مجلة الفنون المسرحية
المؤلف عبد الجبارالغراز |
(مسرحية للأطفال بفصل واحد )
الشخصيات :
- الراوي
- صالح
- الأم
- الأب
- العقل
- الأستاذ
- سلمى
- عادل
- مجموعة من التلاميذ
( المشهد الأول )
غرفة صغيرة ، بها مكتب عليه كتب و دفاتر و أقلام مبعثرة، تحت المكتب كرسي يجلس عليه طفل جاوز سن العاشرة بقليل . الطفل يأخذ بيديه لوحا إلكترونيا. و في زاوية مظلمة من الجانب الأيمن للمكتب يوجد سرير .
ثمة ملامح شبح لطفل آخر مستلق و نائم على السرير. الشبح يغط في نوم عميق..
يظهر الطفل الأول منشغلا باللعب على لوحه الإلكتروني ،غير مبال بشخير شبح الطفل الثاني الذي يملأ أرجاء الغرفة.
و في زاوية أخرى مقابلة للسرير، يظهر شبح آخر يخترق الظلام ، يتجه صوب مركز الخشبة فتسلط عليه أضواء إنارة خافتة مصاحبة لها موسيقى هادئة موحية تكشف للجمهور شيئا فشيئا عن شخص الراوي..
يبدأ الراوي في سرد القصة ..
" كان يا ما كان يا سادتي يا كرام ، طفل في عمر الزهور يدعى " صالح ( الله يصلح ليكم وليداتكم ) .. لا يحمل من الصلاح و الفلاح إلا هذا الاسم .. طفل .. أسير ألعابه الإلكترونية. هو ، مثله مثل باقي الأطفال، ينعم بحب والديه و رعايتهما.. طفل انشغل بألعاب هذا الزمان الرخو ، و نسي أنه تلميذ في المدرسة ..إذ كان ينبغي عليه أن يهتم بدروسه و ينجز واجباته المدرسية .. طفل لا يعطي لكل وقت حقه .. وقت اللعب و المرح ( يقوم الراوي برقصة موحية ) و وقت العمل و الجد و المثابرة .. ( يقوم الراوي بحركة جسدية عسكرية كإشارة للانضباط و الحزم) ..
لن أطيل عليكم .. أيتها السيدات .. أيها السادة .. سأترككم مع هذه الحكاية العجيبة التي تروي قصة صالح مع عقله غير الفالح ..
فطفلنا هذا هو نموذج لكل طفل من أطفال مغربنا الحبيب .. و حكايته التي نحكيها لكم الآن، لا نبغي من وراءها التسلية، بل نريد أن تأخذوا و يأخذ أطفالكم منها العبرة و الاعتبار .. فهل من معتبر .. فهل من معتبر .. فهل من معتبر ( ينسحب الراوي على إيقاع موسيقى هادئة موحية .. )
تدخل فجأة الغرفة سيدة ، يتبين من خلال حركاتها أنها أم صالح ، تطلق صرخة استنكار في وجه ابنها المنهمك في اللعب ..
( الأم ) :" يا ويلتاه .. يا ويلتاه .. ماذا أشاهد ؟
( بعد لحظة ترفع يديها و وجهها صوب السماء ، كأنما تدعو الله ، مستديرة اتجاه الجمهور )
ماذا فعلت يا ربي من معاص حتى أجازى بمثل هذه المعاناة ، مع هذا الطفل المتقاعس ؟؟
( تهز ابنها هزة قوية فينفلت اللوح الإليكتروني من بين يدي الطفل صالح و يسقط فوق المكتب ، فتلتقطه أمه بسرعة بيدها اليسرى ) .. صالح .. صالح .. صالح .. ما هذا الذي تفعله يا بني؟
( صالح ) :
(يجيب و هو ينظر في وجه أمه الغضبانة نظرة استعطاف مملوءة بالخوف )
أمي .. أمي .. أرجوك .. أرجوك .. أتركي لي اللوح لحظة قصيرة .. ( لحظة ) أعدك عندما أنتهي من لعبتي المفضلة أن أنجز تماريني المدرسية ..
( و بنبرة صوتية مستجدية عطف الأم ) .. وا عفاك أماما ! ..
( الأم ) : (ترق لحال ابنها و تترك له اللوح الإلكتروني ) -
خذ لوحك .. لكن لا تنس أن تنجز عملك المدرسي .. ( لحظة) سيعود أبوك بعد قليل من عمله ليراقب دفاترك ..
( صالح) : (يتسلم اللوح و هو يطير فرحة )
حاضر يا أعز أم في الدنيا ..( لحظة ) سأنجز على الفور تماريني ..
( ملوحا بيديه إشارة الانتصار ) .. شكر لك يا أمي .. ( تنصرف الأم )
( صالح يرقب انصراف أمه .. يتحقق من خروجها من الغرفة .. يشغل اللوح الإلكتروني و يستمر في اللعب .. لحظة .. يسمع وقع أقدام .. صالح يتظاهر بأنه ينجز تمارينه .. يحاول تعطيل اللوح دون جدوى ..)
( الأب ) : ( يدخل الغرفة.. يلحظ ارتباكه )
لن أتركك يا بني فريسة هذه الألعاب الضارة بعقلك .. فقد دللتك أمك زيادة على اللزوم اللازم ..
( صالح ) : (مرتبكا و ناضرا في وجه ابيه بخوف )
أبي .. أبي .. فقط .. كنت أحاول أن أعطل لوحتي ..
( الأب ) : (مقاطعا ابنه )
كلما دخلت عليك في غرفتك أجدك مستغرقا في اللعب بهذه اللوحة الملعونة..
( لحظة و هو ينظر إلى ابنه )
واش ما عليك لحكام فهاذ الدار ؟
( يأخذ اللوحة من يد ابنه بنرفزة )
تبا لمن اخترع هاذ لعجب .. أرا نشوف ..
( يهم بالانصراف )
( صالح ) : (يتبع بنظراته المكسورة انصراف ابيه .. و في محاولة أخيرة و يائسة )
أبتاه .. أبتاه .. ( لحظة ) وا حرام عليك آبابا ..
( يرقب اباه و هو يغادر الغرفة .. لحظة .. يلتفت في وجوم إلى كتبه و دفاتره و أقلامه المبعثرة ، محاولا في يأس و تدمر ترتيبها ( لحظة ) يأخذ دفترا و قلما .. يفتح كراسة .. يهم بإنجاز أحد التمارين .. يحك بعصبية رأسه .. يرفعه ، مظهرا الاهتمام و التفكير .. لكن يتذكر فجأة شيئا ما قد نسيه .. )
أينك يا عقلي ؟ .. ( لحظة .. و في سخرية ) ..
و باقي ناعس .. ( يلتفت جهة يمين الخشبة .. يتجه صوب سريره .. تمة شبح نائم في السرير .. يهز كتف الشبح الذي يسمع غطيطه المتزايد .. محاولا إيقاظه )
( صالح ): هيا .. استيقظ أيها الكسلان ! ..
( يحرك بشكل خفيف الجسم النائم ) ..
هيا قم و ساعدني في إنجاز هذه التمارين الملعونة .. ( يحرك الجسم بقوة ) .. وووا نووووض آبنااااااااادم !..
( تظهر ملامح الشبح بشكل واضح و تكشف عن طفل في عمر صالح .. يتقلب هذا الأخير في الفراش و يحاول الرجوع إلى النوم .. )
( العقل ) : اتركني يا صالح ..
( لحظة .. بعد تثاؤب و تتثاقل و تحريك لليدين صوب الأعلى ) ..
اتركني لأنام قليلا..
( صالح يهزه هزا قويا هذه المرة ) ..
لن أتركك تنام و التمارين قد تراكمت علي .. و الوقت يزاحمني .. و أمي تمنعي من مواصلة اللعب .. و أبي يتوعدني إن لم أقم بتلك الواجبات ,, ( لحظة ) هيا انهض .. ( هذه المرة .. صارخا في وجه الطفل النائم ) و تااااا نووووووض .. !( لحظة .. يجثم على ركبتيه .. يتوسل إلى الطفل النائم و يترجاه ) استيقظ يا صاحبي .. كيف أستطيع أن أقوم بإنجاز تماريني دون مساعدتك .. ألست عقلي ؟ ( لحظة و بصوت دافئ لا يخلو من رجاء و استعطاف ) .. ووواااااانوووووض أصااااااحبي .. ننننووووضض !
( العقل مستيقظا و جالسا على السرير .. مقهقها في وجه صالح و مستهزئا ) صاحبك !!! ( متجها بنظراته صوب الجمهور ) .. قاليك أنا صاحبو .. ( لحظة ) وا زوينا هادي .. ( لحظة أخرى ، هذه المرة ، قائما من السرير، متجها بنظرات حادة صوب صالح و صارخا في وجهه ) وااااتافين عمري كنت أنا صاحبك ؟ !! ( لحظة .. رافعا يديه محذرا صالح ) .. تخلليني ننعس لا !..
( صالح مستعطفا و بقوة ) يا عقلي .. ( مازحا ) وووالعقيل ديالي ..
( العقل مقاطعا و هائجا ) .. ها أنت قد قلتها بعظمة لسانك .. ما أنا إلا عقل صغير .. ( لحظة ) .. فكيف تطمع أن أساعدك و أنت تحتقرني و تستصغر من شأني ؟
( صالح ضاحكا و مبتسما ) .. لا عليك يا عقلي الجميل .. أنت سيدي و مولاي ( لحظة .. و في تردد ) .. أنت تاج رأسي ..
( العقل يتجه صوب الجمهور مخاطبا ) اسمعوا .. ( لحظة ) و عوا .. ( لحظة ) و كونوا من الشاهدين .. قاليك أنا تاج راسو ... ( ملتفتا ناحية صالح و مقهقها في تهكم ) هههههههههههه
( صالح ) أحسبتني كاذبا .. ( لحظة ) أنا جاد في قولي .. ( لحظة ) أقسم على ذلك ..
( العقل صارخا في وجه صالح ) باراكا .. صافي عليا من لكذوب ..( لحظة ) انظر إلى نفسك في المرآة .. سترى حقيقتك ساطعة كالشمس .. ( لحظة .. متجها نحو السرير و نظراته لا تفارق صالح ) دبر لمحاينك آصالح .. خليني ننعس ! .. ( يستلقي العقل على السرير و ينام .. )
( صالح في لحظة يأس ، يتجه صوب الجمهور محاورا نفسه على إيقاع موسيقى حزينة) .. أنا سميتي صالح ، و عمري ما كنت صالح .. ( لحظة ) .. لا اعرف لماذا سموني بهذا الاسم ؟ ( لحظة ) .. لا يكترث بي أحد .. أمي ديما مسمرا قدام التلفزيون تتفرج على الأفلام و المسلسلات التركية المدبلجة .. ( لحظة ) اغلب الأوقات أذهب صباحا إلى المدرسة بدون فطور ، أو في وقت الظهيرة أذهب بدون تناول وجبة غذاء .. ( لحظة و في تأثر بالغ ) أما واحد الوالد ديالي ، فالنهار و ما طال و هو خارج الدار.. إلى ما كان في الخدما .. ها هو مع صحابو في القهوى مسالي تقرقيب الناب .. ( لحظة ) لا يتقن سوى إصدار الأوامر و النواهي .. ( مشيرا وملوحا بيده اليمنى ) .. دير هادي ما ديرش هادي .. دير هادي .. ما ديرش هادي ... ( لحظة .. رافعا يديه و وجهه إلى السماء ) .. رحماك يا ربي .. رحماك يا ربي من هذا العذاب ( يستلقي صالح هو الآخر في يأس على سريره بجانب عقله و هو يبكي )
المشهد الثاني
المنظر عبارة عن حجرة فصل دراسي بها مقاعد يجلس عليها تلاميذ ، و سبورة سوداء .. و مكتب .. و على الجدران علقت صور تربوية و أية قرآنية كريمة تحث على القراءة .. يظهر من زاوية مظلمة شبح الراوي متجها صوب مركز الخشبة فتسلط عليه أضواء تصحبها موسيقى هادئة موحية .. الراوي يواصل الحكي ..
( الراوي ) : و هكذا، يا سادتي يا كرام ، بدأت قصة صالح مع عقله .. قصة .. كما عرفتم ، تعيشها كل أسرة مغربية .. نحكيها لكم بكل حرقة و أسف ، و في القلب غصة .. ( لحظة تصاحبها إيقاعات موسيقية حزينة ) لقد شاهدتم كيف كان صالح يستعطف عقله ليساعده في إنجاز تمارينه .. و الآن .. ستشاهدون في الحجرة الدراسية نتائج من لم يجعل بيته المدرسة الأولى.. لن أطيل عليكم .. سأترككم مع هذا المشهد الدرامي الذي تعاني منه مدارسنا الابتدائية ، و انتقل ، بعدها كالسرطان ، إلى إعدادياتنا و ثانوياتنا و جامعاتنا ..
( ينسحب الراوي على إيقاع نفس الموسيقى )
يدخل أستاذ إلى الفصل الدراسي فيقف التلاميذ أجلالا له.
( التلاميذ بصوت واحد ) صباح الخير يا أستاذ ! ..
(الأستاذ ): صباح الخير أبنائي و بناتي ..
( بعد لحظة جال فيها بصر الأستاذ على كل أرجاء الفصل )
اجلسوا .. اجلسوا .. (
يجلس التلاميذ في مقاعدهم و عقولهم بجوانبهم يقظة .. إلا عقل صالح ، إذ يبدو عليه الإعياء و التعب )
( الأستاذ ) : هل راجعتم مع أسركم الدرس الجديد ؟
( التلاميذ ) نعم يا أستاذ ..
( الأستاذ ) :طيب .. لنعمل معا على بناء الدرس لفهمه جيدا ..
( الأستاذ متوجها بالسؤال لإحدى التلميذات ) ما هو درسنا اليوم يا سلمى؟
( سلمى ) :درسنا اليوم يا أستاذ هو الحال و الجملة الحالية ..
( الأستاذ ) أحسنت .. أحسنت يا سلمى ..
( الأستاذ متوجها إلى التلاميذ )
و ما الحال ؟
( التلاميذ يرفعون أصبعهم مرددين لازمة " أستاذ " .. الاستاذ يختار أحدهم للإجابة ) ..
أنت يا عادل .. أجب عن السؤال .. ما الحال ؟
( عادل ) : ( بعد تفكير ، مظهرا استشارته مع عقله .. هذا الأخير يقوم بحركات جسدية تعبيرا عن الانسجام التام مع عادل )
الحال .. الحال .. يا أستاذ .. اسم نكرة منصوب ..
(الأستاذ ) : و ماذا يبين هذا الاسم النكرة المنصوب ؟..
( التلاميذ يرفعون أصابعهم مرددين نفس اللازمة .. الأستاذ متجها هذه المرة إلى تلميذة مترددة في رفع أصبعها) .. هه .. و أنت يا سميرة .. أجيبي عن السؤال ! ..
( سميرة ) : (تلتفت إلى جانبها كإشارة منها أنها تستشير عقلها )
يبين الحال ، يا أستاذ ، هياة اسم قبله ..
( الأستاذ) : ( مبتسما )
أحسنت يا سميرة .. بارك الله فيك و في أمثالك
( متأملا وجوه التلاميذ بعد لحظة يتجه صوب صالح ) ..
و أنت يا صالح .. هل باستطاعتك أن تقول لي ما اسم هذا الاسم الذي يوجد قبل الحال ؟
( صالح ) : (يقف مرتبكا .. فمرة ينظر في وجه أستاذه و مرة أخرى في وجوه التلاميذ .. يجلس فجأة في مقعده ليستشير عقله ، لكن يجد هذا الأخير يغط في نوم عميق .. يحركه )
هيا يا عقلي.. يا صاحبي .. استيقظ ..
( العقل لا يستيقظ .. يواصل صالح تحريك عقله بنرفزة أثارت ضحك التلاميذ )
استيقظ يا صاحبي .. هل هذا وقت النوم ؟ .. هذا وقت الامتحان .. فيه يعز المرء أو يهان ..
( لحظة بصوت حاد ) .. واك واك أعباد الله وووافيييق !!! ( ينفجر التلاميذ بالضحك )
(الأستاذ ) : ( ينهر التلاميذ الذين يضحكون ) ..
صمت .. ما هذا الضجيج !
( ملتفتا إلى صالح الذي ما يزال يواصل ، دون جدوى ، عملية إيقاظ عقله النائم ) هيا يا صالح .. باستطاعتك الإجابة عن السؤال .. لا تكترث لهؤلاء !
( لحظة الأستاذ مشجعا صالح ) هيا .. هيا .. ( التلاميذ يرفعون أصابعهم و الأستاذ ينهرهم ) صمت .. اجلسوا في أماكنهم و حافظوا على الهدوء ..
( يلتفت لصالح معاتبا) .. كعادتك يا صالح لم تراجع الدرس ..
( صالح مطأطئا رأسه ) لقد راجعته يا أستاذ ..( لحظة ) لكن عقلي خانني ، كما يخونني كل مرة ، و ذهب في نومة عميقة ( يقلد عقله النائم ) لحظة.. ينفجر التلاميذ ضاحكين )
( الأستاذ ناهرا التلاميذ )
صمت ..
( ملتفتا نحو صالح و هو يربت على كتفيه) .. أنت تلميذ صالح .. يا صالح .. فكيف تتحدث عن عقلك بهذا الكلام ؟
( صالح ناظرا في وجه استاذه ) بإمكانك يا أستاذ أن تسأله .. ( لحظة ملتفتا صوب عقله النائم ) .. لتعرف صدق قولي ..
( الأستاذ يوقظ يتجه نحو عقل صالح يحركه بشكل خفيف.. هذا الأخير يستيقظ .. ينظر في وجه الاستاذ مذعورا .. ينفجر التلاميذ مرة أخرى بالضحك .. ينهرهم الأستاذ .. يلتفت صوب عقل صالح .. يهدأ من روعه .. يسأله في هدوء .. ) ..
لماذا لا تتعاون مع صالح ؟ ( لحظة ) ألستما صديقين ؟
( العقل تظهر على محياه علامة السكينة و الارتياح .. يجيب )
بلى .. يا أستاذ .. و لكن .. ( يتردد في الإجابة )
( الأستاذ مشجعا ) و لكن ماذا ؟
( العقل ينهض من مقعده ينظر في وجه صاحبه نظرة عتاب ، صالح يتلقف تلك النظرات .. يحس بلغتها الصامتة فيطأطأ رأسه خجلا .. يحدث صمت رهيب .. الكل ينتظر و يترقب جواب عقل صالح .. )
( الأستاذ محاولا تشجيع عقل صالح على الكلام ) .. أجب أيها العقل .. فأنت الكل في الكل ..( يحدث صمت رهيب )
( العقل يبوح بكل ما في صدره ) .. أنا يا أستاذ صفحة بيضاء لم يكتب عليها أي قلم .. أنا و صالح كائنان غريبان .. إن حضر هو غبت أنا .. و إن أنا حضرت غاب هو .. ( لحظة ) .. أنا الفاقد الدائم للمعرفة .. ( لحظة رافعا يديه ليغطي وجهه ) فكيف تريد مني أن أعطيها.. كيف .. ؟ كيف .. ؟ كيف .. ؟
( الأستاذ مشيرا إلى العقل و صالح ) .. باستطاعتكما ، من الآن فصاعدا ، إبرام عقد تصالح .. ( لحظة ) سنعتبره جميعا ميثاق تواصل و محبة صادقة بينكما ..
( العقل يغادر مقعده .. يمشي في اتجاه مركز الخشبة على إيقاع موسيقى حزينة .. يخترق هذا الصمت يتوجه بالحديث إلى الأستاذ) .. صدقني يا أستاذ إذا قلت لك .. ( ملتفتا صوب التلاميذ و صوب الجمهور ) .. صدقوني إذا قلت لكم ، أنني لم أخن صديقي صالح ، فالخيانة لم تكن أبدا من شيم العقول ..( لحظة صارخا باستنكار ) أنا عقل نير .. يقظ ..
( الاستاذ ) : .. لا عليك .. لا عليك .. أنت العقل .. أنت مصدر كل شيء .. بك تتقدم الأمم و ترتقي .. و بسببك تتأخر و تنقرض ..
( يخترق الجو صوت موسيقي كناوي .. يبدأ العقل في الرقص على إيقاعه .. ( لحظة يشاركه صالح في الرقص .. بعدها ينخرط الكل في الرقص الجماعي)
( صالح يأخذ بيد عقله .. يرفعها ) .. لنتعاهد يا صاحبي .. ( لحظة ) لن أصاحب بعد اليوم غيرك .. كن منذ الآن صديقي ! ..
( العقل مادا يده لصديقه صالح ) .. و أنا بدوري أعاهدك بأن لا أخذلك أبدا ( يتعانقان تحت إيقاع موسيقى جميلة و هادئة موحية .. تتوارى الأضواء عن مشهد صالح و عقله .. و تسلط في اتجاه يسار الخشبة لتكشف عن مجموعة فتيان و فتيات ينشدن و يرقصن على إيقاع الموسيقى النشيد التالي :
صديقي ( 1 )
صديقي طيب القلب
له ودي .. له حبي
و أسأل عنه إن غاب
و أسعد منه بالقرب
صديقي طيب القلب
له ودي .. له حبي
و أسأل عنه إن غاب
و أسعد منه بالقرب
صديقي .. صديقي ..
صديقي طيب القلب ..
صديقي طيب القلب ..
و في جدي و في لعبي .. يرافقني بلا تعب
و في جدي و في لعبي .. يرافقني بلا تعب
تصادقنا على الأدب
تصافينا بلا غضب
صديقي .. صديقي ..
صديقي طيب القلب .. صديقي طيب القلب ..
انتهى
( يسدل الستار )
هوامش :
( 1 ) أنشوذة للأطفال على اليوتوب : " صديقي " https://www.youtube.com/watch?v=WCzHUNY-jo0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق