مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
* عبد العليم البناء: صحافي وناقد وباحث وإعلامي عراقي
الكويت - النهار
يواصل مبدعو المسرح العراقي تصدرهم واجهات الابداع العربي والدولي على الصعد الثقافية عامة وعلى صعيد المسرح خاصة فلم يخل محفل أو ملتقى او مؤتمر أو مهرجان من حضور القامات والشواخص الابداعية العراقية بما عرف عنهم من تميز وتحفيز وتفعيل لحركة الابداع بكل تجلياتها وتمظهراته على الرغم من جميع الظروف والاوضاع الاشكالية والملتبسة والمضطربة التي أحاطت وتحيط بهم فكانوا ينهضون كالعنقاء من رماد الفجائع بكل ألوانها وأشكالها وغير المسبوقة عربيا وعالميا ليؤكدوا انتماءهم وعمق ارتباطهم بحضارة بلاد الرافدين واسلافهم ممن أسسوا لكل الابداعات والابتكارات التي علمت البشرية أبجدية العلم والنور والمعرفة.
واذا كان المبدع هو الشخص المرن ذو الأفكار الأصيلة والمتمتع بالقدرة على اعادة تعريف الأشياء أو اعادة تنظيمها والذي يمكنه التوصل الى استخدام الأشياء المتداولة بطرق وأساليب جديدة تعطيها معاني تختلف عما هو متداول أو متفق فان المسرحيين العراقيين بمختلف أجيالهم استطاعوا ان يقدموا عطاءات مغايرة عبر لغة مسرحية فاعلة ومؤثرة وعميقة الدلالات سواء على مستوى الشكل أم المضمون تركت بصماتها على مجمل المشهد المسرحي العربي .
ولعل أقرب مثال على هذا الفعل الابداعي المتواتر والمتسق مع حجم التحديات المتنوعة هذا الحضور الابداعي العراقي الفاعل في مهرجان المسرح العربي بنسخته الثامنة التي تقيمها الهيئة العربية هذا العام في دولة الكويت الشقيق برعاية سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الصباح وتنطلق فعالياتها في العاشر من كانون الثاني 2016 تحت شعار : نحو مسرح جديد ومتجدد لنشهد أول الحصاد الابداعي للمسرح العراقي العام 2016 الذي نتوقع له ان يكون وافرا حيث تشارك الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح في هذا المهرجان بالمسرحية المثيرة للجدل (مكاشفات) بين العاشر والسادس عشر من شهر يناير الحالي لتتنافس على نيل جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة لأفضل عمل مسرحي عربي للعام 2015 وذلك بعد ترشيحها من اللجنة العربية المكلفة اذ بلغ مجموع العروض التي نظرت اللجنة في ملفاتها في التصفية النهائية 133 عرضاً من 20 دولة منها ثماني عشرة دولة عربية ودولتان من مهاجر المسرحيين ومن بين 15 مسرحية عراقية سبق ان تقدمت للمشاركة حيث ستدور رحى المنافسة الابداعية لاقتناص هذه الجائزة والفوز بها مع سبعة عروض مسرحية عربية مهمة هي الأخرى.
والمهم في هذا العرض أنه جاء نتيجة ورشة ابداعية متميزة بكل ما للكلمة من معنى - تضافرت جهودها وامكاناتها لكي تحلق عاليا في فضاءات المسرح محليا وعربيا حيث أعدها الراحل الكبير قاسم محمد من نصين آخرين لكاتبين عربيين هما: (مكاشفات عائشة بنت طلحة) لخالد محيي الدين البرادعي ومقاطع من مسرحية (أنا بن جلي) لمحمود تيمور واستطاع بقدرته المعروفة علىالتوليف في ان يقدم نصا مختلفاً تبعا لقدرة اللغة في النصين وطريقة استحضار شخصية (الحجاج بن يوسف الثقفي) و(عائشة بنت طلحة) وهما شخصيتان لهما في التأريخ تأثيرهما.. وفي هذا النص لهما الحضور الجمالي الدرامي العميق.
وأنجز سيناريو العرض والاخراج الفنان المبدع غانم حميد الذي يعد أحد الوجوه البارزة في المسرح العراقي كانت مسيرته ومازالت زاخرة بالابداع والتألق منذ ولج هذا العالم الساحر بفضاءاته المفعمة بحيوات الامل والألم والتوهج والاخفاق والنجاح والمصائر المأزومة التي كان غانم حميد يعمل على تفكيكها واعادة صياغتها لتعكس هموم وتطلعات وأمنيات غائبة وحاضرة ليتوج هذه المسيرة بحصيلة وافرة من العطاءات المبدعة والخلاقة التي كرسته مخرجا يغرد دوما خارج السائد والمألوف والتقليدي.
حيث تبرز قدرة ممثلين كبيرين هما أستاذان في فهمهما للمادة الدرامية التي يقدمانها في اللغة والالقاء وتميز التجربة الدرامية التي مضيا بها وتفردهما في قراءة خاصة للشخصيات التي يمثلانها فللثقافة والرؤية والمدخل الاكاديمي تأثيره الواضح على ظهور الممثل ومن ثم الشخصية بشكل جمالي ابداعي مقنع ومثير.. وهناك الممثل فاضل عباس الذي سيؤدي (خادم العرض) وهي شخصية افترضها المخرج ليضفي حضوره على العرض سحر وجوده الدائم ولياقته مؤديا لشخصيات عدة مع فريق عمل فني متمكن ومحترف ضم الفنانين: علي محمود السوداني الذي تولى صياغة السينواغرافيا بمعرفية ومهنية نادرة والمخضرمة نهلة داخل في الادارة المسرحية واحسان هاني مساعد المخرج وزياد الهلالي مدير الانتاج وموسيقى واعداد مؤثرات كمال حسن وأزياء واكسسوارات سيف العبيدي وكرافيك وسام جعفر وداتاشو هشام كاظم وحيدر غني مساعد الاضاءة والتصوير وأنا العبد الفقير الى الله للمتابعة الاعلامية .
ولن يقف الحضور الابداعي العراقي في هذا المهرجان عند هذه الحدود لاسيما ان المهرجان سيشهد فعاليات متنوعة فهناك الفنان الدكتور جبار جودي وسهيل البياتي والفنان علي السوداني الذين سيشاركون في (ورشة الدراماتورجيا المسرحية) التي تقيمها شبكة السينوغرافيين العرب كما سيشارك الفنان فاضل عباس في ورشة (همس الصحراء- دراماتورجيا الممثل) والفنان زياد الهلالي في ورشة (المونولوج الشخصي- تمثيل وارتجال) وسيحضر فعاليات المهرجان عدد من الفنانين العراقيين المعروفين كضيوف شرف وهم: عزيز خيون وسنان العزاوي ود. سافرة ناجي.
وعلى غرار ما حققه عرض (مكاشفات) المثير للجدل على خشبة المركز الثقافي الملكي في عمان من نجاح مبهر ومدهش واعجاب وتقدير وهو ماحصل مضاعفا عند عرضه بالامس القريب على خشبة المسرح الوطني ببغداد فان المتوقع ان يتزايد حجم هذا النجاح الذي ربما سيتمخض عن تتويجه بجائزة الشيخ الدكتور سلطان القاسم لأفضل عمل مسرحي عربي لعام 2015 وهو أمر ليس ببعيد المنال بعد مجموعة من الاضافات الواعية والدالة والموحية والمعبرة التي بلورها فريق العمل بقيادة المخرج المبدع غانم حميد باذنه تعالى.
اليوم في المهرجان المؤتمرات
الصحافية
10:00 صباحاً: مؤتمر فريق مسرحية لا تقصص رؤياك الإمارات
11:00 صباحاً: مؤتمر
فريق مسرحية عطيل الجزائر
12:00 ظهراً: مؤتمر فريق مسرحية صدى الصمت الكويت
الندوة الفكرية
10:00 صباحاً: السينوغرافيا في المسرح العربي من أين وإلى أين
العروض المسرحية
5:00 مساءً: مسرحية مكاشفات العراق مسرح عبدالحسين عبد الرضا.
7:00 مساءً: مسرحية ضيف الغفلة المغرب - مسرح كيفان
9:00 ليلاً: مسرحية برج
الوصيف تونس - مسرح الدسمة
الندوات التطبيقية
10:00 ليلاً: ندوة مسرحية مكاشفات تعقيب د. فهد الهذال، ادارة نورة بوغيث
الكويت - النهار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق