مجلة الفنون المسرحية
كتاب" الكوميديا و التراجيديا " تأليف : مولوين ميرشنت وكليفورد ليتش - ترجمة د. على احمد محمود - أصدار عالم المعرفه - الكويت
البداية التاريخية للملهاة (الكوميديا) كانت في الإغريق، في أعياد الإله "ديونيسوس" الذي يعتبر أنه إله الخصب والخمر... فكانت تقام لهذا الإله عيدان، وقت زرع البذور ووقت حصاد العنب... إنها طقوس دينية لتمجيد هذا الإله وتقديم القربان... ففي عيد الحصاد تقدم الاحتفالات الحزينة... لأن الإله سوف يموت مع الثمر... وفي أعياد الزرع فإن الاحتفالات تكون سعيدة لأن الإله سوف يحيا من جديد مع الزرع، لأنه إله الخصب... في هذه الأعياد السعيدة يبدأ الناس في الغناء والسخرية وتبادل النكات البذيئة، والنساك كانوا يحملون شعار إله الخصب (عبارة عن عصا طويلة في نهايتها قضيب رجل(الجهاز التناسلي) للدلالة على الخصوبة) ومن هنا بدأت الملهاة (الكوميديا)... والتي تعني تفل العنب، لأن المحتفلين كانوا يضعون تفل العنب على وجوههم.
وهي اشتقاق من الكلمة اليونانية ( كوميديا ) وتعني الأغنية ذات الطقس الديني والتي كانت تغنى في موكب الإله ( ديونيزوس ) في الحضارة اليونانية . كما أن ارسطو أرجع معنى الكوميديا إلى (كوموس ) ومعناها المأدبة الماجنة والتي تقام في نهاية احتفالات الإله (ديونيزوس ) كمحاكاة تهكمية . وعبر مسيرة تاريخ المسرح استخدمت كلمة كوميديا بمعانٍ ثلاث:
-اسم نوع مسرحي يناقض التراجيديا.
-اعتبرت الكوميديا في القرن السادس عشر هي المسرحية بالعموم.
-أطلق اسم الكوميديا على كل مسرحية تحمل طابع الضحك.
لكن الكوميديا كنوع لابد أن تعرَف إلا من خلال معايرها الجمالية , والتي تميزها عن الأشكال المسرحية – ما يسمى بالشعبية – المضحكة , حيث من الضروري أن يحيط هذا النوع المسرحي جماليات تناقض المفهوم المأسوي , وبعيدا عن الهزل والابتذال.
والكوميديا بتعريفها العام والشائع هي مسرحية يقوم الفعل الدرامي فيها على تخطي سلسلة من العقبات والتي لا تحمل خطرا حقيقيا , وتكون الخاتمة فيها سعيدة . كما أنها تهدف إلى التسلية عبر تضخيم الحدث وإعطائه شكلا غير طبيعي , بحيث يستطيع المتفرج النظر إلى هذا التضخم والغير طبيعي بشكل طبيعي وعقلاني بكونه خارج الحدث , وبذلك يشعر المتفرج بتفوقه بكونها – أي الكوميديا – تتطلب منه موقف محاكمة لا خوف ولا شفقة. وبالتالي فإن التطهير فيها هو نوع من التنفيس واستثارة الوعي لأنها تشكل التصاقا بالواقع اليومي، وجمهور الكوميديا أوسع وأكثر تنوعا من التراجيديا، وهذا له أسبابه العديدة والتي تخضع لظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية، لأن الكوميديا تحاكي الطباع من خلال الفعل الذي تحمله صفة و طبيعة الشخصية.
الكوميديا والمضحك:
من غير السائد لأكثر متابعي الكوميديا عدم معرفتهم بأن الإضحاك ليس شرطا لوجود الكوميديا , كما أن كلمة كوميديا لا تفترض دائما وجود الضحك لأن فهم المضحك تدخل فيه اختصاصات متنوعة مثل الفلسفة والأنتربولوجيا وعلم النفس التحليلي
تكون مسرحية ذات طابع خفيف تكتب بقصد التسلية، أوهي عمل أدبي تهدف طريقة عرضه إلى إحداث الشعور بالبهجة أو بالسعادة. وقد نشأت الكوميديا في أوروبا من الأغاني الجماعية الصاخبة، ومن الحوار الدائر بين الشخصيات التي تقوم بأداء شعائر الخصوبة في أعياد الإله ديونيسيوس ببلاد اليونان، وهي الأعياد التي تمخض عنها فن الدراما. وتعد المسرحيات أريستوفان من أروع الأمثلة على فن الكوميديا القديمة في اليونان. أما فن الكوميديا الحديثة فيمثله ميناندر، الذي نسج على منواله كل من بلاوتس وترنس. وفي إنجلترا امتزج التقليد الذي سارت عليه من استعمال الفصل الإضافي في أثناء المسرحية بالمسرحيات الكوميدية الكلاسيكية في الأدب اللاتيني، في القرن 16 حتى بلغت المسرحيات الكوميديا الرومانسية في عصر الملكة إليزابيث ذروتها على يد شكسبير. أما في فرنسا فقد مزج موليير بين المسرحيات الكلاسيكية وما لها من تأثير، وبين المسرحيات التي أطلق عليها اسم " كوميديا الفن ". وأسفرت الحركة المعادية للمسرحية الكوميدية في إنجلترا في عصر " عودة الملكية " والتي كان من أبرز كتابها كونجريف وويتشرليي، عن ظهور الكوميديا التي تتسمى بالإغراق في الانفعالات والعاطفة. وفي أواخر القرن 18، ظهرت المسرحيات الكوميدية الساخرة على يد جولدسميث وشريدان، وتابع أوسكار وايلد كتابة المسرحيات الكوميدية التي تدور حول سلوك الناس وأخلاقهم، وذلك في القرن 19. وقد برز في كتابة الكوميديا الاجتماعية في العصر الحديث كل من بنيرو، وشو، وموم، ونويل كوارد، ويمكن للملهاة (الكوميديا) أيضاً بأن تكون النكت التي يقولها الناس لبعضهم البعض أو القصص المضحكة، ويقال بأنها بدأت على يد الإغريق منذ عصر اليونان القديمة. يسمى الأشخاص الذين يمثلون الكوميديا بالكوميديين. يعد ويليام شيكسبير و موليير من بين المشاهير الذين كتبوا عروضاً كوميدية
الكوميديا الكلاسيكية القديمة
وهذه الكوميديا كانت نتيجة الاحتفالات الطقوسية والتي أفرزت نصوصا مكتوبة أهمها نصوص اليوناني أرسطو , حيث أفرزت أشكالا شعبية . وهذه النصوص لم تقدم حدثا متماسكا بل كانت مقاطع أو اسكتشات, وخلال تطورها صارت يأخذ بنية ثابتة فأصبحت تتألف من مقدمة أو استهلال , تؤديه شخصية واحدة على شكل مونولوج , أو شخصيتان ثانويتان على شكل حوار , ويلي ذلك الدخول وهو نشيد الجوقة ومن ثم المساجلة أو الآغون.
-الكوميديا المتوسطة:
وقد ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد , وكانت مواضيعها مستمدة من الأساطير والتي تفرز بالنتيجة درسا أخلاقيا أو دينيا .
-الكوميديا الجديدة:
وهذه الكوميديا رسخت في 330- 290 ق . م وارتبطت بالكاتب ( ميناندر ) حيث أعطاها شأنا مهما فأدخل على رواياته الكوميدية حكا يا العشق والتي تتشابك في حبكة معقدة مما أعطى للمسرحية آنذاك وحدتها العضوية.
الكوميديا الرومانية
وقد وصلت هذه الكوميديا مع ( بلاوتس ) 254- 184 ق . م و ( تيرانس ) 190 – 159 ق.م. حيث قربوا هذا النوع من المسرح إلى الواقع الروماني وأدخلا عليه عناصر جديدة مثل التنكر والحيل والغناء والرقص مما أعطى للكوميديا طابع الفرجة.
الكوميديا في القرون الوسطى:
في هذه المرحلة انحسرت الكوميديا تقريبا ولم يبقى سوى أشكالا بسيطة كان يقوم به الممثلون الجوالون , وبعض الكرنفالات وعروض الحماقات , وأعياد المجانين والأخلاقيات , وكل هذا هو أنواع من الفرجة تتم في الساحات العامة والشوارع.
كما أن النصوص المسرحي انحسرت في هذه الفترة باستثناء بعض المتعلمين الذين ساهموا في توسيع شكل الكوميديا في القرن السادس عشر والذين تأثروا بالحركات الإنسانية التي استمدت هذه النصوص من التاريخ , حينها صنفت الكوميديا بالفن الراقي معتمدة على متانة الحبكة واللعب بالألفاظ , كما صنفت باقي الكوميديات بالهابطة والتي تعتمد على الإضحاك البصري القائم على الحركة المبتذلة مستجدية الضحك من المتفرجين.
الكوميديا في عصر النهضة:
ظهرت هذه الكوميديا في إيطاليا في القرن السادس عشر واعتبرت الكوميديا في هذه المرحلة أرقى أنواعها ومن كتاب تلك المرحلة:
((لودوفيكو أريستو) 1474- 1533 (أنجيلو روزانيه) 1502 – 1542 (نيقولو ماكيافيللي 1480 – 1527
كوميديا الأخطاء
تتكون من سلسلة من الأخطاء بالنسبة للواقع أو حقيقة الشخصيات أو سوء فهم لحادث أو شخص معين والنتيجة في أغلب الأحيان حوار " خلف خلاف "
ومثل هذه الأخطاء يستطيعها المسرح أكثر من الحياةونحن نتقلبها ونضحك لها .. أمثلة كوميديا الأخطاء " الليلة الثانية عشرة " لشكسبير و " تمسكنت حتى تمكنت " لجولد سمث.
من هذا النوع من كوميديا المزاج وهي نوع من كوميديا الشخصية مبسط إذ يأخذ المؤلف نقطة واحدة مميزة لكل شخصية فهناك الرجل الغيور أو العصبي أو الكريم أو الكسول.
وكما أن في التراجيديا نرى الشخصيات تعاني بسبب شخصياتها في الكوميديا نراهم يجعلون من انفسهم موضعاً للضحك والسخرية بسبب أحتكاك شخصياتهم بالمواقف المختلفة ، وفي مثل هذه المسرحيات قد نجد شخصية واحدة متحكمة كما في البخيل.
الفارس
الفارس بالنسبة للكوميديا مثل الميلودراما بالنسبة للتراجيديا والفارس يهدف إلى الإضحاك عن طريق مؤثرات مغالى فيها وبدون أي تعمق نفسي ورسم الشخصيات هنا كذلك الفكاهة " الحداقة " أقل أهمية من سلسلة من المواقف المسلية وهي في الغالب فجة فظة وتكثر في الفارس المفاجآت والمصادفات والمبالغات والأحتمال أو الإمكان لايراعى ، ولكن الفارس الجيد يتطلب قدراً كبيراً من الصنعة.
الكوميديا الإجتماعية
في هذا النوع تنبع المتعة من تصوير نقائص إجتماعية موجودة وشائعة أو أنماط إجتماعية كالنوفوريش - الوصولي - النمام - القنزوح .. إلخ وهذا النوع يحتوي قدراً لابأس به من التصوير للشخصية كذلك البناء قد يكون معقداً ولكن التسلية الأساسية منبعها لغة وعادات الشخصيات التي تصورها المسرحية وأمثلة ذلك " مدرسة الفضائح " لشريدان و " النساء العالمات " لموليير و " خاب سعي العشاق " لشكسبير.
الكوميديا العاطفية
هذه الكوميديا تخاطب عواطفنا إلى جانب الإضحاك وقد قامت كرد فعل لكوميديا عصر العودة في بريطانيا بخشونتها وتعريتها للمجتمع وهذا لنومع من الكوميديا قد تميزت السينما الحديثة بإنتاجه.
كوميديا الشخصيات
الأهتمام هنا بالشخصيات نفسها وهو أهتمام أعمق من مجرد تصوير نواحي نقصها أو لوازمها الإجتماعية وكل كوميديات شكسبير تقربياً من هذا النوع وفي هذه الحالة نجد الفارس الجيد قربياً من كوميديا الأخطاء ومن أمثلة ذلك " نهاية البداية " لأوكيزي.
هنالك العديد من الأنواع للملهاة، من بينها الملهاة الرخيصة حيث يقوم الكوميديون بأداء أعمال سخيفة مثل السقوط أو إحراج الآخرين مما قد يسبب الضحك. ومن الأنواع المعروف كوميديا الوقوف، حيث يقف المؤدي الكوميدي أمام الناس ويخبرهم بالنكت والقصص المضحكة، وهي مهنة لدى البعض أو مجرد هواية
المصادر :
1- كتاب " فن كتابة المسرحية " تأليف: لاجوس أجري - ترجمة وتحقيق :دريني خشبة - دار نشر سعاد الصباح - تاريخ النشر 1- 1- 1993كتاب" الكوميديا و التراجيديا " تأليف : مولوين ميرشنت وكليفورد ليتش - ترجمة د. على احمد محمود - أصدار عالم المعرفه - الكويت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق