مجلة الفنون المسرحية
مسرحية "لقاء فى التلفريك " تاليف :احمد ابراهيم الدسوقى
مسرحية "لقاء فى التلفريك " تاليف :احمد ابراهيم الدسوقى
الشخصيات :
1 - رجل (شرق)
2 - إمرأة (غرب)
يُرفع الستار
يرى مشهد لمسرح صغير بيضاوي الجدران .. يرى المشاهد أن المكان داخل تلفريك الوديان والجبال الثلجية المعلق .. حجم التلفريك من الداخل ضخم بصورة فنتازية مبالغ فيها .. جدرانه البيضاوية مُزينة برسومات مبهجة .. خلفيتها زرقاء كلون إنعكاس السماء على صفحة المياة .. الرسومات كأنها قارات العالم ودولة ومدنه الكبرى ذات التقسيم السياسي والإداري .. متعددة الألوان الزاهية الشفافة الفسفورية .. تتخللها عشرات الحروف والأرقام من اللغات الحية والميتة .. المتعددة الألوان والأحجام الداكنة .. وتكون خلفية القارات والدول والمدن ألوف مؤلفه من وجوه البشر الصغيرة .. الدقيقة المختلفة الألوان والجنسيات المتلاحمة في نسيج واحد .. فلا تكاد تظهر إلا من خلال رؤية الجالسين في الصف الأول ... ومثبت في سقف التلفريك .. مصباح واحد كبير دائري ضخم أصفر اللون .. يشع ضوئاً كضوء الشمس في وضح النهار .. التلفريك يعج بعشرات المقاعد الجلدية الفاخرة المزدوجة .. يربو عددها على المائة مقعد منفردين .. ويفصل بين المقاعد الزوجية .. ممر متسع لمرور رواد التلفريك أتين وذاهبين .. يتاخم أعلى كل زوج من المقاعد
نافذة حمراء حديدية .. من ناحية اليمين توجه حجرة صغيرة لا يراها المشاهد .. ذات باب أحمر معدني مغلق .. وكذلك توجد حجرة أخرى إلى أقصى اليسار .. لها نفس المواصفات .. والحجرتان حجرتا قيادة التلفريك.. أي أن له غرفتي قيادة منفصلتين .. تعملان ألياً ذاتياً أو بالتوجيه عن بُعد .. من خلال محطة قيادة التلفريكات الرئيسية .. ويوجد بابين مغلقين حمراوين .. بجوار كل غرفة قيادة .. ليدخل ويخرج منها الرواد .. المنظر من الخارج أبيض ناصع بسبب كثافة جبال الثلج .. وكأن الزمن زمن عصر جليدي .. التلفريك متوقف في المحطة الرئيسية .. الصمت مطبق على المكان .. تمر ربع دقيقة .. ثم يفتح باب ناحية اليمين ببطء .. ترى عصا خشبية مزركشة يدخل طرفها .. ثم تظهر يد عجوز معروقة رجالية مرتعشة .. يظهر بعدها صاحبها .. وهو رجل عجوز يسير بخطوات بطيئة .. الرجل كهل قد تعدى المائة عام .. أسمر سمار الأسيويين .. وجهه مليء بالتجاعيد الفائرة .. شعره أبيض ناصع يشوبه شهوب بسيط .. ظهره محدب مقوس وكذلك ساقيه.. يرتدي رداء طويل من قطعتين .. حلة وبنطال بيضاوين ذات ملمح شرقي عام .. على رأسه قبعة أسيوية شهيرة.. يسير خطوتين مرتعشتين .. ثم يتلفت ببطء حوله .. يمنه ويسره .. ثم يتجه للجلوس صوب الزوج الأول من المقاعد
.. والأخير من ناحية اليمين .. وبعد عناء شديد يجلس وقد تفضن وجهه .. تمر ربع دقيقة يتأمل خلالها المكان .. ثم يفتح الباب ناحية اليسار ببطء .. ترى عصا خشبية معدنية لامعه .. مؤطرة بالزخارف يدخل طرفها .. ثم تظهر يد عجوز معروقة مرتعشة .. بها بعض الخواتم الثمينة المرصعة بالجواهر النفسية .. تظهر بعدها صاحبتها وهي إمرأة عجوز تسير بخطوات بطيئة .. المرأة كهلة قد تجاوزت المائة عام .. بيضاء شقراء تعقد شعرها الطويل خلف رأسها .. كنوع من الوقار تتزين بالمصاغ .. التجاعيد الفائرة تملأ وجهها .. ظهرها مقوس ومحدب وكذلك ساقيها .. ترتدي رداء غربي متحرر .. نصف قصير أسود فسفوري لامع .. وفوق رأسها قبعة أوربية شهيرة .. تسير خطوتين مرتعشتين .. ثم تتلفت ببطء تجاه اليمين واليسار .. ثم تجلس صوب الزوج الأخير من المقاعد .. والأول من ناحية اليسار .. بعد جهد شديد وقد تغير وجهها .. تظل تتفحص المكان .. فتلاحظ الرجل الكهل .. الجالس في الطرف الشرقي من التلفريك .. فلا تكترث به .. وتشيح بوجهها كما يفعل هو .. تمر نصف دقيقة .. وقد ضج الإثنان من الملل .. والتلفريك خاوي من الركاب إلا منها .. ولا يتحرك من مكانه .. وكأنه معطل .. تلتفت المرأة في ضـجر نحـو
الرجل العجوز
المـرأة : سيدي سيدي يا من تجلس هناك هل لي في تساؤل
الرجــل : هل .. هل تحدثيني سيدتي
المـرأة : نعم .. نعم وهل يوجد غيرك سيدي
الرجــل : لبيك سيدتي
المـرأة : هل لي في تساؤل صغير سيدي
الرجــل : كلي آذان صاغية سيدتي
المـرأة : لماذا التلفريك خاوي من الركاب هكذا ولماذا لا يتحرك نحو جبل الألفية الآخر سيدي
الرجــل : بالفعل سيدتي لقد أدهشني ذلك التلفريك لا يتحرك وخاوي من الركاب
المـرأة : في كل مرة ات ولا أجد مقعداً اشاغراً لكن اليوم عجباً لا يوجد غيري وغيرك سيدي
الرجــل : أيكون التليفريك معطل سيدتي
المـرأة : قد يكون وقد لايكون سيدي
الرجــل : هل أتينا مبكراً سيدتي
المـرأة : لا أظن سيدي فالساعة لا تزال الحادية عشر صباحاً والتلفريك موعد إنطلاقه الآن
الرجــل : إذن سيدتي ليس أمامنا إلا الإنتظار عسى أن يجد جديد
المـرأة : هذا رأي صائب سيدي
الرجــل : معذرة سيدتي هل لي في طلب
المـرأة : أطلب ماتشاء سيدي
الرجــل : هل نستطيع أن نتجاذب أطراف الحديث المثمر كنوع من تمزيق الوقت سيدتي
المـرأة : هذا شرف عظيم لي سيدي
الرجــل : وشرف أعظم لي سيدتي
المـرأة : معذرة سيدي هل سنظل نتحادث هكذا وبيننا عشرات المقاعد
الرجــل : بالفعل سيدتي ملحوظة دقيقة غاية في الدقة إذن لتتفضلي لتجلس بجانبي في موقعي حتى أزداد شرفاً وعظمة
المـرأة : الشرف والعظمة لي سيدي لكن لماذا لا تأتيني أنت وتجلس بجانبي في موقعي
الرجــل : ولماذا آت أنا سيدتي إلى موقعك الرفيع آئتي أنتِ
المـرأة : ولماذا آت أنا سيدي إلى موقعك الفخيم إئتي أنت
الرجــل : لايوجد سيدتي مبرر منطقي لإتياني إليكِ
المـرأة : وكذلك أنا سيدتي ليس عندي أي مبرر لإتياني إليك
الرجــل : حسناً سيدتي أنت من بدئتني بالحديث الفخم لا أنا
المـرأة : وأنت سيدي من إقترحت تجاذب أطراف الحديث المثمر لا أنا
الرجــل : إقتراحي سيدتي المحترمة كان رحمة بشيخوختك من الملل والوحدة
المـرأة : وكذلك سيدي إقتراحى كان رأفة بكهولتك من الملل والوحدة
الرجــل : بالفعل سيدتي أقر أن الإقتراح رحمة ورأفة بشيخوختنا وكهولتنا نحن الإثنين
المـرأة : إذن لماذا لا نتلاقيا
الرجــل : لا يوجد سبب مقنع سيدتي
المـرأة : وكذلك أنا سيدى .. (تصمت) .. يا لدهشتنا نحن نتجادل فى أمر حله يسير سيدي
الرجــل : وكيف الحل سيدتي
المـرأة : أن نتلاقى في مكان محايد
الرجــل : بالفعل سيدتي أنت لماحه وفطنه .. لنتلاقى
فى مكان محايد
المـرأة : إذن لنتلاقى وسط التلفريك سيدي .
الرجــل : لنتلاقى سيدتي
المـرأة : عجباً لماذا سيدي لم تنهض .
الرجــل : عجباً ولماذا سيدتي أنهض أن أولاً لماذا لا
أكون الناهض ثانية النساء أولاً
المـرأة : عجباً ولماذا أنهض أنا قبلك سيدي الرجل
يفضل أن تكون البادئ ألم تراقص إمرأة في حياتك
المديدة
الرجــل : كلا سيدتي فعالم لايعرف الراقصات الفردية
مع النساء إن رقصاته جماعية بدون غرض ما
المـرأة : هل تملح سيدي ان عالمي رقصاته الفردية
ذات أغراض
الرجل : هذا شئ لا يخفي على أحد سيدتي ففى
عالمك الرقصة الفردية بين الرجل والمرأة من أجل
التوحد الجسدى أما في عالمي الرقصة الجماعية
من أجل التوحد الجماعي سواء كان الراقصون رجالا
أم نساء أم أطفالا اما شيوخا
المرأة : تعني العالم القبلي سيدي
الرجل : ليس عيبا سيدتي الإعتراف بأن عالمي عالم قبلي لكن لا يخفي عليك أن أصل كوكبنا كله قبلي
المرأة : عالمي سيدي عالم متحضر
الرجل : وأنا أقر بذلك سيدتي وعالمي أيضاً متحضر ويتسم بالأصالة والحفاظ على تراثه
المرأة : هل تلمح سيدي أن عالمي ليس أصيلاً ولايحافظ على تراثه هل خالطت عالمي حتى تؤرخ له كلماتك تلك كشهادة للتاريخ
الرجل : سيدتي إن صوتك منخفض هلا رفعت منه حتى أسمعك إني رجل كهل
المرأة : وصوتك أيضا منخفض سيدي هلا رفعت منه إني سيدة مسنة
الرجل : سيدتي بدلا من رفع الاصوات نتلاقي أفضل.
المراة : وأنا معك سيدي هيا إئتني لأتشرف بمحيال الوقور
الرجل : كلا سيدتي إئتني أنت لأزداد رفعة بمحيال المتزن
المرأة : ستقوم القيامه هكذا ونحن نتجادل سيدي
الرجل : حسنا حسنا عندي خطة سيدتي ننهض نحن
الإثنان فى وقت واحد ونتلاقي عن نقطة محايدة
وأنا أقسم مقدما على وفائي بالعهد
المرأة : نعم الرأي سيدي وأنا أثق في قسمك سأعد رقمين ثم ننهض بعدها لنتلاقي هيا إستعد واحد إثنان
( ينهض الإثنان ببطء بعد تراشق بالنظرات المترددة خشية ألا يبرأ أحدهما بقسمه ويتحركان ببطء ويسيران في خطوات بطيئة ويمر الزمن ببطء وكأنه عشرات القرون وبعد دقيقة يتلاقى الإثنان وتجلس المرأة أولا في هدوء وسعادة وكذلك يجلس الرجل الذي غمرته الغبطة )
الرجل : إلتقاء موفق سيدتي
المرأة : وإحترام للعهد رفيع سيدتي لم يخطئ من وسم عالمك بالإلتزام يالقسم كعقيدة
الرجل : وكذلك لم يخطئ من وسم عالمك بإحترام الوقت سيدتي
المرأة : إن معلوماتك جيدة وطازجة عن عالمي سيدي
وكأنك تحيا معى
الرجل : وكذلك انت سيدتي معلوماتك كأنك فرد من عالمي
الإثنان : أنحيا في مكان واحد ولا نعلم
المرأة : إن عينك متسعة يا سيدي
الرجل : وكذلك عينك كانت فكرة صائبة أن نتحادث سيدتي أنت تعلمين قوة الملل والشيخوخة
المرأة : بالفعل سيدي إن الملل مثل وحش أعور يجثم على في السنوات الأخيرة ولا أستطيع منه فكاكا
الرجل : وكذلك الشيخوخة سيدتي مثل عفريته عوراء تمتطيني في سنواتي الأخيرة ولا أستطيع منها الفرار
المرأة : لا بد من حل مع الملل اللعين هذا.
الرجل : وكذلك لابد من تصرف مع الشيخوخة المخيفة تلك
المرأة : معذرة سيدي هل لي أن أسألك كم تبلغ من العمر
الرجل : تساؤلك مجاب يا سيدتي لقد تجاوزت العشر حقب بعام واحد
المرأة : عام واحد بعد المائة ياللمصادفة انا أيضاً أمضي عامي الأول بعد المائة
الرجل : مصادفة مبهجة .. يالسخرية الدنيا إن عندي حفيد لحفيدي ولد منذ عام وكذلك ولدت انا منذ عام و لكن شتان بين الإثنين الأول عام بعد المخاض والثاني عام بعد قرن من الزمان حافل بالمتاعب
المرأة : معك حق سيدي قرن من الزمان عسير على الإنسان كأنك شرعت في بناء ناطحة السحاب مكونة من مائة طابق وانت حتى لا تعرف كيف تصنع الطوب اللبن
الرجل : ومع ذلك بنيناها سيدتي بنيناها والغربان السوداء تحلق حول موضعنا ووضعنا أساس الطابق الأول بعد المائة
المرأة : صدقت .. صدقت سيدي الغربان السوداء اللعينة لكن ألم يكن بمقدورك ان تشيد لهم فزاع عقل
الرجل : يا سيدتي أنت تعلميه ان الغربان لا يصلح مهم إلا الإبادة
المرأة: صدقت .. صدقت سيدي والإبادة تحتاج إلى القرار
الرجل : والقرار سيدتي كالقرار السياسي يحتاج إلى إقتدار الشجاعة
المرأة : معذرة سيدي ألم أرك من قبل في الجوار
الرجل : لا أظن سيدتي هل تأتي أنت الى جوارنا
الإثنان : لا نظن أننا تلاقينا في أي من الجوارين
المرأة : معذرة سيدي هل لي أن أسألك إلى أي الأماكن أنت ذاهب
الرجل : سلى ماتشائين سيدتي أنا ذاهب لزيارة بعض من أحفادي في سهل منخفض داخل جبل الألفية إن أحفادي بالعشرات وهم متناثرون في أنحاء قصية
المرأة : وانا كذلك ذاهبة لزيارة بعض من أحفادي سيدي لكن في واد يقع في جبل الألفية فأنت تعلم كمية السعادة التي يجترها المرء في شيخوخته وهو يداعب أحفاده وأحفاد أحفاده
الرجل : ألم نتقابل من قبل سيدتي
المرأة : لا لا أظن
الرجل : كم عندك من الأبناء سيدتي
المرأة : كثير كثير جداً لا أستطيع إحصاءهم الرقم يتجاوز العشرات بل المئات
الرجل : وكذلك أنا سيدتي أنجبت الكثير من الأولاد والبنات منهم من مات ومنهم من يحيا
المرأة : عندي على سبيل المثال سيدي أبناء وفتيات وأحفاد مثل أرجنتين وأسبانيا وإنجلترا وبرازيل وكندا والمكسيك ومغرب وفرنسا وكوريا وكولومبيا وكثيرين وكثيرين لا أتذكرهم
الرجل : وكذلك عندي سيدتي أبناء وفتيات وأحفاد مثل إستراليا وصومال وروسيا ومصر ورومانيا وهند وحجاز وكوريا وتركيا ويابان
المرأة : إن عائلتك ضخمة وذات جذور شعبية
الرجل : وكذلك عائلتك متسعة وذات قواعد أخطبوطية
المرأة : ألم نتقابل من قبل
الرجل : أظن ولا أظن
المراة : إن أسعد أيام حياتي سيدي وانا أرى غالبية أولادي يحيون في رخاء وثراء من أيام فاقتي ومعاناتي وهم أغرار صغار
الرجل : وكذلك انا سيدتي إن معظم اولادي الأن أثرياء من ذوى النفوذ أما بداياتى وشبابي فكانت بها معاناة ليس لها مثيل
المرأة : وانا كذلك سيدي فالصراع مع الطبيعة كان قاسياً وأطماع المناوئين كانت عشرات في سبيل إيجاد القوت
الرجل : عجبا إن قصتينا متشابهتين ألا تلاحظ ذلك سيدي
المرأة : ألم أقل لك أن هناك شيئاً مايجمع بيننا سيدتي
الرجل : ألم نتقابل من قبل سيدي.
المرأة : لا أدري على وجه التحديد سيدتي أرى أن وجهك مألوفا لي
الإثنان : سيدي وسيدتي لماذا تكرر تلك الكلمات الجوفاء لنرفع التكليف إذن
الرجل : هذا أفضل لا سيدي ولاسيدتي هل نحن في السلك الديبلوماسي
المرأة : أتدري يا يا دعني ألقبك بإبن الجوار الأخر
الرجل : وكذلك دعيني ألقبكي بإبنة الجوار الأخر
المراة : أتدري يا إبن الجوار الأخر أن بعض من أولادي قد أصبحوا من أثرى أثرياء الجوار مع أن بدايتانا كانت قاسية
ومعدمة تقريبا لقد كان أولادي شبه عرايا ونكاد بالكاد نعثر على القوت الضروري ولايمر أسبوع إلا وأفقد أحدهم ممن فرط الجهل والفقر والمرض
الرجل : يالفعل يا إبنة الجوار الأخر لقد عانيت مثلك تماما أتصدقين أني كنت أفر بأولادي إلى الكهوف المرتفعة توجسا من الأمطار والسيول وعندما كنا نعود إلى كوخنا نجده إما أنقاضا أو هشيما بسبب نيران الصواعق
المرأة : لقد مررت مثلك بكل هذه المصاعب يكفيني الخروج للصيد وقت الشتاء الجليدي إن قنص الدببة حينئذ شىء مثل الإنتحار فالخروج وسط الثلوج إنتحار ومحاولة القنصب إنتحار والعودة بجثة الدب الصريع سالمة من الضوارى انتحار
الرجل : ومع ذلك أسسنا مجتمعيانا الصفيرين اللذان أضحا جوارين يحسب لهما ألف حساب يا إبنة الجوار الأخر
المرأة : بالفعل فالأن على سبيل المثال إن أحد أولادي وهو أمريكا بالطبع سمعت عنه لقد عانيت وعاني معي في إنشاء مجتمعه الصغير معاناة وصلت إلى حد الإنهيار التام من بعد التشييد لكن الصبر والمثابرة جعلته الأن من
أثرى أثرياء الجوار بل ذو نفوذ يصل إلى تحريك دفة الأمور والتأثير على القرار العام اتدرى ان مجتمعه اقتصادى منتج اتحادى لدرجة تظن بها انه كيان مستقيل لن تصدق إن قلت لك أنه يلقي بالمسلي والأرز في مياة المحيط من شدة الرخاء إن مجتمعه صنع من اول الخنجر إلى الصاروخ العابر للقارات بل الكواكب أتصدق أنه يصدر المذاهب السياسية
الرجل : وكذلك أنا يا إبنة الجوار الأخر إن أكبر بناتي وهي روسيا بالطبع أنك سمعت عنها لقد حاولت وحاولت معي كافة المحاولات حتى تنشئ مجتمعها الصغير على أرضيها الضخمة الشاسعة ذات المناخ القاسي القارس القاري وكلما كان يعلو البناء ينهار بعدها بصورة مزرية أبشع لنعود إلى نقطة البدء لكن تصميمنا تكلل بالنجاح وأنشأت روسيا مجتمعها البسيط الصغير الذي تطور إلى أن أصبح مجتمع صناعي منتج مثمر إتحادي صاحب كلمة تسمع بلا جدال ويقر بها كل الجوار حتى تظنيه جوار مشتقل بذاته ناهيك عن مظلة نفوذه وإدراكه كل خلجة تحدث في الجوار سواء كانت علنية أو سرية .. لن تصدقي
إن قلت لك أن حياة روسيا أصبحت عقيدة تتبع ولها مريدين وينهج نهجها الكثير من المناوئين قبل المتحالفين .. إن مجتمعها بدأ بالخنجر وطوره فإنتهى بالإنشطار أتصدقين أنها تصدر الأيديولوجيات يا إبنة الجوار الأخر
المرأة : إن كفاحنا مع الحياة يصلح لقصة سينمائية يا إبن الجوار الأخر
الرجل : بالفعل إن من دواعي فخري أني لم أتلقي أي تعليم رسمي لقد علمتني الحياة وعركتني ياإبنة الجوار الأخر إن مدرسة الحياة سواء فشلت فيها أو نجحت تعطيل درجة علمية مثل درجات الماجيستير والدكتوراه لكن شتاء بين درجات النجاح ودرجات الفشل
المرأة : يا للمصادفة إنك لم تذهب لمدراس رسمية مثلي ألم أقل لك اننا متشابهان ياإبن الجوار الأخر في أشياء كثيرة
الرجل : ألم نتقابل من قبل ياإبنة الجوار الأخر إجترى ذاكرتك
المرأة : أنا أحاول جاهدة ياإبن الجوار الأخر إن وجهل مألوف لكن أين رأيته وسط خضم الأعوام الواحد بعد
المائة شئ عسير أن أتذكر
الرجل : أتمنى لو كنا تلاقينا من قبل للمصادفة السعيدة التي جعلت التلفريك خاوي هكذا من الرواد لولا خواءه ما كنا تحادثنا ياإبنة الجوار الأخر
المرأة : عجبا مر الوقت ولم يأتي أحد ولم يتحرك التلفريك ياإبن الجوار الأخر
الرجل : لاتهتمي ياإبنة الجوار الأخر دعينا غارقان في حديثنا رب صدفة خير من ألف ميعاد
المرأة : بالفعل بالفعل أتدري بالرغم أني لم أتعلم تعليما رسميا إلا أني أتقن القراءة والكتابة بعدة لغات وأعرف على عدة ألات موسيقية ياإبن الجوار الأخر
الرجل : مرحي مرحي وأنا كذلك نفس الشئ لكن بالطبع لغاتي مغايرة للفاتك يا بنت الجوار الأخر بل إن لي مؤلفات موسيقية يا إبنة الجوار الأخر.
المرأة : وكذلك ألاتي الموسيقية تتناقض مع آلاتك يا إبن الجوار الأخر
الإثنان : عجبا إننا تتشابه في كل شئ حتى التناقض
تتشابه فيه
الرجل : لن تصدقني ياإبنة الجوار الأخر إن قلت لك أن مكتبتي مليئة بألوف المؤلفات التي ألفتها عن عالمي وعند الجوار وعن الإنسانية بشتى اللغات الحية والميتة
المرأة : نعم نعم أصدقك ياإبن الجوار الأخر وكذلك أنا نفس الشئ
الرجل : سأفشى لك سرا يا إبنة الجوار الأخر أتعلمين (يتلفت حوله في حذر) إن عندي هواية إقامة الحضارات (يتلفت حوله متوجسا) ففي أوقات الفراغ أشيد بضعة حضارات في منازل بعض من أولادي ثم أتركها بعد ذلك تستمر أولا تستمر هذا شأن أولادي وإذا إنهارات شيدت غيرها خلسة بدون أن يشعر احد ببطء شديد إنظري لمعابدي الغابرة الساحرة وسط الأدغال
المرأة : أعلم أعلم يا إبن الجوار الأخر
الرجل : ومن أعلمك يا إبنة الجوار الأخر
المرأة : إن لي مصادري وأيضاً في أوقات الفراغ (تخفض صوتها ) أشيد بعض الحضارات وأطلقها في منازل أولادي
لكن حضاراتي خرسانية كهربية متلالئة تحكمها دائرة النقد فهي تدور حولي وحول أولادي ثم حول نفسها (تصمت) ياإبن الجوار الأخر ترى من حضاراته أفضل حضاراتي أم حضاراتك ياإبن الجوار الأخر ( يصمت )
المرأة : قل أنت أولا ياإبن الجوار الأخر
الرجل : قولي أنت الأولي ياإبنة الجوار الأخر
المرأة : مقولتك ستحدد مقولتي يا إبن الجوار الأخر
الرجل : ومقولتك ستحدد مقولتي ياإبنة الجوار الأخر
المرأة : حسناً وإن قلت أن حضاراتك أسوأ ماذا ستقول وإن قلت أن حضاراتك أفضل ماذا ستقول يا إبن الجوار الاخر
الرجل : إن قلت حضاراتي أسوأ فأقول أنك تتجنين على إن قلت أفضل سأقول أنك ذات دماثة خلق رفيعة وحضاراتك هي الأفضل يا إبنة الجوار الأخر
المرأة : حسناً إن حضاراتك هي الأفضل يا إبن الجوار الأخر (ينظر الرجل العجوز إليها ثم ينفجران الإثنان في الضحك).
الرجل : يبدو أننا عدنا لطور الطفولة يا إبنة الجوار الأخر
المرأة : بالفعل كما كنت أفعل منذ عشرات السنين يا إبن
الجوار الأخر (تتذكر) إن بالونتي أيها الولد الصغير أفضل من بالونتك ياللأيام السعيدة
الرجل : ترى هل أيام الطفولة أفضل من أيام الشباب أم النضوج أم الشيخوخة يا إبنة الجوار الأخر.
المرأة : يتوقف هذا على الأيام السعيدة في حياتك يا إبن الجوار الأخر
الرجل : ماذا نعم نعم إن كل أيام حياتي سعادة في سعادة يا إبنة الجوار الأخر.
المرأة : وأنا كذلك من مهدى إلى لحدي سعادة في سعادة يا إبن الجوار الأخر.
الرجل : عجباً كيف ذلك وقد قلت أن حياتك كان بها بعض من الشقاء يا إبنة الجوار الأخر.
المرأة : ماذا (تبتئس برهة) نعم نعم إني أعترف أن حياتي لم تكن كلها سعادة بل شقاء قليل مع سعادة كثيرة يا إبن الجوار الأخر.
الرجل : وأنا كذلك أعترف يا إبنة الجوار الأخر أن حياتي كان بها شقاء قليل مع كثير من السعادة.
المرأة : أريد يا إبن الجوار الأخر أن أوضح أن حياتي كان بها الكثير من الشقاء وقليل من السعادة
الإثنان : نريد أن نعترف ان حياتنا كانت كلها شقاء في شقاء ولم نذق طعم السعادة نهائياً (فترة صمت).
المرأة : ألن يتحرك هذا التلفريك الراكد ركود حياتنا.
الرجل : ألم يأتي رواد أم أن الإنسانية في بيات شتوي
المرأة : أتعلم يا إبن الجوار الأخر.
الرجل : ماذا تريد أن تقولي يا إبنة الجوار الأخر (صمت)
الإثنان : لماذا نكرر كلمات يا إبنة الجوار ويا إبن الجوار لتكن على سجيتنا لنقول يا أخي يا أختي
المرأة : أتعلم يا أخي أن نشأتي كانت تجاور جواركم (فجاة يتحرك التلفريك أليا .. ويسير في طريقة بين الجبلين)
الرجل : عجبا وكذلك نشأتي كانت تجاور جواركم
المرأة : إن منزلنا وجواركم كان يفصله سياج حديدي مرتفع
الرجل : ماذا لا أصدق إن معلوماتك صحيحة ودقيقة كيف
علمت بكل هذا
المرأة : كما قلت لك إن منزلنا كان يطل على أول منزل في جواركم
الرجل : أول منزل يالدهشتي أكملي أكملي إني لازلت أحفظ هيئة كل منازل جوارنا قديما نعم نعم أتذكر كالأمس
المرأة : لقد نشأت فوجدت ذلك المنزل الكبير الحجري يداعب مخيلتي وانا صغيرة فكنت أقترب من السياج وأظل متطلعة مندهشة بالرغم من تحذيرات أمي لي بعدم الإقتراب
الرجل : وأنا كذلك أذكر أن سياجا كبيراً كان يفصل بين جوارنا وجواركم وكانت هناك طفلة صغيرة شقراء تقترب من السياج تظل ترمق منزلنا
المرأة : نعم نعم إني أرى المشهد وكأنه البارحة كان هناك طفل أسمر شعره أسود لامع ناعم وحالك السواد في ذات الوقت كان هذا الطفل يبادلني النظرات
الرجل : أذكر الأمر كأنه الآن كنت والطفلة الشقراء نتبادل الحلوى عبر السياج الحديدي وعندما ما علمت عائلتي بالأمر بسبب العداء السافر الشهير الأمدي الإرثي بين
الجوارين
المرأة: نعم كان العداء له جذور غائرة منذ آلاف السنين فالمصالح تتعارض ومناطق النفوذ تتنازع والنفوس أمارة بالسوء
الرجل: وكنت أتسلل خلسة دون أن يراني أحد لأتجاذب أطراف الحديث مع فتاتي الشقراء الصغيرة .
المرأة: ومع الوقت وجدنا أن السياج حائل بين إلتقاء روحينا البريئتين فـفي الليل وطوال عشرات الشهور كنا نثقب السياج قطعة وراء قطعة بعد أن نتسلل من مخادعنا
الرجل: وبعد سنوات قليلة أصبح الثقب باباً خفياً له مزلاج غير مرئي تدخل منه إلى وأدخلي منه إليها وتظل ساعات طوال تتلاقى قلوبنا وتمتزج في أماكننا السرية تكللنا عاطفة الحُب التي هي أصل الكون
المرأة: وأصبح الطفل شاب وأصبحت الطفلة فتاة
الرجل: وحان الوقت لإنشاء منزل صغير جديد يقف بين الجوارين
المرأة: لكن كبار العائلتين علموا بالأمر وكان القيامه قد
قامت فلقد جلوت الأسلحة وكادت تعلن الحرب بين الطرفين وتم إقناعي بشتى الوسائل والسبل المشروعة والغير مشروعة الأدمية وغير الأدمية ألا أقابل فتاي هذا بعد الأن وان أمحو من رأس فكرة الزواج به
الرجل : وكذلك حدث معي نفسي الشئ وتحت عشرات المحاولات الدئوبة من العائلتين حول البحث عن الباب الخفي وإيصاده حتى يوم الدين لكن المحاولات فشلت .
المرأة : فالسر كان محفور في قليبنا وكذلك محاولاتهم في إنتزاعه كانت محفورة على جسدنا مفرد وكأنه تضاريس وسهول ووديان وهضاب ومهاد دامية
الرجل : لا أصدق أن القدر قادر على جعله الماضي حقيقة مرئية أمام عيني
المرأة : بل صدق يا يا أتذكر إسم فتاتك
الرجـل : نعم إنها غرب الشقراء الفاتنة التي مثل النسيم في الربيع وأنتِ اتذكرين إسم فتاكِ
المـرأة : نعم إنه شرق الأسمر القوي الفتى الممشوق القوام الذي مثل قرون الأبل وقت البلوغ
شـرق : لا أصـدق أنه انتِ انتِ يا غرب لقد تلاقينا بعد قرن
من الزمان
غـرب : بل صدق يا شرق عام واحد بعد المائة ليس شيئاً غريباً على القدر
شـرق : ألم أقل لك منذ أول لحظة أننا تلاقينا من قبل
غـرب : لولا لقاء التلفريك ما كُنا تعارفنا وإلتقينا من جديد
شـرق : هذا يوم فريد في تاريخ الإنسانية يوم إلتقاء شرق وغرب من جديد
غـرب : أتذكر ما آلت إليه قصتنا قصة عشقنا
شـرق : نعم بالطبع أتذكر أتذكر الأمر كان أمس لقد أرسلت لكِ رسالة عبر الحمام الزاجل تُنبئك بموعد لقاؤنا ليلاً يوم العاصفة الثلجية حتى نفر ونتزوج في القرية المجاورة ثم نعود وقد وضعنا الجميع أمام الأمر الواقع وان لم نستطع الزواج فالإنتحار يكون هو النهاية لقصة حُبنا
غـرب : لكن الحمامه البيضاء سقطت في بركة موحلة وأصبح بياضها سوادا أو بالمصادفة أمسك بها فردين من الجوارين نعم أتذكر أتذكر الأمر كأنه أمس كان الرجلان أعرجان واعميان ومن صاحبي الحدب
ووصلت الرسالة إلى عائلتي وعائلتك وتم التمثيل بنا
شـرق : لقد صلبونا مثل الصابئين أو القديسين
غـرب : وعندما أشرفنا على الموت لجئوا إلى أسلوب أمني قذر شهير معتاد
شـرق : لقد أوهمونا بشيء من الذكاء الشديد أنه لا توجد قصة حُب من الأساس لأنه لا يوجد شرق ولا غرب أي أننا مجانين ونتوهم أنه يوجد طرف آخر نحبه وهو الجوار الآخر
غـرب : وكنوع من الإنتقام الغير مُعلن أو الثورة المستترة أو إيثار السلامة إعترفنا بجنوننا وإحتفظنا بحبنا داخل نفوسنا وصدورنا نائين به وخوفاً من محوه مع الوقت من نفوسنا وأجبرنا على الملاء وعلى رؤوس الأشهاد أن يقف كل منا ويواجه الآخر ويعلق أن الجوار الآخر ليس متواجداً وأنه وهم في وهم وبالتبعية لا يوجد أي من شرق ولا غرب وسط صيحات السعادة من الجوارين ومصافحتهم لبعضهم على الإنتصار
شـرق : وكأن أفراد الجوارين البلهاء يعلنون أنهم شيء
غير متواجد ومع ذلك يصافحون بعضهم يصافحون الوهم وكم في ذلك من بلاهة
غـرب : لقد إتفق الطرفان وتعاهدا على أن يظلا غير متفقين طوال أيام الإنسانية
الإثنان : أما باقي القصة فلا يدري أحدنا عن حياة الآخر شيء فلقد إنقطعت خيوط الإتصال كلها
شـرق : قلت أنك تزوجت وأنجبت وأسست مجتمعات وكياناًت وصار لك أحفاداً
غـرب : نعم بعد أن أجبرت أن أعترف بأنك غير متواجد وأنك ضرب من الوهم بقى على أن أبرهن على صدق ما أعتنق بأن أتزوج من أحد أبناء عائلتي وإبن جواري
شـرق : وكذلك حدث هذا لي بالتحديد لكن هل زوجك كان سيء الخلق مثل زوجتي
غـرب : نعم نعم هذا ما حدث كيف علمت
شـرق : ألم نعترف أن حياتنا كانت شقاء في شقاء
غـرب : لم يغفر لي زوجي أبداً أني أحببت فتى من قبله من أبناء الجوار المُعادي
شـرق : وكذلك زوجتي يبدو أنهم في إختيارها لي كانوا
ينتقمون مني بسبب العاطفة التي حملتها لك في قلبي فلقد كانوا يعتبروني خائناً لجواري
غـرب : وكذلك أنا كان زوجي يعاملني على أني سجينته التي كفرت بجوارها .
الإثنان : لقد اختاروا أبشع وسيلة للإنتقام بتزويجنا من العنصرية في صورة الطرف الآخر
شـرق : لقد شذبت زوجتي العنصرية أوراق شجرة حياتي فلم تثمر قط
غـرب : ولقد عقم زوجي العنصري خصوبة حياتي فلم تنجب قط
شـرق : هل كان زوجك يحب أولاد كما أم يكرههم لإنتسابهم لك
غـرب : على العكس لقد كان يغدقهم بفيض من حنانه بصورة ليس لها مثيل أما معي فله شأن آخر .. كان مزدوج الشخصية وكان يزرع فيهم من عنصريته حتى صاروا وحوشاً عنصرية
شـرق : عجباً إن زوجتي كذلك نفس الشيء كان لها وجهان وجه المنتقمة لجوارها الذي خنته ووجه الأم
الحنون التي تزرع العنصرية في نسلي
غـرب : يبدو أنهم كانوا يخشون أن يرث أولادنا بعض من حُبنا لبعضنا البعض
شـرق : ماذا كانوا يظنون هؤلاء البلهاء أن تستيقظ قصة الحب من جديد بعد وئدها بقسوة في صورة أولادنا
غـرب : لابد أن نعترف يا عزيزي لقد أصابوا الهدف ببراعة وتمزقت الشبكة تمزيقاً غن أولادنا قد صاروا عنصريين من منبت الشعر إلى اخمص القدم
شـرق : لا تقولي أولادنا بل قولي أولادك
غـرب : ماذا يبدو أن الشيخوخة قد اعتملت في عقلك فبدأت ننسى أن بعض أولادك هم العنصرية في صورة آدميين
شـرق : دعك من هذه الإفتراءات لقد إعترفت أن زوجك كان عنصرياً تجاه جواري
غـرب : وكذلك إعترفت أنت أن زوجتك كانت عنصرية تجاه جواري
شـرق : وأولادك هم من أزكوا نار الحقد والبغضاء تجاهنا .
غـرب : وكذلك اولادك أسسو مناهج للعنصرية في صورة حياة معيشية
شـرق : وأولادك صاروا يأخذون من هذه المناهج بدلاً من مناوئتها بل وطورها إعلامياً وقومياً
غـرب : أنظري إلى أقوى أولادك روسيا صاحبة العرقية السوفيتية خُلقت من لا شيء حرباً باردة مع إبني امريكا بالرغم من حبه لروسيا ومده ليد الحب والسلام معها
شـرق : يا للسخرية إبنك أمريكا المغذي الأولى للعنصرية في صورة المذهب الرأسمالي يمد يد الحب والسلام لإبنتي روسيا يا للهزل أغفلت أنه من أشعل الحرب الباردة التي تدعي أن إبنتي هي من أشعلتها بعد إنتصارها في الحرب العظمى الثانية
غـرب : يا للهرطقة تدعى أن ابنتك أو جوارك هو الذي إنتصر في الحرب العظمى الثانية مع أنك تعلم أنه لولا إبني امريكا ما كان الإنتصار ضد ما يسمى بالمحور
شـرق : إن دخول إبنك امريكا كان لحفظ ماء وجهه من
الإراقه بعد حادثة بيك هاربور الشهيرة
غـرب : ودخول إبنتك روسيا الحرب كان دفاعاً عن كرامتها بعد إجتياح أراضيها قبل المحور
شـرق : أتُنكرين أن جوارك يُعادي جواري بإفتعال ما يسمى بالرأسمالية
غـرب : أتنكر أنت أن جوارك ساعد في العداء بإفتعال ما يسمى بالإشتراكية
شـرق : إن رأسماليتك وهما .. محاق في ليلة مُلبده بالغيوم
غـرب : وإن إشتراكيتك خيالاً .. أسطورة خرافية يحيا فيها عالمك
شـرق : أتُنكرين أنك تصدرين الصراعات
غـرب : أتُنكر أنت أنك تلتقط طرف الصراعات لتزكي نار العداء
شـرق : من قسم ألمانيا إلى شطرين وكوريا إلى شمال وجنوب أليس أنت
غـرب : كُنا شركاء معاً هذه أطراف اللعبة .. أغفلت عن الصراعات العرقية في إفريقيا والطائفية في أسيا
التي كنت طرفاً فيها .
شـرق : لا تلمح عن الهوتو والتوتس في افريقيا فيدك مخصبة بالدماء وكذلك بين شطري الهند ومسأله كشمير الناصعة على الخريطة فثوبك لا يزال عالقاً بالجثث .
غـرب : لا تدعي البراءة وإرتداء ثوب الملائكة فنحن شركاء في كل هذا ويكفيني أن ألمح عن ضلوعك في الصراع العربي الإسرائيلي
شـرق : يا للقديسة إسمعوا وعوا يا اهل الأرض الأخت الراهبة غرب تُلمح عني في ماسأة الصراع العربي الإسرائيلي وغفلت أن الكيان المدعو إسرائيل واليد الخفية التي تلاعب به العرقية العربية
غـرب : يا للبراءة أسمعتم يا أهل الأرض الأخ الناسك شرق يقول اني من دفعت بإسرائيل داخل أراضي العرب وأغفل أن إبنته الكبرى روسيا كانت أول من إعترف بإسرائيل بعد قرار مجلس الأمن الشهير الذي شارك في صياغته بصورة أو بأخرى .
(يتشابك الإثنان بالأيادي بعد أن تتساقط العصاتان من أية بهما ثم يسقطان على الأرض وهما يلهثان بلا حراك وقد فقد توازنهما ثم تمر نصف دقيقة وهما بلا حراك فيثبت كل منهما بحافة المقعد المواجه لهما ويحاولان النهوض لكنهما يفشلان ثم يمسك كل منهما بالآخر ويتثبت به وينهضان ببطء شديد حتى يعتدلا وكأنهما سلمان يصعد كل منهما على الآخر وبعد جُهد مُضني يعلو خلاله لهاثهما ينهضان بعد التثبت بالمقاعد ويتهاويان على مقعديهما المتجاورين وكأنهما كان يرفعان أثقالاً وتمر نصف دقيقة )
شـرق : أعترف أني تعلمت درساً قاسياً ومثمراً وهو أني إذا سقطت فلا مُنقذ لي إلا التثبت بك حتى اعاود الصعود
غـرب : وكذلك أنا اعترف أن الدرس كان موجعاً ومُهيناً لكن وامضاً مثل وهج النيران يبدو أن سقوط أي منا معناه النهاية إلا أن ىلم نتشبث بالطرف الآخر
شـرق : ما هذا الذي يحدث لنا يا غرب هل تحول المحبان إلى عدوان
غـرب : لعنة السماء على العنصرية من أضرمت النيران بين جوارينا
شـرق : لولا هذه البغيضة لكان اولادي هم أولادك ولكنا زوجان حتى اللحد
غـرب : أمنية جميلة لكن عسيرة المنال
شـرق : ولماذا عسرها فلنحققها
غـرب : نحقق ماذا
شـرق : أمنية إرتباطنا بالرباط الأبدي المُقدس
غـرب : ماذا نتزوج بعد كل هذه السنوات الطويلة
شـرق : نعم ضعي يدك في يدي وأطلقي لمخيلتك العنان وانظري ماذا ترين
غـرب : أرى أرى نفسي قد عدت لمرحلة الشباب إن الفتيات من حولي كثيرات من ملابسهن البيضاء إن اشبيناتي كثيرات عشرات من الفتيات من رفيقات مرحلتي الطفولة والصبا وجوهن مثل وجوه الفتيات الحور
شـرق : وأنا أرى رجل الدين وقد جلسنا بين يديه يعقد لنا القرآن وحولي حشد من رفقاء الصبا والشباب ان حلتي ناصعة البياض وقبعة رأسى من صوف الماعز الجبلي
غـرب : أرى المدعويين من عائلتي وعائلتك قد شرعوا في تهنئتنا بحرارة وتحول حشدهم إلى مصافحات وعناق
شـرق : أرى أمي وأمك وهن ينثران الملح فوق رؤوسنا ورؤوس الجميع والموسيقى تصدح والعازفين على ألاتهم منخرطين في عزفهم ويتمايلون في نشوى وكانه يوم مشهود في تاريخ البشرية.
غـرب : أرى أرى شيئاً مخيفاً يحدث إن أولادي وأولادك قد إقتحموا العرس نعم نعم إني أراهم وقد إتحدوا في إفشال الزيجه نعم نعم هاهي روسيا مع إبني امريكا ويابان مع إبنتي إنجلترا وهند مع سويسرا وهم جميعاً مرجعيين بالسلاح يطلقون الرصاص عشوائيا على المدعويين
(تسيل دمعاتها)
شـرق : نعم نعم إني أراهم أنا الآخر كندا مع ابنتي فلبين وبرازيل مع إبني إيران ومكسيك مع ابنتي بورما وقد شحذوا أسلحتهم يطحيون برؤوس كل من له صلة بالعرس حتى رجال الدين لم يسلم منهم
( تسيل دموعه)
غـرب : نعم إني آرى كل شيء أمامي إنهم يمثلون برجل الدين وقد غرق في دماءه وملابس البيضاء قد اصطبغت باللون الأحمر بعد ان أمسك أولادي بي وشرعوا في نحر ما تبقى من المدعويين أمامي والدماء تتناثر على ملابس وأنا أصرخ أصرخ وأقول كفى كفى إن مشهد الدماء مُريعاً أستطيع النظر إلى البطون وهي تبقى والرؤوس وهم تتهشم وكذلك أنا كلا كلا كفوا كفوا عن هذه المجزرة البشعة إتركوا ما تبقى من رجل الدين إن مشهد أمعاءه المتناثرة مريع كلا كلا إتركوا الإشبينيات لا أستطيع رؤية مشهد أرحامهن وهي تدمي بعد أن إنترزعت من أحواضهن
شـرق : يا متوحشون إن أرحامهم هي أرحامكم كفى كفى مشهد تحطيم الجماجم مثير للقيء والغثيان إن نثر ما تبقى من الأمخاخ مشهد مريع مخيف .. فزع ما بعده فزع
(يتعانق الإثنان وقد انخرطا في بكاء مرير وقد تعالى نحيبهما ويظل الأمر مستمر لمدة دقيقة ثم يتباعد أو يشرعان في تجفيف دموعهما بالمناديل)
غـرب : ها نحن قد وصلنا إلى نهاية الطريق
شـرق : وأولادنا قد اوصدوه ببراعة فلا نستطيع العودة ولا نستطيع التقدم
غـرب : ماذا جنينا في حياتنا حتى نتجرع كل هذا الظلم والقسوة والجحود والنكران من أولادنا
شـرق : هل نحن من نحركهم أم هم المحركين
غـرب : هل نحنُ الأصل وهم الفروع أم العكس
شـرق : أتذكر ما آل إليه عهدنا إن لم نستطع الزواج منذ مائة عام تقريباً
غـرب : نعم لقد تعاهدنا إما الزواج أو الموت
شـرق : إذن إنه الإنتحار
غـرب : ما أروعه من إنتحار
شـرق : ما أروعها من ميتة
غـرب : سنموت متعانقين بقسوة
شـرق : سنموت متحدان بعُنف
غـرب : حياة شرق بدون غرب هي موت بطيء اعمى بلاقي نفسه متغابيا .
شـرق : حياة غرب بدون شرق هي موت زاحف يدور حول نفسه متجاهلاً .
غـرب : سأنهض يا غرب تجاه غرفة القيادة الشرقية لأفصل سلك التلفريك ليتهاوي بنا نحو قاع سهل العصر الجليدي
غرب : وسأنهض ياشرق أنا الأخرى تجاه غرفة القيادة الغربية لأفضل سلك تلفريك ليسقط بنا في قاع وديان العصر الجليدي
( ينهض الإثنان ببطء وقد إرسم على وجوههي الأسى الشديد وتسيل دموعها ويتجها في بطء نحو طرفي التلفريك وعندما يصلان يتوقفا ببطء ويستديرا ليلوح كل منهما للأخر )
شرق : إلى اللقاء يا غرب
غرب : إلى اللقاء يا شرق
شرق : ترى هل سنتلاقي في الجنة أم في الجحيم
غرب : ليس هاما لأن حياتنا الماضية هي الجحيم بعينه
شرق : وإلتقاءنا هو الجحيم الثاني بعينه الإثنتين
غرب: وإنتحارنا هو الجحيم الثالث بعيونه الثلاث
( يدلف الإثنان من خلال بابي غرفتي القيادة .. وتمر ثوان يرى خلالها إهتزاز التلفريك من الداخل على المسرح بعنف .. وتغيير الإضاءة إلى عشرات الألوان في ثواني معدودة .. وتنقلب المقاعد فوق بعضها .. وتنهار النوافذ ويسمع صوت التلفريك وهو يهوي مثل طائرة نقل ركاب ضخمة .. تتخلل خلفية صوت السقوط أصوات متابينة غامضة .. بكافة اللغات المختلطة .. ثم صوت قصف مدفعي وقنابل مختلفة الأنواع .. ومدافع ألية متابينة الطرازات والعيارات .. وأصوات هدير فرقاطات وبوارج .. وإطلاق صواريخ وعشرات من إرسال البث الإذاعي .. وشفرات الإتصالات المختلفة ودوي هدير الطائرات المقاتلة
النفاثة .. وأصوات صراخ رجال ونساء وأطفال .. مختلطة بموسيقات شعبية وقومية وعسكرية .. تتخللها ضحكات هستيرية ماجنة وصوت أقدام عسكرية الوقع والتأثير .. مختلطة بأصوات من قلب الأدغال لحيوانات وطيور مجهولة النوع .. منها الخرافي والمنقرص والمتواجد ثم يظلم المكان
ستار
احمد ابراهيم الدسوقى
مصر -القاهرة Ahmeddsoky999@gmail.com
الهاتف 23622850
01141634908
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق