تصنيفات مسرحية

السبت، 1 سبتمبر 2018

مســــــــــــــــــــــــــرحية "جوزدان " تأليف جاســــــــــــــــــــــم المنصوري

مجلة الفنون المسرحية




شخصيات المسرحية:

الشاهدة الأولى ...امرأة في الثلاثين من العمر ... شحاذه أو بائعة مناديل.
الشاهد الثاني ... ولد  في الخامسة عشر من عمره ... بائع المناديل الورقية أو شحاذ.
المشرد ... شاب بملابس رثة نفسه رئيس الشرطة.


المشهد الاول

استهلال ..... ( المسرح مضاء .. وسطه بالضبط عمود يوحي بالإشارة الضوئية منصوب فوق مفترق طرق ، تضاء ألوانه الحمراء والخضراء والصفراء بالتتابع ... المنظر يوحي بشارع مصبوغ جوانبه بلونين الأصفر والأبيض مع أصوات أبواق السيارات .. الولد واقف على جانب العمود الأيمن يحمل بين يديه مجموعة من علب المناديل الورقية - كلينكس - ، المرأة على الجانب الأيسر بملابسها السوداء دون ظهور وجهها ... يقابلان الجمهور ...)
الولد : من يشتري ؟؟؟ 
المرأة : من يعطيني ؟؟
الولد : من يشتري ؟ لا املك الا هذه الأوراق البيضاء ... نعم ...وحسرة .
المرأة : من يعطيني ....؟ الشمس تعطي ضياؤها دون تردد ... وانتم مالكم . السماء تمطر دون ان تستأذن 
          أحداً ... وانتم ما بالكم ؟؟؟ لا استطيع ان أكون عاهراً كي أعطيكم ... العهر حرام في زمن القبح 
         والرذيلة والحزن ... اشبيكم ... صدك جذب .
الولد : من يشتري ؟ الأوراق البيضاء تفيد غسل الذنوب في بعض الأحيان ... تمسح الدموع أيضاَ .. ورق 
        كلينكس اثنين بألف.
المرأة : إني لا اعلم أين يولد الحظ ... وفي اي زاوية يقطع حبله السري ... كي ارمي نفسي بين ذراعيه .
الولد : أيها الليل ( ظلام الا بقعة ضوء فوقه ) أيها الليل رأيتك مراراً تختلس النظر الى الشمس ... أتراك 
         تراقبهم ؟ 
( يضاء المسرح بلون ازرق )
المرأة :في دمي هذا طهر ... العاهر التي تريدون مني اخذ دورها لا استطيع .
الولد : قلبي اكبر مني ... شذبته كثيرا ... كي يكون عاقلاً مؤدباً ... دون جدوى ... 
المرأة : حديث جارتنا الخرساء معي ...
الولد ( بتعجب ) : خرساء ؟؟؟ وكيف ذاك ؟ ...( بصوت خافت ) : اشتغل الجذب 
المرأة : خرساء نعم ... إنني الوحيدة التي أتقن لغتها ... قالت لي يوماً الصوم للفقير عافية ( تضحك ) 
          حتى انت أيتها الخرساء تضحكين مني .. الصوم للفقير عافية ؟... قضيت العمر صائمة عن الفرحة 
الولد : الخرساء لا تعرف ما تقول .
المرأة : متوهم جدا ... إنها المرأة التي تفهمني وافهمها .
الولد : انظري الى السماء إنها بلون اخضر ... عجيب 
المرأة : لا تنظر الى الأعلى ... مكتوب علينا ان لا ننظر الى اكبر من هاماتنا .
الولد : مناديل ورقية ... مناديل ورقية .... مناديل ورقية ....
المرأة : السماء محرقة ... جميعهم ضدنا ...حتى السماء 
الولد : من تقصدين ؟
المرأة : كلهم ... كلهم ... السماء ... والأرض ... حتى هؤلاء ( تشير الى الجمهور ) 
الولد : وما دخل الناس في الموضوع ؟
المرأة : حينما تكبر ستعرف ....من يعطيني من مال الله 
الولد :أريد ان اغني ...
المرأة : وما يمنعك ؟
الولد : العيب .
المرأة : لو لا العيب لكنت أنا ...... 
الولد: ما كنت ؟
المرأة : اشششش عيب ( تتلفت الى الوراء ) عيب 
الولد : اعتقد ان العيب يشبه الماء ....
المرأة : ها .... ممكن 
الولد : نعم يشبه الماء فكلاهما يبللان المارة ( يضحك )
المرأة : لا لا تضحك ... نعم العيب يشبه الماء ... إذا لم تستحي اصنع ما .... واذا لم تشرب الماء تموت .
الولد : شحاذة وفيلسوفه ..وتهمبل علينه ...
المرأة : يا لهذا الشارع الأغبر ... منذ الصباح وهو جاف ... 
الولد : العيب ليس بالشارع ... العيب في الناس .
المرأة : لا ... لا الناس مساكين ...
الولد : العيب بمن ؟
المرأة : اشششششش لا تقل عيباً ... أخاف ان يسمعنا احدهم .
الولد : وممن تخافين ... وما سيصنعون بنا ؟ انا أبيع المناديل الورقية وأنت شحاذة .
المرأة : أرجوك ... أرجوك لا تقل شحاذة ... بل قل ....
الولد : ماذا أقول ؟؟؟ ها ... ها 
المرأة : قل ... قل .... اي شئ الا شحاذه ...
الولد : حسنا ... سأقول ... ( يفكر ) ... سأقول
المرأة : دعك مني ... انظر الى السماء انها خضراء 
الولد : وما يعني ذلك ...
المرأة : السماء الخضراء تعني ان هذا اليوم سيكون نحساً ... الساعة الآن السادسة صباحاً والشارع 
          فارغ.
الولد : اليوم قررت ان أنام قرب العمود ... اهنا راح أنام 
المرأة :العمود ؟ ولماذا ...؟؟؟ الساعة الآن السادسة صباحا ... الشارع فارغ ألا ترى ؟
الولد : العمود هذا، لي معه ذكريات تمتد لأكثر من سنة ... أصبحنا صديقين ... اكلمه ... اسمعه 
المرأة ( بتعجب ): تكلم عمودا ؟
الولد : ولست تكلمين خرساء ...؟
المرأة : خرساء وليست عموداً؟
الولد : العمود أيتها السيدة الفاضلة 
المرأة ( تقاطعه ) :عفيه .. نعم نعم .. هذه العبارة جيدة لي ...السيدة الفاضلة( تضحك ) .. وليست شحاذه 
الولد : حسناً العمود يعرفني ... يعرف وجهي تماماً بدليل ... هذا الضل مرسوم فوق وجهي .
المرأة : هل تريد النوم بجانب العمود ؟ وليكن ... إنها أملاك الحكومة ... ومن يمنعك .
الولد : هششششش لا تقولي حكومة ؟
المرأة : ولماذا ؟
الولد : الحكومة لا تقبل ان نناديها بأسمها المقطوع هذا .
المرأة : وبما نناديها ؟
الولد : المناضلة ...
المرأة : ماذا ... المناضلة ؟؟
الولد: نعم ... الحكومة المناضلة ... 
المرأة : وانا ايضا أريد ان أنام ... بجانب العمود هذا .
الولد : ها .... بجانب العمود .. ويحك يا .... العمود ذكر وأنت أنثى ... وهذه عورة ...
المرأة : سأقص عليه حكايتي فقط 
الولد : من ؟
المرأة :  العمود ... هذا العمود ... لقد تعرفت على العوز في خريف الوطن هذا ... جلسنا معنا ... العوز 
         بادلني الحب ... كجارية عنده ...العوز ... هذا يشبه الليل ... ينام معي في فراش واحد ... يحكي لي 
          قصص العوز الكبيرة ... وفي ختام قصصه تلك يطبع قبلة جوع على بطني ويسافر .
الولد : وأنا تعرفت عليه في مدرستي ... جلس بجانبي .
المرأة : من ؟
الولد : العوز أيتها السيدة .... 
المرأة : أكمل ... السيدة الفاضلة .... 
الولد: ليس مهماً ... مددت يدي في بادئ الأمر ... لكنها كانت قصيرة وخجولة ...
المرأة : قصيرة ؟
الولد : نعم ... حتى قررت ان استبدل المهنة الى بائع المناديل الورقية .. اعتقد انها أفضل .
المرأة : وهل أخذت رأي احد في ذلك ؟
الولد : نعم ... العمود ..
المرأة : العمود ( بتعجب ) العمود ؟
الولد : مالكي اليوم ؟ انت على غير عادتك ...
المرأة : وما الذي دعاك لقول ذلك ؟ انا كما انا ... سواد في سواد في سواد ... لا انظر للعام الا من هاذين
          الثقبين ... 
الولد : لا أريد ان أتطفل عليك سيدتي ...
المرأة ( تضحك ) : سيدتي ... هههههه لم اسمعها أبداً ... انت اليوم في كامل وعيك يا هذا ...ألفاظك أجمل 
                        من اليوم الحار .. من هذا الجو الخانق ... اسأل أتريد ان تعرف لما انا هنا ؟ ها ...
الولد : نعم ....
المرأة : انا امرأة منخورة بالبؤس والعذابات من رأسي حتى أخمس قدمي ...السواد الذي تراه سواد 
           حقيقي ... دعك عنك هذه التي انا ... ولنلعب لعبة التبادل ... 
الولد: كيف ؟؟
المرأة : أبيع انا أوراقك تلك ... وأنت تستجدي الناس ... فلوجهك كارزمة مهمة للاستجداء ممكن ان ...
الولد : ممكن ان ... ماذا ؟ 
المرأة : تعال ... تعال الى هنا ... لنتبادل الأدوار ... انا سأحسب جميع الأوراق التي لديك في هذا الكيس 
        الأبيض ... سأحصي وجعك الملعون وخوفك المذبوح عليك نذراً ... تعال لنتبادل الأدوار ... من 
          يعرفنا نحن المساكين ...سأخفي عن العالم آهاتي ... واضحك ... 
( يتبادلان المواقع .. ويقفان وسط الطريق وينظران الى الأسفل يجدان جوزدان ينظر كل منها الى الآخر ،يرفعان رأسيهما .... )
الولد : أترين يا سيدتي ؟
المرأة : نعم انه جوزدان ...
الولد : ومن سيأخذه ؟
المرأة : انا طبعاً ... 
الولد : ولما انت ؟
المرأة : انا أحوج منك ... وأكثر عازه وبؤس .
الولد : وما يدريك يا سيدتي الفاضلة .
المرأة : انت أفضل مني .
الولد : ما مقياس الأفضلية لديك؟ انا معك منذ الصباح ... ولم أبع قطعة واحدة ..
المرأة : لا تجادل كثيرا ... هذا الشئ لي ... 
الولد : بل لي ...
المرأة : لا تكن أنانياً ...
الولد : من هو الأناني ... ها نحن نختلف على حطام الدنيا ...
المرأة : انا أحوج منك ...
الولد : من قال ذلك ... نحن مشتركون في العوز والقهر والبؤس .
المرأة : لم تعاني مثلما عانيت ... لم تشرب صبرك أغنية ووجع ...
الولد : وأنت سيدتي ... ما زارك الجوع كضيف دائم يجلس إخواني الصغار ... على فتات الخبز والحنان .
المرأة : كن إنساناً ...
الولد : أعدك إني سأكون إنساناً حالما اخذ هذا الجوزدان ....
المرأة : حسناً ... لنتراهن ... ومن يكسب الرهان سيكون له هذا الجوزدان .
الولد : رهان ..؟؟؟ وما هو الرهان ؟
المرأة :نعم ... رهان وهو ان نتفق على احتمالية وقوع شئ او احتمال حصول شئ .. ومن يربح سيكون 
         له الجوزدان ...
الولد : وكيف ؟
المرأة : اسمع ... لنتفق معاً  ( تقترب من الولد ) اسمع علينا ان نصمت ولا نتحدث أبداً لأثنى عشر دقيقة ومن يتحدث يخسر الرهان ويكون الجوزدان من نصيبه ... ماذا تقول ؟
الولد : وكيف ذلك وعملنا هذا أساسه الكلام ؟
المرأة : وهذا هو المطلوب .. ان لا نتحدث .. تصبر لأثنى عشر دقيقة  فقط اصبر اشبيك ؟... ها ... ماذا 
           قلت ؟
الولد ( يفرك فروت رأسه ) : ها ... حسناً ... متى نبدأ ؟
المرأة : الآن ... حالما ابدأ بالعد..
الولد : لحظة ... لحظة ... وكيف سنعرف الوقت ؟ 
المرأة : بسيطة جداً ... هذه الإشارات الضوئية تتغير كل ثلاث دقائق ( تشير الى العمود ) وفي نهاية التغير
         الرابعة سنعرف عندها من خسر الرهان .. ومن ربحه ... مفهوم ؟
الولد : موافق .
المرأة( مع نفسها )  : واحسرتي ... أحلامي رهانات خاسرة ... أريد ان أشم الراحة ... الراحة .. كيف ؟
الولد ( مع نفسه ) : من اي سماء جاءت هذه المرأة السوداء بملابسها وابتسامتها الكريهة ؟ من أين ؟
المرأة ( مع نفسها ) : مكتوب علي ان أعيش الفقر .. أعيشه بكل تفاصيله المرة .. من أين جاء هذا الولد
                            الكريه ؟ من أين ؟
الولد (مع نفسه  ) : ترى كم سيكون فيه من النقود ؟ أريد ان أعود للمدرسة .
المرأة ( مع نفسها ) : ترى ما سيكون بهذا الجوزدان اللعين ؟ هل سيكون فيه نهاية بؤسي ؟ هل ستنتهي 
                            به أحزاني ... ؟ هل من الممكن ان تنتهي تعاسة الناس مثلي بهذه القطعة الجلدية 
                            البائسة ... لا لا إنها ليست بائسة ... هذه القطعة الجلدية ستكون سعادتي بها ... 
الولد ( مع نفسه ) : ترى ماذا تخبئ فيك أيها الجوزدان ؟ ملابس جديدة ... طعام شهي ؟ أقلام ودفاتر ؟
المرأة ( بصوت قوي ) : بدأ الرهان .
( ينظران الى الأضواء في العمود .... صوت لدقات الساعة ...... ظلام الا من ضوء الإشارات الضوئية وهي تتغير ببطء ... هدوء عجيب ..... يدخل الشاب المشرد .... ينظر إليهم باستغراب ... يقترب أكثر ... الساعة ما تزال تدق ... ينظران إليه دون اي كلمة .... يمد يده الى الجوزدان يحمله وينظر إليهما ثم يركض خارجاً ..... يصرخان معاً : لا ..... )

( اظلام )

المشهد الثاني

( نفس المنظر في المشهد الاول ... الا ان الولد والمرأة تبادلا الأدوار ... المرأة تلبس قميص ابيض وتنوره سوداء وقد رفعت النقاب عن وجهها تحمل بيديها علب الكلينكس  ... الولد يرتدي ملابس سوداء وفوق عينيه نظارات سوداء يبدو انه يستجدي ... يجلسان باتجاهين متعاكسين وظهرهما الى العمود .. الضوء فوقهما تماماً .... )
الولد : أنتي.
المرأة : انت .
الولد : أنتي .
المرأة : انت .
الولد : أنتي .
( تتكرر هذه العبارة )
المرأة : بل انت من تكلم اولاً وخسر الرهان .
الولد : انت ... الحرف الاول كان منك .. الخوف الاول كان منك ... اللهفة الأولى كانت منك .
المرأة : لا لا ... انت يا ولد ... هسه اشجابك بهذا اليوم ؟
الولد : عمي أنتي ادم نزلتيه من ألجنه ضلت ع الجوزدان ...
المرأة : من قال لك ذلك ؟ انا لا ادعي الفضيلة ... لكن ما أنزلت ادم من الجنة ...ادم .. ادم ...ومن ادم هذا ؟
الولد : ادم ... أبونا ادم ...
المرأة : أدمك هذا لا اعرفه ...
الولد : اكو واحد ما يعرف أبونا ادم .
المرأة : اي صحيح ما كو واحد بس اكو وحده ... انا لا اعرف أدمكم هذا ولا أريد ان اعرفه.
الولد : المهم ضاع الجوزدان .
المرأة : بل قل سرق ... وضاعت معه أحلامنا ... 
الولد : فقط نحن أحلامنا في قطع جلدية ... 
المرأة : الجوزدان ... الجوزدان .... ( تنهض ) أصبحت أكرهك ...القبح الذي بداخلك أصبح لا يعنيني .
الولد : ايباه ... أمس رادت  أتموت من راح الجوزدان ..
المرأة : أحلامنا تبخرت ... هسه امنين أجه هذا ...
الولد : يا هو ؟( ينهض )
المرأة : هذا ... الشسمه ...
الولد : من ؟ 
المرأة : هذا الذي اخذ الجوزدان ..
الولد : بل الذي سرق الجوزدان .
المرأة : اششش يمعود ... هاي اشبيك .
الولد : مابك ... ؟؟؟ مشرد سرق الجوزدان .
المرأة : انه ليس مشرد ... هذا اولاً ،  وثانياً انه لم يسرق .
الولد : وما تسميه انت ؟ غير ان يكون مشرداً وسارق... لو لم يكو سارقاً ما رأيناه يهرب ... السارق هو
          فقط من يهرب .
المرأة : يهرب من ... من ؟ أصلاً نحن لا نملك هذا الجوزدان اللعين .
الولد : لا هو ملك لنا ...
المرأة : نحن من ؟
الولد : نحن ( يهز وسطه بطريقة راقصة) الشعب .
المرأة : أرجوك ...ما اسمحلك ...
الولد : ولماذا ؟ 
المرأة : لأننا شعب محترم ...
الولد : نعم محترم ... بدليل سرق منا الجوزدان .
المرأة : دعك من هذا الكلام ... ولنبدأ من البداية .
الولد ( بعصبية ): ماذا؟ من البادية ؟  ... لا لا ... اكره كل البدايات .
المرأة : اصبر يا هذا اصبر .
الولد ( سؤال وتعجب ) : اصبر ؟ !! قضيت العمر وأنا صابر .
المرأة : اصبر يا صديقي عله يرجع إلينا ويعيد ما أخذه ... لا تحكم على الأشياء من نهايتها .
الولد : ومن أين احكم ؟ 
المرأة : ليس مهما ان تحكم ...
( يدخل رئيس الشرطة وهو نفسه المشرد بملابس عسكرية لا تشبه اي ملابس اخرى متعارف عليها )
رئيس الشرطة : هلو ... هلوووو ... انتم ... ( يشير إليهم ) انتم  ... أيها الحفاة .
( ينظران الى أقدامهما بخوف )
الولد ( للمرأة ) : ايصيحلج .
المرأة : يناديني انا ... وماذا يريد مني ؟
رئيس الشرطة : انتم ... نعم انتم .
المرأة والولد ( معاً ) : نعم .
رئيس الشرطة : منذ متى وانتم هنا ؟ اقصد تستجدون الناس ها هنا ؟
المرأة : وجدت امي هنا فشربت المهنة منها بعد موتها .
الولد : كان ابي رجل بطل شجاع قاتل أعداء الله  حتى مات فخرجت بعده أقاتل الفقر ..
رئيس الشرطة : اسمعي أنتي ...اسمع انت .. لا أريد فلسفةً فارغة ... اسمعا ... قبل أيام جاء رجل محترم 
                     لمركز الشرطة يشتكي ان أحداً سرق أشياؤه ..ومن ما سرق منه جوزدان جلدي ، أسألكم 
                     ان كان أحدكم قد شاهده ها هنا في الارض او فوق الرصيف هذا .
الولد ( للمرأة بصوت خفيف ) : وليس هذا المشرد الذي اخذ الجوزدان ؟
المرأة : اششششش ... هاي اشبيك ... ولك هذا رئيس الشرطة .
الولد : ان البقر تشابه علينا ....( يضحك )
رئيس الشرطة : اششش ولك ... اثول ... سألتكم سؤال واحد ... 
المرأة : سيدي ... سيدي نحن ... 
الولد : عن اي شئ تتحدث سيدي ؟ اي جوزدان هذا ؟
رئيس الشرطة : أيها الغبيان ... كان ها هنا قبل يومين .
الولد : من ؟
رئيس الشرطة : الرجل المحترم .
المرأة : كثير هم المحترمون الذين يمرون من أمامنا .. لا نستطيع ان نحفظ وجوههم .
الولد : ولأنهم محترمون ( بحركة أنثوية ) فأننا نخل ان ننظر الى جباههم .
رئيس الشرطة : اسمعا ، أشياء الرجل المحترم سرقت (بصوت عال ) سرقت واهم ما في أشياءه جوزدان 
             الولد : سيدي ... ببساطة لو كنا سرقنا مثلما تقول ... لما نحن واقفون ها هنا ؟
المرأة : صحيح ... صحيح سيدي .
رئيس الشرطة : اسمعا ... أمامكما عشرة دقائق ... عشر دقائق فقط ... كي تعترفا ... 
المرأة ( بحزن ) : ويلي ... ويلي ... 
الولد : لا تخافي يا سيدتي ... لا تخافي ... مالذي سيفعله فينا ... أنتي بائعة المناديل وأنا شحاذ . 
المرأة : ويلي ... سيأخذنا للسجن ...
رئيس الشرطة : العشرة دقائق أوشكت على الانتهاء ... من منكما سرق الجوزدان ؟
المرأة : يا ألاهي ... كيف سنتخلص من هذه الورطة ...
الولد ( يقترب من المرأة ) : سيدتي ... دعينا نصارحه .
المرأة : بماذا ؟ 
الولد : لنصرخ بوجهه القبيح هذا ونقول له انت من سرق أحلامنا ... انت هو السارق  .
المرأة : لكن ... 
الولد : ليس لدينا ما نخسره ...والسارق يا سيدتي نعرفه ...
المرأة ( تمسح بقايا دموع ) : نعم .. ليس لدينا ما نخسره . 
المرأة ( تنادي رئيس الشرطة ) : سيدي ...
رئيس الشرطة ( يقترب منها ) : اسمعي ... انت امرأة مسكينة وهذا الولد لا يعني لك شئ ... أنصحك بأن 
                                        تذكري لي اي شئ مهم في الموضوع .
المرأة : سيدي .
رئيس الشرطة ( مقاطعاً) : هو له من يعينه ... اما انت فما لك الا الله ... 
المرأة : سيدي ..
رئيس الشرطة ( مقاطعاً ) : انت في زمن قبيح وهمجي .
المرأة : سيدي .
رئيس الشرطة : لا تستعجلي في الرد ... اذا كان الموضوع يستحق الانتظار سأنتظر .
المرأة ( بصوت عال ) : سيدي .
رئيس الشرطة : ولماذا تصرخين ...هل هو من سرق الجوزدان ؟ لا يغرك شكله .. فاللصوص يتلونون 
                     مثل الحرباء .. 
المرأة : سيدي لكن ... نحن نعرف من سرق الجوزدان .. 
رئيس الشرطة : ها ... حسناً ... ولم التأخير إذن ؟ ( يقترب من الولد يضع يده على كتفه  ) اسمع انت ولد 
                     تعبان ... أرهقتك الحياة جداً .
الولد : سيدي.
رئيس الشرطة : والحياة أمامك كبيرة ... دعك من هذه المرأة ... المتشحة بالسواد ... كأنها بومه او غراب 
                      حقير .. دعك منها ...أمامك كل الوقت ان كان الموضوع يستحق الانتظار .
الولد : سيدي .
رئيس الشرطة : المستقبل لك يا صديقي ... نعم لك ...ان كنت تعرف شئ فلا تتردد.
الولد : نعم نعرف من سرق الجوزدان.. 
المرأة ( تقترب من رئيس الشرطة ) بصوت واحد مع الولد : انت من سرق ... انت من سرق ...
رئيس الشرطة ( بفزع ) : انا ... 
( يحاول الإفلات منهما لكنهما يدوران حوله ) 
المرأة : انت من سرق أحلامنا الجميلة ...
الولد : انت من سرق طفولتنا البريئة .
المرأة :انت من سرق صفاء قلوبنا ...
الولد :انت من باع قضيتنا الكبيرة .
المرأة : انت من تاجر بدمائنا .
الولد : انت من خطط لتحطيم تأريخنا .
المرأة : انت من شاهد المجرمون يقتلعون أشجارنا وكنت صامتاً . 
الولد والمرأة ( معا) : انت .... انت .... انت ... انت ...
( ظلام )

ستار

السيرة الذاتية 

الاسم : جاسم محمد المنصوري 
التحصيل الدراسي : بكالوريوس في علوم الحاسبات
                  دبلوم في علوم الاتصالات
العمل الحالي : مدير اعلام الجامعة التقنية الجنوبية / البصرة
عضو نقابة الصحفيين في البصرة
  عضو اتحاد الأدباء والكتاب الشعبين في العراق
  عضو بيت الصحافة العراقية
 سكرتير تحرير جريدة اشراقات جامعية 
رئيس تحرير جريدة صدى المجلس 
حاصل على الجائزة الثانية لمسابقة مسرح الطفل الدولية 
حاصل على الجائزة الأولى في مهرجان السفير الدولي  للمسرح 
حاصل على الجائزة الأولى لأفضل نص مسرحي في مهرجان الاقضية والنواحي في البصرة
حاصل على قلادة الإبداع من نقابة الفنانين وكتاب شكر وتقدير .
نفذت لي العديد من الأعمال المسرحية في البصرة وبغداد وكربلاء .
jassemalmansory@yahoo.com
07703229746 / موبايل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق