تصنيفات مسرحية

الخميس، 17 نوفمبر 2016

"حروب" المسحوق و"ستربتيز" المتجبر.. في مهرجان قرطاج الدولي!

مجلة الفنون المسرحية

توجه يوم الأربعاء إلى الجمهورية التونسية وفد مسرحي من دائرة السينما والمسرح للمساهمة بفعاليات مهرجان قرطاج المسرحي الدولي بدورته الثامنة عشرة التي تنطلق في الثامن عشر من الشهر الحالي في العاصمةالتونسية، وسبق وإن وافقت لجنة المشاهدة، التي فحصت مئات العروض من مختلف أنحاء العالم،  على عرضين مسرحيين من العراق وهما "حروب" إخراج ابراهيم حنون وإنتاج دائرة السينما والمسرح ومسرحية "ستربتيز" إخراج علاء قحطان وهي من إنتاج فرقة مسرح بغداد .

وفي حديث خاص مع مخرج حروب الفنان ابراهيم حنون أوضح ان النص الأصلي هو مسرحية "حروب كوسوفو" تأليف مايكلي هايكيف وترجمة د.سامي عبد الحميد وقام بإعداد النص الفنان سعد محسن وهو  في نفس الوقت يقوم بتجسيد الشخصية  الرئيسية في العمل.
انطلاقا من حروب كوسوفو والتشابه مع حروب العراق وانطلاقا من هذا النص الذي يعج بالصراعات والخلافات والانشغال على منطقة الانقسام بين ابناء الوطن الواحد والمدينة الواحدة والقرية الواحدة وانشغالهم  بتوزيع النفوذ واستغلال مفاهيم التآخي والانتماءات العرقية من خلال إثارة حروب صغيرة هنا وهناك . ومن هذا التضاد حاول المخرج الواعي ابراهيم حنون أن يصنع عرضا مقاربا للهم العراقي متوقفا عند التحولات الكبرى والحروب التي عصفت بالبلاد خلال قرن كامل .
 لكن كيف استطاع ابراهيم أن يختزل قرنا كاملة بعرضه وطوله ؟ يجيب بان "هذا المكان الذي نسميه مسرحا يتسع لكل فرضيات الكون ويستجمع كل اللحظات..فحاولت أن أقدم تسلل المؤسسة العسكرية في صنع القرار واستعباد الحالة المدنية وعسكرتها على حساب حقوق الانسان! حاولت ملامسة كل التاريخ العراقي بحروبه واشكالاته عبر استخدام الأغنية وبث الحالات العراقية المتمثلة بالهوية والتركيز على اصرا ر هذا الشعب مثل كل شعوب الأرض على صنع حياته والحفاظ على مفاصل الجمال والإبداع ..وهذا ما تلمسه أكثر النقاد الذين سنحت لهم الفرصة مشاهدة العمل".
هذا العمل المسرحي "حروب" لم يظهر إلا نتيجة مران طويل وورشة وازاحات مستمرة وتهديم وبناء جمالى على حضور واضح الذي تجسد  في عمل المجاميع التي تساهم بالعرض.
 لقد مزج المخرج ابراهيم حنون  في هذا العرض بين التشخيص والتقديم مستفيدا من تجارب سابقة شخصية وعالمية وهي محاولة لصنع خلطة جمالية من التعبير الجسدي - الخارجي والتعبير الجواني - الروحي.
الممثل في العرض والمتلقي عند حنون هما شريكان في هذا العرض يكمل أحدهما الآخر من أجل الوصول في النهاية إلى إعادة إنتاج الوعي عند المتلقي عبر حثه على التفكير بما يجري أمامه من حوادث.
إن المخرج ابراهيم حنون يراهن في هذا العرض على تفكيك  العلاقة بين الظالم والمظلوم وبين المسحوق والمتجبر . 
المخرج الشاب علاء قحطان اعتاد تقديم مسرحيات مشاكسة في الشكل وفي المضمون وها هو الآن يشارك في مهرجان قرطاج بمسرحية " ستربتيز " وهي من تأليف مخلد راسم وبطولة الفنان أحمد شرجي ومجموعة من الشباب.
"ستربتيز" تعني الرقص مصحوبا بتعرٍ تدريجي من أجل تاجيج إلاثارة الجنسية. التقينا المخرج علاء قحطان وسالناه عن ماذا يريد أن يعري في المسرحية فأجاب :"ستربتيز تعني الرقص حد التعري في مفهومه العام لغرض الاثارة الجنسية.اما " ستربتيز"  المسرح فهو تعريه لواقع سياسي وواقع ديني متطرف وهي تعريه لكل الأزمات التي مر بها الفرد العراقي. اما عن الارتطام بجدار الممنوعات فقال :"اصطدمت كثيراً بجدار الممنوعات حتى وصل الامر الى تهدديدات من جهات خارجية كثيرة وكبيرة.. ولكني أواصل مسيرتي ولا التفت إلى الخلف".
الفنان د. احمد شرجي له مساهمات عديدة نظرية وعملية بشأن عمل الممثل على المسرح فماذا تضيف هذه التجربة التي يلعب بها دور البطولة، أجاب قائلا:"لكل تجربة لذتها الخاصة ، وتجربة ستربتيز من التجارب المسرحية التي تمنحك روحا خاصة ، روح المغامرة والاشتغال مع جيل مسرحي مغاير، ثقافة وحسا ووعيا، جيل مسرحي يسمع ويقرا عنك دون ان يراك بحكم المنفى والابتعاد عن الخشبة العراقية بكل ثقلها المسرحي، تجربة اعتز وافتخر بها جدا ، لأنها تملك خصوصيتها المسرحية ، تجربة مليئة بالاخلاص والتفاني والعشق للبروفة حد الذوبان من اجل انجاح التجربة ، ناهيك عن ما يحمله ستربتيز من هم عراقي واجتماعي وسياسي ، وهذا نشترك به جميعا " .
ولأن المسرحية تلامس بعضا من مقدسات استغلها البعض لمصالح شخصية لذا فقد أثارت عددا من ردور الافعال قال عنها شرجي "التجربة تركت ردود فعل كبيرة ومهمة واثارت جدلا واسعا بين القبول والرفض ، هناك من رفضها بكل حمولتها الرمزية والدلالية ويريد ان يشاهد عملا مسرحيا على ذوقه، وهناك من حلل العمل بطريقة علمية واعية لم يمدح العمل او يذمه لكنه كان عقلا مفكرا تفكيكيا حسب مفهوم( جاك دريدا) وهذا النقد يجب ان يسود في المشهد النقدي المسرحي العراقي ، نقد بعيد عن المعيارية والكلائشية والسطحية، لانه نقد غير منتج ومجامل ، وهناك جاء للعرض المسرحي وهو محمل بامراض الفشل وعقد  من عمل ونشاط الآخر و نحن غير مسؤولين عنها .نحن قدمنا عملا مسرحيا نؤمن به بشكل مطلق ،طرحنا قضايا بغاية الاهمية ".

-----------------------------------------------
المصدر : طه رشيد - المدى 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق