مجلة الفنون المسرحية
«المسرح القصير».. من ثوابت أرسطو إلى شريحة الحياة
زينب أبو سيدو
«المسرح القصير».. من ثوابت أرسطو إلى شريحة الحياة
زينب أبو سيدو
هل يمكن عرض مسرحية مدتها ربع ساعة أو أقل؟ خصوصا في عصر السرعة والمدونات القصيرة «تويتر» واللقطات العابرة المعبرة، كثيرا ما تترك الفواصل الساخرة التي تقدم في البارات والمقاهي، أثرا كبيرا، فالهزل يتحول الى فرصة في غاية الأهمية لهدم شيء كبير، والضحك أصبح السلاح الوحيد في مواجهة الضغوط التي يعاني منها الجميع، ولا مجال للحديث عنها بجدية وبإسهاب، فالوقت في غاية الضيق، ولا بد من التركيز الشديد على الكلمات والفعل، حيث يتحول المشهد الى قنبلة في غفلة من الجميع، فيتفاعلون معها بعمق.
وكيف يستقبل المشاهد المسرحية القصيرة؟ بهذا السؤال وغيره من الاسئلة المهمة، يفتتح الكاتب السوري، منتخب صقر، دراسته حول «المسرح القصير» وهو عنوان الكتاب الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة المسرح العالمية، عدد (سبتمبر - نوفمبر 2015) في 259 صفحة، موردا اربعة امثلة من مسرحيات اوروبية ترجمها، اثنتين للفرنسي فيليب منيانا، واخرى للسويسري هيرفي بلوتش والرابعة لجان لوك لاغارس.
يستعرض الكاتب افكار وبدايات هذا الشكل المسرحي والظروف التي اوجدته كطريقة مغايرة للتعبير المسرحي، فمع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين دخلت اوروبا مرحلة ازمة الانسانية الاوروبية، كما اطلق عليها بعض الفلاسفة، وراح المشتغلون في الفن يبحثون عن روح جديدة للاشكال الفنية، ومنها المسرح الذي كان عليه ان يتبع «ذوق وحاجات روح العصر الحديث»، بحسب تعبير الكاتب المسرحي السويدي اوغست ستريندبرغ.
وهنا بدأ البحث كالعادة بتراث المسرح، والاشكال الغريبة فيه، فاسترعت الانتباه الاشكال المسرحية القصيرة التي ظهرت احيانا في اوروبا، كالكوميديا الهزلية التي كانت تعرض في المهرجانات والاسواق الشعبية في القرون الوسطى، والمسرحيات القصيرة في نصوص الاديب الروسي انطون تشيخوف الذي حول العديد من نصوصه القصصية القصيرة الى نصوص مسرحية.
هذا النوع من المسرحيات القصيرة بدأ يعرض على الخشبة، ثم سرعان ما تأكد حضوره تحت مسمى المسرح القصير او مسرح الحبكة الواحدة، ليتطور الى تشكيلات اخرى منها السكيتش، اضافة الى تركيزه على التكثيف والابتعاد عن الذهنية، مهتما بالتشويق والاثارة تماشيا مع روح العصر.
في هذا النوع من المسرح لا يوجد حدث محدد بل هو مشاهد منفصلة ومأخوذة من الحياة الواقعية، وخروج كامل على قواعد المسرح الكلاسيكي.
يؤكد الكاتب انه قبل نهاية القرن العشرين بدأ الكتاب الشباب بالاهتمام بالمسرح القصير، وباتت المسرحية القصيرة، تماما كالفيلم القصير لا بد من المرور بها قبل كتابة المسرحيات الطويلة.
على مستوى المسرح العربي يعتبر الكاتب ان الفضل في كتابة المسرح القصير يعود الى توفيق الحكيم ويحيى حقي وخليل هنداوي، ثم سعد الله ونوس، والفريد فرج ووليد اخلاصي، والعديد من الاسماء الاخرى مثل عصام محفوظ، وعبدالغفار مكاوي، وشاكر السماوي، وعبدالكريم المناع وآخرين.
-----------------------------------------------------
المصدر : الأنباء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق