مجلة الفنون المسرحية
إحياء مسرح الطفل.. مسؤولية تاريخية
عبدالمحسن الشمري - القبس
لم تقدم الفرقة الوطنية لمسرح الطفل، التي أسسها الدكتور خالد عبداللطيف رمضان، إبان عمله في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في منصب الأمين العام المساعد لقطاع المسرح، سوى عمل يتيم هو «الدانة» من تأليف عواطف البدر، وإخراج الدكتور حسن خليل، وبطولة إبراهيم الحربي وزهرة الخرجي، وكنا نطمح أن تكون الفرقة الوليدة خطوة مهمة لتطوير أعمال مسرح الطفل في الكويت بعد أن سارت أعماله في خط تراجعي، وفقد قيمته من خلال أعمال يغلب عليها التهريج والابتعاد عن الجانب التربوي الذي يحتاجه مسرح الطفل.
تراجع خطر
طال انتظارنا من دون أن تلوح في الأفق بادرة أمل، وبالعكس شهد مسرح الطفل تراجعا كبيرا بدخول كل من هب ودب للعمل فيه وتقديم أعمال شوهت صورته، ولم تنفع بعض المحاولات الطيبة من بعض الفنانين في الوقوف أمام الهجمة التي قدمت عشرات الأعمال الضعيفة.
وجاءت مبادرة الدكتور حسين المسلم في إقامة مهرجان سنوي لمسرح الطفل كحل قد يقدم بعض الأعمال التربوية، خاصة أن المشاركة فيه لا تقتصر على الأعمال المحلية، بل فتح المجال للمشاركات العربية، وخلال عدة دورات متعاقبة قدم المهرجان بعض الأعمال الجيدة، لكن هجمة المسرح التجاري وغلبة الاعمال الضعيفة استمرا في الساحة المحلية، خاصة في الأعمال التي تقدم في مناسبات الأعياد، والتي تتنافس فيها عدة فرق لاسيما أن اغلب المشاركين فيها هم من نجوم الدراما الذين نقلوا حواراتهم في المسلسلات إلى خشبة المسرح، فساءت حالة مسرح الطفل، وافتقد القيمة التربوية التي حققها في سنواته الأولى، وظهر جمهور لا علاقة له البتة بالمسرح، يأتي من أجل أن يضحك و«يستانس» ويتفرج على ممثلين أصبحوا أشبه بـ«الأراغوزات».
مسؤولية تاريخية
تدهورت حالة مسرح الطفل بعد السكوت المريب للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي أصبح عاجزا عن الوقوف ضد تيار الأعمال التي يقدمها هذا المسرح. ونعتقد أن المجلس الوطني بسكوته على واقع ما يشهده هذا المسرح من تدهور يتحمل المسؤولية التاريخية أمام الاجيال، وهو أحد الأسباب التي قد تخلق جيلا جديدا بلا ثقافة.
وفي الحقيقة تتحمل اللجان التي يشكلها المجلس لإجازة نصوص الأعمال المسرحية المسؤولية في المقام الأول، لأن بعض النصوص التي تتم إجازتها لا يتوافر فيها الحد الأدنى من الشروط المطلوبة في أعمال مسرح الطفل. كما أن اللجان التي تقوم بجولات ميدانية على العروض لا تحرك ساكنا، أما التجاوزات التي تحدث من الممثلين، والخروج عن النص الذي تمت إجازته، مما خلق فوضى على خشبة المسرح خاصة أيام الأعياد، حيث يتبارى الممثلون على الخروج عن النص، وتتحول خشبة المسرح إلى تنافس بينهم في الأحاديث الجانبية التي لا تصلح إطلاقا للمسرح وليس لها أي قيمة.
تحرك مطلوب
آن الأوان للمجلس الوطني أن يعيد النظر بشكل جاد وجدي ويفكر بإعادة عمل الفرقة الوطنية للمسرح وفق شروط تتضمن القيم التربوية التي سلبتها أعمال الطفل في السنوات الأخيرة، واصبح معها مسرح الطفل هجينا في وقت تسعى دول مجلس التعاون لتقديم أعمال مسرحية ذات مستويات جيدة.
ونعتقد أن على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب اختيار عناصر مسرحية مؤهلة تربويا من أصحاب الخبرة في المسرح، ممن عملوا فيه مثل عواطف البدر وهدى حسين وعبدالرحمن العقل وعبدالعزيز الحداد وزهرة الخرجي وغيرهم، إلى جانب بعض خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية الذين قدموا أعمالا جادة في هذا المجال، للإشراف على الفرقة الوطنية لمسرح الطفل، فأمور مسرح الطفل في خطر والمطلوب تحرك سريع لإنقاذه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق