مجلة الفنون المسرحية
تتناول مسرحية "قبل بعد" ) 2015 (، التي أخرجها "لي كيونغ-سونغ" كارثة العبارة "سيوول" سنة 2014 . تغوص بعمق في مشاعر الألم وذلك من خلال الحدث المأساوي والصادم. |
حاضر المسرح الكوري : الناس والاتجاهات
ممثلون جدد رواد في المسرح الكوري
إن التنوع في الطرق والأساليب الأدائية، ومهرجانات المسارح المؤسسة بشكل جيد في جميع أنحاء البلاد والتبادلات الواسعة مع الدول الأخرى كلها تضخ حيوية وحركة عظيمة في مشهد المسرح الكوري. وفي قلب هذه الديناميكية المتنامية بشكل واسع هناك جيل جديد من المخرجين الذين يفضّلون إنتاج المسرحيات الكورية التي تركز على قضية المعاصَرة.
"يتيم زهاو" ) 2015 (، معالجة وإخراج "كوه سون-وونغ". تم تحويل التراجيديا الصينية الكلاسيكية إلى أوبرا من النمط الكوري.
كان المسرح الكوري في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ديناميكيا نشيطا تماما. أظهر الجيل الشاب التزاما ثابتا وموسعا للأعمال المسرحية الإبداعية، ومنصة قد نمت واتسعت وقاعدة للانطلاق لإنتاج أداءات
مصدر الطاقة الديناميكية
ونظرا لموقعها في قلب مدينة سيول، فإن "ديهانغنو" أسست نفسها كمركز للترفيه المسرحي، حيث يمكن للعامة أن يستمتعوا بمصفوفة واسعة ومتنوعة من المسرحيات، والأعمال الموسيقية، والرقص والعروض. تقام المهرجانات المسرحية الكبيرة والصغيرة طيلة أيام السنة، ليس في هذه المنطقة المسرحية فحسب، بل في أماكن أخرى من سيول أيضا، وفي العديد من المدن الأخرى في أنحاء البلاد. وعلى حين أن المسارح ذات الأحجام والسعات الكبيرة والمتوسطة تتركز بشكل كبير في سيول، فإن مهرجانات المسارح الكبرى حظيت بنجاح جماهيري وبجماهير مشاهدين موجودين أصلا في الغالب في أماكن أخرى من البلاد. إن مهرجان الفنون الأدائية الصيفي في ميريانغ، ومهرجان التمثيل التقليدي الصامت الدولي في تشونتشون، ومهرجان كوتشانغ الدولي للمسرح، ما هي إلا أمثلة من المهرجانات المسرحية الناجحة التي عُقدتْ في مناطق بعيدة جدا عن سيول.
إن دور المسارح الشعبية متغير أيضا. وعلى حين أنها في الماضي كانت تزود الأماكن المطلوبة كثيرا للفرق المسرحية الخاصة لعرض مسرحياتها في ظروف مفضلة أكثر ويمكن تحمل نفقاتها المادية أكثر، وذلك منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن المسارح العامة قد بدأت بعمل إنتاجاتها الخاصة بها. ليس فقط المسارح التي تديرها نخبة من الفنانين والمؤسسات الثقافية والشركات الكبرى من أمثال مركز فنون إل جي للفنون ومركز دوسان للفنون، بل أيضا المسارح الممولة من الحكومة مثل المسرح الوطني الكوري، ومسرح ميونغدونغ، ومركز نامسان للفنون، هي الأخرى تعرض إنتاجها الخاص بها على خشبات المسارح على مدار العام.
هناك اتجاه آخر جديد وهو النمو والزيادة في عدد الأداءات التي تؤدى في مواقع محددة وتقام في الهواء الطلق في الشوارع وفي كل الفراغات اليومية. ومع الاهتمام المتنامي في مواقع فريدة، فإن سلسلة متنوعة من الأماكن الثقافية تحظى بالاهتمام. في سيول، هناك مرسم الهواء الطلق في "هاننام-دونغ"، وهو مكان لكل من المعارض والفنون الأدائية، والذي يعمل كورشة عمل وقاعة أداء، وقاعة الفنون "قاعة كونغ للفنون المستقلة"، التي تطورت من بناء مصنع قديم في منطقة مصانع يونغدونغبو. كما أن المرافق التجارية في المناطق السكنية القديمة قد أعيد تطويرها وتحسينها لتصبح أماكن عروض ثقافية. ممثلو المسرح من الشباب يطلقون إبداعات جديدة في هذه الأماكن والفضاءات.
إن التبادلات الواسعة مع الدول الأخرى تعمل على توسيع جودة ومحتوى المسرح الكوري. عرض مسرح الفنون الآسيوي أعمالا جديدة تتعلق مواضيعها بممثلين جدد وقدامى من الناشطين في أوروبا وآسيا. وهناك أعداد متنامية من المسرحيات الكورية تتقدم في الأسواق العالمية، وتلتقي بجماهير ليس في دول آسيا وأوروبا فقط، بل في أماكن مثل أمريكا الجنوبية أيضا. كما أن نطاق التعاون الدولي في اتساع مستمر، ويشمل مخرجين أجانب يعملون مع ممثلين كوريين، ومخرجين كوريين يعملون على مشاريع خارج البلاد، وأيضا هناك الإنتاج المشترك بين شركات المسارح الكورية والأجنبية.
مِن "مَن أنا؟" إلى "هنا والحاضر"
اعتمادا على النمو الكبير للمسرح الكوري، هناك ثلاثة مخرجين جديرين بالاهتمام، تقدموا إلى الصدارة في هذه الصناعة. ولكن قبل الكلام عن قصصهم، نحتاج إلى الرجوع قليلا إلى الوراء.
كما هو الحال في العديد من الدول الآسيوية الأخرى، فإن إنتاج المسرحية الغربية شكل بدايات المسرح الكوري الحديث. تعامل العديد من المخرجين في ذلك الوقت مع قضية الهوية المسرحية ومشكلة دمج العناصر المنتجة حديثا من المسرحية الغربية الحديثة مع المسرح الكوري التقليدي. الأعمال الكبرى من قبل أساتذة المسرح الكوري الحديث في القرن العشرين، من أمثال "كيم جونغ-أوك"، و"هو كيو"، و"سون جين-تشيك"، و"أوه تي-سوك"، و"لي يون-تيك" نقبت في هوية المسرحية الكورية في ثقافتها التقليدية. وقد أعادوا تفسير الأعمال الكلاسيكية الغربية، مثل التراجيديا اليونانية، وشكسبير، إلى لغة المسرحيات الكورية التقليدية، وأعادوا الحياة في الطقوس التقليدية والأدائية التي تقام بشكل أصلي في الأماكن الفارغة في الهواء الطلق كل يوم، مثل فناء البناء، على المسرح الحديث. ومن خلال تلك المساعي والمحاولات، اكتشفوا عناصر حديثة في أنواع الفنون الأدائية التقليدية، مثل "كوت")الطقوس الشامانية(، ورقصات الأقنعة، والأغاني الفولكلورية والبانسوري )الأغنية المحكية(، وأدخلوها إلى المسرحيات الجديدة، وبهذا تمكنوا من إثراء اللغة المسرحية.
"كالو مكبيث" ) 2010 ( هي معالجة وتكييف لمسرحية شكسبير "مكبيث"، التي أخرجها وأعدها "كوه سون- وونغ". يخلق التفاعل بين التوتر التراجيدي والكوميديا في خضم العمل التأملي طاقة مسرحية انفجارية هائلة.
على أي حال أظهر كتّاب المسرحيات والمخرجون في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين نقلة واضحة وتحررا من "سابقيهم". لم يعودوا مهتمين كثيرا بقضية الهوية كاهتمامهم بالمعاصرة. بدلا من أن يثقلوا أنفسهم بمسألة الهوية المسرحية واهتمامات حول إنتاج مسرحيات لم تكن في الأصل في لغتهم الأم، فقد ناضلوا من أجل قضية صلاحية مسرحياتهم في الوقت الحاضر، أي، ما إذا كانوا يتعاملون مع القضايا الأصيلة للزمن الحاضر. ومع ذلك، لم يكونوا أول من قام بذلك. مخرجون وكتّاب مسرحيات مثل "كيم سوك-مان"، و"لي سانغ-وو"، و"كيم كوانغ-ريم"، وزملاء وطلاب من الأساتذة المسرحيين السابقين، كانوا الجيل الأول الذين حولوا الاتجاه من متابعة الهوية إلى عرض حكايا وقضايا الناس في زمنهم.
يعتبر "بارك كون-هيونغ" كاتبا ومخرجا في صدارة فناني هذا الجيل الجديد الذين كان تركيزهم على المعاصرة. عمله الذي مثله وهو "الشباب الجميل" جلب له الشهرة. وعلى النقيض مما يحمله العنوان، فإن الرواية حول قصة شاب يصارع مع حياة عائلة تعاني من التفكك، ولم يُقبل هذا الشاب لا في المدرسة ولا في المجتمع. عندما عرضت لأول مرة سنة 1999 في "هيهوا-دونغ رقم 1"، وهو أحد المسارح الصغيرة في "ديهانغنو" ويضم أقل من 100 مقعد، كانت خشبة المسرح التي هي عبارة عن صندوق أسود تقريبا خالية فيما عدا دكتين طويلتين أخذتا من مقاعد الجمهور. إنها حرفيا رواية المعدمين. نشرت بطانية ووضعت طاولة عليها "سوجو" والعشب البحري "اللافر" كوجبة خفيفة، وتتحول خشبة المسرح إلى غرفة يسكن فيها الأب وابنه: وهناك فوقهما إعلان ملصق على الحائط، وتتحول الغرفة إلى حانة مهلهلة. يخبرنا "بارك" بطريقة خفية عن قصة أولئك الذين يعيشون على أطراف وحواشي المجتمع البعيدة جدا في عصر وفرة الخيرات. يقول: "لماذا نبني بيتا ضخما على المسرح في الوقت الذي فيه حياتنا غير ذلك؟" في بعض الأوقات، تبرز في أعماله عمليات الحذف المسرحي، والتشويش، والمسرحة المبالغ فيها، ولكنها تستخدم كتمثيل واقعي مفرط وتذكير مخيف بالواقع القاسي في العصر الذي نعيش فيه والذي ننساه في كثير من الأحيان.
العديد من أعمال "بارك" مكرس للعائلة والتي توقفت عن العمل كسد منيع ضد العالم العدواني. إنها قصص مؤلمة من الأسر المفككة، والعلاقات الأسرية المنحلة وأولئك الذين دُفعوا للعيش على هامش المجتمع. ولكن لم تتوقف مسرحياته عند مجرد سرد القصص للعلاقات الأسرية الفاسدة، بل تصور الألم والمعاناة المنزوية في كل زوايا المجتمع من خلال التفاعل المتوتر بين السخرية والإنسانية.
"مشي الأشباح" من المسرحية "نامسان الوثائقية: النسخة المسرحية" ) 2014 (، أنتجها "لي كيونغ-سونغ"، و"فاقي الإبداعية". في "مشي الأشباح" يقضي الجمهور والممثلون طيلة ساعة يمشون في أنحاء نامسان قبل العرض الفعلي، يواجهون بعضهم البعض طيلة الطريق.
بسيط ومع ذلك فهو مرن وسلس
على حين أن "بارك" يغوص وينقب عميقا في قضايا الحاضر، فإن "كو سون-وونغ" هو أيضا كاتب ومخرج، مفعم بشغف المسرح. إنه بارع حاذق في إعادة تفسير وتكييف الأعمال الكلاسيكية بلغته ونمطه المسرحي الخاصين به.
يعتبر عمل "كو" سنة 2010 الذي يحمل عنوان "كيلبيث" تكييفا لعمل شكسبير الشهير "مكبث". وهو عمل وضع في زمان ومكان غير معروفين حيث ليس هناك صراع مستمر مع الناس الذين يقتلون الآخرين ويُقتّلون أيضا. العنوان هو مسرحية تضاهي كلمة مكبث الشبيهة بالصوت للكلمة الكورية العامة التي تعني "الضرب العشوائي". وكما يفترض العنوان، فإن المسرحية تبدأ بمواجهة عنيفة مع السيوف المتضاربة وتستمر فترة طويلة بأصوات صاخبة صارخة للناس والسيوف التي تملأ الصالة، وذلك في أزمان اشتهرت بالقتال يدا بيد. على أي حال، قد يكون من المضلل أن نعتقد بأن "كو" قد أخذ تراجيديا شكسبير وحولها إلى صراع سيوف مذهل، والذي لا يعدو كونه أكثر من "وليمة" لإمتاع العيون. صحيح أن المسرحة تركز على حركات الممثلين التي تسلط الضوء على أجسامهم- يمكن رؤية العرق الذي ينساب للأسفل من أجسامهم عن قرب. ولكن ما هو مدهش الحوار الذي يجري بسرعة كإطلاق النار، والذي يلوي ويحول الموقف الدرامي التقليدي. يعمد حوار "كو" إلى تدمير إيقاع الأحاديث اليومية أو التراجيديا، مولدا إيقاعا مميزا بحد ذاته. في بعض الأحيان ينتهي الأمر بالكلمات التي يحملها الإيقاع إلى خيبة أمل هائلة بعد اكتمال بناء التوتر الأقصى، مما يولد نقلة كوميدية، أو من خلال الفتور المتعمد الذي يتناقض مع هذه الدراما الجدية، والذي يقود إلى حالة هستيرية. إن التفاعل الديناميكي الحركي بين التوتر والاسترخاء في الحركات الجسدية والكلمات والتداخل الإيقاعي تملأ المسرحية بطاقة مسرحية، وتتركك تقريبا منقطع الأنفاس.
يبين لنا عمل "كو" المعنون "يتيم زهاو"، الذي عرض على المسرح سنة 2015 ، يبين لنا أن نمطه المسرحي ممتلئ بالحساسيات البارعة، وبكيفية إمكان أن يأخذنا إلى قلب المعاناة الإنسانية. وبناء على الرواية الصينية الكلاسيكية التي كتبها "جي جونشيانغ"، فالرواية تخبرنا عن قصة الانتقال العائلي؛ ثلاثمائة شخص من عشيرة زهاو ذبحوا، وبقي منهم حيا طفل حديث الولادة فقط، وقد ضحى كثير من الناس بحياتهم لإنقاذ هذا اليتيم، الذي يكبر وينمو ليسعى للانتقام ضد العدو الذي أفنى عشيرته. يستخدم "كو" نفس البيئات المسرحية الصغيرة، والحركات أو الحوار في هذه القصة المرعبة عن الانتقام. لا تحيط بخشبة المسرح الفارغة إلا ستارة حمراء. يتم تبسيط الأحداث والأفعال في حركات مشفرة ودعائم. تختار شخصيات الرواية الموت من أجل الانتقام لليتيم. لم يمجد "كو" موتهم كخيار للبسالة باسم الأخلاقية أو العدالة. كما أنه لا يلمح إلى عدم جدوى الثأر. بدلا من ذلك، ومن خلال الحركة البسيطة، والتي هي في نفس الوقت حركة مرنة سريعة وحوار، يصور لنا تمسك الشخصيات بالحياة والخوف من الموت عند مفترق الطرق بين الحياة والموت، والصراع الداخلي الشرس، والعذاب ورباطة الجأش كما تقبل في نهاية المطاف مصيرها. من الإنسانية أن لا يريد المرء التورط في مثل هذه المأساة؛ ومن الإنسانية أيضا أن تصنع خيارا ثابت العزم عندما تتواجه بالحياة أو الموت.
مشهدان من "الشباب الجميل"، المسرحية التي جعلت المخرج "بارك كون-هيونغ" مشهورا. ونظرا لأن أول عرض لها كان في 1999 ، فقد أعيد عرضها عدة مرات بتمثيل وإلقاء مختلف. وعلى العكس مما يحمله العنوان، فإن المسرحية تصور الحياة الصعبة لمجتمعنا، الذي لم يعد فيه شبابنا يحلمون في المستقبل.
على أي حال أظهر كتّاب المسرحيات والمخرجون في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين نقلة واضحة وتحررا من "سابقيهم. لم يعودوا مهتمين كثيرا بقضية الهوية كاهتمامهم بالمعاصرة. بدلا من أن يثقلوا أنفسهم بمسألة الهوية المسرحية واهتمامات حول إنتاج مسرحيات لم تكن في الأصل في لغتهم الأم، فقد ناضلوا من أجل قضية صلاحية مسرحياتهم في الوقت الحاضر، أي، ما إذا كانوا يتعاملون مع القضايا الأصيلة للزمن الحاضر.
أخلاقيات الشعور والإحساس
على الرغم من أن المخرج لي كيونغ - سونغ أكبر من 30 عاما بقليل، لم يعد يعتبر صغيرا بمنهجيته المسرحية المتميزة. فرقته المسرحية المعروفة باسم "فاقي الإبداعية"، التي يرأسها، لقيت أول اهتمام بها بسبب أداءاتها في مواقع محددة في كل الفراغات والأماكن في الحياة اليومية، مثل، ممرات المشاة أو الساحات المفتوحة. ولكنه ليس مجرد مخرج شاب مشهور ومعروف بأفكاره وطرقه الجديدة أو تجاربه الإبداعية.
إن "نامسان الوثائقية - النسخة المسرحية") 2014 ( التي أنتجها "لي" و"فاقي الإبداعية" عملٌ كان محل أدائه نفسه مركز نامسان للفنون، وهي تعتبر الشخصية الرئيسية بالنسبة له. عند افتتاحه أول مرة سنة 1960 كمركز للمسرحية، أصبح الموقع الرئيسي لعرض المسرحيات الحديثة، ولكن المسرح تلاشى بعد ذلك إلى الغموض لفترة، إلى أن أعيد افتتاحه مؤخرا كمسرح إنتاج. إن العمل المعنون )نامسان الوثائقية( مبني على أبحاث مكثفة من الأرشيفات العامة والخاصة المتعلقة بتاريخ المسرح وموقعه في نامسان. تشتمل المسرحية على نسخ محررة من أرشيفات الفيديو التي اكتشفت خلال عملية البحث، ومشهد من أحد برامج افتتاح المركز "هاملت" ليس بسبب إعادة عرضها وتمثيلها في ذلك الوقت، ولكن بتناول مختلف لها. وهناك المقابلة الخيالية التي تستدعى المسرح ونامسان إلى مشهد حدث في التاريخ الكوري الحديث. على الرغم من أنها مسرحية وثائقية كما يوحي بذلك عنوانها، فهي أكثر من تجميع للسجلات التاريخية. وهي تعبر الحدود بطريقة فطرية أصيلة بين العرض والإنتاج، الحقيقة والخيال، وتغوص وتحفر في الاستقصاء الفكري والحسي الشعوري للفضاء المسرحي وجوهر الإنتاج المسرحي في الوقت الحاضر.
عمل "لي" الأحدث هو "قبلَ بعدَ" سنة 2015 ، يعرض لنا مستوى عاليا من النضج. تتناول المسرحية كارثة العَبَّارة "سيوول" المأساوية التي هزت الأمة. ليست المسرحية إعادة "نص" للحدث المأساوي. ولا تحاول البحث عن إجابات للسؤال "لماذا حدثت المأساة"، أو تتبع آثارها المستمرة. بدلا من ذلك، تسأل عن شعور الألم المتعلق بهذا الحدث المأساوي. يعيش الناس اليوم في مجتمع متقدم جدا وهم معرضون لحوادث مصيرية وكوارث طبيعية، ويستقون ويستهلكون الأخبار عنها من وسائل الإعلام بفضل التطورات التكنولوجية. وفي أوقات يتم فيها نشر وبث وحشية الحروب في جميع أنحاء العالم، تستقى الأحداث المأساوية من خلال الصور. تسعى رواية "قبل بعد" إلى وضع حد لهذا الاستهلاك للألم. وبالتركيز حول قصة ممثلة تستعرض قصة وفاة والدها، تخبرنا المسرحية عن الألم الشخصي لكل ممثل من خلال السرد وإعادة التمثيل. كما تظهر صور الزمن الفعلي للمسرحية ما يحدث على المسرح من زاوية أخرى. وقد حظيت المسرحية باهتمام كبير بسبب التقديم الدقيق والهادئ للسؤال "ما مقدار تعاطفنا مع ألم الأشخاص والإحساس به من خلال جسمنا الكامل؟"
----------------------------------------------------------
المصدر : كيم سو-يون ناقدة مسرحية - كوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق