مجلة الفنون المسرحية
وائل سعيد - بتانة نيوز
نظم مختبر سرديات مكتبة الإسكندرية، مساء أمس اﻷربعاء، ببيت السنارى بالسيدة زينب، ندوة لمناقشة كتاب "ترام الرمل" الصادر عن مؤسسة بتانة لهذا العام، من تأليف الشاعر ميسرة صلاح الدين، شارك في المناقشة د.محمد أبوالخير الأستاذ بأكاديمية الفنون والناقد أحمد عامر، بإدارة الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر.
يضم الكتاب ثلاث مسرحيات (ترام الرمل – الصندوق الاسود – أحوال شخصية) ويغلب على معظم النصوص روح الشعرية العالية؛ كما ذكر أبوالخير في مداخلته؛ حيث رأى أن الكاتب كونه شاعر في الأساس قد تمكن من استخدام لغة تراوح بين الشعرية والبساطة في تقديم أفكار الشخصيات، والتي امتزجت فيها العامية بالفصحى علي مستوى الأغاني المتخللة للنص المسرحي، بالإضافة إلى الحوار، ولهذا شاركت في الربط بين المشاهد أو اللوحات التي استخدمها ميسرة في بناء عالمه المسرحي.
وردا على التساؤل المطروح من عتيبة في مقدمته حول إمكانية قراءة النص المسرحي عبر الكتب كعمل أدبي دون تمثيله علي خشبة المسرح؛ أقر أبوالخير بأن النص المسرحي منذ تعرف الإنسان على فكرة المسرح، يرتبط ارتباطا وثيقا بالتفيذ الحركي والتمثيلي أمام جمهور؛ حتى أن مسرحيات توفيق الحكيم أخذت شهرة أوسع وانتشارا أكثر بعد أن خرجت من حيز الكتابة الفكرية على الورق، وإلباس الأفكار لحم ودم الممثلين وبقية عناصر الفضاء المسرحي.
كما أشاد أبوالخير باختيار عنوان "ترام الرمل"، مستعيدا تراث نجيب محفوظ في الكتابة المكانية التي يُمثل المكان فيها البطل الرئيسي للعمل، مثل "زقاق المدق" و"ميرمار" و"خان الخليلي" و"بين القصرين"...الخ، الأمر الذي قدمه ميسرة بحرفية وفنية بجعل ترام الرمل مسرحا للأحداث، وللتواصل بين الشخصيات، بالإضافة إلى طرح محطات حاملة للجو السكندري، كالأنفوشي وحلقة السمك والمنشية وسيدي جابر، مؤكدا أن الإغراق في المحلية الذي فعله محفوظ من قبل، هو الطريق الفعلي للعالمية.
أما على مستوى البناء المسرحي للنص، فقد ابتعد ميسرة عن الشكل التقليدي للمسرح؛ بالمقدمة أو الفصول والمشاهد، ورسم –كما يقول أبو الخير- لوحات متجاورة يتم عرضها على المتفرج خلال رحلة الترام، وقد وفق الكاتب في عدم تحديد أسماء للشخصيات في المسرحية، فجاءت ممثلة لفئات المجتمع المختلفة: الأم، الأب، الفتاة، الرجل.. وهكذا؛ مما أضفى تعددية لمستويات الطرح، بالإضافة إلى إثارة العديد من القضايا المعاصرة على ألسنة الشخصيات، كالعنوسة وأطفال الشوارع وأزمة المهاجرين، الأمر الذي أطلق عليه مصطلح "مسرح المشاركة"، بين فريق العمل وبين المتلقي.
ومن جانبه تساءل الناقد أحمد عامر، في البداية، عما إذا كان العمل يحتوى على احترام للجمهور والمتلقي أم لا؟ وأجاب عن سؤاله بأننا أمام عمل يحترم المتلقي بالفعل، وقد يندهش البعض من هذا السؤال؛ فأي عمل لابد له أن يحترم عقلية المتلقي فما وجه الغرابة؟! لنجد أن معظم الأعمال –كما يقول عامر- يراها مجرد كتابة على كتابات أخرى أو شيء من هذا القبيل، على عكس ما يقدمه ميسرة من جهد مبذول وراء إخراج هذا العمل.
وحول إشكالية النص المسرحي بين التنفيذ والقراءة، قال عامر إن النص المسرحي مشروط بالمشاهدة بالأساس، ولكن مع ترام ميسرة مكتوب ببناء أدبي قائم على السرد والحكايات، بما يجعله صالحا للقراءة فقط، أو المشاهدة المسرحية ايضاً، بالإضافة إلى أن اللوحات المكتوبة جاءت متماشية مع محطات خط سير الترام، وتمازج فيها الحكي بالغناء والشعر.
وكان من ضمن الحضور الناقدة البحرينية زهراء المنصور، التي أثنت على التعددية في الأصوات عبر شخصيات المسرحية؛ الأمر الذي أدى في النهاية إلى صناعة حالة من حالات المسرح التفاعلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق