تصنيفات مسرحية

الاثنين، 17 أبريل 2017

الاتجاهات الإخراجية في المسرح الألماني الحديث

مجلة الفنون المسرحية



الاتجاهات الإخراجية في المسرح الألماني الحديث 


الأستاذ المساعد 
أحمد سلمان عطية 

الفصل الأول

مشكلة البحث:
تعد ألمانيا من الدول الكبرى المتأخرة في اهتمامها بالفن المسرحي قياساً ببريطانيا وفرنسا. فبريطانيا بلغت ذروة مجدها في العصر الإليزابيثي على يد شكسبير ومارلو وكيد. وفرنسا سطع نجمها في عصر الملك لويس الرابع عشر على يد كل من كورنيه وراسين وموليير، في حين بقيت ألمانيا حتى أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر لا يذكر لها شأن في هذا الميدان( ).
بيد انها استطاعت وبشكل ملفت للنظر أن تنجب فنانين استطاعوا ان يغيروا من واقع الفن المسرحي عموماً وفن الإخراج خصوصاً، فـ (الدوق ساكس مايننغن)، (ماكس راينهاردت)، (اروين بسكاتور)، (برتولد بريخت)، يعدون من أشهر المخرجين الالمان الذين ساهموا في تطوير فن الإخراج وتقدمه. ليس في ألمانيا حسب، إنما في أرجاء العالم المختلفة.
ويكفي أن أول من أطلق عليه مصطلح (المخرج) بمعناه الحديث هو من ألمانيا نفسها. فالدوق ساكس مايننغن يعد الميلاد الحقيقي لظهور شخصية المخرج في العالم اجمع، لما قدمه من أعمال جليلة ساهمت في وضع أسس جديدة في تحقيق الواقعية بشكل لم يسبق له مثيل على خشبة المسرح، وظهر ذلك في تدريب الممثلين، والدقة التاريخية في المناظر المسرحية والإضاءة والملابس والإكسسوارات، وإلغاء فكرة الممثل (النجم) التي سادت المسرح العالمي فترة طويلة من الزمن.
أما (ماكس راينهاردت) فقد اختلف عن سابقيه، بعدم التزامه الواقعية والطبيعية كما التزمها (الدوق) وأستاذه (أوتو براهم)، وراح ينتهج مناهج وأساليب جديدة ويبدع فيها أيما إبداع. مستفيداً من الاكتشافات والاختراعات الحديثة التي ظهرت ليوظفها على خشبة المسرح. ثم ليخرج عن المسرح التقليدي ويقدم عروضه في أماكن متعددة، لم يكن من المألوف أن تقدم عليها عروض مسرحية من قبل، حتى تميزت أعماله باستخدام المجاميع البشرية الضخمة من الممثلين والفنيين، وبالإسراف والبذخ، من اجل الإبهار.
وإذا انتقلنا إلى المخرج (اروين بسكاتور) نجده لا يقل أهمية عن سابقيه، فهو يعد من مؤسسي المسرح السياسي في العالم، وأكد أن على المسرح ألا يهمل السياسة بأي شكل من الأشكال ، فالمسرح وسيلة من الوسائل التعليمية والتثقيفية في المجتمع وحأول كثيراً الربط بين سياسته الفنية على المسرح، وبين حركة وتحركات العمال (البروليتاريا)، من اجل اتاحة حياة حرة كريمة لهم. وتحقيق حقوقهم المهنية والسياسية والاقتصادية.
أما (برتولد بريخت) فهو صاحب نظرية المسرح الملحمي، هذه النظرية التي غيرت من موازين المسرح المعروفة. وقسم على اثرها المسرح إلى صنفين : المسرح الارسطوطاليسي والمسرح الملحمي. وصار يرى في الإنسان ذاتاً متغيرة وليست ساكنة، وأكد على العقل في تقييم الاحكام وليس العاطفة، هذا المسرح الذي عد الجمهور عنصراً مشاركاً في الاحداث، وليس مشاهداً فقط.
من هنا يأتي الاختلاف في وجهات النظر الإخراجية بين هؤلاء المخرجين الالمان. وعليه فان المشكلة تكمن في طبيعة تعامل هؤلاء المخرجين مع عناصر العرض المسرحي، وما يكتنف هذا التعامل من اختلاف وتشابه من مخرج إلى آخر لذا حدد الباحث مشكلة بحثه بـ (الاتجاهات الإخراجية في المسرح الألماني الحديث).

أهمية البحث :
1. يؤكد البحث على طبيعة تعامل المخرجين الدوق (ساكس مايننغن) و (ماكس راينهاردت)، و (أروين بسكاتور)، (برتولد بريخت) مع (النص المسرحي) و (الممثل) و (الفضاء المسرحي).
2. يشير البحث إلى واقع التطور الذي حصل في فن الإخراج في ألمانيا.
3. التعرف على خصائص كل من هؤلاء المخرجين وتحديد الاختلاف والتشابه في تعاملهم مع عناصر العرض المسرحي.
4. الإشارة إلى طريقة هؤلاء المخرجين والتعرف على أبرز تجاربهم وأسس مناهجهم وفلسفة كل واحد منهم.
5. رفد طلاب كليات ومعاهد الفنون الجميلة والمختصين في الميدان المسرحي بما ستسفر عنه هذه الدراسة من نتائج.
6. رفد المكتبة التخصصية في مجال الفنون المسرحية.


أهداف البحث :
يهدف البحث إلى ما يلي :
1. تعرف طريقة تعامل المخرجين المذكورين مع عناصر العرض المسرحي.
2. تعرف سمات وخصائص كل واحد من هؤلاء المخرجين.

حدود البحث :
1. يشتمل البحث على أربعة من المخرجين الألمان الذين اثروا على المسرح الألماني والعالمي وأثروهما.
2. تتحدد حدود هذا البحث في طبيعة تعامل المخرجين المذكورين مع عناصر العرض المسرحي (النص المسرحي)، (الممثل)، (الفضاء المسرحي).
3. يشتمل على الفترة الزمنية من 1874 – 1962، وهي الفترة التي ظهرت خلالها أول أعمال المخرج الدوق ساكس ما يننغن، وانتهت باخر أعمال المخرج أورين بسكاتور.
الفصل الثاني

المبحث الأول : الدوق ساكس ما يننغن(*)

تؤكد الدراسات التي تنأولت فن الإخراج المسرحي أن ظهور الفرقة المسرحية للدوق جورج الثاني، دوق مقاطعة (ساكس ما يننغن) لأول مرة، واخراجها الجديد في برلين، في الأول من مايس عام 1874 هو الميلاد الحقيقي لظهور مسرح المخرج(**).
فالدوق عمل على الإفادة من الخبرات السابقة، التي استحدثها الذين سبقوه ومعاصروه، وتمثلت في اعطاء فترة زمنية اطول للتدريبات، بعد ان كانت قصيرة، لا تصل بضع ساعات إلى اسبوع في الغالب، والاعتماد على أداء الممثل القائم على الأسس العلمية المدروسة. حتى تمكن من الحصول على ممثلين بشكل جيد متسأوين في الأهمية والقيمة، ساعدته على الغاء فكرة الممثل البطل (النجم)، التي عانى منها المسرح طويلاً فصار كل ممثل بامكانه أن يمثل دوراً "رئيساً" في هذه المسرحية، ودورا "ثانوياً" في مسرحية أخرى. واهتم بتدريب المجاميع الرئيسة، وسعى إلى أن تتماثل هيئة الممثل مع هيئة الشخصية من خلال التدريبات الطويلة والدراسة الدقيقة منذ الأيام الأولى للتمارين.
ومن أجل تحقيق الواقعية في عروضه المسرحية، راح يبحث عن حلول للتناقض بين المنظر المسرحي المرسوم خلف الممثل، والممثل الحي الذي يتحرك على خشبة المسرح، فاستخدم ديكورا "قريبا من الواقع أدخل فيه السلالم والمدرجات ليربط بينه وبين مجموعات الممثلين، وليخلق انسجاما حركيا بينهما بحيث اصبح الوجود الإنساني الحي للمثل على خشبة المسرح – كما يقول : (لي سيمونسن Lee Simonson) هو الوحدة الأساسية للصورة المسرحية"( )، وهو ما يشير إلى فلسفة العرض المسرحي عند (الدوق) القائمة على أساس حركة الممثل داخل الصورة المسرحية، ساعيا وبكل اصرار إلى وحدة هذه الصورة، ومعززا ذلك كله بادخال طريق أكثر واقعية من السابق في الإضاءة.
ولما كان (الدوق) متمكنا من فن الرسم، فقد راح يصمم مناظره المسرحية بنفسه، ويثبتها على خشبة المسرح، ويدع التمارين المسرحية تتم خلال وجودها واهتم أيضاً بالعلاقة بين المساحات والزوايا المختلفة لخشبة المسرح وحركة الممثلين عليه ليخرج بمقاييس جمالية رائعة لها علاقة بأهمية الحدث الدرامي( ).
ومن أجل تحقيق الدقة التاريخية التي تميز بها في أعماله، سعى إلى استعمال السيوف والدروع وواقيات الراس التي تستخدم حقيقة في الحروب( )، واكد على استخدام الازياء والأثاث والاكسسوارات التي اشترط أن تكون منسجمة مع الواقع، منذ الأيام الأولى للتمارين، بعد أن أقدم على تصميمها بنفسه هي الأخرى(*).
لقد كان للدوق أثر كبير على المسرح العالمي، سيما في أوربا بعد أن أذهل المهتمين به بابتكاراته الجديدة، سواء في واقعية المنظر المسرحي والاضاءة وتدريب الممثلين، أو الدقة التاريخية في الازياء والاكسسوارات وهذا افرز لنا عددا : من المخرجين المتأثرين به في كل بلد أوربي زاره وفرقته المسرحية(**).
المبحث الثاني
MAX REINHARDT

2. ماكس راينهاردت(*) :
تمثلت نظرة (راينهاردت) الفلسفية إلى المسرح، على انه مجتمع للمشاركة العاطفية والوجدانية، يجمع فيه الممثل والمتفرج. وصب اهتمامه، في أن يجعل من المسرحية التي يقدمها سهلة الفهم، وخالية من التعقيد، مهما كان شكلها أو طرازها أو الفترة الزمنية التي كتبت فيها.
لذلك نجد الجمهور الألماني والجمهور النمساوي يتلهف وبشوق لمشاهدة نتاجاته المسرحية أينما قدمت. وحينما يعلن عن موعد تقديم إحدى عروضه المسرحية، يقف جمهور برلين وبشغف أمام باب المسرح، منتظرا كل مستحدث من أعماله المبدعة. هذا الجمهور الذي تدرب على ان المسرح غذاء ذهني وعقلي.
كانت فلسفته الكونية تتمثل في أن قدرة الإنسان الخلاقة على تغيير العالم وإعادة خلقه من جديد، وبما يخدم الإنسانية، مستمدة من قدرة الله. وان المسرح له القدرة على صنع الإنسان والمجتمع من جديد، سيما أن وظيفة المسرح – عنده – هي الكشف عن الحقيقة، حقيقة الروح الجوهرية للإنسان وان حب الإنسان للمسرح شيء غريزي سواء كان ممثلا أو متفرجا.
إن إحدى سمات العمل عند (راينهاردت) بوصفه مخرجا، هي اعتماده نسخة الإخراج (السكربت). وفيه يسجل كل الملاحظات التي ينطق ويتلفظ بها في كل جلسة من جلسات التدريب، حتى يصل (السكربت) في محتواه على ملاحظات تصل إلى خمسة أو ستة أضعاف النص المسرحي نفسه، صحيح أن (الدوق ساكس ماننغن) كان أول من وضع نسخة الإخراج، إلا أنها كانت لا تتعدى تسجيل حركات الدخول والخروج من وإلى خشبة المسرح، وبعض الملاحظات البسيطة عن المناظر المسرحية والأزياء. بيد أننا نجد نسخة الإخراج عند 
(راينهاردت) تأخذ وجهات نظر جديدة ومتطورة، انها تسجل الأهميات الفنية، تكتب تحديدا درجات الصوت، والتونات وتغيراتها وانتقالاتها عند كل شيء ممثل، وفي كل مشهد تسجل الصمتات التي تخترق بعض ادوار الممثلين.
تدون المعاني الحسية والموسيقية لكا مشهد توضح حالة الإضاءة المسرحية وألوانها وقوتها وضعفها. تسجل الانتقالات بكل ما فيها من عمل تقني وحركي وأداء تمثيلي من مشهد إلى مشهد آخر يتلوه. تدون المؤثرات الصوتية من ضوضاء إلى أصوات طبيعية وغير طبيعية وموسيقية، بما فيها من رعد وبرق وأمطار ورياح"( )، لذا كانت نسخة الإخراج (السكربت) قاموساً لغوياً مسرحيا يجمع كل صغيرة وكبيرة في العرض المسرحي، ولا يجوز لأحد أن يعمل على تغييره.
واستطاع (راينهاردت) أن يستغل كل وسائل العرض المسرحي المتوفرة في عصره للوصول إلى أقصى درجات التأثير الفني من خلال انتقائه للأسلوب المناسب لكل عرض مسرحي، وصهر كافة العناصر المسرحية للخروج منها بطريقة جديدة أو بشكل جديد يبهر المشاهدين. ومن خلال سيرته الفنية الطويلة في العمل المسرحي، يمكن اعتباره من الذين لا يتمسكون بمذهب واحد أو بأسلوب ثابت.

راينهاردت والنص المسرحي :
تعامل (راينهاردت) مع النص المسرحي على أساس ما يوحي إليه هذا النص من أفكار جديدة، يترجمها إلى أشكال وصور وحركات على خشبة المسرح، وعمل على الحد من طغيان الكلمة المنطوقة والتأكيد على الحركة. وهي نفس النظرة التي سبقه إليها كل من المخرجين (آﭙيا) و (كريج). وقد ظهر هذا الاتجاه واضحا في مسرحية (المعجزة) التي أخرجها عام (1911) والتي خلت من الحوار، واعتمد فيها على أسطورة من القرون الوسطى(*).
ومن خلال تعامله مع النصوص المسرحية، لم يكن يسعى وراء الدقة في تمثيلها كلما كانت تقدم زمن مؤلفها، إنما كان يقصد تقديمها بشكل جيد يتناسب والعصر الذي تقدم فيه. لذلك أصبحت المسرحيات التي أخرجها تحمل طابع شخصيته، وليست شخصية المؤلف. وبذا أصبح هو المؤلف الثاني للنص المسرحي حين فرض رؤيته الفنية على الإنتاج.


راينهاردت والممثل :
كان (راينهاردت) يحدد حركة الممثلين مسبقاً في (نسخة الإخراج) وقبل بداية التمرين. ويفرض عليهم أن يتبعوا إرشاداته بكل دقة. وكان يعدهم إعداداً جيدا على هذا الأساس. كما انه رفض مبدأ النجومية في التمثيل، الذي يقضي بان تعطى الأدوار الرئيسية للمثلين البارزين في الفرقة فقط، فاسند الأدوار الكبيرة والصغيرة لكل الممثلين، يقول جيمس لافر : "وكان عدم ممارسته لنظام الكواكب "STAR SYSTEM" يتيح له أن يستعين بكبار الممثلين والممثلات في الأدوار الصغيرة مثل الأدوار الكبيرة"( )، وخدمته هذه الطريقة كثيرا في تطوير عمله دون إجهاد مع مجموعته خلال التدريب، وبذلك استطاع أن ينافس (ستانسلافسكي) في كيفية ادارته لمجموعة الممثلين.
ولم يكن يعامل الممثلين كأفراد، ففي الغالب كان يعاملهم كمجاميع، وكأنهم فرقة أوركسترا، فيوزع الممثلين إلى مجاميع صغيرة، ويوزع الحوار على هذه المجاميع الصغيرة، وبجمل مختلفة، لتنطقها هذه المجاميع وكأنها شخص واحد.
وتنغم بأنغام مختلفة تتناسب والموسيقى المستخدمة، وغالباً ما كان يخلق الألفة بين الممثل والمشاهد مما يحدث تداخلا بينهما، بحيث لا يمكن التمييز بعد ذلك من منهم الممثل، ومن منهم المشاهد.
لقد اعتمد هذه الألفة أيضاً من أجل كسر الإيهام الذي يرمي إلى أن ما يقدم حقيقي وهو شريحة من الواقع، وأكد على حالة اللاوهم في أعماله، والتي تدعو إلى أن ما يقدم ليس تصويرا للواقع.


راينهاردت والفضاء المسرحي :
كانت العروض المسرحية الضخمة التي قدمها (راينهاردت)، والتي اعتمدت على الإبهار، تحتاج إلى أماكن جديدة تتناسب وطبيعة الفضاء المطلوب. فلم يعد يكتفي بالمسارح التقليدية المتوفرة آنذاك، وبدأ يقدم عروضه في أماكن واسعة فسيحة مثل (سيرك شومان)، أو أمام الكاتدرائيات، سيما كاتدرائية سالبروج (Salburg) نظرا للأعداد البشرية الكبيرة التي استخدمها في التمثيل واستعان في تصميم مناظرة على من لم يكونوا أصلا مختصين في تصميم المناظر المسرحية، فمن وجهة نظره أنهم ماداموا يستطيعون تجسيد فكرة العمل فمن غير الضروري أن يكونوا مختصين في تصميم المناظر المسرحية.
واستطاع (راينهاردت) أن يجمع بين المسرح الإغريقي القديم، وبين المسرح الحديث بتجاوزه اطار المنصة، بعد أن لمس إمكانات المسرح المدرج. فقدم بعض المسرحيات الإغريقية الناجحة مثل مسرحية (أوديب الملك) (*) واستفاد من طبيعة المسرح في العصر الوسيط، فقدم بعض المسرحيات الأخلاقية ومسرحيات الأسرار، مثل مسرحية (المعجزة).
واشتهر (راينهاردت) باستخدامه للمنصة الدائرية المتحركة التي امكنته من تقديم مشهدين أو ثلاث أو أربعة مشاهد، دون عناء في تبديل الديكور، فقد استعمل في المسرح الدوار في اخراجه مسرحية (حلم منتصف ليلة الصيف) (*) لشكسبير عام 1905 على مسرح (NEUES THEATRE) مقيما على خشبة الأرضية لخشبة المسرح. مستعيضا عنها بإضاءة قوية عالية واضحة تصدر من بروجكترات معلقة فوق المسرح والصالة، وتشاهد بوضوح من قبل الجمهور( ).
إن أعمال (راينهاردت) لم تكرر نفسها، فلم يكن قد قدم عملين متشابهين بل كان يستخدم في كل عمل ديكوراً جديداً ومناظر جديدة، وتقنية فنية جديدة فمسرحية (قيصر وكيلوباترا) قدمها عام (1904) وعام (1924) ، وكان العرضان يختلفان كل الاختلاف في كل مرة.
ورغم الأعمال العديدة التي قدمها (راينهاردت) وبمختلف الأساليب والطرائق سواء على المسرح الكبير (NEUES THEFRE) الذي كان يقدم أعماله لعامة الناس، أو على المسرح الصغير (KLEINES THEATRE) إلي تقدم أعماله للخاصة، والذي يضم مائتي كرسي فقط. لم يدع أسلوبا معينا يسيطر عليه. ومن أجل الإبهار استخدم أغلى الأقمشة وأفخر الإكسسوارات.
أما الإضاءة، فقد اعتمد بالدرجة الأولى على ابتكارات كل من (آﭙيا) و (كريج) في هذا المجال فاستخدم الإضاءة استخداماً جيداً، نوع في إتقانها واستثمر كافة الاكتشافات الميكانيكية على خشبة المسرح بعد أن دمج المسرح بالصالة لخلق الصلة المباشرة بالجمهور.
في بعض الأحيان، كان يستخدم مناظر مسرحية تختلف عن مكان وقوع الأحداث، أي أنه اهتم بالطرازية، ولم يهتم بتاريخية الأحداث، ففي مسرحية (الأميرة توراندوت) مثلا – وهي من الكوميديا دى لارتا وتقع أحداثها في الصين – كانت المناظر المسرحية والأزياء قد اعتمدت على رسوم مأخوذة من رسوم أوربية من القرن الثامن عشر.
إن فلسفة (راينهاردت) تتمثل في أن لكل مسرحية أسلوبها الخاص، ولا يهمه أي أسلوب يختار بقدر ما يهمه نجاح العمل المقدم جماهيريا، وتقريب طرفي القضية في العرض المسرحي، الممثل والجمهور، إلى أكبر حد ممكن، وخلق المودة والألفة والصداقة بينهما.

المبحث الثالث
اروين بسكاتور(*) :
يعد (بسكاتور) أحد مؤسسي المسرح السياسي في العالم، ويرى أن على المسرح ألا يهمل السياسة في ريبرتواره أو دراماته. وان يمتزج كل من المسرح والسياسة بالآخر ويفسر (بسكاتور) فلسفة المسرح السياسي الذي تبناه، بأن فكرة الفن للفن ما هي إلا تسلية عابرة ومؤقتة. لذا ينبغي على الفن أن يكون معملا وتربية أخلاقية، فالمسرح من وجهة نظره، وسيلة من الوسائل التعليمية، ولا يعني بتقديم الإنسان المعزول، ضحية الصراعات الداخلية كما هو عند التعبيريين. إنما يتجه لإبراز الإنسان السياسي الحامل لبذرة الثورة، والذي هو أنموذج طبقته. فمثل هذا الإنسان جدير بالصعود على خشبات المسارح، وتجسيده في الدرامات، لإظهار أبعاد التاريخ، وإظهار موقف الإنسان في مواجهة المجتمعات الظالمة، وإظهار قدر الشعب كمجموع، قبل قدر الإنسان كفرد. بل والتعرض إلى قدر العصر نفسه( ). فكانت وظيفة المسرح السياسي عنده تتمثل في خدمة الحركات الثورية السياسية لصالح المجتمع.
ولهذا أعلن (بسكاتور) ارتباط سياسته الفنية، بسياسة وحركة وتحركات طبقة العمال (البروليتاريا)، والكادحين، والمواطنين العاديين. من اجل إتاحة حياة حرة كريمة، ترفع من آدميتهم، وتحقق حقوقهم المهنية سياسياً واقتصادياً( ).
وكان هدف (بسكاتور) إتاحة الفرصة أمام الشعب لمشاهدة المسرح، والتأثر بما يقدم عليه من مسرحيات، سيما التي تتسم بالسياسة. وتلقي الضوء على المشكلات السياسية والانتفاضات الوطنية.
واستطاع هذا المسرح في النهاية، استغلال المشكلات السياسية لصالحه، وتنوير الجماهير سياسياً، وتعبئتها وجدانياً وعاطفياً. ولم يكن هدفه تقديم متعة جمالية للجمهور، بقدر ما يدفع هذا الجمهور إلى اتخاذ موقف عملي من القضايا التي تهمه وتهم بلاده. ذلك أن المسرح عنده، يعني برلمانا، والجمهور هو الهيئة التشريعية( ).

بسكاتور والنص المسرحي :
وانطلاقاً من هذه المبادئ التي التزم بها (بسكاتور) صار همه وشغله الشاغل هو البحث عن النص المسرحي الذي يناقش المفاهيم السياسية الثورية في إطار من الوضوح والفهم. فكان لابد من النهوض بفكر المؤلف المسرحي وتنميته من أجل أن يتعرف على أمور السياسة، وأن يحلل أعمال وتصرفات السياسيين ليصبح كالمعلق السياسي في الإذاعة تماماً. يرى الأحداث، يستنتج منها الحقائق. فالمسرح عند (بسكاتور) "... لا يهتم بتقليديات الكتاب المسرحيين بقدر اهتمامه بخشبة المسرح والشكل الوطني والإحساس العام الذي يجب أن يتولد حتى تنبع أحاسيسه من مسرحيات منتزعة من أحاسيس الشعب ... والكادحين ومعبرة عنها"( ).
وبما أن مثل هذه النصوص لم تكن متوفرة لديه، سيما ما يتناسب مع أفكاره ورواءه الفنية والسياسية، فقد اكتفى بجمع مادته من الوثائق والمستندات وصفحات المجلات والصحف ليقدمها على خشبة المسرح، مستعيناً بالرسوم البيانية والتوضيحية والشعارات والتعليقات، واللافتات، والأفلام الوثائقية والفانوس السحري( ).
وعمد إلى تحويل عدد من المسرحيات الكلاسيكية والتاريخية القديمة إلى شكل جديد يخضع للفكر السياسي، ويمس حياة جماهير الشعب الألماني. وينتهي بالعرض المسرحي إلى شكل عصري جديد، بعيد عن صورته الأولى. يقول بسكاتور : "إن رسالة المسرح اليوم لا يمكن أن تتلخص في سرد الأحداث التاريخية كما هي، فقط لا غير. على المسرح اليوم ان يستخلص من هذه الأحداث دروساً قيمة بالنسبة للحاضر، وان تتخذ قيمة التنمية ببيان علاقات سياسية واجتماعية حقيقية أساساً، وبالتالي نحاول نحن أن نتدخل في مجرى التاريخ في حدود قوانا"( ) لذلك لم يكن المخرج عنده مفسرا للنص المسرحي ولا أميناً عليه.

بسكاتور والممثل :
أراد (بسكاتور) من الممثل أن يكون هاويا أكثر منه محترفاً، وذلك لطبيعة الهدف الرئيسي لمسرحه. وهو توعية وتثقيف الجمهور وتحريضه، بيد أن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال إلغاء شخصيته تماماً، رغم أنه كان مستعداً لأن يعمل حتى بدون ممثلين( )، ولم يوفق في تحقيق سعاه.

بسكاتور والفضاء المسرحي :
وبما أن فلسفة (بسكاتور) في المسرح تؤكد على تعزيز الوعي الطبقي لجمهوره البروليتارى. فكان لابد من استثارة النقاش أكثر من إثارة الإعجاب والإبهار.
ونظراً لأن الطبقة البروليتارية، تمثل شريحة واسعة في المجتمع الألماني ولا يسعها مسرح صغير، فقد سعى إلى تقديم عروضه المسرحية في بناية مسرح تتسع لأكبر عدد ممكن من المتفرجين وبأجور رمزية زهيدة تسمح بدخول ذوي الدخل المحدود. الذين لا يستطيعون ارتياد المسارح البرجوازية الباهظة الثمن.
وقد استخدم (بسكاتور) في مسرحه (الملحمية) كشكل مسرحي بسيط ومباشر ومضاد للتعبيرية، ساعيا إلى تزويد الجمهور بخبرة جديدة واستنتاجات يلتقطها من الحياة نفسها، ليصبح عنصراً مشاركاً فعالاً في العرض المسرحي.
واستفاد من التقدم العلمي والتقني الذي ساعده كثيراً في تقديم عروض مسرحية أبهرت الجمهور، مستخدماً الإضاءة الكهربائية والآلات الثقيلة المعقدة، كالرافعات وخشبات المسرح الدوارة، والمنزلقة، ومسارح المصاعد، والأحزمة الناقلة المتحركة طولاً وعرضاً وعمقاً.
ولما كان مسرحه يهدف إلى تقديم أحداث تاريخية معاصرة، تهم حياة الجمهور الألماني ومصيره في نهاية الحرب العالمية الأولى، والإفرازات التي ظهرت بسببها فقد كان أحد الرافضين للحرب، مهما كانت أسبابها ودوافعها.
واستخدم من أجل تحقيق هدفه الأفلام السينمائية والشرائح الفلمية والفانوس السحري، والشعارات المكتوبة المتدلية من إطار فتحة المسرح والإضاءة الكشافة الموجهة للجمهور، وأصوات السيارات على الخشبة ومكبرات الصوت ولوحات الإعلان، والابتكارات التي أتاحتها الاكتشافات الحديثة، ومحاولاً الربط بين خشبة المسرح وصالة الجمهور لتأكيد الجانب السياسي والثوري والتمردي في آن واحد.
وقد اعتمد (بسكاتور) اعتماداً كبيراً على الرسام (جورج جروس GEORGE GROSS) في تصميم المناظر لأغلب أعماله المسرحية. ففي مسرحية (السفينة التائهة) استعمل الإضاءة (PROJECTIAON) والفانوس السحري لعرض الصور ولتحديد خشبة المسرح، ثم عرض مقطعاً من شريط سينمائي لعكس الظروف السياسية والبيئية( ).
وفي إخراجه لمسرحية (راسبوتين) لتولستوي والتي عرضت على مسرح نولندورف والتي أراد من خلالها أن يحكي قصة مصير أوربا من عام 1914 إلى عام 1917 استعان (بسكاتور) بالوثائق التاريخية التي كانت القاعدة الأساسية للمسرحية.
وكان المنظر المسرحي عبارة عن بانوراما ضخمة تبدو كمقطع من الكرة الأرضية تدور فوق قاعدة، هذه البانوراما تستخدم لعرض الأفلام السينمائية التي تصور الأحداث السياسية والعسكرية الهامة من فترة خدمة (راسبوتين)، في بلاط القيصر (رومانوف) وقد استخدم ثلاث آلات للعرض السينمائي. وفلم طوله ألفي متر. وعلقت، شاشة أخرى وشريط علوي، تظهر عليه الهوامش وتتابع الأحداث والتواريخ( ).
كانت الآلية على المسرح الذي استخدمه (بسكاتور) ثقيلة إلى درجة أدت إلى بناء أرضية خشبة مسرح (نوليند ورف) من الحديد والاسمنت المسلح.
وفي المنظر لمسرحية (مغامرات الجندي الشجاع شفايك) عن قصة للكاتب الروماني (ياروسلاف هاسك) التي أخرجها (بسكاتور) عام (1928) استعمل قرصين دوارين، يدوران باتجاهين مختلفين، أحدهما الشخصية الرئيسية (شفايك) والثاني للشخصيات الأخرى، فكان (الجندي شفايك) يبدو كما لو أن بساطاً يدور به. وفي عمله الأخير الذي قدمه عام (1962) بعنوان (بيت آل اتريوس) وهو إعداد لأربعة مسرحيات شعرية كتبها (هاوبتمان)، استخدم خشبة مسرح شفافة تضاء من الأسفل، وتصميمها بأسلوب ياباني، وستائر متدلية ومدارات رمزية ملونة باللون الأحمر والأسود والذهبي( ).

المبحث الرابع

برتولد برنخت(*) :
شهدت مسرحيات (بريخت) انتشاراً واسعاً في مختلف بقاع العالم، سيما بعد وفاته مباشرة. وتناول أعماله المسرحية كثير من المخرجين(**) بالتعديل والتطوير فقد أوجد نظرية جديدة في المسرح خالف بها قواعد أرسطو المعروفة، وأطلق عليها اسم (نظرية المسرح الملحمي) بعد أن أحس بتدهور المسرح الأوربي في العشرينات من هذا القرن.
ويرى (بريخت) أن نظرية المسرح الملحمي تتعلق بأداء الممثل، وتكنيك خشبة المسرح والنص المسرحي، والموسيقى المسرحية، واستخدام السينما وغيرها من الوسائل التعليمية على خشبة المسرح. وإن ما هو مهم في المسرح الملحمي هو مخاطبة عقل المشاهد وليس مشاعره، ذلك أن المشاهد (الإنسان) قابل للتغيير بصورة مستمرة وليس ذاتاً ساكنة، ووجوده داخل المجتمع هو الذي يخطط مسيرة فكرة. وعلى ذلك فالعقل هو الأصل في الكيان الثقافي عند الإنسان لا الشعور الذي يأتي من بعده من حيث الترتيب في سلم الرقي والتقدم.
بدأ (بريخت) عمله في الإخراج المسرحي عام 1924، حين أخرج مسرحية (ادوارد الثاني)(***)، التي اقتبسها عن (كريستوفر مارلو)، بعد أن اكتسب شهرة طيبة في ألمانيا كمؤلف مسرحي، وبعد أن كان يعتمد في إخراج أعماله الأولى على مخرجين آخرين.
وفي هذا الإخراج، اتضحت البدايات الأولى لأسلوبه المسرحي، الذي استخدم فيه الأغنية والإنشاد، مطوراً تراثه الأول من أغنيات الكابرية، فالأغنية عنده تتسم بأنها ذات طابع إيمائي، وأداة إيحاء. وتعبر عن المواقف الأساسية من الأحداث والكلمة التي تلقى.
ويطالب (بريخت) من المخرج ألا يلجأ إلى خلق الأجواء الغامضة المذكية للخيال والمثيرة للعواطف. كما يدعوه إلى استعمال كل الوسائل المسرحية التي يمتلكها ويرى أنه من الضروري أن توزع الشخصيات إلى مجاميع على خشبة المسرح. وتحريكها لخلق صور جمالية، والكشف عن مجمل منظومة الحركات أمام الجمهور( ). ففي مسرحية (انتيغونا) لسوفوكليس التي أخرجها في سويسرا، طلب من الممثلين أن يجلسوا على حافة خشبة المسرح أمام الجمهور قبل بدء العرض وأن يتناولوا الساندويش خلال قراءتهم للصحف المسائية، ومن ثم يرتبوا ملابسهم. وعند اقتراب موعد العرض ينهضوا ليتموا استعداداتهم الأخيرة قبل وقوفهم على خشبة المسرح لبدء العرض.

بريخت والنص المسرحي :
إن مسرح بريخت الملحمي، مسرح سردي، لا يمثل الأحداث، بل يعرضها عرضا على خشبة المسرح. وبالتالي يجب تذكير المشاهدين في كل لحظة من لحظات العرض المسرحي أنهم لا يشاهدون أحداثاً حقيقية وقعت لحظة مشاهدتها، بل وقعت في الماضي، لأنهم لا زالوا جلوساً في قاعة المسرح.
لذلك فان هذا المسرح لا يؤمن بالإيهام، ولا يقر الاندماج الكامل. لأن زمننا المعاصر كما يرى بريخت، لم يعد كما كان عليه زمن آبائنا وأجدادنا، حين كان للقدر دور كبير في مجريات الأحداث. يقول بريخت : "كوارث اليوم لا تقع على شكل خطوط مستقيمة بل على شكل أزمات دورية، و "الأبطال" يتغيرون في كل مرحلة جديدة، إنهم يتبادلون الأدوار وهكذا الخط البياني للأحداث يزداد تعقيداً بسبب الأحداث الخاطئة. القدر لم يعد القوة الوحيدة، والأقرب إلى الاحتمال الآن أن نجد مجالات قوة ذات تيارات تسير باتجاهات متعاكسة وفي مجاميع الدول يلاحظ ليس فقط تحرك مجموعة ضد أخرى بل وتحرك دولة ضد دولة داخل المجموعة الواحدة( )، لذلك يرى (بريخت) أن النص على الطريقة الأرسطوطاليسية ما عاد يتناسب مع إنسان هذا العصر المتغير، والذي يعيش في عالم شديد التغير. فجاء بنصوصه الملحمية قاصداً أهدافاً عملية، يبين من خلالها العلاقات المتغيرة بين الناس. وعبوديتهم للظروف السياسية والاقتصادية، وبالتالي إيقاظهم للثورة على هذه الظروف المفروضة، والتصدي عملياً لتغييرها من خلال تعليمهم وتوعيتهم فوظيفة المسرح عنده لا تتمثل في تصوير الأوضاع غير الطبيعية في العالم، بل إقامة الأوضاع الطبيعية.
ولا يعتمد بريخت في نصوصه على الأسلوب التعليمي حسب، بل الترفيهي أيضاً، لأننا في الوقت الذي نجده يقترب من قاعة المحاضرات التي يحضرها الناس ليستفيدوا من معلوماتها نراه يقترب أيضاً من ساحة السيرك حيث يستمتع المشاهدون بما يرونه دون أن يتقمصوا الشخصيات. إلا أن الفارق بين المسرح وبين قاعة المحاضرات وساحة السيرك، هو أن المسرح يقدم عرضاً حياً إنسانياً لأحداث تاريخية أو متصورة جرت في الماضي، ولا يرمي إلى وعظ الناس بقدر ما يرمي إلى تعليمهم واستفزازهم يقول بريخت : "إن الهدف من أبحاثنا يركز على إيجاد الوسائل الكفيلة بإزالة الظروف الاجتماعية المذكورة التي يصعب تحملها"( ). ولم يرد بريخت من نصوصه أن توفر انعكاساً شفافاً للواقع بإتاحة الفرصة لفهم هذا الواقع حسب، بل أراد منها أن تنقل للجمهور متعة التعلم وتجعل صورة هذا الواقع الذي يتغير تثير عند الجمهور روحاً طيبة أيضاً.

بريخت والممثل :
من الناحية الأسلوبية، لا يعد المسرح الملحمي ظاهرة جيدة بأي شكل من الأشكال سيما تشديده على أداء الممثل. هذا التشديد الذي أضفى عليه سمة العرض لا التمثيل، لأنه يرتبط بصفة نسب مع أقدم أشكال المسرح الآسيوي، فبريخت استلهم مصادره من المسرح الشرقي سيما الصيني والمسرح الياباني.
ففي موسكو عام (1935)، تعرف بريخت على المسرح الصيني عن طريق أحد الممثلين الصينيين المشهورين ويدعى (سي لانغ فنغ)، وكتب دراسة عنوانها (أثر التغريب في أداء الممثلين الصينيين). وهي دراسة نشرت لأول مرة عام 1936 باللغة الانكليزية.
وتأثر (بريخت) بمسرح (النو) الياباني بعد أن ترجمت صديقته (اليزابيث هأوبتمان)(*)، عدداً من الأعمال المسرحية اليابانية نقلاً عن ترجمات انكليزية أيضاً.
وقد أعجبته المسرحيات اليابانية، لأنها تقدم في حيز خال من المناظر المسرحية تقريباً وأداء الممثل فيها مؤسلبا، ووجهه خالياً من أي تعبير أو مقنعاً، وقطع الديكور قليلة جداً، ولها دلالات مباشرة، وبشكل عام كانت هذه المسرحيات تتميز بالبساطة(*). لذلك كان المسرح الملحمي يتألف من اندماج عنصرين هامين رئيسيين هما العنصر الشكلي، والعنصر الفكري، ويرى بريخت أن من غير الممكن الفصل بينهما.
إن عرض الشخوص والأحداث عرضاً على خشبة المسرح، وابتعاد تقمص الممثلين لهذه الشخوص أطلق عليه اسم (التغريب) (**) وهو ما ينفي عن الممثل صفة التمثيل، ويحوله إلى مجرد عارض للأحداث رغم أن الممثل لا يتحتم عليه القيام بدوره التمثيلي والإجادة فيه، بل عليه وهو يجيد دوره أن يبتعد عنه جهد طاقته( ).
إن التغريب يعني الخروج عن الأمور المألوفة في الفعل المسرحي، فالأمور غير المتوقعة تحدث فجأة، والتسلسل المعتاد للأحداث ينتفي وجوده، وينفصل الممثل عن دوره، لا بمعنى تناقضه مع دوره، بل عرضه لهذا الدور، وكأنه يعرض حادثة معينة، أو يرويها، أو يتساءل عنها، محركا ذهن الجمهور بطريقة الاستفزاز لمحاكمته عقلياً، وليتخذ الجمهور نفسه القرارات الحاسمة، أو يجيب عن تلك التساؤلات( ).
ويهدف (التغريب) إلى تحويل الأشياء المدركة والاعتيادية إلى أشياء خاصة ملفتة للانتباه بشكل مفاجئ، وتصبح الأشياء البديهية أشياء غامضة بهدف أن تصبح أكثر فهماً وإدراكاً. ومن أجل التوصل إلى هذه الحالة. دعا (بريخت) إلى نبذ التصور المتعارف عليه، وهو أن الأشياء المألوفة لا تحتاج إلى إيضاح. فالتغريب اذا ".... هو تقنية تناول الأحداث الاجتماعية الإنسانية المطلوب تصويرها وتسميتها على اعتبارها شيئاً يدعو للتفسير والإيضاح، لا مجرد أمر طبيعي مألوف. والعرض من هذا (التأثير) هو السماح للمتفرج أن يلجأ إلى النقد بشكل بناء من وجهة نظر اجتماعية"( ). إن تغريب أية حادثة ببساطة يعني تخليص تلك الحادثة من بديهيتها ومألوفيتها واستبدالها بالدهشة أو الفضول. والعالم إذا عرض على أنه غريب، فلابد أن يوقظ الرغبة في المشاهد على تغييره.
وهناك عصر آخر من أسلوب الأداء الجديد عند (بريخت) وهو (الجست GESTOS) وهي الحركات أو الإيماءات الاجتماعية. والحركات لا تعني فقط حركة الممثل العادية إنما تصرفاته وردود أفعاله وألعابه الجسمانية.
و (الجست) هنا تعني : الحركة والكلام والموقف والموسيقى، التي تنكشف ليس فقط بالوسائل السيكولوجية، بل عبر التصرفات والحركات أيضاً( ).
و (بريخت) يبتعد عن المناقشات الطويلة أثناء التدريبات، سيما التي تتعلق بالجانب السيكولوجي. ويتحدث مع ممثله بصوت عال، ويصرح بمقترحاته من صالة الجمهور ليسمعها الجميع، مع بقائه على طبيعته الهادئة. وحين يقترح أحدهم بمقترح جيد يوافق عليه في الحال، ويذكر اسم صاحب الاقتراح أمام الجميع أيضاً ناشداً من ذلك إضفاء صفة الجماعية على العمل.
ولا يدعى (بريخت) أنه يعرف كل شيء عن المسرحية أفضل من الممثلين، ويتخذ موقف غير العارف، مما يعطي انطباعاً بأنه لا يعرف فعلاً مسرحيته معرفة جديدة. إنه يحاول من ذلك تعليم الممثلين، كيفية عرض المسرحية على المسرح إنه يحاول فقط أن يكتشف من خلال التدريبات( ).
يقوم التكنيك الإخراجي عند (بريخت)، على أن الممثل يجب ألا يؤدي دوره كما لو كان يجسد الشخصية التي مثلها، بوصفة راوية يسرد أفعالاً قام بها شخص آخر في زمن سابق، فالممثل إذا أراد أن يؤدي دور إنسان يتألم يفعل ذلك بمعزل عن تقمص الشخصية "وكأنما يقول للمشاهد : "أنظر! هذا الشخص الذي اؤدي دوره يتألم، ولكن مهلاً : حذار أن تندفع فتتوحد به وتتألم معه، لأن ذلك لا قيمة له. المهم هو أن نعرف، أنا وأنت، ما الذي يجعله يتألم، ثم نفكر معاً ونتدبر، ونعمل ملكاتنا الناقدة، فإذا ما اقتنعنا بآلامه، ذهبنا نبحث عن مسبباتها في وجوده الاجتماعي حتى نعمل معا على إزالتها( ). بيد أنه لا يتعين على الممثل  وهو يعرض الشخصيات على خشبة المسرح أن يرفض نهائياً وسائل التقمص. أي أنه لا يسمح للمثل أن يتقمص الشخصية بصورة كاملة، انه يعرضها ويصور طريقة تصرفها بقدر معرفته بالناس، من غير أن يوحي أنه قد تقمص الشخصية بصورة كاملة. انه ملزم فقط بعرض الشخصية، لا أن يعيش الشخصية. ولمنع عملية التقمص الكامل للشخصية. ارتأى (بريخت) أن يستند الممثل على وسائل ثلاث، تمكنه من ذلك :
" 1. النقل على لسان الشخص الثالث.
  2. النقل بالزمن الماضي.
  3. قراءة الدور إلى جانب التعليمات والملاحظات"( ).

ويتعين على الممثل أن ينسى ما تعلمه عندما كان يحاول أن يحقق بواسطة تمثيله الاندماج الانفعالي بالشخصيات التي يتقمصها، وعليه أن يتحرر من الرخامة في الإلقاء والتي تشغل المشاهد من استيعاب معنى الكلمات، بل عليه أن يضفي على صوته وفرة في الزخرفة الصوتية. كما يطلب منه أن يقدم عملية التمثيل بوصفها مشهداً فنياً، وان لا يخدع الجمهور، كما لو أن الواقف على خشبة المسرح ليس الممثل، بل الشخصية المتخيلة. وألا يخدع الجمهور كما لو أن ما يجري على المسرح. إنما يجري للمرة الأولى والأخيرة، وأن الدور الذي أسند إليه لم يكن مدروسا من قبل.
وينصح (بريخت) الممثل حين قراءة دوره أن يتبع الخطوات الآتية :
1- ألا يتناول دوره باستعجال.
2- أن يختار في الحال النبرة الطبيعية جداً لنصه.
3- أن يختار أكثر الوسائل ملائمة لإلقائه.
4- أن يتأمل مضمون النص بوصفه شيئاً غير طبيعي.
5- أن يخضع دوره للشك ويضعه جنباً إلى جنب مع وجهات نظره المتعلقة بالمسائل العامة.
6- أن يتصرف كانسان تبدو أمامه كل هذه الأشياء مدهشة.

إن على الممثل أن يتذكر جميع الانطباعات الأولية والصعوبات والاعتراضات والارتباكات التي تعرض لها عند الصياغة النهائية للشخصية لأن هذه الشخصية وكل الأشياء التي مر بها الممل ستعمل على إقناع الجمهور بقدر ما تعمل على إثارة دهشته. ومن أجل ذلك وجب أن تسير دراسته للمسرحية وإتقانه لدوره، جنباً إلى جنب مع دراسته وإتقان زملائه الممثلين.
ويرى (بريخت) أن على الممثلين أن يتبادلوا الأدوار خلال التمارين، من أجل أن تتلقى الشخصيات من بعضها البعض ما هو ضروري لكل منها، والسبب في ذلك يعزوه (بريخت) ألا تجبر شخصية الممثل البارز أو النجم بقية الشخصيات الأخرى على خدمته لأن شخصيته ستبدو مخيفة تهيمن على بقية الشخصيات وتدعوها إلى أن تصغي إليها باحترام. فضلاً عن مساعدة كل ممثل بأن يرى دوره من خلال أداء بديلة من الممثلين( ). لذلك نجد أن شخصية الممثل تبقى مميزة لا تشبه غيرها بما تمتلكه من ملامح خاصة، ويكون الممثل شبيهاً بمن يجلسون في الصالة.
كان (بريخت) يدعو الجمهور إلى أن يفكر أثناء العرض المسرحي وان يشعر، لهذا كان يطلب من الممثلين ان يعرضوا الحديث لا ان يتقمصوا الشخصيات ومن أجل تحقيق ذلك، عمد إلى قطع بعض المشاهد قبل أن تبلغ الذروة، لخلق إحساس بالمسافة بين الجمهور والحدث، وإثارة الدهشة عند الجمهور، كما طالب الجمهور أن يبقى متيقظاً، مفتوح العيون، يراقب ما يحدث أمامه بتجرد من العاطفة ليفكر ويقرر ليصل إلى حالة التعبير المطلوب بدلا من استغراقهم في الأحداث وتوحدهم مع الشخوص والتعاطف معهم واستنفاذ القدرة على الفعل. انه لا يريدهم أن يكونوا أداة منفعلة تتلاعب بها الإيحاءات والتخدير. بل قوة تتسم بالإدراك والوعي، لتقيم وتدرس وتبحث لأن الإنسان عنده ليس كائنا ساكناً لا يتغير، بل قوة قابلة للتغيير وقادرة على التغيير معاً( ).
و (بريخت) يرى في الجمهور عنصرا منتجا، يلعب دوراً أساسياً في فن المسرح، فالمسرح عنده ماهية متكاملة تزدهر بازدهار عناصره المختلفة، ولا يمكن للجمهور أن يكون أقل من هذه العناصر ومن أجل أن يتطور فن المسرح، لابد من تطوير الجمهور وجعله عنصرا منتجا، يقف موقف الناقد للأحداث لا المتلقي الغارق بالإيهام، يقول بريخت " .. إن الشخص الفرد كمشاهد يجب أيضاً أن يتوقف عن كونه مركز اهتمام المسرح. إنه لم يعد شخصية خاصة". يتكرم "على المسرح بزيارته له، ويتكرم بموافقته على إن يلعب الممثلون أمامه دوراً معيناً انه لا يفعل ذلك وهو يستهلك عمل المسرح، انه لم يعد الآن مستهلكا، لا انه نفسه يجب أن يكون منتجا، فالعرض بدونه، على اعتباره مشاركا فعالا لا يشكل إلا نصف عرض ... ان المشاهد الذي استدرج إلى العرض المسرحي يجب أن يكون مشاركاً في المسرح( ).
ومن أجل المشاركة وجب عليه التخلص من الفردية، لأن مسرح الفرد – كما يرى بريخت – يصور المشاهد كفرد لا يحمل للجمهور سوى الخيبة.

بريخت والفضاء المسرحي :
انطلاقاً من فلسفة (التغيير) التي دعا إليها (بريخت)، والتي يرى بموجبها أن العالم يتغير باستمرار، وليس هناك شيء ثابت أبداً، فقد طالب  مصمم المناظر المسرحية أن يعكس هذه الرؤية على خشبة المسرح، ليراها المشاهد واضحة أمامه على المسرح لتعينه على فهم العالم الذي يعيش فيه، بان يستعيض عن المناظر المسرحية الثابتة، بأخرى متحركة يتم تحريكها ونقلها إلى أي مكان يشاء فوق أرضية المسرح. وان يستعيض بمؤخرة المسرح. بشاشة كبيرة يعرض عليها أفلاماً سينمائية تتناسب وأحداث العرض المسرحي. ويستخدم اليافطات والإحصائيات والصور الفوتوغرافية، بوصفها عنصرا مشاركاً في الحدث. ويستعيض عن الكواليس الجانبية بالأوركسترا ويحول السقف إلى رصيف متحرك. ويسحب مكان التمثيل إلى وسط الصالة ليوحد بين الممثل والمشاهد. وحَذَّرَه أن يضع قطعة ديكورية في مكان ثابت إلى نهاية العرض، وحذره أكثر من أن يغير مكانها دون سبب( ).
ويرى (بريخت أن أفضل طريقة لتصميم الديكور هي أثناء إجراء التمارين مع الممثلين، إذ أن أهم شرط لتصميم المنظر المسرحي العملي والناجح، هو أن لا ينهي المصمم تصميماته المنظرية قبل بداية التمارين. بل الأجدر به أن يسترشد بآراء وأفكار فريق العمل المسرحي. ويرفض (بريخت) وجود الستار في مسرحه، من أجل إتاحة الفرصة للمشاهدين أن يروا استعدادات الممثلين مباشرة، قبل بداية العرض المسرحي. يقول (بريخت) شعراً : "... ارفعوا ستار مسرحي، لا تخفوا خشبة مسرحي وراء ستار، دعوا المشاهد وهو مضطجع في مقعده يرى الاستعدادات النشطة، التي تجري من أجله ببراعة ودهاء ! دعوه يرى قمرا من صفيح يدلى من أعلى بأسلاك رفيعة. أو سقفاً يحمله العمال. إلى خشبة المسرح. لا تدعوه يرى أكثر مما ينبغي، ولكن دعوه يرى أكثر مما ينبغي، ولكن دعوه يرى شيئا، وحتى يدرك أننا لسنا سحرة بل مجرد عمال، يا رفاق"( ). 
لذلك نجد عنده، ان المناظر المسرحية أو (القطع الديكورية) تتراوح بين الكاريكاتيرية الساخرة، وأقصى درجات البساطة والتجريد في المنصة العارية التي تحتضن الجوقة والشخوص والفرقة الموسيقية.

ويعد (كاسبار نيهير) من أبرز مصممي المناظر المسرحية الذين اعتمد عليهم (بريخت) في عروضه المسرحية(*) وكانت طبيعة هذه التصاميم تعتمد على تغريب مكان الحدث، فمثلاً أراد أن يصور مشهداً يدور في أحد المصانع فلا يتوقع المشاهد أن يرى ديكورا يصور المصنع بتفاصيله المعقدة، بل يضع بدلاً عنها "... يافطة تشير إلى مستوى الأجور، صورة للمالك، صفحة من كاتلوغ وضعت فيها المنتوجات الأكثر نمطية، وربما صورة تمثل العمال وهم يفطرون يوم الأحد في كانتين الإدارة"( ).
ولم يكن هدف المصمم، هو خلق الإيهام من خلال تصميم المنظر المسرحي بل يكتفي بالإشارة فقط إلى مكان معين تدور فيه الأحداث، فضلاً عن الإشارة إلى الحركة الديناميكية للأفكار التي تدور خلالها الأحداث التي تجري، مستعيناً بالصور التي تظهر على الشاشة الخلفية. ولم يعد دور المنظر المسرحي يقتصر على تفسير النص، إنما أصبح مرتبطاً بالحدث المسرحي، ليكشف عما يعجر عن كشفه الحوار، بوصفه – المنظر المسرحي – عنصراً مهما من عناصر الفضاء المسرحي. لذا يتضح "أن ديكور كاسبارنيهير لم يقصد إعطاء تصور خادع لمكان محدد، ولكنه كان يأخذ موقفا في الأحداث : يثير، ويحكي، وعلن، ويذكر، مكتفيا بالإشارة التلخيصية إلى الأثاث والأبواب .. الخ. وفي حدود العناصر التي تشارك في اللعب، وبمعنى آخر، العناصر التي بدونها تتوقف الأحداث أو تتواصل بشكل مختلف"( ).
أما الإضاءة فقد فضل (بريخت) الإضاءة الفيضية القوية، ورفض استخدام الإضاءة بهدف خلق مؤثرات مسرحية أو جو معين. وفلسفته في ذلك يعزيها إلى إبقاء المشاهدين يقظين ومتحفزين، لمراقبة العرض المسرحي، لأن الإضاءة المعتمة تؤدي إلى تسلل النوم إلى جفونهم.
يخاطب (بريخت) مهندس الإضاءة بقوله :
أعطنا المزيد من الضوء يا مهندس الإضاءة! لأنه كيف يتسنى لنا نحن كتاب المسرح وممثليه أن نقدم رؤيتنا للعالم في العتمة والظلال ؟
إن ضوء الغسق الخابي يجعل النوم يتسلل إلى الجفون ،ونحن في حاجة إلى يقظة مشاهدينا بل تحفزهم لمراقبتنا ، وحتى إذا ما أصروا على أن يحملوا فليحملوا في ضوء غامر"( ).
وقد أمعن (بريخت) في كسر الإيهام بأن وضع أجهزة الإضاءة، سيما الكشافات منها على خشبة المسرح، وبمرأى من المشاهدين، من أجل إتاحة الفرصة للمشاهدين ليرى كل واحد منهم ردود فعل الآخر، خلال مجريات الأحداث.
الفصل الثالث
الاستنتاجات

مما تقدم يمكننا أن نخرج بعدد من الاستنتاجات التي تحدد سمات عمل هؤلاء المخرجين وبالتالي سمات عمل من تأثر بهم من المخرجين الآخرين الذين أتوا من بعدهم :

1. النص المسرحي :
تعامل (الدوق ساكس ما يننغن) مع النص على أساس سعيه إلى التعبير الصادق عن روح النص. أي الالتزام بأفكار المؤلف التزاما دقيقا بوصفه مفسرا للنص المسرحي. وهذا ما ألهم مخرجون آخرون في السير على هذا النهج. منهم من هو داخل ألمانيا كالمخرج (أوتوبراهم) أو خارج ألمانيا كالمخرج (اندريه انطوان) في فرنسا، والمخرج (قسطنطين ستانسلافسكي) في روسيا.
في حين تعامل المخرجون (راينهاردت)، (بسكاتور) و (بريخت) مع النص المسرحي على أساس ما يوحي لهم هذا النص من أفكار جديدة يترجمونها إلى أشكال وصور وحركات على خشبة المسرح ... وعملوا على الحد من طغيان الكلمة المنطوقة، والتأكيد على الحركة.
وبذلك نجد أن (الدوق) اختلف عن (راينهاردت) و (بسكاتور) و (بريخت) في تعامله مع النص المسرحي. حيث أن (الدوق) كان يمثل الواقعية في اتجاهه الإخراجي في حين أن المخرجين الاخرين كانوا يمثلون الاتجاهات المعارضة للواقعية كالتعبيرية والرمزية والملحمية.

2. الممثل :
أولاً : الدوق ساكس ما يننغن :
أ‌. تعامل (الدوق) مع الممثل على أساس تبني الشخصية وتجسيدها تجسيداً كاملاً على خشبة المسرح، إذ أنه سعى إلى أن تتماثل هيئة الممثل مع هيئة الشخصية.
ب‌. أعطى الممثل أهمية كبيرة في العرض المسرحي وجعله الوحدة الأساسية للصورة المسرحية.
ج‌. ساوى في الأهمية بين جميع الممثلين، فلم يعد هناك ممثل للأدوار الرئيسة وأخر للأدوار الثانوية.
د‌. ألغى فكرة الممثل البطل (النجم).
هـ. اهتم بتدريب المجاميع (الكومبارس) مثلما اهتم بممثلي الأدوار الرئيسة.

ثانياً : ماكس راينهاردت :
تشابه المخرج (راينهاردت) مع المخرج (الدوق) في جميع النقاط التي وردت أعلاه فضلاً عن أنه كان يحدد حركات الممثلين مسبقاً في (نسخة الإخراج) وقبل بداية التمرين ويفرض عليهم أن يتبعوا إرشاداته بدقة.

ثالثاً : أَروين بسكاتور :
أ‌. لم يعط (بسكاتور) أهمية للممثل إذ أنه كان يحلم أن يعمل حتى بدون ممثلين ولم يوفق في تحقيق مسعاه.
ب‌. أراد من الممثل أن يكون هاوياً أكثر منه محترفاً.
ج‌. ساوى في الأهمية بين أصحاب الأدوار الرئيسة والثانوية.

رابعاً : برتولد بريخت :
أ‌. لم يطلب من الممثل أن يجسد الشخصية، إنما يقدمها فقط، أي أنه نفى صفة التمثيل ليصبح الممثل عارضاً للأحداث، وراوية لها، وفي هذا اختلف عن المخرجين الآخرين.
ب‌. شجع الممثل على طرح المقترحات البناءة أثناء التدريبات، حيث أنه يذكر اسم صاحب المقترح الجيد أمام الجميع بهدف إضفاء الروح الجماعية على العمل.
ج‌. رفض المناقشات الطويلة أثناء التدريبات سيما التي تتعلق بالجانب السيكلوجي.
د‌. رفض (بريخت) أن يقوم الممثل صاحب الدور البارز بإجبار بقية الممثلين على خدمته.
ه‌. يرى (بريخت) أن على الممثلين أن يتبادلوا الأدوار خلال التمارين، من أجل أن تتلقى الشخصيات من بعضها البعض ما هو ضروري لكل منها.

3. الفضاء المسرحي :
أولاً : الدوق ساكس مايننغن :
أ‌. سعى الدوق إلى وضع حل للتناقض الحاصل بين المنظر المسرحي المرسوم خلف الممثل، والممثل الحي الذي يتحرك على خشبة المسرح. فاستخدم ديكورا قريبا من الواقع أدخل فيه السلالم والمدرجات والمرتفعات، ليربط بينه وبين مجموعات الممثلين وليخلق انسجاماً بينهما.
ب‌. أصر على أن تجري التمارين المسرحية بحضور المناظر المسرحية منذ البداية.
ج‌. اهتم بالعلاقة بين المساحات والزوايا المختلفة لخشبة المسرح وحركة الممثلين عليها.
د‌. سعى إلى تحقيق الدقة التأريخية في الأزياء والأثاث والإكسسوارات، واشترط أن تكون منسجمة مع الواقع وكان يصممها هو بنفسه.
ه‌. سعى إلى استخدام الأزياء والأثاث والإكسسوارات الحقيقية منذ الأيام الأولى للتمارين.
و‌. سعى إلى خلق الإيهام على خشبة المسرح.

ثانياً : ماكس رينهاردت :
أ‌. سعى إلى كسر الإيهام على خشبة المسرح فأزال الستارة الأمامية، وجمع بين المنصة والصالة.
ب‌. اشتهر باستخدامه للمنصة الدائرية المتحركة.
ج‌. لم يعد يكتفي بالمسارح التقليدية وراح يقدم عروضه خارجها في أماكن واسعة وفسيحة، نظرا للأعداد البشرية الكبيرة التي استخدمها في التمثيل.
د‌. تميز بالبذخ والإسراف في تحقيق المناظر المسرحية والملابس والإكسسوارات من أجل إبهار الجمهور.
ه‌. اهتم بالطرازية في المنظر المسرحي والملابس والإكسسوارات ولم يهتم بتاريخية الأحداث وبهذا يخالف عمل (الدوق).
و‌. يرى (راينهاردت) أن لكل مسرحية أسلوبها الخاص في تنفيذ فضائها المسرحي.

ثالثاً : اروين بسكاتور :
أ‌. على العكس من (راينهاردت) كان (بسكاتور) يسعى إلى استثارة النقاش عند الجمهور، بدلاً من إثارة الإبهار والإعجاب، ومع ذلك فقد كانت عروضه المسرحية تحظى بإعجاب الجمهور.
ب‌. سعى إلى تقديم عروضه المسرحية في بناية مسرح تتسع لأكبر عدد ممكن من المتفرجين، لا من أجل التنوع في الأساليب كما هو عند راينهاردت، بل من أجل دخول الجمهور ذوي الدخل المحدود بأجور زهيدة.
ج‌. استخدم في مسرحه الأسلوب الملحمي بشكل بسيط ومباشر، ومضاد للتعبيرية وبذا اختلف عن أسلوب (راينهاردت).
د‌. التقى مع (راينهاردت) في أنهما سعيا إلى جعل الجمهور عنصراً مشاركاً في العرض المسرحي.
ه‌. التقى مع (راينهاردت) في انهما استفادا من التقدم العلمي والتقني مستخدمين الإضاءة الكهربائية والآلات الثقيلة المعقدة كالرافعات، وخشبات المسرح الدوارة والمنزلقة ومسارح المصاعد، والأحزمة الناقلة المتحركة طولاً وعرضاً وعمقاً.
و‌. استخدم الأفلام السينمائية والشرائح الفلمية والفانوس السحري والشعارات المكتوبة المتدلية من إطار فتحة المسرح والإضاءة الكشافة الموجهة للجمهور وأصوات السيارات على الخشبة ومكبرات الصوت، ولوحات الإعلان، والابتكارات الميكانيكية محاولا الربط بين خشبة المسرح وصالة الجمهور لتأكيد الجانب السياسي والثوري والتمردي في آن واحد.
ز‌. سعى إلى كسر الإيهام على خشبة المسرح وفي هذا اتفق مع (راينهاردت) وخالف (الدوق ساكس ما يننغن).
رابعاً : برتولد بريخت :
أ‌. التقى مع كل من راينهاردت وبسكاتور في سعيهما إلى جعل الجمهور عنصرا مشاركا في العرض المسرحي بأن رفض وجود الستارة الأمامية وجعل المنصة تصل في بعض الأحيان إلى وسط الصالة من أجل التوحيد بين الممثلين والجمهور وفي هذا اختلف مع (الدوق).
ب‌. التقى مع (بسكاتور) في سعيه إلى استخدام الأفلام السينمائية والشرائح الفلمية والفانوس السحري والشعارات المكتوبة.
ج‌. اختلف مع (راينهاردت) و (بسكاتور) في أنه لم يسع إلى استخدام الآلات الثقيلة المعقدة كالرافعات وخشبات المسرح الدوارة والمنزلقة ومسارح المصاعد والأحزمة الناقلة وما شابه ذلك وكان يدعو إلى منظر مسرحي بسيط يسهل تغيره بين المشاهد لأن فلسفته كانت قائمة على مبدأ (التغيير) وكان يحذر من وضع قطعة ديكورية في مكان ثابت إلى نهاية العرض، وحذر أكثر من أن تتغير هذه القطع الديكورية دون سبب. وفي هذا اختلف أيضاً مع (الدوق).
د‌. يرى بريخت أن أفضل طريقة لتصميم الديكور هي أثناء إجراء التمارين مع الممثلين لا قبلها لأنه لا يسعى إلى تجسيد الواقع وفي هذا اختلف مع "الدوق" أيضاً.


الهوامش 
----------------
( ) هـ.ف. جارتن، الدراما الالمانية الحديثة، ترجمة وجيه سمعان، سلسلة الالف كتاب، العدد (582) (القاهرة مركز كتب الشرق الأوسط، 1966)، ص14.
(*) هو جورج الثاني دوق مقاطعة ساكس مايننغن في المانيا. 
(**) انظر : ‏
John Rusell Taylor, The penguin tionary of Tleater, London : Penguin  
كذلك انظر : الكسندرين، اسس الاخراج المسرحي، ترجمة : سعدية غنيم (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1983)، ص41.
ايضاً : جيمس لافر، الدراما ازياؤها ومناظرها، ترجمة : مجدي فريد القاهرة : المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، 1963، ص ص 181-183.
ايضاً : سعد اردش، المخرج في المسرح المعاصر، سلسلة عالم المعرفة، العدد (19) (الكويت : مطابع اليقظة، 1979)، ص42.
ايضاً : أحمد زكي، المسرح الشامل، (بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم، د.ت) ص 17.
ايضاً : فرانك، م، هوا يتنج، المدخل الى الفنون المسرحية، ترجمة : كامل يوسف وآخرون (القاهرة، مطابع الأهرام التجارية، 1970)، ص202.
ايضاً : جيمس روس – ايفانز، المسرح التجريبي من ستانسلافسكي الى اليوم، ترجمة : فاروق عبدالقادر، القاهرة : دار الفكر المعاصر، 1979)، ص20.
( ) سعد اردش، المخرج في المسرح المعاصر، ص43.
) ( Toby cole and Helen krich chinoy, Directors on Directing, London : Peter own LTD. 1964, p.p. 22-25.
( ) انظر : سعد اردش، المخرج في المسرح المعاصر، ص ص 42 – 45.
(*) من اجل أن لا يقع في خطأ سوء استخدام هذه الالات الحربية، عين خبير اسلحة في خدمته.
انظر : جيمس لافر، الدراما ازياءها ومناظرها، ص182.  
(**) زارت فرقة الدوق ساكس ما يننغن (36) مدينة وقدمت أكثر من (2591) عرضاً مسرحيا بين الاعوام (1874-1890).
انظر : ضياء كريم رزيج المشهداني، التجريب واثره في تطور العرض المسرحي العراقي، رسالة ماجستير، كلية الفنون الجميلة، جامعة بغداد، ص37.
(*) ماكس راينهاردت (1873-1943) : مخرج مسرحي بدأ حياته الفنية ممثلا مسرحيا في المسرح الالماني Deutsches Theater تعلم كثيرا من استاذة المخرج الالماني (اوتو براهم Otto Brahm). عام 1903 انشأ مسرح الصغار (KLEINES THEATER) عمل مخرجا اول ومديرا فنيا للمسرح الالماني في برلين، منظم ومبرمج مسرحي من الدرجة الأولى عام 1906 دعا الى انشاء المسارح الصغيرة في اوربا. ادار ونشر المهرجانات المسرحية العديدة امام الاثار المعمارية في سالسبورغ في النمسا وفي ميونخ في المانيا فضلا عن اداراته لثلاث مسارح في المانيا وحدها. سافر الى امريكا هربا من النازية، وتوفي في هوليود عام 1943.
( ) فاضل خليل، مناهج وأساليب عالمية في الاخراج المسرحي، محاضرة ألقيت على طلبة الدراسات العليا، كلية الفنون الجميلة، جامعة بغداد بتاريخ 15/10/1995.
(*) تتضمن هذه الاسطورة قصة راهبة احتلت مكانها العذراء. حيث قام (راينهاردت) بتحويل صالة (اولمبيا) في لندن الى كاتدرائية، جعلت المشاهد يحس وكأنه في عرض طقسي قام بالاشتراك في تقديم هذه المسرحية بخدود (700) شخص ما بين ممثل وفني فضلا عن اوركسترا ضخمة.
أنظر :
Oscar. G. Brockett and Robert R. Findlay, Century of innovation a history of European and American Theater and drama. 
( ) جيمس لافر، الدراما ازياوءها ومناظرها، ص202.
(*) في 25 أيلول عام 1910 افتتح راينهاردت العرض الأول لهذه المسرحية في قاعة معرض ميونيخ التي تتسع ثلاثة آلاف متفرج، ثم انتقل ليعرضها ثانية في فينا في قاعة سيرك، ثم الى برلين في قاعة سيرك شومان (Schumann). وهذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها مسرحية اغريقية على مسرح سيرك.
انظر : فاضل خليل، مناهج واساليب عالمية في الاخراج المسرحي. 
(*) اخرج راينهاردت ايضا مسرحية (روميو وجوليت) عام 1907، بديكور صممه الالماني (كارل فالسر karl valsar) ركز فيه على الشعرية عند شكسبير ومجدا كلمات الشاعر في الحب والعذاب التراجيدي لروميو وجوليت. وفي المناظر المسرحية قدم راينهاردت عوالم متعددة، عالم الحياة بورودها وعالم البحر بأمواجه، وضوء الشمس والقمر وضوء النجوم الرقيق الخافت وقدم النار بلهبها المحرق، والهواء بنسيمه العليل.
انظر : المصدر السابق نفسه.
( ) المصدر نفسه.
(*) اروين بسكاتور (1893 – 1966) : مخرج مسرحي الماني، تتلمذ على يد المخرج (ماكس راينهاردت) عمل في العاصمة برلين من (1919) ولغاية (1938) في المسرح الشعبي الالماني ثم مسرح بسكاتور أحد مؤسسي المسرح السياسي (البروباجندة) أو (الدعاية السياسية) . هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية عام 1938 هربا من النازية وأسس مدرسة للتمثيل فيها تحت اسم :The Dramatic Work shop)  المدرسة الدراماتيكية التجريبية) واستمر مهجره حتى عام 1950 حيث عاد الى بلده المانيا مرة أخرى.
( ) فاضل خليل، مناهج وأساليب عالمية في الاخراج المسرحي.
( ) المصدر نفسه.
( ) جيمس روس – ايفانز، المسرح التجريبي من ستانسلافكي الى اليوم، ص64.
( ) كمال عيد، ايرفين بسكاتور، مجلة المسرح، (القاهرة) العدد التاسع عشرة (يوليه 1965)، ص80.
( ) شفيق مقار، دراسات في الأدب الأوربي المعاصر، سلسلة الكتب الحديثة، العدد (43)، (بغداد : مطبعة الأديب البغدادية، 1972)، ص140.
( ) اوديت اصلان، فن المسرح، ترجمة سامية اسعد احمد، ج2 (بيروت : آيف للطباعة والنشر، د.ت)، ص363.
( ) اريك بينتلي، نظرية المسرح الحديث، ترجمة يوسف عبدالمسيح ثروت، ط2، (بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986)، ص91.
( ) فاضل خليل، مناهج وأساليب عالمية في الاخراج المسرحي.
( ) عبدالعزيز حمودة، المسرح السياسي، (القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية، 1971)، ص71.
( ) جيمس روس – ايفانز، المسرح التجريبي من ستانسلافسكي الى اليوم، ص64.
(*) برتولد بريخت (1898 – 1956) : كاتب ومخرج مسرحي الماني، وضع (نظرية المسرح الملحمي)، وأسس (فرقة برلين) المسرحية، كتب مسرحيات تعليمية عديدة. هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية واستقر فيها لفترة طويلة بعد أن جاب عدداً من دول أوربا المختلفة بسبب عدائه للنازية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية. عاد الى برلين عام 1948، وأعطى مسرحاً خاصاً به من قبل الدولة. كتب للمسرح ما يقرب من ثلاثين مسرحية، أبرزها (غاليلو غاليلية)، (أوبرا القروش الثلاث)، (الاستثناء والقاعدة)، (بنادق الام جيرار)، (الأم الشجاعة)، (الإنسان الطب من ستشوان)، (دائرة الطباشير القوقازية)، (رؤى سيمون ماشار)، (أيام الكومون في باريس) وكتب عدداً من القصائد لكن غالبيتها لم ينشر.
(**) أبرز هؤلاء المخرجين (بيتر بروك PETER BROOK)، وجهوده في الاخلاص الشديد لروح وشبح بريخت، وساهم كثيراً في تعريف جمهور المسرح الانكليزي المعاصر بخصائص الاخراج في مسرح بريخت.
(***) أقيم عرض لهذه المسرحية في (كامرسبيل) ميونيخ في 18 آذار 1924.
( ) أنظر : سعد أردش، المخرج في المسرح المعاصر، ص29.
    أنظر أيضاً : عقيل مهدي يوسف، نظرات في فن التمثيل، (الموصل، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل، 1988)، ص208.
( ) برتولد بريخت، نظرية المسرح الملحمي، ت : جميل نصيف، سلسلة الكتب المترجمة العدد (16)، (بغداد، منشورات وزارة الاعلام، 1973)، ص72.
( ) المصدر نفسه، ص116.
أنظر أيضاً : شفيق مقار، دراسات في الأدب الأوربي المعاصر، سلسلة الكتب الحديثة العدد (43)، (بغداد، مطبعة البغدادية، 1972)، ص144.
(*) اليزابيث هاويتمان : سكرتيرة بريخت ومعاونته ومستشارته، وترجمة أعماله الى الانكليزية.
(*) كانت مسرحيات (النو) تتألف من ممثل يتوجه بحديثه مباشرة الى الجمهور ويقاطعه الكورس. وحركات المسرحية تجري على شكل طقوس، تتصف بالتعليمية المحددة.
(**) لم يولد مصطلح (التغريب) الا في العام 1939، حين كان بريخت في المنفى، أما في العام 1927 فكان بريخت يستخدم كلمة (ادهاش). وفي العام 1936 يستعير بريخت مصطلح (هيغل) و (ماركس) التقليدي (سيرورة الاستلاب) قبل أن يستقر على مصطلح التغريب).
( ) انظر : يوسف عبدالمسيح ثروت، معالم الدراما، (بيروت، منشورات المكتبة العصرية، د.ت)، ص86.
( ) انظر : مارتن اسلن، تشريح الدراما، ترجمة : يوسف عبدالمسيح ثروت، ط2، (بغداد، منشورات مكتبة النهضة، 1984)، ص130.
( ) اريك بينتلي، نظرية المسرح الحديث، ص82.
( ) انظر فردريك اوين، برتولد بريخت حياته، فنه وعصره، ت : ابراهيم العريس، ط2، (بيروت، دار ابن خلدون، 1983)، ص170.
( ) أنظر : قيس الزبيدي، مسرح التغيير، (بغداد، دار ابن رشد، 1918)، ص ص 87-92.
( ) شفيق مقار، دراسات في الأدب الأوربي المعاصر، ص ص 162-163.
( ) برتولد بريخت، نظرية المسرح الملحمي، ص ص 165-166.
( ) أنظر : برتولد بريخت، نظرية المسرح الملحمي، ص ص 299-307.
( ) أنظر : جيمس روس – ايفانز، المسرح التجريبي من ستانسلافكي الى اليوم، ص 65.
   أنظر ايضاً : شفيق مقار، دراسات في الأدب الأوربي المعاصر، ص162.
   أنظر : يوسف عبدالمسيح ثروت، معالم الدراما، ص ص 72-73.
( ) برتولد بريخت، نظرية المسرح الملحمي، ص ص 95-96.
( ) المصدر نفسه، ص ص234 - 235.
( ) شفيق مقار، دراسات في الأدب الأوربي المعاصر، ص155.
(*) شارك (كاسبار نيهير) في تصميم المناظر المسرحية لكل من الاعمال الآتية :
1- مسرحية في ادغال المدن 2- مسرحية ادوارد الثاني 3- مسرحية الام. بالية الخطايا السبع الرئيسية للبرجوازيين الصغار. وبعد هذا العمل لم يلتق بريخت به لفترة طويلة.
     أنظر : فريدريك اوين بريخت، حياته، فنه، وعصره، ص227.
( ) أنظر فردريك اوين برتولد بريخت، حياته، فنه، وعصره، ص169 .
( ) سعد اردش، المخرج في المسرح المعاصر، ص214.
( ) شفيق مقار، دراسات في الأدب الأوربي المعاصر، ص154.

قائمة المصادر والمراجع
الكتب :
1. اردش، سعد، المخرج في المسرح المعاصر، سلسلة عالم المعرفة العدد (19) (الكويت : مطابع اليقظة، 1979).
2. اسلن، مارتن، تشريح الدراما / ت : يوسف عبدالمسيح ثروت، ط2، (بغداد : منشورات مكتبة النهضة ، 1984).
3. اصلان، اوديت، فن المسرح، ت : سامية اسعد احمد، ج2، (بيروت : ايف للطباعة والنشر، د.ت.).
4. اوين، فرد ريك، برتولد بريخت حياته، فنه ، وعصره ، ت : ابراهيم العريس، ط2 (بيروت : دار ابن خلدون، 1983).
5. بريخت، برتولد، نظرية المسرح الملحمي، ت : جميل نصيف، سلسلة الكتب المترجمة العدد (16)، (بغداد : منشورات وزارة الاعلام، 1973).
6. بينتلي، اريك، نظرية المسرح الحديث، ت : يوسف عبدالمسيح ثروت، ط2، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة، 1986).
7. ثروت، يوسف عبدالمسيح، معالم الدراما، (بيروت : منشورات المكتبة العربية، د.ت).
8. جارتن، هـ.ف، الدراما الالمانية الحديثة، ت : وجيه سمعان، سلسلة الالف كتاب العدد (582)، (القاهرة : مركز كتب الشرق الأوسط، 1962).
9. حمودة، عبدالعزيز، المسرح السياسي، (القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية، 1971).
10. دين، الكسندر، أسس الإخراج المسرحي، ت : سعدية غنيم، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1983).
11. روس، جيمس – ايفانز، المسرح التجريبي من ستانسلافسكي الى اليوم، ت : فاروق عبدالقادر، (القاهرة : دار الفكر المعاصر، 1979).
12. الزبيدي، قيس، مسرح التغيير، (بغداد : دار ابن رشد، 1987).
13. زكي، أحمد، المسرح الشامل، (بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم، د.ت).
14. لافر، جيمس، الدراما ازياؤها ومناظرها، ت : مجدي فريد، (القاهرة : المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، 1963).
15. مقار، شفيق، دراسات في الأدب الأوربي المعاصر، سلسلة الكتب الحديثة، العدد (43)، (بغداد : مطبعة الأديب البغدادية، 1972).
16. هوايتنج، فرانك.م، المدخل الى الفنون المسرحية، ت : كامل يوسف وآخرون، (القاهرة : مطابع الأهرام التجارية، 1970).
17. يوسف، عقيل مهدي، نظرات في فن التمثيل، (الموصل : مديرية دار الكتب والنشر في جامعة الموصل، 1988).

المجلات :
18. عيد، كمال، "ايرفين بسكاتور"، مجلة المسرح، (القاهرة)، العدد التاسع عشر، 1965.

الرسائل الجامعية :
19. المشهداني، ضياء كريم رزيج، التجريب وأثره في تطور العرض المسرحي العراقي، رسالة ماجستير، كلية الفنون الجميلة، جامعة بغداد.

المحاضرات :
20. خليل، فاضل، مناهج وأساليب عالمية في الاخراج المسرحي، محاضرة ألقيت على طلبة الدراسات العليا، كلية الفنون الجملة جامعة بغداد بتاريخ 15/10/1995.

الكتب الأجنبية :
21. BROCKETT, OSCAR.G. and ROBERT, R. FINDLAY, CENTURY OF INNOVATION A HISTORY OF EUROPEAN AND AMERICAN THEATRE AND DRAMA, NEW JERSEY : Prentice-Hall, Inc, ENGLEWOOD, 1973.
22. COLE, Toby and Helen Krich Chinoy, Directors on Directing, London : Peter own LTD, 1964.
23. Marshall, Norman. The producer and the play, London : Macdonland, 1962.
24. Taler, John Rusell, The pengnin, Dictionary of Theatre, London, Penguin Books, 1970.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق