مجلة الفنون المسرحية
النساء في مسرح شكسبير
سامي عبد الحميد - المدى
وأنا بصدد ترجمة كتاب بعنوان (النساء في مسرح شكسبير) للكاتبة (جوديث كووك ) تعرفت على التحليل العميق ومن الأوجه المختلفة للشخصيات النسائية في جميع مسرحيات شكسبير من الملكات والأميرات والزوجات والتابعات وغيرهن ، ورحت أقارن بما نقوم نحن حين نتصدى لأنتاج إحدى تلك المسرحيات وكيف نحلل شخصياتها على وفق أبعادها المختلفة العضوية والاجتماعية والنفسية والتاريخية وكيف تقتضب وتوجز ونجتزأ من باب الاستسهال والاستعجال .
في كتابها المشار إليه أعلاه تبدأ المؤلفة أولاً بتعريف القارئ بالمصادر التي اعتمدها شكسبير عند تأليفه مسرحياته وبالأخص التاريخية منها ، وفي الفصول الأربعة عشر تتعرض للممثلات الأقدم والأحدث اللواتي مثلن أدوار النساء في مسرحيات شكسبير وتورد أقوال النقاد حول أدائهن وحول صفات الشخصيات .
استعرضت مؤلفة الكتاب ما نشر عن بطلات مسرح شكسبير تاريخياً فكتبت (انا جيمس) كتابا بعنوان (خصائص نساء شكسبير الأخلاقية) وقد صنفت تلك الكاتبة النسوة على الوجه التالي : نساء ذكيات مثل (بورشيا) و(روزا لند) و(أيزابيلا) و(سيليا) ونساء عاطفيات خياليات (جوليت) و(هيلينا) و(أوفيليا) ونساء ودودات (هرميون) و(دزدمونة) و(كونستانس) .
من الصعب وضع تصنيف تراتبي ولكن المؤلفة (كووك) صنفت نساء شكسبير كالتالي : النسوة التاريخيات والرومانيات والبريطانيات ، مثل (بورشيا) و(كاربولينا) و(ملكات انكلترا) ، النساء الأرضيات مثل (المحظية كويكلي) والشابات التراجيديات مثل (روزالند) و(فيولا) والصريحات مثل (كيت) و(بياتريس). من الممثلات الانكليزيات القديمات اللواتي مثلن أدوار نسوية شكسبيرية كانت (ألين تيري) و(سارة سيدونز) ومن الممثلات الحديثات كل من (جانيت سوزمان) و(بيغي اشكروفت) و(جودي ديبج) و(باربارا جينورد) و(فينيسا ريدغريف) و(غليندا جاكسون) وكلهن أعطين آراءهن بالادوار التي مثلنها.ورغم أن أدوار النساء في زمن شكسبير كان يمثلها الفتيان ، حيث لم يكن مسموح للنساء أن يصعدن على خشبة المسرح أنذاك ، إلا أن شكسبير اسبغ على نسائه كل الصفات الأنثوية مثل الجمال والرقة والعناد والبراءة وغيرها ، وهكذا كان شكسبير متنوعاً في اختياراته ، متنوعاً ليس بالصفات وحسب بل في الإعمار وفي التوجهات وفي العلاقات مع الرجال وفي المصائر . كل ذلك ثم شرحه في الفصل الأول من الكتاب .
وفي الفصل الثاني تطرقت المؤلفة إلى النساء اللواتي أحببن رجلاً مثل (جوليا) و(روزالند) و(فيولا) وفي الفصل الثالث تطرقت إلى فطنة البعض منهن امثال (أدريانا) و(كاترينا) و(روزالين) و(بياتريس) . وفي الفصل الرابع تعرضت إلى النسوة اللواتي تظاهرن بانهن قانونيات مثل (بورشيا) في (تاجر البندقية) . في الفصل الخامس تكشف المؤلفة عن فضائل الشابات العديدة ، وهكذا تفصل في الفصول الأخرى إلى أن تصل إلى الفصل التاسع حيث المصير المظلم لعدد من بطلات شكسبير مثل (جوليت) و(أوفيليا) و(دزرمونة) و(كورديليا) وكلهن ينتهين إلى الموت ظلماً وبدون وجه حق وتختم المؤلفة (كووك) كتابها بمناقشة دور الشريرة (ليدي ماكبت) التي حرضت زوجها لقتل الملك لكي يجلس هو على العرش ، ومناقشة دور (كليوباترا) وصفاتها السيئة والحسنة وأسباب حبها للقائد الروماني (انطوني) وصراعها مع نفسها بين حبها لوطنها وحبها للاجنبي المحتل .ولأن المسرح العراقي قد شهد عدداً من عروض لمسرحيات شكسبير اخرجها مخرجون من الرواد ومن الجدد ، ونذكر على وجه الخصوص (تاجر البندقية) و(يوليوس قيصر) و(هاملت) و(ماكبث) و(انطوني وكليوباترا) و(حلم ليلة منتصف صيف) و(الملك لير) وحالياً يتم انتاج (ريجارد الثالث) وعليه أذكّر من يتصدى لأخراج إحدى مسرحيات شكسبير أن لا يستسهل الأمر وان لا يسيء إلى نصوصه العظيمة بالحذف والاجتزاء والتحريف ، بل عليهم أن يدرسوا تلك النصوص بتمعن وأن يحللوا معانيها الظاهرية والخفية وعلاقاتها مع الشخصيات الأخرى وأهدافها وأفعالها الرئيسية والثانوية وبالتالي التأكيد على ثيماتها من وجهة نظر شكسبير نفسها وفق وجهة نظر المخرج الجديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق