تصنيفات مسرحية

الاثنين، 13 فبراير 2017

د.عقيل مهدي :البت في قضية الريادة ابتعدت عن الحساسيات المناطقية والدينية والعقائدية السياسية

مجلة الفنون المسرحية


تشخيص لجنة التحكيم كان سليما ومتزنا ومنصفا للطرفين الرياديين النقاش ودانينوس
البت في قضية الريادة ابتعدت عن الحساسيات المناطقية والدينية والعقائدية السياسية 
الهيئة العربية للمسرح تقوم بخطوة حاسمة على المستوى التاريخي والتوثيقي المتميز 

حاوره – عبد العليم البناء 

شهد مهرجان المسرح العربي (دورة عزالدين مجوبي)بنسخته التاسعة التي أقامتها الهيئة العربية للمسرح هذا العام في مدينتي وهران ومستغانم الجزائريتين بين العاشر والعشرين من شهر كانون الثاني 2017 الندوة التحكيمية الموسومة (مناظرة الريادة في النص المسرحي المنشور بين ابراهيم دانينوس ومارون النقاش ) بين كل من د. مخلوف بو كروح من الجزائر ود.سيد علي اسماعيل من مصر وقد أتت هذه المناظرة استتباعا للمناظرة الاولى التي جرت ضمن اشغال الملتقى الفكري لمهرجان المسرح العربي بدورته السادسة في الشارقة 13 كانون الثاني 2014 بين الباحثين المشار اليهما آنفا اللذين توقفا عند مسألة ريادة النص المسرحي العربي بين مارون النقاش في مسرحية (البخيل) وابراهم دانينوس في مسرحية (نزاهة المشتاق وغصة العشاق في مدينة طرياق في العراق) .
المناظرة عقدت وسط حضور اكاديمي رفيع وقد أدارها الاديب الكبير الدكتور واسيني الاعرج وبمشاركة د. يوسف عيدابي منسقا بينما تشكلت اللجنة المحكمة برئاسة الدكتور عقيل مهدي من العراق ود.عزالدين بونيت من المغرب ود. محمد المديوني من تونس ، وبغية الوقوف على حيثيات هذه المناظرة المهمة والفريدة من نوعها والتي مثلت احدى المحطات المهمة في مسار وعمل الهيئة العربية للمسرح وهي تواصل تصديها لتأصيل وتفعيل المسرح العربي بكل تمظهراته توثيقيا وتاريخيا وابداعيا كانت لنا هذه الوقفة من الحوار مع الاستاذ الدكتور عقيل مهدي للوقوف على قرارات لجنة التحكيم والاسباب التي دعتها لاتخاذها بعيدا عن الاهواء والعواطف وبما يرقي بها الى طرق البحث والجهد الاكاديمي المتعارف عليه وبما ينسجم والظروف الذاتية والموضوعية لقضية الريادة ..
*في ضوء مناظرة ريادة كتابة النص المسرحي .. ما الذي يمكننا تأشيره من حقائق ؟
- ترأست لجنة التحكيم مع زملائي الدكتور محمد المديوني والدكتور عزالدين بونيت وتوصلنا الى ضرورة القيام بعقل جمعي يشمل ما يعرف ب(التجريح والتعديل) الخاص ، بمعرفة السياق التاريخي (الخارجي)للنص ، والوصول الى تحليل (معنى) النص، ومقاربته بروح علمية، وموضوعية ، تبتعد عن التورط في المغالاة المفرطة ،ما بين تأكيد (أصالة) النص ،والمؤلف، ومابين رفضهما وتهميشهما بالكامل.
قطعا كانت قرارات لجنة التحكيم ، متزنة ،ولم تأخذ جانبا (متطرفا ) مابين المتناظرين ، وهما د. سيد علي إسماعيل ، ود. مخلوف بو كروح ،إنما ذهبت الى ضرورة ، التمييز ما بين (ديانة) المؤلف والوضع الايديولوجي السياسي (الصهيوني) ، وما قد تحقق حقا من منجز ريادي في كتابة النص المسرحي للرائدين، مارون النقاش ومسرحية ( البخيل) وابراهام دانينوس ومسرحيته ( نزاهة المشتاق وروضة العشاق في بلاد طرياق بالعراق) الذي حدد تاريخ كتابته عام (1847) بافتراض سبقه (لسنة ) واحدة عن مارون النقاش . 
خلصت اللجنة الى ضرورة التثبت عمليا من تأريخ النشر ودعت الى تشكيل فريق من المتخصصين مستقبلا للنظر في ( الريادة) المسرحية في مجالات (النقد) و(التمثيل) و(الإخراج) وسواها من أنشطة معرفية تخص الجانب الفني ،والجمالي للعمل المسرحي وبروح البحث الاكاديمي ، والنزاهة العلمية المنشودة .
اللجنة أقرت (بوجود النص) في (أرشيف) دول غربية ولم يقدم (عرضا ) مسرحيا في الجزائر .
*وما الذي قمتم به من خطوات عملية على الصعيد الشخصي؟
- كما اتضح من السؤال، إن البت في قضية الريادة قد ابتعدت عن الحساسيات المناطقية والدينية والعقائدية السياسية .وكان من حظنا المعرفي وخطوتنا الخاصة بالتجريح والتعديل على نص ابراهام دانينوس ،أن وضعت كتابا عن هذه التجربة بمائة صفحة من القطع المتوسط وفيه الكثير من البينات على طبيعة النص الدرامية وافتقاده الى الممارسة الاخراجية التطبيقية التي لم تصل الى مرحلة (تركيب) الدرامي ، مع المسرحي مما يعطي أرجحية نص مارون النقاش(البخيل) على نص (ابراهام)، خاصة ان مارون قدم مسرحيات أخرى مثل : (النائم اليقظان) ، أو (أبو الحسن المغفل)،و(هارون النقاش)، وسواها، وقام بإخراجها، والتنظير لها.
*وهل ترى أن ما خرجت به اللجنة من قرارات قد حققت المطلوب ؟ وما السبيل الى تشخيص الريادة الحقيقية لاسيما ان البعض دعا الى تولي مؤسسات بحثية رصينة للقيام بهذه المهمة؟
- نعم استطاعت اللجنة بكل اقتدار أن لا تنجر الى عصبيات خارج نطاق المشكلة البحثية المطروحة والخاصة (بسبق نشر النص) لكل واحد منهم وثبت أن نص مارون النقاش كما جاء في كتاب (أرزة لبنان) كان يقع في زمن متقدم وقدم عرضا مسرحيا في دار مارون النقاش نفسه واحتوى نصه على حرفيات درامية ومسرحية ناضجة على مستوى الحكاية والحوار والشخصية والصراع والجو العام وكذلك على مستوى (جماليات) العرض، وقوانين المسرح ، ومصطلحاته. كان التشخيص سليما ومتزنا ومنصفا للطرفين الرياديين .
* وكيف تنظر لخطوة المناظرة أصلا وبعدها التاريخي والتوثيقي من لدن الهيئة العربية للمسرح ضمن سلسلة خطوات نوعية كاالمؤتمر الفكري والورش ومسابقات التأليف المسرحي للكبار والصغار وغيره؟
-اليوم تقوم الهيئة العربية للمسرح ، بخطوة حاسمة ،على المستوى التاريخي والتوثيقي المتميز، واختارت بدراية واضحة نماذج من اساتذة المسرح المعروفين بالنزاهة والانصاف وكان القرار الذي اعتمدته اللجنة قد توقف عند ما حققه مارون النقاش من أصالة فنية وابداعية، واضحة ومتميزة من تجربة ( البخيل) لموليير وأفاد من موروثنا القومي وبالأخص عبقرية الف ليلة وليلة وحكايانا العربية واشعارنا وصياغة الحانها بعيدا عن العنعنات والادعاءات الفارغة العقيمة.
إن النسخة (التاسعة) للهيئة العربية الخاصة بالمسرح ،قامت بصياغة مشروع متكامل يضم النظري مع العملي ،او التطبيقي الجامع لهما، ووضعت الذهنية الاخراجية والتأليفية والنقدية والورش الفنية والمسابقات والمناظرات على محك الواقع المسرحي المترامي الابعاد، كما خلصت لاختيار افضل العروض حسب ( معايير) لجنة تحكيم النصوص ،واتضح جليا الفرق ما بين الفرقاء في عملية فهمهم للمقدس، أو مقدار وارجحية المواقف الحرة ،او الخروج من قوقعة بعض المفهومات المندرسة . وللأسف انزلق ،البعض ،الى تهييج عواطف معينة انفعالية ليذهب بها بعيدا عن مظانها الاصلية ،واقحامها على الفضاء الجمالي الفني المسرحي الذي ينظر الى الرؤية الفنية لا الى الاجتهادات السياسية ،او الفقهية الخارجة عن (موضوعة ) المسرح والمسرحية. 
*اذا انتقلنا الى المهرجان بشكله العام وديمومة واستمرارية دوراته وتنوع أماكن انعقاده في البلدان العربية ما الذي يمكن تأشيره هنا؟
- أجد من الضروري توزيع امكنة المهرجان العربي القادم ،في بلدان عربية مشرقية ومغربية، لكي تؤتي ثمار هذه العروض والبحوث والورش ،ويفيد منها جمهورنا العربي ،وبروح تفاعلية تنشد الحق والخير والجمال ،ولا تخسره في دروب ضيقة فاقدة للصدقية ،وبعيدة عن هدفها الحقيقي في اثراء الوجدان العربي الجماهيري ، وهنا ينبغي الحرص على مسار الهيئة العربية للمسرح ،ونزاهتها ،وتكريمها للمبدعين أينما كان تواجدهم ،وهم يصنعون حلمنا العربي مسرحيا ،وبلغة رصينة ومتعة وفرح حقيقي.
*وكيف تنظر لمشاركة المسرح العراقي عروضا وباحثين واكاديميين واعلاميين؟
-التغطية الاعلامية والبحوث الرصينة وعروض المسرح العراقي بالاخص، توافرت فيها شجاعة الطرح ،وتمثل الاطروحة الفنية ( التجريبية ) من خلال مجاميع من الممثلين ، وبعضهم من المتمرسين في المسرح ، مع مجموعة ناشطة وموهوبة، وجلها من شباب المسرح، إذ تم التأكيد على الممثلات اللواتي ستنفتح امامهن الفرص الإبداعية القادمة ، كما تكرست طاقة الممثلة د. سهى سالم في عرض ( يارب) مع زميلها فلاح إبراهيم ،وإخراج مصطفى الركابي ،وتأليف علي الزيدي. ولا ننسى الدور الصامت للمثلة زمن الربيعي ، أو ما أنجز على صعيد السينوغرافيا ،ومقدمة العرض الخاص بالممثل سنان العزاوي. كذلك ما كان لجرأة الفنان صميم حسب الله يحيى ،من تثمير لرمزية العنف الذي استباح عراقنا والعالم العربي ،وما تمثله المجموعة الجانحة من بعض السياسيين العصابيين ،وما يتركوه من آثار ورضات وتدمير في أجساد ضحاياهم في السجون والمعتقلات، مما يعكس خراب ضمائرهم البوليسية الفاشية ،وذهابهم مع حماماتهم الشريرة الواقعة بين قبضتي السادية والمازوكية ،حيث الحلقة المقفلة ما بين تدمير الذات بنزعة إجرامية مرذولة ، مما يسبب لدى المتلقي ضربا من العذاب والتمزق في موقفهم مما يعرض أمامهم .
*وما الذي اثار انتباهك في مجمل برامج وانشطة وفعاليات المهرجان؟
- مما يثير الانتباه حقا هو تفاوت قدرات الممثلات بشكل أخص، والممثلين بشكل عام ، وكذلك تكريم الرائد والمخرج التونسي المعروف توفيق الجبالي، وهو أمر يدعو للفخر، كما تمتعنا بالمرونة الجسدية وجماليات الإخراج والسينوغرافيا، كما في العرض الكويتي، والنص من اخرا ج الكاتب الكويتي الموهوب (علي الحسيني) ومن تأليف العراقي عبد الأمير شمخي ،وهي خطوة جمعت في نصف القلعة بين الشعبيين الشقيقيين ،وهما ينظران بروح مقدامة نبيلة للمستقبل الآمن للبلدين ،واللافت هو هذا الكرنفال الباذخ الاناقة في تاريخ مسرحنا العربي المعاصر.
*كلمة أخيرة..
- للانصاف نشيد بالاستقبال الرسمي في الجزائر، والاشراف الرئاسي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ،هذا من جانب المعنى الرمزي والمادي لهذا النشاط القومي المسرحي ،وكذلك ما يقدمه الشيخ (سلطان القاسمي) من جهود مشرفة وكريمة، ومن رعاية وحب للمسرح العربي ،وما بذله الأخ إسماعيل عبد الله ،ود. يوسف عيدابي ،وغنام غنام، من جهود عملية ولوجستية متميزة ،وكذلك لما قدمته الهيئة العربية للمسرح من معارض للكتب والنشريات، وتنسيق الجهود ما بين (وهران) الباهية ومدينة (مستغانم) ،والوقوف عند الشهداء من المسرحيين الجزائريين ،وشهداء الاعلام والصحافة ،كلها تدعو الى الاعتزاز بأهل الجزائر والشارقة والبلدان العربية كافة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق