مجلة الفنون المسرحية
“مشعلو الحرائق” في عرض مسرحي: “الإرهاب الذي أشعل الحرائق في العالم العربي لن يتوقف هناك”
“مشعلو الحرائق” في عرض مسرحي: “الإرهاب الذي أشعل الحرائق في العالم العربي لن يتوقف هناك”
مشعلو الحرائق هو أسم مسرحية عالمية كتبت بالأصل باللغة الألمانية تأليف الكاتب السويسري ماكس فريش في عام 1953 وترجمت الى لغات عديدة وتحولت الى عمل درامي إذاعي ومثلت على مسارح عالمية عديدة ولكنها لم تظهر بنسختها السويدية الا من خلال المخرج العراقي كريم رشيد وهذا ما أثار حماس الجمهور السويدي ليشاهدوا ما الذي يمكن ان يقدمه لهم مخرج اجنبي من خلال تقديمه لمسرحية عالمية كان السبّاق بنقلها الى السويد ، حيث بدأ العرض المسرحي الأول بتاريخ 31/5/2017 في مسرح الأستوديو التابع للمسرح البلدي في مالمو.
عندما كنت في طريقي الى المسرح لحضور عرض الساعة السابعة مساءآ كنت أبني توقعاتي عن عدد حضور الأشخاص السويدين بالنسبة للعرب بين جمهور العرض ، وكنت على قناعة بأن العرب سيكونون الأغلبية حيث سنقف مفتخرين بإنجازهذا المخرج العراقي وعرضه المسرحي الذي تدور فكرته حول الأجانب او الغرباء أومشعلي الحرائق ، تلك التهمة التي طالما ألصقت بنا لسبب أو لآخر ، تهمة إشعال تلك الحرائق المغرضة بغض النظر اذا كانت حرائق فيزيائية حدثت بالفعل او معنوية وفكرية، ولكن بمجرد وصولي الى المسرح اكتشفت للأسف اني الحاضرة العربية الوحيدة بين حشد الجمهور في ذلك اليوم.
بدأ العرض بمجرد مرورنا عتبة الدخول المسرح حيث أستقبلتنا ممثلتان وقفتا عند الباب، أخافتني إحداهما عندما سألتني بصوت منخفض ومثير للريبة عما إذا كان لدي ولاعة أو علبة كبريت أم لا؟ وأوقدت في داخلي سؤالا عما يعنيه ذلك وصلته في العرض، وموقفنا من الحرائق التي يتصاعد لهيبها في أماكن كثيرة ولأسباب مختلفة هنا وهناك.
أحداث المسرحية
تدور احداث المسرحية حول التناقض بشكل عام بين الأستجابة أو الرفض لما نتعرض له من ضغوط مشعلي الحرائق بمختلف تنوعهم وانتماءاتهم، وذلك من خلال حكاية مشوّقة عن شخصية صاحب مصنع غير متسامح في الحياة العملية ولكنه يعيش في المنزل بشكل لائق وودود، لكنه يمكن أيضا أن يكون تجسيدا لشخصيات أستبدادية وجشعة كثيرة في التاريخ مثل أولئك الذين تقودهم أنانيتهم الى إشعال الحرائق على أنواعها، ثم يعودون الى بيوتهم ليتصرفوا بشكل مصطنع ومؤدب يوحي بشعور الاستقامة البرجوازية.
حيث تتورط هذه الشخصية بأستضافة أثنين مشعلي الحرائق والسماح لهم المبيت في غرفة في سطح المنزل، بعد أن استمع الى تزلفهم وتوددهم المصطنع وأقتنع بأنهم مثله يودون التخلص من كل أولئك الذين يناصبهم الخلاف، فأقنعوه بأن يستقروا على سطح منزله لينتهي الأمر بقيامهم بأضرام النار في منزله أيضا بعد ان أشعلوا حرائق أخرى في كل ضواحي المدينة. المسرحية بالطبع تعرض كوميديا سوداء ليست واقعية ولكنها تصف ضعف المبادئ بشكل عام اتجاه الشر الذي يحدث في العالم، وورطة وسذاجة أولئك الذين يتسترون أو يدعمون مشعلي الحرائق لظنهم أنهم بذلك يتجنبون شرهم.
ذلك التفكير الأناني الفردي يرتد في الآخر على صاحبه ويجلب له الخراب الذي حاول تجنبه. كان فريق التمثيل يتشكل من سبعة ممثلات سويديات جسدن شخصيات العرض بطريقة توحي بما تضمره رسالة العرض المسرحي حيث تنتمي الشخصيات لما تمثلها من المواقف الأجتماعية والطبقية والسياسية أكثر من إنتمائها لصفتها الجنسية كأمرأة أو رجل، وهذا ما جعل فكرة تغيير الشخصيات جميعا الى نساء تبدو متوافقة مع محتوى العرض.
كريم رشيد: الإرهاب يوقد حرائق الكراهية والتزمت
وحول سبب اختيار هذا المسرحية يقول المخرج كريم رشيد: ” تنشب الحرائق لأسباب كثيرة بعضها تافه للغاية لكنها قد تتسبب بتدمير مجتمعات بكاملها، خصوصا تلك التي تنشب بسبب التطرف السياسي والديني، وهذا ما نشهده حاليا في أجزاء مختلفة من العالم، حيث يوقد الإرهاب حرائق الكراهية والتزمت”.
يضيف: ” يظن البعض انه في مأمن من تلك الحرائق طالما أنها بعيدة عنه دون ان يدرك أن الحرائق عندما تنشر لن توقفها حدود، فيما يظن البعض الآخر أن دعمه لمشعلي الحرائق قد يجنبه خطرهم لكن ذلك محض وهم وغباء. وهناك أيضا الحرائق التي تندلع لأسباب مثل الجشع كحرائق السيارات وحرائق أخرى لغرض طرد المهاجرين حيث يحرق المتطرفون أماكن أقامة اللاجئين ، كما أن هناك حرائق الفكر التي هي أشد خطرا ، لهذا أخترت هذه المسرحية لتكون صافرة إنذار تذكرنا بأن الأرهاب الذي أشعل الحرائق في العالم العربي لن يتوقف هناك وأنه سينشر حرائقه في كل مكان يصل أليه ، وهذا ما نشهده حاليا في أوربا ويشكل تحديا كبيرا للسياسة الأوربية كما أنه جعل المهاجرين العرب أمام إشكالية جديدة لم يكن طرفا فيها ، إذ أنه غالبا ما يتحمل ردود الأفعال الناتجة عن العصابات الأرهابية التي تقوم على التطرف الديني والفكري” .
------------------------------------------
المصدر : زينب وتوت - الكومبس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق