تصنيفات مسرحية

الجمعة، 19 أكتوبر 2018

هل سنعود إلى القراءة مجددا "

مجلة الفنون المسرحية



علي قاسم الكعبي

سابقا قيل أن مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ ومن خلال  تلك القراءة  برز العديد من الأدباء والمفكرين في مجالات عدة علمية كانت فنية وادبية أو اقتصادية وطبية   وحتى فنون تشكلية اضافة الى مهن أخرى وان كان المجال لا يتسع لذكرهم"  كالجواهري والسياب ونازك الملائكة وعبد الجبار عبد الله وجواد سليم وعلى الوردي وزهاء الحديد والعديد من النجوم التي اضاءت سماء المعرفة في العراق والغريب أن ذلك حدث في سبعينيات   القرن الماضي وكان من المفروض أن يكون العطاء أكثر في السنوات التي تلت هذا التاريخ ولكن غير خاف ما مر به البلد من أزمات أثرت كثيرا على انحسار المعرفة فيه حيث تمت عسكرة البلد بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية وما تلاه لغزو الكويت  والتي  أدت إلى تراجع واضح في حركة المعرفة في  كل النواحي وباتت المعرفة غريبة على بلدا طالما كان يتغنى فيها وبعد أن أراد الله أن يغير الحال ويزيح تلكم الأنظمة الشوفينية الهترلية بنهاية نظام البعث  وكنا قد استبشرنا خيرا واشددنا حيازيمنا نحو المعرفة ومواصلة العلم من نقطة التوقف   الاضطراري فبعد ان كان هنالك جوع  جسدي وفكري وادبي  وعلمي  أثر كثيرا على نفسية وشخصية الفرد  العراقي الذي انهمك في شغف العيش بعد ان تصاعدت متطلبات الحياة العصرية وبعد ان جاء التغيير حان وقت الجد لكن رياح التغيير هذة  كانت شديدة وجرفت معها كل جميل وحسن
و يبدو أنها عصفت حتى بالفكر وصنعت فيه نوعا من التراخي  وساعدها في ذلك  ثورة التكنلوجيا والتقنية الحديثة التي جعلت المتلقي باختلاف أنواعه مترهلا  لا يقوى على فعل شيء لأنه  لم يقم وزنا لأهمية الاطلاع و البحث كونه فقد بوصلة أفكاره  التي كان البحث يغذيها كثيرا إضافة إلى أنه الباب الذي من خلاله يفتح الف باب وباب من الأبواب المؤصدة بعدما فقدنا الأثر عن مفاتيحها  بين ركام الأوهام التي باتت مسيطرة على الفرد العراقي
من المؤكد أن لكل فعل ردة فعل وان ردة الفعل ضد التكنولوجيا هو الخمول وتلك ضريبة باهظة الثمن  ادت الى ان تترك القراءة والكتابة لأجل غير مسمى لضرورات هذة المرحلة فقد حدث العكس بأن هذة التكنلوجيا كان من المفروض أن تساعد على تنشيط الحركة الفكرية وتزيد من رجالات المعرفة  كونها اختصرت الطريق كثيرا ففي وقت سابق كان طلبة الدراسات العليا مثلا يجوبون  دول المنطقة بحثا عن مصدر أو كتاب لو فيه إشارة بسيطة تدعم فكرة  إنجاح بحثهم وهذا ما يستغرق وقتا وتكلفة ويضيع الوقت أحيانا بعدم وجود مثل هذا المصدر فيلجأ إلى الدول الغربية احيانا من خلال صديق ما او السفر ايضا وهنا تأتي مشكلة ترجمة المصدر كل هذة المعاناة لم تعد تذكر اليوم بعالم الانترنت الذي جعل العالم قرية حيث تستطيع بضغطة زر أن تعرف آخر ما تمت كتابته لهذا المفكر أو ذلك العالم  أن العودة إلى القراءة ليست  بالأمر السهل وهذا يتطلب أن تبدأ بالصغار ونحوهم ونحثهم على القراءة و الإطلاع  ونحبب لهم قراءة القصص وان نسعى لتكوين قاعدة متينة من خلال تفعيل عمل وزرارة الثقافة الميتة سريريا  وان نجعلها تنبض بالحياة مجددا والقيام بتأسيس  منظمات حكومية تعنى  بالحركة المعرفية وتشجيع كل أنواع الفنون الجميلة التي تزخر فيها البلد وكم جميل هو ازدياد عدد الصحف اليومية في البلد وان كانت تعاني من عدم الدعم إلى أنها خطوة كبيرة جدا تنم عن تجذر المعرفة لدى القائمون عليها وبرغم أن تلك الصحف تخسر كثيرا في الطباعة والإنتاج وتحتاج إلى كوادر متخصصة إلا أنها لاتزال شامخة ولم تنحني أمام هذة التحديات أن مؤشرات العودة إلى القراءة يمكن أن يلمسها الكثيرون عندما ترى شارع المتنبي يشهد دويا كدوي النحل كل جمعة حيث تراه يتنفس من خلال قرائه من كل المحافظات وفي المحافظات أيضا نشهد بوادر انتشار القراءة من خلال مبادرات جادة تدعوا  إلى العودة إلى القراءة كما في( الرصيف المعرفي  وانا اقرأ في ميسان ) والتي تم استنساخها في محافظات أخرى هذة بوادر مشجعة  تؤكد عزم المثقف العراقي في العودة إلى القراءة لأنها السبيل الوحيد لإصلاح ما أفسدته السياسة في  كل شيء بعد غياب أو تغيب  المثقف مما أدى إلى ان يطلق الجهلاء العنان لأفكارهم المنحرفة  حتى ينفثوا سمومهم في المجتمع  تاركا المثقف في سبات عميق ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق