مجلة الفنون المسرحية
*صبري رمضان ابوشعالة
عمل مسرحي يدور حول خالد بطل العمل والذي كان سجينا سياسيا بسبب تصنيفه كاتب معارض وتم الافراج عنه في يوم ما ورجع إلى زوجته التي كانت في انتظاره أو كما يبدو وهما لم يتزوجا في الحقيقة كما يظهره الحوار أول اللقاء حيث تم القبض عليه قبل الزفاف مباشرة .. يحب خالد زوجته جدا حتى الغيرة القاتلة ..يبدأ العرض بمجيء الزوج للبيت الذي قامت ببنائه وتأثيته زوجته وعندما يعرف الزوج ذلك من خلال الحوار الذي يدور بينهما يساوره الشك فقد صارحته أن من ساعدها في كل ذلك صديقه محمود .. يدخلان في حوار حول الصحراء وهنا يكون منظر الصحراء في العمق طيلة المسرحية ثابتة حينا ومتحركة حينا آخر.. تظهر شجرة في العمق.. جهاز التسجيل الذي بجوار المكتبة تنبعث منه موسيقى موزارت ( الكونشيرتو الأربعون ) .. تخفت إضاءة الصحراء وصوت العاصفة الصحراوية حتى توشك أن تغيب وتتوهج في المقابل إضاءة المكتبة إلى أن تخفت وتعود تتوهج إضاءة الصحراء وتخفت إضاءة المكتبة لتبدأ أغنية تعبر عن الحرية والتخلص من السجن وهما يتحاوران على هذه الخلفية برومانسية عالية وتنتهي هذه اللوحة بعلو صوت الأغنية حتى الإظلام ..في مشهد آخر يطلب الزوج من زوجته الصندوق الذي ورثه عن أمه أين هو فتناوله إياه ويتحاوران عن إهدائه لها لوحة ديلاكروا ( الحرية التي تقود الشعب ) وكيف أنه كان مجنونا بهذه اللوحة وتحكي له كيف غيّرت تلك اللوحة كيانها ويرد عليها كيف أنها صارت تتصدر تلك اللوحة وترد عليه أنها صارت ديلاكروا.. هنا تسمع موسيقى خافتة ثم تقترب أكثرإنها موسيقى موزارت تلك التي سبق وأن سمعناها وهنا _ لوحة الحرية تقود الشعب_ تغطي الصحراء تماما .. خالد يقف مواجها للوحة وحاملة العلم في اللوحة على يمينه وزينب الزوجة تقف خلف ظهره محيطة خصرها بذراعيها لحظات ثم تخفت الإضاءة وصوت الموسيقى شيئا فشيئا .. يبرز من ناحية اللوحة طيف رجل بملابس بيضاء وقور يذكرنا بشبح الملك المقتول في (هاملت ) شكسبير وتنسحب الزوجة خارجة ويظل خالد الزوج والطيف ويدور حوار بينهما مهم حول قضايا إرث وتخلف وتحريض حتى يصل الأمر إلى بكارة زوجته ومواضيع أخرى و دائما مشهد الصحراء في الخلفية تارة يتوهج وتارة يخفت ويهدأ معبرا عن حالة كل حوار يجري .. يقلب الزوج الصندوق في أحد المشاهد ليخرج الخنجر الذي ورثه عن جده ومعه الطابوات العريقة خلال هذا يكون قد دخل مراحل من الجنون تمر به من حين لآخر وتزداد حدة الحوار بينه وبين زوجته مرة أخرى ويصارحها بأنها تغشه وتكذب عليه وتخونه إلى أن يمسكها من عنقها ويخنقها في حدة بالغة فتنفض نفسها مدافعة عن شرفها..وفي مشهد جديد يأتي إلى زيارتهما صديقه محمود في بيتهما ليهنئه بخروجه من السجن ولكن الحوار يحتد بينهما بعد مقابلة باردة من الزوج صديقه يستغربها محمود فينسحب ويغادر البيت تلومه زوجته على معاملته السيئة لصديقه وهنا تزداد غيرته ويبدأ مصارحتها بأنه رغم صداقته به إلا أنه ألذ أعدائه بسبب إرث قبلي بين جده وجد صديقه يأخذ الحوار تصاعده وكلماته المهمة وغالبا ما تكون الزوجة هي من يحاول تهدئته ويبرز في الحوار مأساة السجن وارتداداتها على الوعي والعقل والتفكير ..وفي مشهد خيالي مهم يتجسد في خفوت للإضاءة تحكي زينب الزوجة عن محمود صديق زوجها دفاعا عن شرفها وكيف أنه كان يصغرها سنا يبرز في هذا المشهد المجسد زيارته لها وكيف دخل عليها وكيف جلس وهو يبكي في استحضار لشخصية الشاب محمود وتظهر زينب وهي تتحاور معه ويشاكيها همومه وأمه التي تزوجت وتركته ويصل المشهد إلى ذروته حين تضمه وتحتضنه مؤكدة له أنها ستعوضه الحنان كأم وتمنحه الحب كحبيبة ( مشهد يؤكد الخيانة الزوجية لدى محمود ويحاكي الانسانية المجردة من أية قيود دينية أو منظومة اجتماعية ).. تعود المواجهة بينهما في تحد للإرث الاجتماعي من الزوجة وتمسك من الزوج على أنها كاذبة في كل ما تقول ومخادعة وأن ادعاءها القداسة زور وبهتان في جمل يرددها على لسانه يقولها وهو يتضرع إلى الله المعبود: ( ... ولكن هل القديسة قديسة أو هل البغي بغيا .. إلهي ألهمني الحل ولتعذرني أيها الروح الجليل ).. ويأتي المشهد الأخير في اللوحة الأخيرة الذي يستدعي فيه الزوج صديقه محمود لأمر ما في نفسه إلى البيت ويأتي محمود .. يظهر في المنظر الباب المطل على الصحراء مقفل ولكن صوت العاصفة يسمع قويا تكون الإضاءة مركزة الآن على الدولاب حيث الصندوق موضوع أمامه والمكتبة إضاءتها لا تلاحظ تدور المواجهة بينهما والحوار حول مسائل تتعلق بتاريخ اجتماعي وسياسي والسجن والحالة النفسية التي يعيشانها ..أثناء ذلك يفتح الزوج الصندوق ويخرج بعض الأوراق الصفراء والخنجر يخرج الخنجر من غمده فيخافه صديقه محمود ويطلب المغادرة ويخرج .. يعود حديث الزوج مع زوجته إثر ذلك واختفاء الشجرة التي كانت في العمق فقد اقتلعتها العاصفة القوية ويدور حوارهما حولها يحتد الحوار إلى أن يصل ذروته ويصل بالزوجة حد طلبها من زوجها أن يذبحها بهذا الخنجر وهي جالسة على الأرض حوار يجمع بين الحب القاتل والأسى .. ومن الحب ما قتل هو ذلك .. يقتلها وهو يقبل جبينها وهو لا يزال بجوارها بعد أن أصبحت جثة هامدة يدخل محمود يقابله عند الباب خالد الزوج وبعد كلمات يتبادلانها يغرس الزوج الخنجر في قلب محمود صديقه الذي يسقط على الأرض ورغم آلام الموت تبدو عليه علامات الذهول .. خالد يحمل الصندوق يضعه فوق جثة زينب ثم يخرج ليحضر برميل بنزين يرشه على الجثثين وبأركان البيت حيث يطلق النار ويجلس قرب جثة زينب هامسا ليحترق الجميع..
*مخرج مسرحي وباحث وناقد وممثل
ليبيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق