مجلة الفنون المسرحية
مونودراما " الراقص على الخبز " تأليف ضرغام الجابري
ستار
مونودراما " الراقص على الخبز " تأليف ضرغام الجابري
المنظر : مقبرة
أشرطة معلقة في مقدمة المسرح متدلية من فوق بالوان متعددة أما عمق المسرح هناك سلك شائك أحمر وعليه أوراق مبعثره حمراء وأرضية المسرح عليها أوراق بيضاء مبعثرة وهناك أيضا حبلاً ممدود متصل من جهه واحده ومرمي على الأرض
الاستهلال : يخرج شخصا من احد القبور بنصف عازف ونصف جندي(الزى)
الحوار :
الممثل : كنت في عزاءً لأحد أصدقائي .
عندما يأخذون الشمس ويضاجعوا جدائلها تصبح الأشياء المهمة معدمه , كنت أحزم أمتعت القمر فأنه سيغادر سمائنا ليلتحق بالحشد الشعبي .
( يصمت قليلاً ثم يصرخ ببكاء )
جنائز تلو الجنائز ..... جنائز تلو الجنائز .....
فهنا طفل تشظا فأصبحت براءته نجوماً تتوسد ذراع ليلنا وو....
ان الماء لا يرضى بالعطش فهو عطشان منذ ولادته وأنا مثل الماء لأصدق أن الأشياء تموت واقفة , أنا مثل الماء أموت وأنا أسير .. أموت وأنا أسير .. دعوني أسير .. دعوني أسير , فالموت هو أسهل الأملاءات بكفوف الأطفال .
( يغني وهو يقوم برش ماء الورد واشعال الشموع على باقي القبور)
رضينه ..
رضينه..
رضينه بكل سنة انزورج يالكبور
وبجينة أعالعزيز بعين ناطور
خطية الطير من يمر على الناس
عله غفلة وتشوف جناحه مكسور
كبل عدنه جسر كوة بنيناه
بس هوة أنحسب من بين الجسور
عله الوادم تدور الدنية بالخير
وعلينه بالمصايب ظلت أدور
ولا مره كعد حظنة بالعراق
كصتنة غريبة وكصة فكور
الممثل : يجب أن ابدأ العزف ألان أن فرقتي الموسيقية والجمهور ينتظرونني ( ينتبه ) ولكن أين هي فرقتي ؟؟؟؟؟
( ينتبه إلى الحبل الممدود على الأرض) نعم .. ها هي فرقتي الموسيقية أنها فعلاً تنتظرني .
( يرفع الحبل ويوصله بالجهة الأخرى كاشفاً عن بشر معلقون ولكنهم فقط ملابس )
الممثل : ( بعد إن ينتهي من تعليق الحبل ) نعم .. يا فرقتي لنبدأ العزف ألان ( يهم ليعزف ) ولكن ... انتظروا .. انتظروا ...
أن جارنا في الطابق العلوي لا يرغب في الضجيج ,
فان غضب جارنا سيسحق بحذائه الموسيقى وأنا وأنتم وحتى الجمهور ,نعم الجمهور الذي صار فوهة َلسان جارنا العزيز
( هنا يصرخ ورأسه لفوق ) يا جارنا العزيز .. يا جارنا العزيز
هل تسمح لنا بالعزف؟؟
أن أوتارنا هي أوردةُ ضحايا انفجار الأمس , يا جارنا العزيز دعنا مع العزف نرشف كأساً من ماء عيون الثكالى , التي تتأرجح بحبال الجنائز , أما أنا المنسي , أصابعي تدغدغ السلاح وقبلها كانت تداعب الأوتار , دعني يا جارنا العزيز ( هنا يجلس ومن ثم يرقد للنوم ) دعني يا جارنا العزيز أتدحرج لك ( هنا يبدأ بالتدحرج )
يكمل : أتدحرج لعلي أجد مايرضيك سأتدحرج حتى ترضى عني , أن جارنا لاينام بل هو عندما يستيقظ ينام ههههههههههه
كفى .. كفى .. كفى ..( هنا ينهض )
( قطع وصمت وظلام تام )
دقائق
ضوء قليل
كاشفاً عن ...
الممثل : ( واقف يلهث ) من أي أرضً خرجت ومن أي سماءً نزلت , سألتف حولي أصنع للضوء مزاراً في جسدي سينتهي التأريخ عند لون بشرتي المنتمية لأبي العربي وسيبدأ منذ خروجي,
خروجي !!!!
عندما أنظر لنفسي أكون مؤمناً بأن النفايات تعاد للحياة من جديد.
يذهب الى قبره الذي خرج منه :
الممثل :كيف حالك يا أنا ؟
وكيف حال أعضائي البالية الخارجة عن نطاق التفكير , تعودنا النوم فوق رؤوس السيارات وفوق أكتاف الرجال نسافر حيث العيش الهادئ , وأجرت النقل رصاصة طائشة تولد من بطون البنادق المتخمة بالابتعاد عن ما وراء عيون الأطفال , ينطلق الرصاص سيفاً يقطع شرايين التفكير , وصوت الانفجارات يعبث بأشلاء الباحثين عن الخبز , نولد كما الطحالب مقبرتها الماء ونحن نولد في أحواض الدم وتنمو إطرافنا لتشكل أغراءً للآلات القاطعة ,.
( يحبوا على الأرض ويلمسها ويقلب في الأوراق المرمية عليها )
لماذا لا نولد كالأوراق ؟؟
نقية بيضاء تحتضن السواد وتعشق الألوان ينزف الناس عليها همومهم وتصنع فيها الأقلام شوارع لحروفها , يؤلمها كثيراً مانصنعه بها نسحق ونمزق ونحرق نعم نحرق , نحرق تأريخنا المزيف الذي يكتب على الطاولات , الطاولات المدورة تقرر عليها مصائر الأمم ومواعيد الحروب ومتى يلتحق الجندي ومتى يموت ومتى تبكي الأمهات .
بهامش من أقلامهم تحت كتبهم الرسمية , توأد كل الخطوات بين الأرجل والإقدام ونُرمى كالسهم لنصيب باطن وادي السلام . وبهامش آخر وكهكهة ورنة كأس يتشظا وجود الفرد وتُبعثر أجزائنا ... أجزائي ( يتلمس نفسه ) أين أجزائي لازلت روحاً ,نسيت أنني هناك ( يشير إلى القبورالموجودة ) ( يذهب إلى قبره أو من بقية القبور ) هاهي أشلائي وأجزائي ... هاهي أجزائي التي تشظت لا اعلم متى ولكنها في احد الانفجارات
( يبدأ بإخراج أجزائه من القبر ويضعها في مقدمة المقبرة )
هذا جسمي وصدري الذي كان لا يزاول سوى مهنة الدفئ.
وهذا رأسي الذي لم ينحني لصنم قط. ولكنه خرج عن نطاق التفكير
وهاهن ساقاي وقدماي اللواتي ينتميان للسير نحو الموت .
وهاهن يداي وحتى عند الموت لا يغادر أصابعي اللون البنفسجي
( بعدان ينتهي من أخراج أجزائه )
الممثل : هذا أنا متناثراً أعيش بين السماء والأرض ( يصيح ) ياجارنا العزيز ... أنا العازف الذي اتسخت شوارعكم بأعضائه وأنا المثقف الهمجي والعشوائي البسيط , ياجارنا العزيز ... انا الجندي الطامع بأن لاتصبح غرفة نومه أحد مواضع الجبهات , أنا النقي الاصيل المتجذر , نحن أحفاد النقوش من الجدران خرجنا .
شُلت الايادي وبقينا وتراً لايعبث به سوى الهواء , أنا تجاعيد العجائز وخشونة يد العامل والحمائم الباكية في مستشفيات الولادة ,
أنا السومري , الاشوري , أنا الجنوبي المهمش ...انا الجنوبي المهمش
( يرددها ) ( ثم يذهب ليجلس على احد القبور ويأخذ يداه ويجلس على القبر ويغني)
( يتعامل مع القبر كأنه قارب ويجدف بيداه كأنهما مجدافين )
طر الهور مشحوفنة طر الهور
والماطور
يسبكـ بمشية الماطور
مكيفين ماخذنة الفرح
واليوم صيدتنة طيور
أها طر الهور ..مشحوفنة .. طر الهور
يخنيجر أفرح وابتشر
وغني هاليلة الي
يهليل يطيب العمر
لوصارت انعيمة الي
طر الهور.
(بعد أن يكمل الاغنية وينهض عن القبر )
( يذهب الى احد القبور افقية الشكل بشكل رأس القبر يضع كومة ملابس قد اخذها من الحبل ثم يقف خلف القبر ووجهه للجمهور ) ويقول
الممثل : الفرد منا كسطر فارغ وفي وسطه نقطة لتكون الحد الفاصل بين الفراغ والفراغ وما حياتنا هي غير فراااااااااااغ وتليه نقطة .
ففي تلك النقطة تنتظرنا جمهورية العقارب ورايات الأفاعي الثائرة ضد المذنبين .
الورود والسنابل تنمو فوقنا نصبح وقوداً للجياع , وعند ذاك الشهيد وعند ذاك القبر أنتظرك بجانب ذاك القبر المشيد حديثاً
عندها نصبح أدلاء من الضياع.
ولكن لا, لن يحدث هذا كله سأنتصر للتأريخ سأوقد شمعة الحضارة من جديد , سأعزف حتى لا يموت الناس سأنقذ ما تبقى مني وسأستغني عن جيشي وعن فرقتي الموسيقى .
( يزيل ويرمي الحبل الموضوع )
الممثل : سأنتصر لنفسي وأزيل الضباع المتراكمة على جثتي سأطلق الحاني سأعزف لوحدي سأعزف لوحدي .
( يصعد على احد القبور يبدأ العزف كأنه مايسترو وبفمه يخرج الموسيقى )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق