مجلة الفنون المسرحية
مسرحية " قمة المنحدر " تأليف سعيدي مصطفى
شخصيات المسرحية حسب الظهور :
- النسوة اللائي يشاهدن أحد المسلسلات التركية / اللاتينية .
- الراقصة .
- عازف الطبل .
- الرجل الحابي . ( الذي يحبو على يديه ورجليه )
- المخمور .
- جمهور كرة القدم .
- جنود الاحتلال .
- الشهداء .
- الطفلة .
- الصوت .
- الأمين العام / الخائن العام .
- المساعد الأول .
- المساعد الثاني .
- المساعد الثالث .
- العون .
- عامل النظافة .
- المسؤول الأول / أبو الأمجاد عز العرب .
- المسؤول الثاني : ( الرجل )
- المشاركون في المؤتمر : ( الرجال يمينا ويسارا)
لوحة الافتتاح
- يضاء المسرح بالتوالي من اليمين إلى اليسار.
- تضاء الجهة اليمنى للمسرح لتظهر فيه طاولة صغيرة وضع عليها تلفاز من النوع الممتاز .
- تدخل أربع نساء وهن يتسابقن و يهرولن لتشغيل التلفاز .
الأولى : ( تشغل التلفاز ) هيا ، هيا لقد بدأ المسلسل .
( يجلسن جميعهن )
الثانية : ( بشغف ) لا شك أن أحداث حلقة اليوم ستكون ساخنة .
الثالثة : لا ، لا ، لا ليس هذا هو المسلسل .....
الرابعة : ( مقاطعة ) إنه مسلسل سخيف .... ( متوسلة ) أرجوك غيري القناة لنشاهد المسلسل الآخر .
الثانية : ( تضع سبابة يمناها على شفتيها ) أششش...... الزما الصمت وتابعا معنا هذا المسلسل إنه أفضل بكثير من ذلك الذي ترغبان في مشاهدته .
الثالثة : إنه ممل جدا .
الأولى : ( بعصبية وهي تمسك بآلة التحكم عن بعد الخاصة بالتلفاز ) إذا كان مملا فيمكنكما المغادرة ، لقد اتفقنا من قبل على أن من يسبق ويشغل التلفاز هو من يتحكم في ما سنشاهده من مسلسلات .
( يسود نوع من الصمت الذي يسبق العاصفة ، ثم تنقض المرأة الثالثة على المرأة الأولى وتنتزع منها آلة التحكم عن بعد وتغير القناة لتظهر قناة أخرى ، فمسلسل آخر )
- يبدأن في عراك لا ينتهي ، ترتفع أصواتهن ثم تبدأ في التلاشي إلى أن تصبح غير مسموعة
نهائيا ( يتابعن العراك في صمت )
- يخفت الضوء المسلط عليهن قليلا ، ثم يضاء وسط المسرح ليظهر فيه عازف طبل ، يشرع
في العزف ببطء ، ثم شيئا فشيئا يرتفع العزف ليرتفع معه الإيقاع ولتظهر راقصة تتمايل معه .
- بعد لحظات من ظهور الراقصة يظهر رجل يحبو على يديه ورجليه رافعا رأسه تجاهها محدقا
في قدها ، مرددا ومترنما وهو يتبعها ( ككلب ) :
قدك المياس يا عمري يا غصين البان كاليسر
أنت أحلى الناس في نظري جل من سواك يا قمري
قدك المياس مد مال لحظك الفتان قتالا
هل لواصل خلد لا لا لا لا فاقطع الآمال وانتظري
- في هذه الأثناء يظهر رجل مخمور يحمل قنينة خمر وهو يترنح يمينا وشمالا ، يحاول مخاطبة ظله المنعكس بالأمام منه :
ألا فاسقيني خمرا وقل لي هي الخمر # ولا تسقيني سرا إذا أمكن الجهر
فما العيش إلا سكرة بعد سكرة # فإن طال هذا عنده قصر الدهر
وما الغبن إلا أن تراني صاحيا # وما الغنم إلا أن يتعتعني السكر
يتعتعني السكر ...... يتعتعني السكر ( يبدأ في القهقهة واقفا في مكانه ) .
- يخفت الضوء قليلا ، ( يستمر عازف الطبل في العزف دون أن يسمع عزفه , وتستمر الراقصة في رقصها وكذلك الرجل الحابي الذي يتبعها )
- يضاء الجانب الأيسر من المسرح ليظهر فيه مجموعة من المتفرجين يتابعون اللحظات الأخيرة من مباراة في كرة القدم .
- يظهر على الشاشة التي يتابعون عليها المباراة فريقان أحدهما يرتدي بدلا بيضاء والآخر بدلا باللون البرتقالي والأزرق ، فيما التعليق باللغة الإسبانية .
- بعد لحظات من المتابعة يسجل أحد الفريقين هدفا فتعم الفرحة أنصاره، الشيء الذي لا يتقبله محبو وعشاق الفريق الآخر، فيدخلون في عراك بالأيدي والكراسي معهم.
- تنتهي المباراة دون أن ينتهي العراك .
- يخفت ضوء الجهة اليسرى من المسرح أيضا .
- في عمق المسرح حيث يسلط الضوء بقوة أكبر ، يظهر جنود الاحتلال بزيهم العسكري الملون بخطوط زرقاء وبيضاء يصوبون ببنادقهم على الأطفال والنساء والشيوخ فيتساقط هؤلاء جميعا
الوحد وراء الآخر، في حين يتحول الجميع ( النساء وعازف الطبل و الراقصة والرجل الحابي،
والمخمور ومشاهدو المباراة ) يتحولون إلى مجرد متفرجين، يجلسون كأصنام لا يحركون ساكنا
اللهم أيديهم التي تحك رؤوسهم فيما يشبه الدهشة والاستغراب مما يقوم به أولئك الجنود .
- بعد أن يتفرق الجنود تاركين جثث الشهداء على الأرض يقترب واحد منهم من صاحبه.
الجندي : إنك بارع في التصويب ولا تستثني أحدا .
الجندي الثاني : لقد أمرنا القائد بأن نقتل كل ما يمشي ويدب على الأرض .
الأول : لا أحد غيرنا يستحق العيش على هذه الأرض .
الثاني : نعم لا أحد غيرنا .
الأول : أششش ( بصوت منخفض ) هناك أحد قادم .
( في هذه اللحظة تظهر طفلة تبكي ، يتقدم الجندي الثاني نحوها مسرعا ويمسكها من شعرها )
الطفلة : ( متوسلة باكية ) أتركني ، أتركني ...
الجندي : سأتركك لكن بعد أن أقتلك .
الطفلة : ( مستغيثة ومستنجدة ) وا عرباه وا إسلاماه ... وعرباه وإسلاماه ....
الجندي : لا عرب اليوم ولا مسلمين غدا ، اليوم قتل وغدا قتل ( يضحك بشدة ثم يقتلها بدم بارد )
( ينصرف الجنديان )
- يخفت ضوء خشبة المسرح بكاملها .
- يأتي الصوت من بعيد ( يتحول مشاهدو المباراة والنسوة والراقصة والعازف ، والحابي ، والمخمور إلى مجرد أناس عاديين يقومون بأشياء وحركات تناسب معنى الكلام الصادر من
الصوت وتسير معه في خط آني موحد )
( الناس العاديون ) يرفعون لافتات مملوءة بعبارات رافضة لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة وهم يرددون بصوت منخفض : يا شهيد ارتح ، ارتح سنواصل الكفاح .
بعدها يخفت الضوء فيحضر كل واحد منهم وسادة وينام ليعم الشخير المسرح .
يركض الرجال والنساء فوق خشبة المسرح في جميع الاتجاهات ، ثم بعدها يتظاهر كل واحد منهم بالسكر وهم يحملون قناني الخمر
وفي الأخير يتوسد كل واحد من الرجال فخد امرأة من النساء ومن لم يجد أي امرأة يبقى واقفا يترنح يمينا وشمالا .
يبقون في نفس الوضع ويرددون بصوت واحد :
لم نعد نهتم
ولم يعد يهمنا شيء
أمير .... أمير
شهير .... شهير
النخلات .... النخلات
- في هذه اللحظة تصدح ( بصوت
منخفض )خشبة المسرح بأغنية : العنب،
العنب ، فينهض الجميع ويشرعون في
الرقص لفترة وجيزة ، ثم يرددون
بصوت واحد ( مرتفع ) :
لم نعد نهتم ولم يعد يهمنا شيء
- يعودون للنوم مجددا .
- يسمع صوت صياح ديك بعيد .
ينهضون ويحضرون طاولة وكراس
ويجلسون مجتمعين حولها ، يحضر واحد
منهم فناجين القهوة وأكواب الشاي ، يشير
لهم ليبدؤوا في تحريك رؤوسهم ، ثم
ليدخلوا في عراك بالأيدي دون أن يصدر
منهم صوت ، بعد ذلك يضحكون وهم
يرددون كلمة : التنديد، التنديد .
- في صف واحد يقف الجميع وقفة
عسكرية
- يظهر الجنديان فيتجه الجميع نحوهما
متوسلين ومتسولين كمن يلح في طلب
شيء ما .
- يركب واحد منهم قصبة ويحمل سيفا
ويبدأ في الركض ، ثم يسقط وكأن أحدا
ما قتله ، بعدها يبدأ الجميع في الثغاء
كالحملان .
الصوت :
اندثرت آخر ذرات الاحساس فينا
منذ زمن ليس بطويل
فثرنا
وحزنا
وغضبنا على جداول الدماء التي ما تزال تسيل
وخرجنا في الشوارع نركض كالحمقى
نرفع اللافتات ، نردد الشعارات
وفي آخر المطاف استسلمنا للنوم
في أول سويعات الليل .
تقطعت آخر أوصال الحياة فينا
وجرينا .... وركضنا
واستبقنا إلى الحانات ملوكا وعبيدا
وكأن شيئا لم يكن
غصنا في كؤوس العنب قليلا
واستمعنا إلى أغاني المجون والويل
وعند الثمالة
ارتمينا في أحضان النجاسة من فتيات
الليل .
لم نعد نهتم
لم نعد نهتم ..... ولم يعد يهمنا شيء
فلم يعد في البلد أمير
ولا في القبيلة شيخ
ولا والي .... ولا وزير .... ولا رئيس خدم
ولا حتى في هذه الأمة ملك شهير
فقد أعدموا آخر النخلات
وأسروا أوراق العنب
واجتثوا سنابل الشعير
فلم نعد نهتم .... ولم يعد يهمنا شيء .
سقطت آخر نجمات الليل
وحل الصباح وحلمنا بالبديل
بديلا للوضع
واجتمعنا في المقاهي .... في الفنادق
بين الكراسي والطاولات
وعلى إيقاعات فناجين القهوة
وأكواب الشاي
وبأمر من النادل
بدأت السهرة
شتمنا بعضنا البعض
حركنا رؤوسنا
لم تكن رؤوسا فقط هياكل
وركضت عقارب الساعة في المضمار
وانتهت سهرت القال والقيل
وخرجنا بنكتة جميلة
اسمها التنديد
اصطكت لها أسنان الصغير قبل الكبير
ولم يكن هناك بديل فالذليل ظل ذليل .
هم يردونها حربا تمتد جيلا بعد جيل
وأنتم تتسولون منهم السلام
كمن يطلب رغيفا من بخيل
هم من أسالوا دموع أطفالنا
بدون نشيج ولا عويل
وأنتم جعلتم عنترة
قبل المبارزة قتيلا في قتيل
فقد اصبحتم حملا وديعا
بل مجرد فأر ذليل
فقد اندثرت آخر ذرات الاحساس فينا
منذ زمن ليس بطويل
- يسدل الستار .
المشهد الأول :
- يرفع الستار -
- يظهر على خشبة المسرح مكتب فخم للأمين العام ، بالأمام منه أرائك فاخرة من الجلد الأسود تتوسطها طاولة صغيرة من زجاج .
- يدخل الأمين العام برفقة ثلاثة من مساعديه فيجلس هو أولا ثم من بعده مساعدوه .
الأمين العام : لقد اجتمعت بكم في هذا اليوم السعيد كما تجتمع الضباع حول جثه تريد اقتسامها ، ولهذا
فكل واحد منكم سيأخذ نصيبه منها ( يسكت ويبدأ في حك رأسه ثم يتابع ) لا ، لا ، لا
ليس هذا ...... عفوا أقصد أنننا سنتقاسم الآراء حول بعض القضايا المتعلقة بتنظيم هذه
القمة المرتقبة .
المساعد الأول : ( علي يمين الأمين العام ) قبل أن نقول أي كلمة تافهة يا سيدي نود أن نعبر لك جميعا بمدى فخرنا واعتزازنا بالتواجد معك .
الأمين العام : وأنا فخور بكم أيضا .
المساعد الثاني : ( على اليسار ) نعم التفكير الحيواني لديك يا سيدي .
الأمين العام : ( يقف من مكانه في عصبية ) ماذا تقول ؟
المساعد الثالث : ( على اليمين ) لا تغضب يا سيدي .
الأمين العام : كيف لا أغضب ، ألم تسمع ما قاله هذا المعتوه ؟
المساعد الثالث: لقد التبس عليك الأمر يا سيدي , فكلمة حيواني التي سمعتها ليست من الحيوان كما تعتقد
وإنما هي صيغة مبالغة من كلمة: حي وحيوي وحيواني على وزن فعلاني .
الأمين العام : (يجلس ) أعذروني فعربيتي بسيطة جدا ، فكما تعلمون فكل تعليمي وتعلماتي تلقيتها في بلاد الفرنجة .
المساعد الثاني : لذلك يا سيدي فأنت أفضل من يشغل هذا المنصب .
المساعد الأول : هلا سمحت لي يا سيدي بسؤال بسيط ؟
الأمين العام : تفضل .
المساعد الأول : ما الذي يجعل أمر تنظيم هذه القمة يوكل إلى بلدنا ، فأغلب القمم والمؤتمرات نحن من
حظي بشرف تنظيمها .
الأمين العام : من منكما يعرف الإجابة .
المساعد الثاني : يكفي أن دولتنا دولة عريقة .
المساعد الأول : ما معنى عريقة يا سيدي ؟
الأمين العام : عريقة .... آآآآآآآ ( يحك رأسه ) اشرحا له .
المساعد الثالث : أنا سأشرح له .
الأمين العام : هيا وبدون فلسفة .
المساعد الثالث : عريقة تعني أنها تعرق كثيرا .
المساعد الأول : نعم يا سيدي إن دولتنا دولة عريقة جدا , فأهلها يعرقون بسرعة وباستمرار , كما أنهم
يأكلون من عرق جبينهم ....
الأمين العام :( مقاطعا ) وكما لا يخفى على أحد أننا أول دولة تصدر العرقسوس في العالم ( يشرع
في القهقهة ثم يتابع ) هل عرفت الآن لما يوكل إلينا تنظيم مثل هذه القمم والمؤتمرات .
المساعد الأول : نعم يا سيدي ، إذا عرف السبب بطل العجب .
المساعد الثالث : عفوا يا سيدي أنا ايضا لدي سؤال ظل يشغل بالي منذ زمن بعيد .
الأمين العام : وما هو هذا السؤال الذي ظل يؤرقك طوال هذه السنين ؟
المساعد الثالث : لماذا سميت جامعتنا بجامعة الدول العربية ؟ مع أنني زرت جميع الدول العربية ولم
أجد دولة واحدة منها تتحدث باللغة العربية .
الأمين العام : إنها مجرد تسمية لا أقل ولا أكثر ، وتبقى ملاحظتك هذه ملاحظة قيمة تستحق عليها
التشجيع .
المساعد الأول : إن ما قاله زميلي يا سيدي أمر عجيب ، فهل يعقل أن الوطن العربي من المحيط إلى
الخليج لا يتحدث أهله باللغة العربية ، والله لو بعث سيبويه من قبره وسمع كلامنا لجن
على الفور .
المساعد الثاني : ( في استغراب ) سيبويه !
الأمين العام : ومن يكون سيبويه هذا ؟
المساعد الأول : (يبتسم ) ألا تعرف يا سيدي سيبويه ؟ ( يتابع ) يبدو أنك لا تعرف شيئا عن التاريخ
العربي ( يسكت برهة ثم يحك أرنبة أنفه ويتابع ) سيبويه يا سيدي هو أحسن لاعب
كرة قدم في الجاهلية ، إنه من قاد فريق الغساسنة ليفوز على فريق المناذرة في كأس
العالم لسنة عشرين قبل الهجرة .
الأمين العام : وأين كان ذلك ؟
المساعد الأول : حسب ما أذكره فقد لعبت تلك المباراة في ملعب عكاظ الشهير وبقيادة الحكم المحنك
قدامة بن جعفر .
المساعد الثالث : هذا يعني أن كرة القدم كانت مزدهرة عندنا .
المساعد الأول : لقد كان لنا فيها باع طويل .
المساعد الثاني : عجبا !!
المساعد الأول : وما العجب في ذلك ؟
المساعد الثاني : العجب هو أن ابني مدمن كبير على مشاهدة كرة القدم ومع ذلك فلم يحدثني مرة واحدة عن هذا اللاعب المشهور.
الأمين العام : دعنا من كلام الأطفال . ( وأخبرني أنت ( يوجه كلامه إلى مساعده الأول ) وما علاقة سيبويه هذا باللغة العربية ؟
المساعد الأول : يقال والله أعلم والعهدة على من قال هذا الكلام أن سيبويه كان يتلاعب باللغة العربية
كما كان يفعل بالكرة وبخصومه .
الأمين العام : وبعد أن عرفنا من يكون سيبويه هذا ، هل هناك من سؤال يشغل بالكم ويحير عقولكم ؟
المساعد الثاني : لدي تحفظ صغير يا سيدي .
المساعد الأول والثالث : ( يقفان من مكنيهما ويقولان بصوت واحد ) تحفظ...!
الأمين العام : ( هادئا ) ( يوجه كلامه لمساعديه الأول والثالث ثم بعدها إلى مساعده الثاني ) اجلسا , أنت أول مساعد من بين كل المساعدين الذين عملوا معي طوال هذه السنين الذي يحاول أن يبدي تحفظه على أمر ما ، لذلك يمكن أن أقول لك :أنه يمكنك التحفظ كما تشاء،
لكن إذا لم يكن تحفظك في محله فسأقطع لسانك .
المساعد الثاني : من تحدث عن أي تحفظ ؟ لا أحد تكلم عن ذلك على الإطلاق، إنها مجرد دعابة يا سيدي .
الأمين العام : لا تمزح بهذا الشكل الخطير .
المساعد الثاني : استسمحك يا سيدي ... غلطة ولن تتكرر أبدا .
المساعد الثالث : يبدو يا سيدي أنك منزعج قليلا .
الأمين العام : ( يشد رأسه بيده ) لقد أصبت فأنا لست على ما يرام .
المساعد الثالث : ما بك يا سيدي ؟
الأمين العام : إن رأسي يؤلمني من كثرة التفكير .
المساعد الأول : وفيما تفكر يا سيدي ؟
الأمين العام : لا أفكر في شيء، سوى في سبب إقامة هذه القمة الطارئة والعاجلة .
المساعد الثاني : لابد أن حدثا عظيما قد حدث في إحدى الدول العربية .
الأمين العام : ذلك الحدث هو ما أود معرفته .
المساعد الأول : ظننا أن الخبر اليقين سيكون عندك يا سيدي .
الأمين العام : أنا لا أعرف شيئا سوى أنني الأمين العام هنا وكفى .
المساعد الثالث : أعذرني يا سيدي فأنا لا أقرأ الجرائد العربية ، ولا أشاهد أية قناة من القنوات العربية ،
فأنا أشعر بالانتماء أكثر للقنوات الأجنبية خصوصا عندما لا أفهم شيئا مما تبثه .
المساعد الأول : لابد أن أمرا تافها كالعادة هو السبب في طلب إقامة هذه القمة الطارئة .
الأمين العام : هذا الأمر التافه هو الذ نريد ان نعرفه .
المساعد الثاني : في الحقيقة أنا لم أسمع شيئا ذا أهمية أو مثير للاهتمام .
المساعد الثالث : إذن فنحن جميعا لا نعرف شيئا .
المساعد الثاني : هناك من يمكنه إخبارنا بما نريده .
الأمين العام : ( بلهفة شديدة ) من هو ؟
المساعد الثاني : استدع يا سيدي أي واحد من أعوانك ، فحتما ستجد عنده الخبر اليقين الذي يشفي غليلنا.
المساعد الأول : ( مقاطعا ) نعم يا سيدي، فمثل هؤلاء الحمقى غالبا ما ينشغلون بتافه الأحداث التي تحدث هنا أو هناك .
الأمين العام : خذ الحكمة ولو من أفواه الحمقى . ( يرفع سماعة الهاتف ) ( آمرا) أريد كأس ماء بارد.
(بعد لحظة يُسمع طرق على باب المكتب )
الأمين العام : أدخل .
( يدخل العون حاملا كأس ماء على صينية ، يضع الكأس فوق مكتب الأمين العام )
الأمين العام : لماذا تأخرت في إحضار كأس الماء ؟
العون : أنا لم أتأخر يا سيدي .
الأمين العام : لقد تأخرت ولا تناقشني في ذلك ، ومرة أخرى عندما أطلب منك شيئا يجب أن تحضره في رمشة عين .
العون : أنا لست جنيا يا سيدي .
الأمين العام : دعنا من ذلك الآن واجبني عن سؤالي ، هل صحيح أنك أصبحت تخل بالقيام بواجباتك
ولا تقوم بها كما في السابق ؟
العون : أية واجبات ؟
الأمين العام : ألا تعرف واجباتك أنت أيضا ؟
العون : أ تسمي إعداد الشاي والقهوة وتقديم العصير وحمل الملفات وأخذها من مكتب إلى آخر،
تسميه واجبات ؟ .... والله إن أي شخص يمكنه أن يقوم بهذا العمل البسيط . الأمين العام : ألا يعجبك هذا العمل ؟
العون : بلى يعجبني ولكن ( يقاطعه الأمين العام )
الأمين العام :لا تشرح لي كثيرا فليس لدي وقت لأضيعه مع أمثالك .
العون : سأنصرف إذن يا سيدي .
( يحاول العون الانصراف )
الأمين العام : ( مانعا إياه ) هل طلبت منك ذلك ؟
العون : ( متراجعا ) هذا لا يحتاج إلى طلبك يا سيدي ، فإذا كنت أضيع وقتك فالأفضل أن أتركك كي لا يضيع وقتك الثمين .
الأمين العام : لا تذهب .
العون : أمرك يا سيدي .
الأمين العام : بالإضافة إلى عدم قيامك بواجباتك كما ينبغي ، فقد تناهى إلى علمي أنك لا تهتم بما يحدث لأمتنا من أحداث عظيمة .
العون : وماذا بعد هذا يا سيدي ؟
الأمين العام : لا شيء ، أنا أريد فقط أن أتأكد من صحة هذا الخبر .
العون : لاحظ يا سيدي أنك تكرر الأسئلة ولا تريد أن أشرح لك ولا أن اضيع وقتك .
الأمين العام : ( منزعجا ) أجبني عن سؤالي وانصرف .
العون : وما هو هذا السؤال ؟
الأمين العام : ما هو أبرز حدث وقع في الساحة العربية في الأيام القليلة الماضية ؟
العون : (مستهزئا ) أ كل هذا اللف والدوران من أجل أن تعرف حدثا يعرفه القاصي والداني ؟ ....
قل من البداية بأنك لا تعرف شيئا و.... ( يقاطعه المساعد الثالث )
المساعد الثالث : ما هو ذلك الشيء الذي لا يعرفه ؟
العون : ما لا تعرفونه أنتم أيضا .
الأمين العام : ( غاضبا ) أخبرني بسرعة واغرب عن وجهي .
العون : الحدث الذي ترغبون معرفته يا سيدي يعرفه الجميع إلا الحمقى .
المساعد الأول : ماذا تقصد بالجميع وماذا تقصد بالحمقى ؟
العون : لا شيء .
الأمين العام : هل ستخبرنا أم لا ؟
العون : الأمر يتعلق يا سيدي بغارات إسرائيلية عنيفة على أهلنا بفلسطين .
(ردة فعل الأمين العام ومساعديه تتم في نفس الوقت تقريبا )
الأمين العام : ( يتنفس الصعداء ) الحمد لله أن الأمر لا يتعلق بشيء آخر .
المساعد الأول : غارات! ....
المساعد الثاني : أهلنا بفلسطين !
المساعد الثالث : هل لدينا أهل بفلسطين يا سيدي ؟!
الأمين العام : ( دون أي اهتمام بما قاله مساعدوه ) هل هذا فقط ما حدث ؟
العون : تلك الغارات خلفت عددا كبيرا من الشهداء والجرحى .
الأمين العام : من الذي استشهد و جرح ؟
العون : إذا كان الإسرائيليون هم الذين يقصفون ويغيرون على الفلسطينيين ، فمن إذن سيكون
قد أستشهد وجرح ؟
المساعد الثالث : الإسرائيليون .
العون : ( يضرب كفا بأخرى ) لا حول ولا قوة إلا بالله .
المساعد الثاني : الفلسطينيون .
( الجميع ينتظر تعليق العون على الجواب الأخير )
العون : نعم .
( الجميع وبصوت واحد ) : الحمد لله .
العون : ( بصوت مرتفع ) ربنا ولا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا .
المساعد : أ تنعتنا بالسفهاء أيها الحثالة ؟
الأمين العام : ( بانزعاج وحنق ) أغرب عن وجهي أيها الأحمق اللعين ، أتتطاول علينا دون أن تخجل من نفسك ، قبح الله سعيك .
العون : أنتم من يجب أن يخجل من نفسه ، أما أنا فسأذهب لأنه لا يشرفني البقاء في هذا المكان
للحظة واحدة ، أفضل أن أعمل ملمعا للأحذية على أن أعمل تحت إمرة خونة مثلكم .
( ينصرف وهو يردد ) إذا أسندت الأمور إلى أهلها فانتظر الساعة .
الأمين العام : لا أدري لماذا أصبح الناس بهذه الوقاحة ؟
المساعد الثالث : من الجيد أنك طردته .
المساعد الأول : مثل هؤلاء يشكلون خطرا علينا .
الأمين العام : المهم أنه ذهب إلى الأبد .
المساعد الثاني : والمهم أننا عرفنا منه ما كنا نريد معرفته .
المساعد الأول : ولكن بعد أن سخر منا ونعتنا بأقبح النعوت .
الأمين العام : هذا لأنكم لا تقومون بعملكم .
المساعد الثالث : نحن آسفون يا سيدي .
الأمين العام : ماذا سأفعل بأسفكم بعد أن سمعت مالم أسمعه في حياتي .
المساعد الأول : نكرر اعتذارنا لك يا سيدي .
الأمين العام : حسنا ماذا سنفعل الآن ؟
المساعد الثاني : لقد ذهب يا سيدي .
الأمين العام : أنا لا أتحدث عن ذلك الأحمق .
المساعد الثالث : عن ماذا تتحدث يا سيدي ؟
الأمين العام : ماذا سنفعل في هذا الأمر ؟
المساعد الثاني : نعم ماذا سنفعل .
الأمين العام :إنني أسألكم أنتم .
المساعد الأول : أرجو أن تحدد السؤال فنحن لم نفهم شيئا .
الأمين العام : ماذا سنقول حول هذا الأمر الدي حدث بين الفلسطينيين والإسرائيليين ؟
المساعد الثالث : تقصد الموقف الذي سنتخذه كجامعة تجاه ما حدث .
الأمين العام : نعم .
المساعد الأول : حسب علمي يا سيدي فإنه لم تكن لدينا مواقف على الإطلاق فكيف ستكون لنا الآن ؟
المساعد الثاني : هذا صحيح .
الأمين العام : وماذا سنقول عندما نتحدث عن هذا الأمر ؟
المساعد الأول : إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب .
المساعد الثاني : لن نقول شيئا يا سيدي .
المساعد الثالث : الأمر لا يستحق الكلام ، وأحيانا يكون الصمت أبلغ من الكلام .
الأمين العام : وماذا سأقول في القمة التي سنعقدها بعد غد ؟ هل سأبقى صامتا ؟
المساعد الثاني : لا تهول الأمر يا سيدي فكل شيء سيمر على ما يرام .
المساعد الثالث : لن تضطر إلى التفكير في ما ستقوله يا سيدي ، فتدخلك ستحاول فيه أن تجمع كل الآراء التي تصدر من رؤساء الوفود المشاركة .
الأمين العام : تقصد أن تدخلي سيكون عبارة عن كلمة توفيقية وخلاصة جامعة لما تم التطرق له
من لدن المشاركين .
المساعد الثاني : نعم يا سيدي .
الأمين العام : أخشى ألا أتوصل إلى أية خلاصة أو كلمة أقولها .
المساعد الأول : تبدو يا سيدي وكأنك ستترأس قمة كهذه لأول مرة .
الأمين العام : لا أخفيكم سرا إذا قلت لكم أنني كنت في المرات السابقة أذهب إلى أحد الخطباء
الأفذاذ وابتاع منه خطبة تليق بالحدث الذي تنعقد من أجله الجامعة العربية ، لكني
علمت أنه مات قبل عدة أسابيع ، لذلك أنا مضطرب بهذا الشكل الخطير.
المساعد الثاني : إننا نعرفه يا سيدي ، فنحن أيضا كنا نتعامل معه .
المساعد الثالث : لذلك وجدتنا نحن أيضا على هده الحال ، ضائعين لا نستقر على رأي.
المساعد الثاني : لا تقلق يا سيدي فكل شيء سيكون على ما يرام ، يكفي أن تقول أي شيء ،فكلامك
فخر لكل عربي.
المساعد الأول : والله ، والله يا سيدي لوكان هناك عقلاء في هذه الأمة لجعلوا كلامك يدرس في كل
المناهج التربوية بالمدارس والجامعات .
المساعد الثالث : فكيف ستحتاج لأن تبتاع خطبة من هنا أو هناك .
الأمين العام : أرجوكم لا تخجلوني .
المساعد الأول : هذه هي الحقيقة يا سيدي .
الأمين العام : توقفوا عن الثناء علي ، فأنا لا أستحق كل ذلك .
المساعد الثاني : هذا فقط من تواضعك يا سيدي .
الأمين العام : يكفي أرجوكم فهناك نقطة ثانية يجب أن نتطرق لها .
المساعد الأول : وماهي يا سيدي ؟
المساعد الثالث : أولم يكن الأمر يتعلق فقط بمعرفة سبب عقد هذه القمة الطارئة ؟
الأمين العام : هناك أمر أهم من ذلك بكثير .
المساعد الثاني : أخبرنا به يا سيدي .
الأمين العام : كما هو معروف لديكم ومعروف عند الجميع ، فإن القمم والمؤتمرات التي تعقدها
الجامعة العربية باتت تعرف إقبالا ومتابعة منقطعة النظير، أجزم على أنها تضاهي
مشاهدة أشهر المسلسلات التركية أو المكسيكية سواء في العالم العربي أو في العالم
بأسره .
المساعد الأول : هذا بفضل جهودكم يا سيدي .
المساعد الثالث : هل هناك من مستجد في هذا الموضوع يا سيدي .
الأمين العام : هل سيبقى بث ونقل وقائع القمم العربية بالمجان دون أن يدفع المشاهد ثمنا لما يشاهده؟
المساعد الثالث : بطبيعة الحال لا يا سيدي .
المساعد الثاني : إن نسبة مشاهدة مؤتمرات جامعة الدول العربية مرتفعة يا سيدي ، لذلك فلن يتوانى
المشاهدون في الاشتراك في القنوات التي ستحظى بشراء نقل وقائع تلك المؤتمرات .
المساعد الأول : إن درجة الاستمتاع عند المشاهد العربي تبلغ ذروتها عند مشاهدته لمؤتمرات جامعة
الدول العربية ، لأنها ببساطة تقدم له طبقا متنوعا من الكوميديا والإثارة التي تغيب عن
المسرحيات والأفلام الباهتة التي يشاهدها .
الأمين العام : والجيد في هذه المهازل.... أقصد المؤتمرات أن المشاركين فيها يمثلون أغلب الدول العربية ، لذلك فشراء حقوق البث سيعرف منافسة شديدة .
المساعد الثالث : وماذا سنجني من وراء كل ذلك يا سيدي ؟
الأمين العام : سنجني أموالا طائلة أيها الغبي .
المساعد الأول : ( يحك يده بالأخرى ) تقصد أن جيوبنا ستمتلئ بالنقود .
الأمين العام : نعم ، هذا ما أقصده .
المساعد الثاني : وهل هناك من قدم عرضا في الموضوع يا سيدي ؟
الأمين العام : معظم القنوات أبدت رغبة أكيدة في شراء حقوق البث .
المساعد الثالث : ومن سيظفر بالصفقة ؟
الأمين العام : الصفقة ستكون من نصيب القناة التي تدفع أعلى سعر تحت الطاولة .
المساعد الثالث : ما معنى كلامك يا سيدي ؟
الأمين العام : معناه أن القناة التي ستحظى بشرف نقل وقائع القمة العربية هي القناة التي ستدفع لنا
شخصيا أعلى سعر بالإضافة إلى سعر الصفقة الرسمية المسجلة في العقود .
المساعد الثالث : ولكن المبلغ الذي سنأخذه نحن يعتبر رشوة .
الأمين العام : ( غاضبا ) متى أصبحت أيها الأحمق العمولة رشوة ؟
المساعد الثاني : أعذره يا سيدي فمداركه الاقتصادية والقانونية ضعيفة .
المساعد الثالث : نعم يا سيدي لقد رسبت في الجامعة ست مرات بسبب مادة الاقتصاد هذه.... لذلك
يمكن أن أقول إن تدبيرك وإدارتك لجامعة الدول العربية لا يضاهيه أحد .
المساعد الأول : والله يا سيدي إنك أفضل أمين عام عرفته جامعة الدول العربية .
المساعد الثالث : بل ولن يتكرر مثلك يا سيدي ، فأنت شخص فذ وفريد من نوعه .
الأمين العام : هذا بفضل مساعدتكم أنتم أيضا .
المساعدون الثلاثة : ( في الآن نفسه ) شكرا يا سيدي .
المساعد الثاني : لدي اقتراح يا سيدي يصب في هذا الاتجاه .
الأمين العام : أي اتجاه ؟
المساعد الثاني : اتجاه ملء الجيوب يا سيدي .
الأمين العام : ( متلهفا ) هيا أخبرنا به بسرعة .
المساعد الثاني : ما رأيك يا سيدي في الإشهار ؟
الأمين العام : اكثر ما يعجبني فيه هو إشهار السيارات والوجهات السياحية .
المساعد الثاني : أنا لا اقصد إبداء رأيك حول الإشهار .
الأمين العام : وماذا تقصد بالضبط ؟
المساعد الثاني : يمكن يا سيدي أن تتخلل فترات اجتماعات الدول العربية وصلات إشهارية .
الأمين العام : كيف ذلك هل يمكن أن تفسر لنا أكثر .
المساعد الثاني: يمكن يا سيدي أن نتعاقد مع بعض المستشهرين الراغبين في إشهار سلعهم ومنتجاتهم...
( يقاطعه الأمين العام )
الأمين العام : أتقصد بكلامك أن يفصل بين كلمات ومداخلات المشاركين في القمة إعلان أو وصلة إشهارية .
المساعد الثاني : هذا هو المقصود من كلامي يا سيدي .
المساعد الثالث : ويمكنك يا سيدي أن تقول بصوتك الجميل كلما أنهى أحد المشاركين تدخله : فاصل
ونواصل .
المساعد الثاني : إنها فكرة رائعة يا سيدي .
الأمين العام : أشعر أن عقولكم بدأت تعمل جيدا .
المساعد الثالث : أنت مصدر إلهامنا يا سيدي .
الأمين العام : سنحاول تطبيق هذه الفكرة في أقرب وقت ممكن .
المساعد الأول : لا أتفق معكم يا سيدي .
الأمين العام : ( متعجبا) لا تتفق معنا .
( ينظر الجميع للمساعد الأول )
المساعد الأول : أرى يا سيدي أن تطبيق هذه الفكرة يهدد مصالحنا ويقوض أساس جامعة الدول العربية .
الامين العام : ( يقف من مكانه فيقف الجميع ) يهدد مصالحنا العليا !
المساعد الأول : نعم يا سيدي .
الأمين العام : (يجلس فيجلسون جميعا ) كيف ذلك ؟
المساعد الأول : أخشى يا سيدي أن يعجب المشاهد العربي بوصلات الإشهار أكثر من إعجابه بالأشياء التي تدور وتجري في قمم ومؤتمرات جامعة الدول العربية .
الأمين العام : وما العيب في ذلك .
المساعد الأول : أخشى يا سيدي من أن تنافس المواد الإعلانية والإشهارية المواد الدسمة التي تزخر بها
مؤتمراتنا ، وبالتالي قد تفقد أولويتها وبريقها لدى المشاهد العربي .
الأمين العام : لا تخش شيئا فنحن سنكتفي في هذه المرة بالأموال التي سنأخذها تحت الطاولة ،أما
الإشهار فسنرجئ الحديث فيه إلى وقت لاحق .
المساعد الأول : هذا هو الرأي السديد يا سيدي .
الأمين العام : إذ لم يكن لدى أي منكم أي تدخل فالاجتماع قد وصل إلى نهايته .
المساعد الثالث : هل انتهى الاجتماع يا سيدي ؟
الأمين العام : لقد تحدثنا حول كل النقاط المهمة .
المساعد الثاني : أجل يا سيدي لقد تحدثنا عن حقوق النقل , وعن سبب تسمية الجامعة العربية بهذه
التسمية ، وأيضا تحدثنا عن الإشهار وكذلك عن الكلمة التي ستقولها حول الأوضاع
في .... أ ... أأأ...أأأ... ( يحك رأسه ويتابع الحديث ) ما هو الموضوع الذي بسببه
ستعقد هذه القمة اللعينة يا سيدي ؟
الأمين العام : ( في ارتباك ) الموضوع ................ما هو الموضوع ؟
المساعد الأول : لقد أخبرنا به ذلك الوقح قبل قليل .
الأمين العام : بماذا أخبرنا ؟
المساعد الأول : بصراحة لقد نسيت يا سيدي .
المساعد الثاني : استدع يا سيدي عونا آخر ليخبرنا بالموضوع من جديد .
الأمين العام : لا بد أن ذلك الحقير أخبر الجميع بأننا لا نعرف سبب انعقاد هذه القمة الطارئة ، وإذا استدعيت عونا آخر أو أي موظف فستكون فضيحتنا كبيرة .
المساعد الأول : وماذا سنفعل الآن يا سيدي ؟
الأمين العام : حاولوا أن تتذكروا شيئا مما قاله ذلك الأحمق .
المساعد الثالث : أذكر يا سيدي أن ذلك الحدث حدث تافه .
الأمين العام : هل أنت متأكد من أنه حدث تافه .
المساعد الثالث : نعم يا سيدي إنه كذلك .
الأمين العام : إذا كان الأمر كذلك فليس مهما معرفته .
المساعد الأول : سنعرف ذلك فيما بعد يا سيدي .
الأمين العام : المهم عندي الآن هو أن لا يعرف مخلوق بما دار بيننا في هذا الاجتماع .
المساعد الثاني : أمرك يا سيدي .
الأمين العام : أريدكم أن تختفوا تماما عن الأنظار لكي لا يحاول المتطفلون الحصول منكم على أي
معلومة تخص القمة المرتقبة .
المساعد الثالث : لا تقلق بهذا الشأن يا سيدي .
الأمين العام : أراكم بعد المؤتمر ، هيا غادروا وانتشروا .
( يغادر الجميع ليبقى الأمين العام لوحده )
( يخرج الأمين العام وسادة من تحت مكتبه ، يضعها فوق المكتب ويتوسدها وينام نوما عميقا )
- يسدل الستار .
المشهد الثاني
- يرفع الستار على أحد الأعوان يكنس قاعة المؤتمرات الخالية من كل شيء ، حيث
يظهر وفي يده مكنسة يدوية يكنس بها وهو يغني .
العون : ( يكنس ويغني )
منتصب القامة أمشي
مرفوع الهامة أمشي
في كفي قصفة زيتون
وعلى كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي .......
( يدخل أحد المسؤولين حاملا حقيبة صغيرة سوداء )
المسؤول : عفوا يبدو أنني دخلت إلى المكان الخطأ .
العون : ( ملتفتا إليه ) لا ، لا أظن أنك أخطأت المكان .
المسؤول: هل هذا هو مقر مدرسة الدول العربية ، أقصد الجامعة ؟
العون : هل لديك شك في ذلك ؟
المسؤول : في الحقيقة دخلت إلى هنا عن طريق الخطأ ، فأنا أريد مكتب الأمين العام .
العون : هذه قاعة المؤتمرات .
المسؤول: هذه هي القاعة .
العون : نعم .
المسؤول : إنها لا تليق بالقرارات الحاسمة التي سنتخذها .
العون : حول ماذا ؟
المسؤول : هذا ما أريد بالضبط أن أعرفه من الأمين العام ، فهل يمكنك أن تدلني على مكتبه .
العون : إنه غير موجود .
المسؤول : ولكن القمة العربية ستقام غدا .
العون : تقصد المنحدر .
المسؤول : القمة أو المنحدر الأمر واحد ، المهم عندي هو أن أعرف سبب انعقاد هذه القمة الطارئة .
العون : ألا تعرف السبب حقا !؟
المسؤول : لا .
العون : ألا تقرأ الجرائد ، ألا تستمع إلى الأخبار ، ألا يصلك حديث الشارع .
المسؤول : لا , فأنا بكل فخر لا أهتم إلا بنفسي .
العون : أو لم يخبرك مسؤولو بلدك عن شيء يتعلق بالموضوع الذي أنت من أجله هنا .
المسؤول: لا ، فأنا لا أقيم في بلدي .
العون : وأين تقيم ؟
المسؤول : أتنقل من بلد إلى بلد ، أتجول وأستجم في أرض الله الواسعة .
العون : وعملك .
المسؤول : إنه عطلة طويلة تتخللها أيام عمل قليلة ، وأنا ....
العون : ( مقاطعا ) يكفي يا سيدي فأمثالك كثر في هذه الجامعة .
المسؤول : لا شك في أنك تعرفني ، والأكيد أنك تشاهدني وتتابع أخباري على شاشة التلفاز.
العون : مكانتي لا تسمح لي بأن أتابع أمثالك .
المسؤول : ماذا تقصد ؟
العون : أقصد أن مكانتي لا يمكن أن تصل إلى مكانتك ( يدير وجهه عنه ويتابع بصوت منخفض قليلا)
في الدناءة والوضاعة .
المسؤول :( يشعل سيجارا ) هذا واضح ولا يحتاج إلى نباهتك ، وسيكون هذا اليوم الذي التقيت فيه معي
عيدا لديك .
العون : إنه أسوء يوم في حياتي .
المسؤول : ماذا قلت ؟
العون : إنه أسعد يوم في حياتي ... ( يتابع بصوت خافت ) ذلك اليوم الذي لا أرى فيه أمثالك .
المسؤول : ( يشير له بيده ) يمكنك أن تذهب وتحضر ورقة بيضاء .
العون : ( مستغربا ) لماذا ؟
المسؤول : لأوقع لك فيها كي تفخر بها أمام أصدقائك وأقربائك وكل من تعرفهم .
العون : يا لحمقك ! ( يسكت برهة ) وكأنني التقيت بأحد الأنبياء !
المسؤول : أعد علي ما سمعته الآن .
العون : قلت لك إن كلامك يشبه كلام الأنبياء .
المسؤول : ( بغرور ) في بعض الأحيان يصل إلى تلك الدرجة .
العون : ( مبتعدا عنه ضاربا كفه بالآخر ) لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا بالله .
المسؤول : ما بك ؟
العون : لا شيء .
المسؤول : اقترب قليلا .
العون : ( مقتربا منه ) ماذا تريد مني ؟
المسؤول : أراك تتحدث معي وكأنك تعرفني ، من أنت ؟
العون : أنا إنسان عادي .
المسؤول : أعرف أنك إنسان .
العون : الحمد لله ... وماذا تريد بعد ذلك ؟
المسؤول: لا أريد شيئا سوى أن أعرف طبيعة عملك هنا .
العون : أحمل مكنسة وأكنس الأرض ، ماذا سأكون في رأيك ؟ ( دون أن يترك له مجالا للكلام ) أنا
من يسهر على نظافة هذا المكان .
المسؤول : ( وكأنه لم يسمع شيئا) تسهر على ماذا ؟
العون : أسهر على نظافة المكان .
المسؤول : ( صارخا في وجه العون ) عامل نظافة ؟
العون : ( يشير إيجابا برأسه ) نعم وأفتخر بذلك .
المسؤول: يا للعار، يا للخزي الذي لحقني .
العون : ( متهكما ) حاشا أن تكون عارا أو خزيا يا سيدي ، من قال لك ذلك ؟
المسؤول : أنا بجلالة قدري أتحدث مع عامل نظافة .
العون : هذا قدرك يا سيدي .
المسؤول : اللعنة على هذا القدر .
العون : لا تلعن القدر يا هذا .
المسؤول : ولما لا أفعل ذلك وقد جعلني ألتقي برجل مثلك ؟
العون : لأنه يمكنك أن تتجنب هذا الوضع الذي وضعك فيه القدر .
المسؤول : كيف ؟
العون : كان بإمكانك الانصراف منذ أخبرتك بأن الخائن العام غير موجود .
المسؤول : الخائن العام ؟
العون : أقصد الأمين العام .
المسؤول : الأمين العام أصبح خائنا عاما ؟
العون : تقريبا .
المسؤول : ( يبتعد عن العون قليلا ثم يعود للاقتراب منه ) هل يمكن أن أطلب منك طلبا وحيدا لأذهب
من هنا .
العون : ما هو طلبك ؟
المسؤول : هل يمكن أن أعرف منك سبب انعقاد هذه القمة الطارئة ؟
العون : يمكنك أن تخرج وتسال عن ذلك أي شخص تصادفه في شارع .
المسؤول : في الشارع لا يمكن أن اسأل أي أحد عن ذلك .
العون : ولما لا ؟
المسؤول : لأنني أخاف على سمعتي .
العون : ( متعجبا ) تخاف على سمعتك !
المسؤول : إن الصحافين يتربصون بنا في مثل هذه الأوقات ، أو تريدهم أن يفضحوا أمري بكوني لا أعرف شيئا عن الأحداث التي تلم بنا ؟
العون : أراك أصبحت تتحدث بضمير الجماعة ... من نحن ؟
المسؤول : نحن – العرب والمسلمين –
العون : وهل تحسب نفسك انت أيضا عربيا ؟
المسؤول : ( بثقة زائدة ) نعم .
العون : لا تعرف الحدث الذي أنت حاضر من أجله ، وتعيش متنقلا من بلد لبلد وتقول نعم ؟
المسؤول : يكفي أن اسمي عربي قح .
العون : وما هو اسمك ؟
المسؤول : ( يرفع يده إلى السماء ) اسمي ... أبو الأمجاد عز العرب .
العون :( ساخرا) نعم الأسماء يا سيدي .
المسؤول : يقولون لي بأنني اسم على مسمى .
العون : ( ينظر إليه في سخرية ) أعتقد ... لا أعتقد ( يشير بإصبعه نافيا) أجزم أنه لو كان بإمكان
اسمك الحديث لتبرأ منك إلى يوم الدين .
المسؤول : لماذا أصبح كلامك وقحا ؟
العون : إنها الحقيقة ، هي التي تبدو وقحة ومرة . ( يسكت ثم يتابع متسائلا ) أخبرني ماذا فعلت لهذه
الأمة لتكون ... أبو الأمجاد وعز العرب ؟ ماهي الخدمات الجليلة التي أسديتها لنا ليكون
قدرك جليلا .
المسؤول : يبدو أنك لا تعرفني كما كنت أعتقد من قبل .
العون : أنا لا أعرفك حقا .
المسؤول: ( بفخر ) لقد قمت بالكثير وقدمت لهذه الأمة الكثير، الكثير ، يكفي أنني أول مسؤول أدخل
كلمة: " أندد" إلى مدرسة الدول العربية .
العون : ( يصفق بحرارة ) ما أعظم أعمالك ! وما أروعك من رجل !
المسؤول : ذلك فقط مثال بسيط على الأعمال الجبارة التي قمت بها .
العون : إنه مفخرة عظيمة تستحق عليها الثناء .
المسؤول : لا تشكرني فهذا واجبي .
العون : ( في غضب ) اسمع يا سيدي يبدو أن الكنس والتنظيف الذي أقوم به أجل وأنفع منك ومن عملك ، لذلك سأخبرك بما تريد معرفته لعلك تتركني وشأني ، فأنت بصراحة ثقيل الظل .
المسؤول : لولا أنني أحتاج منك معرفة ما حدث لأقمت الدنيا وأقعدتها بسبب معاملتك هذه معي .
العون : أحمد الله الذي جعل رويجلا مثلك يحتاج رجلا مثلي .
المسؤول : هلا ستخبرني أم لا ؟
العون : اسمع يا سيدي وأجري على الله .
المسؤول : ( يحاول أن يخرج نقودا من جيب سترته ) آه الأجر .... يمكن أن أدفع لك ثمن ذلك .
العون : ابقي نقودك في جيبك فليس كل شيء يشترى بالمال .
المسؤول : هيا إذن أخبرني .
العون :لقد هجم وأغار الصهاينة على أهلنا في غزة فجعلوا سماءها تمطر عليهم بوابل من الرصاص
والقنابل والصواريخ .
المسؤول : وماذا حدث ؟
العون : لا يمكنك أن تتخيل ما حدث .
المسؤول : ماذا حدث ، أخبرني بسرعة .
العون : تفحمت الأجساد وتطايرت الأيدي والأرجل ، وانهمرت وديان الدموع من الأمهات والثكالى
والأطفال ، وتعالت الصرخات ، لكن بدون جدوى فالعالم ينظر متفرجا غير آبه بما يحدث
لهم ، ونحن العرب مازلنا نتقلب ذات اليمين وذات الشمال .
المسؤول : ( مستهينا بما حدث ) هل هذا فقط ما حدث .
العون : وهل تريد أن يحدث أكثر من هذا ؟
المسؤول : لا .
العون : وما بك إذا ؟
المسؤول : أظن أن الأمر لا يستدعي كل هذا الاهتمام فالأمر مجرد قضاء وقدر .
( يخرج تاركا العون )
العون : لا حول ولا قوة إلا بالله , لا حول ولا قوة إلا بالله .
( يعود المسؤول من جديد )
( يلتفت العون إليه ) لماذا عدت ؟
المسؤول : لقد نسيت شيئا ؟
العون : تنسى اسمك إن شاء الله .
المسؤول : قل ما شئت أيها الحثالة ولكن لا تنس أن تخبر الخائن العام بأنني لن أحضر المنحدر .
العون : حثالة ولكن أشرف منك أيه الأحمق .
( يلقي بالمكنسة خلف المسؤول ويتابع حديثه )
يبدو أنني أنا أيضا سأترك العمل في هذه الجامعة ( يسكت برهة ) جامعة ؟ هذه ليست جامعة
إنها مجرد مدرسة أو كتاب مازال فيه ساستنا يتعلمون السياسة والقيادة الحقيقة .
( يدخل رجل ثان مرتديا ملابس ملونة كالبهلوان )
الرجل :السلام عليكم .
العون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الرجل : هل يمكن أن أسألك سؤالا ؟
العون : أعرف السؤال الذي تريد أن تسألني إياه .
الرجل : إذن أجبني عنه .
العون : الأمين العام غير موجود .
الرجل : إذن فهو غير موجود .
العون : إنه كذلك .
الرجل :لقد كنت أريد أن أستفسره عن أمر ما .
العون : هل أنت أيضا ممن سيحضرون المؤتمر ؟
الرجل : أجل .
العون : إذن فأنت أيضا لا تعرف سبب انعقاده .
الرجل : أنا أختلف كثيرا عن أولئك الحمقى الذين تعرفهم .
العون : إذن فأنت تعرف كل شيء .
الرجل : بطبيعة الحال .
العون : وما هو رأيك في ما حدث ؟
الرجل : هذا ما أود أن أسأل عنه الأمين العام .
العون : لم أفهم كلامك جيدا .
الرجل : المفروض فينا في الجامعة أن نعمل ككتلة واحدة وفي انسجام وتوافق تامين ، لهذا السبب لا يجب أن يغرد أي واحد منا خارج السرب .
العون : وماذا لو كانت تغريدته على صواب .
الرجل : الأفضل أن يكون الجميع خاطئا على أن يكون البعض على خطإ والبعض الأخر على صواب ،
فإما أن ننجو جميعا أو نغرق جميعا .
العون : ( بصوت خافت ) بدأ هذا أيضا يتحدث بضمير الجماعة .... والله إن هذا اليوم لن يمر على
خير .
الرجل : ما بك تتحدث مع نفسك ؟
العون : لا شيء ، فقط أنا مستغرب من لباسك .
الرجل : تستغرب من هذه الألوان .
العون : تبدو كالبهلوان .
الرجل : إنها تقيني من الحسد .
العون : الحسد ؟
الرجل : نعم فكل المسؤولين الذين هم في مثل مرتبتي يحسدونني .
العون : لا أظنك تختلف عنهم .
الرجل : أنت مخطئ في ظنك بي .
العون : قبل قليل كان أحدهم هنا .
الرجل : من كان ؟
العون : أبو الأمجاد ... ( يقاطعه )
الرجل : لا تكمل أرجوك .
العون : لماذا؟
الرجل : لأنني لأجب أن أسمع شيئا عن ذلك النكرة .
العون : ( متعجبا ) نكرة !
الرجل : وأكثر من نكرة .
العون : ارجو أن تكون أنت معرفة .
الرجل : أنا طبعا معرفة ، ومعرفة بالإضافة .
العون : لم أفهم .
الرجل : يمكن أن أعطيك مثالا صغيرا .
العون : هو أيضا أعطاني مثالا ، وأي مثال .
الرجل : من تقصد ؟
العون : ذلك النكرة .
الرجل : أنا لست كذلك الغبي ... ستقول لي أنه أخبرك بأنه أول من أدخل كلمة " أندد" إلى جامعة الدول العربية .
العون : نعم هذا ما قاله بالحرف الواحد .
الرجل : وفي رأيك أنت هل هذه إضافة يمكن أن تنفع الأمة في شيء .
العون : لا .
الرجل : إن ما قام به يمكن أن يقوم به أي تلميذ كسول ، فبمجرد ما أن تأخذ القاموس وتبحث قليلا إلا
وستجد كلمة " أندد " واضحة أمامك .
العون : وفيما يختلف ما قدمته عنه ؟
الرجل : ما قدمته يختلف عنه جملة وتفصيلا .
العون :يا ليت ذلك يكون حقيقة .
الرجل : اسمع يا سيدي .
العون : ( يردد بعجب ) يا سيدي !
الرجل: أنا لا أريد أكون شخصا عاديا يموت ويموت معه كل شيء.
العون : وماذا تريد أن تكون ؟
الرجل : أريد أن أكون كعنترة بن شداد أو كخالد بن الوليد أو كصلاح الدين الأيوبي ، أريد أن أفعل شيئا
لهذه الأمة، يُبقي اسمي خالدا إلى يوم القيامة .
العون :يبدوا أنك ستشعلها حربا .
الرجل : أرجوك لا تكرر هذه الكلمة فأنا أتشاءم من سماعها .
العون : ولكن أولئك الرجال الذين ذكرتهم هم رجال حروب ومعارك وقتال .
الرجل : أنا أريد فقط أن أكون في مثل شهرتهم لا أقل ولا أكثر .
العون : ولكن لماذا لا تكون مثلهم ؟
الرجل: ( ينظر إلى كل الجهات ويقول بصوت خافت ) أنا رجل خواف وجبان .
العون : جبان ؟
الرجل: نعم ، لقد كنت آكل الجبن كثيرا في صغري فصرت جبانا.
العون : الجبناء لا يقدمون شيئا إلى أوطانهم .
الرجل : ألا تعرف أنه يمكن أن تساهم في الانتصار دون أن تشارك في الحرب ؟
العون : بلى أعرف ذلك .
الرجل : كذلك أفعل بذكائي وأفكاري واقتراحاتي المتطورة .
العون : هل يمكنك أن تخبرني بما فعلته وقمت به .
الرجل: طبعا ، طبعا .
العون : كلي آذان صاغية .
الرجل : أنا وبكل تواضع من اكتشف وجود لغز في اسم دولة فلسطين .
العون : لغز ؟
الرجل : لا تستغرب ، فالأمر ليس بهذه البساطة ... ( بفخر ) اللغز الذي أتحدث عنه هو موضوع أطروحتي في الأركيولوجيا والتي نلت بعد مناقشتها دكتوراه الدولة بدرجة مشرف جدا ،
وقد وصل عدد صفحاتها الألف ومائة صفحة ، ولا يمكنك أن تتخيل الرواج والإقبال الكبير
الذي لقيته عند جمهور القراء ، كما أنني حصلت كتنويه على ما قمت به على وسام من
درجة صعلوك من حاكم البلاد .
العون : وما هو ذلك اللغز الموجود في اسم دولة فلسطين ؟
الرجل : اسمع ، اسمع .... هو اسم دولة عربية تتكون من ستة أحرف ، الثلاثة أحرف الأولى هي
اسم عملة لبلد عربي ، والثلاثة أحرف الثانية هي اسم لنوع من أنواع التربة .
العون : هذا هو اللغز الذي اكتشفته .
الرجل : نعم ، ولكن بعد جهد وعناء كبيرين .
العون : ( يشد رأسه ) يبدو أنه لا يوجد عاقل بين المجانين .
الرجل : هون عليك ، هون عليك ، ولا داعي للتفكير فأنت أيضا لن تجد الجواب الصحيح .
العون : في ماذا سأفكر ؟
الرجل : في اللغز .
العون : ( غاضبا ) أغرب عن وجهي... قبح الله سعيك وسعي من جعلك تشغل هذا المنصب .
الرجل : هون عليك ، أرجوك ( يسكت برهة ) أعرف أنك منفعل لأنك لم تجد الجواب مع أنني
يا صديقي قد أشرت له في كلامي السابق ... لا تقلق فعلامات الانفعال التي ظهرت عليك
ظهرت على غيرك ممن سمعوا هذا اللغز ، بل منهم من انتحر لأنه لم يجد الجواب .
العون : أنا أيضا سأنتحر .
الرجل : لقد جعلتني أشفق عليك لذلك سأخبرك بالجواب .
العون : عن أي جواب تتحدث أيها الأحمق .
الرجل: أحمق !
العون : أحمق ومغفل .
الرجل : يبدو والله أعلم أن انفعالك ليس بسبب اللغز .
العون : انفعالي سببه تفاهة لغزك وتفاهتك أنت أيضا .
الرجل : أنا تافه يا هذا ؟
العون : تافه ونكرة وجبان أيضا.
الرجل : إنك لا تعرف كم من الوقت ضيعته من أجل اكتشاف هذا اللغز المحير ... ويأتي شخص جاهل
مثلك ويقول عنه لغز تافه ، حقا إنك لرجل جاهل .
العون : أفضل أن أكون جاهلا على أن أكون تافها . ( يسكت قليلا ويتابع ) أتعرف أولئك الذين قلت إنهم
انتحروا بسبب لغزك ، لما انتحروا ؟ إنهم فعلو ذلك بسبب تفاهة لغزك وغباء عقلك ، لأنهم
كانوا ينتظرون منك أن تقوم بأشياء عظيمة عظمة أولئك الرجال الذين تريد أن تصبح بمثل
شهرتهم ، لكن للأسف لم يروا منك سوى الترهات والخزعبلات .
الرجل : ماذا تريدون منا أن نفعل أكثر من الذي فعلناه ونفعله .
العون : نريدكم أن تكونوا رجالا بما تحمله الكلمة من معنى .
الرجل : تريدوننا أن نصنع المعجزات، هذا غير معقول ( يسكت قليلا ثم يتابع في غضب ) إن ما قمت
به لهو أقصى ما يمكن أن يفعله أفضل مسؤول في هذا الشأن .
العون : يبدو أن الكلام مع أمثالك لا يجدي نفعا ولا فائدة ترجى منه ، سأطلب منك طلبا أخيرا..... ولا
تخف فهو ليس معجزة .
الرجل : وما هو هذا الطلب ؟
العون : أريني جمال خطواتك وأنت تغادر هذه القاعة .
الرجل : الآن عرفت لماذا تنعتني بالغبي .... لأنني تنازلت وتبادلت أطراف الحديث مع رجل سوقي
مثلك .
( يخرج الرجل من القاعة )
العون : اذهب غير مأسوف عليك .
( يجثو العون على ركبتيه )
العون : يا إلهي ما هذا الزمان ، أي عصر هذا الذي أصبح فيه قادتنا ورجالنا بهذا الغباء والحمق
والجبن وكأنهم لم يرضعوا من أثداء عربية تجري في لبنها النخوة والأنفة والكبرياء ،أي
جرذان أصبحنا اليوم .... نخاف من أحذيتنا ، والمهول في الأمر أننا أصبحنا رمزا للغباء
والحماقة .
( يسكت قليلا ثم يركز نظره باتجاه الجمهور )
العون : سترون غدا مهزلة من أكبر المهازل .
- يسدل الستار .
المشهد الثالث
- يرفع الستار .
- تظهر على خشبة المسرح طاولة مستديرة تحيط به مجموعة من الكراسي، على اليسار منها لافتة كتب عليها : " مدرسة الدول العربية "
- يدخل ستة رجال يهرولون باتجاه الطاولة المستديرة ، كل واحد منهم يحاول أن يجلس في
المكان الذي يعجبه ، بعدها يدخل الخائن العام بخطى متثاقلة فيتجه مباشرة نحو أحد المشاركين جلس على رأس الطاولة .
الخائن العام : قم من مكاني أيه الأحمق .
الرجل : حاضر يا سيدي .
( يقوم الرجل ويجلس في مكان آخر بحيث يصبح ثلاثة رجال على يمين الخائن العام
وثلاثة على يساره )
- يخرج الجميع أوراقهم ويضعونها على الطاولة .
الخائن العام : ( يحمل ورقة بين يديه ) تحية طيبة وأشواق حارة نابعة من صميم مدرسة الدول العربية
زوجتي العزيزة إنه ليسرني ....
الرجل الأول على اليمين : عفوا يا سيدي ولكن ماذا تقول ؟
الخائن العام : استسمحكم لقد نسيت أننا في المؤتمر .
الرجل الثاني على اليسار : لا بأس يا سيدي .
الخائن العام : أقول .
الجميع : ( بصوت مرتفع ) أسمع .
الحائن العام : أقول .
الجميع : أسمع .
الخائن العام : أصحاب البطون الكبيرة ، كبار جبناء الدول العربية أيها المؤتمرون المتآمرون ذوو
الرؤوس الكبيرة والعقول الصغيرة ، إننا في هذا اليوم المشؤوم الذي نعقد فيه جلستنا هذه،
نظرا للأحداث الدامية التي حدثت في الأرض المدنسة ...أقصد : المقدسة ، والتي لم
تخلف للأسف الشديد إلا ألفي قتيل وعدد من الجرحى في صفوف الفلسطينيين ، ولحسن الحظ (يهز سبابة يمناه ثم يتابع ) أقول ولحسن الحظ أن الجانب الإسرائيلي لم يصب بأدى
اللهم جرح جندي وحيد ، وهذا هو المهم في اجتماعنا هذا .
( يصفقون له بحرارة )
الخائن العام : إطار النقاش يتحدد في ثلاثة محاور رئيسة وهي :
أولا : أن نتكلم بصمت ونتخذ قرارنا بصمت لنخرج بصمت .
ثانيا : يجب أن نخرج من هذا المؤتمر وكأننا لم نأتمر.
ثالثا : إنني أرى أن كلمة : " أندد " أصبحت متداولة كثيرا في أوساطنا العربية ، لذا فإنني قررت أن نستبدلها بكلمة : " إننا آسفون لما حدث "
( يكبر الجميع ) الله أكبر الله أكبر .
الخائن العام : هذا كل شيء . ( ينظر إليهم ) من أراد أن يتكلم فله الكلمة .
( تعم الفوضى المؤتمر فكل واحد من المشاركين يريد أن يبدأ الحديث أولا، في حين
الخائن العام غير مهتم بما يحدث ، لكن بعد أن يمر بعض الوقت وهم على تلك الحال يقف من مكانه )
الخائن العام : ( بصوت مرتفع ) هل أنتهى المؤتمر ؟ ( يسكت برهة إلى أن يسكت الجميع ويهدؤون )
ستأخذون الكلمة الواحد تلو الأخر وسنبدأ من جهة اليمين وما أدراك ما جهة اليمين .
الرجل الأول على اليمين : ( يقف من مكانه ) بسم الله الرحمان الرحيم ( يقاطعه الخائن العام )
الخائن العام : اجلس فأنت لست في المدرسة .
- في هذه اللحظة يجر الرجل الذي بجانب الرجل المتحدث الكرسي فيسقط المتحدث على الأرض فيضحكون عليه ضحكا هستيريا .
- يعود ويجلس من جديد وبعد أن يسكت الجميع يتابع كلامه.
الرجل الأول يمينا : نظرا لعدد الموتى الكبير الذين ماتوا في صفوف الشعب الفلسطيني ، فأنني
وبصفتي أنوب عن بلدي التي لا أعرف اسمها ، أبلغ تعازي الحارقة للشعب
الفلسطيني الأعزب ، ومن هذا المؤتمر الكبير أعلن أمام الملأ أننا نقدم كامل
دعمنا للشعب الفلسطيني ، وهذا الدعم ليس مجرد حبر على ورق بل هو واقع
يتجلى في إرسالنا لهم عددا لا بأس به من علماء القتل والدفن وتخفيف الآلام،
هؤلاء سيقومون بدون أجر بدفن جميع الموتى ، ولتخفيف أثر الحزن على ذويهم
سيقمون وبدون أجر – أكرر وبدون أجر – بدفنهم أحياء معهم ( يسكت فيصفقون له)
الرجل الثاني يمينا : بدون مقدمات ولا لف ولا دوران وحسب ما تلقيته شخصيا من صديقي وأخي رئيس
الدولة الأمريكية المبجل فإنني لن أقول شيئا ، فلا أرى داعيا لذلك ، فلم يحدث شيء كل ما في الأمر هو موت بعض الأشخاص وهذا مصيرهم وقدرهم فهل نتدخل في القدر ؟ ( يرد الجميع وبصوت واحد ) : لا ( يتابع ) بصراحة هذا هو رأيي وإذا
كان هناك داع للكلام فالكلمة الأولى والأخيرة لأمريكا ويجب أن نحترم أمريكا كما
نحترم أباءنا إن كنا نحترمهم والسلام ( يصفقون له )
( بعد أن ينهي الرجل الثاني كلامه يضع الخائن العام رأسه على الطاولة وينام )
الرجل الثالث يمينا : سيدي المحترم كبير اللصوص ، أيها السادة لصوص الدول العربية ، إن من أكبر الواجبات التي يجب البوح بها في هذا المؤتمر الموقر هي : الحقيقة ، والحقيقة الحقيقية الحقة التي لا تتحقق إلا بتحقق كل الحقائق المحقة والتي على حق ، ولهذا
فالحقيقة تستدعي أن نكون حقيقين أي ألا نكون مجرد خيال أو جثث مهندمة ، لذلك
فالحق حقيقة والحقيقة حقائق وحسب الحقائق المحققة والمسجلة في دفتر البحث الدولي فإن دولة فلسطين دولة تضم بين صفوفها منظمات إرهابية كبيرة ، ويجب علينا أن نقوم بمجهودات جبارة لاستئصالها والقضاء عليها حتى يتسنى نشر السلام
في الشرق ... ( يسكت ويحك رأسه ثم يتابع ) لا أدري هل الشرق الأدنى أم الأقصى؟ .... وأقترح حتى لا نقع في المحظور أن نقاطع هذه الدولة كليا إلى
أن تقوم الأرض وما عليها . ( يسكت فيصفقون له )
الرجل الأول يسارا : أيتها السيدة المحترمة ( يوجه يده نحو الخائن العام ) سيداتي أنيساتي ( يرفع صوته ) إننا ... سنفعل ما لم تفعله أية أمة من قبلنا ، لن نسكت ، ( ينظر إلى الحاضرين ثم يتابع كلامه ) وأيضا لن نتكلم ، فقط ما سنفعله وما كان يتوجب فعله منذ أمد بعيد هو أن نترك مثل هذه الأمور لرجالنا ، وبما أننا وحسب دراسات أجريت في هذا الموضوع والتي تفيد بالحرف الواحد أنه لا يوجد رجل واحد في دولنا العربية . ( ينظر إلى الخائن العام النائم ) عفوا يا سيدي لقد نسيت أنه ليس
لدينا رجال في هذه الأمة ، لذلك فستكون كلمتي في الحلقة المقبلة حول إمكانية ترك
مثل هذه الأمور الصعبة لنسائنا اللائي أصبحن يتفوقن على الرجال في كل شيء فلربما كانت قرارتهن محترمة وجريئة .
( يسكت برهة ثم يتابع ) لقد نسيت أن أقول أنه يمكن أن ندخل في سبات عميق أكثر
من هذا الذي نحن فيه إلى أن يكون لدينا رجال ، حينها يمكن النظر في مثل هذه الأمور ، شكرا على إنصاتكن . ( يصفقون له )
الرجل الثاني يسارا : سيدي الخائن العام أيها الخونة الخائنون من خانوا الأمانة ووضعوا ثقتهم بكم
( يسكت قليلا ويتابع ) رغم أنني لا أعرف أين توجد هذه الفلسطين التي يتحدث
عنها الجميع .... ( يهز الرجل الذي تحدث قبله مقاطعا )
الرجل الأول يسارا : فلسطين يا سيدي توجد غرب القطب الجنوبي وهي بلد لا تغيب عنه الشمس .
الرجل الثاني يسارا : حسنا ذكرني باسمك عندما نخرج لأوصي لك بجائزة نوبل للسلام لأنك تعرف أشياء مهمة عن هذه الفلسطين ( ينظر إلى ساعته ويتابع موجها كلامه للخائن العام ) عفوا يا سيدي إنني مضطر لترككم ، فزوجتي تنتظرني الآن لنذهب معا للتبضع.
( يقاطعه الرجل الأول يمينا )
الرجل الأول يمينا : ولكنك لم تقل شيئا .
الرجل الثاني يسارا: وهل قلت أنت شيئا ؟ كلامنا يا سيدي مثل صمتنا ، فلما نضيع الوقت في الكلام ؟
( ينظر إلى الخائن العام النائم الذي لم ينبس ببنت شفة ) شكرا على حسن تفهمك
يا سيدي . ( يغادر على صوت التصفيقات )
الرجل الثالث يسارا : ( يخرج نظرات شمسية من جيب سترته ويضعها على عينيه ويزيل من أذنيه
سماعتين كان يسمع بهما الموسيقى حيث كان يحرك جسده طوال الجلسة، ينظر
إلى ورقته ويبدأ حديثه بصوت مرتفع ) يا أشباه الرجال ولا رجال فلتستيقظوا من سباتكم ، ولتكن الحرب على أعداء الدين والدنيا ( يستيقظ الخائن العام فزعا ويهرب المشاركون بعيدا عن الطاولة )
الخائن العام : ( مقاطعا وهو ينظر إليه بعينين جاحظتين ) ألم تسمع ما قلته أيها المغفل ؟ أ تريدهم أن
يقيلوني من منصبي لتكون فرحا ؟ .... الحرب ألم نمح هذه الكلمة من كل القواميس العربية ؟
الرجل الثالث يسارا : اسمعني يا سيدي فقط وسأشرح لك الأمر بالتفصيل .
الخائن العام : الحرب لا تستدعي الشرح ... فالحرب هي الحرب .
الرجل الثالث يسارا :يا سيدي إن الحرب التي أدعو إليها ستعم علينا بفائدتين عظيمتين ( يعود المشاركون إلى أمكنتهم بعد أن يرددوا جميعا كلمة: " فوائد" ) الفائدة الأولى يا سادة
هي أننا إن دخلنا الحرب ( كلمة الحرب يرددها بصوت منخفض ) وانتصرنا فيها
فسنعيد المجد والقوة التي فقدناهما منذ قرون عديدة ، وسيصبح كل العالم يحسب لنا
ألف حساب ، أما الفائدة الثانية فهي في حالة انهزامنا ويا ليتنا ندخل الحرب وننهزم فيها هزيمة نكراء ( يقاطعه الجميع بقولهم : آمين )في هذه الحالة سنتخلص من عدد كبير من جنودنا الذين سيموتون في الحرب وبالتالي سينخفض عدد سكان بلداننا الكبير والذي يشكل عائقا أمام تقدم هذه الأمة ، تأكد يا سيدي أننا حينها سنكون أقوياء أكثر من أي وقت مضى ... فلما الخوف من الحرب خصوصا إذا كنا نحن
لن نشارك فيها ، ( يسكت قليلا ثم يتابع) هل سمعتم يا سادة مرة واحدة في حياتكم عن وزير أو رئيس أو ملك أخذ بندقية وخرج مع الجنود إلى الحرب ، لم يكن هذا ولن يكون أبدا ، فلما الخوف من الحرب إذا كانت تخدم مصالحنا نحن ذوو البطون الكبيرة، هذا هو كلامي وأرجو أن يتم النظر فيه بشكل جدي.( يصفقون له) الخائن العام : هل أنهى الجميع الحديث ؟
المشاركون : ( بصوت واحد ) نعم يل سيدي .
الخائن العام : من هاهنا أعلن على الملأ نهاية مؤتمرنا الناجح هذا وأقول ( يرد المشاركون : أسمع )
أقول ( المشاركون : أسمع )
الخائن العام : إنه من رابع المستحيلات أن نحلم بحرية واستقلال فلسطين وإن حلمنا بهذا فيجب أن نعلم
أننا كمن يحلم وهو مستيقظ، لا هو يستمتع بحلمه ولا هذا الأخير سيتحقق ، وبهذا المنطق الذي يضاف إلى شتات الأمة العربية إن كانت لنا أمة أصلا... أقول إنه من الغباء أن ندعو
إلى تحرير فلسطين ونحن غير محررين بعد ، ومن يعزف على هذا الوتر المقطوع فكمن
يغني أغنية " استنجد غريق بغريق " والسلام على من حضر وعلى من لم يحضر وإلى اللقاء في مؤتمر شبيه بهذا . ( يغادر الجميع بعد أن تعم الفوضى )
إظلام
( يسدل الستار )
تمت بعون الله .
مسرحية " قمة المنحدر " تأليف سعيدي مصطفى
شخصيات المسرحية حسب الظهور :
- النسوة اللائي يشاهدن أحد المسلسلات التركية / اللاتينية .
- الراقصة .
- عازف الطبل .
- الرجل الحابي . ( الذي يحبو على يديه ورجليه )
- المخمور .
- جمهور كرة القدم .
- جنود الاحتلال .
- الشهداء .
- الطفلة .
- الصوت .
- الأمين العام / الخائن العام .
- المساعد الأول .
- المساعد الثاني .
- المساعد الثالث .
- العون .
- عامل النظافة .
- المسؤول الأول / أبو الأمجاد عز العرب .
- المسؤول الثاني : ( الرجل )
- المشاركون في المؤتمر : ( الرجال يمينا ويسارا)
لوحة الافتتاح
- يضاء المسرح بالتوالي من اليمين إلى اليسار.
- تضاء الجهة اليمنى للمسرح لتظهر فيه طاولة صغيرة وضع عليها تلفاز من النوع الممتاز .
- تدخل أربع نساء وهن يتسابقن و يهرولن لتشغيل التلفاز .
الأولى : ( تشغل التلفاز ) هيا ، هيا لقد بدأ المسلسل .
( يجلسن جميعهن )
الثانية : ( بشغف ) لا شك أن أحداث حلقة اليوم ستكون ساخنة .
الثالثة : لا ، لا ، لا ليس هذا هو المسلسل .....
الرابعة : ( مقاطعة ) إنه مسلسل سخيف .... ( متوسلة ) أرجوك غيري القناة لنشاهد المسلسل الآخر .
الثانية : ( تضع سبابة يمناها على شفتيها ) أششش...... الزما الصمت وتابعا معنا هذا المسلسل إنه أفضل بكثير من ذلك الذي ترغبان في مشاهدته .
الثالثة : إنه ممل جدا .
الأولى : ( بعصبية وهي تمسك بآلة التحكم عن بعد الخاصة بالتلفاز ) إذا كان مملا فيمكنكما المغادرة ، لقد اتفقنا من قبل على أن من يسبق ويشغل التلفاز هو من يتحكم في ما سنشاهده من مسلسلات .
( يسود نوع من الصمت الذي يسبق العاصفة ، ثم تنقض المرأة الثالثة على المرأة الأولى وتنتزع منها آلة التحكم عن بعد وتغير القناة لتظهر قناة أخرى ، فمسلسل آخر )
- يبدأن في عراك لا ينتهي ، ترتفع أصواتهن ثم تبدأ في التلاشي إلى أن تصبح غير مسموعة
نهائيا ( يتابعن العراك في صمت )
- يخفت الضوء المسلط عليهن قليلا ، ثم يضاء وسط المسرح ليظهر فيه عازف طبل ، يشرع
في العزف ببطء ، ثم شيئا فشيئا يرتفع العزف ليرتفع معه الإيقاع ولتظهر راقصة تتمايل معه .
- بعد لحظات من ظهور الراقصة يظهر رجل يحبو على يديه ورجليه رافعا رأسه تجاهها محدقا
في قدها ، مرددا ومترنما وهو يتبعها ( ككلب ) :
قدك المياس يا عمري يا غصين البان كاليسر
أنت أحلى الناس في نظري جل من سواك يا قمري
قدك المياس مد مال لحظك الفتان قتالا
هل لواصل خلد لا لا لا لا فاقطع الآمال وانتظري
- في هذه الأثناء يظهر رجل مخمور يحمل قنينة خمر وهو يترنح يمينا وشمالا ، يحاول مخاطبة ظله المنعكس بالأمام منه :
ألا فاسقيني خمرا وقل لي هي الخمر # ولا تسقيني سرا إذا أمكن الجهر
فما العيش إلا سكرة بعد سكرة # فإن طال هذا عنده قصر الدهر
وما الغبن إلا أن تراني صاحيا # وما الغنم إلا أن يتعتعني السكر
يتعتعني السكر ...... يتعتعني السكر ( يبدأ في القهقهة واقفا في مكانه ) .
- يخفت الضوء قليلا ، ( يستمر عازف الطبل في العزف دون أن يسمع عزفه , وتستمر الراقصة في رقصها وكذلك الرجل الحابي الذي يتبعها )
- يضاء الجانب الأيسر من المسرح ليظهر فيه مجموعة من المتفرجين يتابعون اللحظات الأخيرة من مباراة في كرة القدم .
- يظهر على الشاشة التي يتابعون عليها المباراة فريقان أحدهما يرتدي بدلا بيضاء والآخر بدلا باللون البرتقالي والأزرق ، فيما التعليق باللغة الإسبانية .
- بعد لحظات من المتابعة يسجل أحد الفريقين هدفا فتعم الفرحة أنصاره، الشيء الذي لا يتقبله محبو وعشاق الفريق الآخر، فيدخلون في عراك بالأيدي والكراسي معهم.
- تنتهي المباراة دون أن ينتهي العراك .
- يخفت ضوء الجهة اليسرى من المسرح أيضا .
- في عمق المسرح حيث يسلط الضوء بقوة أكبر ، يظهر جنود الاحتلال بزيهم العسكري الملون بخطوط زرقاء وبيضاء يصوبون ببنادقهم على الأطفال والنساء والشيوخ فيتساقط هؤلاء جميعا
الوحد وراء الآخر، في حين يتحول الجميع ( النساء وعازف الطبل و الراقصة والرجل الحابي،
والمخمور ومشاهدو المباراة ) يتحولون إلى مجرد متفرجين، يجلسون كأصنام لا يحركون ساكنا
اللهم أيديهم التي تحك رؤوسهم فيما يشبه الدهشة والاستغراب مما يقوم به أولئك الجنود .
- بعد أن يتفرق الجنود تاركين جثث الشهداء على الأرض يقترب واحد منهم من صاحبه.
الجندي : إنك بارع في التصويب ولا تستثني أحدا .
الجندي الثاني : لقد أمرنا القائد بأن نقتل كل ما يمشي ويدب على الأرض .
الأول : لا أحد غيرنا يستحق العيش على هذه الأرض .
الثاني : نعم لا أحد غيرنا .
الأول : أششش ( بصوت منخفض ) هناك أحد قادم .
( في هذه اللحظة تظهر طفلة تبكي ، يتقدم الجندي الثاني نحوها مسرعا ويمسكها من شعرها )
الطفلة : ( متوسلة باكية ) أتركني ، أتركني ...
الجندي : سأتركك لكن بعد أن أقتلك .
الطفلة : ( مستغيثة ومستنجدة ) وا عرباه وا إسلاماه ... وعرباه وإسلاماه ....
الجندي : لا عرب اليوم ولا مسلمين غدا ، اليوم قتل وغدا قتل ( يضحك بشدة ثم يقتلها بدم بارد )
( ينصرف الجنديان )
- يخفت ضوء خشبة المسرح بكاملها .
- يأتي الصوت من بعيد ( يتحول مشاهدو المباراة والنسوة والراقصة والعازف ، والحابي ، والمخمور إلى مجرد أناس عاديين يقومون بأشياء وحركات تناسب معنى الكلام الصادر من
الصوت وتسير معه في خط آني موحد )
( الناس العاديون ) يرفعون لافتات مملوءة بعبارات رافضة لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة وهم يرددون بصوت منخفض : يا شهيد ارتح ، ارتح سنواصل الكفاح .
بعدها يخفت الضوء فيحضر كل واحد منهم وسادة وينام ليعم الشخير المسرح .
يركض الرجال والنساء فوق خشبة المسرح في جميع الاتجاهات ، ثم بعدها يتظاهر كل واحد منهم بالسكر وهم يحملون قناني الخمر
وفي الأخير يتوسد كل واحد من الرجال فخد امرأة من النساء ومن لم يجد أي امرأة يبقى واقفا يترنح يمينا وشمالا .
يبقون في نفس الوضع ويرددون بصوت واحد :
لم نعد نهتم
ولم يعد يهمنا شيء
أمير .... أمير
شهير .... شهير
النخلات .... النخلات
- في هذه اللحظة تصدح ( بصوت
منخفض )خشبة المسرح بأغنية : العنب،
العنب ، فينهض الجميع ويشرعون في
الرقص لفترة وجيزة ، ثم يرددون
بصوت واحد ( مرتفع ) :
لم نعد نهتم ولم يعد يهمنا شيء
- يعودون للنوم مجددا .
- يسمع صوت صياح ديك بعيد .
ينهضون ويحضرون طاولة وكراس
ويجلسون مجتمعين حولها ، يحضر واحد
منهم فناجين القهوة وأكواب الشاي ، يشير
لهم ليبدؤوا في تحريك رؤوسهم ، ثم
ليدخلوا في عراك بالأيدي دون أن يصدر
منهم صوت ، بعد ذلك يضحكون وهم
يرددون كلمة : التنديد، التنديد .
- في صف واحد يقف الجميع وقفة
عسكرية
- يظهر الجنديان فيتجه الجميع نحوهما
متوسلين ومتسولين كمن يلح في طلب
شيء ما .
- يركب واحد منهم قصبة ويحمل سيفا
ويبدأ في الركض ، ثم يسقط وكأن أحدا
ما قتله ، بعدها يبدأ الجميع في الثغاء
كالحملان .
الصوت :
اندثرت آخر ذرات الاحساس فينا
منذ زمن ليس بطويل
فثرنا
وحزنا
وغضبنا على جداول الدماء التي ما تزال تسيل
وخرجنا في الشوارع نركض كالحمقى
نرفع اللافتات ، نردد الشعارات
وفي آخر المطاف استسلمنا للنوم
في أول سويعات الليل .
تقطعت آخر أوصال الحياة فينا
وجرينا .... وركضنا
واستبقنا إلى الحانات ملوكا وعبيدا
وكأن شيئا لم يكن
غصنا في كؤوس العنب قليلا
واستمعنا إلى أغاني المجون والويل
وعند الثمالة
ارتمينا في أحضان النجاسة من فتيات
الليل .
لم نعد نهتم
لم نعد نهتم ..... ولم يعد يهمنا شيء
فلم يعد في البلد أمير
ولا في القبيلة شيخ
ولا والي .... ولا وزير .... ولا رئيس خدم
ولا حتى في هذه الأمة ملك شهير
فقد أعدموا آخر النخلات
وأسروا أوراق العنب
واجتثوا سنابل الشعير
فلم نعد نهتم .... ولم يعد يهمنا شيء .
سقطت آخر نجمات الليل
وحل الصباح وحلمنا بالبديل
بديلا للوضع
واجتمعنا في المقاهي .... في الفنادق
بين الكراسي والطاولات
وعلى إيقاعات فناجين القهوة
وأكواب الشاي
وبأمر من النادل
بدأت السهرة
شتمنا بعضنا البعض
حركنا رؤوسنا
لم تكن رؤوسا فقط هياكل
وركضت عقارب الساعة في المضمار
وانتهت سهرت القال والقيل
وخرجنا بنكتة جميلة
اسمها التنديد
اصطكت لها أسنان الصغير قبل الكبير
ولم يكن هناك بديل فالذليل ظل ذليل .
هم يردونها حربا تمتد جيلا بعد جيل
وأنتم تتسولون منهم السلام
كمن يطلب رغيفا من بخيل
هم من أسالوا دموع أطفالنا
بدون نشيج ولا عويل
وأنتم جعلتم عنترة
قبل المبارزة قتيلا في قتيل
فقد اصبحتم حملا وديعا
بل مجرد فأر ذليل
فقد اندثرت آخر ذرات الاحساس فينا
منذ زمن ليس بطويل
- يسدل الستار .
المشهد الأول :
- يرفع الستار -
- يظهر على خشبة المسرح مكتب فخم للأمين العام ، بالأمام منه أرائك فاخرة من الجلد الأسود تتوسطها طاولة صغيرة من زجاج .
- يدخل الأمين العام برفقة ثلاثة من مساعديه فيجلس هو أولا ثم من بعده مساعدوه .
الأمين العام : لقد اجتمعت بكم في هذا اليوم السعيد كما تجتمع الضباع حول جثه تريد اقتسامها ، ولهذا
فكل واحد منكم سيأخذ نصيبه منها ( يسكت ويبدأ في حك رأسه ثم يتابع ) لا ، لا ، لا
ليس هذا ...... عفوا أقصد أنننا سنتقاسم الآراء حول بعض القضايا المتعلقة بتنظيم هذه
القمة المرتقبة .
المساعد الأول : ( علي يمين الأمين العام ) قبل أن نقول أي كلمة تافهة يا سيدي نود أن نعبر لك جميعا بمدى فخرنا واعتزازنا بالتواجد معك .
الأمين العام : وأنا فخور بكم أيضا .
المساعد الثاني : ( على اليسار ) نعم التفكير الحيواني لديك يا سيدي .
الأمين العام : ( يقف من مكانه في عصبية ) ماذا تقول ؟
المساعد الثالث : ( على اليمين ) لا تغضب يا سيدي .
الأمين العام : كيف لا أغضب ، ألم تسمع ما قاله هذا المعتوه ؟
المساعد الثالث: لقد التبس عليك الأمر يا سيدي , فكلمة حيواني التي سمعتها ليست من الحيوان كما تعتقد
وإنما هي صيغة مبالغة من كلمة: حي وحيوي وحيواني على وزن فعلاني .
الأمين العام : (يجلس ) أعذروني فعربيتي بسيطة جدا ، فكما تعلمون فكل تعليمي وتعلماتي تلقيتها في بلاد الفرنجة .
المساعد الثاني : لذلك يا سيدي فأنت أفضل من يشغل هذا المنصب .
المساعد الأول : هلا سمحت لي يا سيدي بسؤال بسيط ؟
الأمين العام : تفضل .
المساعد الأول : ما الذي يجعل أمر تنظيم هذه القمة يوكل إلى بلدنا ، فأغلب القمم والمؤتمرات نحن من
حظي بشرف تنظيمها .
الأمين العام : من منكما يعرف الإجابة .
المساعد الثاني : يكفي أن دولتنا دولة عريقة .
المساعد الأول : ما معنى عريقة يا سيدي ؟
الأمين العام : عريقة .... آآآآآآآ ( يحك رأسه ) اشرحا له .
المساعد الثالث : أنا سأشرح له .
الأمين العام : هيا وبدون فلسفة .
المساعد الثالث : عريقة تعني أنها تعرق كثيرا .
المساعد الأول : نعم يا سيدي إن دولتنا دولة عريقة جدا , فأهلها يعرقون بسرعة وباستمرار , كما أنهم
يأكلون من عرق جبينهم ....
الأمين العام :( مقاطعا ) وكما لا يخفى على أحد أننا أول دولة تصدر العرقسوس في العالم ( يشرع
في القهقهة ثم يتابع ) هل عرفت الآن لما يوكل إلينا تنظيم مثل هذه القمم والمؤتمرات .
المساعد الأول : نعم يا سيدي ، إذا عرف السبب بطل العجب .
المساعد الثالث : عفوا يا سيدي أنا ايضا لدي سؤال ظل يشغل بالي منذ زمن بعيد .
الأمين العام : وما هو هذا السؤال الذي ظل يؤرقك طوال هذه السنين ؟
المساعد الثالث : لماذا سميت جامعتنا بجامعة الدول العربية ؟ مع أنني زرت جميع الدول العربية ولم
أجد دولة واحدة منها تتحدث باللغة العربية .
الأمين العام : إنها مجرد تسمية لا أقل ولا أكثر ، وتبقى ملاحظتك هذه ملاحظة قيمة تستحق عليها
التشجيع .
المساعد الأول : إن ما قاله زميلي يا سيدي أمر عجيب ، فهل يعقل أن الوطن العربي من المحيط إلى
الخليج لا يتحدث أهله باللغة العربية ، والله لو بعث سيبويه من قبره وسمع كلامنا لجن
على الفور .
المساعد الثاني : ( في استغراب ) سيبويه !
الأمين العام : ومن يكون سيبويه هذا ؟
المساعد الأول : (يبتسم ) ألا تعرف يا سيدي سيبويه ؟ ( يتابع ) يبدو أنك لا تعرف شيئا عن التاريخ
العربي ( يسكت برهة ثم يحك أرنبة أنفه ويتابع ) سيبويه يا سيدي هو أحسن لاعب
كرة قدم في الجاهلية ، إنه من قاد فريق الغساسنة ليفوز على فريق المناذرة في كأس
العالم لسنة عشرين قبل الهجرة .
الأمين العام : وأين كان ذلك ؟
المساعد الأول : حسب ما أذكره فقد لعبت تلك المباراة في ملعب عكاظ الشهير وبقيادة الحكم المحنك
قدامة بن جعفر .
المساعد الثالث : هذا يعني أن كرة القدم كانت مزدهرة عندنا .
المساعد الأول : لقد كان لنا فيها باع طويل .
المساعد الثاني : عجبا !!
المساعد الأول : وما العجب في ذلك ؟
المساعد الثاني : العجب هو أن ابني مدمن كبير على مشاهدة كرة القدم ومع ذلك فلم يحدثني مرة واحدة عن هذا اللاعب المشهور.
الأمين العام : دعنا من كلام الأطفال . ( وأخبرني أنت ( يوجه كلامه إلى مساعده الأول ) وما علاقة سيبويه هذا باللغة العربية ؟
المساعد الأول : يقال والله أعلم والعهدة على من قال هذا الكلام أن سيبويه كان يتلاعب باللغة العربية
كما كان يفعل بالكرة وبخصومه .
الأمين العام : وبعد أن عرفنا من يكون سيبويه هذا ، هل هناك من سؤال يشغل بالكم ويحير عقولكم ؟
المساعد الثاني : لدي تحفظ صغير يا سيدي .
المساعد الأول والثالث : ( يقفان من مكنيهما ويقولان بصوت واحد ) تحفظ...!
الأمين العام : ( هادئا ) ( يوجه كلامه لمساعديه الأول والثالث ثم بعدها إلى مساعده الثاني ) اجلسا , أنت أول مساعد من بين كل المساعدين الذين عملوا معي طوال هذه السنين الذي يحاول أن يبدي تحفظه على أمر ما ، لذلك يمكن أن أقول لك :أنه يمكنك التحفظ كما تشاء،
لكن إذا لم يكن تحفظك في محله فسأقطع لسانك .
المساعد الثاني : من تحدث عن أي تحفظ ؟ لا أحد تكلم عن ذلك على الإطلاق، إنها مجرد دعابة يا سيدي .
الأمين العام : لا تمزح بهذا الشكل الخطير .
المساعد الثاني : استسمحك يا سيدي ... غلطة ولن تتكرر أبدا .
المساعد الثالث : يبدو يا سيدي أنك منزعج قليلا .
الأمين العام : ( يشد رأسه بيده ) لقد أصبت فأنا لست على ما يرام .
المساعد الثالث : ما بك يا سيدي ؟
الأمين العام : إن رأسي يؤلمني من كثرة التفكير .
المساعد الأول : وفيما تفكر يا سيدي ؟
الأمين العام : لا أفكر في شيء، سوى في سبب إقامة هذه القمة الطارئة والعاجلة .
المساعد الثاني : لابد أن حدثا عظيما قد حدث في إحدى الدول العربية .
الأمين العام : ذلك الحدث هو ما أود معرفته .
المساعد الأول : ظننا أن الخبر اليقين سيكون عندك يا سيدي .
الأمين العام : أنا لا أعرف شيئا سوى أنني الأمين العام هنا وكفى .
المساعد الثالث : أعذرني يا سيدي فأنا لا أقرأ الجرائد العربية ، ولا أشاهد أية قناة من القنوات العربية ،
فأنا أشعر بالانتماء أكثر للقنوات الأجنبية خصوصا عندما لا أفهم شيئا مما تبثه .
المساعد الأول : لابد أن أمرا تافها كالعادة هو السبب في طلب إقامة هذه القمة الطارئة .
الأمين العام : هذا الأمر التافه هو الذ نريد ان نعرفه .
المساعد الثاني : في الحقيقة أنا لم أسمع شيئا ذا أهمية أو مثير للاهتمام .
المساعد الثالث : إذن فنحن جميعا لا نعرف شيئا .
المساعد الثاني : هناك من يمكنه إخبارنا بما نريده .
الأمين العام : ( بلهفة شديدة ) من هو ؟
المساعد الثاني : استدع يا سيدي أي واحد من أعوانك ، فحتما ستجد عنده الخبر اليقين الذي يشفي غليلنا.
المساعد الأول : ( مقاطعا ) نعم يا سيدي، فمثل هؤلاء الحمقى غالبا ما ينشغلون بتافه الأحداث التي تحدث هنا أو هناك .
الأمين العام : خذ الحكمة ولو من أفواه الحمقى . ( يرفع سماعة الهاتف ) ( آمرا) أريد كأس ماء بارد.
(بعد لحظة يُسمع طرق على باب المكتب )
الأمين العام : أدخل .
( يدخل العون حاملا كأس ماء على صينية ، يضع الكأس فوق مكتب الأمين العام )
الأمين العام : لماذا تأخرت في إحضار كأس الماء ؟
العون : أنا لم أتأخر يا سيدي .
الأمين العام : لقد تأخرت ولا تناقشني في ذلك ، ومرة أخرى عندما أطلب منك شيئا يجب أن تحضره في رمشة عين .
العون : أنا لست جنيا يا سيدي .
الأمين العام : دعنا من ذلك الآن واجبني عن سؤالي ، هل صحيح أنك أصبحت تخل بالقيام بواجباتك
ولا تقوم بها كما في السابق ؟
العون : أية واجبات ؟
الأمين العام : ألا تعرف واجباتك أنت أيضا ؟
العون : أ تسمي إعداد الشاي والقهوة وتقديم العصير وحمل الملفات وأخذها من مكتب إلى آخر،
تسميه واجبات ؟ .... والله إن أي شخص يمكنه أن يقوم بهذا العمل البسيط . الأمين العام : ألا يعجبك هذا العمل ؟
العون : بلى يعجبني ولكن ( يقاطعه الأمين العام )
الأمين العام :لا تشرح لي كثيرا فليس لدي وقت لأضيعه مع أمثالك .
العون : سأنصرف إذن يا سيدي .
( يحاول العون الانصراف )
الأمين العام : ( مانعا إياه ) هل طلبت منك ذلك ؟
العون : ( متراجعا ) هذا لا يحتاج إلى طلبك يا سيدي ، فإذا كنت أضيع وقتك فالأفضل أن أتركك كي لا يضيع وقتك الثمين .
الأمين العام : لا تذهب .
العون : أمرك يا سيدي .
الأمين العام : بالإضافة إلى عدم قيامك بواجباتك كما ينبغي ، فقد تناهى إلى علمي أنك لا تهتم بما يحدث لأمتنا من أحداث عظيمة .
العون : وماذا بعد هذا يا سيدي ؟
الأمين العام : لا شيء ، أنا أريد فقط أن أتأكد من صحة هذا الخبر .
العون : لاحظ يا سيدي أنك تكرر الأسئلة ولا تريد أن أشرح لك ولا أن اضيع وقتك .
الأمين العام : ( منزعجا ) أجبني عن سؤالي وانصرف .
العون : وما هو هذا السؤال ؟
الأمين العام : ما هو أبرز حدث وقع في الساحة العربية في الأيام القليلة الماضية ؟
العون : (مستهزئا ) أ كل هذا اللف والدوران من أجل أن تعرف حدثا يعرفه القاصي والداني ؟ ....
قل من البداية بأنك لا تعرف شيئا و.... ( يقاطعه المساعد الثالث )
المساعد الثالث : ما هو ذلك الشيء الذي لا يعرفه ؟
العون : ما لا تعرفونه أنتم أيضا .
الأمين العام : ( غاضبا ) أخبرني بسرعة واغرب عن وجهي .
العون : الحدث الذي ترغبون معرفته يا سيدي يعرفه الجميع إلا الحمقى .
المساعد الأول : ماذا تقصد بالجميع وماذا تقصد بالحمقى ؟
العون : لا شيء .
الأمين العام : هل ستخبرنا أم لا ؟
العون : الأمر يتعلق يا سيدي بغارات إسرائيلية عنيفة على أهلنا بفلسطين .
(ردة فعل الأمين العام ومساعديه تتم في نفس الوقت تقريبا )
الأمين العام : ( يتنفس الصعداء ) الحمد لله أن الأمر لا يتعلق بشيء آخر .
المساعد الأول : غارات! ....
المساعد الثاني : أهلنا بفلسطين !
المساعد الثالث : هل لدينا أهل بفلسطين يا سيدي ؟!
الأمين العام : ( دون أي اهتمام بما قاله مساعدوه ) هل هذا فقط ما حدث ؟
العون : تلك الغارات خلفت عددا كبيرا من الشهداء والجرحى .
الأمين العام : من الذي استشهد و جرح ؟
العون : إذا كان الإسرائيليون هم الذين يقصفون ويغيرون على الفلسطينيين ، فمن إذن سيكون
قد أستشهد وجرح ؟
المساعد الثالث : الإسرائيليون .
العون : ( يضرب كفا بأخرى ) لا حول ولا قوة إلا بالله .
المساعد الثاني : الفلسطينيون .
( الجميع ينتظر تعليق العون على الجواب الأخير )
العون : نعم .
( الجميع وبصوت واحد ) : الحمد لله .
العون : ( بصوت مرتفع ) ربنا ولا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا .
المساعد : أ تنعتنا بالسفهاء أيها الحثالة ؟
الأمين العام : ( بانزعاج وحنق ) أغرب عن وجهي أيها الأحمق اللعين ، أتتطاول علينا دون أن تخجل من نفسك ، قبح الله سعيك .
العون : أنتم من يجب أن يخجل من نفسه ، أما أنا فسأذهب لأنه لا يشرفني البقاء في هذا المكان
للحظة واحدة ، أفضل أن أعمل ملمعا للأحذية على أن أعمل تحت إمرة خونة مثلكم .
( ينصرف وهو يردد ) إذا أسندت الأمور إلى أهلها فانتظر الساعة .
الأمين العام : لا أدري لماذا أصبح الناس بهذه الوقاحة ؟
المساعد الثالث : من الجيد أنك طردته .
المساعد الأول : مثل هؤلاء يشكلون خطرا علينا .
الأمين العام : المهم أنه ذهب إلى الأبد .
المساعد الثاني : والمهم أننا عرفنا منه ما كنا نريد معرفته .
المساعد الأول : ولكن بعد أن سخر منا ونعتنا بأقبح النعوت .
الأمين العام : هذا لأنكم لا تقومون بعملكم .
المساعد الثالث : نحن آسفون يا سيدي .
الأمين العام : ماذا سأفعل بأسفكم بعد أن سمعت مالم أسمعه في حياتي .
المساعد الأول : نكرر اعتذارنا لك يا سيدي .
الأمين العام : حسنا ماذا سنفعل الآن ؟
المساعد الثاني : لقد ذهب يا سيدي .
الأمين العام : أنا لا أتحدث عن ذلك الأحمق .
المساعد الثالث : عن ماذا تتحدث يا سيدي ؟
الأمين العام : ماذا سنفعل في هذا الأمر ؟
المساعد الثاني : نعم ماذا سنفعل .
الأمين العام :إنني أسألكم أنتم .
المساعد الأول : أرجو أن تحدد السؤال فنحن لم نفهم شيئا .
الأمين العام : ماذا سنقول حول هذا الأمر الدي حدث بين الفلسطينيين والإسرائيليين ؟
المساعد الثالث : تقصد الموقف الذي سنتخذه كجامعة تجاه ما حدث .
الأمين العام : نعم .
المساعد الأول : حسب علمي يا سيدي فإنه لم تكن لدينا مواقف على الإطلاق فكيف ستكون لنا الآن ؟
المساعد الثاني : هذا صحيح .
الأمين العام : وماذا سنقول عندما نتحدث عن هذا الأمر ؟
المساعد الأول : إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب .
المساعد الثاني : لن نقول شيئا يا سيدي .
المساعد الثالث : الأمر لا يستحق الكلام ، وأحيانا يكون الصمت أبلغ من الكلام .
الأمين العام : وماذا سأقول في القمة التي سنعقدها بعد غد ؟ هل سأبقى صامتا ؟
المساعد الثاني : لا تهول الأمر يا سيدي فكل شيء سيمر على ما يرام .
المساعد الثالث : لن تضطر إلى التفكير في ما ستقوله يا سيدي ، فتدخلك ستحاول فيه أن تجمع كل الآراء التي تصدر من رؤساء الوفود المشاركة .
الأمين العام : تقصد أن تدخلي سيكون عبارة عن كلمة توفيقية وخلاصة جامعة لما تم التطرق له
من لدن المشاركين .
المساعد الثاني : نعم يا سيدي .
الأمين العام : أخشى ألا أتوصل إلى أية خلاصة أو كلمة أقولها .
المساعد الأول : تبدو يا سيدي وكأنك ستترأس قمة كهذه لأول مرة .
الأمين العام : لا أخفيكم سرا إذا قلت لكم أنني كنت في المرات السابقة أذهب إلى أحد الخطباء
الأفذاذ وابتاع منه خطبة تليق بالحدث الذي تنعقد من أجله الجامعة العربية ، لكني
علمت أنه مات قبل عدة أسابيع ، لذلك أنا مضطرب بهذا الشكل الخطير.
المساعد الثاني : إننا نعرفه يا سيدي ، فنحن أيضا كنا نتعامل معه .
المساعد الثالث : لذلك وجدتنا نحن أيضا على هده الحال ، ضائعين لا نستقر على رأي.
المساعد الثاني : لا تقلق يا سيدي فكل شيء سيكون على ما يرام ، يكفي أن تقول أي شيء ،فكلامك
فخر لكل عربي.
المساعد الأول : والله ، والله يا سيدي لوكان هناك عقلاء في هذه الأمة لجعلوا كلامك يدرس في كل
المناهج التربوية بالمدارس والجامعات .
المساعد الثالث : فكيف ستحتاج لأن تبتاع خطبة من هنا أو هناك .
الأمين العام : أرجوكم لا تخجلوني .
المساعد الأول : هذه هي الحقيقة يا سيدي .
الأمين العام : توقفوا عن الثناء علي ، فأنا لا أستحق كل ذلك .
المساعد الثاني : هذا فقط من تواضعك يا سيدي .
الأمين العام : يكفي أرجوكم فهناك نقطة ثانية يجب أن نتطرق لها .
المساعد الأول : وماهي يا سيدي ؟
المساعد الثالث : أولم يكن الأمر يتعلق فقط بمعرفة سبب عقد هذه القمة الطارئة ؟
الأمين العام : هناك أمر أهم من ذلك بكثير .
المساعد الثاني : أخبرنا به يا سيدي .
الأمين العام : كما هو معروف لديكم ومعروف عند الجميع ، فإن القمم والمؤتمرات التي تعقدها
الجامعة العربية باتت تعرف إقبالا ومتابعة منقطعة النظير، أجزم على أنها تضاهي
مشاهدة أشهر المسلسلات التركية أو المكسيكية سواء في العالم العربي أو في العالم
بأسره .
المساعد الأول : هذا بفضل جهودكم يا سيدي .
المساعد الثالث : هل هناك من مستجد في هذا الموضوع يا سيدي .
الأمين العام : هل سيبقى بث ونقل وقائع القمم العربية بالمجان دون أن يدفع المشاهد ثمنا لما يشاهده؟
المساعد الثالث : بطبيعة الحال لا يا سيدي .
المساعد الثاني : إن نسبة مشاهدة مؤتمرات جامعة الدول العربية مرتفعة يا سيدي ، لذلك فلن يتوانى
المشاهدون في الاشتراك في القنوات التي ستحظى بشراء نقل وقائع تلك المؤتمرات .
المساعد الأول : إن درجة الاستمتاع عند المشاهد العربي تبلغ ذروتها عند مشاهدته لمؤتمرات جامعة
الدول العربية ، لأنها ببساطة تقدم له طبقا متنوعا من الكوميديا والإثارة التي تغيب عن
المسرحيات والأفلام الباهتة التي يشاهدها .
الأمين العام : والجيد في هذه المهازل.... أقصد المؤتمرات أن المشاركين فيها يمثلون أغلب الدول العربية ، لذلك فشراء حقوق البث سيعرف منافسة شديدة .
المساعد الثالث : وماذا سنجني من وراء كل ذلك يا سيدي ؟
الأمين العام : سنجني أموالا طائلة أيها الغبي .
المساعد الأول : ( يحك يده بالأخرى ) تقصد أن جيوبنا ستمتلئ بالنقود .
الأمين العام : نعم ، هذا ما أقصده .
المساعد الثاني : وهل هناك من قدم عرضا في الموضوع يا سيدي ؟
الأمين العام : معظم القنوات أبدت رغبة أكيدة في شراء حقوق البث .
المساعد الثالث : ومن سيظفر بالصفقة ؟
الأمين العام : الصفقة ستكون من نصيب القناة التي تدفع أعلى سعر تحت الطاولة .
المساعد الثالث : ما معنى كلامك يا سيدي ؟
الأمين العام : معناه أن القناة التي ستحظى بشرف نقل وقائع القمة العربية هي القناة التي ستدفع لنا
شخصيا أعلى سعر بالإضافة إلى سعر الصفقة الرسمية المسجلة في العقود .
المساعد الثالث : ولكن المبلغ الذي سنأخذه نحن يعتبر رشوة .
الأمين العام : ( غاضبا ) متى أصبحت أيها الأحمق العمولة رشوة ؟
المساعد الثاني : أعذره يا سيدي فمداركه الاقتصادية والقانونية ضعيفة .
المساعد الثالث : نعم يا سيدي لقد رسبت في الجامعة ست مرات بسبب مادة الاقتصاد هذه.... لذلك
يمكن أن أقول إن تدبيرك وإدارتك لجامعة الدول العربية لا يضاهيه أحد .
المساعد الأول : والله يا سيدي إنك أفضل أمين عام عرفته جامعة الدول العربية .
المساعد الثالث : بل ولن يتكرر مثلك يا سيدي ، فأنت شخص فذ وفريد من نوعه .
الأمين العام : هذا بفضل مساعدتكم أنتم أيضا .
المساعدون الثلاثة : ( في الآن نفسه ) شكرا يا سيدي .
المساعد الثاني : لدي اقتراح يا سيدي يصب في هذا الاتجاه .
الأمين العام : أي اتجاه ؟
المساعد الثاني : اتجاه ملء الجيوب يا سيدي .
الأمين العام : ( متلهفا ) هيا أخبرنا به بسرعة .
المساعد الثاني : ما رأيك يا سيدي في الإشهار ؟
الأمين العام : اكثر ما يعجبني فيه هو إشهار السيارات والوجهات السياحية .
المساعد الثاني : أنا لا اقصد إبداء رأيك حول الإشهار .
الأمين العام : وماذا تقصد بالضبط ؟
المساعد الثاني : يمكن يا سيدي أن تتخلل فترات اجتماعات الدول العربية وصلات إشهارية .
الأمين العام : كيف ذلك هل يمكن أن تفسر لنا أكثر .
المساعد الثاني: يمكن يا سيدي أن نتعاقد مع بعض المستشهرين الراغبين في إشهار سلعهم ومنتجاتهم...
( يقاطعه الأمين العام )
الأمين العام : أتقصد بكلامك أن يفصل بين كلمات ومداخلات المشاركين في القمة إعلان أو وصلة إشهارية .
المساعد الثاني : هذا هو المقصود من كلامي يا سيدي .
المساعد الثالث : ويمكنك يا سيدي أن تقول بصوتك الجميل كلما أنهى أحد المشاركين تدخله : فاصل
ونواصل .
المساعد الثاني : إنها فكرة رائعة يا سيدي .
الأمين العام : أشعر أن عقولكم بدأت تعمل جيدا .
المساعد الثالث : أنت مصدر إلهامنا يا سيدي .
الأمين العام : سنحاول تطبيق هذه الفكرة في أقرب وقت ممكن .
المساعد الأول : لا أتفق معكم يا سيدي .
الأمين العام : ( متعجبا) لا تتفق معنا .
( ينظر الجميع للمساعد الأول )
المساعد الأول : أرى يا سيدي أن تطبيق هذه الفكرة يهدد مصالحنا ويقوض أساس جامعة الدول العربية .
الامين العام : ( يقف من مكانه فيقف الجميع ) يهدد مصالحنا العليا !
المساعد الأول : نعم يا سيدي .
الأمين العام : (يجلس فيجلسون جميعا ) كيف ذلك ؟
المساعد الأول : أخشى يا سيدي أن يعجب المشاهد العربي بوصلات الإشهار أكثر من إعجابه بالأشياء التي تدور وتجري في قمم ومؤتمرات جامعة الدول العربية .
الأمين العام : وما العيب في ذلك .
المساعد الأول : أخشى يا سيدي من أن تنافس المواد الإعلانية والإشهارية المواد الدسمة التي تزخر بها
مؤتمراتنا ، وبالتالي قد تفقد أولويتها وبريقها لدى المشاهد العربي .
الأمين العام : لا تخش شيئا فنحن سنكتفي في هذه المرة بالأموال التي سنأخذها تحت الطاولة ،أما
الإشهار فسنرجئ الحديث فيه إلى وقت لاحق .
المساعد الأول : هذا هو الرأي السديد يا سيدي .
الأمين العام : إذ لم يكن لدى أي منكم أي تدخل فالاجتماع قد وصل إلى نهايته .
المساعد الثالث : هل انتهى الاجتماع يا سيدي ؟
الأمين العام : لقد تحدثنا حول كل النقاط المهمة .
المساعد الثاني : أجل يا سيدي لقد تحدثنا عن حقوق النقل , وعن سبب تسمية الجامعة العربية بهذه
التسمية ، وأيضا تحدثنا عن الإشهار وكذلك عن الكلمة التي ستقولها حول الأوضاع
في .... أ ... أأأ...أأأ... ( يحك رأسه ويتابع الحديث ) ما هو الموضوع الذي بسببه
ستعقد هذه القمة اللعينة يا سيدي ؟
الأمين العام : ( في ارتباك ) الموضوع ................ما هو الموضوع ؟
المساعد الأول : لقد أخبرنا به ذلك الوقح قبل قليل .
الأمين العام : بماذا أخبرنا ؟
المساعد الأول : بصراحة لقد نسيت يا سيدي .
المساعد الثاني : استدع يا سيدي عونا آخر ليخبرنا بالموضوع من جديد .
الأمين العام : لا بد أن ذلك الحقير أخبر الجميع بأننا لا نعرف سبب انعقاد هذه القمة الطارئة ، وإذا استدعيت عونا آخر أو أي موظف فستكون فضيحتنا كبيرة .
المساعد الأول : وماذا سنفعل الآن يا سيدي ؟
الأمين العام : حاولوا أن تتذكروا شيئا مما قاله ذلك الأحمق .
المساعد الثالث : أذكر يا سيدي أن ذلك الحدث حدث تافه .
الأمين العام : هل أنت متأكد من أنه حدث تافه .
المساعد الثالث : نعم يا سيدي إنه كذلك .
الأمين العام : إذا كان الأمر كذلك فليس مهما معرفته .
المساعد الأول : سنعرف ذلك فيما بعد يا سيدي .
الأمين العام : المهم عندي الآن هو أن لا يعرف مخلوق بما دار بيننا في هذا الاجتماع .
المساعد الثاني : أمرك يا سيدي .
الأمين العام : أريدكم أن تختفوا تماما عن الأنظار لكي لا يحاول المتطفلون الحصول منكم على أي
معلومة تخص القمة المرتقبة .
المساعد الثالث : لا تقلق بهذا الشأن يا سيدي .
الأمين العام : أراكم بعد المؤتمر ، هيا غادروا وانتشروا .
( يغادر الجميع ليبقى الأمين العام لوحده )
( يخرج الأمين العام وسادة من تحت مكتبه ، يضعها فوق المكتب ويتوسدها وينام نوما عميقا )
- يسدل الستار .
المشهد الثاني
- يرفع الستار على أحد الأعوان يكنس قاعة المؤتمرات الخالية من كل شيء ، حيث
يظهر وفي يده مكنسة يدوية يكنس بها وهو يغني .
العون : ( يكنس ويغني )
منتصب القامة أمشي
مرفوع الهامة أمشي
في كفي قصفة زيتون
وعلى كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي .......
( يدخل أحد المسؤولين حاملا حقيبة صغيرة سوداء )
المسؤول : عفوا يبدو أنني دخلت إلى المكان الخطأ .
العون : ( ملتفتا إليه ) لا ، لا أظن أنك أخطأت المكان .
المسؤول: هل هذا هو مقر مدرسة الدول العربية ، أقصد الجامعة ؟
العون : هل لديك شك في ذلك ؟
المسؤول : في الحقيقة دخلت إلى هنا عن طريق الخطأ ، فأنا أريد مكتب الأمين العام .
العون : هذه قاعة المؤتمرات .
المسؤول: هذه هي القاعة .
العون : نعم .
المسؤول : إنها لا تليق بالقرارات الحاسمة التي سنتخذها .
العون : حول ماذا ؟
المسؤول : هذا ما أريد بالضبط أن أعرفه من الأمين العام ، فهل يمكنك أن تدلني على مكتبه .
العون : إنه غير موجود .
المسؤول : ولكن القمة العربية ستقام غدا .
العون : تقصد المنحدر .
المسؤول : القمة أو المنحدر الأمر واحد ، المهم عندي هو أن أعرف سبب انعقاد هذه القمة الطارئة .
العون : ألا تعرف السبب حقا !؟
المسؤول : لا .
العون : ألا تقرأ الجرائد ، ألا تستمع إلى الأخبار ، ألا يصلك حديث الشارع .
المسؤول : لا , فأنا بكل فخر لا أهتم إلا بنفسي .
العون : أو لم يخبرك مسؤولو بلدك عن شيء يتعلق بالموضوع الذي أنت من أجله هنا .
المسؤول: لا ، فأنا لا أقيم في بلدي .
العون : وأين تقيم ؟
المسؤول : أتنقل من بلد إلى بلد ، أتجول وأستجم في أرض الله الواسعة .
العون : وعملك .
المسؤول : إنه عطلة طويلة تتخللها أيام عمل قليلة ، وأنا ....
العون : ( مقاطعا ) يكفي يا سيدي فأمثالك كثر في هذه الجامعة .
المسؤول : لا شك في أنك تعرفني ، والأكيد أنك تشاهدني وتتابع أخباري على شاشة التلفاز.
العون : مكانتي لا تسمح لي بأن أتابع أمثالك .
المسؤول : ماذا تقصد ؟
العون : أقصد أن مكانتي لا يمكن أن تصل إلى مكانتك ( يدير وجهه عنه ويتابع بصوت منخفض قليلا)
في الدناءة والوضاعة .
المسؤول :( يشعل سيجارا ) هذا واضح ولا يحتاج إلى نباهتك ، وسيكون هذا اليوم الذي التقيت فيه معي
عيدا لديك .
العون : إنه أسوء يوم في حياتي .
المسؤول : ماذا قلت ؟
العون : إنه أسعد يوم في حياتي ... ( يتابع بصوت خافت ) ذلك اليوم الذي لا أرى فيه أمثالك .
المسؤول : ( يشير له بيده ) يمكنك أن تذهب وتحضر ورقة بيضاء .
العون : ( مستغربا ) لماذا ؟
المسؤول : لأوقع لك فيها كي تفخر بها أمام أصدقائك وأقربائك وكل من تعرفهم .
العون : يا لحمقك ! ( يسكت برهة ) وكأنني التقيت بأحد الأنبياء !
المسؤول : أعد علي ما سمعته الآن .
العون : قلت لك إن كلامك يشبه كلام الأنبياء .
المسؤول : ( بغرور ) في بعض الأحيان يصل إلى تلك الدرجة .
العون : ( مبتعدا عنه ضاربا كفه بالآخر ) لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا بالله .
المسؤول : ما بك ؟
العون : لا شيء .
المسؤول : اقترب قليلا .
العون : ( مقتربا منه ) ماذا تريد مني ؟
المسؤول : أراك تتحدث معي وكأنك تعرفني ، من أنت ؟
العون : أنا إنسان عادي .
المسؤول : أعرف أنك إنسان .
العون : الحمد لله ... وماذا تريد بعد ذلك ؟
المسؤول: لا أريد شيئا سوى أن أعرف طبيعة عملك هنا .
العون : أحمل مكنسة وأكنس الأرض ، ماذا سأكون في رأيك ؟ ( دون أن يترك له مجالا للكلام ) أنا
من يسهر على نظافة هذا المكان .
المسؤول : ( وكأنه لم يسمع شيئا) تسهر على ماذا ؟
العون : أسهر على نظافة المكان .
المسؤول : ( صارخا في وجه العون ) عامل نظافة ؟
العون : ( يشير إيجابا برأسه ) نعم وأفتخر بذلك .
المسؤول: يا للعار، يا للخزي الذي لحقني .
العون : ( متهكما ) حاشا أن تكون عارا أو خزيا يا سيدي ، من قال لك ذلك ؟
المسؤول : أنا بجلالة قدري أتحدث مع عامل نظافة .
العون : هذا قدرك يا سيدي .
المسؤول : اللعنة على هذا القدر .
العون : لا تلعن القدر يا هذا .
المسؤول : ولما لا أفعل ذلك وقد جعلني ألتقي برجل مثلك ؟
العون : لأنه يمكنك أن تتجنب هذا الوضع الذي وضعك فيه القدر .
المسؤول : كيف ؟
العون : كان بإمكانك الانصراف منذ أخبرتك بأن الخائن العام غير موجود .
المسؤول : الخائن العام ؟
العون : أقصد الأمين العام .
المسؤول : الأمين العام أصبح خائنا عاما ؟
العون : تقريبا .
المسؤول : ( يبتعد عن العون قليلا ثم يعود للاقتراب منه ) هل يمكن أن أطلب منك طلبا وحيدا لأذهب
من هنا .
العون : ما هو طلبك ؟
المسؤول : هل يمكن أن أعرف منك سبب انعقاد هذه القمة الطارئة ؟
العون : يمكنك أن تخرج وتسال عن ذلك أي شخص تصادفه في شارع .
المسؤول : في الشارع لا يمكن أن اسأل أي أحد عن ذلك .
العون : ولما لا ؟
المسؤول : لأنني أخاف على سمعتي .
العون : ( متعجبا ) تخاف على سمعتك !
المسؤول : إن الصحافين يتربصون بنا في مثل هذه الأوقات ، أو تريدهم أن يفضحوا أمري بكوني لا أعرف شيئا عن الأحداث التي تلم بنا ؟
العون : أراك أصبحت تتحدث بضمير الجماعة ... من نحن ؟
المسؤول : نحن – العرب والمسلمين –
العون : وهل تحسب نفسك انت أيضا عربيا ؟
المسؤول : ( بثقة زائدة ) نعم .
العون : لا تعرف الحدث الذي أنت حاضر من أجله ، وتعيش متنقلا من بلد لبلد وتقول نعم ؟
المسؤول : يكفي أن اسمي عربي قح .
العون : وما هو اسمك ؟
المسؤول : ( يرفع يده إلى السماء ) اسمي ... أبو الأمجاد عز العرب .
العون :( ساخرا) نعم الأسماء يا سيدي .
المسؤول : يقولون لي بأنني اسم على مسمى .
العون : ( ينظر إليه في سخرية ) أعتقد ... لا أعتقد ( يشير بإصبعه نافيا) أجزم أنه لو كان بإمكان
اسمك الحديث لتبرأ منك إلى يوم الدين .
المسؤول : لماذا أصبح كلامك وقحا ؟
العون : إنها الحقيقة ، هي التي تبدو وقحة ومرة . ( يسكت ثم يتابع متسائلا ) أخبرني ماذا فعلت لهذه
الأمة لتكون ... أبو الأمجاد وعز العرب ؟ ماهي الخدمات الجليلة التي أسديتها لنا ليكون
قدرك جليلا .
المسؤول : يبدو أنك لا تعرفني كما كنت أعتقد من قبل .
العون : أنا لا أعرفك حقا .
المسؤول: ( بفخر ) لقد قمت بالكثير وقدمت لهذه الأمة الكثير، الكثير ، يكفي أنني أول مسؤول أدخل
كلمة: " أندد" إلى مدرسة الدول العربية .
العون : ( يصفق بحرارة ) ما أعظم أعمالك ! وما أروعك من رجل !
المسؤول : ذلك فقط مثال بسيط على الأعمال الجبارة التي قمت بها .
العون : إنه مفخرة عظيمة تستحق عليها الثناء .
المسؤول : لا تشكرني فهذا واجبي .
العون : ( في غضب ) اسمع يا سيدي يبدو أن الكنس والتنظيف الذي أقوم به أجل وأنفع منك ومن عملك ، لذلك سأخبرك بما تريد معرفته لعلك تتركني وشأني ، فأنت بصراحة ثقيل الظل .
المسؤول : لولا أنني أحتاج منك معرفة ما حدث لأقمت الدنيا وأقعدتها بسبب معاملتك هذه معي .
العون : أحمد الله الذي جعل رويجلا مثلك يحتاج رجلا مثلي .
المسؤول : هلا ستخبرني أم لا ؟
العون : اسمع يا سيدي وأجري على الله .
المسؤول : ( يحاول أن يخرج نقودا من جيب سترته ) آه الأجر .... يمكن أن أدفع لك ثمن ذلك .
العون : ابقي نقودك في جيبك فليس كل شيء يشترى بالمال .
المسؤول : هيا إذن أخبرني .
العون :لقد هجم وأغار الصهاينة على أهلنا في غزة فجعلوا سماءها تمطر عليهم بوابل من الرصاص
والقنابل والصواريخ .
المسؤول : وماذا حدث ؟
العون : لا يمكنك أن تتخيل ما حدث .
المسؤول : ماذا حدث ، أخبرني بسرعة .
العون : تفحمت الأجساد وتطايرت الأيدي والأرجل ، وانهمرت وديان الدموع من الأمهات والثكالى
والأطفال ، وتعالت الصرخات ، لكن بدون جدوى فالعالم ينظر متفرجا غير آبه بما يحدث
لهم ، ونحن العرب مازلنا نتقلب ذات اليمين وذات الشمال .
المسؤول : ( مستهينا بما حدث ) هل هذا فقط ما حدث .
العون : وهل تريد أن يحدث أكثر من هذا ؟
المسؤول : لا .
العون : وما بك إذا ؟
المسؤول : أظن أن الأمر لا يستدعي كل هذا الاهتمام فالأمر مجرد قضاء وقدر .
( يخرج تاركا العون )
العون : لا حول ولا قوة إلا بالله , لا حول ولا قوة إلا بالله .
( يعود المسؤول من جديد )
( يلتفت العون إليه ) لماذا عدت ؟
المسؤول : لقد نسيت شيئا ؟
العون : تنسى اسمك إن شاء الله .
المسؤول : قل ما شئت أيها الحثالة ولكن لا تنس أن تخبر الخائن العام بأنني لن أحضر المنحدر .
العون : حثالة ولكن أشرف منك أيه الأحمق .
( يلقي بالمكنسة خلف المسؤول ويتابع حديثه )
يبدو أنني أنا أيضا سأترك العمل في هذه الجامعة ( يسكت برهة ) جامعة ؟ هذه ليست جامعة
إنها مجرد مدرسة أو كتاب مازال فيه ساستنا يتعلمون السياسة والقيادة الحقيقة .
( يدخل رجل ثان مرتديا ملابس ملونة كالبهلوان )
الرجل :السلام عليكم .
العون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الرجل : هل يمكن أن أسألك سؤالا ؟
العون : أعرف السؤال الذي تريد أن تسألني إياه .
الرجل : إذن أجبني عنه .
العون : الأمين العام غير موجود .
الرجل : إذن فهو غير موجود .
العون : إنه كذلك .
الرجل :لقد كنت أريد أن أستفسره عن أمر ما .
العون : هل أنت أيضا ممن سيحضرون المؤتمر ؟
الرجل : أجل .
العون : إذن فأنت أيضا لا تعرف سبب انعقاده .
الرجل : أنا أختلف كثيرا عن أولئك الحمقى الذين تعرفهم .
العون : إذن فأنت تعرف كل شيء .
الرجل : بطبيعة الحال .
العون : وما هو رأيك في ما حدث ؟
الرجل : هذا ما أود أن أسأل عنه الأمين العام .
العون : لم أفهم كلامك جيدا .
الرجل : المفروض فينا في الجامعة أن نعمل ككتلة واحدة وفي انسجام وتوافق تامين ، لهذا السبب لا يجب أن يغرد أي واحد منا خارج السرب .
العون : وماذا لو كانت تغريدته على صواب .
الرجل : الأفضل أن يكون الجميع خاطئا على أن يكون البعض على خطإ والبعض الأخر على صواب ،
فإما أن ننجو جميعا أو نغرق جميعا .
العون : ( بصوت خافت ) بدأ هذا أيضا يتحدث بضمير الجماعة .... والله إن هذا اليوم لن يمر على
خير .
الرجل : ما بك تتحدث مع نفسك ؟
العون : لا شيء ، فقط أنا مستغرب من لباسك .
الرجل : تستغرب من هذه الألوان .
العون : تبدو كالبهلوان .
الرجل : إنها تقيني من الحسد .
العون : الحسد ؟
الرجل : نعم فكل المسؤولين الذين هم في مثل مرتبتي يحسدونني .
العون : لا أظنك تختلف عنهم .
الرجل : أنت مخطئ في ظنك بي .
العون : قبل قليل كان أحدهم هنا .
الرجل : من كان ؟
العون : أبو الأمجاد ... ( يقاطعه )
الرجل : لا تكمل أرجوك .
العون : لماذا؟
الرجل : لأنني لأجب أن أسمع شيئا عن ذلك النكرة .
العون : ( متعجبا ) نكرة !
الرجل : وأكثر من نكرة .
العون : ارجو أن تكون أنت معرفة .
الرجل : أنا طبعا معرفة ، ومعرفة بالإضافة .
العون : لم أفهم .
الرجل : يمكن أن أعطيك مثالا صغيرا .
العون : هو أيضا أعطاني مثالا ، وأي مثال .
الرجل : من تقصد ؟
العون : ذلك النكرة .
الرجل : أنا لست كذلك الغبي ... ستقول لي أنه أخبرك بأنه أول من أدخل كلمة " أندد" إلى جامعة الدول العربية .
العون : نعم هذا ما قاله بالحرف الواحد .
الرجل : وفي رأيك أنت هل هذه إضافة يمكن أن تنفع الأمة في شيء .
العون : لا .
الرجل : إن ما قام به يمكن أن يقوم به أي تلميذ كسول ، فبمجرد ما أن تأخذ القاموس وتبحث قليلا إلا
وستجد كلمة " أندد " واضحة أمامك .
العون : وفيما يختلف ما قدمته عنه ؟
الرجل : ما قدمته يختلف عنه جملة وتفصيلا .
العون :يا ليت ذلك يكون حقيقة .
الرجل : اسمع يا سيدي .
العون : ( يردد بعجب ) يا سيدي !
الرجل: أنا لا أريد أكون شخصا عاديا يموت ويموت معه كل شيء.
العون : وماذا تريد أن تكون ؟
الرجل : أريد أن أكون كعنترة بن شداد أو كخالد بن الوليد أو كصلاح الدين الأيوبي ، أريد أن أفعل شيئا
لهذه الأمة، يُبقي اسمي خالدا إلى يوم القيامة .
العون :يبدوا أنك ستشعلها حربا .
الرجل : أرجوك لا تكرر هذه الكلمة فأنا أتشاءم من سماعها .
العون : ولكن أولئك الرجال الذين ذكرتهم هم رجال حروب ومعارك وقتال .
الرجل : أنا أريد فقط أن أكون في مثل شهرتهم لا أقل ولا أكثر .
العون : ولكن لماذا لا تكون مثلهم ؟
الرجل: ( ينظر إلى كل الجهات ويقول بصوت خافت ) أنا رجل خواف وجبان .
العون : جبان ؟
الرجل: نعم ، لقد كنت آكل الجبن كثيرا في صغري فصرت جبانا.
العون : الجبناء لا يقدمون شيئا إلى أوطانهم .
الرجل : ألا تعرف أنه يمكن أن تساهم في الانتصار دون أن تشارك في الحرب ؟
العون : بلى أعرف ذلك .
الرجل : كذلك أفعل بذكائي وأفكاري واقتراحاتي المتطورة .
العون : هل يمكنك أن تخبرني بما فعلته وقمت به .
الرجل: طبعا ، طبعا .
العون : كلي آذان صاغية .
الرجل : أنا وبكل تواضع من اكتشف وجود لغز في اسم دولة فلسطين .
العون : لغز ؟
الرجل : لا تستغرب ، فالأمر ليس بهذه البساطة ... ( بفخر ) اللغز الذي أتحدث عنه هو موضوع أطروحتي في الأركيولوجيا والتي نلت بعد مناقشتها دكتوراه الدولة بدرجة مشرف جدا ،
وقد وصل عدد صفحاتها الألف ومائة صفحة ، ولا يمكنك أن تتخيل الرواج والإقبال الكبير
الذي لقيته عند جمهور القراء ، كما أنني حصلت كتنويه على ما قمت به على وسام من
درجة صعلوك من حاكم البلاد .
العون : وما هو ذلك اللغز الموجود في اسم دولة فلسطين ؟
الرجل : اسمع ، اسمع .... هو اسم دولة عربية تتكون من ستة أحرف ، الثلاثة أحرف الأولى هي
اسم عملة لبلد عربي ، والثلاثة أحرف الثانية هي اسم لنوع من أنواع التربة .
العون : هذا هو اللغز الذي اكتشفته .
الرجل : نعم ، ولكن بعد جهد وعناء كبيرين .
العون : ( يشد رأسه ) يبدو أنه لا يوجد عاقل بين المجانين .
الرجل : هون عليك ، هون عليك ، ولا داعي للتفكير فأنت أيضا لن تجد الجواب الصحيح .
العون : في ماذا سأفكر ؟
الرجل : في اللغز .
العون : ( غاضبا ) أغرب عن وجهي... قبح الله سعيك وسعي من جعلك تشغل هذا المنصب .
الرجل : هون عليك ، أرجوك ( يسكت برهة ) أعرف أنك منفعل لأنك لم تجد الجواب مع أنني
يا صديقي قد أشرت له في كلامي السابق ... لا تقلق فعلامات الانفعال التي ظهرت عليك
ظهرت على غيرك ممن سمعوا هذا اللغز ، بل منهم من انتحر لأنه لم يجد الجواب .
العون : أنا أيضا سأنتحر .
الرجل : لقد جعلتني أشفق عليك لذلك سأخبرك بالجواب .
العون : عن أي جواب تتحدث أيها الأحمق .
الرجل: أحمق !
العون : أحمق ومغفل .
الرجل : يبدو والله أعلم أن انفعالك ليس بسبب اللغز .
العون : انفعالي سببه تفاهة لغزك وتفاهتك أنت أيضا .
الرجل : أنا تافه يا هذا ؟
العون : تافه ونكرة وجبان أيضا.
الرجل : إنك لا تعرف كم من الوقت ضيعته من أجل اكتشاف هذا اللغز المحير ... ويأتي شخص جاهل
مثلك ويقول عنه لغز تافه ، حقا إنك لرجل جاهل .
العون : أفضل أن أكون جاهلا على أن أكون تافها . ( يسكت قليلا ويتابع ) أتعرف أولئك الذين قلت إنهم
انتحروا بسبب لغزك ، لما انتحروا ؟ إنهم فعلو ذلك بسبب تفاهة لغزك وغباء عقلك ، لأنهم
كانوا ينتظرون منك أن تقوم بأشياء عظيمة عظمة أولئك الرجال الذين تريد أن تصبح بمثل
شهرتهم ، لكن للأسف لم يروا منك سوى الترهات والخزعبلات .
الرجل : ماذا تريدون منا أن نفعل أكثر من الذي فعلناه ونفعله .
العون : نريدكم أن تكونوا رجالا بما تحمله الكلمة من معنى .
الرجل : تريدوننا أن نصنع المعجزات، هذا غير معقول ( يسكت قليلا ثم يتابع في غضب ) إن ما قمت
به لهو أقصى ما يمكن أن يفعله أفضل مسؤول في هذا الشأن .
العون : يبدو أن الكلام مع أمثالك لا يجدي نفعا ولا فائدة ترجى منه ، سأطلب منك طلبا أخيرا..... ولا
تخف فهو ليس معجزة .
الرجل : وما هو هذا الطلب ؟
العون : أريني جمال خطواتك وأنت تغادر هذه القاعة .
الرجل : الآن عرفت لماذا تنعتني بالغبي .... لأنني تنازلت وتبادلت أطراف الحديث مع رجل سوقي
مثلك .
( يخرج الرجل من القاعة )
العون : اذهب غير مأسوف عليك .
( يجثو العون على ركبتيه )
العون : يا إلهي ما هذا الزمان ، أي عصر هذا الذي أصبح فيه قادتنا ورجالنا بهذا الغباء والحمق
والجبن وكأنهم لم يرضعوا من أثداء عربية تجري في لبنها النخوة والأنفة والكبرياء ،أي
جرذان أصبحنا اليوم .... نخاف من أحذيتنا ، والمهول في الأمر أننا أصبحنا رمزا للغباء
والحماقة .
( يسكت قليلا ثم يركز نظره باتجاه الجمهور )
العون : سترون غدا مهزلة من أكبر المهازل .
- يسدل الستار .
المشهد الثالث
- يرفع الستار .
- تظهر على خشبة المسرح طاولة مستديرة تحيط به مجموعة من الكراسي، على اليسار منها لافتة كتب عليها : " مدرسة الدول العربية "
- يدخل ستة رجال يهرولون باتجاه الطاولة المستديرة ، كل واحد منهم يحاول أن يجلس في
المكان الذي يعجبه ، بعدها يدخل الخائن العام بخطى متثاقلة فيتجه مباشرة نحو أحد المشاركين جلس على رأس الطاولة .
الخائن العام : قم من مكاني أيه الأحمق .
الرجل : حاضر يا سيدي .
( يقوم الرجل ويجلس في مكان آخر بحيث يصبح ثلاثة رجال على يمين الخائن العام
وثلاثة على يساره )
- يخرج الجميع أوراقهم ويضعونها على الطاولة .
الخائن العام : ( يحمل ورقة بين يديه ) تحية طيبة وأشواق حارة نابعة من صميم مدرسة الدول العربية
زوجتي العزيزة إنه ليسرني ....
الرجل الأول على اليمين : عفوا يا سيدي ولكن ماذا تقول ؟
الخائن العام : استسمحكم لقد نسيت أننا في المؤتمر .
الرجل الثاني على اليسار : لا بأس يا سيدي .
الخائن العام : أقول .
الجميع : ( بصوت مرتفع ) أسمع .
الحائن العام : أقول .
الجميع : أسمع .
الخائن العام : أصحاب البطون الكبيرة ، كبار جبناء الدول العربية أيها المؤتمرون المتآمرون ذوو
الرؤوس الكبيرة والعقول الصغيرة ، إننا في هذا اليوم المشؤوم الذي نعقد فيه جلستنا هذه،
نظرا للأحداث الدامية التي حدثت في الأرض المدنسة ...أقصد : المقدسة ، والتي لم
تخلف للأسف الشديد إلا ألفي قتيل وعدد من الجرحى في صفوف الفلسطينيين ، ولحسن الحظ (يهز سبابة يمناه ثم يتابع ) أقول ولحسن الحظ أن الجانب الإسرائيلي لم يصب بأدى
اللهم جرح جندي وحيد ، وهذا هو المهم في اجتماعنا هذا .
( يصفقون له بحرارة )
الخائن العام : إطار النقاش يتحدد في ثلاثة محاور رئيسة وهي :
أولا : أن نتكلم بصمت ونتخذ قرارنا بصمت لنخرج بصمت .
ثانيا : يجب أن نخرج من هذا المؤتمر وكأننا لم نأتمر.
ثالثا : إنني أرى أن كلمة : " أندد " أصبحت متداولة كثيرا في أوساطنا العربية ، لذا فإنني قررت أن نستبدلها بكلمة : " إننا آسفون لما حدث "
( يكبر الجميع ) الله أكبر الله أكبر .
الخائن العام : هذا كل شيء . ( ينظر إليهم ) من أراد أن يتكلم فله الكلمة .
( تعم الفوضى المؤتمر فكل واحد من المشاركين يريد أن يبدأ الحديث أولا، في حين
الخائن العام غير مهتم بما يحدث ، لكن بعد أن يمر بعض الوقت وهم على تلك الحال يقف من مكانه )
الخائن العام : ( بصوت مرتفع ) هل أنتهى المؤتمر ؟ ( يسكت برهة إلى أن يسكت الجميع ويهدؤون )
ستأخذون الكلمة الواحد تلو الأخر وسنبدأ من جهة اليمين وما أدراك ما جهة اليمين .
الرجل الأول على اليمين : ( يقف من مكانه ) بسم الله الرحمان الرحيم ( يقاطعه الخائن العام )
الخائن العام : اجلس فأنت لست في المدرسة .
- في هذه اللحظة يجر الرجل الذي بجانب الرجل المتحدث الكرسي فيسقط المتحدث على الأرض فيضحكون عليه ضحكا هستيريا .
- يعود ويجلس من جديد وبعد أن يسكت الجميع يتابع كلامه.
الرجل الأول يمينا : نظرا لعدد الموتى الكبير الذين ماتوا في صفوف الشعب الفلسطيني ، فأنني
وبصفتي أنوب عن بلدي التي لا أعرف اسمها ، أبلغ تعازي الحارقة للشعب
الفلسطيني الأعزب ، ومن هذا المؤتمر الكبير أعلن أمام الملأ أننا نقدم كامل
دعمنا للشعب الفلسطيني ، وهذا الدعم ليس مجرد حبر على ورق بل هو واقع
يتجلى في إرسالنا لهم عددا لا بأس به من علماء القتل والدفن وتخفيف الآلام،
هؤلاء سيقومون بدون أجر بدفن جميع الموتى ، ولتخفيف أثر الحزن على ذويهم
سيقمون وبدون أجر – أكرر وبدون أجر – بدفنهم أحياء معهم ( يسكت فيصفقون له)
الرجل الثاني يمينا : بدون مقدمات ولا لف ولا دوران وحسب ما تلقيته شخصيا من صديقي وأخي رئيس
الدولة الأمريكية المبجل فإنني لن أقول شيئا ، فلا أرى داعيا لذلك ، فلم يحدث شيء كل ما في الأمر هو موت بعض الأشخاص وهذا مصيرهم وقدرهم فهل نتدخل في القدر ؟ ( يرد الجميع وبصوت واحد ) : لا ( يتابع ) بصراحة هذا هو رأيي وإذا
كان هناك داع للكلام فالكلمة الأولى والأخيرة لأمريكا ويجب أن نحترم أمريكا كما
نحترم أباءنا إن كنا نحترمهم والسلام ( يصفقون له )
( بعد أن ينهي الرجل الثاني كلامه يضع الخائن العام رأسه على الطاولة وينام )
الرجل الثالث يمينا : سيدي المحترم كبير اللصوص ، أيها السادة لصوص الدول العربية ، إن من أكبر الواجبات التي يجب البوح بها في هذا المؤتمر الموقر هي : الحقيقة ، والحقيقة الحقيقية الحقة التي لا تتحقق إلا بتحقق كل الحقائق المحقة والتي على حق ، ولهذا
فالحقيقة تستدعي أن نكون حقيقين أي ألا نكون مجرد خيال أو جثث مهندمة ، لذلك
فالحق حقيقة والحقيقة حقائق وحسب الحقائق المحققة والمسجلة في دفتر البحث الدولي فإن دولة فلسطين دولة تضم بين صفوفها منظمات إرهابية كبيرة ، ويجب علينا أن نقوم بمجهودات جبارة لاستئصالها والقضاء عليها حتى يتسنى نشر السلام
في الشرق ... ( يسكت ويحك رأسه ثم يتابع ) لا أدري هل الشرق الأدنى أم الأقصى؟ .... وأقترح حتى لا نقع في المحظور أن نقاطع هذه الدولة كليا إلى
أن تقوم الأرض وما عليها . ( يسكت فيصفقون له )
الرجل الأول يسارا : أيتها السيدة المحترمة ( يوجه يده نحو الخائن العام ) سيداتي أنيساتي ( يرفع صوته ) إننا ... سنفعل ما لم تفعله أية أمة من قبلنا ، لن نسكت ، ( ينظر إلى الحاضرين ثم يتابع كلامه ) وأيضا لن نتكلم ، فقط ما سنفعله وما كان يتوجب فعله منذ أمد بعيد هو أن نترك مثل هذه الأمور لرجالنا ، وبما أننا وحسب دراسات أجريت في هذا الموضوع والتي تفيد بالحرف الواحد أنه لا يوجد رجل واحد في دولنا العربية . ( ينظر إلى الخائن العام النائم ) عفوا يا سيدي لقد نسيت أنه ليس
لدينا رجال في هذه الأمة ، لذلك فستكون كلمتي في الحلقة المقبلة حول إمكانية ترك
مثل هذه الأمور الصعبة لنسائنا اللائي أصبحن يتفوقن على الرجال في كل شيء فلربما كانت قرارتهن محترمة وجريئة .
( يسكت برهة ثم يتابع ) لقد نسيت أن أقول أنه يمكن أن ندخل في سبات عميق أكثر
من هذا الذي نحن فيه إلى أن يكون لدينا رجال ، حينها يمكن النظر في مثل هذه الأمور ، شكرا على إنصاتكن . ( يصفقون له )
الرجل الثاني يسارا : سيدي الخائن العام أيها الخونة الخائنون من خانوا الأمانة ووضعوا ثقتهم بكم
( يسكت قليلا ويتابع ) رغم أنني لا أعرف أين توجد هذه الفلسطين التي يتحدث
عنها الجميع .... ( يهز الرجل الذي تحدث قبله مقاطعا )
الرجل الأول يسارا : فلسطين يا سيدي توجد غرب القطب الجنوبي وهي بلد لا تغيب عنه الشمس .
الرجل الثاني يسارا : حسنا ذكرني باسمك عندما نخرج لأوصي لك بجائزة نوبل للسلام لأنك تعرف أشياء مهمة عن هذه الفلسطين ( ينظر إلى ساعته ويتابع موجها كلامه للخائن العام ) عفوا يا سيدي إنني مضطر لترككم ، فزوجتي تنتظرني الآن لنذهب معا للتبضع.
( يقاطعه الرجل الأول يمينا )
الرجل الأول يمينا : ولكنك لم تقل شيئا .
الرجل الثاني يسارا: وهل قلت أنت شيئا ؟ كلامنا يا سيدي مثل صمتنا ، فلما نضيع الوقت في الكلام ؟
( ينظر إلى الخائن العام النائم الذي لم ينبس ببنت شفة ) شكرا على حسن تفهمك
يا سيدي . ( يغادر على صوت التصفيقات )
الرجل الثالث يسارا : ( يخرج نظرات شمسية من جيب سترته ويضعها على عينيه ويزيل من أذنيه
سماعتين كان يسمع بهما الموسيقى حيث كان يحرك جسده طوال الجلسة، ينظر
إلى ورقته ويبدأ حديثه بصوت مرتفع ) يا أشباه الرجال ولا رجال فلتستيقظوا من سباتكم ، ولتكن الحرب على أعداء الدين والدنيا ( يستيقظ الخائن العام فزعا ويهرب المشاركون بعيدا عن الطاولة )
الخائن العام : ( مقاطعا وهو ينظر إليه بعينين جاحظتين ) ألم تسمع ما قلته أيها المغفل ؟ أ تريدهم أن
يقيلوني من منصبي لتكون فرحا ؟ .... الحرب ألم نمح هذه الكلمة من كل القواميس العربية ؟
الرجل الثالث يسارا : اسمعني يا سيدي فقط وسأشرح لك الأمر بالتفصيل .
الخائن العام : الحرب لا تستدعي الشرح ... فالحرب هي الحرب .
الرجل الثالث يسارا :يا سيدي إن الحرب التي أدعو إليها ستعم علينا بفائدتين عظيمتين ( يعود المشاركون إلى أمكنتهم بعد أن يرددوا جميعا كلمة: " فوائد" ) الفائدة الأولى يا سادة
هي أننا إن دخلنا الحرب ( كلمة الحرب يرددها بصوت منخفض ) وانتصرنا فيها
فسنعيد المجد والقوة التي فقدناهما منذ قرون عديدة ، وسيصبح كل العالم يحسب لنا
ألف حساب ، أما الفائدة الثانية فهي في حالة انهزامنا ويا ليتنا ندخل الحرب وننهزم فيها هزيمة نكراء ( يقاطعه الجميع بقولهم : آمين )في هذه الحالة سنتخلص من عدد كبير من جنودنا الذين سيموتون في الحرب وبالتالي سينخفض عدد سكان بلداننا الكبير والذي يشكل عائقا أمام تقدم هذه الأمة ، تأكد يا سيدي أننا حينها سنكون أقوياء أكثر من أي وقت مضى ... فلما الخوف من الحرب خصوصا إذا كنا نحن
لن نشارك فيها ، ( يسكت قليلا ثم يتابع) هل سمعتم يا سادة مرة واحدة في حياتكم عن وزير أو رئيس أو ملك أخذ بندقية وخرج مع الجنود إلى الحرب ، لم يكن هذا ولن يكون أبدا ، فلما الخوف من الحرب إذا كانت تخدم مصالحنا نحن ذوو البطون الكبيرة، هذا هو كلامي وأرجو أن يتم النظر فيه بشكل جدي.( يصفقون له) الخائن العام : هل أنهى الجميع الحديث ؟
المشاركون : ( بصوت واحد ) نعم يل سيدي .
الخائن العام : من هاهنا أعلن على الملأ نهاية مؤتمرنا الناجح هذا وأقول ( يرد المشاركون : أسمع )
أقول ( المشاركون : أسمع )
الخائن العام : إنه من رابع المستحيلات أن نحلم بحرية واستقلال فلسطين وإن حلمنا بهذا فيجب أن نعلم
أننا كمن يحلم وهو مستيقظ، لا هو يستمتع بحلمه ولا هذا الأخير سيتحقق ، وبهذا المنطق الذي يضاف إلى شتات الأمة العربية إن كانت لنا أمة أصلا... أقول إنه من الغباء أن ندعو
إلى تحرير فلسطين ونحن غير محررين بعد ، ومن يعزف على هذا الوتر المقطوع فكمن
يغني أغنية " استنجد غريق بغريق " والسلام على من حضر وعلى من لم يحضر وإلى اللقاء في مؤتمر شبيه بهذا . ( يغادر الجميع بعد أن تعم الفوضى )
إظلام
( يسدل الستار )
تمت بعون الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق