تصنيفات مسرحية

السبت، 28 يناير 2017

مونودراما البلياتشو توليف ضرغام عبد الرحمن عن مسرحية "العبرة في النهاية لوليم شكسبير

مجلة الفنون المسرحية

مونودراما البلياتشو توليف ضرغام عبد الرحمن عن مسرحية "العبرة في النهاية"  لوليم شكسبير 

                                       مونودراما البلياتشو
عن مسرحية ( العبرة في النهاية )
 هذه من المسرحيات المهملة
للكاتب الانجليزي : وليم شكسبير
ترجمة : أنطوان مشاطي
                              توليف : ضرغام عبد الرحمن
                                       
الستارة مغلقة رجل نائم بقعة ضوء مسلطة عليه وهو يتحرك أثناء نومه كمن يحلم , ترافقه موسيقى حالمة وهو يتحرك بملابسه ( بيجامة نوم مخططة وقميص بلياتشو ملون) يستيقظ مبتسماً يتأمل المكان ينهض كاشفاً عن نفسه ( مهرج مقطوع اليد ) .

المهرج :- ما أجمل هذا الحلم , أعادني إلى أيام كنت مصدر بهجت الجميع ( يضحك ) أرقص و أغني ولكن ( ينظر إلى يده المقطوعة ) كانت للحرب كلمة ,جميع معانيها هي التوقف عن السعادة , كنت مهرجا يضحك معي الكبار وعلي يضحك الصغار , لأنني كنت مؤمن بان المواهب أذا لم تقترن بالفضيلة تتحول إلى نقائص مخزية , لهذا التحقت بالجبهة وأذكر أني نفضت غبار أحد الهجمات ومعه نفضت يدي فتوقف الكون , وغدا الحلم يصبرني بكلماته ومراودته الليلية اليومية , أن الحزن المعتدل دين علينا نحو الأموات , بينما الحزن الشديد هو عدو الإحياء .
وألان انا جليس المنزل ( تفتح الستارة كاشفة عن شواخص خشبية قد صنعها المهرج لاخر حفلة كان فيها هناك شواخص ألبسها ملابس نسائية وهناك ما البسها بدلات رجالية رسمية , المكان عبارة عن مخزن قديم في اكوام خشب وسلم في الخلف وهناك حبل معلقة فيه بدلة عسكرية وبدلة مهرج وبعض الملابس القديمة , كراكيب وكرسي متناثرة هنا وهناك الشواخص البشرية بدل رؤوسها كراسي موضوعة  ) وصنعت لنفسي آخر حفلاً كنت فيه كان في قصر أحد سياسيي الدولة دعاني لأكمل ما ينقصهم من الضحك ( وهو يتجول بين الشواخص ) فهم أصيبوا بالملل من الضحك على مجتمعاتهم آملين أن هناك في شكلي شيء جديد , وهم لا يعلمون بنا ( يصرخ بحزن ) لا يعلمون بأن النعجة التي تطمح الى مشاركة الاسد في حياته محكوم عليها بالموت المحتم مختنقة بهموم هواها . ( ضحكة خفيفة ) ( يكلم احد الشواخص ) نحن ياسيدي كعاشقً عجوز يلبس ما لا يليق بعمره , بينما حبيبته ترفل في اجمل حللها , مباح لكم ان تستخدمونا فأنا - ليمونة – في حفلكم هذا , مباح ان تطعنوني ولو بنظرة وأجيز لكم أن تعصروني وترموني في خانة المتقاعدين او في خانة الشهداء , وها أنا يا سادتي أحضر بينكم وأنا قشر مرمي يمارس الذبول والعفن .
( يبدأ بالارتجاف ومن ثم يسقط أرضاً وهو يصرخ ) أنا خائف .. أنا خائف ..... ( يصبح رأسه تحت أحد الشواخص يجد بجانب رأسه حذاء رجالية يأخذها بيده ويضعها على رأسه وهو نائم وكأنه يختبئ تحتها وهو مرتجف وخائف )
المهرج : ( وهو يضع الحذاء على صدغه ) أنا خائف ... خبئني يا سيدي , أنا خائف من الحياة , أود أن اموت لأنني الآن مصباح خالياً من الزيت لا أضيئ للأجيال التي خبا ذكاؤها ولم تعد آمالها تتعدى أناقة الملابس ولمعان الاحذية وبهرجة المظاهر التي تتبدد قبل أن يتغير زي الثياب .
( يزحف الى شاخص يمثل سيدة , يجثو عند قدميها ) أنا في عزلة هنا في مخزني أصنعكم وأحدثكم بمعزل عن ولدي ( يتلمس جسدها وهو ينهض ) هل لديك أولاد ؟؟ أنا لدي ولد جميل كان يحلم أن يراني ممثلاً عظيماً ليتفاخر بي  بين اصدقائه , هكذا كانت أمانيه , وآمالي أنا أيضاً , لكني الآن قد ثقلت على كاهلي السنون , لم أعد أجني لا شمعاً ولا عسلاً من الأزهار لخليتي , وآن لي أن اتقاعد لأفسح المجال لغيري من العاملين . ( يمسح دموعه ) أنتي تعرفين جيدا يا سيدتي , أني رجل بائس مسكين .
( ينتبه الى نفسه وكأنه في صحوة ) لابد أن لا توقفني الحرب ورغماً عنكم وعن غطرستكم سينمو الامل بدل ذراعي التي فقدت من أجلكم , ليس أذاً من صالحي يا سيدتي .( يكلم الجميع ) كما هو معلوم , أن أكون فقيراً , مع أن اغلب الأثرياء لا ينعمون بحال أفضل من حالي . ( هنا يضحك ضحكة كبيرة ) كذبت عليكم , ليس لدي أطفال , ( يستمر بالضحك ) أنا حالم بأن يكون لدي أسرة وأحلم أن لي ولد يحلم بي أصبح عظيماً ( يضحك ) ( يقطع ضحكته تدريجياً ) .
( هنا يتحول الاداء الى سخرية نوعا ما او بجنون قليلا – أداء كوميدي - )
المهرج : قضيتي وقضية حلمي المبتور .. أور .. أور ( بجنون ) أن التهريج ليس وراثة , و انا على يقين بأني لن أنال أبدا رضا الله قبل ان انجب أولادا .. داً ... داً , ( يضحك ضحكة كوميدية ) الاطفال بركة كما يقال . ( يركض بين الشواخص ركضه كوميدية ) , أعرفكم .. أعرفكم , يا أصحاب الأزياء الرسمية أنكم فضوليون .. يون .. يون .. ها ها ها , وتريدون معرفة ما الداعي لزواجي !!!! , ( يتلمس شاخص السيدة بشهوة وهو يضحك ) جسمي يفرضه علي يا سيدتي , فأنا أنقاد الى جسدي , وعلى المرء ان يسير حيث يجره أبليس , ( هنا يجثو أمامها كأنه يطلب السماح منها على طريقة الهنود ) ليست هذه كل الاسباب , في الحقيقة يا سيدتي , لدي أسباب أخرى تقويه , ( هنا يدور ويجلس ويتكأ بظهره على شاخص السيدة ) كنت مثقلاً بالذنوب يا سيدتي , أنظر لكِ ولجميع الناس المخلوقين من لحم ودم , وأنا أود الزواج لأتوب , أنا لا أصدقاء لدي , و آمل ان اعوض عن هذا النقص بزوجة صالحة , ( ينهض فجأة مستنكرا صارخاً ) أنتم تحكمون على الناس من دون تبصر في صلب الامور يا سادتي , ( يذهب الى احد الشواخص ) ثق يا هذا بأن هؤلاء ( يشير الى بقية الشواخص ) من أعز الاصدقاء المحبين , ولأنهم أغبياء يفعلون ما يضنيني من الاعمال , ( هنا يهتف منتشياً ) من يحفر أرضي يوفر التعب على بهائمي ويدعني أجني غلتي و أذا خانني أحد منهم أستغله كأنه دابتي , ( يذهب الى احد الشواخص ) ومن يسلي زوجتك يوفر عليك عناء أرضائها , ومن يؤمن لك هذه الحاجات يحبك ويكن لك صداقة خالصة , ( الى الجميع ) وانتم يا مخرجي العاب الدمى في مسارح الحروب , من يعانق نسائكم يثبت أنه من اغلى الاصحاب , ( هنا يعود الى ادائه الكوميدي ) ولو قنع الناس بما هم حاصلون عليه لما بقي من خوف في حقول الزواج الملغمة أحياناً , أنا الان خارج لكم من حقيقة الجبهات والموتى المبتسمين والمعاقين الحالمين , أرى الشاب المرح يشرب والمتدين المتزمت يختلف عن سائر الأتقياء المتشابهين كلاً يموت شارباً , او عازباً , او متدينا , حسب رغبته , ايها السادة الضاحكون , نحن لا نمتلك أحقية الرغبة الا في كيفية الموت , ما دمنا نستطيع أن نشبك قروننا بقرون سائر اوعال القطيع .
( يتجه الى احد الشواخص )
المهرج : انا لست نبياً يا سيدتي , أنما أذيع الحقيقة من أقصر السبل .
( هنا يبدأ بالغناء )
دأبي ترديد أنشودة     على كل لسان مسرودة
لأن الزواج قسمة ونصيب      وحسد الناس أمر عجيب
( يرددها حتى يخفض صوته تدريجيا )
( وهو يسحب بدلته العسكرية وبدلة المهرج من على الحبل المعلق فوقه يأخذها ليجلس على الارض ويضعهما امامه )
المهرج : أييه , كم تعبت في خدمة هذا الوطن ( ضحكة خفيفة ) مراقب ومشارك في وعلى ضحك الساسة و أثرياء المجتمع بعزلتهم كمهرج لا قيمة له , وأيضاً ( يمسك البدلة العسكرية ) أراقب دموع الامهات والارامل على جثث المقاتلين عند نزولنا عندما كنت جندي ( يحتضن بدلتيه وينهض ) عندها أيقنت بأن مانحن فيه ليس سوى عروضاً مسرحية غير مقبولة لا أجر لها سوى الشكر .
( يرمي البدلتين على كومة خشب قديمة )
المهرج : ( وهو عائد بين الشواخص ) لحصدني منجل الموت مصحوباً باللعنات لأني أستحق هذه النهاية ( يضحك يرفع عينيه متجولا بي الشواخص وهو يشعر بالهيبة وعزة النفس )
المهرج : أنا اتصرف كرجل يتغذى مثل الاغنياء وقد تربى كالفقراء , المهم ان ادخل البلاط الرئاسي لان هذا من اعلى امنياتي .
( هنا يبدأ بالضجر ويبدأ بأداء كل كلمة يقولها بدافع الغضب )
المهرج : مشكلتي أني عندما أدخل بلاطكم هذا لا بد من أن أحني رأسي وأخلع قبعتي وأقبل ايادي السيدات أو اتلفظ بكلمات لا ئقة , في حين أن زملائي في الجبهة هناك , بلا يد أو شفة أو حتى قبعة , والرصاص يأكل رؤوسهم كالأرضة في الخشب , أما كلمات الحب والاشتياق هناك في الحرب لا تقال , بل تكتب لتهدأ الزوجات و الامهات , فهي ترسل حروفها ملفوفة بعطرها النسائي وهو يرسل لها لهفته ملطخة بدم صديقه الذي سقط بجانبه وهو يكتب لها .
( هنا يتصاعد الغضب والصراخ وهو يتجه الى السلم الموجود في الخلف )
المهرج : وانتم هنا تحلمون في المجد والصعود ( يصعد السلم ) الكل يريد الصعود , الكل يريد تسلق جدران الاحلام التي في نهايتها الكراسي الزائفة , التي تشبهه مقعد الحلاق الذي هو على قياس جميع المؤخرات العريضة منها والمربعة والمحدودبة , أجل على قياس جميع الناس .
( يقف على السلم هاتفاً ملوحاً بيده )
المهرج : ( يصرخ ) ألا تعلمون أن أمهاتنا هي ليست على ما يرام ( يخفض صوته وكأنه يتحايل ) أنما صحتها جيدة ( يصرخ ) أنها مسرورة جدا ( يخفض صوته ) أنما ليست سعيدة كما قلت ( يصرخ ) أمهاتنا بألف خير لا ينقصها شيء من الدنيا ( يخفض صوته ) لكنها مع ذلك ليست على ما يرام .
( ينزل من على السلم )
المهرج : ( وهو يضع يده خلف ظهره ويتجول بين الشواخص ذهابا وايابا )
في الحقيقة ان امهاتنا امهات الشهداء امهات الابطال الافذاذ لا ينقصها سوى أمرين , الأول انها ليست في الجنة حيث يريد لها الله أن يسكنها لقاء ما ضحت , والاخر انها لا تزال على الارض حيث يريد الله ان يبقيها لينقلها الى جواره عما قريب .
( هنا ينظر الى يده )
المهرج : ( بحزن ) حسناً يايدي ما رأيك الان ؟؟ أتعبتك في التهريج وفي مسك البنادق الى ان انتهت خدمتك في جسدي , هيا لنخلد الى النوم , فالحرب لا تزال في منافساتها الخطرة , وقد اسالت ولا تزال تسيل نهرا من الدماء , هذه الحرب ظالمة وفتاكة يشنها العدو علينا بضراوة .
( يتجول محدقاً في الكراسي الموجودة بدل رؤوس الشواخص )
المهرج : لذلك انا مندهش جدا يوصد ابن عمنا قلبه دون اغاثتنا في قضيتنا العادلة هذه . ( ينظر الى يده المقطوعة ) لا أحد في هؤلاء ( يشير الى الشواخص ) يستطيع ان يعين المعطيات البذيئة للقتال كقادةً غير مطلعين على النصائح الضرورية في مثل هذه الاحوال الغامضة .
( يسحب كرسيا ويرمي جسده المتهالك عليه )
المهرج : ( في يأس تام ) أنا لا استطيع ان اصارحكم بما يجول في فكري , لاني وجدت نفسي في هذا المأزق , غارقاً في الفوضى وقد خابت جميع آمالي .
( ينهض متجها الى مقدمة المسرح )
المهرج : ( وهو يسير ) لكني واثق بأن نخبة من شبابنا الذين ضايقهم الجمود , سيتوصلون يوما الى العثور هنا على الدواء اللازم لمعالجة الوضع المتردي .
( يجلس ويمدد جسده في المكان الذي نهض منه في البداية )
لينتفضوا الشبان بدلا من ان ينظروا في احذيتهم ويدمدمون , ويحكمون اغلاق سترهم ويدمدمون , ويطرحون الأسئلة ويدمدمون .
( في اثناء هذا تغلق الستارة )
ينظفون اسنانهم ويدمدمون وانا اعرف رجلا بهذا المزاج الغريب , باعوا قصورهم ( يتثائب ) ليشتروا أغنية .
( ينام , ثم تظهر اغنية وطنية تراثية )

                           ستار 

ضرغام عبدالرحمن

السماوة 22-7-2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق