تصنيفات مسرحية

الخميس، 16 يونيو 2016

تبقى (السينوغرافيا) مصطلحاً مشوشاً!! / سامي عبد الحميد

مجلة الفنون المسرحية
الفنان سامي عبد الحميد 

أقامت الهيئة العربية للمسرح خلال مهرجانها المسرحي في الكويت ندوة عن (السينوغرافيا) قدم فيها كل من (سهيل البياتي) و(جبار جودي) ورقتي عمل حول مهمات مصمم السينوغرافيا في العرض المسرحي الى جانب آخرين من عدد من البلدان العربية. ومثل كل مرة يدور فيها النقاش حول مصطلح (سينوغرافيا) يظهر الاختلاف حول تفسيره، فمن المناقشين من يعتقد ان السينوغرافيا تعني تصميم المنظر المسرحي او الديكور، ومنهم من يعتقد او يدعي بأن السينوغرافيا تشمل جميع العناصر البصرية في العرض المسرحي. والغريب ان هناك من يروج الى ضم العناصر السمعية الى المصطلح وهنا يتم التساؤل اذن ما الذي يبقى للمخرج المسرحي ليفعله في العرض المسرحي؟

في خبر نشر على الفيسبوك حول ندوة الهيئة العربية للمسرح أشار ناشروه الى ان المسرح في الولايات المتحدة الاميركية لا يعتمد هذا المصطلح ولا يستعمله بوصفه شاملاً لجميع العناصر البصرية في العرض المسرحي حيث لكل عنصر منها مصمم خاص، أي ان هناك مصمما للديكور وآخر للأزياء وثالث للأضاءة، في حين ان عدداً من المسارح الأوروبية توكل مهمة تصميم العناصر البصرية الى فنان واحد وهذا ما يحدث في مسارح بولندا وجيكيا ورومانيا على سبيل المثال بينما يتجه المسرح في بريطانيا وفرنسا باتجاه المسرح في اميركا في هذا المجال وأجزم بأن هذه المسارح لا تستعمل المصطلح (سينوغرافيا) في الاعلانات عن عروضها المسرحية او في كتيباتها.
في الآونة الخيرة تسنت لي ترجمة كتاب جديد يتعرض الى المسرح الاغريقي القديم كبناية وكعرض مسرحي وقد أوضحت مؤلفة الكتاب (اريكافيشر) بأن اصل المصطلح هو الكلمة الأغريقية (سكينوغرافيا – Skenographia) وهي واجهة بناية المسرح الدائري والتي تمثل المنظر في جميع العروض المسرحية اليونانية والرومانية القديمة. وغالباً ما تكون الواجهة مزينة معمارياً بالنقوش والأعمدة ولها فتحتان لدخول وخروج الممثلين، وفي الكتاب نفسه صورة لستارة مرسومة تمثل سينوغرافيا للتراجيديا تعلق على الواجهة (السكينا). 
في قاموس (فنك وواغنولز ستانددار – Funk and Wagnalls) تفسير لكلمة سينوغرافي (Scenography) على انها تعني فن الرسومات ذات الابعاد. والغريب انني لم اجد في (الانسيكلوبيديا العالمية Encyclopedia International) أي ذكر لكلمة (سينوغرافيا) وبدلاً منها وجدت مصطلح (منظر مسرحي) (Stage Scenery) وكانت الطبعة مؤرخة عام 1964 واعود لأذكر القارئ الكريم بانني في احدى مقالاتي عن المصطلح ذكرت ان احد الامراء في احدى المدن الأوروبية دخل احدى قاعات قصره فشاهد مجموعة من الرسامين يرسمون منظراً على احد جدران القاعة وسألهم عما يفعلون فقالوا له انهم يعملون سينوغرافيا المسرحية التي ستعرض في القاعة وكانوا يقصدون رسم منظر المسرحية.
ومهما يكن من أمر الاختلاف حول مصطلح (السينوغرافيا) وتفسيراته فلا بد من التذكير بأن الذين يفسرونه على انه تنظيم العناصر المسرحية في الفضاء المسرحي وبذلك يشمل الممثل والزي الذي يرتديه والماكياج الذي يضعه على وجهه والمنظر الذي يحتويه والاضاءة التي تكشف الموجودات في العرض المسرحي، فمعنى ذلك ان مهمة السينوغراف ستتقاطع مع مهمة المخرج وهو سيد الانتاج المسرحي وله الكلمة الحاسمة في ذلك التنظيم وعندها يكون المخرج هو السينوغراف وان مصممي الديكور والازياء والماكياج والاضاءة ليسوا الا مساعدين له وهذا ما لا يرضاه اولئك الفنانون لأن لهم رؤاهم ولهم ابداعهم ومن الغبن انتقاصه. واذا سلمنا بمفهوم (السينوغرافيا) بذلك الاتساع إذن لابد ان يكون (السينوغرافر) ماهراً في تصميم جميع عناصر المسرح البصري، وان يكون رساماً ومعمارياً متمكناً وان يكون مهندساً كهربائياً اضافة الى معرفته بفن الأخراج، فهل كل ذلك ممكن؟

--------------------------------
المصدر : جريدة المدى 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق