تصنيفات مسرحية

الجمعة، 5 يوليو 2019

بحث في "الدراما والتنوع والتنمية بين الأصول التنموية والأعراف الاجتماعية "

مجلة الفنون المسرحية


أ.م.د/ راندا محمود رزق فاخر
أستاذ مساعد الإعلام التربوي
كلية التربية النوعية – جامعة القاهرة





مقدمة
      المقولة التي خلَّدها التاريخ: "أعطني مسرحًا وخبزًا أعطيك شعبًا عظيمًا" قيل إن قائلها هو الكاتب الكبير والشاعر وليام شكسبير، ويقال أيضًا إن الفيلسوف اليونانى أفلاطون هو أول من تفوه بها، ولسنا نبحث عن القائل الحقيقى لها، ولكن ما يهمنا إزاء هذه الجملة هو المعنى الحقيقي الذي تضيفه. ويمكننا أن نضيف مقولة أخرى للفيلسوف والمسرحى الفرنسى فولتير، وهي قوله: "فى المسرح وحده تجتمع الأمة ويتكون فكر الشباب وذوقه، وإلى المسرح يفد الأجانب ليتعلموا لغتنا لا مكان فيه لحكمة ضارة ولا تعبير عن أية أحاسيس جديرة بالتقدير إلا وكان مصحوبا بالتصفيق؛ إنه مدرسة دائمة لتعلم الفضيلة".
    لا شك أن الحديث عن المسرح يتطلب اقتحام جميع مجالاته المتعددة والغوص فيها، سواء تعلق الأمر بالنصوص أو المجلات المختصة، أو السينوغرافيا، أو تكوين الممثلين. ولا شك أيضًا أن إنشاء حركة مسرحية ذات أسس أكاديمية تفتح نافذة للموهوبين من الشباب في كل المجالات تتطلب جيلًا من المختصين في هذا القطاع بقصد إعطائه المكانة اللائقة به وجعله يلعب دوره التوعــوي والتعبوي والتثقيفي داخل المجتمع الذي ينظر للمسرح بأشكاله المختلفة باعتباره مرآة تعكس واقعه وآلامه وأماله وطموحاته، ومن هنا فهو تصـوير للواقع بشــــكل فني.
    وإذا كان المسرح وسيلة لتغيير المجتمع، فإن الدارس من خلال هذا المنطلق يسعي إلى إمكانية توظيف تقنيات المسرح التنموي كآلية لخلق علاقة مباشرة مع الجمهور لمواجهة قضاياه، وإدماجه في العرض المسرحي ليكتشف ذاته ومشكلاته الاجتماعية، وليجعله جزءًا من حل المشكلة؛ إذ يري الدارس أن المجتمع بحاجة إلى هذا الأسلوب المسرحي الذي يتناول قضاياه بشكل مباشر لمعرفة جذور المشكلة والعمل على كيفية المساهمة في حلها عبر مسرح يكون أقرب لطبيعة وثقافة المجتمع، لذلك اعتمدت الدراسة أسلوبَ المسرح التنموي لتميُّزه بالتقنيات المسرحية التي تتيح فرصة المناقشة المباشرة مع المتلقي. 
   وقد نشأ المسرح تاريخيًا كطقس يحاكي سلوك البشر معبِّرًا عن طبيعة حياتهم اليومية، وكفعل إنساني ناتج عن فكر بشري فرضه الواقع، بالإضافة إلى مروره بكثير من التغييرات في الشكل والمضمون والوظيفة، مرتبطًا بطبيعة ثقافة المجتمع الذي نشأ وترعرع فيه، سواءً كان ذلك بطريقة واعية أو غير واعية، مساهمًا بطريقة أو بأخرى في إحداث متغيرات اجتماعية في إطار وظيفته التي تميز بها منذ نشأته وتطوره عند الإغريق؛ وصولا إلى مرحلة ظهور الأشكال والأساليب المسرحية الجديدة التي أبرزها أبرزهما المسرح الملحمي والمسرح التنموي.
    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا وجد المسرح؟ ولماذا يشكل جزءًا مهمًّا من المجتمعات الإنسانية؟ أين تكمن أهمية المسرح؟ وتكمن الإجابة في كَوْن المسرح مُعَبِّرًا بليغًا عن كل حاجاتنا الإنسانية التي لا تقتصر على الطعام والأمان وكسب الاحترام والحياة فحسب، ولكن تعبيره أيضًا عن الإبداع والتجربة علما أن أوج الإبداع هو خوض التجربة.
   ويتضاعف الدور الاجتماعي للمسرح عندما يتصل بالأجهزة التثقيفية الأخرى المسموعة والمرئية وغيرها، كي يسخرها لأغراضه سواء بالسلب أو الإيجاب، وعلى هذا تصبح الأهمية مركبة؛ لأن رقعة الجماهير التي يتصل بها تتسع أكثر، فقد يتحدد تأثير المسرح الحي المباشر بزمانه ومكانه، ولكن يترامي مداه ويعمق إن هو أقام علاقات دبلوماسية صحيحة مع المؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام الأخرى.
ولعل أشكال المسرح  التي تعنينا بالشكل الأكبر في هذا البحث هي الأنماط المسرحية القائمة على تطوير المجتمعات وتنميتها وإحداث التغيير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بها، ومن أمثلتها، المسرح التفاعلي أو التحفيزي الذي ظهر نتيجة لعوامل عديدة لعل أهمها أنه نشأ بالوازي مع الحركات المعارضة في أمريكا وأوروبا ما بعد عام 1968، وأخذ في التطور مع الشكل الجديد للعالم والصراعات التي بدأت تحكمه وما ترتب عنها من مشكلات جمة كقضايا المهاجرين والصراعات الاقتصادية والحروب الإثنية وغيرها من المشكلات، وإن كان من الممكن أن نرصد التأثير المباشر لظهور هذه الصيغة المسرحية بربطها بظهور المجتمعات المدنية الحديثة التي باتت تبحث عن سبل جديدة موازية لمكافحة مشكلات العالم والتصدي للقضايا التي خلقتها العولمة.

مشكلة الدراسة
     تهتم هذه الدراسة برصد أثر المسرح في تحقيق التنمية وأثر ذلك على التغيير الاجتماعي بالمجتمعات المختلفة، وكذلك رصد أثر التجارب والمبادرات الدولية ونظيرتها المحلية، في تحفيز أفراد المجتمعات المحلية على المشاركة في عملية تطوير مجتمعاتهم، وانعكاسات ذلك على التغيير الاجتماعي، كما ترصد أهمية المسرح كمنصة ديمقراطية تمكن جميع الأفراد من التعبير وتبادل الأفكار بغض النظر عن الخلفية أو الحالة التعليمية في المجتمع.
أهداف الدراسة
استخدام المسرح التنموي كنهج لبدء عملية تنمية المجتمع.
استخدام المسرح التنموي كنهج مجتمعي لمعالجة القضايا.
الكشف عن أثر المسرح التنموي كأداة للمشاركة المجتمعية.  

أهمية الدراسة:
     إذن تستمد هذه الدراسة أهميتها من الحاجة إلى المسرح التنموي في تحقيق التغيير الاجتماعي بالمجتمعات المختلفة، وبخاصة في الدول النامية، وأثر ذلك على حياة الأفراد والجماعات.  
تساؤلات الدراسة:
كيف يمكن استتخدام المسرح التنموي كأداة لتطوير المجتمعات؟
لماذا يعتبر المسرح التنموي منهجية مجتمعية لمعالجة قضايا المجتمع؟
ما مدى تطبيق استراتيجيات المسرح التنموي كأداة للمشاركة المجتمعية؟ 

منهجية الدراسة:
    سيتم استخدام المنهج الوصفي التحليلي والذي يقوم على جمع البيانات وتحليلها لبناء الإطار النظري والوصول الى النتائج المرجوة من خلال التساؤلات التى تستعرضها من خلال البحث. 

الإطار المفاهيمي للدراسة:
المسرح التنموي TFD
التغيير الاجتماعي 
أنثروبولوجيا المسرح 
العروض التشاركية

الإطار النظري:
التعريفات:
التنمية في اللغة:
    التنمية في اللغة مشتقة من الفعل نمى، بمعني ازداد وانتشر، هذا بالنسبة إلى الاشتقاق العربي الصحيح، فالنماء يعني أن الشيء يزيد حالاً بعد حال - من نفسه لا بالاضافة إليه - وهذه الدلالة لمفهوم التنمية لا تتفق والمفهومَ الانجليزي “Development” الذي يعني التغيير الجذري للنظام القائم واستبداله بنظام آخر أكثر كفاءة وقدرة علي تحقيق الأهداف، وورد ايضاً بمعنى الإظهار، وذلك وفق رؤية المخطط الاقتصادي الخارجي غالبًا، وليست وفق رؤية الشعب وثقافته ومصالحه الوطنية، وفي معظم قواميس اللغة العربية نجد أن تنمية الشيء تعني ارتفاعه من موضعه إلى موضع آخر، فيُقال نما المال بمعنى زاد وكثر، ولكن مدلول هذه الكلمة لا يكفي في لغتنا اليومية.

المسرح التنموي TFD:

    والمفهوم بمصطلح المسرح التنموي (TFD) هو الأداء الحي أو المسرح كأداة للتنمية - كما هو الحال في مجال التنمية الدولية. ومن هُنا فإن المسرح التنموي يحتوي على الأنشطة التالية: دراما أو كوميديا الكلمة المنطوقة - عروض الموسيقى و الغناء - عروض الرقص – عروض المايم - التقنيات التشاركية أو الارتجالية باستخدام أي من هذه العمليات أو كلها. 
   ويمكن أيضا تعريف مصطلح المسرح للتنمية بأنه تطور لأشكال المسرح (التفاعلي – التطبيقي) من الأقل تفاعلية إلى الأكثر، حيث يمارس المسرح - مع الناس أو بالناس - كوسيلة لتمكين المجتمعات, والاستماع إلى اهتماماتهم, ومن ثم تشجيعهم على إبداء الرأي وحل مشكلاتهم الخاصة. 
    قام كاباسو سيدني Kabaso Sydney بتعريف "المسرح التنموي في زامبيا" على أنه "تلك الأشكال المسرحية التي تهدف إلى نشر رسائل، أو توعية المجتمعات المحلية حول وضعهم السياسي الاجتماعي". بينما تشير بينينا ملما Penina Mlama إلى هذا المشروع باعتباره مسرحًا شعبيا واصفًة مقاصده بإيجاز على أنه: "لا يهدف فقط إلى تنوير وعي الناس عن عمليات التنمية بل يورطهم في انهماكات تشاركية نشطة للتعبير عن وجهات نظرهم والنهوض بأعمال من شأنها تحسين أوضاعهم. فالمسرح الشعبي يُعنى بتمكين الرجل العادي من الوعي النقدي تجاه مناهضة السلبيات المجتمعية. 
  يمكن للمسرح التنموي أن يكون نوعا من المسرح التشاركي، حيث يحث على الارتجال ومشاركة أفراد من الجمهور لأداء أدوار في العرض، أو يمكنهم كتابة سيناريو النص المسرحي وتنظيم العرض على خشبة المسرح، مع مراقبة من قبل باقي أفراد الجمهور. لذا تعتبر الكثير من عروض المسرح التنموي مزيجا من هذه الأساليب.
   وقد قامت منظمات عديدة باستثمار المسرح كأداة للتنمية؛ للتعليم أو الدعاية كعلاج، وكأداة تشاركية أو استكشافية في التنمية. وفي رسالة علمية بعنوان: "المسرح كوسيلة للتربية الأخلاقية والتنشئة الاجتماعية في تنمية ناوفو بإلينوي 1839 – 1845" (وهي مدينة أمريكية)، نجد وصفا لممارسة باكرة للمسرح التنموي تُظهِرُ كيفية استخدامه لترويج التنمية الأيديولوجية والمدنية في طائفة دينية بالولايات المتحدة. 
    يعرف د.أوبيو موما، أستاذ الدراما بجامعة نيروبي بكينيا، المسرح التنموي، قائلا: "إن الدراما أو المسرح عبارة عن توظيف لأشكال الفنون الشعبي بخيال أوسع وبحذر أشد؛ لأن برنامج المسرح التنموي يهدف إلى بث الوعي التنموي والتحول لدى كل مجموعة مستهدفة بهدف التطور والتنمية البشرية ([25])."Human Growth ومجال المسرح التنموي اليوم يجد رواجًا واسعًا في كل أرجاء العالم ، وخاصة في قارة أفريقيا، بالإضافة إلى الجدل الأكاديمي الذي وفره تيار المسرح التنموي بين الدراميين الأفارقة الذين يرون أن دور الدرامي الأفريقي يختلف عن الأوروبي، حيث: "لا يمكن للكاتب الأفريقي أن يلج عمق التاريخ ما لم يعِ دوره الحاضر، وكى يتم ذلك يجب أن يكون الدرامي الأفريقي فنانًا وليس دعائيًا ، فيلسوفًا وليس صانعًا محاكيًا".( Muma Opoyio, 1998)
   وذلك ما يضع العاملين في حقل الدراما والمسرح التنموي على محك التجربة الفعلية والمعرفة العلمية والحرفية الكاملة، والوعي بتوظيف هذه الأجناس الإبداعية دون تحويلها؛ وذلك حتى لا تفقد أثرها الاجتماعي والقيمي، وقد يكون المسرح التنموي بذلك المعنى معلومًا لدى كل شعوب ومجموعات البشر في العالم.
    ومن هنا يمكننا القول إن عناصر المسرح التنموي توجد في أنماط الثقافات التقليدية والمجموعات القبلية والمجتمعات المتعددة والمنتشرة في بقاع القارة الأفريقية كافة. ومن التعريفات الواضحة العملية عن المسرح التنموي: "المسرح التنموي ( Theatre For Development (TFD هو تيار أشبه بالمسرح الجماهيري والشعبي Popular Theatre. 
     وقد وُجد المسرح بهدف التنمية؛ حيث يتوفر عدد من المسرحيين الذين يعملون مع المجموعات المتنوعة والمتعددة في مجال التنمية أو مع المنظمات المختلفة التي تعمل في هذا المجال الحيوي، يساعدون في خلق نوع من المسرح ذي رسالات إنسانية وحيوية في مجالات متعددة مثل التغذية، والتعليم والصحة، والزراعة حول أماكن السكن (الجباريك). زذلك النوع يتراوح بين الدراما والأغاني والرقص، وغاليا ما تبدو الأغاني سهلة تتضمن ألحانا لها رسائل مشرقة في الحقل المحدد. ويكون العاملون في مجال المسرح التنموي في شكل مجموعات أو منظمات أو منشطين".
   ويظلُّ المسرح التنموي نموذجًا موجودًا منذ زمن بعيد، تمارسه مجموعات بشرية بأشكال وطرق متنوعة يعبر عن أهميتها ومفاهيمها التقليدية اقتصاديًا واجتماعيًا.

التغيير الاجتماعي
   إن التغيير الاجتماعي صفة لازمة لكل المجتمعات الإنسانية. وقد تنبه المفكرون منذ القدم إلى ظاهرة التغيير الاجتماعي واعتبرها بعضهم حقيقة الوجود، أي أن كل موجود لابد أن يتغير، بمعنى التغيير وليس الثبات (عبد الباسط محمد حسن، 1982, ص205).
   وظاهرة التغيير أوضح ما تكون في مناحي الحياة الاجتماعية، وهذا ما أدى ببعض المفكرين إلى القول بأنه ليس هناك مجتمعات، ولكن الموجود تفاعلات وعمليات اجتماعية في تغيير دائم وتفاعل مستمر (دلال ملحس استيتيه، 2008، ص 19  .(

    وقد عرف التغيير الاجتماعي بأنه تلك التحولات والتبدلات التي تحدث في النظام الاجتماعي، أي التي تحدث في البناء ووظائفه المتعددة (عبد الهادي الجوهري – 1986م - ص 228)، أي أن البناء الاجتماعي هو المسرح التي تجري عليه أي تغيرات تطرأ على المجتمع ويعرف بأنه ذلك القالب الذي ينصب فيه كيان المجتمع بتكويناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية (أحمد أبو زيد، 1982, ص9) .
    وينظر للتغيير الاجتماعي على أنه جزء من التغيير الثقافي الذي يشمل كل التغييرات التي تحدث في كل فروع الثقافة، ويقصد بتغيير النظام الاجتماعي التغيير في صور التنظيم والأدوار ومضمونها، كما أن هناك التغييرات التي تحدث في مراكز الأشخاص حيث يقومون بأدوار جديدة في النسق الاجتماعي (عبد الهادي الجوهري، 1986، ص 228).
   فالتغيير الاجتماعي والثقافي مفهومان مرتبطان ببعضهما، بل ومتداخلان بدرجة لا يمكن معها الفصل بينهما خاصة وأن البعض يعتبر أن التغيير الاجتماعي جزء من التغيير الثقافي والبناء الاجتماعي هو الذي يتعرض لهذا التغيير - ثقافيا كان أم اجتماعيا - وبما أن البناء الاجتماعي عبارة عن كل متكامل فإن أي تغيير يحدث في أي جزء من أجزائه يؤثر على بقية الأجزاء، وذلك يعني أن التغيير الاجتماعي يقود إلى تغيير ثقافي كما أن التغيير الثقافي يحمل تغييرا اجتماعيا (فاطمة علي وقيع الله، 2006، ص85)، كما عرف التغيير بأنه الاختلاف ما بين الحالة الجديدة والحالة القديمة، أو اختلاف الشيء عما كان عليه في فترة محددة من الزمن. وحينما تضاف كلمة الاجتماعي التي تعني ما يتعلق بالمجتمع فيصبح التغيير الاجتماعي هو ذلك التغيير الذي يطرأ بداخل المجتمع أو التبدل أو التحول الذي يطرأ على جوانب المجتمع، وبمعنى آخر هو التحول الذي يطرأ على البناء الاجتماعي في فترة محددة من الزمن (عبد الهادي الجوهري، 1986، ص 228).

   غير أن كل تغيير يطرأ على المجتمع ليس هو تغيير اجتماعي؛ فمثلا ظاهرة الانتخابات هي ظاهرة عابرة أو وقتية (حادثة) وكذلك حالة الحريق والتجمعات والأحزاب.. وهكذا. فالتغيير الاجتماعي يتصف بالاستمرارية، وذلك يمكن من إدراكه والوقوف على أبعاده أما التغيير الذي ينتهي بسهولة فلا يمكن فهمه (عبد الهادي الجوهري، 1986، ص228).
   إذن فالتغيير الاجتماعي هو كل تحول في البناء الاجتماعي يلاحظ في الزمن ولا يكون مؤقتا سريع الزوال لدى فئات واسعة من المجتمع ويغير مسار حياتها.

   وقد كان موضوع التغيير الاجتماعي في وقت ما مشكلة من أهم وأصعب المشكلات في علم الاجتماع؛ فقد حاول أوجست كانت وبعض علماء القرن التاسع عشر تحديد أهم العوامل المؤدية إلى التغيير الاجتماعي واتجاهاته، وبخاصة بعد النتائج التي طرحتها الثورة السياسية في فرنسا والثورة الصناعية في بريطانيا.

عوامل التغيير الاجتماعي والثقافي:
    لماذا يحدث التغيير؟ هذا سؤال يتردد في دراسات التغيير الاجتماعي الذي لا يمكن أن يحدث دون سبب يدفعه ويحركه إلى الأمام، فالعوامل المؤدية إلى التغيير الاجتماعي متداخلة وليست ثابتة، وتختلف باختلاف المجتمعات والظروف المحيطة بها، وقد يضعف تأثيرها في مجتمع ما في وقت ما في المجتمع نفسه، فقد تلعب العوامل الطبيعية دورًا في إحداث التغيير في إحدى المجتمعات، بينما يضعف تأثيرها أو يختفي تماما في مجتمع آخر، وقد يلعب العامل الاقتصادي الدور الأكبر في إحداث التغيير في مجتمع ما، بينما يبرز العامل السياسي لإحداث التغيير في مجتمع آخر... وهكذا. هذا مع ملاحظة أن تأثير هذه العوامل يتم بصورة تكاملية وليست جزئية.
  وعوامل التغيير الاجتماعي قد توجد داخل البناء كما توجد خارجه، وهناك فكرة محورية في إحداث التغيير؛ هي فكرة صراع الأدوار، حيث أن الصراع عملية اجتماعية تحدث نتيجة للتفاعل بين أفراد المجتمع ويعبر عن هذا التفاعل ما يسميه العلاقات الاجتماعية التي تأخذ صورة صراع أو تعاون أو تنافس، فالصراع الذي يعيشه الفرد جراء اختلاف الأدوار التي يقوم بها يقود إلى إحداث التغيير، وصراع الأدوار لا يقف عند صراع الفرد مع نفسه بل يتعداه إلى صراع المصالح في المجتمع وعلى كل المستويات، حتى الأسرة التي تمثل أصغر وحدة في المجتمع، فالصراع يحدث كذلك في الجماعات الأولية بين الأسر المختلفة داخل القبيلة أو القرية أوفي جماعة الجوار وبين الفرق المختلفة داخل جماعة الفنانين أو العلماء وبين جماعة العمل في أحد المصانع أو المؤسسات؛ بل وعلى مستوى الدولة نفسها.
    ويرى شنيدر (Schneider,1971) كذلك أن معظم التغييرات الاجتماعية ليست ناتجة عن التغيير في العمل أو في الدولة ولكن نتيجة للتغيرات التكنولوجية، ويقول أيضا إنه باستمرار التغيير التكنولوجي يستمر التغيير الاجتماعي، وإن أي اختراع جديد قد يحطم الأساس الاقتصادي للمدينة ويوزع آلاف العمال، وقد يكون ذلك مجالا لإنشاء مدن جديدة في أماكن جديدة، ويوفر فرص عمل أكثر عن طريق انتقال الناس إليها مستغلين فرص العمل الجديدة. والتغيير التكنولوجي بهذه الطريقة ينتج اضطرابا مستمرا في المجتمع وذلك بتغيير مراكز العمل التي قد تؤدي إلى توزيع جغرافي جديد مثال ذلك الانتقال المستمر إلى مراكز إنتاج الطاقة النووية؛ فالتغيير التكنولوجي لا يقلب السكان فقط رأسا على عقب وإنما يغير حياتهم الاجتماعية (Eugene, Schneider(1971- p.79) ..
    مما سبق يتضح أن هذه العوامل تؤثر بدرجات متفاوتة بحسب ظروف المجتمعات في إحداث درجة من التغيير الاجتماعي الثقافي سلبًا أو إيجابًا.
عوائق التغيير الاجتماعي والثقافي: 
    على الرغم من أن هناك عوامل تؤدي للتغيير الاجتماعي فإنه أيضا هناك عوامل تعرقله، وستتناول الورقة بعضًا منها؛ أي ما ينطبق منها على حالة مصر، كالعوامل الاجتماعية.
 فهناك عوامل اجتماعية عديدة تقف أمام التغيير الاجتماعي، وتظهر بوضوح لدى المجتمعات التقليدية أكثر منها في المجتمعات الحديثة، أهمها:

الثقافة التقليدية
    يرتبط التغيير الاجتماعي إلى حد كبير بثقافة المجتمع السائدة، فالثقافة التقليدية القائمة على العادات والتقاليد، والقيم بوجه عام، لا تساعد على حدوث عملية التغيير الاجتماعي بيسر، فالعادات والتقاليد التي تميل إلى الثبات تقاوم التغيير وكل تجديد سواء أكان ماديا أم معنويا، وكلما سادت هذه الثقافة وانتشرت، كانت المقاومة أشدَّ وأقوى؛ فالأيدولوجية المحافظة التي تتبنى فلسفة تقديس القديم على أنه "ليس بالإمكان الإتيان بأفضل مما كان" تؤدي إلى مقاومة كل جديد، وتسود مثل هذه المعتقدات - وبخاصة عند كبار السن الذين عاشوا أوضاعا مختلفة عن الأوضاع الحالية - مما يؤدي إلى الجهل بالتجديد، والتحديث عامة (دلال ملحس استيتيه، 2008 ، ص166).

الميل للمحافظة على الامتيازات
   تظهر المقاومة للتغيير من قبل الأفراد الذين يخشون على زوال مصالحهم، تلك المصالح التي قد تكون في المكانة الاجتماعية، أو الامتيازات الاقتصادية، أو غير ذلك، لهذا عندما يشعر أولئك الأفراد بأن امتيازاتهم مهددة بالزوال نتيجة للتجديد، سرعان ما يقومون بالمعارضة. وتتعدد أشكال المقاومة بتعدد التغييرات التي تحدث في كافة أنحاء المجتمع؛ فقد تقاوم الأحزاب السياسية في مجتمع إنشاء أحزاب جديدة حتى لا ينقص عدد المنتسبين إليها، وحتى لا تتفرق أصوات الناخبين أثناء عملية الانتخاب (دلال ملحس استيتيه، 2008، ص169) .
   وعلى البرغم أن التغيير يقضي على الكثير من المشكلات التي يعاني منها المجتمع فإنه في الوقت نفسه قد يأتي بمشكلات جديدة تختلف عن المشكلات التي يمكن التخلص منها؛ مثال لذلك نجد مشروعا زراعيا - كمشروع الرهد مثلا - استطاع أن يحدث تغييرا إيجابيا كان من نتائجه ارتفاع المستوى الاقتصادي للسكان وتحسن الخدمات الاجتماعية لكنه أتى بمشكلات أخري مثل الأمراض التي تلازم الري الصناعي في المناطق الحارة؛ كالملاريا والبلهارسيا وغير ذلك من المشكلات التي تتأثر بها الثروة السكانية والتحركات السكانية. كذلك يلاحظ أن من أهم المشكلات التي تلازم التغيير الاجتماعي انحلال الترابط الأسري وارتفاع مستوى الجريمة واهتزاز قيم المجتمع بصورة عامة ويكون دائما التغيير الاجتماعي انعكاسا للتغيير الاقتصادي (عوض إبراهيم عبد الرحمن الحفيان، 1995، ص55)

نظريات التغيير الاجتماعي والثقافي
   يفكر علماء الاجتماع في رصدهم لظواهر التغيير الاجتماعي في الأساليب التي يحدث من خلالها ذلك التغيير، وفي الاطراد والانتظام الذي قد يتبدى في هذه الأساليب، ومن هنا بدأت تظهر العديد من النظريات التي تفسر التغيير الاجتماعي.
   تعتبر النظريات الحتمية أولى هذه النظريات ويقصد بالنظريات الحتمية تلك النظريات التي تركز في دراستها للتغير على عامل واحد فحسب، وتفترض كل نظرية من هذه النظريات أن عاملا واحدا - كالاقتصاد أو المناخ أو غيرهما - هو العامل الوحيد الذي يحرك كل العوامل الأخرى، ولذلك فإن هذه النظريات توصف بأنها نظريات اختزالية (Reductionism ) أي أنها تختزل كل العوامل في عامل واحد، وتعتبر أن هذا العامل هو العامل الكافي وحده لحدوث التغيير، لكن التفكير العلمي المعاصر يميل إلى رفض هذه الحتميات لأسباب عديدة أهمها:
   أنها نظريات غير علمية لأنها تؤكد سببا واحدا دون تمحيص علمي دقيق في الأسباب الأخرى. وفي ضوء هذه الانتقادات وغيرها أصبح المجال مفتوحا نحو صياغات أفضل لنظريات في التغيير الاجتماعي.
    التركيز على عنصر واحد من عناصر الحياة الاجتماعية أو الثقافية وتحديد المراحل الزمنية التي سارت فيها المجتمعات وفقا لهذا العنصر. وهكذا مال بعض التطوريين إلى التركيز على الجوانب الاقتصادية كالقول بأن المجتمعات مرت بمرحلة الصيد ثم مرحلة الرعي، ثم مرحلة الزراعة، ومال بعضهم الآخر إلى التركيز على الأسرة كمؤسسة اجتماعية، فقالوا بتحول الأسرة من الأسرة المشاغبة إلى الأسرة ذات النسب الأمومي إلى الأسرة ذات النسب الأبوي، إن المراحل التطورية هنا تلتف حول عنصر ثقافي واحد كالاقتصاد أو الأسرة، ومنه تتحدد طبيعة المراحل التي يمر بها التطور.
   وبدلا من التركيز على عنصر واحد مال بعض التطوريين إلى النظر للتطور الكلي في البناء الاجتماعي أو الثقافي، وتحديد المراحل بشكل كلي دون التركيز على عنصر بعينه. وتندرج تحت هذا الموقف معظم الإسهامات التطورية الشهيرة في القرن التاسع عشر، ومن الأمثلة عليها نظرية أوجست كونت عن تطور المجتمعات من المرحلة الوضعية ونظرية ماركس في التحول من المجتمع المشاعي إلى المجتمع الإقطاعي إلى المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الاشتراكي، ونظرية لويس مورجان عن التحول من المجتمع البدائي إلى المجتمع البربري، إلى الحضارة، ونظرية سبنسر في التحول من المجتمع العسكري إلى المجتمع الصناعي، ذلك التحول الذي يصاحبه تحول من حالة التجانس المطلق إلى حالة اللا تجانس غير المستقر، كذلك ظهرت عدة نظريات في القرون الأخيرة عن التغيير الاجتماعي؛ أسسه واتجاهاته وعوامله.

خصائص المسرح التنموي
   ينبثق شكل المسرح التنموى من فلسفة باولو فريرى التعليمية والتنموية Paulo Freire التى يصفها قائلا "إننا نسعى إلى التعليم بهدف تمكين الناس من المناقشة لمضمون و أسباب مشكلاتهم وليتيح لهم تدخلا مباشرًا فى ذلك المضمون. وليحذر الإنسان أيضًا من خطورة التاريخ ويمنحه ثقة بنفسه ليواجه المخاطر ولا يستسلم لها. ومن خلال ذلك نستطيع أن نقول بحاجة المسرح التنموى إلى طاقة عالية من الذكاء، وإبداع خيالي، وإحساس درامي، أضف إلى ذلك معرفة دقيقة بطبيعة الفلسفة والأفكار والقيم التي تمثلها شعوب ومجموعات بشرية مختلفة ومستهدفة بالبرامج التنموية، كل ذلك بحاجة لأن يكون مصاحبًا بموهبة درامية عالية. 

ويرجع المسرح التنموي إلى مفهومين أساسيين:
أولاً: اعتماد أساليب عامة فى توصيل الرسائل والمفاهيم المستهدفة.
ثانياً: اعتماده على معرفة عميقة لعناصر الثقافة فى شكلها الأنثروبولوجي الاجتماعي. ومن هنا يتضح لنا أن لهذا المنهج عناصر خمسة لابد لـلمنشط الدرامى Drama Animator من وضعها في الاعتبار وهو يقبل على هذا المشروع التنموى، هذه العناصر الخمسة هى:
1-اللغة: ما اللغة المناسبة التى يمكن استعمالها فى الحقل.
2-البيئة: والمقصود بها تلك التي تتناسب مع هذا الموضوع، بمعنى المكان المناسب الذي يمكن من خلاله طرح الموضوع المراد توصيله.
3-المشاركون: من يشارك، وماذا عليه أن يفعل؟ وهذا أمر مهم بالنسبة للمنسق.
4-الثقافة: والمقصود المعنى العميق لهذه الكلمة، الذي قد لايبدو ظاهرا للعيان فى حالة التعامل المناسب مع المجتمع. ومن خلال ذلك نستطيع أن نُضمِّن أشكال فنية محلية وشعبية بوصفها مخزن لتلك النماذج.
5-الزمن: ماهو؟ وكيف يكون مناسبًا للعمل مع المجتمع المستهدف؟ 

الأسس الفلسفية والأصول الثقافية للمسرح التنموى:

يرتكز المسرح التنموى كتصميم (ثقافي فلسفي على محورين أساسيين ويشكلان مدخلًا لأصول فلسفية وثقافية، والمحوران هما:

• محور أنثروبولوجيا المسرح: 
     إذا كانت تجربة الأنثروبولوجيا للمسرح تعتمد على دراسة وضع السيسيولوجيا والثقافة والسلوك الفيزيولوجى للكائن البشري في حالة الأداء فإنه يصبح بذلك ضروريًّا كمدخل مهم لمعرفة الخصائص السلوكية للمجموعة البشرية المعنية. والشعوب وهناك جماعات قبلية مختلفة تضع قدرا كبيرًا من أفكارها الحيوية داخل إطارها التعبيري، حيثُ يأخذ من أجناسها وأصولها القبلية والأنثروبولوجية.
   وكثير من دراسات مسرحية تحتشد بها كتب التاريخ ونظريات الدراما والنقد، وتستعير السياقات المختلفة للوصول الى المعنى المُراد، بالإضافة إلى أنها نموذج لمعرفة ودراسة الظاهرة الدرامية دون اتخاذ الظاهرة نفسها منهجا للمعرفة. ومن هنا يتضح الفرق الكبير بين تلك المناهج وأنثروبولوجيا المسرح الذي ينطلق من القواعد التقليدية باعتباره منهجًا للأخذ والردّ. والشعوب التقليدية تعيش ديناميات ثقافية وقيمية عبر التاريخ؛ والممارسات الشعبية تظهر الارتباط بين الكائن البشرى ومحصوله من الإنتاج الإبداعي، ومن هنا فإنه حريٌّ بنا أن ندرك معنى أساسيًا وحيويًا هو أن حالة الأداء فى الاشكال الشعبية ليست إيهاميةً ولا تمثيلية، ولكن تصبح في قمتها التحولية، وليست إلَّا حالة من التعبير الفنى العميق، وهذا النوع من التعبير يمكن تشريحه من خلال أنثروبولوجيا المسرح؛ لأن الحالات التعبيرية القيمة تفقد قيمتها بالكلية عندما تُعرض أو تُحاكى. 

• محور التصميم الفلسفى من أجل التحول سوسيولوجى ثقافى
   من الممكن النظر الى التحولات المجتمعية الثقافية فى إطارها البسيط أو الكبير باعتبارها تحولات فكرية، وبالتالى يمكننا أن نرجعها إلى عدد من النظم والتحولات التى اتفق عليها كثير من المختصين فى ذلك المجال المهم. حيثُ يرى عدد من المفكرين أن التحولات فى المجتمعات تنتمي في أصلها إلى أحد الأنماط التالية:
1-التحول من اقتصاد السلع إلى اقتصاد رأس المال وتوزيع الحصص.
2-التحول من التبادل بالأشياء (Things) إلى مساحة من الاتصال والتواصل.
3-من التخطيط للمجتمع المدنى (Civil society) الى المجتمع الذي تعايش بيئته.
4-التحول إلى تكنولوجيا الثقافة.
5-التحول من اكفتاء ذاتى (Anthrocentinsim) إلى علاقات الجنس والنوع (Gender) 
ويرى تيستسجى ياما موتو Testsuji Yamamoto- في مقال له بعنوان (التحولات الكبرى والقفزات الفاصلة)– أن هذه التحولات كلها تنبع فى من إزاحتين: الإزاحة إلى الفصل بين المادة (Object) والمضمون (Subject)، أو الازاحة الى عدم الفصل بين المادة والمضمون.
   وبالنظر إلى المسرح التنموى بوصفه أحد آليات التحول الاجتماعى نكتشف انه يرتكز على هذين المحورين: علم الانثروبولوجيا، ونماذج الفلسفية الاجتماعية للتحولات. والمسرح التنموى يعمل على دمج الانسان بمضمونه وهو بذلك نوع من منظومات فلسفية سيسيو – ثقافية Socio-Cultural تهدف الى إحداث تحولات مطلوبة، وذلك مايميزه عن بقية تجارب الدراما التمثيلية الأخرى، وتحديدًا تجربة الدراما الغربية، وقد تم عرضها سابقاً.

التأثيرات التاريخية والثقافية للمسرح التنموي TfD
    ساعدت العروض الطقسية والعلمانية في إفريقيا - التي تعود إلى قرون عديدة - على توليد الظروف الثقافية، والتي جعلت للمسرح التنموي شعبية كبيرة في أواخر العشرينيات من القرن الماضي. كان أنغولي ماكيشي يملك رجالًا ملثمين يفترضون أرواح أسلافهم الميتين. وكان للرقص العديد من الوظائف، ولكن كان من أبرزها تطهيرها المجتمعات من الشوائب المادية والروحية والأخلاقية، وكانت هناك طريقة شائعة لتحقيق ذلك من خلال القوالب النمطية للأقنعة، والأزياء، والتمثيل الصامت للرقص - أنواع سخرية من السلوك المختل مثل الكسل، وكسر المحظورات الجنسية. 
   ويتم العثور على التعليمية كوميدي، مع كميات متفاوتة من الدرامية في أنواع ثقافية أخرى مثل رواية القصص وحيازة الروح.
 والعديد من ميزات تقاليد الأداء قبل الاستعمار قد تأثرت بالمسرح التنموي وتشمل:
● الصور النمطية الكوميدية في التوصيف الدرامي (على سبيل المثال، بروز أبطال المخادع) 
● الترخيص الهزلي لفناني الأداء لانتقاد أعضاء الجمهور (لا باستثناء النخب القوية) لأغراض الرقابة الاجتماعية.
● دمج الأنواع المختلفة، مثل السرد، والأغنية، والرقص، والتمثيل الصامت، الألعاب البهلوانية ومناقشة المجتمع في العروض.
● مشاركة الجماهير، والتي قد تكون عند مستوى بسيط من الانضمام اﻷﻏﺎﻧﻲ أو اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﻦ اﻟﻘﺪﻳﻤﻴﻦ، وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺸﻤﻞ أﻳﻀﺎً ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر حول القضايا (على سبيل المثال، في قصة معضلة).
   تم دمج بعض هذه الخصائص بشكل طبيعي عن طريق النقل الثقافي من نوع الباقي على قيد الحياة، تم إحياء الآخرين من قبل الميسرين خصيصا ل TfD السياق من أجل جعل العروض جذابة للجمهور المحلي.
   الأمثلة الأفريقية لمثل هذه الإحيائيات تشمل Pungwe، زيمبابوي المضاد للاستعمار، أداء طوال الليل، والذي حاول فنانو TfD أن يتعافوا من أجله العروض في 1980s (اباه 2003: 89). ومع ذلك، هناك العديد من الأمثلة من القارات الأخرى. على سبيل المثال، في نيكاراغوا في 1970s، آلان بولت وشجعت مجموعة Nixtagolero المجتمعات الأمريكية الأصلية أساسا من ماساجو "لاستعادة التقاليد الأصلية الخاصة بها ولرؤية [هم] قيمة" (Versényi 1993: 165).
العلاقة الاجتماعية للمسرح:
   إنَّ الطقوس الدينية والاحتفالات تمثِّلُ قيمة أساسية بالنسبة لتطور المسرح، ومن أقدم الأشكال ممارسة بين الإغريق والرومان، والمصريين لديهم هذه الأسس والروابط الدينية. وبحلول القرن السادس قبل الميلاد أصبح المسرح جزءًا من مهرجان ديني ضخم يحتفل به الإله ديونيسوس بين الإغريق، والطقوس والممارسات الدينية الأخرى تتمحور كلها حول الإنسان، ومن هنا فقد ارتبطت بالوجود البشري لفترة طويلة جدًا. وقد أصر اليونانيون القدماء على المسرح المدعوم من الدولة، وفي المقابل استخدموه لفرض الكلاسيكية باعتبارها وجهة نظر للعالم من حيث المطابقة أو عدم الانحراف للوضع الراهن، وخلال فترة العصور الوسطى استخدمت الكنيسة المسرح كوسيلة رئيسية لنشر مذاهبها كما استخدمت المسرح لخدمة في عمل الكرازة. وفي الآونة الأخيرة استخدمت دول مثل الهند وجنوب أفريقيا وغانا المسرح على نطاق واسع في الكفاح من أجل الحرية، وويذكر التاريخ أن المسرح كان جزءًا من الوجود البشري؛ ولذلك لا يمكن أن تكون أهميته أقل من المقدرة.
   وعلى الرغم من حقيقة أن المسرح قد تمكن من البقاء على قيد الحياة من خلال كل هذه العصور والأوقات، فإن سلسلة من المعارضة والقمع واجهته كشكل فني، وكثيرون هم الذين أدركوا المسرح بكامله فقط للتسلية، وهذه الفكرة غير السارة عن المسرح يمكن إرجاعها إلى ما هو تقليدي الفترات.
الاتجاهات الحديثة للمسرح التنموي:
    الإشارات المذكورة أعلاه إلى الراديو والتلفزيون والفيديو هي مؤشرات على أن TfD يتحرك في اتجاهات مختلفة من أصولها الريفية "منخفضة التكنولوجيا". حتى خلال الفترة الاستعمارية كانت هناك صناعة كبيرة من المنتجات الإعلامية، وبخاصة الأفلام والدراما الراديو، مصممة لتعليم "السكان الأصليين" مزايا الحياة الغربية والمؤسسات. بحلول منتصف الثمانينات من القرن العشرين، فقد كان هناك العديد من الفيديوهات، المسلسلات الإذاعية، والمسلسل الدرامي التلفزيوني الذي غطى القضايا نفسها مثل تلك التي تم التعامل معها في TfD؛ المواضيع الشعبية تشمل العنف ضد المرأة، فيروس نقص المناعة البشرية، الإيدز، حقوق الإنسان والتغذية.
   ومن الصعب تحقيق بعض ميزات TfD مع الدراما، وبخاصة في المجتمع المدمج جغرافيًا، واستخدام التقنيات المشاركة لإشراك الجمهور في التفكير واتخاذ القرار، وعلى الرغم من تقنيات مثل الهاتف المحمول والملوثات العضوية الثابتة vox فإنها قدمت تقريبا على وجه الحصر الاتصالات أحادية الاتجاه للقنوات. وقد كان الاتجاه هو أن يذيع نشطاء الدراما الإذاعية والفيديوية.
   وقد خلقت الدراما المسرحية والتقنيات المتطورة بعناية - لزراعة المشاركة الجماهيرية - تصورًا بأن "وسائل الإعلام القديمة" كان يتم التحكم فيها من خلال النخب بدلا من المجتمعات الشعبية. ومع ذلك هناك حالات مضادة حتى داخل "وسائل الإعلام القديمة" مثل - على سبيل المثال - استخدم بعض المسرحيين مجموعات راديو المستمع، مرتبطة الدراما الإذاعية المجتمع من أجل خلق السياقات التشاركية (Gomia 2012: 251-252).
   إنَّ الميزة الرئيسية للدراما التي تتم فيها الوساطة هي شعبيتها مع الشباب والحضارة الجماهيرية في العالم الثالث، وهذا يرتبط بالهجرة الداخلية والخارجية التي أدت إلى التحضر السريع، فالعوامل الاجتماعية التي تفضل الوساطة بدلا من التواصل وجها لوجهه، وتتزايد الشعبية بين البورجوازية الحضرية من "وسائل الإعلام الجديدة" مثل الهواتف المحمولة وشبكة الإنترنت، وقد شجعت التنمية وسائل الإعلام لإنشاء مجتمعات افتراضية قادرة على تقديم تعليقات الدراما الإذاعية أو التلفزيونية من خلال المدونات وحسابات تويتر، وقد ثبت هذا تماما شعبية، على سبيل المثال، في حملة One Love ضد الشراكات المتعددة المعاصرة (من خلال الدراما الإذاعية والتلفزيونية ووسائل الإعلام الأخرى) التي ينظمها الجنوب مدينة الروح في أفريقيا (Soul City n.d.). ما إذا كان هذا يمكن أن يسمى "مسرح التنمية "مسألة مطروحة للنقاش.
     ومن هنا فإن التأثير المتزايد لجمهور المجتمع الافتراضي يرتبط بالاتجاه نحو التخصص القطاعي؛ فينشأ ذلك عندما يستهدف وكلاء التمويل خدمات محددة لأنواع من الجمهور، ويمكن القول إن أكبرها هو الدراما التي تم إنشاؤها بواسطة. وقد كان لنشوء الحركة النسوية في السبعينيات تأثير كبير على مشاركة المرأة في المسرح. وقد شاركت النساء في وقت مبكر الصعوبات التي يواجهنها. هذا لأن قضايا التنمية مثل: الزراعة والصرف الصحي والرعاية الصحية الأولية تميل إلى اعتبار مجال المرأة مهمًا وضروريًا. وقد تم العثور على رسوم متحركة لمسرحيين استحضروا عن غير قصد رد فعل الجمهور الذي وضع الرجال ضد النساء. 
   وقد أدى هذا العامل - إلى جانب دعم المانحين لقضايا المرأة - إلى ظهور متخصص للشركات الداعمة لحقوق المرأة.
   وليس من المستغرب أن الكثير من المسرح يقوم على إعادة عمل الثقافة النسائية الأصلية؛ فبعض النسويات الأفريقيات، مثل النيجيري إمي أماديوم (1997) - وقد بحثت العلاقات بين الجنسين قبل الاستعمار- وجدت أن الحديث عن إخضاع النساء من قبل الرجال ليس من العوامل الثقافية الأصلية، بل كانت تُفرض تدريجيا خلال الفترات الاستعمارية وما بعدها. 
   وقد حاولت بعض نساء العالم الثالث تكييف الحركة النسائية الغربية مع الظروف العالم الثالث. على سبيل المثال، في جايبور، الهند - وهي منظمة تدعى يان كالا Sahitya Manch Sanstha (JKSMS)، بمساعدة مسرح القافلة الفرنسية، قُدِّمت العروض المسرحية في 20 قرية حول "مهر الموت.
• إساءة معاملة الفتيات وزواج الأطفال وإدمان الكحول والعنف العائلي (باندي 2007: 157).
    في جامايكا في عام 1977، أنشأت 13 امرأة من الطبقة العاملة الشعبية من كينغستون   بمساعدة الناشطة المسرحية Honor Ford-Smith مجموعة مسرحية نسائية بالكامل، وتناولوا من بين أمور أخرى قضايا حقوق العمل للمرأة، وذلك باستخدام طقوس أفريقية من الطبول والرقص (مهرجان لندن الدولي مسرح 1983: 25). يقول فورد سميث: "اكتشفنا أن إمكانية قوتنا يمكن أن تشكل قوى تشكلنا في الوقت الحاضر"(كما هو مقتبس في Stone 1994: 64). 
   كما قام المنظرون والممارسون بإعادة تقييم لإنجازات TfD؛ بعض النسويات الإفريقيات قاموا بانتقاد تجاه الذكور من TfD الحالية. يشكو Esi Dogbe من ميل لتصنيف الشخصيات إما باسم "مجموع الضحايا" أو "الجهات الفاعلة المُمكنة"، في حين أن الوضع الحقيقي أكثر تعقيدًا من هذه الثنائيات (Dogbe 2002: 85)، وربما أكثر مثال أفريقي ناجح على هذا هو CHIPAWO (فنون الأطفال المسرحية ورشة عمل تأسست في عام 1989) لدعم اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، ويستخدم الدراما والرقص ورواية القصص وأشرطة الفيديو ووسائل الإعلام الأخرى لإعطاء الأطفال فخر ثقافتهم، وكذلك للتعامل مع القضايا التي تؤثر على الأطفال (Chinyowa 2004: 45–48). والمنظمات الأخرى في أفريقيا تقدم الطعام للأطفال. 
    (YOHO) في بوتسوانا (منظمة أكثر انتشارًا) هي "المهرجون بلا حدود" التي لديها مقر في سان فرانسيسكو، ولها فروع في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك قسم نشط للغاية في جوهانسبرغ. وفقا لبيان يقول إن مهمتها "تحسين الظروف النفسية والاجتماعية للأطفال والمجتمعات في مناطق الأزمات من خلال الضحك واللعب (المهرجون بلا حدود 2012). أيضًا واحدة من الميزات الأكثر إثارة لاهتمام بالمسرح الذي يستهدف الأطفال؛ هي الارتباط من الحملات لبروتوكولات الأمم المتحدة. كانت حملة مدعومة جيدا جدا نظمتها منظمة إنقاذ الطفولة (المملكة المتحدة) من 1998 إلى 2001 (Etherton 2004). كانت تهدف إلى تمكين الأطفال في مختلف المجتمعات في جنوب آسيا في بنغلاديش، باكستان ونيبال والهند وسريلانكا من خلال وسائل الإعلام من المسرح الحي، الدمى، والفيديو. كانت الحملة بأكملها محاولة للعثور على طرق لإنشاء الدراما الخاصة للأطفال حتى يتمكنوا من تعلم كيفية التفاوض مع البالغين، وفي نهاية المطاف لبدء حركة عالمية للأطفال (Etherton 2009: 154).
  وبصرف النظر عن هذه التجمعات المتخصصة الكبيرة على أساس الجنس أو السن لكنَّ هناك منظمات المسرح الأخرى تهدف إلى مجموعات محددة من الناس الضعفاء، مثل السجناء، فقد أصبح المسرح الذي يستهدف المجرمين الشباب والناضجين رائدَ التدخل لإعادة تأهيل السجناء من قبل مسرح Geese في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة (Watson 2009) ومع ذلك فقد أصبحت لبعض البلدان شعبية في العالم الثالث. وقد تم استخدام تقنيات Boalian من قبل نشطاء مثل Paul Heritage، وباربارا سانتوس في البرازيل، وقد قام Buthelezi، وكريستوفر هيرست بعمل مماثل في سجن Westville في جنوب أفريقيا (بوتيليزي وهيرست 2005).
    وغالباً ما يستخدم الميسرون في مسرح السجن الاستعارات لشرح القضايا التي يواجهونها. فيركز مسرح أبيس على ضرورة أن يميز السجناء الأقنعة التي تساعد على بقائهم من الأقنعة المدمرة "التي تستخدم لتشجيع الإساءة "(Watson 2009: 53). بول التراث يصف عمله في السجون البرازيلية من خلال استعارة المفاتيح والأبواب: "(T) هو مفاتيح حقيقية
   والسجون ليست سوى نصف فعالية الوسائل الاجتماعية والثقافية التي بها الأبواب مقفلة وغير مقفلة "(التراث 2004: 189).
    مجموعة أخرى اجتذبت التمويل هي مجموعة من الأشخاص الذين أصيبوا بصدمات نفسية بسبب الحرب، الاغتصاب أو العنف العرقي؛ وفي مثال مثير للاهتمام "جوناثان فوكس" - وهو مؤسس مسرح Playback -في نيويورك - قام بعقد ورشة عمل مع Tubiyage، وهو خليط من الهوتو "فرقة المسرح التوتسي المتخصصة - في استخدام المسرح للسماح للناجين من العنف في بوروندي لمواجهة الصدمات، والعيش مع الناس من الجماعات العرقية الذين كانوا معارضين في الماضي (فوكس 2008: 243).
    أيضًا هناك شكل ذو صلة بهذا الموضوع، وهو مسرح للاجئين وطالبي اللجوء، والذي كان منطقة مفضلة كثيرًا لمجموعات المسرح الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وأستراليا (جيفرز 2011)، وهو موقع لرفع الوعي يدعوه جيرو (2008) وهناك بعض الجماعات في أفريقيا التي أخرجت المسرح أيضا نحو هذه القضية، ولا سيما في مدينة كيب تاون - مقرها مسرح Magnet - الرئيسية كان الهدف هو كشف "مستنقع الضحية، الذي - في كثير من الأحيان - لا يفعل أكثر من ذلك بقليل من تعزيز العجز "(كوكس 2012: 122).
   وغالباً ما يكون اللاجئون وطالبو اللجوء ضحايا العرق أو الدين التهميش، وعدد غير قليل من الفرق المسرحية في العالم الأول في محاولة لمعالجة الجذر أسباب المركزية العرقية من خلال إنشاء شركات مسرحية متخصصة في العمل المسرح عبر الحدود، من أجل تعزيز التعددية الثقافية في الغرب، وعلى المستوى الأوسع، التعددية الثقافية بين مجتمعات العالم الأول والثالث.
   إن أبرز هذه المعابر الحدودية في لندن وبين الثقافات معهد المسرح في سنغافورة، التي أسسها كو باو كوي، والتي تقدم ثلاث سنوات دبلوم في المسرح بين الثقافات، وعمال الدراما في هذا المجال يواجهون مشاكل أخلاقية ضخمة حول التمثيل، والعنصرية قادرة على خلق أنواع غير مقصود في كثير من الأحيان من الآخرين. إذا كان النشطاء من جانبي عملية التضمين هو اجتياز الحدود بنجاح، كما يقول بهاروتشا (2000: 42) "يجب أن تعطي شيئًا ما.
أنواع العروض في المسرح التنموي
العروض التشاركية:
   في العروض المعتادة يوجد ممثلون على خشبة المسرح، ومشاهدون يشاهدون المسرحية في إنعزال جغرافي وعلى مستوى الفعل أيضا. والمقصود هنا الشكل الأوربي المركزي الذي شوهد لفترات طويلة، حيث ينظر إليه أنه الشكل الوحيد للعرض على خشبة المسرح في جميع أنحاء العالم, و لا سيما من جانب المستعمرين الأوروبيين للبلدان المستعمرة فيما سبق، ولكنه - وعلى سبيل المثال- في البلدان الأفريقية أو الآسيوية كانت أشكال المسرح المختلفة - ولا تزال - يسيطر عليها مفهوم حول المسرح يفصح عن دوره في جلب المعلومات للناس بطريقة شفهية؛ ولذلك فقد تطورت تقاليد المسرح المختلفة حول العالم، وتم إعادة إحيائها في البلدان المستعمرة بعد الاستقلال, بينما في المناطق الريفية كانت شائعة حتى أثناء الاستعمار. 
   انتهت تلك الحقبة من الزمن، وصارت قضية تنمية التواصل مع الجمهور موضوعا بالغ الأهمية، وهكذا يبدو مثاليا التعامل مع الأعراف المسرحية الحية باتباع أساليب المسرح التشاركي. أولا وقبل كل شيء من المهم جدا لممثلي ومنظمي العرض أو المشروع في المسرح التنموي معرفة المجتمع وما يواجه الناس من مشكلات، ولذلك فالمسرحية التي سيتم تنفيذها ينبغي أن تتطور مع السكان المحليين الذين يعرفون السلوكيات الثقافية والمشكلات الاجتماعية في المجتمع، علاوة على ذلك فانه من المفيد جدا أن يستعين المنظمون بمسئولي السلطة المحلية وقادة  الرأي ممن يستمع لهم سكان المجتمع الإقليمي ويثق بهم، وبهذه الطريقة يمكن الاستفادة من المعرفة التي يمتلكها السكان المحليون عن أفضل أوقات للعروض أو حتى للإعلان عن مواعيد العروض الجارية.

منتدى المسرح
   تقام برامج ومشاريع المسرح التنموي في الغالب داخل مكان لمجتمع محلى (أو للتجمع) ونادرًا - وعلى نحو غير منتظم - تقام على خشبة المسرح. يعرض المشهد مشكلة أو أكثر مما يواجهها الجمهور في حياتهم الروتينية اليومية، بعد ذلك يشرح أسلوب عمل مسرح المنتدى للجمهور بواسطة شخص آخر من فريق العمل، ثم يعرض المشهد مرة أخرى، هذه المرة الثانية وحتى الثالثة، الرابعة، الخامسة، إلخ، يستطيع شخص تلو الآخر من الجمهور إيقاف المسرحية أينما كانت أو كان معتقدًا أنه الوقت المناسب للدخول في المشهد، وذلك بعدما فهم من الشرح أن هذا التدخل متاح وكيف يتم. ولذلك يطلق على الجمهور: " المتفرح – الممثل Spect-actors"، حيث يحل المتفرج محل الممثل الذي يتراجع خطوة إلى الخلف. ومن خلال كونهم جزءًا من المشهد ينغمس أفراد الجمهور المشاركون في الموقف الدرامي المعروض، ما يجعل الموضوع كله يشعرك بواقعية أكثر للشخص الذي جاء ليقوم بتغيير هذا الموقف، وبالتالي يبتكر الجمهور طريقة بديلة لحل المشكلة، حيث يكون الإبداع مطلوبا وحيث يكون هناك محاولات لإيجاد طرق مختلفة، وكما اعتاد أوجستو بوال أن يطلق عليها، فمهام منتدى المسرح هي كونه بمثابة "بروفة للواقع". 

العروض غير التشاركية
   هي تلك المسرحيات التي تستهدف بناء الوعي بالموضوعات الحرجة التي تكمن غالبيتها داخل السياق السياسي أو التنموي وذلك عبر الأسلوب الدعائي المعروف بمسرح الإستمراد Agit-prop الذي يثير تمرد جمهوره ضد الأوضاع الفاسدة، ولكنها لا تقوم على تقنية مشاركة الجمهور في الفعل المسرحي. بالطبع لا يمكن عرض المسرحيات السياسية بسهولة لا سيما في الأنظمة القمعية؛ لأنها سوف تحظر من البداية، أو أن الثوار يصيرون سجناء. لذا فالأمر يتطلب قدرة إبداعية فائقة الكتابة وعرض مسرحية سياسية جادة، وهذه سمة مميزة جدا لأساليب المسرح التنموي. وثمة موضوعات أخرى بخلاف الموضوعات السياسية المباشرة، يعالجها المسرح التنموي،  فهناك التعليم غير الرسمي, النظافة، التخلص من مياة الصرف الصحي, البيئة, حقوق المرأة, إساءة معاملة الأطفال, الدعارة, أطفال الشوارع, التوعية الصحية, فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز), محو الأمية... الخ.

مسرح الشارع:
    إنَّ مسرحية مثل "المسرح المتخفي" أو "مسرح الصورة" يمكن لها أن تعرض في الشوارع، وتشاهد من قبل المارة. إذ يبدو "المسرح المتخفي" مثل موقف حقيقي للجمهور، حيث يعمل أساسا كدافع لإثارة أفكار الجمهور الذي يراقب الوضع. 
   ولا شكَّ كل نوع من أنواع المسرح التنموي يثق في قوة الكلمة عند الجمهور الذي يواجه الموقف، يعد جزءًا من مشروع أو مشاهدة لمسرحية إنتقادية. ويصل "المسرح المتخفي" إلى الأشخاص في الشوارع ممن لم يأتوا لحضور ورشة عمل أو مشاهدة مسرحية، وهكذا يمكن أن يكون الوصول بالمسرح إلى هؤلاء الناس المستهدفين هو أمر أفضل وأكثر تأثيرا من إنتظارهم القدوم داخل مسرح، وبهذا يغدو التغيير الاجتماعي في الأفق القريب.
   فن مسرح الشارع أو ما يسمى الارتجالي، هو أداء مسرحي يعرض في الأماكن العامة المطلة على الهواء الطلق دون تحديد جمهور معين، حيث يمكن أن تكون في مراكز التسوق، مواقف السيارات، الأماكن الترفيهية كالحدائق، زوايا الشارع. وتم مزاولة مسرح الشارع في البداية كنشاط من قبل الموسيقيين المتجولين، أو في المهرجانات والمسيرات، ولكن هو تحديداً يقام من خلال مجموعة من الممثلين المتميزين في مجال فنون الأداء، ويعود تاريخ المنطقة العربية مع مسرح الشارع إلى احتكاك قديم نتجت عنه مختلف العروض الارتجالية، ومنها: «خيال الظل»، «الأرجوز»، «الحكواتي»، «مسرح العرائس»، «الفانوس السحري»، «المسرح الشعبي».
    وقد تكون العروض الفنية قصيرة ومرتجلة، تتغذي على التفاعل مع حشود المتفرجين، أو قد تكون أطول بعض الشئ وتحظى بإعداد جيد للسيناريو وبالبروفات، ولكنها دائماً ما تعمل تحت فرضية أن الجمهور يمكن أن يترك العرض الفني أو أن بعض أفراد الجمهور على الأقل يمكن أن يغادروا المكان أثناء العرض. والأمر متروك للمؤدين لجذب انتباه الناس والاحتفاظ بهذا الانتباه لأطول فترة ممكنة حتى يتمكنوا من نقل رسالتهم. فمسرح الشارع هو أداة مهمة لاختصاصيي التوعية.

مسرح الشارع‮.. ‬بين الأهداف والتقنية‬‬‬‬‬‬‬
أولًا: ‬مواجهة أزمات اقتصادية عم طريق مسرح بتكاليف قليلة‮ ‬يصل إلي‮ ‬الناس بالجهود الذاتية‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‬ثانيًا: ‬محاولة عرض الخطابات البديلة، والمعارضة للسلطة الرسمية التي‮ ‬لم تسمح بتقديم مثل تلك الخطابات علي‮ ‬المسارح التقليدية‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
 ‬ثالثًا: ‬ارتباط القرن العشرين بثورات ضد السلطات القمعية والاستعمارية الأمر الذي جعل المسرح ضروريًا‮ ‬للحشد الجماهيري‮ ‬والنزول إلي‮ ‬الشارع، وذلك ما‮ ‬يجيب عن أسباب ظهور مسرح الشارع بقوة‮ ‬في‮ ‬بلدان العالم الثالث، وبالتحديد ‮ ‬الشرق الأقصي‮ ‬ودول أمريكا اللاتينية‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    وإذا كان لمسرح الشارع جذور عالمية فإننا نجد له أيضًا جذور وامتدادات في‮ ‬مصر‮؛  ‬ففي‮ ‬فترة احتلال البطالمة نجد انتشار فرق ‮ ‬تحذر من الاستعمار وأعوانه؛ فيستخدمون في ذلك فنونًا للفرنجة وفنون أدائية في‮ ‬ساحات الإسكندرية، ولكن هؤلاء تعرضوا للقمع والتعذيب، وربما القتل في بعض الأحيان‬،‮ ‬وبظهور ماري‮ ‬مرقص‮ - ‬المبشر بعقيدة المسيحية في‮ ‬مصر‮ - ‬يأخذ من مسرح الشارع وسيلة دخول إلي‮ ‬المصريين؛ فكان‮ ‬يقوم بغناء وتمثيل قصة حياة المسيح بطريقة الحكي‮ ‬والتشخيص في‮ ا‬شوارع والأسواق والساحات، وعندما تعاطف معه بعض المصريين أشركهم في‮ ‬تمثيله  وغنائه ليقنع الآخرين بدين جديد لجذب قطاعات أخري‮ ‬من الناس ليتعاطفوا مع بطل تراجيدي‮‮ ‬خلص العالم من خطيئته الأولي‮. ‬وبدخول الفتح الإسلامي‮ ‬لمصر اندمجت الثقافات والحضارات لصوغ قالب جديد علي‮ ‬تراث مصري، مما أعطي‮ ‬الفرجة أشكالًا مغايرةً مثل خيال الظل والمقامة والأراجوز والحاوي‮ ‬وشاعر الربابة والحكواتي‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

• المسرح والتوعية‮‬‬‬‬‬‬‬
   إن مسرح الشارع بمفهومه الحديث‮ ‬غالبًا ما‮ ‬يهدف إلي‮ ‬التوعية من خلال تناوله مجموعة من القضايا الحياتية التي‮ ‬تشغل الأذهان في‮ ‬الظرف الراهن الذي‮ ‬يعيشه المتفرج، ولكن في‮ ‬إطار فني‮ ‬وجمالي‮ ‬له القدرة أن‮ ‬يتجاوز طابعه المرحلي‮‬،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يجعل القائمين علي‮ ‬العمل‮ ‬يبذلون جهدا‮ ‬غير عادي‮ ‬في‮ ‬خلق هذا النسيج المركب‮‬،‮ ‬إضافة إلي‮ ‬ضرورة وعيهم الشديد بالقضية المطروحة وكل المعلومات المتعلقة بها حتي‮ ‬يكون لهم القدرة علي‮ ‬التأثير في‮ ‬مشاهديهم‮،‮ ‬والاستعداد لأي‮ ‬حالة اشتباك حواري‮ ‬مع المتفرجين‮ ،‮ ‬وأهم النماذج في‮ ‬استخدام مسرح الشارع في‮ ‬التوعية نموذج المسرح الهندي‮ ‬والذي‮ ‬كان له أثره البالغ‮ ‬سواء في‮ ‬فترة الاستعمار الإنجليزي‮ ‬أو بعده للتخلص من الآثار السيئة التي‮ ‬خلفها وراءه‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

• البناء المفتوح‮:‬‬‬‬‬‬‬
   لا شك أن الشارع – باعتباره مكان عرض - يجعل العروض تتميز ‮ ‬بكونها في‮ ‬أغلب  الأوقات مرتجلة‮ ‬ومستمدة فاعليتها عن طريق مشاركة فعالة مع الجماهير، والسجال حول موضوع معين،‮  وقد تكون أطول نوعًا ما، بواسطة إعداد متميز للسيناريو ببروفات جيدة،؛ ‬فمسرح الشارع مثلًا‮ ‬يعمل بفرض احتمال مغادرة الجمهور للمكان في‮ ‬أي‮ ‬وقت‮،‮ ‬هذا الافتراض ‮يحتِّمُ البناء المفتوح للعرض نظرًا لكم الأشياء‮ ‬غير المتوقعة من محيط دائرة الافتراض للأداء‮،‮ ‬واذلك فمن الصعب أن‮ ‬يرضخ مسرح الشارع لنصوص جاهزة لها هذا البناء المغلق بسبب للسيولة الشديدة التي‮ ‬يتميز بها‮‬،‮ ‬فكثيرًا ما‮ ‬يلجأ الممثلون إلي‮ ‬تبديل الموضوع الذي طُرح داخل العرض لأي‮ ‬سبب من الأسباب‮؛ ‬كأن‮ ‬يكون الجمهور‮ ‬غير راغب فيه أو‮ ‬غير ذلك كحدوث أزمة مفتعلة لأي‮ ‬فعل فجائي‮ ‬أو للتعرض للمنع القانوني‮ ‬من الشرطة نتيجة لوائح معينة بهدف ضبط النظام في‮ ‬الشارع؛ ولهذا نجد أنه  ضروريًا‮ ‬جدًا أن يكتسب مسرح الشارع مرونة كافية بواسطة تغيير الموضوع في‮ ‬أي‮ ‬وقت بما‮ ‬يتطلب أن‮ ‬يعمل الممثلون مجموعة سيناريوهات يتم التدريب عليها بشكل حسن‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

البحث عن الجمهور وجذبه:
   تعتبر مهمة مسرح الشارع الأولى هي‮ ‬البحث عن جمهور؛ لذلك فإن أماكن تجمهر الناس تعتبر ساحات خصبة ‮ ‬تسهل عمل الفرقة في‮ ‬جذب جمهورها مثل الأسواق والميادين والمحطات السيارات إلي‮ ‬غير ذلك من أماكن مقترحة،‮ ‬ومسرح الشارع تم تصميمه ‮ليلتقي‮ ‬بالجمهور أينما وُجد ‬لا ‮ ‬ليضطر إلي‮ ‬جذب جمهوره إلي‮ ‬الأماكن البعيدة‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
   ونتيجة لشغل الناس بقضاء الحوائج اليومية لهم أثناء تواجدهم في‮ ‬الشارع،‮ ‬فمن الضروري جذب انتباههم إلي‮ ‬العرض ،‮ ‬وهو ما‮ ‬يتطلب إيحاء بأن هناك شيء ‬غير عادي‮ ‬يوشك أن يحدث‮‬،‮ ‬أو يستخدم الأغاني‮ ‬أو ظواهر الفرجة الشعبية التي‮ ‬يرتبط بها الناس لجذبهم‮. ‬وعلي‮ ‬مخرج العرض أن‮ ‬يعمل علي‮ ‬ملاحظة الجمهور بشكل مستمر ومدي‮ ‬قابليته علي‮ ‬استكمال الموضوع المطروح‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬


• مسرح المجتمع المحلي
  ينبع مسرح المجتمع المحلي  community theatreمن مجتمعه وفيه وبه ومن أجله يناقش ويعكس قضاياه القابعة فيه بهدف إيقاظ الوعي، التعليم، التثقيف، الترفيه، التنمية البشرية، إبراز الروح المجتمعية، تربية وتطوير التذوق الفني وتطويره لدى أفراد المجتمع.
   إذًا فهو موجه لجمهور ينتمي إلى مجتمعه ومبدعيه في الغالب ينتمون له (فالمسرحية منذ التأليف حتى العرض هي صناعة محلية كاملة) لكن قد يشكل جزءاً من المبدعين؛ مما ينشئ تبادلا ثقافيا بين ثقافة أصلية (العرض المسرحى) وثقافة مستهدفة (المجتمع المحلى).
   وقد تكون الفرقة المسرحية صغيرة يديرها أفراد، أو كبيرة ذات تجهيزات جيدة، وفى الغالب يكون مسرحًا غير ربحيٍّ يعتمد على التأليف الارتجالي والأشكال الشعبية للمسرحية "كرنفالات، ألعاب سيرك، استعراضات"، ويندرج مسرح المجتمع المحلى تحت مظلة الأنواع الاجتماعية ذات الصبغة السياسية فهو ذو شكل نضالي حماسي يعبر عن الهوية الاجتماعية والسياسية والفكرية للمجتمع الذي ينتمى إليه فهو أقرب الأنواع المسرحية إلى نسيج الحياة الاجتماعية.
   وتمتلك الهيئة العامة لقصور الثقافة شبكة مسارح في شتى ربوع مصر فيما يعرف بمسارح الأقاليم إلا أن التسمية جغرافية بحتة لا يقدم ممارسة لمفهوم مسرح إقليمى بالمعنى الخاص لهذا المفهوم حيث تقوم الفرق مع انتمائهم للإقليم بالاستعانة بالمخرجين من خارج الإقليم توزعهم دارة المسرح وقائمة النصوص تصلح للعرض في أي مكان متخلية عن أي صلة بإقليم تأليفها وإن كان هذا لا ينفى وجود بعض التجارب الخاصة المرتبطة جذريا بأقاليمها إلا انها ليست التيار السائد.
  ويمثل مسرح الأقاليم بنية ونواة جيدة لتجربة مسرح محلى بالكامل ملتصق بهويته المحلية وأن مشروعا كهذا من شأنه أن يسهم في عملية تنمية حقيقية للإنسان والمجتمع وأن يغرس المسرح المحلى في النسيج الاجتماعي.
   وفي كتابه مسرح المجتمع المحلي والتغيير الاجتماعي لبيتر بيلينجهام يرصد خمس دراسات أو تجارب تدور حول الدراما المعاصرة لمسرح المجتمع المحلى، ويرى أن مسرح المجتمع المحلي يبتكر في دير، مطبخ، فراغ مجتمع محلى، مسرح، أو في رأس أي انسان، إنه يطل عبر لفافات تبغ بدأه  الرجال ثم أخذ في التطور بمخطط أكثر عمقا بفعل النساء وتتنوع أجزاؤه  بين الريبورتاج والنص والارتجال وتصبح قضيه ما شيئاً براقاً  في أعين التجارب الأخرى وبمجرد أن يوجد نص العرض يكون في المستطاع إعادة تفسيره تصبح الطريقة الجمعية التي عرضت بها المسرحية مختلفة عن ذي قبل هذه الطريقة التي لا يمكن تكرارها انها طريقه تستحضر في الذهن بعيدا عن تفاعل الناس مع واقع مستقر وتتم بين قيود مبتكرة  سياسيا تحد من حرية العمل و موارده و امكانياته.
   واحدة من هذه التجارب نابعة من الاضطرابات في ايرلندا في اواخر ستينيات القرن الماضى ومسرح التحرير والنضال الوطني ثم مسرح المجتمع المحلي ببلفاست ذو الصبغة السياسية وتعطش الشعب الى التحرير والحرية. 
   والتجربة الثانية يتعرض لوصف فعاليات الفنون الشعبية المقدمة في احتفاليات الألفية عام 1998 حتى 2000، والتى تكون مجتمعة عرض مسرح المجتمع المحلي في مقال بعنوان على أبواب المدينة الفاضلة: مسرح المجتمع المحلي المتمرد في شيفيلد يقدم وصفا مفصلا يتناول فيه المشروع المسرحي منذ البداية في البروفات وصولاً من العرض المسرحي النهائي.

نماذج من مسرح المجتمع المحلى

• فرق الهواة لمسرح المجتمع المحلي
 الدافع: المشاركة في أعمال درامية
    أماكن العرض المعتادة: مسرح خاص، مبان مستأجرة (صالات الكنائس - مسارح الجامعات، إلخ)، مسارح محترفة محلية (حيث يمثل هذا جزءا حيويا في اقتصاد المسرح الحاوي لعروضهم، فهو لا يتكلف أي أعباء إنتاجية، بل على الأقل سيحظى بنسبة من شباك التذاكر، بالإضافة الى مكاسب كافتيريا ١الضيوف--- الخ).
الجمهور: هو جمهور ذلك المجتمع المحلي بمعنى أن السواد الأعظم منه سيتألف من أسر وأصدقاء المشاركين فى العمل المسرحي. 

• مسرح المجتمع المحلي داخل المسارح الاحترافية:
    هذا قد يشمل التشجيع المتواتر للكتابة المحلية، ويتضمن سياسة ثابتة لإنتاجات مستهدفة تقام بمجتمع محلى، وقد تتحول هذه السياسة الثابتة إلى إنتاجات متفرقة زمنيا إلى حد ما (مثل: إحياءات مسرحية "أنشطة في شيفيلد بليلة يوم سبت بمسرح القسوة بشيفليد)، وقد يشمل المسرح مجموعة مسرحيات 'التريبيون'(المدافع عن حقوق العامة ومصالحها (عند الرومان).)، حيث يتم تقديم العمل لمجتمع محلى بعينه يعتقد استقراره سياسيا وجغرافيا. إن هذا المسرح غالبا ما يمثل مسرح مجتمع محلي بعينه، بمعني انه يتوجه إلى مجتمع محلى أو الى قطاعات مستهدفة من ذلك المجتمع. 

• فرق المسرح ذات المشاركة الخاصة
    يتضمن عمل هذه الفرق اعادة تقديم الذكريات وكذلك عروض المناسبات وعروض من التراث المسرحي وعروضا أخرى للصم والعميان، إلخ. وأحيانا يكون هذا المسرح محدد الموقع ولكنه فى العادة يتحرك بعرضه أو مشاريعه إلى المؤسسات المضيفة وفى العادة ما يحظى بتمويل، وغالبا ما يتلقى تكليفات خاصة.

• المسرح في مكان العمل
عبارة عن فرق مسرح محترفة تعمل بتكليفات لتنتج عملا يتعامل مع قضابا بعينها متصلة بأنشطة المؤسسات والمنظمات التي قامت بتكلفتها.

• المهرجانات والاحتفالات متقطعة بالمجتمع المحلي
قد تكون على شكل احتفالات محلية مباشرة تتصل بحدث محلي أو قومي، ومن الطبيعي ألا تمتلك هدفا سياسيا معلنا.

• المسرح من داخل المجتمع المحلي
    هو ذلك المسرح الذي يبتكر كلية بجهد ومن أجل مجتمع محلي بعينه، ومن الصعب استخلاص الحدود الفاصلة بين هذا النوع المسرحي وما سبقه في هذه القائمة، ومشروع شيفيك قد يدخل في إطار هذا  النوع المسرحي بأحد المعاني لكنه لا ينطوي على  معنى واضح لمفهوم الزعامة او الطليعية من قبل أفراد لا يمكن الاعتقاد في كونهم من داخل المجتمع المحلي بمعني خاص٠ وعلى قدم المساواة نجد عروض المجتمع المحلي المنتظمة استمدت موادها  من موارد المجتمع المحلي الداخلية، إلا انها استخدمت كتابا من خارجه  وتمثل مشاريع ب لفاست التي  أوردها  بيل ماك دونيل نموذجا جيدا من هذا النوع المسرحي ويعتمد هذا المسرح عنى التدعيم الذاتي.
   يتصل هذا المسرح على نحو وثيق بما سبقه في الحديث إلا انه يقدم من خلال فرق إما جوالة أو مقيمة، وقد يمثل نوعا من اعمال المسرح الشعبي، وهي فرق مسرح دائمة تعمل في مجتمع محلى بعينه. ودائما ما تهتم بقضايا بيئية وقضايا علم التبيؤ محملة برغبة في ربط هذه القضايا بقضايا أضخم، وعلى وجه الخصوص قضايا العولمة والرأسمالية الحديثة. وقد يشمل هذا المسرح على فرق مؤسسة داخل المجتمع تعمل على قضايا محلية، أو يحتوي على شكل مسرحي جوال يستهدف جمهورا إقليميا خاصا ليس بمحلى على سبيل المثال المسرح النسوي، وهذه الفرق قد تكون محترفة ما تحظى بدعم مالي.
   ووقد تبدو قائمة النماذج المسرحية هذه غريبة إلى حد ما؛ لأنها لا تجمع بين الأنشطة المتباينة على نحو واضح فحسب، بل أيضًا تجمع بين تلك المتعارضة فكربا. وفي العديد من الحالات قد تبدو كلمات غير كلمات مجتمع محلى أكثر تناسبا وملائمة، مثل كلمة "جمهور" إقليمي" أو كلمة "عملاء" التي استخدمتها الكاتبة كارول أنجيلا كربستبين؛ حيث وصفت جمهورها بها، فنجد التأكيد هنا على الخدمة الممنوحة فى مقابل قدر من المال متفق عليه، وهذا يبدو مذهلًا على نحو خاص بـالمسرح في مكان العمل باعتباره نوعا مسرحيا، لكن إذا افترضنا تقديم منظمة لعرض مسرحي متفاعل حول قضية تكافؤ الفرص أو قضية العجز عن العمل سيكون من الواضح وجود معنى للمجتمع المحلي في هذا العرض؛ سواء لمقدمي العرض أو للمضيفين. ولذلك قد يوجد أيضا احتمالية صراع وتنافس وحراك فكري... إلخ، بين مقدمي العرض والمضيفين ولكن فكرة المجتمع المحلي لابد وأن تكون نقطة الانطلاق.
   هذه المشكلات تنبع في الأساس من فكرة أن المجتمع المحلي ليست فكرة محايدة؛ فقد ارتبط استخدامها بالمشاركة في الاهتمامات المشتركة، وأيضًا بالمشاركة في مكان مشترك، ولذلك يمكن أن تتضمن – بمعناها العام الضخم — مجموعة من الناس عاشوا في منطقة معينة، أو جمهور إقليمي وثيق الارتباط ببعضه البعض، وربما تعرف على أنها مكان جغرافي عام ويحمل معنى لمجموعة الأفكار الموحدة المشتركة ويتم تحديده بفضل مفاهيم الجنس أو النوع، وكذلك الأصل العرقي أو المعتقدات الدينية في العالم ما قبل الصناعي.

أمثلة على تأثير المسرح على التنمية:
• تأثير المسرح على التنمية الاقتصادية:
   التنمية الاقتصاية هي القطب الروحي للتنمية الشاملة كما اشار علماء الإقتصاد، ويعرفها الدكتور عمر محي الدين: "هي ثورة العالم الثالث ضد الفقر والبؤس والتخلف بصفة عامة" واجتمع كل من هقيل وماركس ورستو وماكس وفيير على قول واحد؛ هو: "إن التنمية الاقتصادية تعني النمو الاقتصادي أو التغير الطويل الأمد" ونقول إن التنمية الاقتصادية هي أساسية في عملية التنمية الشاملة ولكن التنمية البشرية هي الأهم باعتبار أن الإنسان هو صانع العملية الإقتصادية.
   وفي المسرح نجد مسرحيات ناقشت عملية التنمية الإقتصادية، من ضمنها مسرحية "جان دارك قديسة المسالخ" للألماني برخت، نلاحظ في هذه المسرحية تعمق المؤلف في الاقتصاد الماركسي وخاصة نظرية رأس المال، والمسرحية تعكس صراع يدور بين عمال المسالخ والملاك من الرأسمالية محتكري السوق، فقد عمل بريخت على تنمية مفاهيم العمال لتنظيم عمل نضالي منسق ضد الرأسمالية ومحتكري السوق أمثال ماولر، وفي النص نجد مأسات عمال ضد الرأسمالي حتي أن يثوروا عليه.
• تأثير المسرح على التنمية الإجتماعية 
    التنمية الاجتماعية هي ليست مثل عمليات النفير في القرية، أو اتحاد الشباب لنظافة الترع والمجاري، أو صيانة المدارس والمرفق العامة، أو إقامة محافل ثقافية وصحية... الخ، علي الرغم من أهمية مثل هذه الاعمال الجليلة في عملية التنمية، ولكن البعد الاجتماعي للتنمية يشمل تحليل القوى الاجتماعية السائدة في المجتمع وطبيعة السلطة، ونظرية الحكم الاجتماعية السائدة في المجتمع، ومدى مشاركة الجماهير في صنع القرار والمشاركة السياسية، ويعتبر الجانب السياسي من البعد الإجتماعي للتنمية، وأيضاً تفعيل دور المرأة، ومن المسرحيات الاجتماعية التي ناقشت موضوع المرأة، مسرحية "بيت الدمية" للنرويجي "هنرك ابسن" والتي عكست قضية الزوج المتسلط علي زوجته، وقد حمَّل الكاتب هذا العنوان المقولة الإبتداية للنص حيث كانت كالدمية تماماً ليس لها دور يذكر في المنزل، واستغل عدم معرفتها وخبرتها في الحياة فكان يحركها كما يريد، ولم تكن تشاركه في صنع القرار في المنزل، واتضح ذلك خاصة فى الفصل الأول والثاني من النص، وفي الفصل الثالث تبدأ المناقشة من بعد العودة من الحفل، وهذه البداية تعتبر بداية الوعي بمفهوم المشاركة الإجتماعية، وهي تشبه ثورة الفلسفة الوضعية علي الفلسفة المثالية في بدايتها.
    ويعرف روجرز التنمية في منتصف العقد الثامن من القرن العشرين.. بأنها عملية مشاركة في التغيير الاجتماعي بهدف إحداث تقدم مادي واجتماعي بما في ذلك زيادة المساواة والحرية وغيرها من الحقوق مثل المساواة بين الرجل والمرأة... إلخ، وعندما تذكر كلمة اجتماعي إلى جانب التنمية فأنها تعني نمواً إجتماعياً، فعملية التنمية هي عملية تغيير شامل للقوى الاجتماعية، وبناءا على ذلك فهي عملية تغيير اجتماعي مقصود، وفي المسرح نجد نظرية قائمة بذاتها تدعو إلى تغيير اجتماعي مقصود، وهي نظرية مسرح التغيير أو المسرح الملهمي أو التغريب لصاحبه برخت، وهذه النظرية هدفها الاساسي هو التغيير؛ حيث أنها تخاطب عقل المتلقي وتتيح له الفرصة في التفكير في القضية المطروحة، وعكس نظرية التطهير لأرسطو طاليس، يقول مالك بن نبي في تأثير البنية الإجتماعية على موقف الفرد ما يمكن أن نراه عائقًا لنمو الفرد كعنصر متحرك من عناصر البناء (الحياة الإجتماعية في البلدان المختلفة مغلفة بلفائف من انعدام الفاعلية موصومة بنقائض من كل نوع، تبدو هذه اللافاعلية من تلقاء ذاتها لنظرة المرء في صورة انعكاس ثقافة معينة، وهي فضلاً عن ذلك تبدو في مزدوج هو المظهر النفسي الفردي والمظهر الاجتماعي الجماعي) ومن الملاحظ ان طالب الطب في البلدان النامية عندما يذهب الي تلقي العلم في العواصم الاوربية يحصل على الدبلوم الذي يحصل عليه زميله ذات الدولة، وفي بعض الاحيان قد يكون أكثر استعداداً وزكاء ولكن لا يحصل غالباً على فاعليته، نعني طريقة سلوكه وتصرفه أمام مشكلات الحياة الإجتماعية.
تأثير المسرح على التنمية الثقافية
    إن أول ما تهدف اليه التنمية الثقافية هو بناء الإنسان معنوياً ومعرفياً، ومن هذا الهدف تبرز الأهداف الثانوية، استطاع ابن خلدون أن يربط بين أرقى الامم وتقدمها وانحطاطها، ومفهوم التنمية كما جاء في مقدمته المشهورة، وذلك من خلال اهتمامه بدراسة واقع العمران البشري وأحوال الاجتماع الإنساني، والذي عرف بعلم العمران وما يشير فيه لطبيعة هذا العمران من التوحش والتنافس والعصبيات وكيفية التغلب على هذه المشكلة ومحاولة السيطرة على الطبيعة وتسخيرها لمصلحة الإنسان، تلك الآراء أثرت بالطبع على علماء الاجتماع والاقتصاد، وبخاصة في معالجاتهم لفلسفة التنمية، وخلال القرن الرابع والخامس الميادي قد زاد أهتمام العلماء بعد ذلك حتي نهاية القرن التاسع عشر بقضايا التنمية وذلك من خلال فكرة النمو الاقتصادي، والذي يبرز عبر الاعتماد المتزائد والمتبادل بين الاجزاء المختلفة، كما عالجها بعض علما الاجتماع الأوائل مثل "أوجست كونت" من خلال اهتمامه بكل تخصص وتقدم، وهذه المحولات تعد بمثابة أفكار تقدمية بالنسبة لعملية التنمية حين ذاك، فضلاً عن أنها اسهمت في ظهور بعض النظريات التطويرية في التنمية والتي تسمى بنظرية التطور في التنمية.

جدلية المسرح والتنمية
   إن المسرح هو فعل إنساني نبيل لا ينفصل عن موضوع التنمية، ومنذ نشأته ظل يساهم في العملية التعليمة والتنموية بأنواعها المختلفة، ومنذ فترة اليونان نجد أن المسرح قد ارتبط بتوعية وتنمية الإنسان، وفي ذلك الحين لم يظهر مصطلح التنمية بهذا المفهوم.
   وإذا نظرنا إلي معظم النصوص المسرحية نجدها قد ناقشت موضوعات التنمية بطرق مختلفة وبزواية متعددة، ففي ثلاثية "اوديب ملكاً" لسوفوكليس، في الجزء الأول منها "مسرحية أوديب" الذى قتل أبيه فتزوج والدته وفقع عينيه، نسبة للفعل الذي ارتكبه، ويرى في فقع عينيه تطهير لنفسه، وعليه فأن الرسالة المراد إيصالها للمتلقي هي الإحساس بالخوف والشفقة مما تنبه من الوقوع في مثل هذا الفعل، أما الجزء الثالث "انتجونا" وهو يناقش مفاهيم العدالة والقانون والواجب، وهي مفاهيم ذات صلة مباشرة وغير مباشرة بعملية التنمية، ولها دور كبير في تنمية وتطوير ورفع وعي المتلقي، وبخاصة فيما يختص بالقيام بالواجب في تطبيق القوانيين وتحقيق العدالة.
     أما مسرح شكسبير فهو يناقش قضايا مرتبطة بالذات الإنسانية، مثل الغيرة والجشع والطمع والتضحية... الخ، وبالتالي نجده اهتم بجانب التنمية المرتبطة بالتنمية البشرية، وكذلك ظهر المسرح التعبيري الذي يناقش النفس الداخلية للإنسان، وأيضاً ظهر مسرح العبث الذي ينادي بإعادة إنسانية الانسان الاوروبي، وكذلك مسرح المقهورين لاغستوبوال، الذي يتناول قضايا المقهورين ويساهم في حل مشكلاتهم، حتى ظهر مصطلح المسرح التنموي.

تطبيقات تأثير المسرح في التغيير الاجتماعي

• المسرح التفاعلي في خدمة الريف
    طالما طمح أرباب الثقافة الشعبية إلى إيجاد وسائل فنية تساعد على اختراق حاجز الفقر والأمية، خصوصاً في المناطق النائية، البعيدة عن المراكز الحضرية، ولعلّ أهم هدف توسّله هؤلاء في نشاطاتهم هو نشر الوعي المحفّز على النهوض في المناطق المنعدمة، حيث تغيب الخطط والبرامج التنموية الحكومية، مع ازدياد الوعي بأهمية دور الثقافة كرديف أساسي لأيّ مشروع اقتصاديّ هدفه التصدي لمعضلات أساسية على غرار الأمية والهجرة المتزايدة من الريف.
   وتكمن أهمية مشروع المسرح التفاعلي في ريف سورية في الناحية الريادية منه أنه أول مشروع يهدفُ إلى نشر الوعي التنموي ويتوصل الى نتائج مهمة على صعيد المسرح الشعبي. وتندرج التجربة في إطار برنامج «المسرح التفاعلي والتنمية»، المموّل من صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA، ضمن برنامج التعاون القطري السادس بين صندوق الأمم المتحدة للسكان والجمهورية العربية السورية (برنامج التحفيز السكاني)، علماً بأنّ البرنامج نُفّذ بإشراف الصندوق السوري لتنمية الريف (فردوس).
   ويتمحور الهدف الأساسي حول تأهيل كوادر قادرة على ممارسة نشاطات ثقافية تنموية عبر تنظيم ورش عمل تأهيلية وإعداد نصوص مسرحية وبرامج ثقافية مخصصة لأهل الريف، وتتولّى ذلك الدكتورة ماري الياس، وهي أستاذ محاضر في المعهد العالي للفنون المسرحية وأستاذ اللغة الفرنسية في جامعة دمشق.
   وقد قامت مجموعة العمل الأولى بجولات في الريف السوري، هدفها تأسيس نواة عمل أولية ورصد ردود فعل الجمهور. وانبثقت عن المجموعة الأم، بعد الدورة التدريبية الأولى، مجموعتان: الأولى موجهة إلى شريحة عُمرية محددة، أما الثانية فانضم اليها ممثلون من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية شكّلوا فرقة مسرحية هي «فرقة مسرح الاستوديو»، سبق وأن قدموا أعمالاً مسرحية عدة مع مؤسّس الفرقة المخرج عمر أبو سعدة. بالتنسيق مع الصندوق السوري لتنمية الريف (فردوس)، توجّهت الفرقة إلى قرى في الريف السوري تشمل البرامج التنموية للصندوق، وحرصت على عدم إهمال القرى البعيدة والأكثر فقراً. وكان على الفرقة تذليل كثير من الصعوبات لإنجاح التجربة، أبرزها اختـراق عزلة بعض المجتمعات الريفية وتحفّظها، لإنشاء حالة تفاعلية تمهيداً لتناول المشكلات الأكثر حيوية التي يعانيها الأهالي، وتحفيز الوعي بهذه المشاكل كخطوة أولى نحو حلها.
   أولى مهمات الفرقة كانت رصد ردود الفعل الصادقة من الأهالي؛ ففي مجتمع يندر فيه الحوار، وتسوده قوانين اجتماعية أخلاقية صارمة، يميل الناس إلى إظهار ردود فعل مواربة ومنمقة غالباً ما تكون بعيدة كلّ البعد عن ملامسة الهواجس الحقيقية. لا تسهّل الحالة الاجتماعية والاقتصادية المتردية - من انتشارٍ مستشرٍ للجهل وتغييب قسريّ أحيانًا للنساء والشباب عن المشاركة الفعالة في المشروع - عمل الفرقة، لا سيما أن أهالي الريف يربطون في كثير من الأحيان قدومها الى مناطقهم بحلّ المشاكل الاقتصادية المعقدة فيعقدون آمالاً على الفرقة هي غير تلك التي يتوخاها المشروع.
    وكان على المجموعة، لمواجهة التحديات هذه، تطوير آليات معينة تكسبها الديناميكية اللازمة للتعامل مع الاحتمالات كافةً، حتى مع أكثرها إرباكاً. وتمّ في هذا السياق اعتماد مبدأ «الجوكر»، أي أن يقوم فرد من الفرقة (المؤلفة من ستةّ ممثلين ومخرج وكاتب) بأداء دور «الجوكر» أو قائد العملية التفاعلية في كلّ قرية. وفي وسع «الجوكر»، وفق التقنية المعتمدة، التحكم بعملية التفاعل مع الأهالي عبر إدارة مشاركة هؤلاء في تقديم الاقتراحات بتجسيدها على أرض الواقع وإشراكهم المستمر في عملية التمثيل مع الممثلين المحترفين.
    وكان على الفرقة، في كثير من الأحيان، الإعلان عن حضورها إلى القرية المعنية ودعوة الأهالي الى التجمع في الساحة العامة أو في أي مكان مناسب.
   وتمحورت معظم المشاهد المسرحية للفرقة حول القضايا والمعضلات التي يعاني منها الريف السوري عموماً كمشكلة البطالة وصعوبـــة تأمين لقمــة العيش، وهجرة الاراضي الزراعية، وغياب البرامج التنموية الفعالة وضعف الخدمات الحكومية ووضع المرأة ومشاكلها.
    ولعل أهم سمة لهذه الأعمال المسرحية هو طابعها التحريضي، كونها قائمة أساساً على اقتراحات الأهالي كوسيلة لتنشيط المشاركين ودفعهم إلى التفاعل مع العمل. والمدهش في الأمر انتقال الناس من حيز المشاهدة إلى التمثيل، ما خلّصهم من وطأة المكبوت، وساهم في التخفيف من وقع المشاكل الاجتماعية وحفّز المشاهدين على ضرورة البحث عن سبل لحلّها.
   ولمشاطرة الخبرة المستمدة من المشروع وضعت الدكتورة الياس دليلاً شاملاً يشمل مراحل التأسيس ومنهج العمل والتقنيات المستخدمة.
   والمشروع ليس مجرّد نشاط بسيط، إذ تكمن أهميته في بعده الإنساني، فقد تغلغل عبر جولاته الفنية في نسيج المجتمع البسيط بقدراته المادية والمتعطش الى المعرفة في عملية تعلّمٍ متبادل حميم.
   كذلك لمس المقيمون على المشروع شغف أهالي الريف البسطاء وتقديرهم لأيّ مجهود صادق يُبذل لنشر الوعي والمعرفة في ديارهم، ولعلّ أبرز ما حققه المشروع هو غرس بذور الوعي وتمكين نساء القرى وحضهن على إدراك أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي وطيّ صفحة الاضطهاد والتمييز الطبقيّ الى الأبد.

• الأقليّات تحت الضوء بفضل مسرح الشارع
الأقليات واللاجئين
    فن مسرح الشارع، أو ما يسمى الارتجالي، هو أداء مسرحي يعرض في الأماكن العامة المطلة على الهواء الطلق دون تحديد جمهور معين، حيث يمكن أن تكون في: مراكز التسوق، مواقف السيارات، الأماكن الترفيهية كالحدائق، زوايا الشارع. وتم مزاولة مسرح الشارع في البداية كنشاط من قبل الموسيقيين المتجولين، أو في المهرجانات والمسيرات، ولكنه يقام من خلال مجموعة من الممثلين المتميزين في مجال فنون الأداء. ويعود تاريخ المنطقة العربية مع مسرح الشارع إلى احتكاك قديم نتج عنه مختلف العروض الارتجالية، ومنها: «خيال الظل»، «الأرجوز»، «الحكواتي»، «مسرح العرائس»، «الفانوس السحري»، «المسرح الشعبي».
    وقد تكون العروض الفنية قصيرة ومرتجلة، تتغذي على التفاعل مع حشود المتفرجين، أو قد تكون أطول بعض الشيء، وتحظى بإعداد جيد للسيناريو، ولكنها دائماً ما تعمل تحت فرضية أن الجمهور يمكن أن يترك العرض الفني أو أن بعض أفراد الجمهور على الأقل يمكن أن يغادروا المكان أثناء العرض. والأمر متروك للمؤدين لجذب انتباه الناس والاحتفاظ بهذا الانتباه لأطول فترة ممكنة حتى يتمكنوا من نقل رسالتهم. فمسرح الشارع هو أداة مهمة لاختصاصيي التوعية.
   أمَّا بالنسبة لبدوُ غزّة، والأقليّة السوداء في تونس، واللاجئون السّوريون المقيمون في لبنان، فلا يبدو للوهلة الأولى أن هناك عوامل تجمع بين هذه الأقليّات الثلاثة القادمة من مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن ما يربط بينها جميعا في الواقع أنها جميعا ستجسّد مواضيع للمسرح بدعم من مشروع "الدراما والتنوع والتنمية" أحد ثلاثة مشاريع يمولها الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج ثقافة ميد الإقليمي، وذلك بعد دورةٍ ناجحة لسبعة مشاريع في العام المنصرم، حيث أطلق  مشروع الدراما والتنوع والتنمية مشاريع جديدة في كل من لبنان وفلسطين وتونس بُغية تسليط الضوء على هذه المجتمعات.
   ويعمل هذا المشروع في سبعة من بلدان جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، ويهدف إلى مكافحة التمييز العِرقي والعنصرية الممارسة ضدّ الأقلّيّات عبر توظيف فنون الأداء ومسرح الشارع لتحقيق هذا الهدف وتعزيز التّنوع الثقافي من خلال المسرح الذي يسهل وصول العامّة إليه.
   ويوضح نسيم غروم، المنسّق الإقليمي للمشروع، قائلًا: "ليس هدفنا الترويج لعمل ثقافي محدد؛ بل ينصبّ اهتمامنا على مرافقة تلك المشاريع التي تنوي توظيف الثقافة كوسيلة لتعزيز حقوق الإنسان ورفع شأنها" علما بأنّ الميزانية العامة المخصّصة في هذه المنطقة للمشاريع الثقافية محدودة جدا، ومع ذلك نجد أن النقاش حول وجود الاقليّات واندماجهم الإيجابي قد انطلق حديثا كجزء من عمليات الانتقال السياسي، وهذا يدلّ على أنّ المنظمات الفنّية مهتمة بموضوع الأقلّيّات.
   إنّ المشاريع المنتقاة في إطار مشروع الدراما والتنوع والتنمية مموّلة من قبل الاتحاد الأوروبي تتضمن برنامج ثقافة بالاشتراك مع صندوق الأمير كلاوس للثقافة والتنمية.
   وكان المشروع قد أطلق دعوةً ومفتوحة لتقديم المقترحات لاختيار مشاريع في هذا الصدد، حيث لا بدّ من أن تكون الأقليّات ضحايا للتمييز العنصري حتى تنال دعم البرنامج، وبعد اختيار العديد من المرشحين والالتقاء بمن يقفون وراء هذه المقترحات قرّر المشروع تسليط الضوء على الأقليّة السوداء في تونس وعلى بدوِ غزّة وعلى اللاجئين السوريين في لبنان.
 كما في الدورة السابقة للمشروعات، فإن كل العروض المسرحية ستوظف مناهج فنية مختلفة لكنها ستتضمن تقنية واحدة مشتركة ألا وهي مسرح الشارع؛ بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، فإن الدخول مجاني ومفتوح أمام الجميع، وفي الحقيقة هذه الأعمال لا تُعرض غالبا في الشوارع "فالميادين العامة يصعب الوصول إليها في عموم المنطقة، حيث السّلطات غالبا ما تكون مرتابة خصوصا عندما تُطرق أبواب مسألة حريّة التعبير فعلا، وبالرّغم من الربيع العربي، فإنّ بعضًا من تلك البلدان لايزال تحت كبْتِ الأنظمة الحاكمة" بحسب نسيم غروم، حيث تُعرض المسرحيات المدعومة من قبل مشروع "الدراما والتنوع والتنمية" معظم الاوقات في مراكز اجتماعية، وبما أنّ موضوع الأقليّات حساسٌ في بعض البلدان، فليس من السهل دائما أن تُعرض المسرحيات، وعلى سبيل المثال، فإنّ مسرحيّة "بحال بحال" قد مُنعت من قبل السّلطات المحلّية في مدنٍ عديدةٍ في المغرب السّنةِ الماضية.
المسرح التطبيقي في السجون
تجربة أشلي هاملتون
تعد تجربة الدكتورة أشلي هاملتون، من جامعة نييورك، من أبرز التجارب في استخدام الفن كأداة تأهيلية فقد قامت بربط شغفها الفنى مستخدمة الكتابة والمسرح داخل سجن الأحداث فى مدينة نيويورك. 
وأثبتت الدكتورة أشلي أن برنامج المسرح التعليمى له باع طويل وعلاقة تبادلية مع إعادة تأهيل من خلال الفنون RTC)) أى منظمة تستخدم  الممارسات الفنية لاعادة تأهيل المحتجزين فى سجون ولاية نيويورك). وفى السنة الأولى من برنامج الدكتوارة، أتيحت لها الفرصة لمساعدة دكتورة "نانسى سيمثنر"”Nancy Smithner” وتلميذتها الباحثة "ميلسا سونيا"”Melissa Sonia (فى “BED Ford HillsMaximum Security Prison for Women”، سجن النساء "بدفورد هيلز". ولقد سنحت لها الفرصة أيضا بعد ذلك مباشرة للاشتراك فى تدريس كورس مسرحى لمدة ست شهور  “Devising Theatre Course”مع "Clare Hammoor” (أحد خريجات  برنامج المسرح التعليمى) فى"بيدفورد هيلز". ولقد قامت بمشاركة ""كلارا" بإبداع تللك الفصول لاستكشاف الأفكار الاجتماعية المختزنة فى مخ المحتجزين عن طريق الحركة والكتابة. وبعد تبلور الفكرة الرئيسة، بدأتا فى كتابة المسرحية من خلال عملية تصميم فعلية وكتابية. ويضج الفصل بعروض مسرحية لتلك العمل الفنى والتى تعرض أمام زملائهم فى السجن (شعب السجن). وبعد عدة شهور من الكتابة والتصميم والبروفات تم إبداع مسرحية حول التناقضات التى تواجه الأنوثة (أو النسوية) خلف جدران السجن.
وترى الدكتورة أشلي أن للدراما أثر بالغ في إعادة تأهيل المسجونين، وتروي الدكتورة أنه فى أثناء فترة التمييز العنصرى اكتسبت جنوب أفريقيا سمعة سيئة لأنها كانت من أكثر مناطق ممارسة العنف والظلم حيث كان يتم تعذيب المحتجزين وانكار أبسط حقوقهم الأنسانية. إذ قام أحد الشركاء فى مركز المصادر أو الوثائق القانوية “Legal Resources Centre (RTC) بفتح التحقيقات فى مقتل "أحمد تيمول "”Ahmed Timol” المدرس والناشط المعادى للعنصرية والذى لاقى حتفه وهو فى حوذة الشرطة فى ظل ظروف مثيرة للشك منذ أربعين عام. ولقد أتاح دراسة سوء معاملة السجناء عبر التاريخ الفرصة لتقييم هل تغيير الوضع كثيراً للمسجنونين فى "جنوب أفريقيا" منذ بداية الديمقراطية.
ومما يثير الأحباط والآسى بالنسبة للدكتورة أشلي أن نظام السجون فى جنوب أفريقيا فشل فى أن يضمن الحقوق الأساسية للسجناء. ولقد  قام الشركاء فى مشروع "Wits Justice Project” با لتحقيق لسنوات فى مسالة سوء اجهاض العدالة ،وسوء معاملة السجناء، بوسائل غير مناسبة، فضلا عن العنف الجسدى والجنسى. ولقد عرض أحد أفراد مشروع (WJP) الكثير من الحالات للأيذاء الجسدى من قبل حراس السجن فى سجن”KgostMampuru” in Pretoria”ضد السجناء الذين كانوا يحتجون ضد تراكمات كبيرة وتأخيرات في عمليات الإفراج المشروط. 
وقامت "CanonCollins ChieazaChinhanu، حاصلة على درجة الماجيستر فى المسرح التطبيقى من جامعة "كاب تاون ”Cape Town” بحث الماجيستر والورشات المسرحية عن سجن “Polismaar Maximum Secutity فى مينة"كاب تاون"، وتعمل حالياً كممارسة فى السجون فى”CHikurubuسجن فى "زيمبابوى"”Zimbabwe”. ولقد استخدمتAlumna” المسرح والدراما كوسيط فيما بين المسجون والعامة فى المجتمع حيث تقوم بتسهيل مهمة انخراطه أو رجوعه للمجتمع. وتتحدث "ألومنا" "Alunna” عن تجاربها البحثية وعملها الحالى فى نظام المحتجزين فى "جنوب أفريقيا" و "زيمبابوى" ملقية الضوء على مدى إماكانية  تحويل السجون من أماكن للعقاب والمهانة إلى أماكن لأعادة التأهيل.

وترى الدكتورة أشلي أن المسرح يمكن أن يجعل العامة أن ينغمسوا فى مناقشات حول العدالة التصالحية من خلال المسرح “Theatre Forum”. ففى مثل هذه المسارح يتحول المتفرج من مشاهد عادى إلى متفرج ومؤدى فى نفس الوقت يقوم المؤدين بعمل بروفات لسينايورهات تدور حول فكرة العدالة التصالحية، حيث يجسدون ذلك أمام العامة لكى يضعوا ذلك المفهوم فى الأعتباربحيث يشترك المؤدين والمتفرجين بوعى وضمير لصياغة المشكلة أو التحدى فى هذا العرض المسرحى. وسنجد أيضاً أنهم يطوعون أنفسهم للعرض ومن خلال الحوار النقدى و الأداء يصلون إلى حلول عملية. ويساعد هذا المسرح”Forum Theatre أو يقوم بزيادة صعوبة الموقف شخص يدعى "جوكر"”Joker،الذى يكون مسئول عن استفزاز نوع من التفكير العميق لكى يساعد على تفهم الموضوع. وفى “Forum Theatre” يتم اخلاء المناطق الرمادية كلها ويتم التوصل إلى حلول سحرية بحيث يشارك المتفرجين فى العرض والنقاش ويقترحون حلول أيضاً.
وتروي الدكتورة أشلي أنها استعانت بعدد 20 سجين فى أحد أبحاثها، حيث شاركوا فى عرض مسرحى عرف باسم "أنك تستطيع أن تغير حياتك". و قام المسرح والعرض الأخير بتحدى إدراك المشاركين ونهجهم نحو استيعاب فكرة " أن يكون إنسان" فى جنوب أفريقيا ولقد قال أحد المشاركين فى العرض "أن الدراما تجعلنى أتخذ خطوة للأمام، ولكنى عندما أرجع إلى محبسى أكون كأننى قد رجعت خطوتان للوراء." وعلى الرغم من إدراك المشاركين فى المشروع بما يقدمه لهم من أشياء جيدة فإنهم مازالوا يشعرون بمشاعر الأحباط والعجز المتولدة عن إدراكهم لمدى صعوبة وقسوة الحياة فى السجون عندما يفكرون فى المستقبل. ولقد عبر مجرم سابق فى عام 2016 فى أحد المحاضرات حول حقوق الأنسان التابعة للمعهد القومى لمنع الجريمة اعادة ادماج المسجونين بجنوب أفريقيا (NICRO عن نفس المشاعر. ولقد تحدث عن الأنتهاكات الكبرى لحقوق الأنسان داخل السجونوأثر ذلك عليهم بعد الأفراج عنهم.و تحدث أيضا عن الأحباط الذى شعر به فى المجتمعلما يقرب من خمس سنوات بعد الأفراج عنه لانه شعر أنه غير قادر على التأقلم مع المجتمع مما جعله يفكر فى العودة للاجرام مرة ثانية. 
وعلى الصعيد المحلي هناك العديد من التجارب التي اعتنت بأهمية مسرح السجون في التوعية والتقويم، ومنها تجربة كاتبة البحث الحالي بشأن استخدام المسرح في التوعية بقضية الغارمات وتوعية السيدات بالمناطق المختلفة بخطورة توقيع إيصالات أمانة كسند للوفاء بديون تجهيز بناتهن للزواج، وتمخضت التجربة عن عرضا فنيا مسرحيا تحت عنوان "دفتر الأحوال الشخصية" وتم الإعداد للعرض المسرحي بإشراك بعض السيدات من الغارمات فعليا، وحقق العرض نجاحا كبيرا ودفع غايات المسرح التوعوي لحدودها القصوى في التصدي لقضية خطيرة تهدد الأسر.
نماذج استخدام المسرح في التنمية
التجارب الدولية
 تجربة مجتمع جوموا نياكوادزي بغانا

تعتبر تجربة منطقة جوموا نياكوادزي بالمنطقة الوسطى بدولة غانا أحد التجارب الغنية التي مثل نموذجا في كيفية استخدام المسرح من أجل التنمية (TfD) لإشراك المجتمع المحلي للتصدي لقضية بطالة الشباب. وهدفت  تجربة مسرح (Gomoa Nyakoadz) جوموا  نياكوادزي إلى تمكين الشباب من خلال زراعة الفطر في الفترة من فبراير وحتى مايو 2015، عن طريق إريك كوامينا أنساه وفيتي برنيس.

وقد كشفت الأبحاث أن الشباب في منطقة نياكوزه كانوا جميعاً يهاجرون إلى مناطق أخرى بحثاً عن بيئة المراعي، وكشفت الدراسة أن أولئك الذين لم يسافروا اشتركوا في الرذائل الاجتماعية من أجل كسب العيش. بسبب عدم قدرتهم على العثور على وظائف في مجتمعهم.

وعمل المشروع على  المساعدة في خلق فرص العمل للشباب من خلال زراعة الفطر، وتوفير منصة للشباب لإبراز مبادرتهم للمساعدة في تقليل نسبة الإعالة، وتزويد الشباب بمهارات ريادة الأعمال من خلال إنتاج وبيع الفطر، ونظر المشروع إلى قضية تمكين الشباب كأساس للتنمية الديمقراطية، باعتباره أمرا أساسيا. ومن خلال قوة المسرح التشاركي، تم تصميم برنامج تدريبي لتدريب الشباب من هذه المنطقة على الاعتماد على الذات. واستغرقت فترة المشروع بأكملها حوالي ثلاثة أشهر، تم استخدام المسرح التنموي TfD كأداة رئيسية للمشاركة التي من خلالها تم الإعلان عن فكرة زراعة الفطر لهم. ومن خلال مسرح المنتدى والفنون التشاركية الأخرى، فهم الشباب في المجتمع فكرة التمكين الذاتي وأهمية للذهاب إلى زراعة الفطر.

ثم تم عقد ثلاثة عروض مجتمعية مختلفة، كل منها يصور قضايا البطالة، ثم يتبعها مناقشات جاة حول قضية البطالة، ومن خلال هذه المناقشات، تمكّن الشباب من التعبير عن مخاوفهم وتبادل الأفكار حول كيفية إيجاد حلول مشتركة لمآزقهم. وأهمية التمكين الذاتي الذي صبحت من خلاله
زراعة الفطر واحدة من الخيارات لمهارة أنفسهم من وضعهم. وعلى الرغم من أن البعض متشككين لكن القلة التي اشتركت في الفكرة حصلت على المشاركة والتلقي التدريب.

ونجحت التجربة في إشراك وتدريب حوالي 45 شابًا على زراعة الفطر، وأعطت الجهات الداعمة الأخرى التي انضمت الناس في المجتمع الموارد المجانية لبدء زراعة الفطر الخاصة بهم، كما تم إنشاء اثنين من بيوت مزرعة الفطر منفصلة وللشباب في المجتمع.

تجربة مجتمع أنداها بنيجيريا

تم تنفيذ هذا المشروع من قبل بعض طلاب الدراما من كلية التربية، بجامعة أكوانجا بمناسبة حفل فرقة مادا الثقافية، بمنطقة أنداها، بنيجيريا، وكان الهدف من التجربة هو دفع الطلب إلى ممارسة أساليب المسرح التنموي TFD في تحديد واستشكاف المشاكل دخل المجتمع وطرح وسائل الحل لهذه المشاكل.
وتعد أنداها Andaha هي موطن شعب المادا Mada بولاية ماساوارا Nasarawa، ويقع هذا المجتمع المترامي على طول طريق أكواجانا جوس Akwanga - Jos في شمال وسط نيجيريا. ويعمل غالبية سكان المادا كمزارعون. 

وعملت تجربة أنداها على،  بناء علاقة مع أفراد المجتمع وتحفيزهم على المشاركة في عملية صنع المسرح، العمل علىلا دراسة مواقفهم وتحديد القضايا لتحليل متعمق، التعرف على الأشكال الأصلية للتعبير الثقافي للمنطقة، استكشاف الدراما والرقص والتمثيل الصامت والأغاني (مقترنة بالنقاش) كطرق لتعميق فهم القضايا والبحث عن حلول، تنظيم الأداء كطريقة لتقريب المجتمع والاتفاق على الحل والعمل ، كما تم مناقشة القرويين حول الطرق التي يمكن بها مواصلة هذا النشاط قصير المدة من قبل القرى الأخرى وتقييم التجربة بأكملها واستخلاص الدروس.

وساهم المشروع في تشجيع الأسر على إيلاء الاهتمام الكامل لأطفالهم والتوعية الكاملة بأهمية المدرسة لهؤلاء الأطفال، وأفرزت النقاشات حول العرض العديد من المقترحات، فاقترح بعض المساهمين الآخرين أن المجتمع يجب أن يضع الآلات في مكانها لجذب حديثي التخرج  للمساعدة في تدريس اللغة الإنجليزية والرياضيات وغيرها من المواد الدراسية في المدارس. ولتحقيق هذه الغاية ، وافق قادة المجتمع على بناء قاعة متعددة الأغراض في المدرسة الثانوية الحكومية، حيث كانت معظم الفصول الدراسية متداعية. وتعهد رئيس حكومة أكوانغي المحلية بتأثيث قاعة المدرسة. كما اتفقوا على إنعاش آبار المضخات اليدوية المتداعية في المجتمع، كما تم تعيين أحد الأشخاص لحماية بئر المياة من التلوث وعبث الأطفال، وتم توعية النساء بضروة غلي الماء قبل تقديمه لأطفالهن.

المبادرات المحلية 
تجربة شبرا باخوم
   ترجع أهمية دراسة مسرح المجتمعات المحلية إلى البعد الاجتماعي الذي تحمله هذه الظاهرة المرتبطة ارتباطاً شديداً بخصوصية المجتمع المحلي الذي ينتجها ويستهلكها في الوقت ذاته، كما تحمل الظاهرة عدداً من الخصائص الفنية التي تفرضها طبيعة المجتمعات المحلية، وطريقة تقديم العروض المسرحية، وطبيعة العلاقة بين المسرح وجمهوره المحلي، وخصوصية الفضاء المسرحي... إلخ، من العوامل الفنية التي تميز مسرح المجتمعات المحلية عن غيره من الظواهر المسرحية الأخرى. ومن هنا تأتي أهمية دراسة تجارب المجتمع المحلي في المسرح المصري – وإن كانت قليلة – وسأكرس مقالي هذا لتجربة "شبرا بخوم" باعتبارها التجربة الأكثر استمرارية وتأثيراً، وفيها تتجلى بوضوح علاقات التأثير والتأثر بين المجتمع المحلي من ناحية، والمسرح الذي أنتجه هذا المجتمع من ناحية أخرى.
البدايات الأولى لفرقة شبرا بخوم وتطورها:
    يروي المخرج "أحمد إسماعيل" مؤسس الفرقة تاريخ التجربة فيقول: "تجربة شبرا بخوم هي بشكل عام التنشيط المسرحي والعمل مع أهالي القرية. وهي بشكل خاص.. فرقة من فلاحي وأهالي القرية ومن أولادهم وبناتهم، والعمل معهم منذ عام 1973 وحتى الآن. قبل عام 1973 كان بالقرية فرقة مسرحية تقيم احتفالاً سنوياً أو كل عامين في شهور الصيف عبارة عن منوعات، مسرحيات من فصل واحد، فقرات إنشادية تمثيلية، فقرات غنائية، ومدة العرض هي ليلة واحدة، ومع عام 1973 وحتى عام 1977 بدأت التجربة تتجه تدريجياً نحو العروض المسرحية، واختتمت هذه المرحلة بمسرحية من ثلاثة فصول هي "الزوبعة" للكاتب المصري الكبير محمود دياب. وقد ساهم أهالي القرية بالمواد والأدوات والملابس اللازمة لعروض هذه الفرقة، ونستخلص من هذه الفترة بعض النتائج.. أهمها رغبة جمهور القرية في المداخلات الدرامية مع أحداث العرض وممثليه، وتزايد مضطرد في تقدير أهالي القرية للمسرح، وفي تنوع المشاركين في التجربة بعد أن كانوا من المتعلمين والطلبة فقط. وقد كان السؤال الأساسي: متى يصبح المسرح ضرورياً لجمهور القرية؟ وفي عام 1980 بدأنا في مشروع للإبداع المسرحي الجماعي تابعاً للثقافة الجماهيرية بوزارة الثقافة، ويستطرد "أحمد إسماعيل" في الحديث عن مشاركة الجمهور في الإبداع، ومشاركته في التنظيم، بل مشاركته في العرض حال حدوثه.
   من هذا يتضح أن الفرقة قد ارتكزت في نشأتها الأولى على خصائص مسرح المجتمعات المحلية – سواء بقصد أم بدون قصد – وعملت على تحقيق أهدافها. 
   وما أن قدمت الفرقة أولى تجاربها الناضجة التي تمثل الميلاد الحقيقي لها – من وجهة نظر الباحث - وهي "سهرة ريفية" عام 1982، حتى توالت أعمالها، فقدمت الجزئين الثاني والثالث من السهرة أعوام 1984، 1986 على التوالي بواقع ليلتين عرض في العام، ووصل عدد المتفرجين في إحدى ليالي العرض إلى ستة آلاف متفرج، حيث كان العرض يقدم في ساحة القرية. وقد مثل هذا الحضور الجماهيري الكبير مشكلة للفرقة في ظل تواضع أجهزة الصوت والإضاءة. وفي عام 1987 قام أهالي القرية مع الفرقة ببناء مسرح أهلي في مقر جمعية تنمية المجتمع بالقرية، يتسع لألف متفرج، فأصبح العرض يعرض لمدة عشرين ليلة (الشاطر حسن 1978) ولمدة ثلاثين ليلة (الشاطر حسن 1988)، ولمدة 60 ليلة عرض في عام 1999، 2000 (ليالي الحصاد). وأصبح بالقرية تقليد للمشاهدة، بحيث تتوزع أسر القرية على ليالي العروض وفق دعوات محددة بالتاريخ.

أثر التجربة في التنمية: 
• التنمية الثقافية:
   منذ تاسيس الفرقة وهي تلعب دوراً مهمًا في تنمية المجتمع المحلي بالقرية، ولم يكن الهدف التنموي ليغيب عن ذهن مؤسس التجربة منذ اللحظة الأولى لتأسيسها، وفي هذا الصدد يقول "أحمد إسماعيل": "كان هناك مفهوم حول كيفية نهضة المجتمع بالاعتماد على الإمكانيات الذاتية، وتبدأ الإمكانيات الذاتية من الثقافة الخاصة. لقد كانت لدي قراءات مبكرة في بعض جوانب الثقافة المصرية، وكانت لدي قناعة بأن النهضة الحقيقية تبدأ بالاعتماد على النفس، وأن هناك كنزاً مدفوناً، وليكن الكشف عن هذا الكنز هو مساهمة المسرح في تلك النهضة.
   وبالنظر إلى تجربة "شبرا بخوم" كنشاط تنموي ثقافي، نجد أن شرطيي التنمية يتحققان فيها بدرجة كبيرة، فتجربة "سهرة ريفية" قائمة على مشاركة قطاع كبير من أهل القرية مشاركة كاملة، كما أنها اعتمدت اعتماداً تاماً على الموارد المحلية، سواء تمثلت هذه الموارد في عناصر التراث الثقافي المحلي القديم والمعاصر (الأغاني والألعاب الشعبية، حكايات أهل القرية، مشكلاتهم... إلخ) أو في العناصر المادية، فقد قام أهل القرية ببناء مسرحهم بجهودهم الذاتية.
    وتطرح تجربة شبرا بخوم – على مستوى نمط الإنتاج – أبعاداً تنموية على قدر كبير من الأهمية، ويكفي أن نعرف أن تجربة "ليالي الحصاد" قد استغرق إعدادها عامين كاملين – ولعلها ظاهرة غير مسبوقة في المسرح المصري – حيث ركزت الفرقة في العام الأول على عقد لقاءات لمناقشة النص وإثارة القضايا المرتبطة به، والتفكير في الطريقة الأفضل لتقديمه، بينما ركزت في العام الثاني على التدريبات. إن جهد الإعداد لعرض مسرحي لمدة عامين، حتى وإن لم يكن الهدف التنموي حاضراً في ذهن أعضاء الفرقة، إلا أنه يتعدى بالضرورة مجرد تقديم عرض مسرحي، ولنا أن نتصور ما كان يجري خلال هذه اللقاءات – طالما لا يوجد أي توثيق – من مناقشات وتعليم ومران عقلي وممارسة ديموقراطية ما يجعلها منتديات إشعاع ثقافي تتعدى حدود التجربة الفنية إلى آفاق التنمية الثقافية بمعناها الواسع.

• تطوير النسق القيمي ونسق العلاقات الاجتماعية
   وتستند سياسات العمل في تجربة شبرا بخوم على المشاركة واحترام نسق القيم السائد، إلا أنها في ذات الوقت تسعى إلى تطوير هذا النسق – سواء تم ذلك قصدياً أم لا – فاحترام الظاهرة المسرحية وديموقراطية التعبير، والتفاعل الإيجابي مع المشكلات المطروحة، واحترام حق الطفل في التعبير عن ذاته... كل هذه القيم والأنساق وغيرها، ساهمت الفرقة في بثها في نفوس أبناء المجتمع المحلي من خلال مشاركتهم الإيجابية سواء على مستوى العارضين أو على مستوى الجمهور نفسه.
   ويركز الباحث على ظاهرتين بالغتي الوضوح تقرهما الممارسة العملية بالفرقة: أولهما، ظاهرة تواصل الأجيال، فعلى سبيل المثال تضمن عرض "ليلي الحصاد" ثلاثة أجيال من أسرة واحدة: الجدة (أم محمد)، وابنيها (محمد توفيق وأخته) والحفيد (أحمد توفيق). ولاشك أن مشاركة هذه الأجيال المختلفة، ومن أسرة واحدة سيفرض نسقاً جديداً من علاقات الأسرة يحتاج إلى التحليل الاجتماعي، إلا ان ما لاحظه الباحث بنفسه من خلال زيارته الميدانية هو وجود نوع من التفاعل الاجتماعي بين الأب (محمد) وابنه (أحمد) – وكلاهما مشارك في عرض مسرحي واحد هو "أطيب أهل" - يختلف كثيرًا عن النمط السائد.
   أما الظاهرة الثانية فتتمثل في ذلك الشعور بالمسئولية الاجتماعية، وهي ظارهة متعلقة أيضاً بالظاهرة الأولى، فقد لاحظ الباحث أن تدريب الأطفال يقوم عليه شباب الفرقة ممن شاركوا من قبل كأطفال في العروض السابقة، ولاحظ الباحث أن تدريبهم للأطفال لا يقتصر على الجوانب الفنية، ولكنه ينبني في المقام الأول على أسس الضبط الاجتماعي التي تعلموها هم أنفسهم وهم صغار، كما يعتمد على تحفيز قدراتهم الإبداعية. إن قيام هؤلاء الشباب بتلك المهمة – دون مقابل مادي – يؤكد تواصل الشعور بالمسؤلية من جيل إلى جيل بما يحمل إمكانات هائلة لتبني أجيال قادمة للدور الاجتماعي الذي أسسته الفرقة منذ تكوينها. 

• الانتقال من التعليم بالتلقين إلى التعليم بالابتكار
     في سؤال وجهه الباحث للمخرج "أحمد إسماعيل" عن الفرق بين ما يقدمه من عمل وما يقدمه المسرح المدرسي، جاءت إجابته متعلقة بتلك القضية، فيقول: "المسرح المدرسي يرتبط بفترة زمنية محددة تنتهي بانتهاء الدراسة، ولكن هنا يرتبط الناس بالمكان، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن المسرح المدرسي تلقيني، ولكن هنا الأمر مختلف، ففي سهرة ريفية اعتمد منهج التعامل مع الطفل على حثه على الإبداع، وهذا المنهج أيضاً يؤسس الشخصية وينمي مبادرتها الخاصة وينمي ذاتية الطفل، فأنا لا أحجر على ذاتيته من أجل تنفيذ العمل المسرحي".

لقد قدمت الفرقة بالفعل نموذجاً للتعليم من خلال التحفيز على الابتكار، واحترام ذاتية المتعلم، فعلى سبيل المثال تركت إدارة الفرقة للأطفال مهمة تشكيل الإطار التشكيلي للمسرح، وللحوائط المحيطة بصالة المشاهدة، وقد صمم الأطفال هذا الإطار وفق تصوراتهم الذاتية، بما يؤكد احترام الفرقة للجهد الابتكاري لطفل.

• المساهمة في التصدي لظاهرة العولمة
    من الممكن أن يتصدى مسرح المجتمعات المحلية لظاهرة العولمة التي تسعى إلى طمس الهوية الثقافية للشعوب، لذلك تصبح الفنون المختلفة ـ وأهمها المسرح ـ مطالبة بالتصدي لمحاولات طمس الهوية، وسبيلها إلى ذلك استلهام ما أبدعه الوجدان الشعبي من تراث أدبي وفني، دون انغلاق على الذات.
   ومن هنا يبرز الدور الذي يمكن أن يلعبه مسرح المجتمعات المحلية، فهذا المسرح يعتمد بطبيعة  تكوينه على معطيات الثقافة المحلية، بل إنه قد يتجاوز محاولات تأصيل المسرح المصري على المستوى القومي إلى البحث في التراث المحلي المحكوم بتلك الرقعة الجغرافية للمجتمع المحليز
  مما سبق يتضح لنا أن إسهامات فرقة شبرا بخوم لم تقتصر على مجرد تقديم تجربة جمالية شديدة الخصوصية في المسرح المصري، بل تعدى دورها إلى خلق مركز تنموي بالمفهوم الاجتماعي جدير بالدراسة والاستفادة من إنجازاته على مستوى المجتمعات المحلية بمصر.

تطبيقات المسرح التنموي وتأثيرة في التغيير الاجتماعي

مسرحية دفتر الأحوال الشخصية

تؤمن كاتبة البحث الحالي بأهمية اشتباك المسرح بالقضايا الداخلية لكل مجتمع، ومن ضمن القضايا شديدة الخصوصية للمجتمع المصري، قضية الغارمات، لذا ترى الباحثة أن استخدام المسرح في توعية السيدات بخطورة الإقدام على التوقيع على إيصالات أمانة مقابل شراء الأجهزة اللازمة لزواج بناتهن يمكن أن يلقي بهن داخل السجون لفترات طويلة، مؤمنة بأهمية المسرح في ترسيخ مخاطر هذا العمل في العقل الجمعي للسيدات المصريات.

لذا قامت الباحثة بالتعاون مع الدكتور محمد رفعت، الاستاذ بمعهد الفنون المسرحية، والمؤلف المسرحي محمد فضل، من أجل إعداد عرض مسرحي "دراما اجتماعية" تدور أحداثها من خلال دفتر الأحوال الشخصية الخاص بأحدي المبادرات التي قامت بها الدولة، حيث يبدأ عرض دفتر الأحوال الشخصية في الحفل السنوي للمبادرة عن طريق احدي المشرفات التي تعرض العديد من القضايا والسجلات للحالات التي دونت بالدفتر لهذا العام، وعن طريق التكنيك الخاص بالإخراج تتجسد أمامنا العديد من القضايا المتعددة والتي تدخلت المبادرة في حلها، وجميع أحداث هذه القصص حول الغارمات حيث نري بداية المشكلة التي أدت إلى الاستدانة، وتدخل المبادرة لدفع الديون عن الغارمات، كما أننا نري في بعض القصص تدخل المبادرة لتجفيف منابع المشكلة قبل حدوثها.

مسرحية حقي وحقك

تؤمن كاتبة البحث الحالي أن للمسرح فاعلية لا يستهان بها في تحقيق التغيير الاجتماعي، لذا قامت الباحثة في 2014 بالتعاون مع الدكتور محمد عبد الله، بتنفيذ مشروع لتدريب عددا من طلاب كلية التربية النوعية على حرفية التمثيل، على أن تكون مخرجات المشروع عمل مسرحي تنموي/توعي يهدف إلى نشر الوعي بالحقوق والواجبات، وتم كتابة عمل مسرحي بعنوان "حقي وحقك"، وهو عمل مستوحى من نص مسرحية "الكلمات المتقاطعة" للشاعر نجيب سرور. وشارك في العمل 24 من طلاب كلية التربية النوعية بجامعة القاهرة، واستمرت البروفات لمدة شهرين.

وتصدى العمل المسرحي لعدد من أبرز القضايا في المجتمع المصري، مثل أطفال الشوارع والتفكك الأسري والأطفال غير الشرعيين، وتجحيم الأصوات، وعمل العمل المسرحي على إلقاء الضوء هذه القضايا ومن ثم رصد تداعيات هذه القضايا على المجتمع، ثم طرح الحلول المناسبة.

وهدف العمل المسرحي إلى توعية الأطفال بضرورة التمسك بجميع حقوقهم، الصحة، التعليم، السكن، المعيشة، الغذاء، اللعب، الحياة، باعتبار أن كل ذلك جزء أصيل من حقوقهم في المجتمع وأن التمسك بهذه الحقوق ضرورة في المجتمعات الحديثة التي يحتل فيها الفرد المكانة والاحترام الكافي، وينتهي العمل المسرحي بمخاطبة الأطفال بجملة واضحة وصريحة، إمسك حقك.


الخاتمة

   لا شك النموذج المسرحي التنموى أشبه بفتح وتوسيع فضاء درامى ثقافى للمجتمع، فهو يقوم على افتراض أن التغيير – باعتباره نظامًا تنمويًّا - يتم من خلال ترقية إمكانات ذاتية. فالتنمية لا يمكن فرضها من مصدر خارجي، فهى إذا تمت بذلك المستوى فستكون تنمية غير متوازنة، لأن التنمية عملية فرض لمفاهيم ثقافية غريبة يؤدى إلى أضرار كثيرة بثقافة الناس.
    وتكمن أسس فلسفية وثقافية المسرح التنموى خلف المعنى العميق للتعبير عن كلمة ثقافة، وكذلك المعنى الأبلغ لمصطلح "دراما" ذلك أمر بحاجة إلى القدرة على التفكير بشكل فلسفيي وكلي فى الوقت نفسه؛ لأن المسرح التنموى باعتباره تصميمًا يلمس كل أطر الحياة؛ اجتماعيا، اقتصاديًا، جماليًا سياسيًا، لذلك فإن المعانى القريبة للمفردات والمصطلحات ربما لا تفيدنا كثيرا مثل مصطلح "دراما". والمسرح التنموى يعتمد على إمكانية البحث والاكتشاف لأخلاق وأنماط تفكير المجموعات المستهدفة. ولا يستقل فى ذلك عمليات الإحصاء والإجراءات المعتادة، ولكن يوظف الدرامى إمكاناته الشخصية وذكائه، وحسه فى إمكانية الوصول إلى امتصاص سلوك وقيم المجموعة المستهدفة، وهذه عملية نطلق عليها التعبير: السير على نعل الاخرين (Stepping into the another's person shoes). 

    وتتوافر أسس فلسفة ومرتكزات ثقافة للمسرح فى قيم وأنماط السلوك البشرى داخل الأشكال الفنية والإبداعية للمجتمعات القاعدية الشعبية والبسيطة (Grassroots) مثل قيم التماسك والتشاطر، وأول ركيزة فكرية للمسرح التنموى أنه يمارس ثقافة تهدف إلى احترام حياة وكرامة كل كائن بشرى بلا تمييز؛ لأن الناس سواسية فى الأداء (Performance) لا فرق بينهم فى إطار هذا الهدف النبيل، وهذا ما يميز المسرح التنموى عن سائر أنواع المسرح. لأنه يختلف عن المسرح الأرسطى الذي يجعل أبطاله انصاف آلهة كما هو الحال فى المسرح اليونانى، أو نبلاء كما هو فى مسرح وليم شكسبير ومولير أو جوهنك هنرك ابسن.
    بهذه العناصر يمكننا وصف المسرح التنموى بأنه منظومة تهدف إلى الخروج من ظاهرة المسرحة - على مستوى النص والعرض - إلى الاحتفال على مستوى المشاركة والأداء، ومن على مستوى الخشبة (المبنى) وإحالته إلى فضاء الفعل الجماعى داخل المجتمع فى كل مستوياته وكل مناسباته. كل ذلك يجعل من المسرح التنموى ممارسة أقرب إلى المجتمع، وقادرة بشكل أكبر على تحقيق التغيير الاجتماعي وتمكين المجتمعات المحلية.



مستخلص البحث
تناول هذا البحث الحديث عن الدراما والمسرح والتنوع وأثر ذلك في تحقيق التنمية والتغيير الاجتماعي بالمجتمعات المختلفة، كما رصد البحث أثر التجارب والمبادرات الدولية والمحلية في تحفيز أفراد المجتمعات المحلية على المشاركة في عملية تطوير مجتمعاتهم وانعكاسات ذلك على التغيير الاجتماعي، كما رصد أيضًا أهمية المسرح كمنصة ديمقراطية تمكن جميع الأفراد من التعبير وتبادل الأفكار بغض النظر عن الخلفية أو الحالة التعليمية في المجتمع.
وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على جمع البيانات وتحليلها لبناء الإطار النظري والوصول إلى النتائج المرجوة، كما أفاد أيضًا من معطيات المنهج التاريخي الذي يرصد الظاهرة الاجتماعية في مراحلها المختلفة ويكشف عن المحاولات الفنية التي ساهمت في تطوير المسرح والدراما.
وقد تضمَّن البحث من النصوص المسرحية: - مسرحية (حقي وحقك) – ومسرحية دفتر الأحوال الشخصية
وانتهى البحث إلى مجموعة نتائج أهمها:
أن للمسرح فاعلية كبيرة في تحقيق التغيير الاجتماعي على كافة الأصعدة.
أثبت المسرح التنموي تأثيرًا فعالاً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ساهم المسرح في تحقيق التغيير الاجتماعي في المناطق الريفية والمجتمعات البدائية ومناطق اللاجئين والأقليات.
ساهم المسرح في إعادة تأهيل وتوعية المساجين وفقًا للعديد من التجارب الدولية والمحلية.
أهمية اشتباك المسرح بالقضايا الداخلية لكل مجتمع، ومن ضمن القضايا شديدة الخصوصية للمجتمع المصري، قضية الغارمات.
أهمية المسرح التنموى؛ فهو أشبه بفتح وتوسيع الفضاء الدرامى الثقافى للمجتمع.
حاجة المجتمع الضرورية إلى مسرح تنموى قادر على لمس كل أطر حياته اجتماعيًا، واقتصاديًا، وجماليًا وسياسيًا.
أنَّ المسرح التنموى يعتمد على إمكانية بحث واكتشاف أخلاق وأنماط التفكير للمجموعات المستهدفة. ولايستقل فى ذلك عن عمليات الاحصاء والاجراءات العادية، ولكن الدرامى يوظف مقدراته الشخصية وذكائه وحسه وحدسه فى إمكانية التوصل الى اكتساب سلوك وقيم المجموعة المستهدفة وهي العملية التي نعبرُ عنها بقولنا: السير على نعل الاخرين.


كلمات مفتاحية: 
المسرح التنموي TFD- المسح التوعوي - المسرح التفاعلي - مسرح السجون – التغيير الاجتماعي - الثقافة التقليدية - أنثروبولوجيا المسرح - العروض التشاركية - منتدى المسرح - مسرح الشارع - مسرح المجتمع المحلي - مسرح - دراما - ثقافي - مشاركة - مجتمع - جمهور - التربية - الإبداع - الفن - القيم - السلوك – الأخلاق.  

Drama, diversity and development between developmental assets and social norms


Dr.Randa Mahmoud Rizk Fakher – PhD
Assistant Professor of Educational Media
Faculty of Specific Education - Cairo University


Extract:
The study examined the impact of international and local experiences and initiatives on motivating members of local communities to participate in the process of developing their societies and their implications for social change. It also noted the importance of theater as a democratic platform Enable all individuals to express and share ideas regardless of background or educational status in society.
The researcher used the analytical descriptive method, which is based on data collection and analysis to build the theoretical framework and reach the desired results. He also reported on the historical method that monitors the social phenomenon in its various stages and reveals the artistic attempts that contributed to the development of theater and drama.
The research included theatrical texts: - Play (my right and your right) - Personal status book where the research ended with a set of results:
The theater has great effectiveness in achieving social change at all levels.
The development stage has effectively demonstrated economic, social and cultural development.
The theater contributed to social change in rural areas, primitive communities, refugee areas and minorities.
The theater has contributed to the rehabilitation and sensitization of prisoners in accordance with many international and local experiences.
The need of the community necessary to a development stage capable of touching all aspects of his life socially, economically, aesthetically and politically.

The development stage depends on the possibility of research and discovery of the ethics and thinking patterns of the target groups. It does not detract from statistical processes and normal procedures, but dramas employ their personal abilities, intelligence, sense and intuition to gain access to the behavior and values ​​of the target group, the process that we express by saying: walking on the soles of others.

Keywords:
Development Theater TFD - Awareness Survey - Interactive Theater - Prison Theater - Social Change - Traditional Culture - Theater Anthropology - Participatory Presentations - Theater Forum - Street Theater - Community Theater - Theater - Drama - Cultural - Participation - Art - Values ​​- Behavior - Ethics.



المراجع العربية

1-أحمد أبوزيد -البناء الاجتماعي، مدخل لدراسة المجتمع - الهيئة العامة المصرية للكتاب - الطبعة الثانية – 1982م .
2- أحمد زايد واعتماد علام - التغيير الاجتماعي - مكتبة الانجلو المصرية القاهرة - 2000 م.
3- حسن عبد الحميد أحمد رشوان- تطور النظم الاجتماعية وأثرها في الفرد- المكتب الجامعي الحديث الإسكندرية – 1982م .
4- دلال ملحس استيتية- التغيير الاجتماعي والثقافي- دار وائل للنشر الاردن- الطبعة الثانية - 2008 م.
5- سناء الخولي - الأسرة والمجتمع - دار المعرفة الجامعية الإسكندرية – 1992م .
6- شرف الدين إبراهيم بانقا- النازحون وفرص السلام - جامعة إفريقيا العالمية- مركز البحوث والدراسات الإفريقية - 2001 م.
7- عبد الهادي الجوهري - أصول علم الاجتماع - مكتبة نهضة الشرق القاهرة 1986م.
8- علياء شكري وآخرون - دراسات في علم السكان- دار المعرفة الجامعية الإسكندرية – 1992م.
9- عوض إبراهيم عبد الرحمن الحفيان- أسس التربية الريفية ودور الزراعة في السودان - مطبعة جامعة الخرطوم - الطبعة الأولى – 1995م .
10- عبد الله الرشدان - علم اجتماع التربية – دار الشروق عمان – 1999م.
11- غريب محمد سيد أحمد وآخرون - علم الاجتماع الريفي الحضري – دار المعرفة الجامعية الإسكندرية – 1988م.
12- محمد الجوهري وآخرون - التغيير الاجتماعي – دار قطري بن الفجاءة للنشر والتوزيع – 1998م.
13- نعوم شقير - جغرافية وتاريخ السودان – دار الثقافة بيروت لبنان - بدون تاريخ.


المراجع الأجنبية

Barba, Eugenio and Savarese, Nicola: A dictionary of Theatre Anthropology. The Secret Art of The Performer, USA and Canad by Routledge 11 New London EC 4P 4EE Fetter Lane, 4th Edition, 1999. P.9
    1. (*)مفكر يابانى معاصر.
      (1) Yamamato, Jetsuji: Philosophical Designs for a socio-cultural Transformation Edited by Tetsji Yamamato, first Edition, 1998.


    1. Uwandu, D. N., 1995, ‘The theatre as a democratic model for development Nigerian Theatre Journal, Vol. 5. No. 1, pp. 147-152.  
    2. Abah, O.S. (2007), “Vignettes of communities in action: an exploration of participatory methodologies in
    3. promoting community development in Nigeria”, Community Development Journal, Vol. 42 No.4, pp. 435–448.
    4. International Journal of Development and Sustainability Vol. 7 No. 2 (2018): 589-603
    5. 602 ISDS www.isdsnet.com
    6. Arnold, S. (2008), The creative spirit: An introduction to theatre (4th ed.) McGraw Hill Publishing Company,
    7. New York.
    8. Asante, E. (2010), Awareness creation on glaucoma through theatre for development. (Thesis) Department of
    9. Theatre Arts. University of Ghana, Legon.
    10. Asante, E. (2016). “Theatre: An innovative approach to public health education”, International Journal of
    11. Innovative Research and Advanced Studies. Volume 3 Issue 7, pp.
    12. Asiama E.K. (2004), “Theatre for development”. Daily Graphic, 17 September, pp. 14. (Newspaper article)
    13. Asiama E.K. (2011), “Theatre for development: A methodology for community work’’, Journal of Performing
    14. Arts. Vol. 4 No.2 pp. 21-31.
    15. Bessette, G. (2004), Facilitating community participation. Peinang, Southbound and Ottawa, International
    16. Development Research Centre.
    17. Boeren, A. (1992), “Getting involved: communication for participatory development”, Community
    18. Development Journal, Vol. 27 No. 3 pp. 259–271.
    19. Brockett, O. (2007), History of the theatre, (10th ed), Allyn and Bacon, New York.
    20. Byram, M. and Kidd, R. (1977), “Popular theatre and convergence’’, The Journal of International Council for
    21. Adult Education. Vol.10 No. 2 pp.20-30.
    22. Cassady, M. (1997), Theatre, an introduction, NTC Publishing Group Inc, U.S.A.
    23. Chambers, R. (1997), whose reality counts? Putting the first last.. IT Publications, London.
    24. Collins, J., Barber K. and Ricard, A. (1997), West African popular theatre. James Currey Publications, Indiana.
    25. Kerr, D. (1991), “Participatory popular theatre: the highest stage of cultural development?” Research in
    26. African Literature, Vol. 22 No.3 pp. 55–75.
    27. Kerry T. (2000),"Using drama as a tool for educating young people about accessing health services – a
    28. comparison of two approaches", Health Education, Vol. 100 No. 4 pp.168 -174.
    29. Kidd, R. (1984), “Popular theatre and non-formal education in the third world: five stands of experience”,
    30. International Review of Education, Vol.30 No. 3 pp. 265–287.
    31. Mackey, S. and Cooper, S. (2000), Drama and theatre studies. Nelson Thornes, London.
    32. Mda, Z. (1993), When People Play People, Zed Books, London.
    33. Osofisan, F. (2001), Literature and the pressures of freedom, Concept Publications Ltd, Nigeria.
    34. Pickard, F. (2009), Theatre arts: Fundamental theory and Practice. Kendall Hunt Publishing Company,
    35. Dubuque.
    36. Prentki, T. and Claire, L. (2001), Using Theatre in Development. Tearfund International Learning Zone.
    37. http://tilz.tearfund.org/en/resources/publications/footsteps. (Assessed 15 August 2016).
    38. Salhi K. (2000), Theatre for Development: An Art for Self Determination, Exeter Publishers, U.K.
    39. International Journal of Development and Sustainability Vol. 7 No. 2 (2018): 589-603
    40. ISDS www.isdsnet.com 603
    41. Singhal, A., Cody, M. J., Rogers, E. M., and Sabido, M. (Eds.). (2003), Entertainment-education and social
    42. change: History, research, and practice, Routledge, London.
    43. Sloman, A. (2011), “Using participatory theatre in international community development”, Community
    44. Development Journal, Vol.12 No. 3 pp. 59-65.
    45. Wagner, B. (1979), Drama as a learning medium, Hutchinson, London.
    46. Whiting, F (1954), An introduction to the theatre, Harper & Row, New York.
    47. Wilson, E. (1994), The theatre experience (6th ed.), McGraw Hill Inc, New York.
    48. World Bank. (1994), Participatory development toolkit, World Bank, Washington.
    49. Yirenkyi, A. (1992), African drama, theatre and the Ghanaian experience, University Press, Accra.
    50.  Muma, Opoyio, Drama & Theatre, communication and Development, lst edition 1998, KEDEA,






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق