مجلة الفنون المسرحية
تمثلات الوجع العراقي في عرض " عربانة "
بشار عليوي
إنفتحتْ عروض المسرح العراقي المعاصر ، على عديد الرؤى الجمالية منها والفكرية خصوصاً ، علي اعتبار ان هذهِ العروض لم تعد تحفل بأية ضواغط سلطوية ، وهذا ما وفرهُ عموم فُسحة الحُرية التي تغلفٓ بها الواقع العراقي المُعاش آنياً بكل ما بحملهُ من أوجاع تخص الذات والمجتمع على حدٍ سواء ، وخصوصاًالتي قدمت ما بعد التغيير الذي حصل في ٩/٤/٢٠٠٣. قبل الخوض في ماهية المسرح العراقي ما بعد التغيير , نجد علينا لزاماً التذكير بأن جميع المتعاطين مع الشأن الثقافي العراقي لم يقفوا على توصيف محدد لمرحلة ما بعد 2003 , فكانت تسميات ( التغيير / بعد احتلال العراق / التحرير / بعد 2003 / التاسع من نيسان 2003 ) وغيرها , هي ملامح لمرحلة جديدة في الثقافة العراقية ومنها المسرح . حيث تم التعاطي مع هذهِ المفاهيم جميعاً , بوصفها دالة شاخصة على مرحلة جديدة في الحياة العراقية ومنها المسرح العراقي , فتشخيص ماهية خطابهِ الفكري خلال هذهِ المرحلة وتبديات ذلك الخطاب في مُجمل العروض المسرحية المُقدمة في بغداد وباقي المُدن العراقية ، بحاجة أكثر الى عديد الدراسات والأبحاث النقدية ومنها كتابنا (المسرح العراقي بعد التغيير_مسرح ما بعد 9/4/2003) ، لان هذه المرحلة افرزت جيلاً من المسرحيين العراقين الذين اتخذوا المغايرة على كافة الصعد منهجاً لهم، فكانت تلك العروض معبرة عن هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق المعاصر ، ومن تلك العروض التي تندرج تحت ذات التوصيف ( عربانة) . فهو رابع نص مسرحي يكتبهِ سينارست ال” TV ” حامد المالكي ـ إخراج الفنان “عماد محمد ” الذي عُرف باهتمامهِ بماهية الوسائط بأنواعها المتعددة وحضورهِا داخل فضاء العرض .( عربانة) من تمثيل (عزيز خيون , زهرة بدن , يحيى ابراهيم , بهاء مطشر , ضرغام البياتي , عباس فاضل , احمد هاشم , احمد ثامر ) . إجتهد ” المالكي ” في إعادة تشكيل التأريخ العراقي المُعاصر عبر السرد التأريخي الذي حفلَ بهِ نصه واللافتات النصيّة التي حاولَ من خلالها تأكيد هويتهِ وسيرورتهِ ككاتب مسرحي رُغم أنهُ كان مُنحازاً للطبقات المسحوقة , أجاد المُخرج في صناعتهِ الإخراجية عبر الوسائطية بشكل هيمنٓ على الأداء التمثيلي عندما وظفُ مُجمل تشكيلات سينوغرافياهُ بتمحور دالة ” العربة السومرية ” وجعلها المُهيمنة على مُجمل أنساق العرض , فهي ” عربة السوق ” و” عربة الموتى ” و ” عربة الحاكم ” و” عربة الحروب ” و ” عربة النصر ” , هذهِ التحولات رفعت من وتيرة المشهدية البصرية التي حققها حضور الوسائطية على حساب السمعية , ولعل أبرزها توزع شخصيتي منكر ونكير , وتعددية الوسائط المُستخدمة في العرض , ورُغم أن المؤدي ” عزيز خيون ” كان مُقارباً لشخصية ” حنون العربنجي ” في تكامل الأداء إلا أن هُناك مُتبقيات لم يستطع التخلص منها لعدد من أداءاتهِ التمثيلية السابقة وحضورها في أداءهِِ هُنا , فيما كان المؤدي ” يحيى إبراهيم ” موفقاً تماماً في عديد الشخصيات التي أداءها وتحديداً ( الضابط / المعلم ) قاطعاً أشواطاً جمالية عديدة لناحية أداءهِ الحَسِنْ مُقارنة بأداء ” خيون ” , أما ” زهرة بدن ” التي قدمت شخصية الزوجة فضيلة بنت صليبوخ , فكانت في أحسن حالاتها الأدائية . عربانة حامد المالكي وعماد محمد وعزيز وخيون ويحيى ابراهيم وزهرة بدن , هي عربانة الوجع العراقي .” عربانة “
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق