تصنيفات مسرحية

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

تقرير اليوم الرابع لمهرجان فلسطين الوطني للمسرح

مجلة الفنون المسرحية



تقرير اليوم الرابع لمهرجان فلسطين الوطني للمسرح


الكوميديا تعرّي مضطهدي العمّال في رابع أيام مهرجان فلسطين الوطني للمسرح


رام الله – يوسف الشايب:


تواصلت، مساء الأحد، عروض المسرحيات الفلسطينية، في اليوم الرابع من فعاليات مهرجان فلسطين الوطني للمسرح، وتنظمه وزارة الثقافة الفلسطينية والهيئة العربية للمسرح، حتى الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.

“اضطهاد العمال”، على اختلاف المضطهِد والمضطهَد، كانت ثيمة عرضي “حركة بمحلها” لمسرح عشتار من رام الله، و”اثنان في تل أبيب” لمسرح المجد من حيفا.

“حركة بمحلها” المرأة في سوق العمل تعاني من الانتقاص في حقوقها.

حركة بمحلها عمل مسرحي خارج المسابقة ، أي يندرج في إطار “العروض الموازية”، يتناول في قالب كوميدي مآسي المرأة الفلسطينية في سوق العمل، وهموم نساء فلسطين في هذا المجال، وما تواجهه من متاعب، واضطهاد، وإحجاف، وتحرش، واستخفاف بقدراتها، على يد أرباب العمل وزملائه من الذكور، وسط الحديث عن تدني الأجور، وعدم المساواة في العمل، والتعاطي معها من قبل البعض كجسد ليس أكثر، علاوة على تناوله لقضية الفرق في الأجور بين المرأة والرجل في سوق العمل الفلسطينية، والبطالة التي تتفاقم في فلسطين عامة، وبين النساء خاصة، وكذلك تدّني فرص التطور المهمة المتاحة للنساء مقارنة بالرجال.

العمل الذي أنتج بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وبدعم من الممثلية النرويجية لدى السلطة الفلسطينية، واحتضنته خشبة المسرح البلدي بدار بلدية رام الله من إخراج محمد عيد، تأليف غسّان نداف،تمثيل كل من: ياسمين شلالدة، ومريم الباشا، ووئام الديري، ورزق إبراهيم، وخليل البطران، وشبلي البو.

تميز العرض بذكاء المزج ما بين اشكال التعبير الكوميدي على صعيد الإطار الفني، أما على صعيد الأداء فكان ثمة ارتباط درامي رائق يعكس قدرة المخرج على تقديم حركة مدروسة للمثلين، والاستثمار الجيد لقدراتهم على توظيف أجسادهم في خدمة فكرة العمل، سواء عبر تلك الإيماءات الكوميدية وصولاً إلى بعض الحركات الأكروباتية، عكست مواهب الممثلات والممثلين، والتي تؤهلهم ليكونوا مسرحيين بارزين في مستقبل قريب، ليس على صعيد محلي فحسب.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى انخفاض في نسبة مشاركة النساء في سوق العمل مقارنة بالرجال وكذلك في الأجرة اليومية بين النساء والرجال، إذ شاركت النساء في القوى العاملة بنسبة 19% عام 2017 مقابل 71% عند الذكور. وبلغ معدل أجرهن اليومي 85 شيكل ( الدولار يساوي 3.5 شيكل) مقابل قرابة 120 شيكل للذكور.

وتواجه نصف النساء المشاركات بسوق العمل الفلسطيني البطالة (47.4% حسب الإحصاء الفلسطيني). بينما تصل معدلاتها بين النساء الحاصلات على 13 سنة دراسية فأكثر إلى نحو 54%.

ويعتقد مخرج المسرحية محمد عيد أن المسرح يلخص الجانب الآخر للأرقام والمعلومات المجردة لتخفيفها على الجمهور إما بطريقة كوميدية أو تراجيدية، فالشكل الفني يضع المشاهد في موقع المتفاعل بصورة أكبر مع القضية المطروحة.



إثنان في تل أبيب رسالة عتب لمن يبحث عن مستقبله لدى من يضطهدونه

أما المسرحية الثانية لليوم الرابع من المهرجان، والرابعة من بين ثماني مسرحيات تتنافس على جوائز المهرجان، فكانت مسرحية “اثنان من تل أبيب” لمسرح المجد في حيفا، عن نص لسعيد سلامة، فتعرّي على مدار سبعين دقيقة، العنصرية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين العرب في الداخل الفلسطيني، والعمّال منهم على وجه الخصوص، عبر مفارقات ومواقف كوميدية رافقت رحلة كل من زكريا وأحمد العاملين العربيين الفلسطينيين اللذين يصلان إلى تل أبيت بحثاً عن عمل يوفر لديهم لقمة عيش لا تتوفر في قراهم وبلداتهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948.

ورغم فارق السن، تتكون صداقة بين الاثنين في تلك “الخشّابية” المهجورة في تل أبيب، يجتمعان في ذات الجغرافيا الضيقة والمربعة، وتحت سياسة متعمدة لإذلالهم من قبل المجتمع الإسرائيلي لكونهم من أصول عربية، حيث التفرقة العنصرية على أشدها، يعملان في مراحيض عمومية تكشف الروائح الكريهة ليس للفائض عن أجساد شرائح مختلفة في المجتمع الإسرائيلي، بل لما تحويه عقولهم وأفكارهم وأفعالهم أيضاً ضد أصحاب الأرض الأصليين.

استطاع كل من إياد شيتي وسعيد سلامة، في العمل الذي أخرجه نبيل عازر، تفجير ضحكات الحاضرين، رغم مأساوية الحكاية، فكانت “كوميديا” قاتمة كحيوات الفلسطينيين، وخاصة العمال الفلسطينيين العرب من الداخل الفلسطيني، أو حتى من الضفة الغربية بما فيها القدس أو من قطاع غزة.

وأشار سلامة، مؤلف المسرحية وأحد ممثليها الاثنين، إلى أن غالبية الفلسطينيين داخل الخط الأخضر عاشوا معاناة التفرقة العنصرية في “إسرائيل” وغالبيتهم من الشباب .. وقال: في مسرحية “اثنان في تل أبيب” رسالة عتب إلى مجتمعنا الفلسطيني العربي في الداخل، لمن يبحث عن مستقبله لدى من يضطهدونه .. هي رسالة سياسية وطنية عبر بوابة أبي الفنون المسرح، تفضح بالأساس العنصرية المتفشية في المجتمع الإسرائيلي.

وأضاف: نعيش نعيش ألماً يومياً كبيراً بسبب سياسات العنصرية الإسرائيلية، لكن علينا أن نصنع حياتنا من هذا الألم، لا أن نستسلم له، هذه هي رسالة علمنا المسرحي “اثنان في تل أبيت”.


ندوة في هموم المسرح

في صباح اليوم الرابع للمهرجان، انتظمت في إحدى قاعات مبنى مؤسسة الهلال الأحمر بمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، ندوة فكرية قدم فيها المخرج نزار أمير زعبي مداخلة خاصة اتسمت بالجرأة، ووضع النقاط على الحروف، وإثارة الجدل بخصوص العلاقة الأبوية في المسرح الفلسطيني، وتمرد الأجيال الجديدة بمقترحات إبداعية متجددة ترفض سطوة الأباء، وتسعى لتقديم مقاربات قادرة على المنافسة عالمياً لجهة المستوى الفني الإبداعي لا الجنسية المرتبطة بالقضية وعدالتها والتعاطف معها، وذلك في مداخلة له بعنوان “الرؤى الإخراجية في المسرح الفلسطيني المعاصر”.

وفي ذات الندوة قدمت الأديبة والفنانة التشكيلية والناقدة رجاء بكرية مداخلة حول “نماذج من المسرح الفلسطيني .. مشاهد مصوّرة”، حيث تحدث عن نماذج مسرحية متعددة من بينها “رحلة صعبة رحلة جبلية” عن نص الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان وإخراج أورنا عقاد، و”الجدارية” عن نص شعري ملحمي للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش وإخراج نزار أمير زعبي، ورأس المملوك جابر كما قدمها المخرج الفلسطيني فؤاد عوض عن مسرحية سعد الله ونوس، وعدد من أعمال المخرج منير بكري، ورياض مصاروة، وغيرها، فيما قدم الباحث والناقد محمد محاميد مداخلة عن تاريخ المسرح الفلسطيني منذ نهايات القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين حتى العام 1967.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق