تصنيفات مسرحية

الأربعاء، 14 يونيو 2017

لابد من حوار لتنضج الفكرة.. قراءة في كتاب "حوارات في المسرح العربي" لعبدالجبار خمران..

مجلة الفنون المسرحية

لابد من حوار لتنضج الفكرة.. قراءة في كتاب "حوارات في المسرح العربي" لعبدالجبار خمران..


هايل المذابي

حوارات في المسرح العربي" كتاب صدر مؤخرا للفنان و الإعلامي المغربي عبدالجبار خمران برعاية الهيئة العربية للمسرح و يحتوي 11 حوارا أجراها خمران مع شخصيات فنية مسرحية عربية مهمة و جاء الكتاب في 97 صفحة من القطع الكبير.. 
الفكرة ليست بحديثة لكن الاختصاص الذي تناوله الكتاب هو الجديد. و على سبيل الذكر من الكتب التي لها رواج "مكانة التسامح في الأسلام" الذي هو عبارة عن حوارات يديرها الدكتور خالد أبو الفضل، وغيرها كثير.
إن الأفكار لا تنضج إلا عندما تلوكها ألسنة الحوار، ولكنه لايكون و لن يكون مجدياً إن لم يكن مع من يمكن وصفهم بالنخبة كما هو في كتاب عبدالجبار خمران الذي نتحدث عنه. كحسن المنيعي و خالد الطريفي و غيرهم من أصحاب الفكر الناضج و ممن يشار إليهم بالبنان عربياً في الفن المسرحي..
لنا أن نطرح سؤالاً هاماً: لماذا الحوار؟ و لماذا لم يختر الفنان و الإعلامي القدير أن يكون كتابه مقالات تلخص ما جاء في الحوارات ...؟
عدا موضوع الأفكار التي تفتح بعضها بعضا في الحوار فإن للحوار طبيعة جوهرية هي تثبيت الأفكار في الذهن فسقراط لُقّب بالمشاء و سميت مدرسته بالمشائية لأنه كان يعتمد على الحوار مع تلاميذه أثناء المشي و أيضا فإن سقراط اشتهر بالمنهج الحواري في فلسفته.. 
ومن جانب آخر يمكن القول أن " الحوار"  مسلك يُحسّن ويُجمِّل ما نراه وندركه من أشياء .. و حين نعتقد أن في كل المسائل الغامضة نقاطاً مُظلمة، تحتاج إلى إضاءة ، وأننا عن طريق قدراتنا العقلية والمعرفية الخاصة، لا نتمكن من إجلاء وإضاءة تلك النقاط، فإننا سنسعى إلى الحوار بوصفة الوصفة الناجعة والأداة الوحيدة لتوضيح الصورة الذهنية لمعظم الأشياء و الأفكار دائماً  لا تنضج إلا إذا لاكتها ألسُن المناظرة ...
الحوار يُلزمنا تمحيص الأفكار والمقولات وغربلتها كما أنه يمنحها بُعداً إضافياً وجديداً كانت بمنأىً عنه كما يجعل لها آفاقاً رحبة، وبالمقابل فإنه يُقصي الزبد منها ويبدده إلى العفاء نظراً لامتداداته اللا مشروعة..
والحوار منطوٍ على التسامح ، لأنه  ينطوي على اعتراف ضمني بالقصور، ويحد من غلواء الاعتداد بالذات ، وهذا هو الذي يرسخ بدوره مشاعر الحاجة إلى الآخرين لدينا والعكس .وبمجرد توفر هذا الشعور يبدأ التنازل، وتبدأ حركة التأثير والتأثر. والشعور بالحاجة إلى الآخرين- من وجه آخر- يشكل شرطاً للاستفادة من الحوار .
كلنا مطالبون بالإيمان بأن الحوار ليس شعاراً تزيينياً نرفعه أو نتجمل به، بل مصدراً للتعبير عما نفكر به، ومصدراً لتنمية الاتجاهات وإزالة اللبس والأوهام. ولا شك أن الحوار سيكون مُثمراً إذا استطاع أن يخلق جواً من الشك في أمور كنا ننظر إليها نظرة الموقن الجازم بما يرى وبما يذهب إليه. وإن الشك يولد بداية لامتلاك زمام المراجعة، في الوقت الذي يؤسس فيه للتسامح.  
لقد أستطاع خمران تقديم خلطة ناضجة التقى فيها الإعلام و الفن و النقد الذي يبني و الفكرة الناضجة من خلال حواراته التي قد يبددها العفاء إن لم تُجمع بين دفتي كتاب.
أخيراً لا ننس أن نشكر خمران و نشكر الرعاية الكريمة و الجادة للمشاريع التي تثري الوسط الفني من قبل الهيئة العربية للمسرح.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق