تصنيفات مسرحية

الأحد، 27 نوفمبر 2016

المسرح.. نافذة الترفيه

مجلة الفنون المسرحية

المسرح.. نافذة الترفيه

عادل الحربي

أستاذ المسرح الدكتور كمال عيد كان يعتريه الغضب وهو يتحدث عن مسارح الرياض "الفارغة من المسرح"، تلك التي تحولت في ذلك الزمن إلى مجرد قاعات لحفلات التخرج وبضع ندوات يحضرها طلاب الجامعة مرغمين مجاملة من أساتذتهم لزميلهم المحاضر، وكان الدكتور كمال عيد يحفظ عدد مربعات كل مسارح الرياض تقريباً، ويتحسر أنه لا يستطيع الذهاب بنا نحن طلاب مادة المسرح إلى "خشبة مسرح"، من يتخيل طالب طب يدرس خارج المختبر!!

عندما تتأمل عدد المسارح في الرياض؛ ستدرك حجم الخسارة التي تحسّر عليها الدكتور كمال عيد، مبان فخمة تنافس أعرق مسارح كوفنت غاردن، مساحات شاسعة، مقاعد بالآلاف، إضاءة وتجهيزات مسرحية ضخمة، كلها لم تستخدم منذ زمن أو هي لا تستخدم إلا مرة في العام لحفلة تخرج أو ندوة.. كانت قاعة أفراح مستأجرة ستفي بالغرض دون الملايين التي صرفت على مسرح مجهز بأحدث التقنيات لمجرد التباهي!!

وقد كانت الكارثة عندما علق قسم الإعلام بجامعة الملك سعود تخصص "المسرح" بدعوى ضعف الإقبال وعدم وجود فرص عمل للخريجين؛ وكأنه التخصص الوحيد في الجامعة الذي لا يتوظف خريجوه!

ثم جاء المسرحي السوري جمال قبش وقال لنا أن لا فائدة من مادة مسرح لا تأخذنا للمسرح، وانتهى الطموح بأن اكتفى بمقرر "فن الشعر" لأرسطو مع محاولات بسيطة في المساحة بين السبورة ومقاعد الصف الأول، قام بها مجموعة من طلاب غرس عشقهم للمسرح من الإذاعة المدرسية التي بلا شك رغم محاولات اختطافها إلا أنها كانت المتنفس الوحيد لبعض المواهب التي تحايلت على حراسها، وكم كان ذلك اليوم سعيداً والزملاء يتناقلون المعلومات التي قرأتها عليهم في فقرتك الإذاعية "هل تعلم!".. هذه النشوة لا يعرفها إلا من وقف أمام الجمهور - مهما كان عددهم بسيطاً - وراح يقلد إحدى شخصيات شكسبير.. أو يباهي بفصاحة لغته العربية التي تدرب عليها مراراً وعلى المخارج الصحيحة للحروف.. وتلك المحاولات القادمة من القرار العميق.

يطل المسرح هذه الأيام، متسامياً على ثارات التجاهل وسنوات النسيان، يفتح ستارته المهيبة لمحاولات الترفيه الخجولة، حتى تلك التي تأخذ اسمه لتسيء إليه.. لكن لا بأس هذا قدر "أبو الفنون".. بل أبو المعرفة منذ العهد الإغريقي وتدوين علم الخطابة، وهذه العودة للمسرح بلا شك تحمل رمزية الاعتراف به كنافذة للخروج من المأزق؛ نتمنى أن نتعلم منها الدرس ولا نقترف إغلاقها مرة أخرى.

----------------------------------------------------
المصدر : الرياض 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق