مجلة الفنون المسرحية
العرض المسرحي «فيلم يمني»: هل يتجاوز الشباب أزمة المسرح الحكومي خلال الحرب؟
اعتمد جمال طه (25 سنة)، وهو أحد شباب المسرح الواعدين في اليمن، على مواقع التواصل الاجتماعي، في نشر «أفيش» مسرحية «فيلم يمني» عرضها السبت الماضي في صنعاء على خشبة المركز الثقافي، التي تُعدّ أوّل مسرحية يقدمها مسرح شبابي هناك على خشبة مسرح الدولة منذ اشتعال الحرب في مارس/آذار 2015.يُحسب لهذه المسرحية أنها تجاوزت مخاوف أحاطت بحركة المسرح في البلد خلال فترة ما قبل الحرب، من خلال اعتمادها على مُنتج و(مغامرة تمويل) على أمل أن تستعيد المسرحية بعض نفقاتها من خلال نظام تذاكر الجمهور. لم يتوقع طاقم المسرحية أن يحضر جمهور كبير بسبب فرض نظام التذاكر مدفوعة القيمة؛ وهي قيمة لم تكن منخفضة مقارنة بالظروف الراهنة؛ ولهذا فوجئ الطاقم بجمهور غطى أكثر من ثلثي المقاعد؛ وهو ما لم يكن متوقعا، حسب جمال متحدثا لـ»القدس العربي»، كون نظام التذاكر المدفوعة لم يكن مألوفا في العمل المسرحي اليمني في صنعاء سابقا؛ ولهذا استهل جمال، تقديم المسرحية، بالاعتذار للجمهور عن بيع التذاكر، واللافت أن تلك المشكلة (الإنتاج الفني) كانت هي نفسها التي عالجها العرض.
المسرحية، التي شارك في تمثيلها سبعة ممثلين من الوجوه الجديدة، تناولت معاناة الفنانين الشباب، من خلال حكاية مجموعة تبحث عن منتج لفيلم؛ وهو ما كان يضطرهم لعرض مهاراتهم في التمثيل لدى كل منتج… وفي الأخير، للأسف، لم يحصلوا على تمويل؛ فلجأوا لموقع «يوتيوب» على شبكة الإنترنت، وعرضوا مقاطع من أعمالهم لتحقق رواجا كبيرا ليفوزوا من خلالها بمنتج الفيلم.
يمكن القول إن المسرحية، وهي من تأليف وإخراج محمد الفقيه، دشنت مرحلة جديدة لما يمكن أن يسهم، من خلاله، الفنانون الشباب في خدمة المسرح اليمني انطلاقا من قناعاتهم وإصرارهم على تجاوز المعوقات، والخروج بتجربة جديرة بالناس، لاسيما وهم يدركون الحاجة في بلادهم خلال هذه الظروف لمسرح ومتنفس للناس، يُزيح ما على صدورهم من أحزان وأوجاع الحرب، كما يُعيد للواقع الاجتماعي توازنه الإنساني من خلال إشاعة ثقافة الفن (المحبة والسلام) في مقابل ثقافة العنف. يقول جمال طه: مسرحية «فيلم يمني»…هي أول مسرحية، ولن تكون الأخيرة لهؤلاء الشباب.
تولى إنتاج المسرحية نايف النجم، وهو»مواطن أعجب بالفكرة وتحمس لإنتاجها رغبة منه في خدمة مسرح الشباب لا أكثر».
عاش المسرح اليمني في فترة ما قبل الحرب ظروفا صعبة ظل خلالها مُغيبا، باستثناء أعمال موسمية يتم إنتاجها بإمكانات محدودة جدا؛ وهي الأعمال التي بقيت معها حركة المسرح في البلد رهينة لمسرح الدولة، الذي للأسف، لم تستطع معه هذه الحركة أن تقطع خطوات مهمة للأمام في العقدين الماضيين. كما ضاعفت الحرب الدائرة هناك، من معاناة المسرح اليمني، من خلال إيقاف تلك الأعمال الموسمية لمسرح الدولة. وبالتالي فإن التعويل على مسرح الشباب لتجاوز أزمة المسرح في البلاد، خلال هذه المرحلة، يمثل حاجة قوية ترتكز على حافزية وإصرار المواهب الشابة على تقديم تجاربهم، مستفيدين من مشاكل الأجيال السابقة في أهمية تجاوز الاعتماد على مسرح الدولة والانطلاق بتجربة جديدة يتم خلالها المراهنة على الأعمال المتميزة والرعاة الداعمين بمشاركة الجمهور، من خلال إسهامه في شراء التذاكر.. وهو ما يعتبره، عدد من المسرحيين الشباب، خطوة مهمة لا بد أن يقطع بواسطتها مسرح الشباب خطوة جريئة للأمام، يتجاوز من خلالها المسرح اليمني عباءة مسرح الدولة باعتبار الحل الوحيد لأزمة المسرح في البلد.
يعود تاريخ ظهور المسرح الحديث في اليمن إلى بداية القرن العشرين، حيث احتضنت مدينة عدن أول عرض مسرحي عام 1904 من خلال فرقة هندية زائرة، بينما شهدت المدينة في عام 1910 أول عرض مسرحي يمني بعنوان «يوليوس قيصر».
-------------------------------------------------------
المصدر : أحمد الأغبري - القدس العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق