تصنيفات مسرحية

الخميس، 25 أبريل 2019

محاولة لدمج الواقع الافتراضي بعروض مسرحيات شكسبير في إطار شراكة مع «ماجيك ليب»

مجلة الفنون المسرحية

محاولة لدمج الواقع الافتراضي بعروض مسرحيات شكسبير
في إطار شراكة مع «ماجيك ليب»

 تتولى سارة إيليس في شركة «رويال شكسبير» في ستراتفورد، مهمة صعبة، وهي اكتشاف كيفية ملائمة مسرح القرن السادس عشر للقرن الواحد والعشرين. وتمثل إيليس، بصفتها مديرة التطوير الرّقمي، وهو مسمّى وظيفي ربما يبدو غير ملائم في صناعة يحكمها أداء البشر المباشر، تغيراً حديثاً في عالم الشركة. إنّها تعمل على دمج تكنولوجيا افتراضية جديدة مع عمل كاتب مسرحي تفصلنا عنه قرون.
دشّنت شركة «رويال شكسبير» خلال الرّبيع الحالي أحدث مشروعاتها، التي تمت في إطار شراكة مع شركة «ماجيك ليب» للتكنولوجيا، وهو إعادة تقديم لخطاب «سبعة أعمار للإنسان» لشكسبير من مسرحيته «كما تشاء»، وهو مناجاة للنفس، وكانت عبارة «ما الدنيا إلا مسرح كبير» هي أشهر جزء فيها، وتوجز تلك العبارة مقاصد الشّركة من هذا المشروع. وتشير الشركة إلى المشروع باسم «مسرح سطح الطّاولة» وهو تقديم أعمال صغيرة جداً يمكن تمثيلها على أي سطح.
تقول إيليس: «لقد أردنا البدء بمشهد من أعمال شكسبير، واستخدامه كعبارة بيانية توضح الاتجاه نحو طموح أكبر في هذا المجال، إنّه التنوع». وتضيف قائلة: «إنها نقطة البداية بالنسبة لنا لاستكشاف كيفية تقديم مسرح باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة التي نجدها في الألعاب وغيرها من المجالات، مثل التقاط الصور المتحركة، والتصوير المساحي، والالتقاط الحجمي».
تبدأ مناجاة الذّات بعد وضع سماعة الواقع المعزز «ماجيك ليب وان» لتراها على منصة صغيرة في حجم قاعدة تمثال أمامك. أدّى هذه المناجاة، ومدتها 3 دقائق، ممثل مسرحيات شكسبير روبرت غيلبرت، وعُدّلت لتناسب ذلك الوسيط ذي الحجم الصغير، بحيث تكون لها قوة تأثير العرض الحي. تم تسجيل أداء غيلبرت في البداية باستخدام تقنية الالتقاط الحجمي، وهي عملية تتضمّن العمل على مقطع مصور لإخراج مساحة رقمية ثلاثية الأبعاد منه، ما يتيح ترجمة الأداء الحي على خشبة المسرح إلى واقع معزّز يمكن تقديمه في أي مكان. توجد وراء الممثل شجرة ضخمة، يتقدّم عمرها مع استمرار العرض؛ حيث تتحوّل من اللون الأخضر، الذي نراه في الربيع، إلى اللون الأحمر الذي نراه في الخريف. وتبدأ الأوراق بالتساقط من الفروع، ما يجعل الشّجرة عارية مع وصول المناجاة إلى نهايتها.
وتوضح إيليس: «لطالما كانت هناك علاقة بين المسرح والتكنولوجيا. لذا فإنّ هذه التكنولوجيا تضيف إلى ما لدينا من أدوات للمسرح، وتوسع نطاق خيارات الأداء من خلال ما نمتلكه من أدوات اليوم. لطالما كانت تجربة الحكي والقصّ تتم باستخدام أفضل وسائل التكنولوجيا المتاحة وهو الممثل الحي. المهم بالنسبة إلينا هو كيف تساعدنا الوسائل التكنولوجية الجديدة في تعزيز ذلك الأداء، وتطوير تجربة الحكي ورواية القصص، وتقديم خيارات جديدة أمام المخرجين والمصممين، وتمكيننا من تشكيل وتنقيح وإعادة تعريف التجارب لجمهورنا». وتابعت: «ما وجدناه في الواقع المختلط هو قدرته على تقديم تجربة متشاركة مع وجود عالم رقمي متاح لنا من خلال التكنولوجيا. كذلك يتيح لنا ذلك التفكير في العالم الحقيقي والعالم الرّقمي بشكل متزامن، وجمعهما معاً. لقد وجدنا أنّ الجمهور يركّز على الأداء، لكنّهم ينظر بعضهم إلى بعض من خلال تلك الوسيلة، ويستمتعون بهذه التجربة الجماعية القائمة على التواصل».
وبدأت شركة «رويال شكسبير» استكشاف هذه المساحة بالتعاون مع «إنتل» لإنتاج مسرحية «العاصفة» لعام 2017، التي تضمنت أداء كاملاً بتقنية الاستشعار لالتقاط الحركة، يقدمه آريل الخادم من الجن في المسرحية. بعد ذلك بعامين يصبح الترفيه باستخدام الواقع المختلط أكثر انتشاراً مع تزايد انتشار التكنولوجيا.
وتستطرد إيليس: «شهدنا خلال العقود الماضية صناعات لحكي القصص تسعى وراء الغاية نفسها من دون تشارك المعلومات»، متحدثة عن مجالات الإبداع مثل السينما والتلفزيون والمسرح والموسيقى والإنترنت. وتضيف: «يعبر الجمهور بمرور الوقت تلك الحواجز، ويحدّد معاييرها الخاصة بالمحتوى مع دخول قنوات رواية القصص الخاصة بهم، مثل موقع (يوتيوب)، ومواقع التواصل الاجتماعي، والمنصّات المتوفرة على الإنترنت مثل (نتفليكس) و(أي بلاير)، لمجال الترفيه بأحدث أداء للمارشميلو. هذه هي المساحات التي يجتمع من خلالها الجمهور، وهذه هي الطريقة التي نوظّف المسرح من خلالها».
يتصور غريغ رينالدي، مدير بارز لعلاقات التطوير والإبداع في «ماجيك ليب» مستقبلاً يتم الاستمتاع فيه بجميع أشكال الترفيه من خلال الواقع المختلط؛ حيث لا توجد شاشات أو وسائل تحكم أو وسيط سوى السماعة. ويوضح قائلاً: «أنا من أشد محبي الخيال العلمي. أعتقد أنّ هذا هو سبب عملي في الشّركة».
الجدير بالذكر أنّ رينالدي كان يعمل في مجال ألعاب الفيديو في «إلكترونيك أرتس» قبل عمله في شركة «ماجيك ليب»، وكان يبتكر ألعاباً يشارك فيها عدة أفراد، ويقدم عوالم هائلة عبر الإنترنت ليشارك فيها آلاف اللاعبين. مع ذلك بعد 15 عاماً من العمل في مجال تسيطر عليه أدوات التحكم والشّاشات، يرى حالياً أنّها معوقات في مجال الترفيه الافتراضي. كذلك يقول: «يعيش أكثرنا التجارب في العالم من خلال التحديق في الهواتف المحمولة، وأنا لا أريد أن أفعل ذلك خلال العشرين سنة المقبلة. لا يجب أن تكون تلك هي طريقة تفاعلي مع العالم الرّقمي. نأمل أن تتطوّر التكنولوجيا، بحيث تصبح أصغر وأقوى، وبحيث يصبح من الطبيعي ارتداء نظارة للتّفاعل مع ابتكار وسيط مرئي جديد. ما نحاول التوصل إليه هنا هو كيفية جعل التفاعل يسير بشكل طبيعي من دون مشقة في التعلم».
وينبغي القول إنّ الواقع المختلط ليس مثل الواقع الافتراضي تماماً؛ حيث توجد فروق واختلافات فنية بين الاثنين. على عكس الواقع الافتراضي، الذي يوظف الصّور الرّقمية ثلاثية الأبعاد لتكوين عوالمه الافتراضية، تسيطر «ماجيك ليب وان» على «حقول الضوء الرقمية»، وهي طريقة تقدم لمرتدي السّماعة إشارات وأصواتاً مماثلة لتلك الصّادرة عن أشياء في العالم الحقيقي. مع ذلك ربما يكون الفارق الأهم ذا طابع فلسفي؛ حيث يلّفك الواقع الافتراضي ويدخلك إليه. يقول غريغ رينالدي، رئيس «ماجيك ليب»: «أعتقد أنّ الواقع الافتراضي تكنولوجيا مذهلة، لكنّه مختلف كثيراً، فهو يقوم على الهروب. يمكنك تكوين عوالم ثرية حقاً في العالم الافتراضي. ويمكنك تكوين المساحة في العالم الافتراضي؛ حيث تمتلك القدرة الكاملة على خلق هذا العالم الآخر. على الجانب الآخر في الواقع المختلط عليك احترام المساحة التي توجد بها، وعليك فهم كيفية تفاعل المحتوى الرقمي مع المساحة، وتفاعل المشاهدين مع تلك المساحة». وأضاف قائلاً: «أعتقد أنّ سبب تحمّسنا للواقع المختلط هو عدم اضطرار المرء إلى إبعاد البشر عنه. مع ذلك لا أعتبرهما وسيلتين متنافستين، بل فقط مجرد وسيطي معايشة مختلفين، مثل الفيلم والإذاعة».
وتقول إيليس: «ستعتمد الحكي ورواية القصص خلال العشرة أو العشرين عاماً المقبلة على أحداث اليوم، وسوف تظل مسرحيات شكسبير جزءاً أصيلاً من خطاب المجتمع اليوم». وتضيف: «خلال الأعوام العشرة المقبلة، سنتفاعل كصناعات وقطاعات وأنواع مع الجمهور ومع مساحات تجمعه الجديدة. كذلك سنرى التقاء تلك المنصات، وسيكون مستقبل الترفيه أكثر انفتاحاً، أو ستقل هيمنة المنصة أو التجربة الواحدة عليه».
أعلنت شركة «رويال شكسبير كومباني» في يناير (كانون الثاني) عن برنامج «جمهور المستقبل» الذي يستكشف مستقبل الأداء الحي المباشر، بالتعاون مع «مارشملو ليزر فيست» و«ماجيك ليب» و«إنتل» و«إيبيك غيمز» وغيرها. وسيكون مجال استكشافها المقبل هو المسرح والحاسوب المكاني مع توفير 6 منح زمالة لدى جامعة «بورتسموث»، وجامعة «غولدسميثز» و«آي تو ميديا ريسيرش».
وتوضح إيليس: «أعتقد أنّ إمكانات جهاز (ماجيك ليب) المتعلّقة بتقديم المسرح كثيرة، ونحن نستكشف تلك الطّرق حالياً. يمنحنا العمل على ذلك بشكل جماعي فرصة لتصوّر شكل إنتاج أو أداء مستقبلي ما، مع التفكير في الطّرق الكثيرة التي يطلّع الجمهور من خلالها على المحتوى ورواية القصص. كيف يمكن للمسرح أن يوجد في تلك المساحات، وكذلك كيف يمكنه أن يوظّف بعضاً من تلك الابتكارات في هذه المجالات».

---------------------------------------
المصدر : لندن - الشرق الأوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق