مجلة الفنون المسرحية
في اليوم العالمي للمسرح.. فنانو القدس يقاومون بالإبداع
في اليوم العالمي للمسرح.. فنانو القدس يقاومون بالإبداع
خلال القرن الثامن عشر، قال الممثل المسرحي الروسي الراحل قسطنطين ستانيسلافسكي "أعطني مسرحا أعطِك شعبا مثقفا"، لإيمانه بأن المسرح هو المكان المناسب لانطلاق الشرارة نحو الثقافة وتطور المجتمعات.
وحذا المسرحيون الفلسطينيون حذو ستانيسلافسكي مبكرا، ورغم عدم تشجيع سلطات الانتداب البريطاني للمسرح الفلسطيني المحلي، فإن هذا لم يمنع كتابا مسرحيين فلسطينيين من تقديم عدد من المسرحيات التي طُبع منها القليل آنذاك، وكانت مسرحية "هاملت" لشكسبير من أولى المسرحيات التي عرضت في القدس عام 1932.
وبمناسبة الاحتفال السنوي للمسرحيين باليوم العالمي، التقت الجزيرة نت بالمسرحيين المقدسيين كامل الباشا ورائدة غزالة للحديث عن تاريخ هذا الفن في المدينة والتحديات التي تواجهه.
وولد يوم المسرح العالمي إثر مقترح قدمه رئيس المعهد الفنلندي للمسرح الناقد والشاعر والمخرج أرفي كيفيما (1904-1984) إلى منظمة اليونسكو في يونيو/حزيران 1961. وجرى الاحتفال الأول به يوم 27 مارس/آذار 1962 في باريس، تزامنًا مع افتتاح مسرح الأمم.
صدمة أوسلو
وُلد كامل الباشا في القدس عام 1962 وتأثر بالمسرح في طفولته عندما تابع مسلسل "عودة غوار" للفنان السوري دريد لحام، وتطور شغفه بهذا الفن حتى قرر التوجه إلى العراق والالتحاق بكلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد عام 1980. كما انضم إلى مدرسة المسرح التشكيلي غربي القدس عام 1991.
كامل الباشا عمل في التلفزيون والسينما والمسرح ومثل 31 مسرحية |
عمل الباشا في التلفزيون والسينما والمسرح ومثّل حتى الآن 31 مسرحية، وأُنتجت 28 مسرحية من إخراجه، وكتب 18 أخرى نُفّذت وعرضت في فلسطين.
وحول تأثر المسرح في القدس بالأحداث السياسية في فلسطين، قال كامل الباشا إنه تأثر إيجابيا خلال الانتفاضة الأولى التي كانت المحفز للفنانين للوصول إلى كافة الناس وتقديم ما لديهم من محتوى مسرحي ثوري، مضيفا أن المسرح انتعش بشكل لافت أواخر الثمانينيات رغم حالة منع التجول الدائمة والمواجهات مع الاحتلال والحواجز.
وتابع "أذكر أننا توجهنا إلى غزة عام 1991 وأقمنا هناك مدة 25 يوما، قدمنا خلالها عروضا عدة لمسرحية "القميص المسروق"، فرغم الخطر فإن الجو العام كان ثوريا، وثورته مبنية على معطيات الواقع لا على أوهام السياسيين، وأعطتنا الانتفاضة بارقة أمل بأن دولتنا المستقلة على الأبواب".
لم يدم أمل المسرحيين -كشأن الشارع الفلسطيني- طويلا، إذ انتكس المسرح في القدس عام 1993 مع توقيع اتفاقية أوسلو، لأنها شكّلت -حسب الباشا- صدمة لكل الفلسطينيين الذين توقعوا جني ثمار الانتفاضة حينها، ومع مجيء أوسلو تحطم ما بنوه خلالها، وتأسست مرحلة جديدة يعاني من تداعيتها كل فلسطيني حتى اليوم، حسب تعبيره.
وقال الباشا إن التجول بالعروض المسرحية الفلسطينية في العالم يعكس ذلك الوجه الحضاري للشعب الفلسطيني، ويعرّف الشعوب الأخرى بحقيقة القضية الفلسطينية.
وأردف "المتعاطفون مع قضيتنا في أميركا وأوروبا واليابان وغيرها لا يعرفون تاريخ القضية ويعتقدون أن هناك صراعا بين دولتين وقوتين متكافئتين، وبتجوالنا بالمسرح نعمل على إيصال الرواية الفلسطينية لتكون على الأقل موازية للرواية الصهيونية المنتشرة في العالم بقوة، ونحن نخوض هذه المعركة بكل وعي".
وعن هجرة العديد من المسرحيين المقدسيين إلى الضفة الغربية أو خارج البلاد بسبب ضيق مساحة الإبداع، قال الباشا إنه يلتمس عذرا لهؤلاء في ظل التحديات الضخمة التي تواجههم، "فالمسرحيات التي ننتجها لا نتمكن من عرضها لطلبة المدارس الفلسطينيين إلا بشروط تعجيزية، والمسرح الإسرائيلي بدأ يدخل بكل وقاحة على مدارسنا ويقدم عروضا لأطفالنا ولديهم ميزانيات ضخمة.. المساحة تضيق بنا يوميا في القدس".
ماض مختلف
وليس بعيدا عن الإبداع والصمود في المدينة ما زالت الممثلة المسرحية المقدسية رائدة غزالة التي ولدت عام 1972 تمارس هذه المهنة وفي رصيدها عشرات المسرحيات، بعد إتمامها دراسة البكالريوس في المسرح المرئي بالقدس الغربية وحصولها على شهادة الماجستير من بريطانيا في تخصص المسرح والإخراج.
راندة غزالة تتوق الى المسرح الفلسطيني في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي |
رائدة غزالة تتوق إلى المسرح الفلسطيني في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي (الجزيرة)
وتستذكر رائدة حقبة انتعاش المسرح بالقدس في سنوات الثمانينيات والتسعينيات، واصفة مسرح الحكواتي آنذاك بأنه خلية النحل التي احتضنت كل المسرحيين من الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 48.
وقالت "كنا نجلس جميعا في ساحة المسرح نصبّ إبداعنا فيه.. كل البروفات والعروض الافتتاحية للمسرحيات انطلقت من القدس، لكن للأسف أُغلقت الطرقات وتعثر وصول الفنانين إلى المدينة تدريجيا حتى بات مستحيلا، وتفرقنا كل في منطقته".
وفي اليوم العالمي للمسرح تتمنى الممثلة المقدسية أن يؤمن الممثلون بالمسرح كإيمان من سبقهم، لأن هذا الفن يفقد هدفه في اللحظة التي يصبح فيها مجرد وظيفة، "فالمسرح حالة ثورية، وعلى الممثل أن يؤمن بذلك فطريا كي ينجح ويستمر".
-----------------------------------------------
المصدر : القديس - أسيل جندي - الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق