مجلة الفنون المسرحية
الهيئة العربية للمسرح تحلق عاليا في سماء المسرح العربي
عبد العليم البناء
الهيئة العربية للمسرح تحلق عاليا في سماء المسرح العربي
عبد العليم البناء
لايختلف اثنان أن (الهيئة العربية للمسرح) استطاعت ،وهي تحتفل هذا العام بالذكرى العاشرة لتأسيسها، أن تحلق عاليا في سماء المسرح العربي ،من خلال فعاليات وبرامج وانشطة مختلفة ما كان لها أن تتحقق ، لولا دعم ورعاية واحتضان وتوجيهات مؤسسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة الرئيس الأعلى لهذه الهيئة ،والذي آمن بالفعل الثقافي الجاد والرصين عامة والفعل المسرحي خاصة .
فالمتابع المنصف يجد في هذا الرجل اختلافا كبيرا ،يميزه عن كثيرين ممن يتولون سدة الحكم في هذا البلد العربي أو ذاك ،انطلاقا من اهتمامه المتفرد بالمسرح بشكل غير مسبوق بل ومغاير، لما نشهده من مبادرات واهتمامات لا تحمل صفة الديمومة والاستقرار والتطور والتنامي والتصاعد كما ونوعا ،على عكس ما هو عليه الحال مع مؤسسة مثل (الهيئة العربية للمسرح) التي باتت – كما نراها ويراها كثير من المعنيين- بمثابة وزارة للمسرح العربي لا تقف عند حدود إقامة (مهرجان المسرح العربي )، الذي التأمت دورته التاسعة قبل أيام في مدينتي (وهران ومستغانم ) الجزائريتين، والذي ينتقل من بلد إلى آخر سنة بعد سنة ، بين عواصم عربية عدة، كالقاهرة والدوحة والشارقة وعمان وبيروت والرباط والكويت والجزائر ،وصولا الى تونس التي سيحط رحاله فيها مطلع العام المقبل 2018، حيث يضيف أكثر من 500 ضيف سنويا من المتخصصين في الفكر العربي والعلوم المسرحية ،ليحدث تفاعلا لا يمكن حصره في مجال واحد ،بما تتوافر عليه هذه التظاهرة المسرحية من اتفاقات وبرامج عمل ومشاريع تأهيل وتأطير في التخصصات المسرحية ،لاسيما هذا التفاعل بين الخبرات العربية والكوادر المنتقاة ذات التجربة الناضجة، لتكون نوعا من العلاقة والتجسير الثقافي المطلوب ، في المرحلة الراهنة المشحونة والساخنة بصور لا تمت للعروبة والإسلام بصلة .
وهنا لا تخفى جهود ودور الشيخ القاسمي عبر هذه الهيئة وغيرها من المجالات الثقافية ،كدائرة الشارقة للثقافة والإعلام وجمعية المسرحيين الإمارتيين ،وانعكاس هذا الدور على تطور الحراك خليجيا وعربيا ،للدفع بالمسرح باعتباره منجزاً انسانيا يلعب فيه التقني والكتابي دوراً في غاية الأهمية، إذ يشكل المسرح اليوم في الشارقة واحدا من أهم الاهتمامات الكبرى من هذا الرجل الحكيم حتى المسرحي البسيط. وحضور الدكتور سلطان القاسمي يبرز هنا أيضا بوصفه أحد أعمدة كتاب المسرح والداعمين الحقيقيين ،بكل نزاهة ووعي بحركة المسرح العربي ، وتجلى ذلك بوضوح منذ أعوام ولايزال متواصلا مع الأيام من خلال مسيرة إمارة الشارقة الثقافية ،والهيئة العربية للمسرح ببرامجها الموسمية وتضييفها لكبار المسرحيين وطبعها للآثار الابداعية المسرحية ، وهو ما جعل العمل المسرحي يتقدم قولا وفعلا، وبما يتناغم مع تطلعات هذه المبادرة التأسيسية ، والسعي الى معالجة الواقع المسرحي العربي ، والحرص كل الحرص على أن تكون دائما في مستوى الحدث مع تسخير كل الامكانيات المادية والبشرية ، بعيدا عن الضجيج الاعلامي والبروباكاندا.
وبالإضافة الى الدورات المتعاقبة لمهرجان المسرح العربي ، تجيء جائزة الشيخ القاسمي السنوية لأفضل عمل عربي ،والتي باتت أرفع جائزة مسرحية عربيا وتبلغ قيمتها (100 ألف درهم إماراتي) ،ناهيك عن مجموعة المسابقات الهادفة لاثراء العطاء المسرحي ،على صعيد النص المسرحي للكبار وللصغار، والبحث العلمي المسرحي ،والاصدارات المسرحية المتنوعة، والورش المتخصصة ،وغير ذلك الكثير، الامر الذي جعل ستراتيجتها في التنمية المسرحية هذه محط إهتمام وعناية الدورة العشرين لوزراء الثقافة العرب التي انعقدت في تونس أواخر العام الماضي ،والتي أفضت الى مجموعة من التوصيات تحت عنوان (الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية) ،تمثلت: بدعوة منظمة (أليكسو) إلى التنسيق مع الدول العربية للتعاون مع (الهيئة العربية للمسرح) في تنفيذ مضامين الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية، ومباركة التعاون بين المنظمة والهيئة من أجل تنمية وتطوير المسرح المدرسي في الوطن العربي، لبناء أجيال تبني الغد بمعارف خلاقة ومنفتحة وإحياء اليوم العربي للمسرح ،الذي يصادف العاشر من يناير / كانون ثاني كل عام ،وباتت مناسبة ثقافية عربية معترفاً بها لتشكل نقطة تأمل في الشأن المسرحي العربي من خلال رؤية قامة من قاماته يكتب رسالة في كل عام.
الشيخ القاسمي الذي أكد ايمانه بالمسرح الحقيقي ،عبر مقولته الشهيرة الموحية والمعبرة والدالة ” نحن زائلون كبشر ويبقى المسرح مابقيت الحياة ” وضع ثقته في كوكبة مؤتمنة تمثلت بنخبة من الضالعين بفن المسرح اماراتيا وعربيا ، وفي مقدمتهم السيد إسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة ،ناهيك عن مستشاره الدكتور يوسف عيدابي ،فضلا عن مسؤول الاعلام والنشر في الهيئة الزميل غنام غنام ،وباقي أعضاء مجلس أمناء الهيئة، إذ بذلوا كل ما بوسعهم وكانوا بمستوى المهمة والأمانة، التي القاها على عاتقهم الرئيس الأعلى للهيئة ،كي تصبح ستراتيجية عمل الهيئة واهداف تأسيسها مترجمة للحلم العربي نحو مسرح عربي جديد ومتجدد ، ولكي تصبح الهيئة العربية للمسرح ،قولا وفعلا، مدعاة للافتخار والتأكيد، بأنها فعلا مؤسسة في رجل…!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق