مجلة الفنون المسرحية
خالد أحمد مصطفى
خالد أحمد مصطفى
(( سيرة مختصرة لتجربة مسرحية ))
إستهلال
لم يبح بأسراره كعادته .. يعمل بحيوية من دون ملل , دؤوب .. لا قلق على وجهه و حركته , و لا حتى صوته .. يتابع كل التفاصيل , صغيرها و كبيرها , قبل أن تحضر للتمرين تراه معلقا ليربط سلكا , أو يعطي رأيا بالأزياء , و لربما يبحث في الكواليس عن زلة ليتفاداها في العرض ... الصندوق الأسود باح بكل ما يحمل في جعبته بعد العرض .
م-1 :-
هاتفي يرن عصرا
جبار :- خالد .. أريدك معي بشخصية مكبث .. باجر تمرين
خالد :- ماشي أبو هاشم ... إبعثلي النص وباجر ساعة 5 العصر أني يمكم بالمسرح الوطني
( خالد وحده في الغرفة يفكر )
مونولوج داخلي :- (( إشتغلت ويه كثير مخرجين و لأكثر من 35 سنة .... حييييل ... زمن طويل ... أعرف جبار جودي من الثمانينات , بس بعلاقة رسمية , نلتقي بمهرجانات , لو بالمنتدى , لو لمتابعة عرض مسرحي , بس ... صدك ... 35 سنة ما عملت مع جبار كمخرج , لكن عملنا معا كممثلين في التلفزيون بأكثر من عمل ... ( خيانة ) ؟؟؟؟ مجموعة ممثلين تخبل ... أكيد خالد تريد تخوض التجربة ... إنت معجب جدا بالسجادة الحمراء , و معجب بخط جبار جودي بالسينوغرافيا ...
حلو أن تكتمل تجربتي المسرحية برؤى جديدة و العمل مع مخرج جديد ))
حلو أن تكتمل تجربتي المسرحية برؤى جديدة و العمل مع مخرج جديد ))
م-2
تجمع الممثلون المحترفون بالمسرح الوطني لقراءة النص , إكتشفت بأن معظمهم كان قد حفظ حواره , جبار جودي مسترخيا يستمع بهدؤ و يعطي تصوراته ... الجميع يدرك هذه التصورات إلا أنا ))
- خالد و سوسن شكري – جانبا
خالد :- شنو السالفة ؟ أشو حافظين النص و عدكم تصورات كثيرة ! إشكد صار تتمرنون ؟؟؟
(( سر جديد يضاف إلي ... أنا أخر من إلتحق بالتمرين و من بعدي شروق الحسن , التمرين إبتداء من آذار 2016 و نحن اليوم بمنتصف آب ... 5 أشهر و جبار جودي يقاتل من أجل مشروعه , تغيير عدد من الممثلين , البعض إلتحق بعمل آخر و غادر , و الأخر عاد ... و هكذا ... ثمة أصدقاء في الفن و المسرح رفضوا هذا العمل مسبقا ... لم يستسلم جبار و فريق عمله ... جاهدوا ليولد مشروع الخيانة ))
م-3
(( - خالد في البيت يقراء شخصية مكبث - ... معروف عني عندما أعمل مع مخرج ما , حتى لو كان من نفس جيلي أو حتى من الجيل الذي من بعدي , فإنني ممثل مرن و مطواع و مستجيب لمتطلبات ما يريده المخرج , و من ثم أبداء بعملي الشخصي مع الشخصية ... لذا مطلوب مني أن أنفذ ما يريده جبار بالضبط , لكنني إنتبهت إلى دقته و متابعته للحرف الواحد حتى ... إصراره على ثبوت الحركة بمكان ما , أن يهداء الصوت هنا و أن تنفعل الشخصية هناك , أن تبقى اليد خلف الظهر , أن ترفع يدك مع الضؤ التالي , أن تجلس عند الموسيقى الأولى ... أن ... و أن ... و أن .... يااااااااااه , مخرج دقيق جدا ... لكنه ممتع ... لم أشعر بالملل أبدا
م5 – ليلا – المسرح الوطني
التمارين في ذروتها و جبار جودي يتنقل في كل مكان , يصعب عليك أن تلاحقه , تلهث خلف أشياؤه , الوقت قد حان ليتبارى الممثلون في أدائهم .. ملاحظات جبارلكل ممثل تم تبنيها ... موسيقى البداية ... الكل مستمتع بزيه و طرازيته التي إفتقدناها كثيرا بمسارحنا ... حتى الأكاديمية منها
(( أجمل ما في عرض خيانة , و بغض النظر عن الأراء ألتي إتفقت على جماليات متعددة في هذا العرض تباينت ما بين الرؤية الفلسفية التي جمعت مشاهد تناولت موضوعة الخيانة بزوايا مختلفة , لتتشظى محليا بخيانات يومية يدفع الدم البريء ثمنها , و ما بين جماليات نسق العرض اللوني و الشكلي , و تناغم الأداء عند الممثل مع روح العرض ككل , أقول .. بغض النظر عن كل هذا ... فإن جل إستمتاعي كان بحضور ما يعرف بال ( style ) أو الطراز – طرازية المشهد الكلاسيكي ألتي إفتقدناها بحلاوة تلك الهيئة و الشكل , و رصانة الكلمة و عظمتها , و الأداء المفعم بفخامة الصوت و رزانة الحركة ... يا آلللللللللللللله ... كم إشتقت لمشاهدة شخصيات شكسبير كما هي .. كم إشتقت لمشاهدة عمل بمنهجية كلاسيكية , آخر ما أتذكره بمسرحنا العراقي كانت رائعة ( ميديا ) للدكتور عادل كريم , ثم إختفى الطراز و الشكل الكلاسي منا تماما , تحولنا إلى مسرح جديد تحت مسمى ( التجريب ) نجتر به الكلمة و الحركة و شكل العرض ككل ))
(( تنتهي المشاهد عند عرض المسرحية ))
الصندوق الأسود لعلائق جبار جودي
قد فتح و فكت الرموز
إنتظرت ما يكتب من أراء نقدية عن تجربة مسرحية خيانة و تتبعت هذا الكم من الأراء النقدية الجميلة التي إتفقت على أن مسرحية ( خيانة ) عمل فيه دربة و حرفة و تقنية عالية , فيه شكلا جماليا متناميا , عمل متخم بالأناقة و متعة المشاهدة البصرية و اللذة الفكرية معا , إنتظرت أن أسمع هذه الأراء كي أوثق و بشكل سريع تجربتي مع ( خيانة ) د. جبارجودي
أقول شكرا لفريق عمل إنتمى بكل ما يمكنه لأسرار أبا هاشم
تحية حب كبيرة لصلاح منسي , و فريق التمثيل المميز ... الإعلامية جيهان الطائي و التي كانت تلقائية و خفيفة الظل حقا , رائعتنا النورس سوسن شكري , و الأجمل دوما بكل هدؤها بشرى إسماعيل , و الأمير أبا الأمير مازن محمد مصطفى , و صديقي القديم ( الأكبر مني ) أياد الطائي , و الفنان الأخ خفيف الظل ضياءالدين سامي ساكن القلب , و الرائع طه المشهداني ذاك الباسم الجميل , أخيرا بعمر الورد شروق الحسن تمشي بخطى واثقة ... تحية للشباب الواعد من طلبتنا الذين شاركونا التجربة , و قبلة على جبين كل فرد بفريق التقنيات و مثلها لفريق الفنيين , و لك أيضا فراس ( أبو الجرايد ) ... بقي أن أتوقف عند حبيبنا الرائع الفنان القدير حيدر منعثر , حقيقة كنت أستمتع يوميا بأدائه الصوتي لشخصية ريتشارد , ذلك المشهد المهم الذي أرعبنا جبارو حيدر فيه لأكثر من مرة و نحن نأمل لأطفالنا مستقبلا أجمل ...
أخيرا أقول لدكتور جبار جودي
صندوق أسرارك كان ملونا و مبهجا
أنت خائن للقبح في حياتنا
خائن للترهل في يومياتنا
خائن للتردي الذي إحتل سلوكنا و مشاعرنا
خائن لتلك الخيانات التي حلت بأهلنا و بيوتنا
ليت كل الخيانات كخيانتك ... أبا هاشم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق