مجلة الفنون المسرحية
د. نبيـل الحفـار: نحــن المترجمين خـونـة ونبحث دائماً عن نصٍّ موازٍ للأصل
د. نبيـل الحفـار: نحــن المترجمين خـونـة ونبحث دائماً عن نصٍّ موازٍ للأصل
دمشقيٌّ عريق من مواليد 1945، عاش طفولته ضمن عوالم سوق البزورية، بين الهيل والكمّون وروائح زهر الكبّاد والنارنج،
واختزنت ذاكرته صوتَ الحياة المتدفق مع الناس والباعة والعطارين في الخانات والحارات القديمة. مخلصٌ لكل ما عمله، شغوفٌ باللغات، وتحديداً الألمانية التي ترجم عنها كتباً جعلتنا نرغب بتقمّص شخصياتها وحكاياهم. دقيقٌ في ترجمته فلا ركاكة ولا عبارات مشوّهة أو كلمات غامضة، أو تعابير جافّة، مثقّفٌ خبِرَ الحياة الثقافية السورية مع الكبار، فأسس مع الراحل سعد الله ونوس مجلة الحياة المسرحية، وأصبح رئيس تحريرها بين عامي (1991 و2005)، وعمل مع الراحل فواز الساجر في عروض المسرح التجريبي للمعهد العالي للفنون المسرحية الذي ترأس قسم النقد فيه من العام 1990 حتى تقاعده عام 2005، وكان
مدرّساً لمقررات تاريخ المسرح وتاريخ الدراما وتحليل النص المسرحي منذ عام 1982، أعدّ تسع مسرحيات عربية وعالمية للعرض في المسرح القومي وفرقة المعهد العالي للفنون المسرحية، وترجم أكثر من ثلاثين كتاباً أغنى بها المكتبة العربية، تنوعت بين كتب الأطفال من أهمها «حكايات الأخوين غريم الكاملة»، والروايات منها «العطر- قصة قاتل» لباتريك زوسكيند، و«جلجامش ملك أوروك» لتوماس ميلكه بالتعاون مع معهد غوته ودار قُدمس السورية، وفي المسرح ترجم لبرتولد بريخت وبيتر بروك وهاينر كيبهارت، وآخرها «ست مسرحيات ألمانية حديثة للفتيان» عام 2013، وغيرها الكثير. فحاز بعد هذا العمر المعجون بالتعب والصبر على جوائز عديدة، منها: جائزة التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2005، وجائزة النقد المسرحي في يوم المسرح العالمي عام 2007، وجائزة معهد غوته للترجمة- ألمانيا عام 2010، وأخيراً جائزة الدولة التقديرية للترجمة والمسرح عام 2014. ومع هذه السيرة الغنيّة والمحرِّضة، أجرينا معه الحوار التالي:
• هل الحاجة أم الرغبة في إبداع وصنع شيء مميز هما ما دفعك إلى عالم الترجمة؟ لِمَ لمْ تختر أن تكون كاتباً مثلاً؟ أقصد من أين أتاك هذا الشغف بالترجمة؟
•• بدأت المطالعة مبكراً جداً، للقصص والروايات والمسرحيات العربية والمترجمة، وكنت أشاهد الكثير من الأفلام في دور السينما المتعددة في دمشق أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، وكنت مداوماً على المركز الثقافي العربي في شارع أبو رمانة، وفي مرحلة الدراسة الثانوية التحقت بدورات مسائية للغة الإنكليزية في دار اللغات، وصرت أقرأ بالإنكليزية، وأقارن الأصل بالترجمة العربية، فتعلمت الكثير واستفدت جداً، ثم عندما حصلت على الشهادة الثانوية/ الفرع الأدبي كان ترتيبي الثالث على مستوى سورية عام 1964، فأُوفدت لدراسة اللغة والأدب الألماني في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، ونتيجة تفوقي الدراسي في جامعة مدينة لايبزيغ حصلت على منحة إضافية تعادل الأساسية مالياً، رافقتني حتى التخرج في شهادة الدبلوم 1971. هذه المنحة ساعدتني في شراء الكثير من الكتب والاسطوانات. في لايبزيغ لفت انتباهي أن الترجمة من الألمانية إلى العربية قليلة جداً، وأن بعض أعمال الأدب الألماني مترجمة إما عن الإنكليزية أو الفرنسية ما سبب تشويهاً للنص الأصل يضر بعملية التلقي لدى القارئ العربي، ولفت نظري أيضاً أن الألمان لا يترجمون إلا من اللغة الأصلية للكتاب، حفاظاً على الدقة والأمانة، وأن دور النشر عندهم لديها مراجعون ومدققون، حيث يخلو الكتاب من أي نوع من الأخطاء والأغلاط. وبما أنني ركزت في دراستي على المسرح واشتغلت في مسارح مختلفة في ألمانيا الشرقية فقد التفتُّ إلى ترجمة المسرحيات والدراسات المسرحية، وبما أن المسرحية تكتب لكي تمثل على الخشبة، لا لتقرأ كما القصة أو الرواية، فإن لترجمتها خصوصية ناتجة عن كون كلامها قد صيغ ليلفظ من قبل ممثل أو ممثلة في مختلف الحالات النفسية، وأن المسرحية قوامها الحوار ولا يوجد فيها وصف أو تحليل أو شرح، ولهذا لابد لمترجم المسرح من معرفة ٍ بالشغل المسرحي وتفاصيله، لتكون ترجمته ناجحة. هناك بالعربية ترجمات لمترجمين وكتاب مشهورين لم تصمد على الخشبة، وكان لابد من إعادة صياغتها ليسهل على الممثل التعامل معها وهو يخاطب شريكه.
لقد ترجمت ونشرت حتى الآن نحو ثلاثين نصاً مسرحياً، معظمها رأى النور على الخشبة داخل سورية وخارجها، كما أعددت عدة نصوص عربية وأجنبية للمسرح القومي ولفرقة المعهد العالي للمسرح في دمشق. وهنا لابد أن أقول إن علاقتي بالمسرح لم تنشأ فجأة في ألمانيا، بل كنت في دمشق أحضر كل العروض المسرحية التي كانت تقدم هناك، سواء من قبل الفرق الجادة وحتى التجارية، حتى عام 1964، إضافة إلى العروض الزائرة من لبنان ومصر وعروض معرض دمشق الدولي، التفاتي للترجمة كان إذاً ناشئاً عن شعوري بضرورة سدّ نقص كبير في مكتبتنا المسرحية العربية، وشغفاً بالفنون المسرحية.
•المترجم «رسولٌ مؤتمن» أو «ساعي بريد محلّف»، إن جاز التعبيران، كيف تستطيع أن تكون على مسافة مع النص الذي تترجمه كي لا «تخون» أو «تزوِّر» الفكرة الأصل؟
•• إذا لم تحب النص فلا تترجمه، وأن تحب النص يعني أن تنسجم مع مقولاته وتوافق عليها من حيث المبدأ، عند ذلك بداهةَ ستكون أميناً له وحريصاً على أن تصل مقولاته إلى القارىء حسبما اشتهى المؤلف أو المؤلفة. بعد ذلك تأتي جوانب أخرى ضرورية، منها معرفة الموضوع الذي تترجم عنه، وإتقان مصطلحاته، ومنها معرفة ثقافة اللغة التي تترجم منها معرفة عميقة كي لا يفوتك شيء من إشارات المؤلف وتنويهاته. ومن البدهيات طبعاً أن تجيد لغة المصدر ولغة الهدف، حيث تفهم خبايا اللغة التي تترجم منها، وتعرف تطوراتها الزمنية لكي تتمكن من إجادة التعبير عن ذلك بلغتك، فتصل رسالة المؤلف من دون نقص أو تشويه إلى المتلقي، كل ما سبق يوصلك إلى ما يسميّه النقاد «الموقف الموضوعي»، أي محاكمتك العقلانية للمادة التي بين يديك.
• تنقلت في هذه المهمة الجليلة من ترجمة روايات عالمية إلى ترجمة المسرحيات وقصص الأطفال...أي بوصلة تتبع وأنت تبحر في محيط النصوص الأدبية العالمية الشاسع؟
•• لقد بدأت بترجمة المسرح حسبما ذكرت سابقاً، وكل هذه المسرحيات اخترتها بنفسي، نتيجة معرفتي بالوسط المسرحي السوري والعربي، وما نحتاج إليه، حتى على صعيد مسرح الأطفال والناشئة. لقد أمضيت الجزء الأكبر من حياتي في العمل المسرحي بين إدارة مجلة الحياة المسرحية، وإدارة المعهد العالي للفنون المسرحية، ولجان قراءة النصوص، ولجان مشاهدة العروض، ولجان التحكيم. أما في الرواية فهناك جانبان: ما تختاره بنفسك، وما يُعرض عليك. في الحالة الأولى تكون أنت العامل المؤثر في السياسة الثقافية، وفي الحالة الثانية تكون منفذاً لما خططه غيرك على صعيد السياسة الثقافية، أو جزءاً من حركة سوق الكتاب. فهناك مؤسسات ثقافية عربية وأجنبية لديها سياساتها الثقافية التي تعمل لتنفيذها وتعرض على المترجمين الأعمال التي اختارتها وفق خططها، والتعويضات أو المكافآت التي تدفعها هذه المؤسسات للمترجمين تختلف اختلافات صارخة. وهناك دور النشر الخاصة والكثيرة التي في أغلب الحالات لا خطة لديها سوى تحقيق الربح بأسرع السبل. في كل هذه الحالات ليس أمامك كمترجم سوى خيارين، إما القبول وإما الرفض. قد تقبل، لإعجابك بالرواية أو لحاجتك إلى المكافأة أو لكليهما معاً. لكنك تبقى منفذاً ولست فاعلاً أساسياً. وبما أن ظروف النشر في سورية وفي البلدان العربية عامة مسألة عويصة وإشكالية لأسباب كثيرة، لا مجال للتطرق إليها هنا، يجد المترجم نفسه مضطراً للقبول بشروط الواقع القائم. على الصعيد الشخصي كنت محظوظاً في معظم الحالات، ولكن في الحالات الأخرى احتجت صبر أيوب.
الرواية عالم آخر غير المسرح تماماً، إنها تُقرَأ فردياً، وتؤثر فردياً. لكنها بانتشارها قد تحقق تأثيراً جمعياً مثل المسرح، خذ مثلاً مسرحيات شكسبير وروايات دوستويفسكي. ثم إن للرواية جمالياتها الخاصة إضافة إلى إمكانات السرد اللامحدودة التي اغتنت كثيراً مع تطور التجربة الروائية. أول رواية ترجمتها عام 1993 كانت «العطر- قصة قاتل» للكاتب الألماني ﭙاتريك زوسكيند، وكانت بتكليف من «دار السويدي للنشر» في أبو ظبي؛ لم يوزَّع منها آنذاك سوى بعض النسخ في معارض الكتب، ثم اختفت نتيجة احتجاج سعودي بحجة أنها تخدش الأخلاق. بعد سنتين تبنّتها دار «المدى» العراقية في دمشق بموافقة «دار السويدي»، وما زالت تُطبَع حتى اليوم، وتباع في جميع البلدان العربية عدا السعودية. وترجمتها تُعدُّ تجربةً فريدة، فهي تدور حول حاسة الشم وصناعة العطور، بما فيها العطر البشري، ولم تسعفني المعاجم في الوصول إلى المقابِلات العربية لأسماء الزهور والورود والأعشاب والعطور الكثيرة الواردة في النص. فنزلت إلى سوق العطارين في البزورية طوال ثلاثة شهور، وأخذت أسأل وأشرح وأشاهد وأشم حتى توصلت إلى وضع قاموس صغير خاص بهذا الموضوع. وفي ذلك الحين لم يكن الإنترنت واستخداماته قد انتشر في بلادنا بعد. نجحت التجربة ونالت الترجمة إطراءات واسعة. ومن بعدها صرت أترجم كل سنة رواية إضافة إلى أمور أخرى. وأيضاً نتيجة عملي في المسرح التفتُّ إلى قصص وحكايات الأطفال، وصدر لي في هذا العام عن دار المدى «حكايات الأخوين غريم الكاملة» لأول مرة باللغة العربية. لكني أنهيت ترجمتها عام 2013. لاحِظْ المدّة الزمنية حتى صدورها!. وعندي مجموعة رائعة وجاهزة للكاتب ﭭرنر هايدوشِك بانتظار دورها.
•أين تكمن براعة المترجم، أو متى يمكن القول إن هذا المترجم بارع.. أليس الإلمام باللغة وأسرارها -طبعاً اللغة الأم واللغة التي تترجم منها- وبيئات قرائها وتاريخهم هي من لزوميات المترجم الناجح؟
••نحن المترجمين خونة، لسبب بسيط جداً هو أن اللغات تتشابه ولا تتطابق، إضافة إلى أن بعض اللغات تتطور مواكبةً للتطورات العلمية الحديثة، وأخرى مازالت قاصرة في هذا المجال، واللغة العربية غنية جداً، وقابلة للتجديد والتطوير لاستيعاب تطورات الحضارة الحديثة، والمترجم البارع هو الذي يمتلك ناصية اللغتين، ولاسيما في اختصاصه، فيسبح في مياههما بليونة وحرية. وإذا عدنا إلى الأدب وهو محيط شاسع، فإن لكل كاتب أسلوبه الشخصي الذي يميزه عن غيره، والمترجم البارع حقاً هو الذي يستطيع أن يقارب ما أمكن أسلوب الكاتب في هذا النص، لا أنْ يترجم كل النصوص بأسلوبه الذاتي. إضافة طبعاً إلى الصفات التي ذكرتُها جواباً عن السؤال الثاني.
•ما الذي تخشاه حقيقة؛ هل الصراع مع النص الأصلي لتخرج منه ومعه بنصٍّ موازٍ له وكأنك في مواجهة مع صاحبه على اعتبار أن المترجم هو كاتبٌ ثانٍ، أم ردّة فعل القراء على نتاجك النهائي؟ أم شيء آخر؟
••على المترجم أن يضع نصب عينيه دائماً ضرورة خلق نص مواز للأصل ما أمكن. فهذا هو الهدف الأعلى للترجمة قبل أن تصل إلى أيدي القراء وتبدأ عملية التلقي بأخذ مفاعيلها. ومن تجربتي الشخصية أقول إن على المترجم قراءة النص مرتين على الأقل للتعرف على مكوناته بعمق، ولتمثل أسلوب الكاتب في هذا النص تحديداً قبل الشروع بالترجمة، ولابد من إيجاد حلول للجوانب التي يتوقع عدم وصولها إلى القارئ بوضوح من دون شرح، عن طريق الهوامش مثلاً أو فتح أقواس في النص. علماً بأن الإنترنت الآن صار بمقدوره أن يحل تقريباً كل ما هو مجهول بالنسبة إلى القارىء. ورغم ما تقول به بعض المدارس النقدية المعاصرة عن استقلالية النص عن مؤلفه، أرى أنه لابد للمترجم من التعرف على أعمال الكاتب الأخرى إنْ وجِدتْ، وعلى سيرته بغية مزيد من إمكانية الفهم، ومن المفيد إلى حدٍّ ما الاطلاع على المقالات النقدية التي صدرت في الصحافة عن العمل، فهي قد تضيء جوانب مجهولة من قبل المترجم. وأعتقد أن في ذهن كل مترجم قارئاً ما، ذا مستوى ثقافي معين، يريد أن يخاطبه ويفتح معه حواراً متخيلاً عن الأسئلة التي يطرحها النص.
•خضت غمار التدريس في مرحلة طويلة من حياتك، أقصد تجربتك المهمة في المعهد العالي للفنون المسرحية/ قسم النقد.. ما الذي أضافه لك التواجد مع الطلاب في ذاك المكان بالتحديد؟.
••أمضيت 25 سنة من عمري في المعهد العالي للفنون المسرحية مدرِّساً ورئيس قسم ووكيلاً، درّست خلالها الأدب المسرحي العالمي والعربي، وتاريخ العرض المسرحي، والنقد المسرحي. وأشرفت على رسائل تخرج العديد من الطلبة. وخلال هذه المدة صار بعض طلابي نجوماً أو زملاء في الهيئة التدريسية، وبعضهم صار كتاباً ومخرجين. كانت تلك المرحلة خصبة جداً على الصعيدين الفني والفكري. ومثلما قدّمتُ لطلابي ما عندي؛ أعطوني أيضاً الكثير بأسئلتهم وطموحاتهم وأحلامهم التي كانت تهزّ الجو الراكد، وتدفع إلى البحث عن أجوبة نظرياً وعملياً. لقد كسبت صداقات أعتز بها، وتعرفت على حيوات وتجارب أغنتني. في تلك المرحلة كان المعهد أحد حملة الحركة الفنية في سورية.
•كيف ترى حال الترجمة عموماً في سورية؟ وكيف تقيّم مشروع الهيئة العامة السورية للكتاب فيما يخصّ الترجمات؟
••كان لدينا في سورية عدد لا بأس به من كبار المترجمين من مختلف اللغات، الرئيسة والثانوية، وقدموا أعمالاً يفتخر بها قراء العربية أينما كان في البلدان العربية، في مختلف مجالات الآداب والفنون والعلوم، وكانوا ينشرون ترجماتهم داخل سورية وخارجها، ويسدون نقصاً كبيراً في حركة الترجمة على الصعيد العربي. أمّا الآن في ظروف الحرب القائمة منذ خمس سنوات؛ فالوضع مُوئِس ومحبط. كان لدى الهيئة العامة للكتاب في سورية مشروع رائد على صعيد الترجمة والنشر. صدر منه عدد لا يستهان به من الأعمال اللافتة والمهمة، على صعيد الدراسات النظرية والروايات والمجموعات القصصية. كما أقامت الهيئة «مسابقة سامي الدروبي للترجمة « شارك فيها عدد لا يستهان به من المترجمين المرموقين، ومن الجيل الجديد من المترجمين، وكنت رئيس لجنة التحكيم في دورتيّ المسابقة. لكن التعرفة المالية المعتمدة في الهيئة لأجور الترجمة عفا عليها الزمن منذ وقت طويل مقارنة بمصر مثلاً، لذلك التفتَ معظمُ مترجمينا للنشر خارج سورية.
•هل لديك مشروع للترجمة المعاكسة من العربية إلى الألمانية.. وأي النصوص العربية أو السورية التي بقيت في ذاكرتك ورغبت يوماً في نقلها إلى العالم الغربيّ لتقول لهم هو ذا نحن أو هكذا هي حضارتنا؟
••لا، لم أفكر بذلك، ولن أقدم على خطوة كهذه، لأسباب متعددة. إن مشروعاً من هذا النوع يجب أن تأخذه الدولة على عاتقها، ويستحيل أن يقوم به أفراد في ظروف سوق النشر في البلدان الناطقة بالألمانية أو غيرها من بلدان أوروبا أو أمريكا وغيرها. أعرف في المنطقة الناطقة بالألمانية عدداً من المترجمين المهمين الذين يعملون في حقل الترجمة من العربية إلى الألمانية، وقد أجادوا في ذلك. لكنهم يشكون أيضاً من ظروف سوق النشر هناك. وهذا يعيدنا مجدداً إلى دور الدولة في القيام بأعباء هذا المشروع، وهو بكل صراحة باهظُ التكاليف، وسبق أن ناقشناه مطولاً في إطار الهيئة العامة السورية للكتاب.
•ما الذي يجعلك نابضاً بشغف الترجمة بعد كل هذا العمر؟ وهل هناك نصٌّ رغبت في ترجمته ومنعك شيءٌ ما من فعل ذلك؟
••بعد التقاعد تحولت الترجمة إلى المورد الرئيس للدخل، وإلى الهواية الأولى في الوقت نفسه، مع العلم بأن مردودها قليل مقارنة بما تستهلكه من وقتي. عندما أنهي ساعات عملي اليومي في الترجمة، أشاهد فيلماً أو أقرأ رواية. ما أرغب في ترجمته كثيرٌ، لكن معهد غوته الألماني مثلاً، لا يقدم معونة ترجمة للكتب المنشورة قبل خمس سنوات. إنهم يركزون على النتاج الحديث فقط. وأنا أودُّ ترجمة بعض الأعمال الكلاسيكية على صعيد الرواية والمسرح. ودور النشر العربية تفضِّل الكتب الأكثر مبيعاً، فما العمل!؟.
-------------------------------------------------
المصدر : جواد ديوب - تشرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق