مجلة الفنون المسرحية
الانثروبولوجيا المسرحية*
ترجمة : د.انتظار علي جبر
وجدت الأنثروبولوجيا في المسرح مجالًا استثنائيًا للتجريب لأنه وجدت أمام عينيه أناس يقومون بأداء ادوار لتمثيل أناس آخرين. هذه المحاكاة تهدف إلى تحليل وإظهار كيف يكون سلوكهم في المجتمع . من خلال وضع الإنسان في وضع تجريبي، يمنح المسرح والأنثروبولوجيا المسرحية الفرصة لإعادة توظيف هذا المجال في المجتمعات الصغيرة وتقييم ارتباط الفرد بالمجموعة. كيف يكون هناك تقديم أفضل للإنسان بدون تمثيله؟ هناك تقديرات وضعها ششيشنر ((Schechner، تقارب نماذج من الأنثروبولوجيا والمسرح: ‹‹بالطريقة نفسها التي يتم فيها انثربولوجية المسرح، تتم مسرحة الأنثروبولوجيا. هذا هو المنطق لا تشوبه شائبة للأنثروبولوجيا المسرحية‹‹.
لسوء الحظ، الأمور أكثر تعقيدًا في هذا المجال لأنه من الناحية النظرية يمكن لعالم الأنثروبولوجيا المسرحية أن ينظم معرفة المسرح واليوم توجدت أكثر من دعوة للاجتماع أو رغبة في المعرفة للانثروبولوجيا أكثر من النظام المؤسس، ومع ذلك، فقد بدأت هذه المهمة بالفعل بفضل ISTA (المسرح المدرسي الدولي اللأنثروبولوجيا) ل اوجينيو باربا(Eugenio Barba) التي نظمت ندوة منذ عام 1980: ISTA هو المكان الذي يتم فيه نقل وتحويل وترجمة علم أصول المسرح الجديد. وهو مختبر أبحاث متعدد التخصصات و الإطار الذي يسمح لمجموعة من المسرحيين بالتدخل في البيئة الاجتماعية المحيطة به، على حد سواء في عمله الفكري ومن خلال عروضه المسرحية.
الكتاب الذي كتبه اوجينيو باربا (Eugenio Barba) مع نيكولا سافاريزي(Nicola Savarese)، تشريح الممثل الذي هو قاموس الإنثروبولوجيا المسرحية (1985/1995) يقدم سلسلة من ابحاث ISTA في الوقت نفسه يثبت برنامج الأنثروبولوجيا المسرحية: (دراسة السلوك البيولوجي والثقافي للإنسان في حالة التمثيل، أي الانسان الذي يستخدم حضوره الجسدي والعقلي وفقا لمبادئ مختلفة عن تلك التي تحكم الحياة اليومية. (نظرا لأهمية مؤلف باربا ومؤلف ISTA ، سنلجأ إلى مثل هذه المبادئ على نطاق واسع بعد تحديد أسباب ظهور الفكر الأنثروبولوجي في المسرح، وكيف تكون شروط نجاح مثل هذا العمل أو المهمة ومناقشة بعض من أطروحته.
1-أسباب ظهور الفكر الانثروبولوجي في المسرح
أ-النسبية الثقافية: فكرة النظر في المسرح من وجهة نظر الأنثروبولوجيا أو نظرية الثقافية ليست جديدة. تقريبا كل الاطروحات المسرحية تصوغ بعض الفرضيات مهما كانت متواضعة عن اصول المسرح.
وينتهي فكر الأنساب من هذا النوع في القرن العشرين على سبيل المثال مع انطوان ارتود ((Antonin Artaud، في الحنين أو الرغبة في العودة للأصول في مقارنة مع الثقافات أبعد من الثقافة الغربية. يبدو أن الأنثروبولوجيا المطبقة على الثقافة (حتى عندما لا تأخذ هذا الاسم بعد) تنشأ نتيجة الوعي (بعدم رفاهية الحضارة) كما يقول فرويد(Freud)، عدم ملاءمة الثقافة للحياة المشابهة لتلك التي يشخصها انطوان ارتود ((Antonin Artaud يقول:على الرغم أن الحياة هي ما يهرب منا، يتحدث كثيرا عن الحضارة والثقافة. وهناك تباين غريب بين هذا الانهيار المعمم للحياة الذي هو على أساس المعنويات الحالية والقلق من الثقافة التي ابدا لا تتزامن مع الحياة، والتي تم إنشاؤها لتحكم الحياة.
الشعور بانهيار ثقافتنا وفقدان نظام المرجعي المهيمن في تصرف المسرحيين كما سماه بيتر بروك (Peter Brook)غرتشوسكي (Grotowski) أو باربا (Barba) النسبية لممارساتهم السابقة- يفتحونها على أشكال مسرحية غريبة وقبل كل شيء، تقدم لهم نظرة إثنولوجية عن الممثل. وترتبط هذه التجارب المسرحية جزئيا بأنثروبولوجيا ليفي ستروس(lévi- straussian) التي تحاول فهم الإنسان (اعتبارا من اللحظة التي فيها نوع التفسير يسعى إلى التوفيق بين الفن والمنطق والفكر والحياة ، والحس و المفهوم).
ب -عدم كفاية المنطق العقلاني
وفقا لتقليد مختلف عن التفكير العرضي لفرويد (Freud)، يتم وضع رمز فوق المفهوم، ومع المفكرين مثل يونغ، كيريني أو إليادي(Jung, Kerenyi, Eliade) (1965)، يبقى ذلك مرتبط بالجهود المبذولة لترجمة ما في الخبرة الذاتية لنفس أو في اللاوعي الجماعي، خارج حدود هذا المفهوم، يبتعد عن درجات الفهم لذلك لا يمكن معرفته بالمعنى الدقيق للكلمة، والذي مع ذلك يمكن التفكير به، ومعترف به من خلال أشكال التعبير اذ يتم إدراج التطلع البشري بما هو غير مكيف، وما هو مطلق، وما هو لانهائي، وما هو كلي أي اللجوء إلى لغة الظاهرة الدينية، و الانفتاح على ما هو مقدس. غالبًا ما ترافق هذه الظاهرة العودة إلى ما هو مقدس، حتى لو لم يميز ذاته ؛ يتطلب الأمر في بعض الأحيان، كما أشار السيد بوري(Borie)،الى شكل الوعي سيئ للأنثروبولوجيا الغربية ضد المجتمعات المثالية البدائية والبحث عن الأصالة المفقودة (المسرح، مفهوم كل مرة أكثر حتى قبل آرتود (Artaud)، ليس كمساحة لتوضيح النص وتقديمها. ليس كفضاء مقدر لتوضيح النص وتقديمه لسيادة ما هو مكتوب، بل كمكان للتميز في الاتصال الجسدي بين الممثلين و ألمتفرجين ألا يوفر لنا ربما مساحة مميزة لتجربة العودة إلى أصالة العلاقات ألإنسانية؟ . مسرح المشاركة، والبحث عن حدث جماعي أو أداء تمثيلي ذاتي من هذا المصدر يستخرج الأصالة التي ينبغي أن تسمح بالاتصال المسرحي.
ت-البحث عن لغة جديدة
إن التطلع إلى ما هو مقدس يحتاج إلى لغة جديدة لا ترتبط باللغة التي يمكن التنبؤ بها الطبيعية أو الكتابة التي تسند بشكل كبير الى ألعقلانية: ‹‹كسر حاجز اللغة لوصول الحياة يعني العمل أو إعادة عمل مسرح، ومن المهم عدم تصديق أنه ينبغي لهذا الفن ان يبقى مقدسا″، أي محفوظا″ والشيء المهم هو أن نعتقد أنه لا يمكن كل العالم أن يفعل ذلك ولان هذا الامر يتطلب الاعداد››. هذا الإعداد للغة يرفض السهولة في العثور على نوع من لغة مشفرة التي هي في الوقت نفسه لغة أولئك الذين يخلقون المشهد ومن المشاركين في الطقس المسرحي والممثلين الذين هم (كضحايا لمحنة النار الذين يعملون إشارات من المحرقة)، هذا يعني القول أنه ليس من السهل العثور على كلمة المرور الخاصة بك أو أنه سيحرق من يريد العثور عليها. هذه الهيرمونات التي لا تثق بالعقلانية وبمعنى آخر، تود أن تفكك شفرات اللغة المسرحية الأسطورية، سواء كانت هيروغليفية مايرهولد (Meyerhold) أو إيديوغليفت غروتوفسكي (Grotowski) أو ‹‹قاعدة معبرة سلفا للممثل››باربا(Barba).
.2-الشروط المعرفية للأنثروبولوجيا المسرحية
لإيجاد أنثروبولوجيا مسرحية، من الضروري جمع عدد معين من الشروط.
أ- طبيعة الأنثروبولوجيا
التمييز عادة بين الأنثروبولوجيا المادية (دراسات حول خصائص الفسيولوجية للانسان والسلالات)، والأنثروبولوجيا الفلسفية (دراسة الإنسان بصفة عامه وعلى سبيل المثال بمعنى كانت (Kant): الانثروبولوجيا النظرية و العملية والأخلاقية)، وأخيرا الأنثروبوجيا الثقافية أو الاجتماعية (تنظيم المجتمعات والأساطير، والحياة اليومية، وما إلى ذلك): سواء ان كانت الانثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، فهي دائما تتطلع لمعرفة التأمل أو التفكير الشامل للانسان، في حالة واحدة من خلال إنتاجه ومن جهة أخرى، من خلال تمثيله. الأنثروبولوجيا المسرحية خصوصا أنثروبولوجية باربا- تتعامل مع البعد الفسيولوجي و الثقافي للمثل في حالة التمثيل ! برنامج طموح ! طموح لأنه ينبغي أن يتوافق مع الوصف المورفولوجي والتشريحي لجسم الممثل؟ هل من الضروري قياس عمل العضلات، ومعدل ضربات القلب، وما إلى ذلك؟ هل ينبغي أن نجعل البحث المسرحي طبيًا؟ . وقد أجريت دراسات من هذا النوع دون الوصول الى النتائج التي يمكن أن تكون ذات صلة بسلسلة أخرى من الأحداث لا سيما العوامل الاجتماعية والثقافية.
ب-اختيار وجهة نظر
يعتقد ليفي شتراوس(lévi- straussian)، بأن وجهة نظر الانثربولوجي تتميز بالموضوعية والشمولية قبل كل شيء، والاهتمام بمعنى وبكرامة العلاقات الشخصية وأصالتها، و العلاقات ملموسة بين الأفراد. ومع ذلك، فإن الأنثروبولوجيا، في مفهوم باربا (الذي من ناحية أخرى، لا يشير أبدا إلى أعمال ليفي شتراوس) لا تختار نفس البرنامج. لا تفضل وجهة النظر الخارجية و الموضعية، لملاحظ البعيد المتفرج، ولا الملاحظ الاثنولوجي، الذي يحاول جمع كل البيانات التي يمكن ملاحظتها. على العكس من ذلك، كلام تاویانی Taviani)) في (باربا Barba و ستروس straussian)، يواجه الجانبان وجهات النظر من الممثل و المشاهد لانه يهمه الاستفادة من ملاحظات الممثل، وهو نهج تجريبي أصيل لظاهرة الممثل، وبالتالي رده على الممارسة المسرحية: ‹‹عندما يقوم علماء الأحياء بتحليل عرض كتقسيم كثيف جدا للعلامات فإنهم يلاحظون الظاهرة المسرحية من خلال نتائجها، ومع ذلك، لا شيء يثبت أن هذا الإجراء يمكن أن يكون مفيدا لمؤلفي العرض المسرحي، لهذا ينبغي عليهم ان يبدؤوا من البداية أما الى المؤلفين الذين سيشاهدون المشاهدين سيكون نقطة الوصول››. ولكن قلب الأنثروبولوجيا المسرحية لباربا هو في مفهوم ‹‹تقنية الجسد›› وهو على عكس ما يضع موس (Mauss)‹‹استخدام الخاص لعمل الجسد في العرض المسرحي يكون خارج المعتاد على عمل الجسد يوميا››.
ت-الحالة التقنية لجسد
يمكننا هنا كما يفعل، وإنما جزئيا - اللجوء إلى مقال مرسيل موس (Marcel Mauss) بشأن ‹‹تقنيات الجسد››(1936)، أي الطرق التي فيها يعرف الانسان في المجتمع ان يستخدم جسده، موس قدم العديد من الأمثلة المستمدة من جميع الأنشطة البشرية، لكنه لا يذكر المسرح أو الفن، وفي أي حال لا يعارضها، لأنه في وجهة نظره كل تقنيه يتم تحديدها من قبل المجتمع. باربا يأخذ من موس (1936) هذا المفهوم لجسد المكيف وفقا للثقافة، ولكن مايفعله هو تقديم معارضة بين الحالة اليومية وحالة التمثيل: نحن نستخدم أجسادنا بطريقة مختلفة في الحياة وفي المواقف تمثيلية. على مستوى اليومي، لدينا تقنية الجسد المتكيفة بثقافتنا، وضعنا الاجتماعي ومهنتنا. ولكن في حالة التمثيل، هناك تقنية مختلفة تمامًا للجسد.
يبدو أن باربا يقترح، في التمثيل، أن يغير تقنية الجسد بشكل جذري وأن يتوقف الممثل عن الخضوع المتزامن بتكيف مع الثقافة. ومع ذلك، فنحن لا نرى ماذا ينتج في مثل هذا التحول، الذي يتسبب في قيام الممثل بتغيير جسد عندما يغير الإطار. حتى في التمثيل، الممثل، وخاصة الممثل الغربي فهم تحت رحمة ثقافتهم الأصلية، ولا سيما إيماءاتهم اليومية. إن الفكرة نفسها فصل الحياة عن التمثيل أمر غريب؛ لان الجسد المستخدم هو نفسه، ولا يمكن أن يمحوه التمثيل بالكامل. هذا التمييز بين ما هو يومي والتمثيل ينطوي على خطر الوقوع في معارضة جذرية بين الطبيعة (الجسد اليومي) والثقافة (الجسد في التمثيل)، وهذه المعارضة، على وجه التحديد، الأنثروبولوجيا تريد دحضها. وفي ترتيب آخر للأفكار، يبدو كما لو أننا قد عدنا إلى الحقبة التي فيها الأسلوبية أرادت أن تميز بأي ثمن بين اللغة عادية واللغة شعرية، دون أن تشرح كيفية إثبات التمييز. بالطريقة نفسها، هنا يتم تعريف الجسد في التمثيل مليئا بالحشو: الجسد في التمثيل هو الجسد الممثل يمتلك خصائص محددة ومميزة مختلفة عن الجسد اليومي
على أي حال، على الرغم من أنه في الواقع يمكن أقامت هذا الاختلاف بشكل براغماتي، فإن الفرق سطحي ولا يدخل في فهم الإيماءات و الحضور، لماذا يحتفظ بهذا الحضور فقط للتمثيل فنحن أيضاً لا نكون تقريبا"حاضرين في الحياة؟
ث- البحث عن الثقافات العالمية
على الرغم من أن الأنثروبولوجيا تهدف إلى دراسة تنوع المظاهر البشرية، إلا أنه غالبًا ما يتوصل إلى استنتاج مفاده أنه على الرغم من ألاختلافات هناك ركيزة مشتركة لجميع البشر أن الأسطورة نفسها، على سبيل المثال تظهر في أماكن متنوعة جدا. يقترح ليفي ستروس (lévi- straussian) تأملاً يسعى ‹‹للتغلب على التناقض الظاهر بين تفرد حالة الإنسان والتعددية التي لا تنضب على ما يبدو من الأشكال التي نفهمها››.
يوجّه اهتمام مماثل غروتوفسكي (Grotowski)، الذي يلخص إلى أن ‹‹الثقافة كل ثقافة معينة تحدد الأساس الموضوعي الاجتماعي لأنه يربط كل ثقافة بالتقنيات اليومية للجسد. وبالتالي من المهم ملاحظة ما تبقى ثابتًا في مواجهة تباين الثقافات ما هو موجود عبر الثقافات››.
يشترك باربا في هذه المعلومة مع معلمه، غروتوفسكي، لأن المسارح المختلفة لا تتشابه في مظاهرها، ولكن في مبادئها. يحتوي الكتاب على مادة غنية جداً في الإيقونات تهدف إلى إظهار تشابهات معينة بين مواقف الممثلين وإيماءاتهم الذين ينتمون إلى أكثر التقاليد المسرحية تنوعاً.
في الواقع يكتشف باربا عنصر تعدد الثقافات في ‹‹المستوى التعبيري السابق لفن الممثل›› في الحضور (وبأخص للممثلين الشرقيين).‹‹الذي يصدم المشاهد ويجبره على النظر››، الى ‹‹نواة الطاقة، إشعاع غضبه وحكمته، لكن غير معتمده، بأن تلتقط حواسنا››.لايتناول الأمر بعد مسألة تمثيل، أو صورة مسرحية، بل قوة التي تنبثق من جسد وضعت في الشكل.
باربا، يتفق مع غروتوفسكي ، لا يثق في قصد الممثل و رغبته في التعبير التي تعني مثل أو ذلك الشى، وهكذا اختار أن يقترب من الممثل قبل هذا التعبير، وبالتحديد على مستوى ما قبل التعبيرية، والذي يمكن بالتالي وصفه عام تمامًا كما تنطلق القوة التي تنبع من الجسد.أو مصادر أصل الإنسان التي هي في أساس الثقافات المسرحية المختلفة التي يمكن أن تفسر، كتقنيات سابقة للتعبير، تنبع من القوة الابداعية. ومهما كانت القوة المجازية الناشئة، والمصدر، ونواة الطاقة والتعبير السابق- يمكننا أن نسأل أنفسنا ما إذا كان هذا الجسد موضوع في شكل لا يكون من قبل معبرًا، إذا كان هذا التعبير غير مقصود وليس متواصلا ألا يمكننا أن نتواصل؟ ليس وضع التمثيل اتصالاً بالاتصال؟
ج. اعتبارات أخرى
أحدى الهواجس الانثربولوجية الثقافية، لا سيما في القرن الثامن عشر كان موضوع اصل اللغة وتم اغلاق النقاش بفضل علم اللغة البنيوي ولكن نشأ قلق مماثل ومستمر حرك التأمل أو البحث عن أصل المسرح أو الاشكال التي سبقت ظهور المسرح. مهما كان التاريخ الذي حدد فيه ظهور المسرح، يوجد هناك اتفاق عام بان المسرح يحتوي على رؤية علمانية تقدمية للطقوس أو الشعائر.
بقي يتعين تحديد إذا ما كان المسرح يحتفظ بأي أثر لهذا الاصل الطقسي في أشكاله الحديثة. الشخصيات المسرحية الحديثة جدا" التي كتبت في هذا المجال مثل بن خامين (Benjamin) وبريشت (Brecht) يتعارضا حول هذا الموضوع. بن خامين (Benjamin) يقول: ‹‹ان كل عمل فني حتى في حقبة الانتاج الآلي›› (حسب ما ذكر في عنوان المقال 1936), ‹‹يوجد أساسه في الطقس اذ وجدت قيمة استخدامه الاصلية و الاولية.
على الرغم من كل الجهود في كل الطرق الممكنة هذا الاساس نميزه حتى في الاشكال الدنيوية ذات الجمال وفي اغلب في الطقس المقدس››.
على العكس بريشت (Brecht) ، التحرر بشأن ما يتعلق في الطقس يكون قد أكتمل عندما نقول أن المسرح قد نشأ من طقوس الشعيرة وأكد ببساطة مغادرتها تكون عندما يتحول الطقس الى المسرح, مثلا" مسرحية الاسرار التي هي في الاصل شعائر دينية مسيحية لم تحتفظ الوظيفة الدينية،وببساطة يجد فيها الانسان المتعة.
وعلى ما يبدو ان بريشت (Brecht) لم يقبل الجدليه المتواصلة بين ما هو مقدس ودنيوي وحول امكانية تقديس المسرح.
ان العروض المسرحية من ارتود (Artuad)،بيتر بروك (Peter Brook) و غروتشوفسكي (Grotowski) قد وضعوا في دليل الانثربولوجية الدينية لميرسيا إلياد (Mircea Eliade) ويمكننا التوصل في ول باول ستفانك(Paul Stefanek) 1976، بان المسرح لم يخرج ابدا بشكل حقيقي من الممارسة الدينية؛ لان الطقس كان منذ البداية مسرحا″. وسنعود هكذا الى صيغة ششيشنر ((Schechner بشأن مسرحة الانثربولوجية وانثربولوجية المسرح، الصيغة الدائرية غير الوقتية.
________________________________________________
* القاموس المسرحي (2008) باتريس بافيس, ص 43-47
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق