مجلة الفنون المسرحية
د. محمد عباس حنتوش
جامعة بابل / كلية الفنون الجميلة -قسم الفنون المسرحية
مشكلة البحث
المسرح دون متلقي يفقد وجوده، لذا سعى مقدمي النتاج المسرحي منذ البداية إلى إيجاد ترابط مصيري بين العرض المسرحي ومتلقيه، بغية إنشاء علاقة وشيجة تهتم في رصد متطلبات الذوق السائد للمتلقين وإنشاء صيرورة البنى الفنية للمسرح بما يتواءم وتلك الأذواق مع وجود حرية متأصلة في ذات الفنان المسرحي في أن تكون المنطلق في بلورة أسلوبية التعاطي مع تلك الذائقة ورسم خطى العمل المسرحي.
وسعيا من المخرج المسرحي الذي يمثل بؤرة استقطاب للمنجز النصي المكتوب ومنطلقا للعرض المسرحي، إلى بناء العرض المسرحي وفق منطلقات التشويق والإتيان بما هو جديد، واضعا في حساباته إلى من سيقدم عمله وما هي متطلبات محاولة بلوغ النجاح الذي يجده في ردود فعل متلقيه فهم الأقدر على منحه صفة نجاح عرضه المسرحي أو على الأقل أن يثير جدلهم حول ما تم تقديمه ليشكل ذلك الجدل دفعا نحو مستويات التأثير الفني للعرض المسرحي.
ولان العرض المسرحي وفق صيرورته الفنية لا يستغنِ عن متلقيه، لذلك كان لابد أن يكون المتلقي عنصراً من عناصر العرض المسرحي، وليس حالة منفصلة عنه، وان كان هو كذلك منذ نشأت المسرح إلا انه اتخذ إشكالاً مختلفة، تناسبت مع متطلبات التجديد المسرحي وسعي المخرجين إلى تقديم عروض متميزة تطلبت في كل مرحلة من المراحل التاريخية للمسرح ومع أسلوب كل مخرج نوعا من إشراك المتلقي وفق مستويات مختلفة تحدد نوع دور المتلقي في العرض المسرحي.
وبما أن المسرح العراقي لا يختلف في مسالة أهمية المتلقي، لذا وضع المخرج العراقي في حسابه الفني وجود المتلقي عند سعيه نحو تقديم عروضه المسرحية، ومن اجل الوقوف عند حقيقة مستويات وجود المتلقي كدور في العرض المسرحي العراقي، والى أي مقاربة بلغ في إشراك دور المتلقي تماشيا مع التطور الذي بلغه المسرح العالمي، كان لابد من دراسة ذلك بغية توضيح واقع دور المتلقي حاليا، وإذا ما كان يناسب الواقع الفني العراقي وطموحه، ومن هذا المنطلق تتحدد مشكلة البحث بالاستفهام الآتي:
ما دور المتلقي في العرض المسرحي العراقي المعاصر؟
أهمية البحث والحاجة إليه
تتركز أهمية البحث الحالي في إبانة واقع دور المتلقي في المسرح العراقي بما يرضي جدلية الواقع والطموح وما يمكن أن يبنى على هذا الواقع مستقبلا وفق سعي المخرج العراقي نحو التجديد والمواكبة العالمية ومنح اللمسة المحلية المميزة في معالجة عناصر العرض والتي يدخل المتلقي فيها دورا أساس .
أما الحاجة إليه فتكمن في انه يفيد دارسي المسرح . مع إمكانية إفادة المتلقي في سعيه نحو مشاركة مميزة بالعرض المسرحي العراقي .
هدف البحث
يهدف البحث الحالي إلى :
تعرف دور المتلقي في العرض المسرحي العراقي .
حدود البحث
الزمنية : 1985-2000.
المكانية : العراق – بغداد .
الموضوع : دراسة دور المتلقي في العرض المسرحي العراقي من حيث نوع مشاركة المتلقي بالمقاربة مع أنواع المشاركة في المسرح الغربي.
تحديد المصطلحات
أولاً:تعريف الدور:
يعرفه الجرجاني بـ" توقف الشيء على ما يتوقف عليه ".[1]
ويعرفه صليبا "..هو توقف كل واحد من الشيئين على الآخر،..."[2]
ويعرفه برنس "موقع شكلي يشغله "عامل" ..على مدار مساره السردي .. ".[3]
تعريف الدور إجرائياً : وهو فعل اشتراك المتلقي مع العرض المسرحي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر والذي يفرضه العرض وفق أسلوبه الإخراجي.
ثانياً:تعريف المتلقي :
يعرفه برنس "هو الذي يتلقى (في النهاية)"الموضوع"..الذي كانت "الذات"..تبحث عنه"[4].
تعريف المتلقي إجرائياً : هو الشخص الذي يستقبل ويتفاعل بكافة مدركات تكوينه الذاتي مع ما يرسله العرض المسرحي .
الفصل الثاني
المبحث الأول : دور المتلقي ( مفهومه وأنواعه )
إن بحث ماهية دور المتلقي تستدرج كثيرا من التقسيمات التي توحي بمقاربات ممكنة تتيح فرصة إيجاد تصور عن مفهوم وأنواع دور المتلقي . فالمتلقي يمثل شخص يتعامل مع الخطاب بغية فك شفراته عبر تواصل فكري وجمالي معه ، محاولا استثمار معطيات الخطاب وممكناته لإعادة إنتاجه من جديد.[5]
كما يمكن ان يكون دور المتلقي مجرد استقبال الخطاب بمنعكسات نفسية يترك للخطاب تفسيرها وفق طبيعة نوع الخطاب وأسلوب طرحه .ومن اجل تحديد أنواع مشاركة المتلقي في تعاطيه مع الخطاب ، يمكن إيجاد مقاربة مع معطيات ابرز نظريات التلقي ، وكالاتي :
1) المتلقي عند ايزر
المتلقي وفق مفهوم (ايزر) وهو المتلقي الضمني (Lecture Implicit ) والذي يجسد جميع الممكنات المسبقة التي يتطلب توفرها في الخطاب بغية ممارسة فعاليتها التأثيرية على المتلقي بوصفه بنية أساسية في متن الخطاب تستدعي حضوره دون أن يكون محددا بالضرورة ، وبذلك يتم التأسيس مسبقا لدور المتلقي وفق خصوصيته ، ويتكشف ذلك عندما يبدو الخطاب في توجه نحو تجاهل المتلقي المفترض ، لذا يوحي مفهوم المتلقي الضمني إلى منظمة معلومات تتطلب أسلوبا يفرض على المتلقي فهم الخطاب .[6]
كما يرى (ايزر) في المتلقي الضمني انعكاس لذات منجز الخطاب، بحيث تكون منفصلة عن ذاته المقيدة المرتبطة بضرورات المحيط الموضوعي والامتزاج مع المحيط التخيلي ، بشكل يحقق موضوعية الخطاب بحيث تتحول إلى أفكار متحاورة في أي خطاب غير مقيد بذاتية منجز الخطاب الفعلي .[7]
إن وجود المتلقي الضمني افتراضي ، إذ يمثل المعلومات المستبطنة للخطاب بمقومها التخيلي ليمنح فعل التلقي ضمن تصور المواجهة المباشرة مع الخطاب ، ليتأسس فعل التلقي بفعل استقبالات فكرية وجمالية للخطاب . [8]
يشكل المتلقي الضمني بنية خطابية وفق (ايزر) بفعل النشاط الإدراكي لدور المتلقي في استناده للمعلومات الممكن استنتاجها من الخطاب والتي تتاح لكل متلقي بحيث تشكل بناء المعنى بذات الأسلوب لكل المتلقين ، والتباين يقتصر في نسبة فهم المعنى وفق الفروق الفردية للمتلقين في تعاطيهم مع الخطاب .[9]
وبذلك يكون المتلقي الضمني فعالية تتخلل بنية الخطاب ، تتأسس وفق علاقة جدلية بين المتلقي والخطاب بشكل يحقق تفاعلات فكرية وجمالية تنتج عن فعل التلقي الذي ينفتح على التأويل في محاولة التفسير واستكمال المعنى بغية سد الفجوات المعرفية ضمن تكوينات شكلية موحدة ومعاني متجددة .[10]
2) المتلقي عند إيكو
رأي ايكو عن المتلقي يتجسد بمفهوم المتلقي المتعاون ( Lecture Cooperate) انطلاقا من فعالية المتلقي في ردم فجوات الخطاب وتنشيطه واستكشاف مقولاته المستترة وتحسس ممكناته التأويلية التي عدها منجز الخطاب لمتلقيه ، إذ تعامل ايكو مع المتلقي بوصفه عنصرا محايثاً للخطاب فلا وجود للخطاب دونه .[11] لان المتلقي يلعب دورا أساس في استنباط المعنى وكشف شفراته المهيمنة على نسيج الخطاب ، وبذلك يكون المتلقي المتعاون النموذجي عنصر تخيلي لا يشترط ارتباط واقعي .[12]
وبذلك يجد ايكو في متلقيه حزمة محددات تحفز فعل التلقي بحيث يجسد حالة التوفيق التي تتكون في الخطاب وفي تحققها يتحول الخطاب إلى مستوى جمالي أكثر ، فالمتلقي يستجيب لمثيرات الخطاب سواء كانت واضحة أم مستترة .[13]
يمتلك المتلقي المتعاون إمكانية إدراك الخطاب وفق تكوينه الذاتي مستندا لممكناته التأويلية في سد الثغرات الخطابية وفق ما يفترضه من متطلبات يثري بها الخطاب بمعاني منفتحة لا متناهية تثير التأويل انطلاق من الخطاب الذي يمثل منجزا يمكن إدراك معانيه بصور متنوعة.
3) المتلقي عند ريفاتير
ارتبط مفهوم المتلقي عند ريفاتير بـ(المتلقي الافتراضي) ( Lecture Virtues )والذي يمثل متلقي شامل يتطلبه الخطاب بقمة مستوياته لما يمتلكه من إمكانية الإفادة مما يتضمنه الخطاب بأقصى ما يمكن ، فالمتلقي الافتراضي جامع لكل المتلقيات ويمكنه تعرف الحقائق الخطابية المساندة لإدراك الأسس المتركزة بفعل تراكيب ردود الأفعال المتلاحقة ، بسبب فعالية الإدراك التي تنشا مع التعاطي الأسلوبي للخطاب في سعي لإبانة نسقه وتقصي معانيه المستترة ومعالجة تناقضاته المتسلسلة . [14]
يسعى ريفاتير إلى إيجاد مزيج جامع لتنوع المتلقين من خلال المتلقي الافتراضي أو الجامع ، إذ يمثل نسق جامع للمتلقين في بؤرة خاصة ضمن الخطاب المدرك لإلغاء الاختلاف الإدراكي الذاتي لكل متلقي وجمعه في نسق خطابي تواصلي ينشا من الخطاب نفسه بفعل أسلوبه والمرتكزات المبدئية المنبثقة من الخطاب والتي تتكشف بفعل المتناقضات التي يكشف عنها المتلقي الافتراضي . [15]
4) المتلقي عند فيش
يشترط فيش توفر خصائص محددة عند متلقيه المسمى (المتلقي المخبر) بحيث يمتلك المتلقي إمكانية فهم الخطاب عبر التكافؤ بين طرفي التلقي (المتلقي –الخطاب) بحيث يمتلك المتلقي إمكانيات لغوية تتناسب ونسق اللغوي للخطاب فضلا عن خبرته الأدبية والمرجعية القاموسية لفهم دلالات الخطاب من اجل بلوغ معناه من خلال فهم الخطاب وأسلوب طرحه بحيث يتيح فهم الظاهر إلى فهم الباطن في الخطاب . [16]
يتطلب من المتلقي المخبر مراقبة رد فعله خلال عملية التلقي للإحاطة والسيطرة على فعالية التلقي التي تؤدي إلى إدراك المعنى ، لان الإدراك المقتصر على البنية الظاهرية هو الذي يسبب اختلاف ردود الأفعال بين المتلقين وان تفتت البنية السطحية يتيح توقف مفاجئ عند الغول بنية تعرف البنية المستترة العميقة للخطاب .[17]
5) المتلقي عند ياوس
يسميه ياوس بالمتلقي المحسوس ( Lecture Concert ) وقد منحه مكانة مهمة في تعارض مع المعطيات البنيوية ، إذ عد المتلقي عنصرا أساسياً في تحديد المعنى العميق للخطاب عبر الكشف عن العلاقة المتفاعلة بين صاحب المنجز والمتلقي بوصفه الغاية النهائية لأي منجز فني .[18]
والمتلقي برأي ياوس يمتلك استقلاليته المميزة ، بحيث يوجد بشكل منفصل عن الخطاب ويعمل على تحقيقه قسرا ، ونتيجة دوره يحفز جدليات معرفية متنوعة تتجسد بتخطيه للظروف الذاتية والموضوعية التي أثرت على صاحب المنجز الخطابي ، بحيث يتجاوز هيمنة الخطاب ووجهة نظر صاحب المنجز من الناحية الفنية ، فالمتلقي يلعب دور المجيب عن أسئلة الخطاب ضمن محاورة منفتحة لما هو موجود ولما يمكن أن يكونه ، لذا فهو يشترك بشكل مستقل في رصد ممكنات الخطاب الماضية والحاضرة ضمن تطورات تاريخية متلاحقة.[19]
المبحث الثاني: دور المتلقي في العرض المسرحي(نبذة تاريخية)
لاشك أن تحديد دور المتلقي ينطلق من أسلوب العرض المسرحي في تحديد طبيعة مشاركة المتلقي فيه ، فكلما أتاح العرض مساحة تعبير أو مشاركة أوسع للمتلقي ظهرت إمكانية المتلقين وفق فروقهم الفردية في الكشف عن مستويات قدراتهم في الإسهام بالعرض المسرحي ، فالعملية جدلية تشترط الجانبين مع سلطة اكبر للعرض المسرحي إزاء تحديد نوع دور المتلقي فيه ، لأنه بطبيعة الحال المتلقي يحترم خصوصية العرض ولا يريد فرض نوعا من المشاركة لا تنسجم وأسلوب العرض المسرحي ، وهذا يعني أن الدعوة للمشاركة تنطلق من العرض أولاً سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهي التي توحي للمتلقي بمساحة ونوع دوره في المشاركة بالعرض المسرحي .
يشكل المتلقي عنصرا مهما ومركزيا في المسرح ، لذا يجب أن يتمتع بإمكانية بناء فضاءات وفقا لما يقدمه الخطاب المسرحي ، ويكسب نشاطه الفاعل من مساحة العرض التي تمتلك وجودها بذاتها .[20] فـمثلا " في المسرح القديم كان الجمهور يشارك مشاركة جماعية في العمل المسرحي الذي يلمس عن طريق الطقوس عاطفة جماعية أو رمزا عاما يرقد في اللاوعي الجماعي ، وكانت الطقوس هي التعبير عن هذا اللاوعي الجماعي الذي يربط الناس بعضهم ببعض ويحفظ لهم وحدتهم الاجتماعية والشعورية ".[21]ولكن الفترة التاريخية اللاحقة كانت أكثر سعيا نحو تحقيق المشاركة العاطفية للمتلقي بوصفه يستلم العرض كما هو بالمشكلة وطبيعة الحل الذي يفرضه العرض .
ومع ظهور دور المخرج المسرحي بشكل جلي اتخذ دور المتلقي معالجات توافقت مع أسلوب كل مخرج لاسيما في التعاطي مع العلاقة المكانية بين الممثل والمتلقي والتي تجسد المحدد لطبيعة المسافة الجمالية "ويبنى على مبدأ المسافة الجمالية مبدأ العلاقة بين الممثل والمتفرج مكانيا . فمن المسرحيين من يريد الإبقاء على الفصل المكاني بينهما على الدوام وذلك في الإبقاء على استخدام مسرح العلبة أو مسرح الإطار ومنهم من يريد أن تتغير العلاقة المكانية بين الممثل والمتفرج وبحسب نوع المسرحية وأسلوب إخراجها... "[22]وبغية تعرف دور المتلقي ومحاولات إشراكه بالعرض ، سيتم تناول محطات مسرحية بارزة، تبين دور المتلقي في كل منها:
دور المتلقي في (المسرح الواقعي)
مع ظهور الواقعية ورائدها المخرج الروسي ستانسلافسكي(1863-1938) لم يزل دور المتلقي مقتصرا على استلام ما يبثه العرض دون إمكانية التدخل في الأحداث التي تجري على مساحة العرض بشكل مباشر حيث الاستناد إلى مبدأ ايهام المتلقي وتعاطفه مع الشخصية المسرحية و"ستانسلافسكي يقول بمثل ذلك التعاطف ومع ذلك فهو يرغب في الفصل بين الممثل والمتفرج ، ان يقيم بينهما الجدار الرابع ..." [23] .
دور المتلقي في (مسرح البيئة الشامل)
سعى المخرج المسرحي النمساوي ماكس راينهارت (1873-1943)في مسرحه البيئي إلى أن تكون العلاقة متغيرة من الناحية المكانية بين الممثل والمتلقي ووفقا لأسلوبه الإخراجي. [24] ذلك "ان نظرت (راينهارت ) الفلسفية إلى المسرح تمثلت في انه مجتمع للمشاركة العاطفية والوجدانية ، يجمع فيه الممثل والمتفرج .وصب اهتمامه بان تكون المسرحية التي يقدمها سهلة الفهم ، وخالية من التعقيد ،مهما كان شكلها أو طرازها أو المدة الزمنية التي كتبت فيها... واستثمر كافة الاكتشافات الميكانيكية على خشبة المسرح بعد أن دمج المسرح بالصالة ، لخلق الصلة المباشرة بين الممثلين والجمهور ".[25] ولقد تميز راينهارت بمسرحيته التعبيرية (المعجزة) التي ألفها (كارل فولبرلبر) وعمل على دمج مكان أداء الممثلين بالصالة بحيث حقق علاقة مباشرة بين الممثل والمتلقي . [26]
دور المتلقي في (المسرح الشرطي)
اتجه المخرج الروسي مايرهولد (1874-1940) في مسرحه الشرطي نحو إقامة علاقة مباشرة بين الصالة وخشبة المسرح ضمن مساحة عرض كلية " وقد جرب مايرهولد التعبيرية مع مسرحية مترلنغ (الطائر الأزرق )، لقد تميزت ... بتوحيد المسرح مع الصالة وإيجاد علاقة مباشرة بين الممثل والمتفرج ،..."[27].
دور المتلقي في (المسرح السياسي)
لقد اهتم المخرج الألماني ايرفين بسكاتور (1893-1966) في مسرحه السياسي بمعالجة مشاكل مجتمعه وقتها لذلك وقف بالضد من الحاجز الرابع ورأى أن على الجماهير "... أن تتخذ لنفسها مواقف محددة مما يجري على خشبة المسرح ، إذ لم يعد ارتياد المسرح لمجرد التسلية أو قتل الوقت ، كان الهدف أن تشارك الجماهير في تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية .التي تهدد عصرنا المتوتر ".[28]
دور المتلقي في المسرح الملحمي
يتركز رأي المخرج الألماني برخت (1898-1948) في مسرحه الملحمي بالتعامل مع المتلقي عبر السعي نحو التأثير فيه عبر مشاهد مسرحية ثرية بالتعليقات والحقائق اليومية التي تثير ضحك المتلقين تارة وتحفز التعاطف تارة أخرى كما يمكنها أن تكون مصدرا للاشمئزاز والشعور بالتغريب .[29] إن ما يميز المسرح الملحمي هو استخدام تأثير التغريب " والغرض من هذا ((التأثير)) هو السماح للمتفرج أن يلجأ إلى النقد بشكل بناء من وجهة نظر اجتماعية ".[30]والتعاطف الذي يهدف إليه برخت ليس كما هو عند ستانسلافسكي ، فبرخت "... لا يريد ذلك التعاطف ومع ذلك فهو يرغب في عدم الفصل بين الممثل والمتفرج ولذلك يرفع الجدار الرابع ..." [31]
دور المتلقي في (المسرح الفقير)
يتمثل دور المتلقي في المسرح الفقير الذي أسسه المخرج البولندي جروتوفسكي من خلال ما أقامه المخرج من تجارب فيما أنشاه من معمل مسرحي " وهو معمل لم يضع المسرحية أو العرض المسرحي فقط تحت التجربة وإنما أجرى تجاربه أيضا على الجمهور ، ومن هنا كانت أهميته ، أن الجمهور هو نقطة الانطلاق أو الفرض العلمي الذي يشكل أساس هذه التجربة . ومن خلال الجمهور وعن طريق إعادة تشكيل استجاباته واكتشافاتها من جديد نصل إلى جوهر المسرح ".[32]
يسعى جروتوفسكي في تعامله مع المتلقي ضمن معمله المسرحي إلى تحقيق الاتصال المباشر " ومادام الهدف الأساسي للمعمل المسرحي هو تحقيق هذا الاتصال المباشر بين الممثل والجمهور فلا يجب أن تكون هناك خشبة مسرح . فالممثل يتحدث إلى الجمهور مباشرة وهو بينهم يلمس أيديهم ويفاجئهم بحركاته بين حين وآخر ليحدث تأثيرا معينا . ولابد أن يكون هناك اتصال مباشر بين الممثل أو مجموعة الممثلين أو الجمهور حتى أن الجمهور يصبح جزءا من المشهد فمثلا إذا كان المشهد يدور في عنبر بمستشفى الأمراض العقلية يصبح الجمهور هو المرضى المجتمعين في العنبر ....".[33]
ويحدد جروتوفسكي طبيعة العلاقة بين المتلقي والممثلون ، إذ " ...يضع الجمهور نفسه على خشبة المسرح لأنه لا توجد خشبة مسرح على الإطلاق وإنما يتحرك الممثلون في حرية بين الجمهور ويكونون معه وحدة واحدة . وعلى هذه الحالة يستطيع الجمهور أن يقوم بدور الكورس بان يعلق على الحدث أو يعارض احد الممثلين أو يفسر ما حدث من قبل ".[34]
لقد سعى جروتوفسكي نحو إقامة مسرح فقير يكون دور المتلقي فاعل وأساس فيه ، فمثلا عزز العلاقة بين الخشبة والصالة في (قابيل ، شانتلا ، الاجداد ،كورديان) وأقام علاقة وطيدة بين المتلقي وما يقدم في العرض المسرحي حيث أشرك المتلقي بفعل استخدام مساحة العرض بشكل تواصلي في عرض (الأجداد) حيث يشترك المتلقي ضمن طقسية العرض ، وفي عرض (كورديان) يضم المتلقين للعرض بوصفهم مرضى في مستشفى الأمراض النفسية .[35]
ويتخذ المتلقي في عروض أخرى لجروتوفسكي دورا يختلف عن كل عرض آخر ، فمثلا في مسرحية بايرون (كين) يلعب المتلقون دور أحفاد (كين) ، أما مسرحية كاليداسا (شانتالا) فيتخذون ادوار الرهبان الهنود، بينما في مسرحية ميكوتيز (ليلة الإسلاف ) يشترك المتلقي في طقس زراعي ، في حين يلعب المتلقون دور نزلاء مصحة عقلية في مسرحية سلوفاكي (كورديان)، وفي مسرحية مارلو (دكتور فاوست) تم توزيع المتلقين على مقاعد طويلة حول موائد ثلاثة للطعام ، وكانت كل مائدة تعبر عن خشبة مسرح مع المناظر والإكسسوارات وكان دور المتلقين يتركز على وصفهم ضيوف دعوة فاوست لوجبة عشاء .[36]
دور المتلقي في مسرح بروك التجريبي
تنطلق البداية الحقيقية للمخرج الانجليزي بيتر بروك (1935- ) من عمل اورجاست والغريب في هذا العرض إن الجزء الآخر من العرض اتخذ مقرا للتمثيل والأداء في واد آخر يبعد عن الوادي الذي تم فيه عرض الجزء الأول ، وكان على المتلقين أن يلاحقوا الممثلين في حركتهم المستمرة على الوادي والجبل استكمالا لمشاهدة باقي أجزاء العرض المترامي الأطراف .[37]
دور المتلقي في المسرح الحي
تأسس المسرح الحي في أمريكا عام و1951مؤسسيه المخرجان جوديت مالينا وجوليان بيك،[38] وقد كان دور المتلقين فيها أكثر مشاركة " فمشهد الموت الجماعي الأخير وتلوي الممثلين ألما تحت أقدام الجمهور كأنما انتابتهم جميعا وباء الطاعون يحدث تأثيرا غريبا في الجمهور ...إن أفراد الجمهور – في هذا المشهد- يهبون واقفين من مقاعدهم وتنتابهم حالة من الهستيريا فيضحكون ويبكون ويصرخون ويلمسون أجساد الممثلين الذين يتمرغون أمامهم على الأرض ..وفي بعض الأحيان يضربونهم كأنما يجدون فيهم صدى لكل العذاب الذي يبكتونه في أنفسهم ولا تمكنهم نثرية الحياة اليومية من التعبير عنه .."[39] " وفي بعض الحفلات يرتمي بعض المتفرجين على الأرض ويموتون مع الممثلين فيحملهم الأشباح إلى خشبة المسرح كعلامة على التوحيد بين ما يقدم على المسرح وبين الجمهور ذاته أو الحالة الحضارية التي يعيشها الجمهور"[40]ويشترك المتلقين في هكذا نوع من المشاهد بأعداد كبيرة ، ففي" العرض الذي قدم في بروكسل ببلجيكا شارك خمسون فردا من أفراد الجمهور في هذا المشهد ، وفي تريستا منع البوليس العرض بعد الليلة الأولى نظرا لحالة الهستيريا التي أصيب بها الجمهور في الليلة الأولى بناء على تقرير من رجال المطافئ يحذرون فيه من خطر اشتعال النار في مسرح فيينا القديم الأنيق المسمى آن درفاين ، وذلك بعد أن قام عشرون طالبا نمساويا بالصعود إلى المسرح حاملين مشاعل من الورق ليشاركوا في مشهد الموت الجماعي ".[41]
دور المتلقي في مسرح الواقعة
مسرح الواقعة أو المسرح الجديد أسسه جون كيج عام 1952وقد تعامل مع دور المتلقي بحرية موجهة نحو العرض " وقد استمد المسرح هذا الاسم من احد عروضه التي كتبها آلن كابر وبعنوان ((17 واقعة في ستة أجزاء )) في أوائل الستينات "[42] ولم يكن الغاية من توجيهه المتلقي نحو زوايا العرض تقييد المتلقي "... وإنما إطلاق الحرية للجمهور نفسه أن يتحرك أينما يشاء في صالة المسرح ليحدد المشاهد بنفسه الزاوية التي يرى منها ((الواقعة)) وهو يستطيع أن يغير هذه الزاوية من حين لآخر ... ((المسرح الجديد)) يسهم أيضا في توجيه المشاهد إلى المكان أو الزاوية التي يريد أن يرى منها العرض حتى لا تصبح خشبة المسرح نوعا من الفوضى ، وهذا ما يسميه كيج وضع المشاهد في ((البيئة)) باستخدام عناصر الإخراج ".[43]
دور المتلقي في مسرح المقهورين
يتخذ المتلقي في تجربة مسرح المقهورين دورا ايجابيا " والهدف الأساسي من هذه التجربة المسرحية هو تغيير جماهير الشعب وتحويل الجمهور –الذي عادة ما يكون متفرجا سلبيا في الظاهرة المسرحية التقليدية –إلى مشاركين ايجابيين وممثلين يغيرون مسار الحدث الدرامي ويشكلونه. ويطلق أصحاب هذه النظرية عليها اسم ((مسرح المقهورين))..ويقول أصحابها ، ومن أهمهم المخرج البرازيلي اوجستو بول –أنها تختلف اختلافا جذريا عن النظريتين الرئيسيتين في تاريخ المسرح، وهي نظرية أرسطو ونظرية بريخت ".[44] فبالإضافة لما يتمتع به مسرح المقهورين من خصوصية فان نظرية مسرح المقهورين " ... تهدف في جوهرها إلى التحرير ، وفيها لا يترك المتفرج الفرصة للممثل أن يفكر نيابة عنه ، وإنما يحرر المتفرج ذاته ويفكر لنفسه ثم يتحرك بنفسه لترجمة الفكر إلى الفعل .. ففي هذه النظرية يصبح المسرح هو الفعل بالمعنى المادي والحقيقي".[45]
وهنالك مقاربات منشطرة عن مسرح المقهورين ومنها مسرح(حلقة النقاش ) والمسرح (المخفي) وقد أكدت الدور الفاعل للمتلقي في العرض المسرحي وضرورة إشراكه في تحديد مسار العرض المسرحي ، ففي مسرح (حلقة النقاش) يتم الأخذ بآراء المتلقين ومقترحاتهم بخصوص قضية اجتماعية معينة من خلال إيقاف العرض بين فترة وأخرى استجابة لمقترح المتلقي والذي يشمل أيضا بيان الرأي بما يتعلق بأداء الممثل ، ومن ثم يتم تغيير الأداء ومسار العرض وفقا لطبيعة العرض وسبل تطويره وحل المشكلات المقدمة بالعرض ، والهدف وفق رأي (بوال) هو إشراك المتلقي في تغيير الواقع وبحث الحلول الممكنة وفق خبرة المتلقي الشخصية.[46] أما المسرح (المخفي) فهو يسعى إلى إشراك غير معلن للمتلقي حيث يتم إدخال المتلقي ضمن الحدث المسرحي دون أن يعلم بوجود فعل مسرحي ، وذلك من خلال عرض موضوعة للنقاش يفتعلها ممثل أو مجموعة من اجل انتزاع مناقشة بين الناس مثل عرض موقف أنساني لإمرأة فقيرة تبيع كل ما تبقى من حاجاتها ، ويثير الممثلون النقاش حولها وعند اشترك (المتلقين) حول الموضوع يبدأ الممثلون الأصليون بالانسحاب تدريجيا تاركين المتلقين يناقشون بينهم حول الموضوع المطروح دون علمهم بأنهم ضمن فعل مسرحي.[47]
دور المتلقي في المسرح المفتوح
تأسس المسرح المفتوح بالولايات المتحدة وكان ابرز مؤسسيه هو جوزيف شايكين وكان للفرقة التمثيلية لهذا المسرح تأثير كبير خارج –برودواي خلال الأعوام 1963-1973.[48] تميزت عروض (مسرح المفتوح ) بأسلوب التداخل مع المتلقين وبيان أهمية اشتراك المتلقي في التجربة المسرحية المقامة في العرض ، " فوحدة المشاهد والممثل قد اكتسبت اليوم دلالة جديدة … إن الروح الجمعية التي تساندنـا جميعاً وتتجاوز كلاً منا كأفراد ، هي التي تمثل القوة الحقيقية للمسرح وتردنا إلى المنابع الدينية القديمة لمهرجان الطقوس الدينية . وفي المسرح المعاصر هناك الكثير الذي ينبئ بهذا التطور ".[49]
دور المتلقي في مسرح الشارع
من مسارح الشارع فرقة (كوميديات ايلس)الاسبانية التي تعتمد في بعض الأحيان على مشاكسة المتلقي لاستفزازه وجعله يخوض تجربة العرض المسرحي من خلال ما يصدر عنه من ردود أفعال والتي يوظفها الممثلون من اجل تفعيل الحدث المسرحي والسيطرة على النسق العام لمجرى الأحداث المسرحية .[50]
دور المتلقي في مسرح ما بعد الحداثة
إن دور المتلقي في مسرح ما بعد الحداثة يتركز في مفهوم الخدمة الذاتية في العرض والتي أشار إليها (كابرو) بـ (المتلقي –المشارك) حيث يقول : " إن معرفة المشارك لسيناريو العرض والواجبات التي عليه أن يقوم بها مسبقا تجعله جزءا حقيقيا وضروريا لا يستطيع العمل أن يتحقق دونه "[51] لذلك يلجا كابرو إلى تقديم عمله المسرحي بالصورة التي تجعل للمتلقي دورا مهما في تأسيس المعنى وتأويله " فعرض خدمة-ذاتية-كما قدمه((كابرو))ليس سوى مجموعة القواعد التي تعد حين تنشط من خلال المشاركين بتحقيق عمل من نوع معين ، لكنها تعمل في نفس الوقت على تأجيل اكتمال العمل المزمع بأي صورة نهائية ، أو وضع نهاية من أي نوع لعملية تحقيق العمل نفسها ".[52]
أما جورج برشت فيلجأ إلى الغموض وسيلة لعرقلة إنتاج معنى نهائي عند متلقيه مع دعوتهم للمشاركة في إنتاج المعنى ، ففي عمله( water yam ) يستخدم صندوق فيه عدد من البطاقات المبهمة ، ويظهر "إن برشت حين يقدم بطاقة –سيناريو- بكل هذا الغموض إنما يخلق حافزا على الحركة في اتجاه التفسير وإكمال المعنى ، لكنه أيضا ، وفي نفس الوقت ، يتدخل لتأجيل ودرء خطر أي تفسير نهائي .فمن الواضح مما سبق أن أي اختيار فردي لدلالة العمل لا يستطيع أن يقدم التفسير النهائي لبطاقة ثلاثة أحداث مائية ، وذلك بالرغم من إنها تطرح نفسها ((كعمل)) ينتظر التحقيق-أي كمشرع لعمل ".[53]
كما " إن أعمال كل من ((ريتشارد فورمان )) ..، و((روبرت ويلسون ))..،و((مايكل كيربي)) .. تفصح عن اهتمام واضح بالنسق الشكلي والبنائي ...يتبدى كمحاولة لعرقلة جهد المشاهد في تفسير العرض المسرحي ودفعها بقوة على الارتداد إلى نفسها – أي كمحاولة لدفع المشاهد إلى تأمل عملية المشاهدة والتفسير ذاتها ".[54]
الدراسات السابقة : من خلال اطلاع الباحث على المصادر ذات العلاقة بالموضوع الحالي فضلا عن الانترنت ، لم يجد ما يمكن اعتباره دراسة سابقة ،وحسب علم الباحث .
المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري
1) ظهور مسميات وأنواع مختلفة للمتلقي في تعاطيه مع النص المكتوب وفق الآراء النقدية ، ولان المخرج المسرحي هو أيضاً متلقي في تعامله مع النص المكتوب لذا فهو يخضع لذات المسميات ، مثل (المتلقي الضمني) عند ايزر ، و(المتلقي المتعاون) عند ايكو ، و (المتلقي الافتراضي) عند ريفاتير ، و (المتلقي المخبر) عند فيش ، و(المتلقي المحسوس) عند ياوس.
2) تكشف دور المتلقي المستلم (المستقبل السلبي) والذي يتميز باستقباله لما يقدم في العرض دون ان يكون له دور إلا في حدود المشاركة العاطفية بالأغلب واستلام الحدث كما هو ، وهناك حاجز وهمي بينه وبين الممثل ، وهذا ما تميزت به مثلاً عروض المسرح الواقعي .
3) تكشف دور المتلقي الناقد والذي يتميز بالمشاركة الفكرية ونقد الأحداث التي تجري في العرض ، وكما يحدث في عروض المسرح الملحمي مثلا .
4) ظهور دور المتلقي المشترك بالعرض والذي يتميز بإدخاله من قبل القائمين بالعرض ضمن مفردات العرض ، كما يفعل مثلا في عروض المسرح الفقير الذي يسمح للممثل بتحقيق تماس مع المتلقي ويتحدث معه ويمكن إشراك المتلقين لتجسيد دور الكورس أو احد شخصيات المسرحية كما في مسرحية بايرون (كين) يلعب المتلقون دور أحفاد (كين) ، أو يمكن للمتلقي أن يعلق على الحدث أو يعارض احد الممثلين أو يفسر ما حدث . وأيضا في المسرح (المخفي) الذي يسعى إلى إشراك غير معلن للمتلقي . و أيضا في فرقة (كوميديات ايلس)الاسبانية التي تعتمد في بعض الأحيان على مشاكسة المتلقي لشده نحو المشاركة بالعرض .ويمكن أن يتخذ إشراك المتلقي طابع تحفيز ذهني عبر عرقلة المعنى المقدم بالعرض كما في عروض ما بعد الحداثة .
5) ظهور دور المتلقي المناقش والذي يتميز بمناقشته للعرض والمساهمة الفاعلة فيه،كما مثلا في مسرح (حلقة النقاش) يتم الأخذ بآراء المتلقين ومقترحاتهم بخصوص قضية اجتماعية معينة من خلال إيقاف العرض بين فترة وأخرى استجابة لمقترح المتلقي والذي يشمل أيضا بيان الرأي بما يتعلق بأداء الممثلين .
6) تكشف دور المتلقي الممثل والذي يتميز بدخول المتلقي في الفعل المسرحي كممثل بشكل مباشر ، كما في عروض (مسرح المقهورين) حيث يتحول المتلقين إلى مشاركين ايجابيين وممثلين يغيرون مسار الحدث الدرامي ويشكلونه ، وكما في عروض (المسرح الحي) حيث يشارك المتلقين مع الممثلين في أداء دور الهستيريا مثلا .
الفصل الثالث
مجتمع البحث :
يتكون (مجتمع البحث) (ينظر ملحق رقم 1) من العروض المسرحية لأبرز رواد مخرجي المسرح العراقي في بغداد وضمن حدود البحث الزمنية والأقرب لموضوع البحث.
عينة البحث:
اختار الباحث ثلاث عينات (ينظر ملحق رقم 2) بالطريقة القصدية وفقا للمسوغات الآتية :
1) وجود التنوع في توظيف دور المتلقي فيها .
2) اختلاف مكان العرض مما يتيح فرصة أكثر للتعرف على دور المخرج فيها .
3) تباين الفترة الزمنية بين العروض بما يتيح رصد التغير الممكن في معالجة دور المتلقي.
4) توفر المصادر السمعية والمرئية عنها .
5) حققت تميزا بين الوسط الفني لاسيما على صعيد النقد المسرحي.
أداة البحث :
استند الباحث إلى مؤشرات الإطار النظري بوصفها أداة البحث مع مراعاة المصادر ذات العلاقة بموضوع البحث والعينات .
منهج البحث :
اعتمد الباحث المنهج الوصفي (التحليلي).
تحليل العينات
عينة (1) : عرض مسرحية : ترنيمة الكرسي الهزاز
تأليف: فاروق محمد، أشعار: عريان السيد خلف.
إخراج : د.عوني كرومي
تأريخ العرض: 1986.
مكان العرض: منتدى المسرح / فرقة المسرح الشعبي
تدور أحداث المسرحية حول معاناة امرأتين تعيشان على الذكريات في حالة انتظار مستمر لأمل يغير مسار حياتهما ،فكلاهما تعاني الهجر وان اختلفت صوره ، وفي انتظار غائب لعله يعود ، ومن اجل تقديم أحداث المسرحية بشكل يعزز دور المتلقي في إنتاج المعنى قدم العرض بطريقة تضمن بنية دائرية اقرب للعبث بحيث تغيب ملامح البداية والوسط وحتى الحل لتترك مسافة جمالية في تلقيها فهناك مشاهد مختارة بشكل قصدي من قبل المخرج ضمن مساحة عرض تتكون من أماكن ثلاثة (غرفتي المرأتين وباحة منزلهما) .
وقد عزز الحوار والأداء الصوتي لأبيات السيد خلف باللغة العامية من التقارب مع المتلقي فضلا عما احتوته أبياته من أشجان ومشاعر حزن تحرك المشاركة العاطفية للمتلقي في تجاوبه مع العرض المقدم ليشعر بأنه جزء من منظومة العرض الكلية وامتدادها الدرامي المتنامي.
وبغية الإسهام الفاعل في تنشيط التحريك الذهني للمتلقي سعى المخرج إلى معالجة النص معالجة اشترك في تكوينه مع المؤلف والشاعر و مجتزئات ارتجالية من الممثلين بغية إيجاد مزيج يتناسب وطقسية منتدى المسرح محاولا الابتعاد عن المطابقة النصية والاتجاه نحو تشظي النص بما يحقق دفعا جماليا وتحريكا فكريا مؤسسا لغة للعرض لا تشترط المطابقة النصية فكانت عبارة عن مقتطفات تم منتجتها وفق سياق العرض وتحدد مسار أزمة الأحداث بما ويتناسب ومقتضيات التحريك الذهني في تلقي العرض برؤيا معاصرة .
كما ونشط المخرج الرؤية البصرية عبر منظومة الأحداث المفككة التي قاربت تداعي الأحلام للكشف عن عالم خيالي مكتنز بالرموز التي تستدعي تدخل المتلقي لاقتناصها وتمثل إشارات مدركة يستكشفها المتلقي وفق تكوينه الذاتي بما يبثه العرض من مدركات بصرية وسمعية تحمل في رسالتها موضوع المسرحية بظاهره وباطنه .
لقد عمد المخرج إلى مقاربة المتلقي وتحقيق التفاعل العاطفي لديه عبر الممازجة النصية بين حكاية المسرحية ولغة الشعر بما تمتلكه من عناصر التأثير المشحون بالمشاعر الجياشة ، فكان المزيج مدعاة لدور المتلقي في بنائية التصور المدرك للعرض ضمن جدلية المزج اللغوي بين الفعل الدرامي ودرامية الشعر وتأثيره النفسي الذي يعكس دواخل الشخصيات وصراعاتها المستبطنة والمتركزة في ذات المرأتين وما تحملهما من آلام الهجر والعزلة والانتظار بوصفهما نموذج إنساني يمكن تحصيله محليا وعالميا فكان بذلك اقرب لواقع المتلقي لاسيما باستخدام مفردات حياتية يتعامل معها متلقية وان قدم بطرق عبثية فالعرض حمل من تصوير ما تعانيه شخصية المرأتين كثيرا من المتداخلات الأسلوبية المسرحية التي لم تسم العرض بأسلوب مسرحي محدد نهائي.
ويتعزز دور المتلقي في عرض ترنيمة الكرسي الهزاز من معالجة المخرج كرومي لمفهوم المتلقي عنده بوصفه المبدع الثالث ومصدر الإلهام الذي يتأسس العرض المسرحي وفق محفزات وجوده الافتراضي ، لذا سعى المخرج كرومي لبناء علاقة وطيدة بين المتلقي والعرض ،إذ قام بتفعيل دور المتلقي ضمن طقسية العرض بمقوماتها الدينية عبر رش ماء الورد على رؤوس المتلقين لحظة دخولهم إلى مكان العرض مما هيا المتلقي للدخول ضمن منظومة العرض وتعزيز الجوانب النفسية للتهيؤ بغية المشاركة ضمن خصوصية البيت البغدادي بوصفه جزءا من العرض ،كما لجا كرومي إلى عنصر التأثير بـ(الرائحة المعطرة للبخور) مع ما يرافقها من (ضوء الشموع وأواني نحاسية ونبات ألياس والحنة والخبز)وذلك عند مرافقة المخرج لجموع المتلقين في مدخل باحة المسرح (البيت البغدادي) فضلا عن (الترانيم وأصوات الصلات) ليخوض المتلقي تجربة المشاركة الطقسية بما يوحي بمكان مقدس يستثير البواعث المرجعية والتطهير لذات المتلقي عبر محفزات مرئية وسمعية وشمية ، جعلت المتلقي جزءا متفاعلا بصورة مادية وروحية في العرض ضمن خطاب جمعي يشمل الممثل ومتلقيه ، ولكي يعبر عن خصوصية العرض كرمز حياتي مصغر يشمل كل التباينات ضمن أجوائه ويجعل من المتلقي ضرورة حتمية في وجوده وليس مجرد ضيف طارئ فالعرض يؤثر ويتأثر بالمتلقي ويترك في ذات المتلقي ما من شانه ان يشعر بمدى مساهمته في بناء العرض .
كما لجا المخرج مع مساعدة المؤلف لقيادة المتلقين بشكل متناوب نحو غرفة المرأة الأولى وهي تستعيد ذكرياتها ومن ثم نحو الغرفة المرأة الثانية وهي تنظر من الشباك متأملة مع رسائل قديمة وشمعة منطفئة وذلك وفقا للإحداث المرسومة في العرض بغية إيجاد مساحات عرض تناوبيه تحرك المتلقي نحو ملاحقاتها الإدراكية .إذ بعد انتهاء المشهدين يتبادل المتلقون المواقع في مواجهة باحة الدار تعزيزا لرؤية مختلفة الاتجاهات تحقق تجسيما أكثر لصور العرض الكلية ودعوة مستبطنة للتعاون والمساواة ووحدة الرؤية بالنسبة للمتلقين .
وعززت طبيعة بناء منتدى المسرح بصبغتها المعمارية التراثية البغدادية علاقة المتلقي بالمكان ليس على مستوى الحضور المعيشي القريب من واقع المتلقي فحسب بل وأيضا تحفيز المتراكمات الذوقية إزاء المادة التراثية وما تمنحه من أبعاد جمالية وذكريات جميلة ،حيث شكل البناء وتصميمه بأبوابه وشبابيكه المميزة وشكل السلم وترابط الطابقين للبناء يربطهما سلم وكأنه رابط بين الواقع والأمل المنشود الذي تعيشه الشخصيتين لاسيما وهما يصفقان بشكل متكرر للأبواب وللشبابيك تعبيرا عن حالة العبث في هذا الانتظار .
وقد أسهمت الساعة المتوقفة في توجيه المتلقي نحو حالة فقدان الأمل التي تشهدها حالة الشخصيتين رغم الاستخدام الدلالي الثنائي للساعة بوصفها حافظة لعيدان البخور وماء الورد ، فكان الانتظار الطقسي مع توقف عقارب الساعة إشارة لتوقف الزمن وتغيب استدلالي لزمن الحدث الأصلي فلا معرفة بحقيقة منذ متى هذا الانتظار بدء .
العينة (2) عرض مسرحية : عطيل في المطبخ
تأليف :وليم شكسبير
إخراج :د.سامي عبد الحميد
تاريخ العرض :1995م
مكان العرض:كافتيريا دائرة السينما والمسرح
تعامل المخرج بأسلوب تأويلي مع النص الشكسبيري من اجل تعزيز دور المتلقي في رصد المقاربات الممكنة ما بين النص والعرض مع تقصي المتباعدات التي تتيح مسافة جمالية في إبانة الفارق بين النص ومعالجة المخرج له في العرض ، ولاسيما أن المخرج اجتهد في بناء علاقته الفاعلة بالمتلقي منذ لحظة دخول المتلقي للعرض عبر توزيع المناديل الورقية على المتلقين في إشارة مهيمنة لموضوع منديل عطيل وما ترتب عليه من أحداث المسرحية .
كما أن توزيع المتلقين ضمن مساحة عرض متمثلة بكافتيريا دائرة السينما والمسرح والتي أسهمت في دمج الممثلين والمتلقين ضمن مساحة عرض تجمعهما بحيث يجلس المتلقين على جانبي مكان التمثيل مع جلوس البعض على موائد الطعام المعدة في مطبخ عطيل إضافة للمتلقين الواقفين ضمن مساحة العرض والذين يتداخلون أحيانا ضمن ما هو مفترض من مكان أداء الممثلين ويحيطون به .
اختار المخرج عبد الحميد مكان العرض بما يسهم في تعزيز دور المتلقي عبر مغادرة خشبة المسرح بشكلها المألوف والذهاب نحو مكان الكافتيريا لإيجاد علاقة أكثر فعالية في رسم العلاقة بين الممثل والمتلقي ، وفق أسلوب إخراجي لا يقف عند حدود أسلوبية سابقة تحدده ، فهو يخوض تجربته وفق ما يجده مناسبا لمعطياته الذاتية بإيجاد المكان المناسب لرؤاه الإخراجية ، لذا عمد المخرج إلى مكان يحقق امتداد للفعل المسرحي المؤدى ويهمش الفواصل القائمة بين المتلقي والممثل على الرغم من بعض المفردات الخاصة بمطبخ الكافتيريا والتي حددت طبيعة أداء الممثل في علاقته بالمتلقي وحددت طبيعة تواجد المتلقي في مساحة تلقيها.
كما إن استخدام مفردات الكافتيريا بصورتها المعيشة قربت الحدث من متلقيه الذي لم يجد مكان ولا أدوات أو مفردات غريبة عن واقعه بل جزء من منظومته المعيشة ، مما عزز التفاعل الفكري والعاطفي في تعاطيه مع مفردات الديكور والإكسسوارات التي بثها العرض والتي تضمنت مناضد وأدوات الطبخ فضلا عن الخضار ومنها الباذنجان والشجر والتي كان لكل منها دلالاتها الترابطية مع حكاية المسرحية حيث يشير الباذنجان إلى عطيل والشجر إلى دزدمونة وعملية تقطيع كل منهما على يد (ياغو) و(رودريغو) في المشهد الأول يشير إلى مؤامرة اياغو ومكيدته التي شبهها المخرج بالطبخة المعدة سلفا والتي تحرك توجهات ذهنية مغايرة لدى المتلقي في المقارنة بين النص ومعالجته في العرض .
لقد سعى المخرج إلى بناء طبخة مسرحية يجعل للمتلقي فيها جزءا واعيا بالعرض لا أن يخضع لعاطفة بالمجمل بل يتيح له مساحة إدراك فكري يقتنص ويقارن فيه بين ما يعرفه عن النص الشكسبيري وعن المدركات السمعية والبصرية التي يبثها العرض عبر معالجة معاصرة بتراكيبها السينوغرافية لزمن المتلقي ، بحيث يتحول كل فعل في عطيل إلى استهلاك حياتي اقرب إلى تناول الطعام بإشارات رمزية تداعب ذهنية المتلقي في رصد مقارباتها الحياتية ، كما حدث في قيام (ياغو) بكسر البيضة بطريقة العصر باليد في إناء (مقلاة مملوءة بالدهن الساخن) ضمن بيئة مشبعة بمفردات مطبخيه يكون القائمين فيها من الشخصيات بادوار تتعلق بمثل هذه البيئة فمثلاً الدوق هو صاحب المطعم بينما (عطيل )رئيس الطباخين ،(وياغو) مساعده ،و(دزدمونة) نادلة مع استخدام مفردات المطبخ التقليدية مثل (السكاكين والقدور والأواني والملاعق والشراشف والكؤوس والموائد ... )والتي لا يجد المتلقي فيها أمراً غريبا عن واقعه المعيش إلا أن طريقة معالجة المخرج لها بوساطة أداء الممثلين وكيفية تحويل دلالاتها إلى مستويات فكرية وجمالية هو الذي يسهم في تعزيز دور المتلقي في اقتناص دلالاتها المتحولة من نسقها الايقوني إلى نسقها الرمزي والتأويلي .
كما أكد المخرج على عنصر المتضادات من اجل تفعيل دور المتلقي في تحسس أشكال المتضادات التي بثها العرض لاسيما في إشارة إلى اللونين الأبيض والأسود كما في استعمال (البيبسي كولا والسفن أب) للتأكيد على لون السائل المتضاد بينهما في إشارة إلى ياغو وعطيل وما يعتمر في نفس كل منهما ، كما أن ضغط ياغو لعلبة المشروبات الغازية يأتي لتأكيد كرهه لعطيل ورغبته في النيل منه ومدى حقده عليه وكل ذلك عبر صور بصرية تتخذ من مفردات المطبخ وسيلة لإيصالها .
إن العرض المطبخي أسهم بصورة فاعلة في تحفيز المتلقي نحو دور أكثر في اقتناص ترميزاته التي تأسست نتيجة تعزيز مسار الحوار بشكله السمعي بمرئيات مطبخية أسهمت في رفد العرض بمقومات جمالية مع ما يكتنزها من منطلقات فكرية ، فمثلا يؤدي عطيل دور خنق دزدمونة ليس بالصورة المعروفة بالنص الأصلي ولكن يلقي بعض كلمات النص مع حمله بيضة بيده وسط صالة العرض في إشارة للفعل الجنسي المتوهم الذي يؤرقه ، بينما فعل الخنق فيجسده بالضغط بقبضته على البيضة ، ومثل ذلك الفعل المرمز يظهر في أداء اياغو وهو يقطع الرقية ويسيل مائها الأحمر لتأكيد حقد اياغو ورغبته بموت عطيل .
ومفردة المنديل أخذت وساطة تماسية مع المتلقي فحركت العلاقة بين موضوع العرض ومتلقيه من اللحظة الأولى ليس فقط كتأسيس للموضوع الشكسبيري المتمثل بموضوع مسرحية عطيل بل وأيضا إيجاد ترابط مع النسق الثقافي السائد في موضوع مقاييس الشرف وبذلك تتآلف مع ذات المتلقي وتثير في ذات الوقت نقدا لمدى صلاحية هذا المقياس في تحديد الشرف وفق مفهوم الرجل الشرقي التي تتركز حول الغيرة ، لذلك سعى الممثلون لحظة بدا العرض في محاولة إدخال المتلقي في منظومة العرض عبر توزيع مناديل بيضاء على المتلقين لإيجاد ترابط وثيق بين العرض ومتلقيه وليتحسس المتلقي بشكل مادي ذلك المنديل الذي تنبني عليه مسرحية عطيل والدليل على اتهامه لـ(دزدمونة) والسبب في قتلها بدفع ماكر من (ياغو) ، كما أكد المخرج من خلال المنديل ديمومة الحدث وضرورة النظر إليه بصورة ناقدة لاسيما وان ممثل عطيل يجد المنديل لا يزال في بدلته الرسمية التي دخل فيها إلى المطبخ قبل أن يبدلها بأزياء المطبخ وبذلك يؤكد المخرج على دورة المنديل وملاحقته لعطيل حتى في نهاية العرض .
ولعبت الأزياء دورا مهما في إيجاد الترابط المعيش مع المتلقي نتيجة ما تمتعت به من معاصرة لم يلتزم المخرج بالدقة التاريخية للأزياء في الحدث الشكسبيري ، مما حقق تواصلية مع المتلقي القريب من طبيعة ما يرتديه الممثلون من الأزياء التي لا تمثل عنصرا غريبا عنهم .
كما ومنحت الموائد دورا في تأسيس عملية اشتراك المتلقي وتعزيز دوره في العرض المسرحي عبر جلوس المتلقين على موائد الطعام وعلى جانبي الكافتيريا في بداية العرض كجزء من منظومة العرض في بيئتها المطبخية ، لاسيما بجلوس بعض الممثلين على الموائد ، مثل ممثل شخصية والد دزدمونة ، فضلا عما تؤديه ممثلة شخصية (دزدمونة) في تقديم بعض المواد إلى المتلقين بوصفهم زبائن المطعم وترتيب موائدهم المغطاة بالشراشف البيضاء وبعض إكسسوارات تناول الطعام ،ليكون المتلقي جزء فاعل من الحدث بوجوده في تداخل مكاني وعناصر ديكورية متمثلة بالمناضد ضمن بيئة العرض الكلية .
وكان لتوظيف الإضاءة الفيضية دورها في تعزيز التلاحم بين دور المتلقي ودور الممثلين إبعادا لعنصر الإيهام وسعيا لتعزيز الترابط الفكري والمادي بين المتلقي والممثل ، ليضم العرض بين تكويناته المتلقي كما الممثل ضمن إطار فني يحفز المتلقي نحو رؤية إدراكية واعية لما يقدم وهو جزء منه لكن دوره كمتلقي يستدعيه نحو محاولة تتابعيه لاقتناص مدلولات ما يقدم ضمن رؤية فكرية جمالية هو جزء منها .
وعصرنة الحدث الشكسبيري في عطيل جاء لمحاولة التقرب من المتلقي وذلك بابتعاد المخرج في معالجته للحدث الأصلي عن طرازيه النص وزمن أحداثه التاريخية بغية إيجاد مساحة اكبر للتجديد الجمالي وفرصة أكثر للإسهام الفكري للمتلقي في رصد متحولات الحكاية ومختزلاتها التي تأسست بالأغلب ضمن النسق الصوري مع ما يسانده من لفظ ينشط العلاقة بينهما في تدعيم الموقف الفكري عند المتلقي عبر كسر الحواجز التقليدية في تلقي المنجز الشكسبيري بنمطه الأصلي .
العينة (3) عرض مسرحية : مكبث
تأليف : وليم شكسبير
إخراج :د.صلاح القصب
تاريخ العرض :1999م
مكان العرض: باحة قسم الفنون المسرحية- كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد
استلهم القصب موضوع النص الشكسبيري عبر تحفيز عوامل التأويل فيه والنظر إليه برؤيا معاصرة تستهدف إشراك المتلقي في تقصي مستبطنات نص العرض وارتباطاته المعاشة موجدا المتلقي المتعاون في تعاطيه مع النص وفق مقومات الحدث المعاصر مع متداخلات مكان العرض التي فرضت علاقة تفاعلية بين الممثلين والمتلقين بسبب توظيف مساحة العرض ، مما هيأ ممكنات التداخل الفني الفاعل للمتلقي ضمن صيرورة العرض المسرحي المجسد لمكبث بالنكهة العراقية الصورية التي أوجدها القصب بأسلوبه الصوري ، إذ يبدأ العرض بدخول دراجة نارية من جهة باب ساحة قسم الفنون المسرحية وتتجه مسرعة باتجاه مركز مساحة العرض في محاولة لتنبيه المتلقي من خلال أداء استعراضي بهلواني لبدء الأحداث فضلا عن تفعيل دور المتلقي الذهني عبر التأويل إزاء مبررات توظيف الدراجة النارية بهذا الأسلوب ، ثم تتلاحق الصور الدرامية بدخول موكب مكبث وحاشيته ثم دخول رجال الإطفاء ثم مشهد مقتل دنكن وبعده السيارة البيضاء مع الجثث ثم علامات المرور المقلوبة وتتابع الصور ضمن منظومة فكرية جمالية سعى القصب إلى بلورة نص العرض بفعالية مع المتلقي ضمن خصوصية أسلوبه المعروف بمسرح الصورة .
وقد عمد المخرج إلى تخطي الحاجز الوهمي بين الممثل والمتلقي في محاولة لتقليص التلقي السلبي وتفعيل المشاركة الذهنية على حساب المشاركة العاطفية وان جاءت ضمن طقسية أجواء العرض السينوغرافية ، لذا تم تقسيم مساحة العرض إلى ثلاث أقسام رئيسة ضمن خط فعل شبه دائري لانتقالات الأداء ، ففي القسم الأول يتداخل الأداء مع المتلقي في المكان المركزي للأحداث ، وفي القسم الثاني الواقع في منتصف ساحة العرض تم توظيف عناصر طبيعية كالنباتات مثل الأشجار بوصفها جزء من واقع المتلقي والعرض في حين يقتصر الجزء الثالث من مساحة العرض على صقالات حديدية القابلة للتغيير وفق المتطلبات الإخراجية .وهذا التوظيف المكاني عزز عنصر التفاعل الفكري والجمالي لدى المتلقي مع عرض مكبث رغم وجود هامش من حاجز مسافة الأداء التي يفترضها التمايز بين المتلقي والممثل بوصفها وسيلة لتلقي العرض بصورته الكلية .
كما تبين دور المتلقي الناقد عبر المشاركة الفكرية المتحفزة بفعل العرض بشكل حقق نقد للإحداث توفر بين المتلقين كان مدعاة لمساهمة ذهنية أكثر إزاء ما يقدم لاسيما وان الأحداث لا تقدم بالنسق الشكسبيري المألوف لعصر شكسبير بل يقدم بمعالجة تتخذ من الموضوع الشكسبيري منطلق لها نحو مديات متداخلة من الموضوعات التي يعيشها الإنسان العراقي المعاصر لاسيما بتوظيف ( براميل النفط ، المقصلة ، حاشية موكب رئاسي ، الجثث ، رجال الإطفاء ، حاوية النفايات) فضلا عن التركيز حول موضوع مسح الأثر سواء بفعل الليدي مكبث وهي تحاول تنظيف يدها من دم ضحيتها أو من خلال محاولة إزالة رائحة الموتى من السيارة فضلا عن أداء رجال الإطفاء في غسل السيارات بوساطة خراطيم المياه وقناني الإطفاء في إشارة إلى تنظيف مخلفات جرائم القتل إضافة إلى وجود السيارة باللون الأبيض وما تحمله من جثث والتي تشكل تناقض على مستوى المتداول اللوني للسيارة بما تحملها من تشاؤم وجنائزية مما شكل تحفيز ذهني للمتلقي إزاء الثيمات الممكنة لتفسير الصور والتي تعززت بعلامات المرور المقلوبة والتي توحي بالعمل ضد القوانين أو انقلاب القوانين ، مما حرك في المتلقي روح المقارنة وتحسس المقاربات القصدية التي أوجدها المخرج في تعامله مع الموضوع الشكسبيري بروح عراقية لا تستثنِ إشارات سياسية واقتصادية واجتماعية استبطنت العرض مع الإيحاء للمتلقي لاقتناصها ضمن إطار فني جمالي .
بينما ظهر دور المتلقي بوصفه مشارك بالعرض بشكل جزئي عبر التداخل المكاني لأداء الممثلين مع المتلقين ومحاولة مشاكسة المتلقي بوجود صوت الدراجة النارية المسرعة التي تخترق المتلقين فضلا عن إدخال المتلقي ضمن طقسية الأحداث وإتاحة فرصة لانتقال المتلقي عبر اختلاف أقسام العرض بشكل يجعل المتلقي يلاحق الأداء بتغير مكان الأداء بحيث يصبح المتلقي دون مباشرة جزء من العرض لاسيما وان العرض يمس واقعه المعيش بوصفه الشعب فهو جزء من الأحداث بالصورة الكلية لعرض مكبث .
وتقلص دور المتلقي المناقش والمتلقي الممثل لصالح المشاركة الجزئية في العرض عبر وجود المتلقي ضمن صيرورة مساحة العرض والتداخل مع أداء الممثل بحيث تحول المكان الشكسبيري إلى ساحة مفتوحة متحررة في عرض مكبث بحيث لا تنفصل حدودها بين الممثل والمتلقي وتمازج مفردات طبيعية وصناعية في صورتها الكلية والممثل والمتلقي جزء من الصورة التي تتضمن أزمة الحياة القديمة والمعاصرة ألا وهي سفك الدم البريء التي عززها القصب بلون الإضاءة الحمراء بأشعة الليزر التي ترمز للقتل وفي ذات الوقت هي بقعة الدم التي تستهجنها الليدي مكبث كدليل للجريمة لا يندثر مهما حاولت فضلا عن استخدام الإضاءة الموجهة من قبل الدراجة النارية التي تخترق المتلقين بأشعتها إضافة إلى الإضاءة اليدوية التي اعتمدها رجال الإطفاء والمومياءات كإشارات فكرية وجمالية تخترق الفضاء شبه المظلم لتضيف حيوية فنية في العلاقة بين المتلقي والعرض وتحقق تواصلا يستهدف تسليط الضوء على المتلقي نفسه في دعوة لاستثارة وعيه وإدخاله في الحدث بطريقة حسية تستند التحسس عن بعد واستفزاز فكري للمتلقي لاستيعاب واقعه الذي يسوده الدمار الذي يخلفه الطمع والذي جسدها القصب بحرق براميل النفط ذات اللون الأحمر وتناثر الأحذية العسكرية بفعل المقصلة والنخلة التي تضرب بالفأس فضلا حرق الأشرطة بحاوية القمامة ، جميعها تشكل مجاز الحرب بإشارات جمالية غير مباشرة تعلن عن نفسها اعتراضا على كل طامع يطيح برؤوس الأبرياء بغية إرضاء أطماعه في كل زمان ومكان لذا لم يلتزم القصب بالدقة التاريخية فمثلا بالنسبة للأزياء وظف(أزياء رجال الإطفاء باللون البرتقالي ) فضلا عن الإكسسوارات مثل (مطافئ الحريق ، النظارات ) وبالنسبة للآليات وظف مثلا (السيارة ، الدراجة النارية ) فعمل بذلك على تماهي الأزمنة وإلحاقها بالمعاصرة كضرورة خطابية تستهدف المتلقي المعاصر للنظر إلى واقعه المُرْ من زاوية فنية تناشده اليقظة للقتل الذي بات من المسلمات اليومية وتحول الإنسان إلى مجرد رقم في صفحة الوفيات ، ومسيرة الإنسان مجرد فلم عبارة عن شريط سينمائي ضمن تشظي علب الأفلام الفارغة والمومياءات المتناثرة على السيارة وحولها وفي داخلها والتي تحاول بعضها جاهده الخروج منها وهي تلصق بوجهها على زجاج السيارة ، إنها الأفكار حينا والأرواح حينا آخر ضمن جمجمة ماكبث المُدمِرة التي رمز إليها بالسيارة التي اتخذت مساحة تأثير درامي مع ما قدمته المفردات الأخرى مثل صقالات الحديد المرتفعة التي كانت بديلا عن القلعة فضلا عن أداء الممثلين الذي حرك الفعل الدلالي لهذه المفردات التي عمد القصب إلى تقديمها بصور سريالية تعتمد أحياناً عرقلة المعنى لدى المتلقي لتعزيز عنصر التأويل لاسيما بوجود شخصية مستر صفر بأزيائه باللون الأبيض ووجودها ضمن جو يعج بالإضاءة الحمراء بشكل يؤثر على طبيعة لون الزي الذي يرتديه ، فكان سعي القصب في عرض مكبث إلى استخراج الصورة السلبية للواقع وعرضها على المتلقي بوصفه جزء منها وليس خارجها .
النتائج
1) اقترب المخرج بوصفه متلقي للنص في العينات الثلاث ، من مفهوم ايكو بـ(المتلقي المتعاون) وذلك بما تمتع به المخرج العراقي من مساحة لقراءة منفتحة وحرة للنص ،وكما تكشف في العينة (1) في تعاطي المخرج عوني كرومي مع النص وتحويله إلى عرض ضمن بنية دائرية عبثية غيب فيها الاستدلال ألزماني ووجد مزيج وتداخل مكاني و تقاطع بالموضوع . وأيضاً في العينة (2) في تأويل المخرج سامي عبد الحميد لنص عطيل وتحويله لنص عرض خضع إلى الحذف والإضافة فيه فضلا عن طريقة معالجة الموضوع بشكل مطبخي .وكذلك في العينة (3) التي عالج فيها (القصب) النص برؤية تأويلية معاصرة .
2) دور المتلقي المستلم (المستقبل السلبي) كان اقل توظيفا بسبب توجه المخرجين في العينات الثلاث نحو تفعيل دور المتلقي وان جاء بمحددات مختلفة فمثلا في العينة (1) تم استلام المتلقين للمعروض أمامهم مع وجود حدود في العلاقة مع الممثل (مسافة جمالية) رغم تبديل أماكن المتلقين بين المشهدين . وفي العينة (2) فان دور المتلقي أيضاً تحدد بحدود الاستلام للمعطى المسرحي على الرغم من طريقة جلوس المتلقين المتداخلة مع العرض . وكذلك في العينة (3) سعى المخرج من خلال التوظيف المكاني المتداخل إلى تعزيز الدور الايجابي للمتلقي مع وجود محددات الأداء بين الممثل والمتلقي.
3) دور المتلقي الناقد نشط في العينة (1) عبر أسلوب طرح موضوع المسرحية ، وظهر المتلقي الناقد بصورة أوضح في العينتين (2)و(3) بما أتاحه المخرجين من متطلبات لتحقيق ذلك بفعل تأويل الموضوع الشكسبيري وتقديمه برؤيا معاصرة عبر إعادة صياغة الأحداث بما يضمن إدخال مفردات معاصرة للمتلقي من حيث الموضوع والسينوغرافيا .
4) دور المتلقي المشرك بالعرض تميز بشكل جلي في العينات الثلاث عبر التوظيف المكاني في علاقة المتلقي بالممثل ، كما في تبديل أماكن جلوس المتلقين بين المشهدين ، ورش ماء الورد على رؤوس المتلقين ضمن طقس العرض في العينة (1) . وإدخال المتلقي ضمن حيز أداء الممثلين بوصفهم ضيوف المطبخ في العينة (2) . فضلا عن انتقال المتلقين بين مناطق التمثيل وتداخلهم المكاني في مساحة العرض في العينة (3).
5) دور المتلقي المناقش لم يتحقق بشكل واضح في العينات الثلاث ، إذ لم يتم اخذ آراء المتلقين ومقترحاتهم خلال العرض أو إيقاف العرض بين فترة وأخرى استجابة لمقترح متلقي ما بشان موضوع العرض أو أداء الممثلين.
6) دور المتلقي الممثل ظهر محدودا في العينات الثلاث رغم سعي المخرجين لإدخال المتلقين في منظومة العرض ، إلا انه بقي في حدود إدخال المتلقين كضيوف وبتوجيه محدد من المخرجين ، ولم يقدم احد المتلقين أداء صوتي و جسدي وفق نص محفوظ مسبقا أو مرتجلا أو يدير حوارا حول موضوع معين ضمن مساحة العرض بحيث يغير مسار الأحداث أو يدخل مع الممثلين ليشارك مثلهم بنفس أدائهم .
الاستنتاجات
1) حاول المخرج العراقي مواكبة التطور المسرحي وتقديم توجهاته التجريبية من خلال التأكيد على علاقة متغيرة بين الممثل والمتلقي ، إلا أنها كانت محدودة وتركزت بالأغلب على تداخل المساحة المكانية بينهما.
2) ابتعاد المخرج العراقي عن (دور المتلقي الممثل) ربما يعود إلى توجهه نحو تقديم رؤية فنية مسيطر عليها وان لا تترك للصدفة واجتهاد المتلقي الذي قد يذهب بعيدا بمسار الأحداث عما يرتئيه المخرج .
3) إن طبيعة النسق الثقافي للمتلقي العراقي تتطلب ممهدات أكثر لتقبل المشاركة الفعلية في العروض التي تستدعيه لذلك ،لأنها تحتاج إلى متطلبات ذاتية لدى المتلقي تمكنه من المساهمة الفاعلة دون تردد . أو تشجيعه من قبل القائمين بالعرض بطرق فنية مبتكرة .
التوصيات
1) إقامة دورات مسرحية لتنشيط دور المتلقي في التفاعل والدخول المباشر والايجابي بالفعل المسرحي وبطرق فنية لا تؤثر على جمالية العرض بل تغنيه وتسهم في تطويره .
2) تحفيز المخرجين على إقامة عروض مسرحية تستند إلى (المتلقي الممثل) لتكوين ثقافة جمعية لا تعزل تماما العرض عن متلقيه.
3) التأكيد في المناهج الدراسية الفنية – المسرحية على أهمية دور المتلقي المشارك الفاعل في العرض المسرحي .
المقترحات
1) دراسة إشراك المتلقي في عروض المسرح العربي .
2) دراسة تقسيمات المخرج المسرحي وفقا لنظريات التلقي .
المصادر
[1] -*** : المعجم الفلسفي ،تصدير:إبراهيم مكور ،(القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ، 1983م)، ص85.
[2] -صليبا (جميل):المعجم الفلسفي ،ج1( لبنان – بيروت: دار الكتاب اللبناني ،1982م )،ص567.
[3] -برنس(جيرالد):قاموس السرديات ،ط1، ترجمة :السيد إمام (القاهرة : ميريت للنشر والمعلومات،2003م)،ص10.
[4] -برنس(جيرالد):المصدر نفسه، ص164.
[5] - ينظر : خرماش ( محمد) : مفهوم القارئ وفعل القراءة في النقد الأدبي الحديث ، (في: مجلة الأقلام ، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة ، وزارة الثقافة والإعلام ، عدد ( 5 ) ، 1999) ، ص 20 .
[6] - ينظر : ايزر ( فولفغانغ) : فعل القراءة نظرية جمالية التجاوب في الأدب ، ت : حميد الحمداني وآخر ، (البيضاء .مطبعة النجاح الجديدة ، 1987 )، ص 30 .
[7] - ينظر : خضير (ناظم عودة) : الأصول المعرفية لنظرية التلقي ،ط1 (الأردن –عمان : دار الشروق للنشر والتوزيع ، 1997)، ص 159 .
[8] - ينظر : سلون (رامان): النظرية الأدبية المعاصرة ،ط1، ت : سعيد الغانمي ،(بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،عمان: دار الفارس للنشر والتوزيع ، 1996 )، ص 34 .
[9] - ينظر : سحلول ( حسن مصطفى) : نظريات القراءة والتأويل الأدبي وقضاياه ،(دمشق: اتحاد الكتاب العرب ، 2001 )، ص 34 .
[10] - ينظر : سلون ( رامان) : مصدر سابق ، ص 34 .
[11] - ينظر : خرماش ( محمد) : مصدر سابق ، ص 21 .
[12] - ينظر : خضير (ناظم عودة) : مصدر سابق ، ص 160 .
[13] - ينظر : سحلول (حسن مصطفى) : مصدر سابق ، ص 36 .
[14] - ينظر : خرماش ( محمد ) : مصدر سابق ، ص 21 .
[15] - ينظر : ايزر ( فولفغانغ) : مصدر سابق ، ص 24 .
[16] - ينظر : خضير (ناظم عودة) : مصدر سابق ، ص 161 – 162 .
[17] - ينظر : ايزر ( فولفغانغ ): مصدر سابق ، ص 26 – 27 .
[18] -حمودة (عبد العزيز): المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك ،(الكويت :عالم المعرفة ،1998م)، ص326.
[19] - ينظر : خرماش ( محمد) : مصدر سابق ، ص 20 .
[20] - سانشيت (خوسيه انطونيو): فن مسرحة الصورة ، ترجمة: خالد سالم، مركز اللغات والترجمة بأكاديمية الفنون، مراجعة : حسن عطية،( وزارة الثقافة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي: أكاديمية الفنون ، عدد 16، 2004 م)، ص15.
[21] -سرحان (سمير):تجارب جديدة في الفن المسرحي،ط1(الجيزة :هلا للنشر والتوزيع ،2006م)، ص10-11.
[22] -عبد الحميد (سامي): نحو مسرح حي ،ط1 (بغداد :دار الشؤون الثقافية ،2006م)،ص26.
[23] -عبد الحميد (سامي): مصدر سابق ، ص26.
[24] -ينظر : عبد الحميد (سامي): مصدر سابق ، ص26.
[25] -عطية (احمد سلمان):الاتجاهات الإخراجية الحديثة وعلاقتها بالمنظر المسرحي في العراق ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية الفنون الجميلة ،جامعة بغداد ،1996م،ص39 ، ص 43.
[26] - ينظر: فريد (بدري حسون ) و سامي عبد الحميد : مبادئ الإخراج المسرحي (العراق : وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، 1980م) ، ص 70.
[27] - فريد (بدري حسون) وسامي عبد الحميد : المصدر نفسه ، ص 70.
[28]- زكي (احمد): المسرح الشامل،(لبنان: المركز العربي للثقافة والعلوم، د. ت )، ص20.
[29] - ينظر : هبنر (زيجمونت ).جماليات فن الإخراج ،ت: هناء عبد الفتاح ،(القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993م )، ص179.
[30] -بينتلي (ايريك): نظرية المسرح الحديث ،ترجمة : يوسف عبد المسيح ثروت (العراق : دار الشؤون الثقافية العامة ، 1975م) ،ص82 .
[31] -عبد الحميد (سامي): مصدر سابق ،ص26.
[32] -سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 10 .
[33] - سرحان (سمير): مصدر سابق، ص 16-17 .
[34] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 18.
[35] - ينظر: زيجمونت هبنر، المصدر السابق، ص224- ص230.
[36] - ينظر:اينز (كريستوفر): المسرح الطليعي. ت: سامح فكري.(القاهرة: مطابع المجلس الأعلى للآثار، 1994)، ص286 – 289.
[37] -ينظر: زكي (احمد): المسرح الشامل،(لبنان: المركز العربي للثقافة والعلوم، د. ت )، ص25 - 26، ص28.
[38] -ينظر : سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 139.
[39] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 153-154.
[40] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 154.
[41] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 154.
[42] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 106.
[43] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 107-108.
[44] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 265.
[45] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص297.
[46] -ينظر : السادة ( أثير): مدخل إلى تجربة مسرح المقهورين ،www.masrahi.net . ص1.
[47]- see :++++. theatre of the oppressed: http://www.mandalaforchange.com/index.htm
[48] -شايكين (جوزيف) : حضور الممثل ،ترجمة وتقديم :سامي صلاح ،مراجعة هاني مطاوع (مصر :مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1999م)، ص231.
[49] -جادامر ( هانز جيورج ). تجلي الجميل ومقالات اخرى ، تحرير: روبرت برناسكوني ،ت:سعيد توفيق ،(مسقط :المجلس الأعلى للثقافة –المشروع القومي للترجمة طبع بالهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ،1997م)، ص158 .
[50] - ينظر: ميسون ( بيم ): مسرح الشارع والمسارح المفتوحة ، ت: حسين ألبدري ، مراجعة :محمد عناني (القاهرة : مطابع المجلس الأعلى للآثار ،1997م)،ص65.
[51] - كاي (نك) : ما بعد الحداثية والفنون الأدائية ، ط2 ، ترجمة :نهاد صليحة ،(مصر : الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1999م)،ص59.
[52] - كاي (نك) :المصدر نفسه ، ص60.
[53] -كاي (نك) : المصدر نفسه ، ص64.
[54] -كاي (نك) : المصدر نفسه ، ص69.
الملاحق
ملحق رقم (1)
يبين جدول مجتمع البحث
ت
|
أسم المسرحية
|
المؤلف أو المعد
|
المخرج
|
سنة الإنتاج
|
1.
|
الملك
لير
|
شكسبير
|
صلاح
القصب
|
1985
|
2.
|
خيط
البرسيم
|
يوسف
العاني
|
فاضل
خليل
|
1986
|
3.
|
ترنيمة
الكرسي الهزاز
|
فاروق
محمد
|
عوني
كرومي
|
1986
|
4.
|
هوراس
|
بيركورنيه
|
بدري
حسون
|
1987
|
5.
|
بيرو
شناشيل
|
عباس
حربي
|
عوني
كرومي
|
1988
|
6.
|
مكبث
|
وليم
شكسبير
|
شفيق
المهدي
|
1989
|
7.
|
ليلة
خروج بشر بن الحارث حافياً
|
عزيز
عبد الصاحب
|
سامي
عبد الحميد
|
1990
|
8.
|
جسر
آرتا
|
جورج
ثيوتوكا
|
بدري
حسون فريد
|
1990
|
9.
|
حفلة
الماس
|
خزعل
ألماجدي
|
صلاح
القصب و كريم رشيد
|
1991
|
10.
|
قمر
من دم
|
يوسف
الصائغ
|
فاضل
خليل
|
1992
|
11.
|
الناس
|
شفيق
مهدي
|
شفيق
مهدي
|
1993
|
12.
|
الليالي
السومرية
|
لطيفة
الدليمي
|
سامي
عبد الحميد
|
1994
|
13.
|
مئة
عام من المحبة
|
فلاح
شاكر
|
فاضل
خليل
|
1995
|
14.
|
عطيل
في المطبخ
|
أعداد:
سامي عبد الحميد
|
سامي
عبد الحميد
|
1996
|
15.
|
فاضل
خليل
|
سيدرا
|
خزعل
ألماجدي
|
1996
|
16.
|
ساعي
البريد
|
عادل
كاظم
|
سامي
عبد الحميد
|
1999
|
17.
|
مكبث
|
وليم
شكسبير
|
صلاح
القصب
|
1999
|
18.
|
الجنة
تفتح ابوابها متاخرة
|
فلاح
شاكر
|
محسن
العلي
|
2000
|
ملحق رقم (2)
يبين جدول عينة البحث
ت
|
أسم المسرحية
|
المؤلف أو المعد
|
المخرج
|
سنة الإنتاج
|
1.
|
ترنيمة
الكرسي الهزاز
|
فاروق
محمد
|
عوني
كرومي
|
1986
|
2.
|
عطيل
في المطبخ
|
أعداد:
سامي عبد الحميد
|
سامي
عبد الحميد
|
1996
|
3.
|
مكبث
|
وليم
شكسبير
|
صلاح
القصب
|
1999
|
[1] -*** : المعجم الفلسفي
،تصدير:إبراهيم مكور ،(القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ، 1983م)،
ص85.
[1] -صليبا (جميل):المعجم
الفلسفي ،ج1( لبنان – بيروت: دار الكتاب اللبناني ،1982م )،ص567.
[1] -برنس(جيرالد):قاموس
السرديات ،ط1، ترجمة :السيد إمام (القاهرة : ميريت للنشر والمعلومات،2003م)،ص10.
[1] -برنس(جيرالد):المصدر نفسه،
ص164.
[1] - ينظر : خرماش ( محمد) : مفهوم القارئ وفعل القراءة في النقد
الأدبي الحديث ، (في: مجلة الأقلام ، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة ، وزارة
الثقافة والإعلام ، عدد ( 5 ) ، 1999) ، ص 20 .
[1] - ينظر : ايزر ( فولفغانغ) :
فعل القراءة نظرية جمالية التجاوب في الأدب ، ت : حميد الحمداني وآخر ،
(البيضاء .مطبعة النجاح الجديدة ، 1987 )، ص 30 .
[1] - ينظر : خضير (ناظم عودة) : الأصول المعرفية لنظرية التلقي ،ط1
(الأردن –عمان : دار الشروق للنشر والتوزيع ، 1997)، ص 159 .
[1] - ينظر : سلون (رامان):
النظرية الأدبية المعاصرة ،ط1، ت : سعيد الغانمي ،(بيروت: المؤسسة العربية
للدراسات والنشر ،عمان: دار الفارس للنشر
والتوزيع ، 1996 )، ص 34 .
[1] - ينظر : سحلول ( حسن مصطفى) : نظريات القراءة والتأويل الأدبي
وقضاياه ،(دمشق: اتحاد الكتاب العرب ، 2001 )، ص 34 .
[1] - ينظر : سلون ( رامان) : مصدر سابق ، ص 34 .
[1] - ينظر : خرماش ( محمد) : مصدر سابق ، ص 21 .
[1] - ينظر : خضير (ناظم عودة) : مصدر سابق ، ص 160 .
[1] - ينظر : سحلول (حسن مصطفى) : مصدر سابق ، ص 36 .
[1] - ينظر : خرماش ( محمد ) : مصدر سابق ، ص 21 .
[1] - ينظر : ايزر ( فولفغانغ) : مصدر سابق ، ص 24 .
[1] - ينظر : خضير (ناظم عودة) : مصدر سابق ، ص 161 – 162 .
[1] - ينظر : ايزر ( فولفغانغ ): مصدر سابق ، ص 26 – 27 .
[1] -حمودة (عبد العزيز): المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك
،(الكويت :عالم المعرفة ،1998م)، ص326.
[1] - ينظر : خرماش ( محمد) : مصدر سابق ، ص 20 .
[1] - سانشيت (خوسيه انطونيو): فن مسرحة الصورة ، ترجمة: خالد سالم،
مركز اللغات والترجمة بأكاديمية الفنون، مراجعة : حسن عطية،( وزارة الثقافة مهرجان
القاهرة الدولي للمسرح التجريبي: أكاديمية الفنون ، عدد 16، 2004 م )، ص15.
[1] -سرحان (سمير):تجارب جديدة في الفن المسرحي،ط1(الجيزة :هلا للنشر
والتوزيع ،2006م)، ص10-11.
[1] -عبد الحميد (سامي): نحو مسرح حي ،ط1 (بغداد :دار الشؤون الثقافية
،2006م)،ص26.
[1] -عبد الحميد (سامي): مصدر سابق ، ص26.
[1] -ينظر : عبد الحميد (سامي): مصدر سابق ، ص26.
[1] -عطية (احمد سلمان):الاتجاهات الإخراجية الحديثة وعلاقتها بالمنظر
المسرحي في العراق ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية الفنون الجميلة ،جامعة بغداد
،1996م،ص39 ، ص 43.
[1] - ينظر: فريد
(بدري حسون ) و سامي عبد الحميد : مبادئ الإخراج المسرحي (العراق : وزارة التعليم
العالي والبحث العلمي ، 1980م) ، ص 70.
[1] - فريد (بدري
حسون) وسامي عبد الحميد : المصدر نفسه ، ص 70.
[1]- زكي (احمد): المسرح الشامل،(لبنان: المركز العربي للثقافة
والعلوم، د. ت )، ص20.
[1] - ينظر : هبنر (زيجمونت ).جماليات فن الإخراج ،ت: هناء عبد الفتاح
،(القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993م )، ص179.
[1] -بينتلي (ايريك): نظرية المسرح الحديث ،ترجمة : يوسف عبد المسيح
ثروت (العراق : دار الشؤون الثقافية العامة ، 1975م) ،ص82 .
[1] -عبد الحميد (سامي): مصدر سابق ،ص26.
[1] -سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 10 .
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق، ص 16-17 .
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 18.
[1] - ينظر: زيجمونت هبنر، المصدر السابق، ص224- ص230.
[1] - ينظر:اينز (كريستوفر): المسرح الطليعي. ت: سامح فكري.(القاهرة:
مطابع المجلس الأعلى للآثار، 1994)، ص286 – 289.
[1] -ينظر: زكي (احمد): المسرح الشامل،(لبنان: المركز العربي للثقافة
والعلوم، د. ت )، ص25 - 26، ص28.
[1] -ينظر : سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 139.
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 153-154.
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 154.
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 154.
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 106.
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص 107-108.
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ،
ص 265.
[1] - سرحان (سمير): مصدر سابق ، ص297.
[1] -ينظر : السادة ( أثير): مدخل إلى تجربة مسرح المقهورين ،www.masrahi.net . ص1.
[1]- see :++++. theatre of the oppressed:
http://www.mandalaforchange.com/index.htm
[1] -شايكين (جوزيف) : حضور الممثل ،ترجمة وتقديم :سامي صلاح ،مراجعة
هاني مطاوع (مصر :مطابع الهيئة المصرية
العامة للكتاب ، 1999م)، ص231.
[1] -جادامر ( هانز جيورج ).
تجلي الجميل ومقالات اخرى ، تحرير: روبرت برناسكوني ،ت:سعيد توفيق ،(مسقط :المجلس
الأعلى للثقافة –المشروع القومي للترجمة طبع بالهيئة العامة لشؤون المطابع
الأميرية ،1997م)، ص158 .
[1] - ينظر: ميسون ( بيم ): مسرح
الشارع والمسارح المفتوحة ، ت: حسين ألبدري ، مراجعة :محمد عناني (القاهرة : مطابع
المجلس الأعلى للآثار ،1997م)،ص65.
[1] - كاي (نك) : ما بعد
الحداثية والفنون الأدائية ، ط2 ، ترجمة :نهاد صليحة ،(مصر : الهيئة المصرية
العامة للكتاب ،1999م)،ص59.
[1] - كاي (نك) :المصدر نفسه ،
ص60.
[1] -كاي (نك) : المصدر نفسه ،
ص64.
[1] -كاي (نك) : المصدر نفسه ،
ص69.
الملاحق
ملحق رقم (1)
يبين جدول مجتمع البحث
ت
|
أسم المسرحية
|
المؤلف أو المعد
|
المخرج
|
سنة الإنتاج
|
1.
|
الملك
لير
|
شكسبير
|
صلاح
القصب
|
1985
|
2.
|
خيط
البرسيم
|
يوسف
العاني
|
فاضل
خليل
|
1986
|
3.
|
ترنيمة
الكرسي الهزاز
|
فاروق
محمد
|
عوني
كرومي
|
1986
|
4.
|
هوراس
|
بيركورنيه
|
بدري
حسون
|
1987
|
5.
|
بيرو
شناشيل
|
عباس
حربي
|
عوني
كرومي
|
1988
|
6.
|
مكبث
|
وليم
شكسبير
|
شفيق
المهدي
|
1989
|
7.
|
ليلة
خروج بشر بن الحارث حافياً
|
عزيز
عبد الصاحب
|
سامي
عبد الحميد
|
1990
|
8.
|
جسر
آرتا
|
جورج
ثيوتوكا
|
بدري
حسون فريد
|
1990
|
9.
|
حفلة
الماس
|
خزعل
ألماجدي
|
صلاح
القصب و كريم رشيد
|
1991
|
10.
|
قمر
من دم
|
يوسف
الصائغ
|
فاضل
خليل
|
1992
|
11.
|
الناس
|
شفيق
مهدي
|
شفيق
مهدي
|
1993
|
12.
|
الليالي
السومرية
|
لطيفة
الدليمي
|
سامي
عبد الحميد
|
1994
|
13.
|
مئة
عام من المحبة
|
فلاح
شاكر
|
فاضل
خليل
|
1995
|
14.
|
عطيل
في المطبخ
|
أعداد:
سامي عبد الحميد
|
سامي
عبد الحميد
|
1996
|
15.
|
فاضل
خليل
|
سيدرا
|
خزعل
ألماجدي
|
1996
|
16.
|
ساعي
البريد
|
عادل
كاظم
|
سامي
عبد الحميد
|
1999
|
17.
|
مكبث
|
وليم
شكسبير
|
صلاح
القصب
|
1999
|
18.
|
الجنة
تفتح ابوابها متاخرة
|
فلاح
شاكر
|
محسن
العلي
|
2000
|
ملحق رقم (2)
يبين جدول عينة البحث
ت
|
أسم المسرحية
|
المؤلف أو المعد
|
المخرج
|
سنة الإنتاج
|
1.
|
ترنيمة
الكرسي الهزاز
|
فاروق
محمد
|
عوني
كرومي
|
1986
|
2.
|
عطيل
في المطبخ
|
أعداد:
سامي عبد الحميد
|
سامي
عبد الحميد
|
1996
|
3.
|
مكبث
|
وليم
شكسبير
|
صلاح
القصب
|
1999
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق