مجلة الفنون المسرحية
البقية تأتي.. عندما يتحول المهرجان إلي مختبر للتعلم
مني شديد - الأهرام المسائي
البقية تأتي هو تجربة فريدة من نوعها في مصر, فهو ليس مهرجانا عاديا يتقدم إليه المبدع للمشاركة بأعمال معدة مسبقا والمنافسة علي جوائز, حيث تجاوز مهرجان البقية تأتي هذه الفكرة وجمع بين كونه مختبرا ومهرجانا للعرض في نفس الوقت
, والهدف من المختبر هو التدريب والتعلم حيث يتعلم فيه الشباب علي يد خبراء كيفية تطوير مشاريعهم ومراحل إنتاج عمل فني بالكامل بإمكانيات بسيطة.
يتقدم للمشاركة في المهرجان العديد من الشباب بمشاريع مسرحية ورقص معاصر, وبعد مراجعة المشاريع يتم اختيار4 منها فقط منها للعرض علي الجمهور وهو صاحب الحق في اختيار الأفضل من بينها من خلال التصويت علي هذه الأعمال وعناصرها الفنية المختلفة, ويحظي صناع هذه المشاريع بالفرصة لتقديم أول مشاريعهم الاحترافية علي خشبة المسرح.
واستطاع المهرجان خلال دوراته السابقة أن يقدم للساحة الفنية عددا من المبدعين المتميزين مثل مصممة الرقصات شيرين حجازي وعرضها يا سم الذي حصل علي أفضل عرض في الدورة السادسة لمهرجان البقية تأتي وعرض في حفل ختام الدورة23 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي, والجائزة الفضية لأفضل عرض متكامل في مهرجان ليالي المسرح الحر في الأردن.
بينما ضمت الدورة السابعة من البقية تأتي4 عروض, العرضان المسرحيان شهر العسل للمخرجة سمر جلال وأنا للمخرج مصطفي خليل, وعرضي الرقص المعاصر الغائب لعلي خميس ويوتوبيا لنغم صلاح, ولم تكن العروض علي درجة عالية من التميز لكنها كتبت شهادة ميلاد مبدعين جدد بذلوا مجهودا واضحا.
جاء العرضان المسرحيان شهر العسل وأنا علي النقيض من بعضهما البعض, ففي الوقت الذي أثرت سمر جلال أن تقدم عرضها في اطار مسرحي تقليدي وبديكور بسيط معتمدة علي الاداء التمثيلي لبطلي العرض أحمد رضوان ومها عمران, حاول مصطفي خليل التجريب واعتمد علي فم الممثلة فقط في عرضه أنا حيث حول خشبة المسرح إلي بقعة سوداء لا يظهر منها سوي هذا الفم وصورة أكبر له تنقلها كاميرا مسلطة عليه وضعها المخرج في مقدمة خشبة المسرح. شهر العسل مستوحي من كتابة علي سالم ويتناول القلق والخوف الذي يسيطر علي الانسان ويصل أحيانا إلي حد الهوس, من خلال قصة كاتب شاب تكتشف زوجته في الاسبوع الأول من شهر العسل أنه مصاب بهذا الهوس ويشعر دائما أنه مراقب, فتقرر طلب الطلاق لأنه لا يعترف أنه مصاب باضطرابات نفسية وبحاجة للعلاج.
وعلي الجانب الاخر استخدم مصطفي خليل فكرة المسرح الاسود والفم المتكلم ليصطحب الجمهور في رحلة ذهنية مع أصواتهم الداخلية, فالمونولوج القصير الذي تقدمه الممثلة مستوحي من أعمال صامويل بيكيت, وهو مونولوج غير مفهوم ولا يقصد قصة بعينها وإنما الهدف منه التعبير عن صراعات هذه المرأة الداخلية واضطراباتها العاطفية وكأنه مونولوج داخلي في عقلها الباطن.
وتعتبر مهمة عروض الرقص المعاصر أصعب لأنها من المفترض أن تمتلك القدرة علي توصيل الأفكار والمشاعر للمتلقي بالاداء الراقص, وفي عرضي الغائب ويوتوبيا استخدم صناع العرضين مونولوجات قصيرة للتعبير عن المشاعر والحالة التي يقدمها العرض. الغائب عن الوجوه الهائمة في الشوارع وعن صراع بطل العرض مع من حوله, والأفكار أو الاشخاص الذين يحاولون السيطرة علي العقل والجسد, وفي تقديمه للعرض قال أنه عن الاشياء الانسانية المفتقدة كالخوف والفراق والحب حتي الموت, وعن الحروب التي نضطر لخوضها والفوز بها.
أما يوتوبيا فهو كما قالت عنه نغم صلاح نتاج لفكرة البحث الدائم عن الطريق الصحيح والاصح, والسعي لايجاد إجابات مرضية للتساؤلات والأفكار التي تسيطر علي العقل وليس بالضرورة أن يكون لها اجابات مقنعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق