مجلة الفنون المسرحية
الشقة التي عاش فيها تحتضن اليوم متحفا له، تنظم فيه باستمرار معارض مكرسة لعلاقاته مع المسرح، وذلك اعتمادا على مقتنيات متحف باخروشين لأن الديكور الحقيقي لشقته اندثر من زمن طويل بسبب
التطورات المأساوية التي مر بها وأسرته. متحف فسيفولود ميرخولد الذي يسلط الضوء على حياته وإبداعه وعلى مصائر الناس الذين أحاطوا به في مراحل حياته المختلفة. ميرخولد الذي تتلمذ على يد فلاديمير نيميروفيتش ـ دانتشينكو وبدأ مشواره الفني في مسرح ستانيسلافسكي، اعتمد في إبداعه ليس فقط على اكتشافاته الفطرية المشهودة، بل وايضا على تقاليد المسارح العالمية ومن بينها الروسي والصيني وبوجه خاص على المسرح الايطالي الشعبي. وطبق عناصر هذه المدارس العريقة، لاسيما القوة التعبيرية للحركات في تجاربه الإخراجية مع الحفاظ في الوقت نفسه على هويته المتفردة.تبلورت فاعلية حضور الممثل بوصفه العنصر الأهم في ديمومة الفعل المسرحي عبر أساليب واتجاهات كان لها الأثر في صياغة أطر فنية للإرتقاء بعمله وتطوير قدراته التعبيرية ومهاراته الأدائية، ولاسيما البحث في إزدواجية الوعي بين
ذات الممثل وذات الشخصية لإضفاء الطابع الإيحيائي للشخصية المسرحية المتخيلة، أو البحث في ثنائية الوعي بين الوجود الحقيقي والوجود الوهمي للشخصية المسرحية. وقد فرزت تلك الأساليب والإتجاهات طرائق أدائية تمثلت بمفاهيم وتقنيات هدفها الحفاظ على التوازن والتزامن في إطار عملية الأداء
التمثيلي.وكان للمخرج الروسي (فيسفولد مايرهولد) اهتماما خاصا بلاستيكية الممثل البايومكانيك ، دون أن يغفل التأثير الذي مارسته الكوميديا ديلارتا على الشعراء الرمزيين الروس الذين تأثر بهم مايرهولد، بل وسعى الى تجسير العلاقة الثقافية معهم من خلال اهتمامه بالإتجاه اللاواقعي والشكلانية اللتان ميزتا مسرحه عن معاصريه. ووفق هذا التوجه اعتبر مايرهولد تنظيراته رمزا وأداة مسرحية في آن واحد، حيث كان " يبغي من أسلبة الحركات والإلقاء والمناظر والأزياء، أن ينظر المتفرج
الى داخل الشخصيات وليس الى مظهرها الخارجي. باعتباره أداة للتعبير عن جوهر الكائن - انعكس بشكل واضح على عمله في (الأستديو) عام 1913 مع مجموعة من الممثلين والراقصين وهواة المسرح الى جانب مجموعة من العلماء والرسامين والموسيقيين، وكانت مجلة (محبة البرتقالات الثلاث) هي لسان حال (الاستديو) الذي يشبه إلى حد كبير مدرسة كريج في فلورنسا ومعهد أوجينيو باربا. وقد شكلت الكوميديا ديلارتا محورا أساسيا ضمن اشتغالات الاستوديو، خاصة وأن مايرهولد نفسه كان يقوم
باعطاء دروس حول (تقنية الحركة المسرحية) استعار فيها من الكوميديا المرتجلة ومن بعض المسارح الشرقية حيث كان يشير إلى ضرورة أخذ التوجيهات حول تقنيات التنفس من الهنود. لهذا فان مايرهولد لم يعمل على محاكاة أقنعة الكوميديا الإيطالية بشكل حرفي، وإن كان الاشتغال الجسدي في الاستديو يحيل بشكل دائم على اللعب المقنّع سواء في البحث عن الحيوانية أوعن العجائبي أو
الفوق- طبيعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق