مجلة الفنون المسرحية
كسر القواعد المسرحية فـي مسرح عصام محفوظ
فاتن حسين ناجي
ولد الشاعر والكاتب المسرحي والناقد اللبناني عصام محفوظ عام 1939 جنوبي لبنان.. كتب الشعر في بداية حياته الادبية ثم مالبث أن هجر الشعر ليتحول الى المسرح حيث دفعته هزيمة حزيران الى هجران الشعر والتحول الى المسرح، بعد أن ملأ حقائبه بأجمل دواوين الشعر ((أشياء ميتة))، ثم ((أعشاب الصيف)) (1961)، و((السيف وبرج العذراء)) (1963)، و((الموت الأول)) (1973).
بعدها اتجه الى المسرح والتأليف المسرحي بصورة خاصة، وعمل أستاذاً لمادة التأليف المسرحي في الجامعة اللبنانية، حينها عدّ رائداً للمسرح اللبناني الحديث على مستوى التأليف في النصف الثاني من القرن العشرين. وكان من اوائل الذين طالبوا بخروج المسرح واللغة المسرحية عن اللغة الشعرية وعن أي قيود درامية أو شكلية يمكنها أن تجعل المسرح يدور ضمن حلقة مفروضة عليه. طالب أن تتحرر اللغة أن تكون عامية محكية لذا قدم اغلب مسرحياته باللغة
اللبنانية .
قدم محفوظ الكثير من المسرحيات كانت أولها مسرحيته «الزنزلخت»، كتبها عام 1964 وضمنها مقدمة تعد هذه المقدمة البيان المسرحي الحديث رقم واحد.
في مسرحيته حيث اعلن ولادة اتجاه جديد... في بيانه "ضدّ الاتفاق، ضد التقليدية، ضدّ التفاهة، ضد الكسل، ضد اللامسرح". إنّها حرب تجعل أعماله عند "الحد الفاصل بين النص الأدبي والنص المسرحي... إنني ضد الكلمة الشعرية في المسرح، ضدّ الحذلقة الذهنيّة، ضدّ البلاغة، ضد الخطابة، ضد الغنائيّة، ضد الفكر، ضدّ كلّ ما يقتل الحياة في اللغة المسرحيّة". يرى عصام محفوظ أن على المسرح "أن يتحيز لموقف، وأن يبدأ هذا الموقف من الواقع، مستخدماً أول عناصر هذا الواقع: لغته، اللغة المحكية، لغة الشارع والبيت، لغة القبضة
والشجار".
ثم كتب مسرحيته الثانية ((القتل)) عام (1969) وبعدها ((الديكتاتور )) التي كان اسمها الجنرال واجبر على تغييرها الى الديكتاتور. ومن ثم ((كارت بلانش)) عام 1970 ثم مسرحية ((قضية ضد الحرية)) (1975)، ومسرحية «التعري» عام (2001) آخر مسرحية كتبها قبل الحرب فكانت "حسن والبيك" وكانت عبارة عن مونودراما.
بعد ذلك تحول الى الكتابة بعد أن جمع مقالاته في الصحف مؤكداً على الشخصيات الثورية والتمردية التي اعطاها اهمية كبيرة في كتاباته ومن قبلها مقالاته الصحفية لاسيما أن كتاباته تخصصت في ميدان الدراسات الأدبية والكتابات والنقدية في اسلوب حواري تارة واسلوب تراثي تارة أخرى، حيث قدم لنا «سيناريو المسرح العربي في مئة عام» (1981) مستعرضاً فيه التراث المسرحي العربي، ومن ثم وفي مجال المسرح ذاته قدم لنا «مسرح القرن العشرين» في جزأين عام (2002)، وبعدها قدم حواراته و«حوار مع الشيخ الأكبرابن عربي» (2003)، و«حوار مع الملحدين في التراث» (2004)، ربما تجلى رفض القواعد المسرحية في رفضه لأن يكون الكاتب خاضعاً للون ادبي واحد، لذا نراه يتنقل بين الشعر والمسرح والنقد والمقال الصحفي وحتى الكتابات السياسية وايضاً في رفضه للغة الشعر داخل المسرحيات مؤكداً على أن اللغة العامة ولغة الشارع هي الافضل في تقديم الحبكة الدرامية على اصولها التامة. وكسره للتابوهات الدرامية القديمة، حيث كان ضد الخطابة والزخارف اللغوية والصورية داخل العمل المسرحي حتى تكون الصورة النهائية للمسرحية صورة متكاملة من البساطة .
توفي عام 2006 بعد أن قدم للأدب والمسرح عدداً كبيراً من الدراسات والمسرحيات والروايات وحتى في فن الرسم والتشكيل والسياسة أيضاً، فقد بلغ عدد كتبه المطبوعة نحو خمسة وأربعين كتاباً.
----------------------------------------------------
المصدر : جريدة المدى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق