تصنيفات مسرحية

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

ناهدة الرماح مبدعة وأية مبدعة ؟ شمس ساطعة تدفئ أرض المسرح

مجلة الفنون المسرحية

ناهدة الرماح مبدعة وأية مبدعة ؟ شمس ساطعة تدفئ أرض المسرح

صباح المندلاوي - الزمان 

في ربوع وبساتين بهرز الناحية التابعة ادارياً الى متصرفية لواء ديالى فيما مضى وفي الاول من تموز عام 1936 تبصر النور الطفلة ناهدة اسماعيل ياسين القريشي / بهرز التي اطلق عليها ذات يوم “موسكو الصغرى” اثر انتشار الافكار اليسارية والشيوعية فيها ولكونها محط اقبال الجمهرة المتنورة من ابناء شعبنا ومن الشبيبة والطلبة التقدميين عبر سفرات ترفيهية الى حقولها وبساتينها الغناء في المناسبات الوطنية والتقدمية .

في السادسة من عمرها دخلت المدرسة الابتدائية في بهرز والمدرسة عبارة عن حوش كبير تحيط به البساتين وثمة نهر يسمونه “شاخة” على مقربة منها

في المدرسة ثلاث غرف واحدة مخصصة للمديرة وهي من عائلة “المحروك” المعروفة في ديالى وكذلك المعلمات ومن ضمنها المعلمة “فوزية” وغرفة اخرى مخصصة لطلبة الصف الاول والثاني وغرفة ثالثة مخصصة لطلبة الصف الثالث والرابع كانت تبهر زميلاتها بما ترويه من قصص وافلام سينمائية رأتها وفي احايين تنسج من بنات افكارها قصصاً خيالية لهن فيما بعد انتقلت الى مدرسة البتاوين الابتدائية للبنات في بغداد , والتي كانت تتولى ادارتها الست فخرية ومن المعلمات المتميزات فيها الست سوزان والست سهيلة واذ تبلغ مرحلة الشباب , يلفت انتباهها اعلان ينشر في الصحف المحلية في النصف الثاني من خسينيات القرن الماضي حول انتاج فيلم سينمائي عراقي والحاجة الى ممثلات ليلعبن البطولة والادوار المهمة فيها . تبادر وبتشجيع من اهلها المتنورين وتنجح في الاختبار يناط لها دور “معصومة في فلم “من المسؤول” من اخراج الفنان عبد الجبار ولي والى جانب الممثلين المعروفين سامي عبد الحميد والفنان الراحل خليل شوقي ويتم عرض الفلم عام . 1957

هذه الانطلاقة وهذا النجاح يدفعها للانضمام الى فرقة المسرح الحديث والتي تضم كوكبة من الوجوه الفنية المعروفة انذاك من امثال ابراهيم جلال ويوسف العاني وسامي عبد الحميد و خليل شوقي واخرون .

تمثل في مسرحية ” الرجل الذي تزوج امرأة خرساء ” الاناتول فرانس واخراج الفنان سامي عبد الحميد

تتوالى مساهماتها في اعمال اخرى منها ” الخال فانيا” لتشيخوف واخراج عبد الواحد طه و” مسألة شرف ” تأليف واخراج عبد الجبار ولي .

فنانة رائدة

بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 , تشارك في مسرحية ” اني امك ياشاكر” تأليف يوسف العاني والى جانب الفنانة الرائدة الكبيرة زينب

والمسرحية تلامس وتراً حساساً من اوتار الجماهير الغاضبة والمكتوية بنار القمع والارهاب في العهد الملكي فتنال من الاعجاب والتقدير الكثير .

حتى ان الزعيم عبد الكريم قاسم يطلب اللقاء بطاقم عمل المسرحية ويحتفي بهم ويخصص لكل ممثل او ممثلة مكافأة قدرها خمسة عشر ديناراً وياله من مبلغ مجز يومها

بعد احداث الثامن من شباط الاسود عام 1963 تتعرض الفنانة ناهدة الرماح الى الاعتقال في خلف السدة ولشهور عدة وهو ما اكده ابن شقيقها السيد كريم القريشي .

وعند مواصلة فرقة المسرح الفني الحديث بنشاطها المسرحي اواخر الستينات من القرن الماضي , تعاود من جديد العمل في مسرحيات الفرقة .

هاهي تمثل في مسرحية ” انا ضمير المتكلم ” توليفة شعرية اعدها قاسم محمد ولشعراء عرب يؤكدون المقاومة وير فضون التخاذل والمساومة .

وكذلك في “تموز يقرع الناقوس ” لعادل كاظم

و” الرجل الذي صار كلباً ” لازفالدو اراغون ” نفوس″ لمكسيم غوركي و”ابصوت الانساني” لجان كوكتو و” النخلة والجيران” عن رواية معدة لغائب طعمة فرمان واخراج قاسم محمد وحيث لعبت دور “رديفة” زوجة حمادي وقبلها في مسرحية المفتاح “ليوسف العاني وحيث تؤدي دور “حيرة” وفي “الخرابة” للفنان الراحل يوسف العاني وبدون “غنية” عام 1972 تنتمي الى نقابة الفنانين العراقيين .

دور البطولة

عام 1972  تؤدي دور البطولة في فلم “الظامئون” للروائي عبد الرزاق المطلبي واخراج محمد شكري جميل .

تمضي وقتاً ليس بالقليل بالتدريبات على مسرحية “الجومة” للكاتب الراحل يوسف العاني , الا ان السلطة في حينها لم تسمح بعرض المسرحية بذريعة ان المسرحية تنتقد سلطة شاه ايران وهناك اتفاقية موقعة واياها اتفاقية الجزائر والتي بموجبها تم تجريد الاكراد من السلاح في العراق مقابل التنازل عن شط العرب وايقاف تقدم اكراد العراق من قبل شاه ايران , تمثل في فلم “يوم آخر” من اخراج عباس الشلاه , واذ تبادر فرقة المسرح الفني الحديث في العاشر من كانون الثاني عام 1976 لتقديم مسرحية “القربان” عن رواية للروائي غائب طعمة فرمان اعدها ياسين النصير ومن اخراج الفنان الراحل فاروق فياض , يسند لها دور “زنوبة” وفي احدى الليالي وبينما تؤدي دورها على الخشبة تفقد بصرها , فيصعق الخبر طاقم العمل والحضور , اية ليلة ليلاء , ممثلة بارعة ومبدعة ومحبوبة مثل ناهدة الرماح تفقد بصرها .

تتعالى الاصوات الخيرة والمساعي من اجل مد يد المساعدة لها .. وارسالها للعلاج خارج العراق . يبادر رئيس الجمهورية احمد حسن البكر بذلك .. فتشد رحالها الى لندن .

واذ تتأزم الاوضاع السياسية في بلدنا بعد وصول الجبهة الوطنية الى طريق مسدود وشن حملات اعتقالات ومضايقات ضد المثقفين والمبدعين واضطرار الكثير منهم لمغادرة العراق هروباً من البطش والارهاب

تفضل البقاء في مغتربها اللندني .. وبمواجهة المخاطر والصعاب .. وفي احايين تقدم مشاهد من اعمال مسرحية سبق وان قدمتها او تبادر لتقديم توليفة على شكل مونودراما تنطق بمعاناة الام العراقية وعذاباتها ولا تعود الى العراق الا في اعقاب زوال الحكم الدكتاتوري في بغداد في التاسع من نيسان عام 2003 ..تنزل في فندق منصور ميليا .. ومن على خشبة المسرح الوطني تقدم مسرحية “صورة وصوت” اخراج الفنان سامي قفطان الا ان المسرحية لم تترك تلك الاصداء المنشودة .

تمضي فترة قصيرة في بغداد وتعود الى حيث مستقرها في لندن وهكذا خلال الاعوام التي اعقبت الانهيار الذي اصاب العراق تحت وطأة الاحتلال وبأسناد مباشر من المنتفعين والمتنفذين والاميين والسراق واللصوص , نراها تزور الوطن لشهر او شهرين لتتابع ما هو معلق من الامور التي تهمها وفي المقدمة الحصول على تعويض مناسب للبيت الذي تملكه والذي يقع مقابل جامع ام الطبول والذي حولته السلطة الحاكمة ايام صدام الى شارع وبايعاز من امانة العاصمة انذاك.

الى جانب اهمية شمولها بحقوق الفصل السياسي وهي التي عانت وقاست الكثير من اجل مثلها ومبادئها وافكارها المتنورة وانتمائها للحزب الشيوعي العراقي .

ذات ليلة وبعد اول زيارة لها للوطن يدعوها الاستاذ عادل عبد المهدي الى مضيفه وبحضور الشاعر جابر الجابري والشاعر ناظم السماوي وانا والدكتورة خيال الجواهري. وتكريمها لتضحياتها ومهاراتها على خشبة المسرح يضع تحت تصرفها مئة مليون دينار عراقي . لكنها لم تستلم دينارا واحداً مما وضع تحت تصرفها. ما اكثر ما يدور الحديث عن فرقة المسرح الفني الحديث وعن الاعمال المسرحية التي قدمتها الفرقة وابرز الوجوه الفنية التي عرفت بدأبها واخلاصها ومثابرتها وشعورها العالي بالمسؤولية وحسها الجمالي وتذوقها الفني .

ومسرح بغداد تلك المدرسة التي خرجت الكثير من ذوي الطاقات والامكانيات وليشقوا طريقهم في عالم الفني الساحر والجذاب في الثاني عشر من نيسان وحيث يصادف عيد ميلادي استلم منها بطاقة تهنئة على شكل كارت مطبوع تضم مقطوعة شعرية الى جانب صورتها وعنوانها وكلمات بخط يدها . تقول المقطوعة الشعرية وبالعامية :

محلا حياة الوكت

من نجتمع كلنه

والليل هم ينكضي

لا ظلم لا ونّه

ونعيش عيشة هنه

وشمحله موطنّه

وميّج يادجلة حلو

عذب من اشربنّه

وتراب ارض الوطن

هيل من اشمنّه

واللي يخون الوطن

ابداً فلا منّا

بالنار خل ينجوي

وللطيّب الجنة

وقد فاتني في حينها ان أسالها , هل تكتب الشعر الشعبي في اوقات فراغها ؟ ام انه لشاعر سقط اسمه سهواً ان لم يكن آثر الابتعاد عن الاضواء .

فنانة راحلة

في اواسط ايار عام 2012  توجه دعوة من رئيس فرع نقابة الفنانين في بابل الاستاذ زهير المطيري للفنانة الراحلة لأقامة جلسة احتفاء وتكريم لها في الحلة ويحدد يوم السادس والعشرين من آيار موعداً لذلك .

وفي الوقت المحدد اصطحبها معي بالسيارة ونمر على الفنانة اقبال محمد علي القادمة من كندا وعضو فرقة المسرح الفني الحديث وخريجة اكاديمية الفنون الجميلة – قسم المسرح في النصف الاول من السبعينات القرن الماضي وممن برزن في ميدان التمثيل يذكر انها نالت جائزة احسن ممثلة عن دورها في مسرحية “مركب بلا صياد” اخراج الفنان بدري حسون فريد عام 1974 وننطلق بأتجاه الحلة .. ناهدة واقبال يسترجعن الكثير من الذكريات المشتركة في اطار فرقة المسرح الفني الحديث فيما مضى . في جلسة الاحتفاء في نقابة الفنانين ببابل ووسط استقبال حافل .. تحدثنا عن مسقط رأسها بهرز وعن مدرستها الابتدائية وكيف كانوايسمونها “المودلية” أي “العصرية” لأن ملابسها تدلل عليها وكيف نشأت في عائلة سياسية , والدها اول نقيب لنقابة العمال في ديالى , هذه النشأة منحتها الثقة بالنفس رغم كونها فتاة خجولة وحساسة احبت التمثيل دون ان تكون لها ثقافة كبيرة / مجرد وعي سياسي بسيط .. مثلت في فيلم “من المؤول” والاجمل ان امها واختها ونساء شعبيات اخريات لم يروا السينما من قبل مثلوا معها في هذا الفلم .

في طفولتي كانت والدتي حزينة بسبب الاجواء السياسية الخانقة , قررت ان ابدد حزنها من خلال اعتلائي خشبة المسرح , بعد رفع الستارة رأيت امي فرحة وتزغرد هذه اللحظة حفزتني كثيراً.. والهبت مشاعري .. عندها احببت ووجدت فيه قيمة عليا ورسالة انسانية وثورية .

دخلت فرقة المسرح الفني الحديث .. انا وازادوهي صموئيل بعدها جاءت زينب , عملنا مع الرواد بكل مودة ومحبة من اجل المسرح العراقي والوطن .

عام 1957  مثلت في مسرحية “الرجل الذي تزوج امرأة خرساء) تم تمديد موعد العرض , اعطونا المسرح قبل يومين

سابقاً لم اعرف المسرح مثلما هو الآن كانت لديّ صديقة خالها اسمه …. العبيدي , اول مرة دخلنا المسرحية لنراه انتابني عندها شعور خاص مزيج من الاعجاب والتقليد

بدأنا التمرينات على امرأة خرساء , كيف سأمثل وانا البنت الخجولة .. يوم العرض كنت خائفة وارتجف , عملت المكياج وانا مرعوبة , واثناء العرض وانا انزل من على السلالم درجة درجة شعرت بأن اطرافي بردت .. لكن صوتاً جاءني من خلف الكواليس , خذي نفساً عميقاً .. رفعت رأسي ووجدت انارة المسرح ..المسرح يفتح ذراعيه ويحتضنني بحنان لامثيل له . ومنذ ذلك الحين بدأت امثل وامثل .. واسمع ايات الثناء والاطراء . لقد عملت بنكران ذات وتفان رغم الصعوبات التي واجهتنا حيث لا مكان للتدريب , والوضع المادي الصعب , ونظرة المجتمع القاصرة .

أحببت ادواري .. البنت الطيبة.. الام السلبية .. الام الايجابية .. كل شخصية مثلتها كانت تمنحني تجربة وتزيدني وعياً بما حوّالي . كنت اقف خلف الكواليس بخشوع وحينما ادخل  على الخشبة كانني اقدم القرابين .

وعن مسرحية ” الرجل الذي صار كلباً” لازفالدو اراغون تقول :

جاء قاسم محمد بعد ان انهى دراسته الفنية في الاتحاد السوفيتي انذاك وقد جلب معه ثلاث مسرحيات مترجمة الاولى “الرجل الذي صار كلباً” وقد اختار من الممثلين صلاح القصب وروميو يوسف وخليل عبد القادر والمسرحية هذه ليست تقليدية .. انيط لي دور الزوجة والحبيبة والجيران . كانت البداية صعبة , لأنني قدمت فيما مضى اعمالاً تقليدية فمثلاً الديكور شجرة تمسك بغصن ما وتصبح شجرة كانت مساعد المخرج فاضل خليل . الباب تغلق اثناء التمرينات .. وتستمر التمرينات لساعات طوال . مسرحية جديدة ممكن الجمهور يرفضها , وهي تتحدث عن رجل يبحث عن عمل .. رب العمل يقول له : بأن كلب الحراسة توفي هل تأخذ مكانه .. زوجته حامل تخاف ان تلد كلباً لأن زوجها يقلد الكلاب في النباح . كنا خائفين يوم العرض .. لبسنا ملابس اسود وابيض وحذاء رياضة ونؤدي من التمارين الرياضية الكثير . بعد انتهاء العرض ليلاً , شعرنا بفرح غامر بعد ان استقبل الجمهور المسرحية بترحاب كبير . المسرحية اخذت طريقها , والجمهور لم يعد يقتصر على العاصمة .. بل صرنا نرى من المحافظات ايضاً.العراقي يشجع كل شيء مبدع. وعن النخلة والجيران قالت :

ذات يوم قرأت رواية اسمها ” النخلة والجيران” فطلبت من قاسم محمد ان يعدها كمسرحية لنمثلها , قرأتها سبع مرات . ذات يوم سالني : مالي اراك حزينة , سابدد هذا الحزن الدفين .

قلت له بذهول : حقاً؟!

قال : ماذا ترغبين ان تمثلين في النخلة والجيران

قلت له : كل الادوار

قال : كلا .. انت ستمثلين دور “رديفة ” زوجة حمادي العربانجي .

كما تتحدث عن مسرحية “الجومة” للكاتب يوسف العاني وبعد تمرينات طويلة عليها , تمنعها السلطة لأنها تمس شاه ايران والعراق وقع اتفاقية الجزائر مع الشاه وبموجبه تم تجريد السلاح من الاكراد في العراق . وتعيد الى الاذهان مقطعاً غنائياً يرد في المسرحية ويشاركها الحضور في ذلك .

ياحوتة يامنحوتة

هدي كمرنة العالي

وان جان ما تهدينة

اصيح ابوية وخالي

ومما ترويه للحضور :

ذات يوم وحينما كانت تزور السويد , جاءها بعض الاحبة وسألوها : هل انت مندائية

قلت لهم : انا مندائية , مسلمة , مسيحية , تركمانية , شيعية, سنية, اثورية, .. انا عراقية

والدتي واخي ربوني على حب الناس والطيبة والوطن تعلمت من المسرح الكثير .. انا فنانة عراقية قوتي وصلابتي من الشعب , شامخة كالنخلة , اقدامي راسخة وثابتة في الارض العراقية

اتمنى ان تكون شمساً ساطعة تدفئ ارض العراق وتبدد الظلمات والحزن .. اروي عطش العراقيين للامان والاستقرار والعيش الرغيد والحرية .

ومن عالم الفن تنتقل للحديث عن زياراتها للسجون في العهد الملكي وما بعده ومن طقوس الزواج في ارياف ديالى فنسمع منها ايضاً :

ذات يوم رافقت اختي الى “نكرة السلمان” للقاء زوجها الشيوعي عبد الوهاب الرحبي . في المنخفض الذي يؤدي الى السجن , تهنا .. وظهر لنا البدو في الصحراء .. اوصلونا الى بيت مدير السجن .. ومن هناك الى سجن “نكرة السلمان” غرف بداخل غرف اهالي السجناء وصلوا اليهم من كل صوب وحدب .. الاكلات المنوعة تفوح رائحتها .. وثمة سجناء يجيدون الطهي والطبخ بمهارة . راجعنا سجن الكوت . اما سجن بعقوبة فقد زرناه عام 1954 , وكانت المياه فائضة اثر الفيضان الذي اجتاح العراق , اضطررنا ان نركب “البلم” ونخوض المياه لغرض الوصول الى مبنى السجن ولنلتقي الاهل والاقارب فيها. تتذكر طقوس الاعراس في بهرز حيث ينقلون الامتعة والمؤونة الى بيت العريس . في يوم العرس وعلى دقات الطبل وانغام الموسيقى يتم حلاقة رأس ووجه العريس .. يرتدون العباءات الملونة يرتدي العريس ملابس العرب , النساء من اعالي السطوح “يطشون” الجكليت على رؤوس الرجال يحملون الفوانيس واللايتات ويمضون في دروب الناحية من بدايتها الى نهايتها . في اليوم التالي تصدح الموسيقى ايضاً ,يذهبون الى بيت العريس ويتنولون الفطور . في اليوم الثالث يذهبون الى بيت العروس وبما انها امرأة جيدة فنراهم يرددون : امينة في امانيها بديعة في معانيها

تجلت ليلة الخميس

كانوا يشربون من مياه الابار , يأتي السقا ويحمل الماء الى الناس ذات يوم ارسلتني اختي لجلب المياه من البئر , فسقطت في البئر ورحت اولول وابكي .. حتى جاء من ينقذني مما انا عليه . في عام 2013 و2014  لا اتذكر بالضبط , يتم تكريمها من قبل امانة العاصمة في بغداد الى جانب كوكبة من الفنانين المبدعين ولما لم تكن حاضرة اثناء الاحتفالية بيوم بغداد طلب مني استلام الدرع المخصص لها مع المكافأة المالية ففعلت وتم ارسال المبلغ لاحقاً اليها مع احد الاصدقاء الى لندن .وقد ابلغتني عبر الهاتف بأستلام المبلغ . كذلك استلمت المكافأة المالية المخصصة للفنان قارئ المقام الاستاذ حسين الاعظمي الذي يقيم في عمان والذي تعذر حضوره الى بغداد وتم تسليم المبلغ الى شقيقه لاحقاً . واذ اقامت دار الثقافة والنشر الكردية جلسة استذكار للفنان الراحل خليل شوقي , كانت هي حاضرة الى جانب الاستاذ الكبير سامي عبد الحميد والفنان المبدع حمودي الحارثي .. وكنت قد اعددت محاضرة عن الفنان الراحل ابدت ملاحظة على الاعلان المثبت على واجهة المنصة حيث كتب “ابو روناك” للتأكيد على كرديته قالت ناهدة الرماح : ولكن المعروف والشائع هو ابو مي .. وهي البنت الكبيرة

في هذه الجلسة تقدم مشهداً من مسرحية “النخلة والجيران” واستأثر بأعجاب الجمهور. خلال زيارتها المتعددة الى بغداد كانت تتردد على بيت الفنان الكبير سامي عبد الحميد والفنان الراحل المصور السينمائي حاتم حسين وتكن له كل التقدير والاعتزاز وكذلك داري .

مرة وفي بيتي سالتها عما بقي عالقاً في ذاكرتها عن الفنان السينمائي الراحل صاحب حداد ونبرة ملؤها التقدير والاحترام قالت :

انسان رائع .. احبه كثيراً , عام 1963 حينما جاءت الشرطة الى الدائرة لالقاء القبض عليّ , هو من وضعني في سيارته وانقذني من موقف محفوف بالمخاطر وهو الذي طلب مني التمثيل في فلم يوم آخر عام 1978 وفي هذه الجلسة اخبرتها بأن هناك خلية حزبية بأسم ناهدة الرماح تابعة لمحلية المثقفين في الحزب الشيوعي العراقي وقد تشكلت في اعقاب عام 2003 وكذلك ان الفنان جواد الاسدي قد كتب عنها مسرحية بعنوان “الام ناهدة الرماح” تبادر المؤسسات لتكريمها بمكافأة مالية قيّمة لقاء ما قدمته من عطاءات وابداعات عبر مشوارها الفني الذي يمتد لاكثر من نصف قرن من الزمان . في آخر زيارة لها لبغداد في السادس والعشرين من كانون الاول عام 2017 , تعاني كثيراً جراء متابعاتها لدوائر الدولة واصطدامها بمعوقات كثيرة وهي التي تحاول استرجاع حقوقها المهضومة.

فعاليات رياضية

تسافر الى الحلة وتشاطر الشبيبة الديمقراطية واحدة من الفعاليات الرياضية وتقدم للحضور مسرحية “انا ام عراقية” فتلتهب الاكف بالتصفيق لها. ليلة الثالث من آذار الفائت وبعد مشاهدتها للمسلسل المصري – خاتم سليمان- الذي يعرض من قناة الظفيرة الامارتية وبعد اتصال هاتفي بينها وبين ابنتها هند التي تقيم في لندن , تتعرض لحروق في يديها وساقيها وحزء من الحوض وبالماء الحار.. تنقل الى مستشفى الكندي قبيل منتصف الليل .

ازورها في المستشفى وبصحبة مدير المستشفى الدكتور سالم البهادلي نزور قسم الحروق وشريطة ان تكون مدة الزيارة ثلاث دقائق واهمية ارتداء غطاء للرأس وغطاء للاحذية الى جانب مايغطي الجسم عموماً . كل ذلك وخوفاً على المريض من المكوث

احمل اليها باقة ورد .. ويحزنني ان اراها تغط في نوم عميق ربما تحت تأثير المهدئات او المخدرات ولكي لاتكون نهباً للآلام والعذابات .

يطمئنني الدكتور بأن نسبة الحروق 26   بالمئة وهي ليست باعثة على القلق . ولكن الخشية من التلوث . يأتي ابنها وسام .. ويفكر بنقلها الى لندن عبر الطائرة ويرافقها احد الاطباء لحين وصولها الى مطار لندن. ويتم حجز التذاكر . صباح الثاني والعشرين من اذار 2017 وفي الساعة السادسة تحديداً تفارق الحياة .. وتذهب سدى الجهود المبذولة لنقلها الى لندن . يتم نقلها الى الطب العدلي لتشريح الجثة . وبعدها ينقل جثمانها الى مقبرة الكرخ في ابي غريب وتوارى الثرى بعد عمر ناهز التاسعة والسبعين وبعد عمل فني حافل بالتضحيات والابداعات والانجازات .تجري فضائية الشرقية معها ومع الفنان غازي الكناني لقاء للحديث عن مسيرتها الفنية وعند ضريحها وقبرها تنعي نقابة الفنانين العراقيين الفنانة الراحلة ناهدة الرماح وتقدم احر التعازي لعائلتها الكريمة وللاسرة الفنية وللشعب العراقي على هذا المصاب . فلقد خسرت الحركة الفنية في بلدنا احدى الممـــــــــثلات الرائدات الكبيرات حقاً انها مفــــــــــخرة للمســرح العراقي ..ومفـخرة لابناء شعبنا الابي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق