مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
ضمن إصدارات إتحاد الكُتاب الكُرد في كركوك صدر للفنان المسرحي ” نهاد جامي ” كتابه الموسوم بـ(إنطولوجيا المسرح التجريبي الكردي) باللغة الكردية، والكتاب يقع في 130 صفحة من القطع المتوسط .
إتخذ الكتاب بمباحثه الثمانية من (التجريب) موضوعا اساسيا له، لكون إن لفظة (تجربة) و(تجريبي) قد اتخذت في المسرح معاني متعددة . فما من ابداع تجديدي يتخذ صفة الحداثوية في جانب من جوانب الكتابة الدرامية او العرض المسرحي، الا واطلق على نفسه إسماً ما او اضافت الى هذا الاسم صفة التجريب. ودليل ذلك ان ما فعله المخرجون الروس ـ بعد ستانسلافسكي ـ والالمان والبولنديون، وصف بانه تجريبي .
تناول المؤلف في مبحثه الاول الذي تعنون بــ(المسرح التجريبي)، البدايات الاولى للتجريب الذي جاء ملتصقا بالعلوم الانسانية وكان ذلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث ارتبط التجريب وما زال، بالمعمل والمختبر. من هذا المنطلق انتشر التجريب كمبدأ داخل بنية المسرح . ويرى (بريخت) في مقال كتبه عام 1939 عن المسرح التجريبي (ان كل ما هو غير ارسطي يعتبر تجريبا ) لذا فهو يسمي سترندبيرج وكوركي وتشيخوف بالتجريبيين. ان مصطلح التجريب في المسرح قد استخدم للمرة الاولى في عام 1894 عندما وصفت جريدة (مونتير يونيفرسال)، المسرح الحر لأندريه انطوان، بانه مسرح يرمي في المستقبل الى ان يكون مسرحا تجريبيا. ولقد عُرف ان المسرحي الفرنسي (الفريد جاري) هو مؤسس المسرح التجريبي، ويُعرف معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية لـ د.ابراهيم حمادة، المسرح التجريبي بـ( هو المسرح الذي يحاول ان يقدم في مجال الاخراج او النص الدرامي او الاضاءة او الديكور.. الخ، اسلوبا جديدا يتجاوز الشكل التقليدي، لابقصد تحقيق نجاح تجاري، ولكن بغية الوصول الى الحقيقة الفنية وعادة ما يتحقق هذا التجاوزعن طريق معارضة الواقع والخروج الى منطقة الخيال، بل المبالغة في ذلك الخروج في بعض الاحيان ) . وفي المبحث الثاني الذي حمل عنوان (التجريب في المسرح العربي)، يستعرض المؤلف بدايات التجريب في المسرح العربي، بالاشارة الى الكاتب (الفريد جاري) بصفته اول من دشن (التجريب) في المسرح العربي . كذلك يستعرض المؤلف، اسماء ( سعد الله ونوس/عادل كاظم / محمود ذياب/ الطيب الصديقي / يوسف العاني/سعد اردش/ كرم مطاوع / جلال الشرقاوي / نجيب سرور/ المنصف السويسي / جلال خوري / عبد الكريم برشيد) بصفتهم من اوائل التجريبيين العرب . كما يشير الى اول نص مسرحي عربي حمل مقومات التجريب. وهنا نُُُشكل على المؤلف عدم ذكر ان المسرح السوري هو اول من اطلق اسم (المسرح التجريبي) حين اسست وزارة الثقافة السورية عام 1976، المسرح التجريبي وعينت له سعد الله ونوس مديراً له وفواز الساجر مخرجاً له وجعلت مقره في صالة (القباني) بدمشق وتركت لهما حرية اختيار النصوص واسلوب التقديم وتحديد معنى المسرح التجريبي . اما المبحث الثالث ( التجريب في المسرح العراقي)، فيقسم مراحل التجريب التي مر فيها المسرح العراقي بثلاث مراحل، الاولى مرحلة (حقي الشبلي )بصفته مؤسس المسرح العراقي الحديث. والثانية مثلها تلامذتهم (ابراهيم جلال /جاسم العبودي/ قاسم محمد ) وتلاميذهم (سامي عبد الحميد/بدري حسون فريد) اما الثالثة فمثلها ( صلاح القصب/ عوني كرومي/ عقيل مهدي يوسف/ فاضل خليل ) ويركز المؤلف على تجربة المخرج د.صلاح القصب المتمثلة بمسرح الصورة وتنظيراته في هذا المجال، كما يشير الى تجارب المخرجين من اثروا حركة المسرح العراقي المعاصر وهم (ناجي عبد الامير/ شفيق المهدي / حيدر منعثر / كاظم النصار ) ويشير ايضا الى مساهمات الكتاب (فلاح شاكر/ علي حسين / يوسف الصائغ / خزعل الماجدي) في هذا المجال، لكنه اغفل التجارب الحية في المسرح العراقي المتمثلة بنتاجات الثنائي (عزيز خيون وعواطف نعيم). وفي المبحث الرابع (المسرحيين الكرد في الالفية الثالثة) يقرا المؤلف مستقبلية الحركة المسرحية الكردية في ضوء معطيات المشهد المسرحي الكردي الان، وفق الإتجاهات والتيارات التي تكتنف صورة المسرح الكردي . اما في المبحث الخامس (نهاية التأريخ.. نهاية المسرح) فيحاول المؤلف الإجابة على تساؤل مفاده // هل هناك نهائية لمجمل نتاج المسرح؟. وفي المبحث السادس (اضافات ارتو في المسرح)، يستعرض المؤلف اسهامات المخرج (انتونين ارتو) المتمثلة بمفهومه (مسرح القسوة) والعلائقية التي تربطه بالموجهات التنظيرية والتطبيقية في المسرح .
اما في المبحث السابع (المسرح التجريبي الكردي)، فيستعرض المؤلف، تعرف المسرح الكردي على المسرح التجريبي بتاكيده ان الفنان (بارزان عثمان) هو اول مجرب في المسرح الكردي، عبر انتاجه أول نص مسرحي كردي حمل مقومات (التجريبي) بعنوان ( قصة شاب) .
اما اول عرض مسرحي تجريبي كردي فكان ( انسان طبيعي ) عام1983 من تقديم الفنان المسرحي (مصطفى قسيم)، في حين كانت اولى فرقة مسرحية اتخذت من المسرح التجريبي منهجا لها، هي (فرقة المسرح التجريبي في كركوك). وفي المبحث الثامن (السيينوكرافيا وتطبيقاتها في المسرح التجريبي الكردي)، فيستعرض فيه المؤلف، الاعمال المسرحية التجريبة الكردية التي احتفت كثيرا بالتشكيلات الجمالية للسينوكرافيا وماهية مرموزاتها الفكرية .
يُذكر ان المؤلف (نهاد جامي) من المسرحيين الكُرد الناشطين في مجال المسرح التجريبي، وقد اسس (فرقة المسرح التجريبي) في كركوك ويديرها ايضا، حيث قدم عدة اعمال مسرحية تنحى منحى هذا الجانب وكانت بناية (القشلة) في مدينة كركوك، الفضاء الحاضن لتجاربه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق