مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
نَحَتَ الفنان الراحل خالد صالح اسمه على خشبة المسرح المصري بما قدّم له من دعم مادي ومعنوي، فضلاً عن إبداعات استحقت أن يكلل اسمه الدورةَ الثامنة للمهرجان القومي للمسرح، والذي تُعقد فعالياته حالياً 4-21 أيلول، برعاية وزارة الثقافة المصرية، ويتنافس فيه 35 عرضاً مسرحياً، تقدّمها فرق تنتمي لقطاعات مختلفة كالهيئة العامة لقصور الثقافة، والبيت الفني المسرحي، والجامعات، وصندوق التنمية الثقافية وغيرها.
يتزامن عقد المهرجان مع لحظة فارقة تعيشها المنطقة العربية تحت وطأة الفكر الظلامي، ما يجعل المسرح أمراً ملحاً باعتباره الشكل الثقافي الأكثر تعبيراً عن الواقع والسعي إلى التغيير والتجديد.
«الدورة الثامنة للمهرجان القومي للمسرح تحمل الجديد والمختلف»، يقول المخرج ناصر عبد المنعم رئيس المهرجان، مؤكداً اهتمام هذه الدورة بالكيف على حساب الكم، حيث اقتصر عدد العروض على 35 عرضاً داخل المسابقة الرسمية، في حين كان عددها سابقاً 45 عرضاً، في سبيل رفع مستوى العروض، مشيراً إلى حرص المهرجان على تقديم رؤى وتصوّرات تساهم في دفع الحركة المسرحية، من خلال عقد سلسلة من الندوات، كان من بينها ندوة حول آليات وروافد الإنتاج المختلفة وعلاقتها بالدولة، وأخرى حول تقهقر المسرح الخاص وأثر الدولة على ذلك.
يضيف لـ «السفير» أن المهرجان كرّم عدداً من نجوم المسرح الذين رحلوا وتركوا أثرهم، منهم نور الشريف وسناء جميل، محمد عوض، إضافة لتكريم آخرين على قيد الحياة منهم الكاتب لينين الرملي، والناقد حسن عطية. ولفت عبد المنعم إلى مضاعفة قيمة الجوائز المادية للمهرجان والتي وصلت 30 ألف جنيه بدلاً من 15 ألف جنيه، إضافة للقيمة المعنوية، بهدف زيادة الحافز على الإبداع.
نزار سمك، بهائي الميرغني، صالح سعد، حازم شحاته، مؤمن عبده، محسن مصلحي.. أسماء لمعت في فضاءات المسرح المصري لسنوات عدة، إلى أن خبا وهجها منذ عشر سنوات، بفعل حريق التهم مسرح قصر ثقافة بني سويف، الذي كان يستضيف مهرجان نوادي هواة المسرح المصرية. المهرجان القومي للمسرح أحيا ذكرى اولئك الراحلين، في ندوة تزامن عقدها مع الذكرى العاشرة للمحرقة التي تعتبر من مآسي التاريخ المسرحي المصري. أدارها الناقد المسرحي أحمد خميس، وشارك فيها الكاتب المسرحي محمد عبد الحافظ ناصف رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمسرحي عبد الرزاق أبو العلا، والدكتورة أسماء يحيى الطاهر التي أدلت بشاهدتها حول الناقد حازم شحاته وتجربتها الشخصية معه، مؤكدة أنه مع رفاقه خسارة للحركة المسرحية النقدية، وذكراهم ستبقى في الوجدان والذاكرة.
العروض
الناقدة والمخرجة المسرحية داليا بسيوني ترى أن معظم عروض المهرجان ضعيفة، سواء من حيث التقنيات أو الأفكار أو الأداء التمثيلي، باستثناء قلة، كعرض «روح» الذي اعتبرت نصه عادياً لكن الفريق قدّم جهداً جيداً جعل العرض فرجة مسرحية تخطف المشاهد من أول العرض لآخره. وتضيف لـ «السفير» أن ضعف المستوى الفني يشمل جميع القطاعات، والعروض تفتقد لجميع العناصر المسرحية، حتى ما تمتع منها بضخامة الإنتاج غابت عنه الفكرة والخيال. مشيرة إلى غياب التواجد النسوي في المهرجان والذي اقتصر على تأليف مسرحية واحدة لعرض الجامعة «رجالة وستات»، في حين لم يتضمّن إخراج العروض أي اسم نسائي.
«المسرح يعيش حالة ركود كثيرة التعقيد والأسباب» تقول داليا معللة أن من الأسباب ما يتعلق بالحركة المسرحية وما تعانيه من كوارث، ومنها ما يعود لتردي الحالة الثقافية العامة، خاصة أن المسرح كاشف للمتغيرات التي تمرّ بالبلد، ما يجعل النموذج الضعيف هو المُحتذَى به، في حين لامكان للجودة، فلا فكرة ولا أداء. تضيف أن الانحطاط بلغ اللغة أيضاً، فلا وجود إلا للعامية في حين الفصحى هي الأكثر قدرة على صناعة الكوميديا، حسب قولها.
زخم عروض الجامعات
تقف الناقدة المسرحية الدكتورة نهاد صليحة على عتبة أكثر تفاؤلاً، مشيرة إلى زخم عروض الجامعات في هذه الدورة من المهرجان، سواء المنتمية لمسرح الجامعات أو المسرح المستقل، الأمر الذي اعتبرته مؤشراً على تقدّم المسرح المصري من خلال تجديد دمائه بالروح الشبابية التي تضمّنت العروض، سواء أكانوا مخرجين أو ممثلين، من تلك العروض حسب قولها «سهرة ملوكي»، «ثري دي» و»حلم ليلة صيف». تشارك صليحة في اللجنة العليا الخاصة بالمهرجان، إضافة للجنة مشاهدة عروض الجامعات، وتؤكد أن معايير اختيار المسرحيات قائمة على النضج الفكري والفني، والتي تتمثل في وجود الحد الأدنى من الجودة الفنية، ومدى جرأة المعالجة المرتبطة بالوعي الفكري، مشيرة إلى تشجيعها التفكير الجديد والأطروحات النابعة من خارج الصندوق.
تضيف أن العروض في هذه الدورة كما هي كل عام تتنوّع بين المتميّزة والمتوسطة وأقل من المتوسطة، لافتة إلى أن جيلاً مسرحياً جيداً قادم في الطريق، لبعث الأمل في الحركة المسرحية وإثبات أن الأمور لم تنته بعد.
جريدة السفير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق