جدوى.
يشبه المكان سطح مركب على اهبة الابحار، الرجل والمرأة يدوران في محور الترضي والقبول بواقع حال لا مناص من مغادرته. الرجل العاشق يغط في سكره والمرأة تحاول فك وتحرير روحة من قيود السجن الذي فرضه ربان السفينة ( ادم ) وهو يبني سفنا جديدة ، لدنيا لاتنتج الا حربا ،، الموت صنو الوجود ، والوجود محاط بطوفانات متكررة ،، 
ابتكر المخرج المتمكن مقترحاته بهدف التبرير المرئي لمدلول المعنى في نص ( الزيدي) الهائل في مكوناته الصورية ، عبر الإنكفاء على ماض خرب تسبب في حاضر مرتخي أدى إلى مستقبل مبهم ، وتحرير طاقة المكان شكل افتراضا ظهر سفينة، وبمدخرات الضوء المنفصل والمتصل عبر انابيب قربت الشكل ، وحركة غير المنقطعة شغلت حدود المكان ، بجغرافيتة الثابتة والمتحركة. وبقوة الحضور المهيمن للمثلين، بخاصة الكبيرة ( شذى سالم ) التي مررت بمرونتها الأخاذة شحناتها العاطفية، وبطبقات انفعالها الحسي ، التي خلخلت الوجدان وجعلته متراخيا منساقا لمشتغلاتها الادائية ودفقاتها الروحية ، التي تسكن الروح بلا حواجز تردع تأثرك بصدقيتها، غير مكترثة بإيقونات الانفعال التقليدي ، كل مافيها يشتعل احساسا ليغذي شخصية الدور بحقيقة ماترمي الى ايصاله ، تمتعت شخصيتها بحضور طاغ ، يرادفها في توازن الاداء تألقا وإنسجاما ( خالد أحمد مصطفى ) باسلوبه الفريد ، الذي شكل التماعة متفردة في طريقة ادائه ، خلق جوا من. المرح الممزوج بالقهر والإختناق ، والتهكم الممزوج بالدموع وعكس واقع شخصية متهكمة مثخنة بالوطن ، هو القطب الذي يصل ترنيمة العشق بإنشوطة الإغتراب ، طوفان شحذ الانفعال جاء مثل موج بلا انقطاع ، فيما اجاد الممثلان الاخران تجسيدهما ، ( ادم ) و( الميت ) بشكل وضع معادلة العرض على ركائزها، ويمكن جدليا ان يتم الوقوف عند بعض المناطق سلبا توضيحا لوجهة نظر ، لاتمثل سوى رأي صاحبها ،، 
يوم عراقي جديد يفصح الفنان عبره عن موقفه الوجودي عبر منجز يشكل اضافة لواقع مسرحنا مابعد التغيير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق