مجلة الفنون المسرحية
المسرحي إبراهيم الحسيني : جذرية الإبداع تخترق الحدود إلى المتلقي العالمي
المسرحي إبراهيم الحسيني : جذرية الإبداع تخترق الحدود إلى المتلقي العالمي
حاورته :نجوى المغربي - كتابات
حين يتحرك النص المكتوب.. ويضحك أو يبكي, يضئ ويظلم, يجرجر ملاحم الماضي أو يبقر بطن الحاضر.. نسميه مسرح. في الماضي البعيد بدأ بترانيم المعابد وصراع الخير والشر، ماراً بملاحم العمالقه وأساطيرهم، وصولاً إلى بوابات عصرنا ونمنماته المختلفة التي أجادها المجددين أمثال “إبراهيم الحسيني”.. الذي أعتلى ظهر النص وملك نواصيه حتى لا يرهق المتلقي في اللهاث وراء الفكرة والمضمون.. فجمع بين الدراما والكوميديا في حدوتة شيقة تلائم شرائح المجتمع الثقافية المختلفة, فجاءت أعماله لتحصد الجوائز أولاً بأول حتى أنني أقول أن ما كتبه أيقظ حتى “الجوائز النائمة”.. لذا حاورته لتلمس بعض من ملامح ابداعه وفنه..
من سبق الآخر نصك المسرحي أم تفاعل الجمهور ؟
كلاهما جاء في الوقت المحدد له.. أعتقد أن شغف الجمهور واستعداده لتلقي السمين كان مشجعاً لسؤالك الذي يحمل العديد من أوجه الإجابة.. فالجمهور كان مشتاقاً ليجد نفسه وينظر إليه والنص كان محققاً لذلك بأجود ما يكون من عناصر فعالة.
جماليات الفصحى والعامية في البناء المسرحي.. هل احداهما تطيل عمر النص زماناً ومكاناً لتحقق هدفها الأكبر للإنسان فى كل.. وأى منهما كما فعلت “جنة الحشاشين” و”كوميديا الأحزان” ؟
حين يحتاج النص لتحولات اللغه لابد أن يستجيب حتى الإتساق التاريخي والشعبي.. هكذا أرى فالتجريب عشقي, والتجربه المكتوبة ليس لها أن تثري إلا إذا آثرت وأثرت. وفي “جنة الحشاشين” كانت محاولة مني لرؤية آثر تحولات اللغة وجمالياتها على البناء المسرحي فقصة العمل تدور حول واقع تاريخي.. كتبت 23 مشهداً منها بالعامية ثم تصورتها بعد ذلك بالفصحى فكانت النتيجة مذهلة لـ27 مشهد يصور فكرة التصادم بين انسانية الشاعر وتملق السياسي والتعصب الديني، وذلك من خلال ثلاث شخصيات مهمة فى التاريخ الإسلامي كأبطال العمل “عمر الخيام” ومن يمثل نظام الملك ورجل السياسة و”حسن الصباح” مؤسس جماعة الحشاشين التاريخية المشهورة التي كانت تتخذ من الدين ستاراً للوصول لأهدافهم السياسية, وحصد العمل بجدارة “جائزة ساوريس 2003” مرتين.. مرة للعامية وأخرى للفصحى عام 2011.
“الحسيني” الناقد المسرحي وصاحب “كوميديا الأحزان”، المعروضة على أهم مسارح الغرب واميركا لسبع سنوات متصلة، الحكاية المتسقة بكل خطواتها مع الإبداع ذاته.. هل تعتقد أن المتلقي الآن أكثر وعياً وظمأ للإبداع الإنساني بعيداً عن الإسم واللغة والهوية لصانع العمل مروراً بالمسارح عالمياً وعربياً ووصولاً للقائمين على الجوائز ؟
إنطلاق الحكاية وعناصرها عبر وعائها الإنساني كالسهم نحو أهم مسارح العالم في “برادواي” بأميركا وغيرها كان خير شاهد ودليل على جذرية الإبداع في الكتابة والهدف منها والإقتراب قدر الإمكان من عوالم البشر الخفية بعد بعثرة الأقنعة للكتابة عن قيمة وانسان وحكاية تجمعهما, لذا كان الإحتفاء بحكاية الأحزان ومنحها مزيداً من الحيوية والطاقة، عبر أروقه المتلقى العالمي سواء بالعرض المبهر كنص شباك أو بترجمتها أو بإحتفاء المتلقي والمتخصص والجهات الإعلامية بها.
النصوص الكوميدية السهلة بمعنى الاستخدام المسئ للمسرح.. أين الثقل المسرحي.. أم هذا منطق الوقت الحالي ؟
“نظام” العمل الثقافي داخل مصر لا يتعدى داخل أروقتة, ولا يؤثر على المحيط الخارجي كما هو منوط به, ومنطق الثقافة والصعود للكاتب عندنا يأتي بالصدفة.. لابد من ارتفاع الوعي الثقافي داخل المجتمع المصري والوصول للهدف من وجود كل الأشكال والمؤسسات الثقافية لدينا, حينها فقط ستقدم النصوص المسرحية الهادفة والكوميدية وسيطرد تباعاً ذوق الجمهور – المربى ثقافياً – كل ما هو تافه وبلا قيمة.
تتهم “العولمة” بانعدام الضمير كثيراً ونصيبنا منها نحن العرب لا يتعدى المزيد من قوى الإستهلاك والإستهلاك فقط.. كيف تنجو بنصوصك من حالات سهام المادية ولوثة العصر ؟
بتظافر جهودي وحدي.. وبألا يشغلني أي نص عن الآخر, وايمان راسخ بأن من لديه شغف بالسؤال الثقافي الكبير لابد ألا يتوقف عن خطط الإبداع.
هل هناك أزمة مسرح ؟
هناك أزمة فكرة ونص وإبداع وتربية ثقافية يجب أن تزور المتلقي المنعزل بفعل فاعل وبفعل الظروف, أما ما يوجد الآن فما هو إلا تضليل ثقافي, ونصوص غارقة في التراجع والهزل, على الرغم من وجود قضايا كثيرة وجادة يمكنها أن تتمسرح وبإمتياز.
(كتابات): ماذا تقدم الورش المسرحية للمستهلك المسرحي والكاتب باعتباركم أحد روادها في العالمين العربي والعالمي ؟
تقدم تنقية خالصة لأي تشوه أو لبس قد يعيق أو يؤخر التنمية الإبداعية, كما أنها محرض وداعم في ذات الوقت للتجديد والحوار بين المبدع ومدربه, علاوة على خبرات منتقاة تقدم على مرحلتين للمتلقي المبدع المباشر ولهيئة الثقافة في دولته أو مكانه من خلاله، وهي ما تمثل العملية الثقافية برمتها في عالمنا, نحاول دعم الحركات الشبابية المسرحية في دولنا وخاصة دول الخليج والمغرب العربي لبناء نهضة مسرحية فنية حافلة في بلادها.
ما رأيك في تجارب “أفلمة” النص المسرحي ؟
النص المسرحي قابل دائماً للتحليق بعناصره وعناصر مضافة أخرى ببراعة, فهو كجنس واقع بين الأدب والسينما قبل أن تتم تأديته على الخشبة, إلا أن النص المسرحي يتفوق على ما سواه كون الصورة هي من تكون في خدمتة, فقراءة مسرحية مكتوبة تفي بحاجه القارئ لمراحل كبيرة عن رؤيتها, عكس الفيلم الذي لا تكفي ولا تفي بأي حال قراءة سيناريو له عن رؤيته ومشاهدته, لكن هناك بعض النصوص المسرحية التي تتراجع قليلاً أمام الصورة المشهدية بوجود ممثلين معينين ويجب أن يتم بإخلاص شديد للنص بلا شك, وإذا ما أخذنا “روميو وجوليت” كمثال نجد النص حين نقل للسينما اقترب من المشاهد والصور, كذلك حين تمت تأديته كعروض بالية حيث الإعتماد كلية على الصورة والموسيقى والإخراج والآداء, هنا اختفى النص تماماً واستبدل بالراقصات وتمت المحاورة بالرقص وهناك نصوص آخرى كـ”هاملت” و”أوثيلو”, وفي كل الأحوال “أفلمة النص المسرحي أو عرضه كـ”باليه” هو إعادة قراءة للنص ضمن ما يوضع أو يحذف من أدوات جديدة.
كل نص مسرحي عليه إيصال رسالة لمتلقيه ماذا أوصلت من رسائل ؟
هو مستخلص كبير حسب الفضائل والعادات والتقاليد والنظم والقوانين والمسموح والمحظور، وفي النهاية أعتقد أنني فتحت شبابيك كثيرة كلها على حرية وأمل وحب وفرص جديدة لمبدعيين جدد من جيل المسرحيين.
نبذة عن الكاتب والناقد المسرحي: “إبراهيم الحسيني”.. حصل على العديد من الجوائز العربية والخليجية والعالمية المتنوعة، فلم يترك عمل له إلا وحصل على جائزة أو جائزتين.
ترجمت مؤلفاته المسرحية لأكثر من خمس لغات عالمية.
عرضت المسارح العالمية بأوروبا وأميركا أعماله لسنوات، ورحب بها الوسط الإعلامي والنقدي المتخصص، وتمت بشأنها توصيات الإهتمام والتحليل والدراسة وحصدت الجوائز.
يعد الكاتب والناقد المسرحي من أغزر المؤلفين إنتاجاً والذي تنوع بين المسرح والنقد والسيناريو والشعر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق