مجلة الفنون المسرحية
(بفصل واحد وثلاثة مشاهد )
المشهد الاول
الشخصيات : انسان رقم واحد
المكان : مجهول
الزمان : مجهول
تفتح الستارة على مكان مجهول مظلم ، وصمت يلف المكان للحظات ، بعدها يصدر صوت يتردد في اجواء القاعة ..
- أين أنا .. يا الهي المكان مظلم .. بربكم الا اجد من يخبرني اين أنا .. أي متاهة تلك التي احيا بها .. أي ظلمة .. ألا أجد بصيصا من أمل يأخذ بيدي الى بر الامان ، مذ دخلت إلى هذه المدينة وأنا لا اعرف طريقي.. يصمت برهة ..ثم يواصل لا اعرف طريقي .. ولا وجهتي ...
يسلط الضوء الخافت في وسط قاعة المسرح على رقم واحد ، يتسع الضوء ويبتعد شيئا فشيئا ، يظهر انسان مكتوب على صدره رقم واحد وهو يردد :
- أين أنا .. أين .. يحدث نفسه قائلا :
- لا بد أن التقي باحد سكان هذه المدينة .
يهم بتحريك ساقيه، يجد نفسه يتحرك من تلقاء نفسه يرمي ببصره نحو الاسفل الضوء يتسلط على الة غريبة تحمله ..
- يا الهي ما هذا ..
يصدر الصوت من الالة :
- لاتخش شيئا ، فانا لن أؤذيك
- وما الذي جعلك تحمليني طيلة هذه المدة ...؟
- الامر لايعنيك البتة .. فانني على اية حال ساقلك الى مركز المدينة .. اذ ستلتقي بسكان المدينة هناك ..
الاضواء تختفي من المسرح صوت رقم واحد يردد :
- يا الهي .. أخيرا سألتقي بمن يفهمني .. يحدثني .. يجيب عن أسئلتي .. يزيل حيرتي .. من أنا .. وأين أنا .. ولم أنا ..
الآلة تبطيء السير قليلا لتعود الاضواء إلى المسرح لتبين عن سوق ومحلات ..يهمس رقم واحد لنفسه :
- كم أنا جائع ..
الآلة تبطيء في السير؛ لتقف عند بعض المحلات وتجيب رقم واحد :
- هيا كل ما تشاء
- وكيف عرفتِ أنني جائع ؟؟
- لأنني مبرمجة على قراءة أفكارك .
- ومن الذي برمجك على فهم ما يجول في خاطري
- لا دخل لك في الامر
- وإلى متى لايعنيني الامر
- الامر مرهون بكلمتك
- كلمة...؟؟
- نعم .
- هل هذه أحجية
- كلا ، ليست كذلك
- لا أفهم
- ولن تفهم
- لم لا تحدثيني بشيء مفهوم
- انا لا احدثك بشيء مجهول
- أنا احاول ان افهم مايدور حولي
- لن تفهم
- لماذا ؟
- لانك لن تفهم
- لماذا انت جافه هكذا
- أنا آلة
- انا اعرف
- ولماذا انت جاف هكذا
- لانني لست آلة
- ارأيت ..إنك لاتفهم
تستمر السير وهي تحمله لتختفي الاضواء
المشهد الثاني
المكان : بعض المحلات
الشخصيات : انسان رقم واحد وبعض الروبوتات
الزمان : مجهول
يقف رقم واحد أمام احدى المحلات علامات الذهول
بادية عليه ، صاحب المحل عبارة عن روبوت
وعينان كأنهما عجلتان يتوسطهما مصباح ذهبي
يلوح الروبوت لرقم واحد
رقم واحد يشعر بالخوف
هناك روبوتات عديدة تتجول وتتبضع من المحلات
اصحاب المحلات عبارة عن روبوت ايضا
- لكنني أشعر بالجوع
تتحرك الالة لتوصله الى محل لبيع الوجبات السريعة
- من فضلك ناولني سندويج البطاطا وبعض السلطة وكوبا من العصير
- تفضل ، يناوله الروبوت
- شكرا لك
- على الرحب
يردد رقم واحد
- يا الهي كلماته جافه .. وحروفه تشعرني بصلابة الالة التي صنعت منه
انه خالي من الروح .
- لا تتدخل فيما لا يعنيك ، يقول الروبوت ذلك وقد وكز رقم واحد بيده .
- يا الهي ..! كيف يعرف ما يجول في خاطري ..؟
- أني اشفق عليك ، فأنت مكشوف أمامي تماما
- ؟؟؟
- كل وجبتك فحسب
يشرع في الاكل وهو يطيل النظر في الفراغ ، والهواجس تملأ صدره . يسود الظلام القاعة والانوار تتسلط على الرقم واحد ..
- من أنا
- هل ما اعيشه حقيقة أم حلم
- هل أنا في حلم ؟
- لا ... لستُ في حلم .. يتحسس جسده
- هل هو انبعاث اللاوعي في هذه اللحظة ؟
- أعرف اناسا لهم القدرة على التحكم في الحلم يعيشون الحلم .
- نعم ، إذ يلتقي الوعي واللاوعي
- يا الهي ، بدأت اتخبط بأفكاري .. لا أعرف حقيقةً لا اعرف
ينهي طعامه ومن ثم ينهض ، الاضواء تعم القاعة
يبدأ التجول في المكان بين المحلات والشارع ، الصور تغطي المكان ، صور آلات ومعدات ، تستوقفه شاشة عريضة ، عبارة عن اعلان مكتوب عليه بكلمات ضوئية ( أذا اردت خادم او خادمة فما عليك الا ارسال المواصفات التي ترغب بها ، وسوف نرسل الانموذج المطلوب بلمح البصر ) وفي نهاية الاعلان صورة روبوت
- الاعلان قرب شركة للالات ايضا ؟... يتسائل مع نفسه
- هل هذه الالات جاءت من الفضاء الخارجي ؟
- فكل شيء وارد في عصرنا ..
- يا الهي اشعر بالصداع ..
- كم انا بحاجة لتناول كوبا من الشاي
تسير به الالة التي تقله امام احد المحلات ليناوله روبوت كوبا من الشاي
يرتشف رقم واحد الشاي ويردد
- كيف عرفتي ما افكر به
- لن اكرر اجاباتي
ينهي شايه ومن ثم تسير به الالة فيرتطم بأحد الروبوتات
- اعتذر .. لم اقصد
يوكزه الروبوت على راسه قائلا
- لاتفعلها مرة اخرى
- ...؟؟؟
الالة تسير به ليجد اعلان آخر قرب شركة اخرى للآلات مكتوب ( اذا اردت زوجة جميلة فما عليك سوى ان ترسل الصفات المطلوبة وسوف تصل اليك باقل من لمح البصر ..
لمحت في عقله فكرة
- كم اتمنى ان ارجع الى بيتي في هذه اللحظة
فجأة يرى نفسه أمام بيته فيردد بسعادة
- كيف لم انتبه الى هذه الفكرة منذ البداية
تختفي الاضواء
المشهد الثالث
المكان بيت رقم واحد وهو عبارة عن اثاث صالة ومطبخ وغرفة نوم ، وساعة جدارية
الزمان : مجهول
الشخصيات : رقم واحد ، رقم اثنان
- يا الهي لا اصدق
- هل انا في بيتي حقا
- اخيرا
- يا الهي البيت مظلم
يحاول الضغط على زر الاضاءة
الاضواء تعود الى القاعة لتبين عن اثاث لصالة ورقم واحد قد استرخى على احدى الاريكات .
يتلمس جهاز التحكم لتشغيل جهاز التلفاز، فتطل عليه مجموعة من الروبوتات ، يصاب بالذهول
يحاول التنقل بين القنوات الفضائية
- يا الهي
- لاشيء سوى الروبوتات
- اعتقدت ان الامر قد انتهى لمجرد عودتي الى بيتي
- يا الهي
- ما الذي يحدث معي
يصعق رقم واحد عندما يرى بان الروبوت داخل التلفاز يمتلك جهازا للتحكم
وبدا يوجه ايعازاته اليه
بدا يرفع يد ، ويضع الاخرى
يتقدم خطوة ويرجع خطوة تلبية لايعازات الروبوت
حاول التحرر بقوة ليغلق التلفاز ، وبذهول يهرع الى غرفة ابنه
يرى الحاسوب في حالة تشغيل والماوس يوجه ايعازاته الى الرقم واحد
- يا الهي ما الذي يحدث
- اغلق الجهاز يابني
- هيا اغلقه الا تسمعني
يهرغ الى غرفته الخاصة ، زوجته تجلس قبالة التلفاز وهي جالسة على السرير
- اغلقي التلفاز
- هيا يا عزيزتي
رقم واحد يحاول فعل شيء
- ما ذا افعل
- كم انا عاجز
- لم اشعر بالعجز اكثر من شعوري الان
رقم واحد يحاول ان يتوجه الى المطبخ
يرى الات واجهزة عدة متوجهة نحوه تلفاز ، خلاط ، مكنسة كهربائية ...
- يا الهي .. ما هذا
يحاول الهرب
يركض
يركض
- انقذوني ارجوكم
- الا يسمعني احد
كومة الآلات تجثم عليه ليختفي تحتها وهو يصيح
- ساعدوني ارجوكم ..ارجوكم .. ارجوكم .. الصدى يطن في القاعة
يعم الظلام القاعة
تعود الاضواء بعد لحظات
ينهض رقم واحد مذعورا من فراشه
بعد لحظات من الترقب ، يسترجع انفاسه ، ينصت لدقات الساعة المعلقة على الحائط يردد
- يا الهي
- الحمد لله .. انه حلم
يضحك قائلا
- اريد كوبا من الشاي
يترقب خائفا من الروبوت
- اتمنى ان يكون حلما
يأتيه كوب الشاي
يرفع راسه
تصدمه رؤية نفس الروبوت الذي قدم له الشاي
- يا الهي
- الامر لم ينته بعد
يدخل الغرفة رجل رقم اثنين
- اهلا بك صديقي
- ماذا ؟ لازلت على فراشك
- للاسف نعم
- الم نتفق
- على ماذا ؟
- ماذا ؟ هل نسيت ؟ الم اقدم طلبا الى الشركة المجاورة لترسل زوجة بالمواصفات التي ارسلتها ..
- ..؟؟!!
- هيا انهض ، سوف اسبقك الى هناك .. لاتتاخر
رقم واحد يتسمر مكانه
يترقب خائفا
يغطى وجهه تحت الفراش وهو يهمس
- هكذا افضل
- لا ارى ماحولي
- لايراني ماحولي
- لن اقول ساعدوني
- لانني اعلم انكم لن تساعدوني
الظلام يسود المكان
ستار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق