تصنيفات مسرحية

الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

"يوميات توتة" لنادين أبو زكي الأسبوع المقبل في "مسرح المدينة": للشجرة ذاكرة تروي بها مآسي الحرب وحاضر أهل الدار

مجلة الفنون المسرحية



فاديا خوري -  النهار  


هل للأشجار ذاكرة؟ هل تتمتع بالوعي؟ هل تتواصل مع محيطها؟ هل تسمع وتشم وتشعر؟ كيف تتفاعل عاطفياً مع البشر؟ هل تتألم، هل تفرح، هل تحزن؟ ما هي مسؤولية البشر تجاه الطبيعة والبيئة في العصر الرقميّ؟ "يوميات توتة"، كتابة نادين أبو زكي وإخراجها، ستُعرض في 14، 15، 16 أيلول على خشبة "مسرح المدينة"، وهي أداء مسرحي راقص مستوحى من الأحداث الدامية التي ولّدتها الحرب الأهلية في لبنان، ومن الفلسفة الشرقية. إنها شجرة توت تروي قصة علاقتها بما ومَنْ حولها. 

يستلهم هذا الأداء المسرحي دروس التاريخ ليتجسد بالرقص والكلمة والموسيقى والواقع بأبعاده الفلسفية، حين يعانق الفن الطبيعة في أجساد تروي يوميات الشجرة. تفشي الشجرة بيرام بصوت الممثلة ضنا مخايل أسرارها لشجرة الزنزلخت، تيسبي، ومع البشر: تهمس بأفراحها ومخاوفها وغضبها. من خلال قصّتها، تبرز قصص مؤثرة عاشها الناس المتفاعلون معها والقاطنون محيطها. إنها الشجرة المحورية التي شهدت تفاصيل حياة أهل الدار الحميمية.


يدخل هذا العمل المسرحي في الإطار العام لقضية العصر الرقمي وتبعاته على الجسد، الطبيعة، الزمن، المكان، والعلاقة الآخر. وكان سبق لأبو زكي معالجة هذه القضية في عرضين تفاعليين سابقين هما Pleasedon’tTouch و Pleasedon’tTouch the Trash اللذين عرضا في خلال مهرجان الرقص المعاصر BIPOD (2016) و"بيروت آرت فير" (2015) و"غاليري أجيال" (2014).


"يوميات توتة" استمرار لعمل أبو زكي الفني والاجتماعي المتمحور حول التحديات البيئية. اهتمامها بالأشجار وعلاقة الإنسان بها، يجعلها تنطلق في البحث عن شهادات تحكي العلاقة الحميمة بين الناس والأشجار. أقوى الشهادات سمعتها أبو زكي تتصل بالحرب الأهلية في لبنان، ومنها استلهمت فكرة المسرحية، فكانت التوتة الشجرة بيرام التي تروي تلك الحرب.

النص مستوحى من الهندوسية، سواء من خلال تجسيد الشجرة أو العناصر المهمة الأخرى، وفيها أيضاً إلهامات من الأساطير اليونانية. الشعر والرقص والمسرح والارتجال الموسيقي كلها حاضرة في هذه المسرحية. يفتح الفن المعاصر حدود الفن في جميع الاتجاهات، ذهاباً إلى أعماق الذات والخيال. فالفن ليس له حدود.

"يوميات توتة" تثير مسألة الذاكرة والتاريخ الجماعي وصدمات الحرب، كما تدين عنف الإنسان ضد الطبيعة والآخر. انها دعوة للسفر إلى العالم السري للأشجار والطبيعة ومن خلالها إلى الإنسان، وتشجيع الجيل الجديد لإعادة التفكير في البيئة في العصر الرقمي الحالي.

تتعاون أبو زكي مع الكوريرغراف والراقص جان يول ميهانسيو، إبن ساحل العاج المقيم في فرنسا، هذا التعاون فيه تبادل للخبرات بين ثقافتين مختلفتين. ففي رقصه، يحمل ميهانسيو تاريخه كله، تماما كما تحمل أبو زكي بنصها وإخراجها تاريخها كله، هذا الحوار بين الفنانين دليل أن الفن وحده قادر على التغلب على الحواجز الثقافية كلها من خلال الإبداع.

تتعاون أبو زكي أيضاً مع الممثلة رويدا الغالي ومع بشارة عطاالله كمساعد مخرج ومصمم للملابس، أما الموسيقى الحية فيتولاها طوني علّية والسينوغرافيا وتصميم الإضاءة لعلاء ميناوي، فضلاً عن مجموعة من الممثلين والهواة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق